logo
"الجوع" سلاح الجبناء

"الجوع" سلاح الجبناء

جريدة الرؤيةمنذ 4 أيام
سالم البادي "أبو معن"
ما هو الجُرم الذي اقترفه شعب غزة ليستحق هذا العقاب القاسي المؤلم؟
ما هو الذنب الذي اقترفه أطفال ونساء وشيوخ أهل غزة ليُعاقَبوا بسلاح الجوع والعطش؟ ما هو السر وراء الصمت المُخزِي للمجتمع الدولي تجاه هذه الجريمة الشنعاء بحق شعب أعزل محاصر؟
أين الضمير الإنساني؟ أين الخوف من عقاب الله تعالى؟ أين دور الأمة التي نادى بها رسولنا الكريم ﷺ وضحّى وانتصر ودعا لها وأسس أركانها وأقام كيانها؟
"شعب غزة" عانى طويلًا، لأكثر من ٢٢ شهرًا، من كل أنواع وأشكال العذاب والاضطهاد والاستبداد والتدمير والتهجير والتجويع، ليس إلا لأنه يحمل دينًا ونخوة وكرامة وصمودًا وعِزّة، ولأنه يدافع عن نفسه وعِرضه وأرضه، لأنه لم ولن يرفع الراية البيضاء، ورفض أن يُطأطئ رأسه مثل غيره، واعتز وافتخر بكرامته.
يا لِحقدكم وضغينتكم وكرهكم للشرفاء، يا أعداء الأمة والإنسانية، في زمن انعدمت فيه كل القيم والمبادئ، ولم تبقَ ذرة إنسانية لدى البشر على هذا الكوكب.
لا أحد من البشر يمكنه تصور حجم المعاناة الإنسانية التي تكبّدها الفلسطينيون طيلة الـ ٢٢ شهرًا الماضية.
تلك الإبادة الجماعية التي يواصل الكيان الصهيوني الهمجي اللاإنساني ارتكابها في قطاع غزة، حوّلت كتائب جيش الطغاة الصهيوني الغاشم السافر القطاع إلى جثث متناثرة، قُتلت وزُهِقت وعُذّبت بسلاح "التجويع" بلا رحمة، وبلا هوادة، ولا ذرة إنسانية، وكأن شعب غزة ليسوا بشرًا.
أرضٌ أُحرقت ودُمّرت، وأصبحت كالهشيم، بل كالجحيم من الموت والدمار والإبادة.
على مدار أكثر من شهرين، قطع الكيان المحتل بالكامل إمدادات المساعدات الإنسانية وغيرها من المواد الضرورية لإنقاذ أرواح المدنيين، في محاولة واضحة ومقصودة ومتعمدة لمعاقبة أكثر من مليوني مدني جماعيًا، وجعل قطاع غزة مكانًا غير صالح للعيش.
هذه إبادة جماعية مستمرة
، ليستمر العدو في خططه لتهجير وطرد أصحاب الأرض، بعد أن عجز عن ذلك بالقوة العسكرية الصهيونية.
في الحروب الحديثة، لم تعد المعارك تقتصر على استخدام السلاح والرصاص فقط، بل باتت الموارد الأساسية مثل الطعام والماء والدواء أدوات للقتل البطيء.
يُستخدم التجويع كسلاح حرب لا يقل فتكًا عن الأعمال العسكرية، لكنه في بعض الأحيان، أشد قسوة، إذ يستهدف الحياة اليومية للمدنيين، مُحوِّلًا الحاجة الأساسية للبقاء إلى "وسيلة ضغط" و"إخضاع".
مع استمرار الحصار والقصف، تُحرَم آلاف العائلات من الوصول إلى الغذاء والماء والدواء، بينما تُسجَّل يوميًا وفيات جرّاء التجويع وسوء التغذية، خصوصًا بين الأطفال والنساء.
تُشير أحدث تقارير الأمم المتحدة إلى أن الوضع الغذائي في قطاع غزة بلغ المرحلة الخامسة (كارثية)، أي الموت الحتمي، وفق تصنيف "آي بي سي" (IPC) العالمي لانعدام الأمن الغذائي، وهي أعلى درجات التصنيف، وتُشير إلى وقوع المجاعة.
قالت منظمة العفو الدولية: إن على الكيان المحتل أن يُنهي فورًا حصاره المدمّر المفروض على قطاع غزة، باعتباره
فعلًا من أفعال الإبادة الجماعية، وشكلًا سافرًا من أشكال العقاب الجماعي، وجريمة حرب تتمثل في استخدام تجويع المدنيين كسلاح من أسلحة الحرب
.
لكن لا حياة لمن تنادي، فالكيان الصهيوني المحتل لا يعترف بالمنظمات والجمعيات والهيئات الأممية والدولية، لأنه يعلم يقينًا أن خلفه دولة طاغية عظمى تحميه، وحليفًا استراتيجيًا يدافع عنه، ألا وهي
أمريكا -"المجرم الأكبر"- ومعها الغرب الطغاة المنافقون
.
فبمنع دخول الإمدادات الحيوية اللازمة لبقاء السكان على قيد الحياة، تواصل القوات الصهيو-أمريكية الغربية والدول المتواطئة معها سياستها الممنهجة في فرض ظروف معيشية قاسية ومؤلمة على الفلسطينيين، يُراد بها تدميرهم نفسيًا؛ وهو ما يُشكّل أحد أفعال الإبادة الجماعية.
وعلى وصف صحيفة
لوتان
السويسرية -وهي أول وسيلة إعلام ناطقة بالفرنسية- فإن الصهاينة المحتلين يقولون إن غزة مكان "لا أهمية فيه لفقدان الأرواح البشرية"، لذا يُطلق الجنود الصهاينة النار على المدنيين الذين يسعون للحصول على مساعدات غذائية.
وهكذا يجد هؤلاء المدنيون أنفسهم في مواجهة أقسى المعضلات:
الموت جوعًا أو خطر التعرض لإطلاق النار
.
يقول المؤرخ والباحث الدكتور عصام خليفة: إن الإفلات من العقاب، وغياب الإرادة السياسية للمحاسبة، "يمنح الجناة غطاءً للاستمرار في استخدام هذا السلاح الصامت الذي يفتك بالأمل والحياة في المكان المنكوب".
"التجويع"، خاصة حين يكون منظمًا، يُعد جريمة مدانة في القانون الدولي، ويُصنَّف ضمن أساليب الإبادة الجماعية، بحسب الاتفاقيات الدولية.
عبر التاريخ، استُخدم التجويع كسلاح لإخضاع الشعوب، كما حصل في جبل لبنان خلال الحرب العالمية الأولى، وفي مجازر الأرمن والآشوريين، ولاحقًا في البوسنة والهرسك.
وفي كل حالة، كان الهدف تفكيك النسيج المجتمعي، ودفع السكان إلى النزوح أو الخضوع القسري.
من منظور تاريخي، يشير د. خليفة إلى أن التجويع لا يُستخدم فقط كأداة قتل، بل كوسيلة لإعادة رسم الجغرافيا السكانية، والسيطرة على القرار السياسي للسكان.
كما تؤكد تقارير مجلس الأمن الدولي، ومنظمة "هيومن رايتس ووتش"، وبرنامج الأغذية العالمي، أن
الحصار والتجويع أصبحا استراتيجيات عسكرية ممنهجة
تُستخدم لإخضاع المجتمعات عبر تدمير منظومة حياتها اليومية، وليس مجرد آثار جانبية للحرب.
أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة أن أكثر من ٨٦ شخصًا استُشهدوا بسبب الجوع، بينهم ٧٦ طفلًا حتى تاريخ كتابة هذا المقال، وحذرت الوزارة من أن ما يجري في غزة هو
سياسة تجويع ممنهجة
تتبعها قوات العدو الصهيوني، وهي أرقام مرشحة للارتفاع في ظل غياب التغذية واستمرار الحصار.
السؤال المكرّر دائمًا
:
لماذا لا توجد قوة رادعة في العالم قادرة على وقف هذا القتل والإجرام والخراب والدمار والحرق والتعذيب والجوع حتى الآن؟
هل أصبح العالم عاجزًا عن الدفاع عن المظلومين ودفع العدوان والطغيان عن شعب غزة؟
هل تجرد العالم من فطرته الإنسانية؟
ماذا عسانا أن نقول لأهالي الضحايا في غزة؟
هل هناك كلمات تكفي لتعزية شخص فقد كل عائلته؟
هل هناك كلمات تُخفّف بها أوجاعهم وآلامهم وأحزانهم؟
مشاهد لا يمكن لعقل الإنسان تحمّلها، فكيف لأهل غزة أن يعيشوا هذا العذاب لمدة أكثر من ٦٦٠ يومًا؟
..
ماذا عسانا أن نكتب أو نُعبّر عمّا في خلجات قلوبنا في وصف هذا العدوان الهمجي على قطاع غزة؟
فمهما كتبنا، موهِمين أنفسنا أننا نقول جديدًا في وصف هذه الحرب، إن صوتًا من أعماقنا سيزجرنا، ويهتف بمقولة الشاعر المخضرم كعب بن زهير:
"
ما أرانا نقول إلا رجيعًا
...
ومعادًا من قولنا مكرورًا
."
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من يحرك «الوتد»؟ (3)
من يحرك «الوتد»؟ (3)

جريدة الرؤية

timeمنذ 4 ساعات

  • جريدة الرؤية

من يحرك «الوتد»؟ (3)

شعب الله المختار للعذاب...!! د. مجدي العفيفي (18) اليهود الصهاينة: حين يصبح تحريك الأوتاد عقيدةً تُروى وتُدوَّن وتُقدَّس منذ أن وُجدوا على هذه الأرض، واليهود لا يُقيمون خيمةً ليست لهم، إلا لينهار وتدُها لاحقًا. منذ أن حملوا كتبهم، وراحوا يمزّقونها بأيديهم، تارةً بالتأويل، وتارةً بالتزوير، بدأت لعبة الأوتاد... لعبةٌ لا تُمارَس بعصبيةٍ عابرة، بل بدهاءٍ متجذّر، بعيونٍ تترقّب أين الضعف في خيام الآخرين، وبأيدٍ تتقن شدّ الوتد ثم خلخلته... لا لشيء إلا لتسقط الخيمة فوق من فيها. (١٩) تحريك الأوتاد... من التوراة إلى جغرافيا الدم لسنا بحاجة إلى وثائق سرية، ولا إلى نظريات مؤامرة فضفاضة، فالأمر مكتوبٌ في العلن، في التوراة نفسها التي لم تبقَ كما أُنزلت، ولا بقيت كما أراد لها الله، بل كما شاء العقل اليهودي المحرّف أن تكون: "وإذا دخلتَ أرضًا ليست لك، فاقتلع شعبها من جذوره... واضرب فيهم بالسيف واللعنة." »حين تقرب من مدينة لكي تحاربها، استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك. وإن لم تسالمك بل عملت معك حربًا، فحاصرها.. وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك، فاضرب جميع ذكورها بحد السيف.. وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك. هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدًا، التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا، وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا، فلا تستبقِ منها نسمةً ما«. (سفر التثنية – الإصحاح العشرون) ثم جاء القرآن العظيم ليُرسم الصورة بإحكام: ﴿كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين﴾ (المائدة: 64). ومرّت الأجيال، ولم يتغير جوهر اللعبة... هي ذاتها: تحريك الأوتاد. في كل أرضٍ حلّوا بها، لم يطلبوا مأوى فقط... بل بدأوا بهدم خيام غيرهم. من مصر إلى بابل، من يثرب إلى أوروبا، من فلسطين إلى نيويورك... في كل مرة، تبدأ القصة بذريعة، وتنتهي بالفوضى. (٢٠) هل تخريب العالم... جينات يهودية؟ قد يبدو السؤال قاسيًا... لكن التاريخ نفسه يجيب: ليس الأمر متعلقًا بدين، بل بعقيدةٍ تمّت هندستها بدقة داخل الذهنية اليهودية. فكرة "شعب الله المختار" -للعذاب- ليست مجرد نص ديني، بل مبرر وجودي لرفض الآخر. وهم "أرض الميعاد" لا يعني فقط فلسطين، بل أي أرض يمكن الوصول إليها وخلع وتدها. الطقوس، التلمود، القصص، كلها تدور حول السيطرة والهيمنة والنقمة الأبدية من التاريخ والناس والإله نفسه... فهم لا يعيشون داخل جغرافيا، بل يحيكون شبكة خيوط فوق الجميع. إن لم يكن بالإعلام، فبالمال... وإن لم يكن بالمال، فبالتشريع... وإن لم يكن بالتشريع، فبصناعة العدو، وتحديد من هو "الشرير" و"الإرهابي" و"المعادي للسامية". وهم، في كل مرة، لا يُمسكون بالمطرقة... بل يكتفون بتحريك الوتد... ثم يراقبون الخيمة تسقط... ويقولون: "نحن لا دخل لنا، فقط كنّا نحتمي". (٢١) الصهيونية: الوتد الأكثر خطورةً من إبليس نفسه الصهيونية ليست ديانة، ولا قومية، بل مشروع إبليسي خالص، يتقن صناعة الفتن، ويعرف بالضبط أين يزرع الكلمة، وأين يغرس الشك، وأين يُشعل النار. هي من صنعت "الشرق الأوسط الجديد" لا أمريكا وحدها، وهي من موّلت الحروب، والخرائط، والانقلابات، والشاشات التي تُبرر الخراب، وهي من حوّلت ضحيتها إلى جلّاد، وجلّادها إلى ضحية. الصهيونية اليوم لا تحرّك وتدًا في الخفاء، بل تفعلها على مرأى الكوكب كله، تُقنّن الاحتلال، تُجرّم المقاومة، تضحك في مؤتمرات الأمم المتحدة، بينما الطائرات تُسقط خيام الأطفال في غزة، وتنشر فكرها في مناهج التعليم والإعلام، حتى بات الناس يُعيدون سرد روايتها دون أن يشعروا. إن إبليس -إن جاز التعبير- يُفسد بأدوات خفية... أما الصهيونية، فقد تفوقت عليه، فهي تُخرّب باسم القانون، وباسم الدين، وباسم السلام. (٢٢) من يُثبّت الوتد في وجههم؟ سؤال أشدّ من المستحيل... لأن من يريد أن يثبت الوتد، عليه أن يكون واعيًا للعبة كلها، ألا يكرر خطابهم، ولا يردد كلماتهم، ولا يراهم بشرًا فقط، بل مشروعًا خبيثًا له جذور فكرية وسياسية ومالية متشابكة. من يُثبّت الوتد، لا يكفي أن يكرههم، بل أن يُفكّك آلتهم، أن يفضح خطابهم، أن يخرج من أسر روايتهم، أن يُعيد تعريف العدو من جديد، لا كما ترسمه شاشاتهم. اليهود -ومنذ بداياتهم- لم يكونوا كتلةً دينية فقط، بل عقلية تبحث عن المعركة حتى في مأمن، عن الضحية حتى في النصر، عن الوعد حتى في الكارثة. هم لم يحتاجوا إلى إبليس... لأنهم اختاروا أن يكونوا أوتاده في الأرض، يحركونها في الظل تارة، وفي العلن تارة أخرى، ولا يعنيهم من يسقط... طالما بقيت خيمتهم فوق الجميع. فاحذر أن تكون منهم، أو أن تُصفّق لهم، أو أن تصمت حين ترى وتدًا يُحرّك. لأنك -إن سكت- ربما تكون الخيمة التالية التي تُهدم، فوقك... وبيدك. ونواصل السردية الوتدية الإبليسية إن كان في العمر بقية!

ثبات غزة يقهر الطغيان ويغيظ العدى
ثبات غزة يقهر الطغيان ويغيظ العدى

جريدة الرؤية

timeمنذ 5 ساعات

  • جريدة الرؤية

ثبات غزة يقهر الطغيان ويغيظ العدى

سالم البادي "أبو معن" بادئ ذي بدء نعرج على مفهوم الطغاة والطغيان في اللغة قبل أن نشرع في المقال.. ففي معاجم اللغة العربية: طَغَا، يَطْغُو، مصدر طَغْوٌ، طُغْوَانٌ .. وطَغَا الْحَاكِمُ: تَجَاوَزَ الْحَدَّ، تَجَبَّرَ، جَارَ... والطّاغُوتُ: الطاغي المعتدي، أو كثيرُ الطغيان.. والطّاغُوتُ: طاغية ظالم ومعتدٍ غاشم. الطّاغُوتُ: كل ما عُبِدَ من دون الله، من الجن والإنس والأصنام في التنزيل العزيز: {فَمَنْ يَكْفُرْ بالطاغوتِ ويُؤْمِنْ باللهِ فَقَدِ استمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى} (البقرة: ٢٥٦). إذا الطاغوت أو الطاغية هو كل حاكمٍ متكبرٍ، متجبرٍ، متغطرسٍ، ديكتاتوري؛ يحكمُ الناسَ بالحديد والنار؛ ويفرض حكمَه على الناس بقوةِ السلاح، ويحكمُ الناسَ بالظلمِ، والاستبدادِ، والطغيانِ. قال تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} (المائدة: ٦٠). لقد حذرنا الله تعالى من الطغيان في أول آيات نزلت في الكتاب: {كلا إن الإنسان ليطغى*أن رآه استغنى*إن إلى ربك الرجعى} (العلق: ٨،٧،٦). بالرغم من عاقبة الطغاة في الدنيا والآخرة كما وضحها لنا ديننا الإسلامي الحنيف وأثبتتها أحداث ونهاية الأمم التي خلت، تجد أن زماننا مليء بالدهماءِ، والغوغاءِ الخانعين الراضخين المنبطحين للطواغيت.. يمجدونهم، ويعظمونهم، ويطيعونهم في كل شيء، حتى لو أمروهم بدخول جُحرِ ضبٍ لدخلوه، أو أمروهم بقتل أنفسهم لقتلوا أنفسهم. بل أشرُ وأخزى من ذلك! تجد أن هؤلاء الفئة يدافعون بكل قوةٍ وشراسةٍ عن الطغاة؛ بل ويتعاونون معهم؛ ويحبونهم، ويعشقون تقبيل أرجل طواغيتهم، ويعلنون الولاء الكلي لهم؛ بل ويتجسسون على أهلهم، وأقربائهم، وأصحابهم -الذين لا يزال لديهم مسحة من العزة والكرامة- فيصبحون طاغوتيين أكثرَ من الطاغوتِ. ومن الأمورِ العجيبةِ والغريبةِ التي تجعلُ الإنسانَ محتارًا ومذهولًا، أن تُصبحَ الضحيةُ تعشقُ جلادَها؛ وتساعدَه وتعاونَه على سلخِ جلدِها؛ وهي ضاحكةٌ مستبشرةٌ!!! ولو أن هؤلاء الخانعين رفضوا الانصياعَ لأوامر الطغاة، واستيقظت ضمائرهم، وأحسوا بحلاوة العزة والكرامة وشعروا بلذة الحرية من التذلل لعبيدٍ أمثالهم، وفروا من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد...لأبادوا الطواغيتَ، ومحقوهُم من الوجود، كما حصل مع المسلمين الأوائل، الذين استطاعوا بقوة العبادة لرب العالمين، أن يقتلوا طواغيت قريش، وطواغيت فارس والروم؛ ويحرروا العبيد من أسار العبودية لطواغيتهم. بسبب أن الشعوب هم مصدرُ الطواغيت، فقد قال ابن خلدون في مقدمته المشهورة: «لو خيّروني بين زوال الطغاة أو زوال العبيد، لاخترت بلا تردّد زوال العبيد، لأنّ العبيد يصنعون الطواغيت ولا يبنون الأوطان». لا يولد الطاغي طاغية من بطن أمه، ولكن الشعوب هي التي تصنع طغاتها بنفسها، وذلك بإطاعتهم العمياء، ومؤازرتهم على الظلم، والسكوت عن الحق، وغيرها من الأمور التي تحسسهم بأنهم جبابرة متسلطين. وفي الحقيقة هم أقل ثقافة وعلما ومكانة من الآخرين، وربما يكونوا أشباه الرجال، والشعوب هي المسؤولة عن وضعهم في هذه المناصب وتسليمهم السلطة والقيادة. أليست الشعوب هم من جعلوا من الخونة والعملاء أمناء ومسؤولين...؟؟ أليست الشعوب من جعلت من الأقزام عمالقة وزعماء...؟؟ أليست الشعوب من جعلت من المرتزقة والإرهابيين مقاما وشأنا...؟؟ ألا تعلم الشعوب بأن الطغاة المستبدين هم سبب هزيمتهم وذلهم وخنوعهم وتشردهم وتجويعهم وفقرهم.!! ألم تستوعب الشعوب الدروس والعبر وتصحو من غفلتها وسباتها العميق...؟؟ ما زالت الشعوب تصفق وتهتف للطغاة، والإعلام المزيف يقدس ويمجد لهم، ويكذب ويلفق الأكاذيب، ويزور الحقائق. بيد أن الطاغية يُصنع له مجدا وتاريخا مزيفا عن طريق المتملقين والمتسلقين والمنتفعين والانتهازيين، ورجال باعوا مبادئهم وقيمهم وأخلاقهم، وخانوا أوطانهم وشعوبهم من أجل إرضاء الطاغية. نرى في عالمنا المعاصر الطغاة راسخين على عروشهم، فإذا سقط أحدهم خلَّفه على الفور طاغية آخر أسوء منه.. وكأن الطغيان يعيد إنتاج نفسه. منذ فجر التاريخ وهناك حكام وملوك طغاة جبارون، حاربوا دعاة الإصلاح وأهل الإيمان في كل ملة ودين، وقد كان الرسل وأتباعهم، أول من تعرض للمحاربة والعداوة من هؤلاء، ولكنهم صبروا على ذلك، وطال صبرهم، حتى ظن البعض منهم أن ملك هؤلاء الطغاة لن يزول أبدا، وأنه قد مكن لهم من أمر الدنيا، وقد مدَّ الله في طغيانهم حينا من الدهر {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (البقرة: ١٥]، حتى ازدادوا إثما، ثم انتقم منهم، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ومكن للرسل وأتباعهم في الأرض. ل قد حمل القرآن الشعوب المسؤولية، فقد عاقب الله تعالى تلك الأمم بالقوارع، فأهلك قوم نوح بالطوفان، وعاد بريح صرصر في يوم نحس تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر، وثمود بالصيحة مشرقين وجعل عاليها حجارة من سجيل، وقوم شعيب أخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين، وأهلك فرعون وقومه بالغرق ومن قبل بالسنين ونقص الثمرات، وبالجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والرجز. إلا أنه جلَّ وتعالى شرع بعد ذلك الجهاد لقتال أهل البغي والطغاة، وأمر بالتصدي لكل متكبر جبار، يعادي الحق وأهله. يجب على الشعوب أن تقف عند استلهام الدروس والعبر والعظة من مصير هؤلاء الطغاة، والتصدي لهم بكل الوسائل المشروعة وترسيخها في نفوس وأذهان الاجيال. يقول الشاعر الخالد أبو القاسم الشابي: إذا الشعب يوما أراد الحياة .. فلا بد أن يستجيب القدر… ولا بد لليل أن ينجلي .. ولا بد للقيـد أن ينكسـر ولا يفوتنا أن نذكر أحد طواغيت هذا العصر، تثبيتا لإخواننا المجاهدين في فلسطين وخاصة غزة، ألا وهو "شارون" الذي وصل به الحال أن يتعفن وهو حي، وتلك نهاية الطغاة وإن بدت نهاية متميزة تليق بتاريخه الدموي المشحون بالجرائم والمذابح، كانت كل حياته ملوثة بدماء الأبرياء، وسيرته مكتوبة بأنين الضحايا ودموع الثكلى وعذاب الأسرى، وصرخات المعذبين والمقهورين، وكانت أبشع جرائمه طحن عظام أطفال فلسطين، وتلك جريمة تميز بها شارون بين كل طغاة التاريخ، فاستحق من أجلها تلك النهاية المتميزة، حيث تحول جسده إلى صديد، وأيام حياته الأخيرة إلى ألم ربما تتضاءل أمامه آلام النمرود. هكذا نرى عدو الله والإسلام "شارون"، سفاح صبرا وشاتيلا، وجزار جنين وقد جعله الله عبرة وعظة للعالمين، فمن جلطة في المخ إلى شلل تام في أطرافه كلها، بحيث لا يستطيع أن يحرك حتى جفون عينيه، وهو الذي قاد الجيوش واكتسح سيناء ولبنان وذبح الأسرى المصريين، وهو الذي كان يتحكم في مصير الدول، وكما سقط طغاة وجبارون سقطت أمم وأنظمة، ففي بضع سنوات من تاريخ الإنسانية سقطت أشهر النظم الديكتاتورية في العالم في الاتحاد السوفيتي وفي رومانيا وفي بولندا والمجر وصربيا وتشيكوسلوفاكيا وفي بلغاريا وألبانيا، فالباطل لن يدوم وإن طال بقاؤه حينا من الدهر. وهذه هي "غزة" المحاصرة المجاهدة المقاومة الصابرة تضرب أروع الملاحم الأسطورية في الحروب، وتبرهن للعالم معنى الصمود والرباط والثبات والكفاح والجهاد من أجل الحرية. وهنا مفارقة غريبة وكأن الزمان يعيد نفسه... فهذا الطاغية السفاح "نتنياهو" يصف شارون بأنه طاغية ومستبد في انتخابات حزب الليكود عام ٢٠٠٥م، وجاء "طوفان الأقصى" ليسقي الطاغية السفاح نتنياهو من نفس كأس "شارون" وكأنه يخلفه في طغيانه وجبروته وبشاعة حربه الصهيونية على قطاع غزة. على مدار أكثر من ٢٢ شهرا وهذا الطاغية السفاح المستبد المجرم الفاسد " نتنياهو" المطلوب جنائيا من قبل محكمة جرائم الحرب العالمية، وقضايا فساد يقع في قعر الطغيان، والطغاة على أشكالها تقع". هذا الطاغية المستبد المجرم "نتنياهو" يدخل التاريخ من أوسع أبوابه ويسجل اسمه في سجل أكبر مجرم وطاغية وظالم وفاسق وفاسد وقاتل وحارق الأطفال والنساء والشيوخ في عصرنا الحديث، ومطلوب للعدالة. وإننا مؤمنون بالله عزوجل، وليس لدينا أدنى شك بأن نهاية "الطغاة والطغيان" حتمية طال الزمن أو قصر. المجرم الطاغية "نتنياهو" لا يعلم من أين سيأتيه انتقام الله تعالى، فجنود الله تعالى كثيرة ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُو﴾ وأخذ الله تعالى أليم. قال تعالى: ﴿فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (العنكبوت:٤٠)، وسينتقم الله من المجرمين الطغاة بعزَّته وجلاله: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} (السجدة:٢٢). جرائم الصهاينة المحتلين الطغاة في "غزة" لن تمر مرور الكرام، وسيلقى كل مجرم وطاغية وظالم وعميل وخائن مصيره في الدنيا والآخرة، قال تعالى: }فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ{ (المعارج: 42). أخيرا... ثبات أهل غزة لا يمكن تفسيره بأنه ثبات من عند أنفسهم؛ ولكنه تثبيت من الله تعالى لهم، أو كما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} (محمد: ٨ - ١١).

الاقتصاد ينمو والفقر يزيد
الاقتصاد ينمو والفقر يزيد

جريدة الرؤية

timeمنذ 5 ساعات

  • جريدة الرؤية

الاقتصاد ينمو والفقر يزيد

علي بن سالم كفيتان أن ينمو الاقتصاد وتتراجع المديونية وتزداد الفوائض المالية، وفي الجانب الآخر زيادة في مستويات الفقر، وتقلص في فرص العمل، وارتفاع التضخم؛ فهذه معادلة بحاجة إلى إعادة النظر عن كثب، لمعرفة أين مكمن الخطأ؟ فعندما يزيد النمو الاقتصادي وتقل المديونيات، لا بد من انعكاس ذلك على الوضع الداخلي في هيئة ارتفاع الأجور، وزيادة فرص العمل، وتقليص الفقر والعوز، وهذا بدوره يقود إلى مستويات أعلى من الرفاه والرضا الاجتماعي. والعكس صحيح؛ ففي بلدان عدد سكانها قليل، ودخلها جيد نسبيًا من الثروات المتعددة، لم يعد مقبولًا أن يُضغط الناس لتحمل سياسات تقشفية ليس لها أفق محدد. تُعد فترة الخمس سنوات كافية للحكم على توجهات الإصلاحات السياسية والاقتصادية في أي بلد، وهي كذلك تكفي لكي يشعر الناس بتحسن مستويات المعيشة، وارتفاع الدخل، وتوفر الفرص الوظيفية. إذ لا يمكن المضيّ أبعد من هذه المسافة دون تبعات أليمة، تكون عبارة عن انعكاس طبيعي لتفشي نشاطات غير حميدة، كالتهريب والإدمان، وحتى الانخراط في أعمال عابرة للحدود. فنشاط المنظمات التي تشجع على العنف ينمو ويترعرع في مثل هذه الظروف، ولا عجب أن نرى اليوم ارتفاعًا غير مسبوق في مستويات تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، ووصولها إلى العنصر النسائي، وهذا ما كشف عنه مؤخرًا مصدر مسؤول في الادعاء العام. بات الشباب اليوم في سلة واحدة: من يملك مستويات تعليمية ومهارات عالية، ومن لا يملك، ولا خيار أمامهم سوى البدء من الرصيف، وتكفف الشركات المملوكة للوافدين في معظمها. وهؤلاء بدأوا في التفنن بإيذاء الشباب وإذلالهم في سبيل طلب لقمة العيش، ابتداءً من الأجور الزهيدة، والتسريح القسري، وانتهاءً بالمنافسة غير العادلة مع أبناء جلدتهم ممن ليس لديهم التزامات، مقارنةً بأبناء الوطن المطلوب منهم إعالة أسرهم، والزواج، وتأسيس بيت، وبناء الاستقرار الوظيفي. كل هذه الظروف باتت معدومة اليوم، مما يولّد ارتباكًا فكريًا لدى هذه الطبقة المهمة من المجتمع؛ فالبعض استسلم، والبعض يقاوم الواقع، وفي داخله سخط كبير قد لا يُبديه، لكنه يظل كامنًا في نفسه وينمو مع الوقت، فكلما طالت المدة، تعاظم مستوى السخط وعدم الرضا، حتى يجد الظروف المناسبة للتعبير عنه، وهذا ما لا نرغب في الوصول إليه. في آخر أغسطس من هذا العام 2025، يتم من جرى اختيارهم لقيادة أول حكومة في العهد المتجدد خمس سنوات في مناصبهم، ولا شك أن البعض قدّم مستويات عالية من الأداء في مؤسساتهم، والبعض ظل ساكنًا ولم يواكب التغيير، وركن للأساليب التقليدية، فناخت مؤسساتهم في منتصف الطريق، وقد يكون بعضها حُمّل ما لا يُطيق. والفئة الثالثة كانت ذات مردود سلبي انعكس على الوطن من خلال توليد الإحباط، ونمو السخط، ورسم الصورة الباهتة للوطن، والدفع بخيارات ضعيفة كحلول، والتمترس خلفها، والدفاع عنها باستماتة رغم رفضها من المجتمع، وعلو صوت عدم قبول تلك الممارسات الترقيعية التي لم تُفضِ إلى نتيجة. ومن هنا، ومن واقع النهج السامي لجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- في وضع مؤسسات تتابع وتُقيّم الأداء على مختلف المستويات في بلادنا، نتوقع تعديلًا جوهريًا في قادم الأيام، يُنصف المميزين من القيادات الوطنية التي أثبتت جدارتها، ويُنحي من أخفق، ويقود إلى تصحيح عاجل في بعض الملفات المهمة والحساسة. علينا في المرحلة القادمة أن نراجع بتمعن منظومة الضرائب، ورفع الدعم عن الخدمات العامة، وسياسات التشغيل، ودراسة الأجور، وقانون الحماية الاجتماعية، وأن نمنحها الأولوية التي تستحق، وردم الفراغات التي ولدتها المرحلة الماضية، من خلال بعث الأمل في الشباب، وتعظيم مستويات القوى الناعمة كالإعلام الرصين الذي يحمل رسالة، والرياضة التي ترفع العلم في أهم الأحداث العالمية وبلوغ المنصات، والفن الإبداعي في مختلف المجالات. هذا بدوره يعظم الهوية، ويُرسّخ الولاء للتراب الوطني، ولا شك أن كل ما يُوجّه به المقام السامي -رعاه الله- يصب في هذا الاتجاه، ونحن على يقين أن جلالته يمنح الأولوية لمثل هذه التوجهات. لا يمكن لأحد أن ينكر ما تحقق لتصحيح المسار الاقتصادي، ومكافحة الفساد، وهيكلة أجهزة الدولة، وتوحيد أنظمة التقاعد، وتأسيس نظم منصفة للتقييم الفردي والمؤسساتي في البلاد، في إطار التأسيس لمنهج العدالة الاجتماعية بين جميع أفراد المجتمع. وجميعها كانت مطالب ينادي بها الناس قبل يناير 2020، فأصبحت اليوم واقعًا ملموسًا، وتخضع بشكل دوري للتقييم والمراجعة، لما فيه صالح المواطن والمقيم في عُمان. وحفظ الله بلادي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store