
أزمة طلاب هارفارد الأجانب: الخوف والقلق ومعركة من أجل حرية التعليم الأكاديمي
ترفرف رايات هارفارد القرمزية الشهيرة فوق مبان الحرم الجامعي خلال أسبوع التخرج. ففي الوقت الذي كان يُفترض فيه أن يحتفل آلاف الطلاب بتخرجهم، يجد الطلاب الأجانب أنفسهم وسط عاصفة من التوتر السياسي والمعارك القانونية وغموض عميق بشأن مستقبلهم في الولايات المتحدة.
بذلت إدارة ترامب جهوداً واسعة لمنع جامعة هارفارد من تسجيل طلاب أجانب، متهمة إياها بتشجيع معاداة السامية، وانتهاك القوانين الفيدرالية، وعدم الامتثال لشروط برنامج تأشيرات الطلاب. وقد ألغت وزارة الأمن الداخلي اعتماد هارفارد ضمن برنامج الطلاب والزوار الأجانب، ما يعني عملياً حرمانها من استضافة طلاب أجانب.
وقالت قاضية فيدرالية في بوسطن يوم الخميس إنها ستصدر أمراً بوقف تنفيذ هذا الحظر مؤقتاً، ما منح هارفارد مهلة قصيرة. في المقابل، منحت إدارة ترامب الجامعة مهلة 30 يوماً لتقديم مستندات وأدلة تثبت تعاونها مع مطالب الحكومة.
تصاعد الضغوط من البيت الأبيض
شهد يوم التخرج هذا الأسبوع في هارفارد مظاهر احتجاج رمزية، حيث ارتدى الطلاب زهوراً بيضاء تضامناً مع زملائهم الأجانب. وعلى عكس العام الماضي، عندما واجه قادة الجامعة انتقادات بسبب طريقة تعاملهم مع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، قوبل الرئيس آلان جاربر بتصفيق حار لدفاعه عن الجامعة.
لكن الضغوط من واشنطن تتصاعد. فقد أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو أن الولايات المتحدة ستبدأ بإلغاء تأشيرات بعض الطلاب الصينيين ضمن حملة أوسع تستهدف الطلاب الأجانب في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن القرار لا يقتصر على هارفارد، إلا أنه يزيد من حالة الخوف وعدم اليقين في الحرم الجامعي.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد طالب جامعة هارفارد مؤخراً بتسليم معلومات عن طلابها الأجانب، قائلاً: "نريد قائمة بأسماء هؤلاء الطلاب الأجانب وسنحدد ما إذا كانوا يشكلون خطراً. البعض سيكون جيداً على الأرجح، وأعتقد أنه في حالة هارفارد سيكون هناك الكثير من السيئين. كما أن لديهم مشكلة خطيرة في معاداة السامية، وهذا يجب أن يتوقف فوراً."
"نُعامَل كأدوات في صراع سياسي"
بالنسبة للطلاب مثل ألفريد ويليامسون، وهو طالب دنماركي في جامعة هارفارد، فإن هذه الإجراءات تمسهم شخصياً. يقول: "نُستخدم كأدوات في لعبة لا نتحكم فيها. نحن عالقون بين إدارة الجامعة والبيت الأبيض."
ماتياس إيسمان، طالب دنماركي آخر يدرس الماجستير في الإدارة العامة، عبّر عن خيبة أمله قائلاً: "لقد عشت في أمريكا ثلاث مرات، وكنت أشعر بالترحيب دائماً، حتى الآن. لا زلت أؤمن بأمريكا، وأعتقد أن الأمور ستتغير، لكن عندما يُقال لي إن الجامعة التي استضافتني لم يعد مسموحاً لها بذلك، فمن الصعب البقاء."
حلم في مهب الريح
بالنسبة لخالد إمام، وهو زميل تدريس مصري يبلغ من العمر 30 عاماً في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، فإن قرارات الإدارة تمس حلماً طالما راوده. قال للبي بي سي: "في مايو أيار 2024 حصلت على درجة الماجستير في الإدارة العامة من هارفارد. لم يكن الطريق سهلاً، لكنني اخترت هارفارد لجودة التعليم والتزامها بالقيادة العامة."
بعد التخرج، بقي خالد كزميل تدريسي في هارفارد ساعياً لنقل المعرفة التي يكتسبها إلى الشرق الأوسط. وأثناء عطلته الصيفية الحالية في مصر لزيارة عائلته، وجد نفسه فجأة في حالة من عدم اليقين بشأن مستقبله في جامعة هارفارد، " عندما سمعت عن قرار الإدارة بحظر قبول الطلاب والباحثين الأجانب، شعرت بإحباط شديد. وحتى الآن، لا أعلم ما إذا كان بإمكاني العودة لمواصلة عملي."
حرية التعليم الأكاديمي تحت التهديد
يقول أستاذ العلوم الحكومية في هارفارد ستيف ليفيتسكي إن اتهامات الإدارة ما هي إلا مبررات سياسية، "ما نشهده هو محاولة منهجية لإضعاف استقلال التعليم الأكاديمي." ويؤكد أن مستوى معاداة السامية في هارفارد أقل من المعدلات العامة في الولايات المتحدة، بما في ذلك مؤسسات كبرى مثل الحزب الجمهوري، "لا يوجد دليل موثوق على انتشار معاداة السامية في الجامعة."
"خسارة لأمريكا أيضًا"
نيكولا فاون، وهو طالب دراسات عليا فرنسي، قرر هو الآخر مغادرة الولايات المتحدة عائداً إلى أوروبا مع أسرته. قال: "جئنا إلى هنا ونحن نفكر في البقاء، لكن الوضع أصبح غير مستقر للغاية." مضيفاً: "نعرف طلاباً قرروا بالفعل عدم الالتحاق بهارفارد بسبب حالة عدم اليقين." يعتقد فاون أن مهاجمة مؤسسة مثل هارفارد قد يُرضي شريحة من الناخبين الأمريكيين، لكنه يرى أن هذه السياسة ستُضر بمكانة البلاد على المدى البعيد، حيث تعتمد الولايات المتحدة منذ فترة طويلة على جذب المواهب العالمية.
أبعد من هارفارد
تتجاوز التداعيات حدود حرم الجامعة في كامبريدج. إذ يساهم الطلاب أجانب بما يُقدّر بــ 40 مليار دولار سنوياً في الاقتصاد الأمريكي. وفي جامعة هارفارد، يشكلون حوالي 25 بالمئة من إجمالي الطلاب، وتزيد النسبة في بعض البرامج الدراسية العليا.
وأشار البروفيسور ليفيتسكي إلى أن الأمر لا يتعلق بهارفارد فقط، بل بمستقبل التعليم والديمقراطية أمريكا. محذراً من أن السماح للحكومة بمعاقبة الجامعات لأسباب سياسية يمثل سابقة خطيرة.
وبينما تستمر المعركة القانونية، ينتظر العديد من الطلاب مصيرهم. عبدالله شهيد سيال، طالب باكستاني ورئيس اتحاد الطلاب في الجامعة، قال: "لم أجد وقتاً بعد للتفكير في خطة بديلة. في هذه اللحظة لا أحد يعرف ما إذا كنا سنتمكن من العودة إلى هارفارد أو حتى أمريكا في الفصل الدراسي المقبل."
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 8 ساعات
- العربي الجديد
لماذا تعارض دول الخليج ضرب طهران؟
وصفت السلطة القضائية الإيرانية، الثلاثاء 26 مايو/ أيار الحالي، إلقاء السعودية القبض على عالم الدين الإيراني علام رضا قاسميان بـ"غير المبرّر". وكان قاسميان نشر مقطعاً مصوّراً ينتقد فيه سياسات المملكة الأحدث لتخفيف قيود اجتماعية عديدة، في إطار سعيها لفتح الاقتصاد أمام السياحة والشركات الغربية. وأطلقت الرياض سراح قاسميان، الذي اعتقل في اليوم السابق، في أثناء وجوده في المملكة لأداء مناسك الحج، وأفادت وكالة مهر للأنباء، بأنه بحسب الصفحة الرسمية للبرنامج القرآني، جرى "إطلاق سراح حجّة الإسلام بفضل الجهود الحثيثة التي بذلتها القنصلية الإيرانية في المملكة، وهو في طريق عودته إلى بلاده". خبر لا بدّ وأن يتوقف عنده المتابع، لأنه يبرز مدى الاختلاف بين الرياض وطهران، كما ويؤكّد أن هناك "هشاشة" في العلاقة المستجدة بين البلدين. وإن توقيف الشيخ وإطلاق سراحه يحملان رسائل سعودية واضحة إلى الجانب الإيراني، على اعتبار أن العلاقة، رغم التقدم الحاصل على المستوى الدبلوماسي، تحمل الكثير من نقاط الاستفهام بشأن جدّيًتها واستمراريتها. وجاء قرار إطلاق سراح قاسميان، بالتزامن مع ما كشفته القناة 12 العبرية في تقريرها أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمر بوقف التنسيق العسكري مع إسرائيل، خشية أن يعرقل هجومها المحتمل على منشآت إيران النووية المحادثات الجارية مع طهران. وبحسب التقرير، أجرى ترامب اتصالاً هاتفيّاً مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حذره خلاله "بلهجة حادّة"، من القيام بهجوم منفرد على هذه المنشآت. ولا جديد في هذا الخصوص، سيما وأن الرجل أطلق من ضمن حملاته الانتخابية تعهدات بوقف الحروب المنتشرة، في أوكرانيا كما في الشرق الأوسط. إذ على ما يبدو، اختلفت سياسات ترامب تجاه المناطق الساخنة، لا بل اختلف في نظرته إلى جعل أميركا قائدة للعالم، فهو يريدها "عظيمة" وليست قائدة. الجديد في تصريح ترامب أخيراً تأكيدُه على أن قادة السعودية والإمارات وقطر أبلغوا ترامب، في زيارته المنطقة، "رفضهم أي هجوم عسكري على إيران"، وتشجيعهم على التوصل إلى اتفاق نووي جديد عبر السبل الدبلوماسية، فهل فعلًا قرار ترامب بوقف التنسيق أتى استجابة لمطالب دول الخليج العربي؟ أم هناك غاية في نفس يعقوب؟ في العمق، يدفع ترامب نحو إيجاد قوة متنوعة في مناطق النفوذ في العالم، تعمل على فرض التوازن والأمن. ولهذا توجه إلى دول الخليج في زيارته الأولى ليؤكد أنّ المنطقة يحدّد أمنها "التوازن الإقليمي بين دولها". تريد واشنطن في المنطقة لعب دور الضابط الأمني، فلطالما بنيت استراتيجيّتها على مبدأ توزيع القوى بين اللاعبين الأربعة الرئيسيين في المنطقة، الخليجي والإسرائيلي والتركي والإيراني. فإن أي خللٍ ترتكبه واشنطن في هذا الإطار يعطي أفضلية الهيمنة لفريق على الآخرين، الأمر الذي يعرّض حضورها للخطر، لا بل يجعل مصالحها في المنطقة عرضة "للابتزاز" من الفريق المهيمن. قرار العودة الخليجية القوية إلى لبنان وسورية دليل على أنّ هذه الدول تعمل على ضبط جنوح نتنياهو والقوة الإقليمية الأخرى، من تركيا وإيران وتتعرّض العلاقة بين ترامب ونتنياهو لاهتزازاتٍ كثيرة، سيما وأن لا حدود لوقاحة نتنياهو حتى داخل دوائر القرار الأميركي، وهذا ما بات يزعج ترامب. لهذا، يعمل الأخير على ضبط جنوح نتنياهو كي لا تستيقظ الإدارة الأميركية يوماً وتجد عسكرها في خضم المعركة الإقليمية، لهذا اتخذ ترامب منفرداً قرار وقف الهجمات على اليمن، بعدما أخذ ضمانات بعدم تعرّض قواته لأي هجوم صاروخي. لا يتوقف الأمر عند ما يريده الأميركي من المنطقة، بل أيضاً لدول الخليج رؤية استراتيجية ترتبط أولاً بمصالحها المرتبطة بالممر النفطي الرئيسي عبر باب المندب الذي يقع تحت نيران الإيراني وجماعاته، فإن دول الخليج تدرك جيّداً أن أي تدهور عسكري في المنطقة سيرتدّ مباشرة على أمن ممراتها النفطية في موضوع التصدير، هذا ما يهدّد موازناتها التي ترتكز بشكل رئيسي على العائدات النفطية. كما في الأمن النفطي كذلك الأمر يتعلق بالخوف الخليجي من اهتزاز الصعود الاستثماري في مجالي التحوّلات الرقمية والسياحة، فهذه البلدان الخليجية تعمل على إيجاد بيئة آمنة بعيدة عن التوترات العسكرية، لأنها تسعى إلى أن تكون دولا مستقطبة للاستثمارات الدولية، وهذا يحتاج حتماً إلى تفاهماتٍ سياسية. لقد ادركت تلك الدول أن الأمن والاستقرار لا يمكن فرضهما عبر القوة العسكرية، بل يفرض عبر الأطر السياسية بما يتضمن التفاهمات وبناء الشراكات، وما إطلاق الشيخ الإيراني إلا دليل على رفض المواجهة مع إيران. لدول الخليج رؤية استراتيجية ترتبط أولاً بمصالحها المرتبطة بالممر النفطي الرئيسي عبر باب المندب الذي يقع تحت نيران الإيراني وجماعاته لدى دول الخليج قراءة مختلفة أيضاً للموضوع، بعيداً عن لغة القوة الاستعراضية التي يحاول نتنياهو إظهارها في المنطقة، فأي عمل عسكري تجاه طهران سيرفع من منسوب "نشوة" الانتصار عند نتنياهو، الذي لا يترك مناسبة إلا ويعبر فيها عن صناعته لشرق أوسط جديد، فهذا الرجل الذي رفع شعار تغيير خريطة المنطقة، بعد 7 أكتوبر (2023) لن يتوانى إن أقدم على ضرب ايران في فرض شروط حكومته ذات الطابع اليميني المتطرّف في وضع رسم جديد لخريطة المنطقة، وهذا ما تخشاه دول الخليج. قرار العودة الخليجية القوية إلى لبنان وسورية دليل على أنّ هذه الدول تعمل على ضبط جنوح نتنياهو والقوة الإقليمية الأخرى، من تركيا وإيران. هناك أيضاً إشكالية جوهرية، لا تستطيع دول الخليج التعامي عنها، وهو إقامة دولة فلسطينية، حيث يريد نتنياهو إزالة القضية من الذاكرة والوجود. ولهذا رفعت هذه الدول ورقة التحدّي امام التعنّت الإسرائيلي عبر التركيز على حل الدولتين الطريق الأمثل لتحقيق السلام في المنطقة. لا تستطيع الدول الخليجية وحيدةً وقف العدوان على غزّة وبناء حل الدولتين، لأنّ الموضوع يرتبط بالقدرة على فرض التأثير على الجانب الإسرائيلي. لقد وجدت بتقاطع المطلب في الاعتراف بدولة فلسطينية عنواناً آخر للتقارب الحذر مع الإيراني، رغم الاختلاف، في جوهر القضية، إذ ترفض طهران حلّ الدولتين، لكنّ من الأفضل أن يبقى السبيل لربط الصراع في هذه المرحلة بينهما، إلا أن السؤال يبقى إلى أي مدىً ستستمر سياسة "ربط النزاع" مع الإيراني، وهل قضية قاسميان عابرة أم سيبنى عليها؟


العربي الجديد
منذ 15 ساعات
- العربي الجديد
المحكمة العليا تمنح ترامب "انتصاراً" يتيح ترحيل 500 ألف مهاجر
سمحت المحكمة العليا الأميركية، اليوم الجمعة، لإدارة الرئيس دونالد ترامب بإلغاء برنامج الحماية المؤقتة الذي يمنح نحو 500 ألف مهاجر من كوبا وهايتي وفنزويلا ونيكاراغوا حقّ الإقامة والعمل المؤقت في الولايات المتحدة . وجاء قرار المحكمة العليا ليوقف أمراً قضائياً سابقاً أصدرته محكمة أدنى، كان قد حال دون تنفيذ قرار الحكومة بإلغاء هذه الحماية، التي تُمنح بموجب برنامج "الإفراج المشروط المؤقت" ريثما تُبت القضية أمام القضاء. ويعد هذا الحكم ثاني انتصار قضائي لإدارة ترامب خلال الأسابيع الأخيرة في ملف الهجرة، إذ سبق للمحكمة العليا أن أيّدت في وقت سابق من هذا الشهر قراراً بإنهاء الحماية المؤقتة الممنوحة لنحو 350 ألف مهاجر فنزويلي. وكانت إدارة الرئيس جو بايدن قد منحت "إفراجاً مؤقتاً مشروطاً" لآلاف المهاجرين من أربع دول، ممن استوفوا معايير معينة، ما أتاح لهم الحصول على تصاريح عمل وحماية قانونية لمدة عامين. ومع تولي ترامب الرئاسة، أصدر أمراً تنفيذياً بإلغاء تلك القرارات، وهو ما استجابت له وزارة الأمن الداخلي، لتبدأ المواجهة القضائية التي انتهت بقرار المحكمة العليا. قضايا وناس التحديثات الحية قاض أميركي ينتقد قرار تعليق ترحيل مهاجرين ويعكسُ هذا القرار سعيَ إدارة ترامب إلى تنفيذ أوسع حملة ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة، إذ تستهدف ترحيل أكبر عدد ممكن من المهاجرين غير النظاميين. وصوّت لصالح القرار سبعة قضاة من أصل تسعة، فيما عارضته القاضيتان كيتانجي براون جاكسون وسونيا سوتومايور، من الجناح الليبرالي في المحكمة، واعتبرتا أن "تبعات القرار ستكون كارثية على المتضرّرين". وكانت محكمة فيدرالية قد أصدرت في إبريل/نيسان الماضي حكماً يمنع الحكومة من إلغاء الإفراج المشروط جماعياً، مؤكدة أن القانون يسمح بإلغاء الحالات فردياً فقط، وأيّدت محكمة الاستئناف ذلك القرار، قبل أن تتدخل المحكمة العليا بطلب من إدارة ترامب. وفي تعليق رسمي عقب صدور القرار، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، أبيغيل جاكسون: "نحن واثقون من قانونية إجراءاتنا الهادفة إلى حماية الشعب الأميركي، ونتطلع إلى المزيد من القرارات المؤيدة من المحكمة العليا". ويُذكر أن إدارة ترامب تواجه أكثر من 250 دعوى قضائية بسبب أوامرها التنفيذية، ويمنحها هذا القرار دفعة جديدة في مساعيها لترحيل ما يقرب من 900 ألف مهاجر كانوا قد حصلوا على تصاريح إقامة وعمل مؤقتة في عهد بايدن.


BBC عربية
منذ 15 ساعات
- BBC عربية
وزير الدفاع الأمريكي يحذّر من تهديد صينيّ "وشيك" لتايوان، ويحثّ آسيا على تعزيز دفاعاتها
حذّر وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، من أن الصين تُشكل تهديداً "وشيكاً" لتايوان، وحثّ الدول الآسيوية على زيادة إنفاقها الدفاعي والعمل مع الولايات المتحدة. وفي حين أن الولايات المتحدة لا "تسعى للهيمنة على الصين أو خنقها"، إلا أنها لن تُطرد من آسيا ولن تسمح بترهيب حلفائها، وفقاً لما قاله هيغسيث خلال قمة دفاعية آسيوية رفيعة المستوى. وفي ردّها على ذلك، اتهمت الصين الولايات المتحدة بأنها "أكبر مُثير للمشاكل" على صعيد السلام الإقليمي. ويخشى الكثيرون في آسيا من زعزعة الاستقرار، إذا غزت الصين جزيرة تايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي وتطالب بها بكين. ولم تستبعد الصين استخدام القوة لذلك. وفي حديثه خلال قمة حوار شانغريلا الدفاعية في سنغافورة، وصف هيغسيث الصين بأنها تسعى لأن تصبح "قوة مهيمنة"، تأمل في السيطرة على أجزاء كثيرة من آسيا. وانخرطت الصين في صدامات مع العديد من جيرانها بشأن مطالبات إقليمية تنافسية على بحر الصين الجنوبي. وقال وزير الدفاع الأمريكي إن بكين "تستعد بشكل مؤكد لاستخدام القوة العسكرية لتغيير ميزان القوى" في آسيا، وأشار إلى الموعد النهائي الذي يُزعم أن الرئيس شي جين بينغ حدده للجيش الصينين، وهو حتى عام 2027، ليكون قادراً على غزو تايوان. وهذا التاريخ طرحه مسؤولون وجنرالات أمريكيون لسنوات، لكن بكين لم تؤكده قط. وقال هيغسيث إن الصين "تبني الجيش اللازم للقيام بذلك، وتتدرب عليه يوميا، وتتدرب على المهمة الحقيقية". وأضاف "دعوني أوضح أن أي محاولة من الصين الشيوعية لغزو تايوان بالقوة ستؤدي إلى عواقب وخيمة على منطقة المحيطين الهندي والهادئ والعالم. لا داعي لتجميل الأمر. التهديد الذي تشكله الصين حقيقي، وقد يكون وشيكاً. نأمل ألا يكون كذلك، ولكنه ممكن بالتأكيد". وأوضح هيغسيث أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب أو صراع مع الصين. وقال وزير الدفاع الأمريكي: "لا نسعى إلى الهيمنة على الصين أو خنقها، أو تطويقها أو استفزازها. لا نسعى إلى تغيير النظام. ولكن يجب أن نضمن ألا تتمكن الصين من الهيمنة علينا أو على حلفائنا وشركائنا"، مضيفا "لن نُطرد من هذه المنطقة الحيوية". ورداً على ذلك، نشرت السفارة الصينية في سنغافورة ملاحظة على صفحتها على فيسبوك قالت فيها إن الخطاب "مليء بالاستفزازات والتحريض"، وقالت إن هيغسيث "شهّر بالصين وهاجمها مراراً وتكراراً، وبالغ بلا هوادة في الحديث عما يُسمى "التهديد الصيني". وأضافت السفارة: "في الواقع، تُعدّ الولايات المتحدة نفسها أكبر "مُثير للمشاكل" على صعيد السلام والاستقرار الإقليميين". ومن الأمثلة التي استشهدت بها السفارة الصينية: "نشر الولايات المتحدة أسلحة هجومية" في بحر الصين الجنوبي، وإجراء استطلاعات لما وصفته السفارة بـ"الجُزر والشعاب المرجانية الصينية". وأوضحت السفارة أن "أكثر ما تُقدّمه الولايات المتحدة الآن للعالم هو "عدم اليقين"؛ إذْ أنها تدّعي حماية السلام وعدم السعي إلى الصراعات. لقد سمعنا ذلك. فدعونا نرى ما ستتخذه من خطوات". وجاءت هذه اللهجة الصينية القوية في الوقت الذي قلّصت فيه عمداً حضورها في الحوار. ولطالما شكّل حوار شانغريلا منصةً للولايات المتحدة والصين لعرض أفكارهما على الدول الآسيوية، في ظلّ تنافس القوى العظمى على النفوذ. ولكنْ، في حين أرسلت الولايات المتحدة هذا العام أحد أكبر وفودها على الإطلاق، أرسلت الصين بدلا من ذلك فريقا أقلّ مستوى بشكل ملحوظ، وألغتْ خطابها المقرر يوم الأحد. ولم تُقدّم أيّ تفسير لذلك. الردع ليس سهلاً ولمنع الحرب، تريد الولايات المتحدة "رَدْعاً قويا" يُشكَّل بالتعاون مع حلفائها، كما قال هيغسيث، الذي وعد بأن الولايات المتحدة "ستستمر في دعم أصدقائها وإيجاد سبل جديدة للعمل معاً". لكنه شدد على أن "الردع ليس سهلا"، وحثّ الدول الآسيوية على زيادة إنفاقها الدفاعي، مشيراً إلى أوروبا كمثال. وطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعضاء حلف شمال الأطلسي، الناتو، بزيادة إنفاقهم على الدفاع، بما لا يقل عن 5 في المئة من ناتجهم المحلي الإجمالي - وهو نهج وصفه هيغسيث بأنه "حب قاس، ولكنه مع ذلك كله فهو حب". وقد سارعتْ بعض الدول، بما في ذلك إستونيا، إلى القيام بذلك، بينما أبدت دول أخرى، مثل ألمانيا، استعدادها للامتثال. وتساءل ترامب، في إشارة إلى الصين: "كيف يُعقل أن تفعل دول في أوروبا ذلك بينما ينفق حلفاء وشركاء رئيسيون في آسيا أقل في مواجهة تهديد أشدّ وطأة؟"، مضيفاً أن كوريا الشمالية تُشكل تهديداً أيضاً. وأصرّ ترامب على أن "أوروبا تُكثّف جهودها. ويمكن لحلفاء الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بل ينبغي عليهم، أن يحذوا حذوها من خلال تطوير دفاعاتهم بسرعة"، قائلا إنهم يجب أن يكونوا "شركاء لا تابعين" للولايات المتحدة. وأشاد بالمعدات العسكرية الأمريكية، وأشار أيضا إلى شراكة جديدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لتعزيز مرونة الصناعات الدفاعية. ومن أولى مشاريع تلك الشراكة، إنشاء مركز لإصلاح الرادار في أستراليا لطائرات الدوريات البحرية الأمريكية التي اشتراها الحلفاء، والمساعدة في إنتاج الطائرات المسيّرة في المنطقة. كما حذّر ترامب الدول الآسيوية من السعي لإقامة علاقات اقتصادية مع الصين، قائلا إن بكين ستستخدمها "كرافعة" لتعميق "نفوذها الخبيث"، مما يُعقّد القرارات الدفاعية الأمريكية. وجاء خطاب هيغسيث بعد يوم من دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الحوار نفسه، داعياً أوروبا إلى أن تكون حليفاً لآسيا أيضا. وإجابة على سؤال حول مقترح ماكرون، قال ترامب إن الولايات المتحدة "تفضل أن يكون الميزان الأكبر للاستثمارات الأوروبية في تلك القارة" حتى تتمكن الولايات المتحدة من استخدام "ميزتها النسبية" في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وانتقد رد الصين نهج الولايات المتحدة تجاه أوروبا. وجاء في البيان: "بما أن التزام الولايات المتحدة تجاه حلفائها الأوروبيين يتمثل في حثّهم على إنفاق المزيد للدفاع عن أنفسهم، فما هو التزامها تجاه الآخرين؟". وأضاف البيان "تواصل الولايات المتحدة توسيع إنفاقها الدفاعي الهائل أصلا. فهل سيأتي الجزء الموسع من الرسوم الجمركية التي تفرضها على دول أخرى؟"، في إشارة إلى الرسوم الجمركية العالمية التي فرضها ترامب والتي هزّت النظام الاقتصادي العالمي وأثارت قلق حلفاء الولايات المتحدة. رؤية "المنطق السليم" روّج وزير الدفاع الأمريكي هيغسيث أيضا لرؤية ترامب حول "المنطق السليم" في التعامل مع بقية العالم؛ حيث "لا يوجد لأمريكا أعداء دائمون ولا تسعى إلى أن يكون لها أعداء دائمون". وقارن هيغسيث بين الرئيس الأمريكي ترامب ورجل الدولة السنغافوري الراحل لي كوان يو، الذي اشتهر بسياسته الواقعية البراغماتية في العلاقات الخارجية. وقال وزير الدفاع الأمريكي: "الولايات المتحدة لا تهتم بالنهج الأخلاقي والوعظي في السياسة الخارجية الذي كان سائدا في الماضي. لسنا هنا للضغط على الدول الأخرى لتبني سياسات أو أيديولوجيات. لسنا هنا لنُلقي عليكم مواعظ حول تغيُّر المناخ أو القضايا الثقافية. لسنا هنا لفرض إرادتنا عليكم". وانتقدتْ تامي داكوورث، عضوة الحزب الديمقراطي، والتي كانت جزءا من الوفد الأمريكي في سنغافورة، هذا النهج. وفي حديث منفصل للصحفيين خلال الحوار، قالت عضوة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إن رؤية هيغسيث وترامب "تتعارض مع القيم التي تأسست عليها أمتنا". آخرون "يعرفون ما ندافع عنه، ندافع عن حقوق الإنسان الأساسية، وندافع عن القانون والنظام الدوليين. وهذا ما سنواصل السعي لتحقيقه. وأعلم أننا سنحاول في مجلس الشيوخ التمسك بذلك، وإلا فسيكون الأمر غير أمريكي". كما انتقدت داكوورث رسالة هيغسيث العامة الموجهة إلى حلفائها في المنطقة، واصفةً إياها بـ"المتعالية". وأضافت "لسنا بحاجة إلى هذا النوع من اللغة. نحن بحاجة إلى الوقوف مع حلفائنا، والعمل معا، وإرسال رسالة مفادها أن أمريكا لا تطلب من الناس الاختيار بين جمهورية الصين الشعبية وبيننا". وقال عضوان آخران في الوفد، وهما النائبان الجمهوريان برايان ماست وجون مولينار، لبي بي سي إن الخطاب بعث برسالة واضحة حول تهديد الصين، وقد لاقى ترحيباً من العديد من الدول الآسيوية، وفقًا لاجتماعات عقداها مع مسؤولين. وقال مولينار، رئيس لجنة المنافسة في مجلس النواب الأمريكي: "الرسالة التي سمعتها هي أن الناس يريدون رؤية حرية الملاحة واحترام الجيران، لكنهم يشعرون بالرهبة من بعض الإجراءات العدوانية التي اتخذتها الصين". وأضاف "لذا، فإن وجود الولايات المتحدة موضع ترحيب وتشجيع. والرسالة هي الاستمرار في الوجود". وقال إيان تشونغ، الباحث غير المقيم في مركز كارنيغي للشؤون الصينية، إن الحكومات الآسيوية ستطمئن بالتزام الولايات المتحدة بالوضع الراهن. وأضاف بأن دعوة هيغسيث لزيادة الإنفاق الدفاعي "أمر شائع جدا بالنسبة للولايات المتحدة هذه الأيام"، مضيفا أنه في حين أن هذه القضية "مشكلة مزمنة" بين الولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، والتي تعود إلى عقود، فإن "إدارة ترامب أكثر إصراراً وتطالب بالمزيد". وتابع تشونغ: "أعتقد أن الحكومات الآسيوية ستستمع - لكنّ مدى امتثالها أمرٌ مختلف".