
المنافسة في صناعات الطاقات المستدامة: وجهة نظر صينية
هذا الإجراء ليس غريباً على إدارة ترامب. إذ كان الرئيس الأميركي قد توعد أثناء حملته الانتخابية بتنفيذ هكذا إجراءات. وفي الوقت نفسه، تتنافس واشنطن وبكين على حيازة المنزلة الأولى في تقليص الانبعاثات الكربونية وصناعات الطاقات المستدامة، التي كان من المفترض أن تشكل جزءاً أساسياً من أسس صناعات الطاقة المستدامة، ومحوراً مهماً في مجال الطاقة العالمي المستقبلي، والتي تلعب في الوقت نفسه دوراً كبيراً في الصراع الجمركي الذي يشنه ترامب على الصين.
السؤال: هل ستفوز الصين في التنافس الجاري ما بين الدولتين الكبريين في هذا المجال المستقبلي حول «تصفير الانبعاثات» الذي رسمته دول العالم للبدء به بحلول عام 2050؟ وما وجهة نظر الصين في السباق والتنافس هذا على ضوء القوانين الأميركية الجديدة في عهد ترامب؟
نشرت الدورية الصينية «ساوث تشاينا مورنينغ بوست» في عددها الصادر في 31 يوليو (تموز) 2025 مقالاً يعبّر عن وجهة النظر الصينية، وما يمكن أن يؤدي إليه هذا الصراع، على ضوء سياسات ترامب.
يشرّح «القانون الجميل الكبير» الموازنة الأميركية في ولاية ترامب الثانية، حيث تدل الموازنة بشكل واضح، وبالدولارات، كيف أن إدارته غيّرت بشكل دراماتيكي الدعم القوي الذي أبداه الرئيس جو بايدن للطاقات المستدامة في سباقٍ ولجت فيه كل من الولايات المتحدة والصين مع بقية دول العالم لـ«تصفير الانبعاثات».
وتؤيد موازنة ترامب الدعم الحكومي للطاقة النووية، وتعتبرها من الطاقات المستدامة والنظيفة، في الوقت الذي استبعدت أي دعم للطاقات المستدامة والنظيفة الأخرى (الشمسية والرياح والسيارات الكهربائية)، في الوقت الذي بدأت فيه هذه الطاقات تتوغل في الأسواق العالمية وتجتذب الاستثمارات الواسعة.
ليس من الغريب أن واشنطن قد تبنّت هذا التغيير الجذري في سياستها الطاقوية الآن، حسب المقال في الدورية الصينية، إذ إنه يعبر عن خيار لها نابع عن مخطط واضح في إطار استراتيجيتها الأمنية والنابع عن سياسة «أميركا أولا» - بالذات لأن الصين قد استطاعت أن تحوز على المنزلة الأولى، شبه احتكارية، للمعادن النادرة في سباقها التجاري مع الولايات المتحدة.
وقد شرح أعضاء الكونغرس الذين ساندوا مشروع «القانون الجميل الكبير» أثناء مناقشته في الكونغرس، بأنه محاولة جريئة من قبل الولايات المتحدة لسد الفرق التكنولوجي ما بين الدولتين وتقليص فجوة سلسلة الاتصالات التي قد تفسح للصين تعزيز مواقفها مع الولايات المتحدة.
من الواضح، تضيف الدورية الصينية، أن «هيمنة الصين في مجال تقنيات الطاقات المستدامة ومنزلتها الكبرى في مجال حيازة المعادن النادرة - عاملان مهمان لصناعات الطاقات المستدامة، فمراوح طاقة الرياح وبطاريات السيارات الكهربائية - قد أدى إلى إضعاف الموقف الأميركي في السيطرة على سلسلة الإمدادات ودورها في لعب دور جيوسياسي مركزي عالمي في مجال الطاقات المستدامة».
وتضيف الدورية الصينية أن «المعارضين للقانون يعتقدون أنه يعطي الأولوية للأمن القصير المدى على حساب الفوائد والأرباح الاقتصادية على المدى البعيد، وإمكانية التنافس على المجال الدولي، مما يعني فعلاً أن الولايات المتحدة قد تنازلت عن دورها القيادي في مجال تحول الطاقة، الأمر الذي يشكل تهديداً للمستقبل المناخي على الكرة الأرضية».
ما الذي يعنيه هذا النزال بين الولايات المتحدة وسياسة ترامب «أميركا أولاً» وسياسة الصين في محاولتها تغيير أسس صناعة الطاقة في بلادها وفي تجارتها الخارجية؟
من الواضح أن الرئيس ترامب بسياسة «أميركا أولاً» يتطلع إلى الاستفادة القصوى بما لدى الولايات المتحدة من موارد طبيعية (الاحتياطات النفطية - بالذات الصخري منها، الذي بدأ إنتاجه التجاري في عام 2014) وأيضاً، النظام المالي الذي يسمح للشركات الاستثمارية بالاقتراض للاستثمار في القطاع النفطي. أما تشجيعه للطاقة النووية، فهو يعتمد في المدى القصير على إعادة تأهيل المفاعلات النووية صغيرة الحجم ومن ثم الولوج في مجال «فيوشون إنرجي».
أما مصالح الصين فتختلف كلياً. فاحتياطها النفطي ضئيل بالنسبة لاستهلاكها الضخم (تستهلك الصين ما يعادل نحو 10 ملايين برميل من النفط يومياً). من ثم، فإن الصين من كبرى الدول المستوردة والمستهلكة عالمياً. كما تحاول الصين فك اعتمادها على حرق الفحم لتوليد الكهرباء، وذلك باستعمال الغاز الطبيعي والطاقة الشمسية والرياح. من هنا، يكمن اهتمام الصين بإنتاج الطاقات المستدامة لتلبية الطلب الداخلي المتزايد مع الانتهاء من حرق الفحم. طبعاً، هذا بالإضافة إلى حيازتها على عدد من احتياطات المعادن النادرة لتصنيع سلع الطاقات المستدامة.
وبالإضافة إلى هذا وذاك، فقد أولت الصين دوراً مهماً لهذه الصناعات في سياستها التجارية الخارجية. وبالفعل، فهي تحتل حالياً المنزلة الأولى في تصديرها (ألواح الطاقة الشمسية، شفرات طاقة الرياح والسيارات الكهربائية). كما يتضح أن المنافس الأكبر لها في هذه الصناعات هي الهند.
يطرح هذا التنافس مختلف الأهداف، أسئلة عدة: الأول: ما مصير «تصفير الانبعاثات» في 2050 في حال استمرار الولايات المتحدة بسياسة ترامب؟ وما دور الدولتين الآسيويتين الكبريين (الصين والهند) في الاستحواذ على صناعات الطاقات المستدامة مستقبلاً؟
إن هذه تطورات مهمة تثير الكثير من الأسئلة حول مصير «تصفير الانبعاثات» في 2050، وهل سيكون من الممكن تحقيقه عندئذ في ضوء هذه المتغيرات؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 9 دقائق
- العربية
عجز الموازنة الأميركية يقفز 20% رغم إيرادات قياسية من رسوم ترامب الجمركية
ارتفع العجز في الموازنة الأميركية خلال يوليو/ تموز بنسبة 20% في السنة المالية الحالية مقارنة بالعام الماضي، رغم تحقيق الولايات المتحدة إيرادات قياسية من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، وفق بيانات وزارة الخزانة الصادرة أمس الثلاثاء. وأظهرت البيانات أن عائدات الجمارك قفزت بنسبة 273%، أو ما يعادل 21 مليار دولار، في يوليو/ تموز مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وقال مسؤول في وزارة الخزانة، إن الزيادة الإجمالية في الإنفاق تعود جزئيًا إلى مزيج من النفقات، من بينها ارتفاع مدفوعات الفوائد على الدين العام، وزيادات مخصصات الضمان الاجتماعي لمواكبة تكاليف المعيشة، إلى جانب مصاريف أخرى. ويأتي ذلك في وقت يقترب فيه إجمالي الدين العام الأميركي من حاجز 37 تريليون دولار، وفق وكالة أسوشيتد برس. ورغم حديث ترامب عن أن الولايات المتحدة ستصبح أكثر ثراء بفضل زيادة ضرائب الاستيراد، لا يزال الإنفاق الاتحادي يتجاوز الإيرادات التي تجمعها الحكومة. وقد يتغير هذا الوضع المالي مع نفاد المخزونات المستوردة قبل فرض الرسوم، ما سيجبر الشركات على استيراد المزيد من السلع ويؤدي إلى زيادة عائدات الضرائب، وهو ما قد يقلص العجز قليلًا دون أن يحقق الخفض الموعود. وإذا فشلت الرسوم الجمركية في الوفاء بتعهد ترامب بتحسين الميزانية الحكومية، قد يواجه الأميركيون فرص عمل أقل، وضغوطًا تضخمية أكبر، وارتفاعًا في أسعار الفائدة على الرهون العقارية وقروض السيارات وبطاقات الائتمان. ويُعرف العجز في الموازنة بأنه الفجوة السنوية بين ما تجمعه الحكومة الأميركية من ضرائب وما تنفقه، وهو ما يسهم بمرور الوقت في زيادة الدين الإجمالي على المستوى الاتحادي.


أرقام
منذ 20 دقائق
- أرقام
القضاء الأمريكي يلزم إدارة ترامب بإعادة جزء من التمويل لجامعة كاليفورنيا
أمرت قاضية أمريكية إدارة الرئيس "دونالد ترامب" بإعادة جزء من المنح الفيدرالية التي جُمِّدت مؤخرًا لجامعة كاليفورنيا في "لوس أنجلوس". وقضت القاضية "ريتا لين"، من المحكمة الفيدرالية في "سان فرانسيسكو"، بأن قرار تجميد التمويل خالف أمرًا قضائيًا أوليًا صدر في يونيو، ألزم "المؤسسة الوطنية للعلوم" بإعادة عشرات المنح التي ألغتها سابقًا في جامعة كاليفورنيا، ومنعها من إلغاء منح أخرى داخل النظام الجامعي نفسه. وقالت "لين"، المعيّنة من قبل الرئيس الديمقراطي السابق "جو بايدن"، إن إجراءات "المؤسسة الوطنية للعلوم" تنتهك الأمر القضائي الأولي، بحسب "رويترز". يأتي هذا بعدما أعلنت "المؤسسة الوطنية للعلوم" الأسبوع الماضي أن الحكومة جمدت تمويلًا بقيمة 584 مليون دولار، في ظل تهديد "ترامب" بقطع التمويل الفيدرالي عن الجامعات على خلفية احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين ضد الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة.


العربية
منذ 26 دقائق
- العربية
ترامب يهاجم رئيس "غولدمان ساكس": "غيّروا كبير الاقتصاديين أو يركز على الدي جي!"
في هجوم جديد عبر منصته "تروث سوشال"، وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتقادات لاذعة لرئيس بنك " غولدمان ساكس"، ديفيد سولومون، مطالباً إياه باستبدال كبير اقتصاديي البنك، أو الاكتفاء بممارسة هوايته كمشغل موسيقى "دي جي". وجاءت تصريحات ترامب بعد تحذير أطلقه كبير اقتصاديي "غولدمان ساكس"، جان هاتزيوس، من أن المستهلك الأميركي سيتحمّل الجزء الأكبر من تكلفة الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب، وفقاً لما ذكرته شبكة "CNBC". وقال ترامب في منشوره: "الرسوم الجمركية لم تتسبب في التضخم أو أي مشاكل أخرى لأميركا، بل أدت إلى تدفق ضخم للنقد إلى خزائن الخزانة الأميركية". وأشار إلى أن الإيرادات الجمركية بلغت نحو 28 مليار دولار في يوليو، وفقاً لبيانات وزارة الخزانة. ورغم أن التضخم لا يزال يشهد ارتفاعاً، إلا أن ترامب أصر على أن الشركات والحكومات الأجنبية هي من تتحمل العبء الأكبر للرسوم، وليس المستهلك الأميركي، مضيفاً: "لقد ثبت أن معظم التكاليف لا يدفعها المواطن الأميركي". لكن تحذيرات الاقتصاديين لا تزال مستمرة، إذ تشير تقديرات "غولدمان ساكس" إلى أن المستهلكين الأميركيين قد يتحملون ما يصل إلى 67% من تكلفة الرسوم بحلول أكتوبر، مقارنة بـ22% فقط حتى يونيو الماضي. ترامب لم يذكر اسم الاقتصادي الذي يطالب باستبداله، لكنه وجّه سهامه مباشرة إلى سولومون، قائلاً: "ديفيد يجب أن يجد لنفسه اقتصادياً جديداً، أو يركز على كونه دي جي بدلاً من إدارة مؤسسة مالية كبرى". يذكر أن سولومون، إلى جانب منصبه التنفيذي، يمارس هواية تنسيق الموسيقى ويشارك في فعاليات موسيقية عالمية، وهو ما استغله ترامب في هجومه الأخير. من جهته، رفض متحدث باسم "غولدمان ساكس" التعليق على تصريحات ترامب.