
"هل يصبح ترامب أعظم موحّد لأوروبا؟"
أما حرب غزة، فلا تزال حاضرة بقوة في التغطيات الدولية. ففي الصحافة الأمريكية، ينشر كاتب إسرائيلي دعوة لإعادة بناء لغة مشتركة، توازن بين حال الفلسطينيين والإسرائيليين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي المقابل، تسلط صحيفة ديلي صباح التركية الضوء على دور أنقرة في كبح ما تصفه بـ"التمدد الإسرائيلي اللامحدود".
"ترامب يعيد تشكيل الهوية الجماعية لأوروبا"
البداية من صحيفة "الغارديان" البريطانية، إذ يبدأ الكاتب فابريزيو تاسيناري مقاله قائلاً إن "الرقم سبعة" قد يكون الإجابة المنتظرة لسؤال شهير نُسب إلى هنري كيسنجر: "ما الرقم الذي أتصل به عندما أريد التحدث إلى أوروبا؟"، مشيراً بذلك إلى القمة التي جمعت سبعة قادة أوروبيين في واشنطن إلى جانب دونالد ترامب وفلوديمير زيلينسكي.
الكاتب يصف هذا الاجتماع بأنه "سابقة دبلوماسية"، حيث اجتمعت أوروبا؛ ممثلة في كل من الناتو، والمفوضية الأوروبية، وفرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، وفنلندا، لتتحدث "بصوت واحد" في قضية أوكرانيا، رغم التباينات السابقة، بل "الانقسامات المريرة أحياناً"، كما وصفها.
ويُذكّر تاسيناري هنا بموقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بدايات الحرب، حين دعا إلى عدم "إذلال بوتين".
لكن المفارقة، كما يشير الكاتب، أن هذا التماسك الأوروبي جاء بفضل أزمة أشعلها ترامب نفسه. إذ يصف لقاء ترامب مع بوتين في ألاسكا بأنه "قمة مشينة"، ويؤكد أن الرئيس الأمريكي قد "تراجع عن التهديدات السابقة لروسيا، وفرش السجادة الحمراء للطاغية الروسي، لأسباب قد لا نفهمها أبداً".
بهذا المنطق، يرى تاسيناري أن ترامب، رغم أنه يُفكك ما تبقى من "الغرب"، إلا أنه، إلى جانب بوتين، "يثبت من دون قصد أنه يشكل القوة الخارجية التي تعيد تشكيل الهوية الجماعية لأوروبا، وبالتالي يصبح أعظم موحّد لها منذ نهاية الحرب الباردة."
يبرز الكاتب ما وصفه بتجانس نادر في الموقف الأوروبي، رغم بعض التباينات، إذ اتفق القادة على ضرورة تقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا، والحفاظ على وحدة الجبهة الغربية، والسعي نحو سلام عادل ودائم.
يتساءل الكاتب ما إذا كان هذا "الزخم المتزايد" من الدعم لأوكرانيا سيحقق السلام المرجوّ، فهو يشير إلى أن مجمل الاتفاقيات لا تتضمن وقفاً لإطلاق النار، بل تتجه نحو قبول أوكرانيا بالتنازل عن الأراضي التي ضمّتها روسيا عام 2022، بحسب رؤيته.
ويضيف الكاتب أن الحديث عن "ضمانات أمنية" أمريكية لأوكرانيا - أي نوع من "التعهد الدفاعي الجماعي" على غرار المادة الخامسة للناتو - يرتبط بشرط تمويلي ستتحمله أوروبا، في سياق "ترامبي نموذجي"، حسب تعبيره.
في الختام، يستحضر الكاتب مقولة لرئيس فنلندا ألكسندر ستوب، أحد القادة السبعة المشاركين في القمة، والتي تقول: "تأتي الأزمة أولاً، ثم الفوضى، وفي النهاية نصل إلى حل دون المستوى المطلوب."
ويعلق تاسيناري بالقول: "علينا أن نأمل أن يكون ستوب مخطئاً هذه المرة". ويضيف: الحلول التي تُبحث اليوم وُلدت من مأساة، وربما تكون دون المستوى، لكن الفوضى التي قد تعقب هذه المقترحات، قد تكون لها عواقب مدمرة على أوروبا بأسرها.
"نحن بحاجة إلى لغة جديدة بعد هذه الحرب"
في مقال يحمل عنوان "نحن بحاجة إلى لغة جديدة بعد هذه الحرب"، يشارك الكاتب الإسرائيلي إتغار كيرت تجربته بالمشاركة في وقفة صامتة بتل أبيب، مساء كل سبت، حيث يحمل المشاركون صور أطفال فلسطينيين قُتلوا في غارات إسرائيلية على غزة.
يقول في مقاله على صحيفة نيويورك تايمز: "نقف لساعة كاملة. بعض المارة يتوقفون ليقرأوا الأسماء، وآخرون يطلقون الشتائم ويواصلون طريقهم."
وعلى عكس شعوره بالعجز في الاحتجاجات السياسية العادية، يؤكد كيرت أن لهذه الوقفة الصامتة معنى مختلفاً، موضحاً: "أشعر هنا أنني أقدم شيئاً، ولو بسيطاً؛ فأنا أخلق لقاءً بين طفل ميت ونظرة شخص لم يعرف يوماً بوجود هذا الطفل."
في أحد أيام السبت الأخيرة، كانت الوقفة مشحونة أكثر من المعتاد، بحسب ما يصف، ويضيف: "حدث ذلك بعد انتشار فيديو مروع نشرته حماس، يُظهر الرهينة الإسرائيلي إفياتار ديفيد وهو يُجبر على حفر قبره بيديه."
يروي الكاتب أن أحد المارة، توقف ونظر إليه وقال له بانفعال: "إنه من شعبك. يجب أن تحمل صورته، هو!"، بينما صاحت امرأة أخرى: " هؤلاء الأطفال مجرد صور صُنعت بالذكاء الاصطناعي، ليسوا حقيقيين!"
لكن كيرت، وبحكم الطابع الصامت للوقفة، امتنع عن الرد، رغم رغبته العميقة في النقاش.
هنا، تبدأ لحظة التحول في المقال. فالرجل الغاضب، بعد أن فشل في استفزاز الكاتب للرد، بدأ يتحدث وحده، وكأنه يقرأ منشوراً على فيسبوك أو حواراً داخلي بصوت عال. يتحدث عن الخسارة، والعدو، والبلد، وما آل إليه، والرهائن، وخدمته الاحتياطية، وابن أخيه الذي يقاتل في غزة.
وبرغم التوتر، لاحظ كيرت أن هناك شيئاً مشتركاً بينه وبين هذا الرجل الغريب.
يقول: "كلانا يرى الحكومة عاراً. وكلانا فقد شخصاً ما - وشيئاً من ذاته - خلال الأشهر الـ22 الماضية".
لكن، يوضح الكاتب المفارقة الجذرية: هو يحمل صورة طفل فلسطيني قُتل على يد الجيش الإسرائيلي، بينما يرى الرجل أن هذا الفعل لا معنى له، ولا اسم له.
وفي الختام، يدعو إلى دفع قدراتنا نحو إعادة بناء لغة مشتركة، لغة "تسمّي كل شيء باسمه، حتى إن كان شخصاً يحمل صورة طفل ميت".
"تركيا في مواجهة التمدد الإسرائيلي اللامحدود"
في صحيفة "ديلي صباح" التركية يرسم الكاتب محمد راقي أوغلو ملامح مرحلة جديدة من التمدد الإسرائيلي "اللامحدود" بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما تبعها من إعادة تعريف إسرائيل لمفهوم "الأمن" بما يتجاوز الحدود المعترف بها دولياً.
وبحسب المقال، لم تعد السيادة أو الجغرافيا أو حتى الأعراف الدولية تشكل قيداً أمام السياسة الإسرائيلية عندما يتم رفع شعار "الأمن".
ويصف الكاتب هذا التحول بكونه "استكمالًا لنزعة توسعية تاريخية للصهيونية، كانت سابقاً مضبوطة بردع خارجي، لكنها باتت اليوم أكثر جرأة".
"لقد أعادت إسرائيل احتلال غزة عملياً، وسرّعت من وتيرة ضمّ الضفة الغربية، وكثّفت ضرباتها العسكرية في سوريا ولبنان، بل وأشارت علناً إلى نية ضرب إيران".
يقول راقي أوغلو إن "الاستثنائية الإسرائيلية في هذه المرحلة تتجسد في غياب أي خطوط حمراء جغرافية أو سياسية".
يرى الكاتب أن تراجع الردع العربي، وغياب ردود حازمة من قوى إقليمية كالسعودية ومصر والأردن، أظهر أن تركيا قوة إقليمية لديها الإرادة والقدرة على تعطيل المسار الإسرائيلي الحالي.
ويرى الأمن القومي التركي، كما يشرح الكاتب، أن هذا التمدد يمثل خطراً مباشراً على استقرار سوريا، ويهدد بإعادة إحياء النزعة الانفصالية الكردية، كما يعرض التوازن الجيوسياسي في شرق المتوسط للخطر.
يرصد الكاتب ملامح استراتيجية تركية متماسكة ذات ثلاث ركائز:
لكن رغم هذه السياسة النشطة، يشير راقي أوغلو إلى قيود هيكلية تحكم السلوك التركي: فتركيا دولة عضو في الناتو، وعليها تجنّب المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة أو أوروبا. كما أن التحديات الاقتصادية تحدّ من قدرتها على تحمّل صراع طويل، بحسب رأيه.
يختتم الكاتب تحليله بالتأكيد أن تركيا لا تسعى لفرض نظام إقليمي بديل، لكنها ترفض ترك الساحة لهيمنة إسرائيلية مطلقة.
ويقول: بينما تتآكل خطوط الحدود في التصور الأمني الإسرائيلي، تُعدّ أنقرة اللاعب الإقليمي الوحيد القادر على وضع حدود لهذا التمدد. وهذا بحد ذاته، بحسب راقي أوغلو، تحوّل استراتيجي في توازن القوى بالشرق الأوسط.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 21 دقائق
- العربي الجديد
حينَ ينتصر الذكاء التجاري على الذكاء السياسي
تعاني الدبلوماسية الأميركية، في نظر المتابعين، من تداعٍ لإرثها، وقوّتها التي بناها كبارٌ من أمثال السياسي والمؤرّخ المفكّر جورج كينان (1904- 2025)، بنوا مجدها خلال سنوات الحرب الباردة، وفيهم من شارك في تعزيز المنظّمة الأممية ومبادئها. ها هي الآن، وبعد أن كانت كياناً قائماً ومستقرّاً بتخصّصه في حماية المصالح السياسية الأميركية، وعبر عقودٍ من الإدارات المتعاقبة في البيت الأبيض (ديمقراطيين كانوا أو جمهوريين) صارتْ أخيراً ملفّاً ساخناً من ملفّات التنافس بين الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة. يدور سجال بين المتخصّصين والأكاديميين والدبلوماسيين حول إنْ كان ثمة ضرورة لإحداث إصلاح في جسم الخدمة الخارجية، وهي خدمة لا تشمل وزارة الخارجية وحدها، بل عدداً من الوكالات والهيئات الأخرى التي يتّصل عملها ونشاطها بالخارج. هنالك 270 بعثة دبلوماسية أميركية في الخارج، وعدد موظّفيها يقارب ثلاثين ألفاً. إذا أضفنا باقي هيئاتٍ أخرى، سيصل العدد إلى أكثر من سبعين ألف دبلوماسي وموظّف. لقد شهدتْ وزارة الخارجية الأميركية توسّعاً كبيراً، وتكاد تكون لها ممثلية في كلّ بلد في العالم. ولعلَّ أكثر جهود التوسُّع والانتشار قد تمت بيد الإدارات الديمقراطية. من الواضح أن إدارة الجمهوريين تتعامل بحساسية بالغة تجاه مبادرات الإدارات الديمقراطية المتعاقبة كافّة. لقد اتجهتْ إدارة الرئيس الجمهوري الحالي، ترامب، بقوةٍ إلى إصلاح هياكل وزارة العلاقات الخارجية ومهامها، مدفوعةً بشعارات ابتدعها الرئيس ترامب نفسه، أولها مناداته باستعادة العظمة الأميركية، منطلقاً من هواجس عدائه للإدارة السابقة التي تولّاها الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن. (2) في نظر الرئيس ترامب ومشايعيه، تعاني وزارة الخارجية الأميركية تراجع فعّاليتها خلال السنوات الماضية، أو أنّ الديمقراطيين أضاعوا تلك الفعّالية. وذلك ما استدعى ضرورة إصلاح هياكلها ومهامها. كتب أحد كبار محرّري مجلة فورين بوليسي الأميركية، ماثيو كرونيغ، مقالاً (8/8/2025) نقل فيه قولاً لوزير دفاعٍ أميركي سابق شدَّد فيه على ضرورة توفير ميزانية عالية لوزارة الخارجية، وإلا سيكون لزاماً على وزارة الدفاع العمل على توفير المزيد من الذخائر. يقول كرونيغ إن تخفيض عدد الموظفين في وزارة الخارجية لم يتجاوز الثلاثة آلاف من نحو 80 ألفاً، وأشار إلى أن حوالي 25 إدارة تتواصل مباشرة مع الوزير، وذلك يشكّل عبئاً كبيراً على وزير يدير مجلس الأمن القومي وزارة الخارجية معاً، والأمر يتطلّب تقليص بعض المهام، وإلى أنّ الاهتمام بالقضايا الدولية مثل البيئة والمناخ والتنوّع والإدماج حاز قسطاً أكبر من الاهتمام الأساس والرئيس لتطوير العلاقات الثنائية الخارجية، وأن الحاجة للإصلاح باتت واضحةً، وأنّ التوسّع خلال حقب الديمقراطيين كان كبيرا إبّان رئاستَي بيل كلينتون وباراك أوباما، ووصل حجـم موظّفي العلاقات الخارجية العاملة إلى نحو ثمانين ألفاً. قامت وزارة الخارجية الأميركية بتقليص في الوظائف طاولَ ثلاثة آلاف من موظفيها (ودبلوماسييها) في الشهر الماضي. إنْ تولى الوزير الحالي ماركو روبيو إدارة مجلس الأمن القومي، وأيضاً حقيبة الخارجية، فإن ذلك يمنحه ميزة مناسبة لضبط الإيقاع بين أداء الإدارتين، ويُعزِّز الفعّالية، ويعالج الترّهل الوظيفي، عبر تحقيق التوازن بين الإدارتين. اتجهتْ إدارة ترامب إلى إصلاح هياكل وزارة العلاقات الخارجية ومهامها، مدفوعةً بشعارات ابتدعها الرئيس ترامب نفسه. أولها مناداته باستعادة العظمة الأميركية (3) في السجال الدائر حول سياسات التقليص التي تتبعها إدارة ترامب، كتب رئيس اتحاد الخدمة الخارجية الأميركية (AFSA)، جون دينكلمان، رأياً مغايراً، أشار فيه إلى أنَّ ذلك التقليص الذي ألحقته وزارة الخارجية بهياكلها وموظّفيها، هو جرح أحدثته الوزارة بيديها. فقبل نحو شهر تخلّصتْ الوزارة من حوالي ثلاثة آلاف من جملة عناصرها في الخدمة الخارجية البالغ عددهم نحو سبعين ألفاً. ذلك في نظر رئيس اتحاد الخدمة الخارجية الأميركية أضعف فعّالية وزارة الخارجية، خصوصاً بعد أن ظلّتْ العديد من السفارات الأميركية بلا سفراء، وتدار من قائمين بالأعمال. سفارات مهمّة في قارّة خلتْ من سفراء يديرون أعمالها، فيما تواجه الولايات المتحدة اشتباكات حادَّة مع المارد الصيني، وإدارة ترامب تشعل حرباً تجارية تعارضها الصين بشدَّة. نجيل النظر فنرى الرئيس ترامب يبادر إلى إيجاد تسوية توقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لكن تظلّ السفارة الأميركية في أوكرانيا بلا سفير وتدار بواسطة قائم بالأعمال. يتواصل السجال ويبقى السؤال: ألا تحتاج البعثات الدبلوماسية الأميركية تعزيز فعّاليتها وتقويتها، أم أن لترامب رأياً آخر؟ (4) ليس خافياً على من يتابع أوضاع الدبلوماسية الأميركية، أنّ ترامب يراهن على مستشاريه ومبعوثيه الخاصّين، وجلّهم من مشايعيه من رجال الأعمال في الحزب الجمهوري الحاكم. تجد الملياردير ستيف ويتكوف، الخبير في مجالات العقارات، مبعوثاً خاصّاً للرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط، وتوم برّاك وهو أيضاً ملياردير في مجال العقارات ويجيد اللغة العربية، عيّنه ترامب مبعوثاً خاصّاً للرئيس إلى سورية ولبنان، أمّا صهر ترامب ومستشاره، رجل الأعمال ذو الأصول اللبنانية مسعد بولس، فصار معنياً بملفّ السودان. هؤلاء كلّهم، وآخرون من المليارديرات والأثرياء، الأقرب بذهنياتهم التجارية إلى ذهنية ترامب في حذق إبرام الصفقات، هم في الدائرة الضيّقة للبيت الأبيض. إلا أن تخفيض القوى العاملة في قطاع العلاقات الخارجية، يترك الدبلوماسية المهنية تترنّح إزاء إعطاء الرئيس ظهره لها. ليس ذلك وحده، فوزير الخارجية ماركو روبيو يُكلَّف رئاسة مجلس الأمن القومي، التي ستكون شغله الشاغل، وهكذا سيُكتب لوزارة الخارجية تراجع أشبه بالتهميش الكامل. الدبلوماسية الأميركية صارت ملفّاً ساخناً في صراع الحزبَين، بعد أن كانت مؤسّسة مستقرة تحمي المصالح الوطنية إنَّ تعيينات سياسية من رجالات الحزب الجمهوري في وزارة الدبلوماسية الأميركية، تلقي لوناً من الانحياز الحزبي غير المعهود، الذي قد يلحق ضرراً بطبيعة العمل الدبلوماسي، الذي لا ينبغي أن يتّخذ لوناً حزبياً يناقض المبادئ التي تُلزم الدبلوماسيين بالحياد خدمةً للدولة، وليس لأيِّ حزب سياسي. وهكذا كما نلاحظ، فإنّ الدبلوماسية المهنية تتراجع أمام نوعٍ مِن الدبلوماسية الرئاسية التي يتولّاها دونالد ترامب (ذو التطلّعات غير المحدودة) بنفسه، قاصداً تحقيق شعاره الشعبوي بأن يُعيد للولايات المتحدة عظمتها وعزّتها التي أضاعها الديمقراطيون (بحسب زعمه). (5) إنّ دبلوماسيةً طبيعتها قيد تحوّلات رغبوية، من رئيسٍ مثل دونالد ترامب، ستلقي بظلال كثيفة على الأساليب التي يتّبعها الرجلُ إزاء الأزمات الطاحنة التي تدور في أنحاء العالم، فيما هو طامع بالانفراد، مراهناً على إيجاد حلول لها، متجاوزاً بذلك المنظمة الأممية وميثاقها واتفاقياتها، وكلِّ إلزاميتها. لعلّنا لو أحسنّا النظر سنرى الرجل سـاعياً إلى مجدٍ شخصي يحقّقه لنفسه وعينه باتجاه ستوكهولم، علَّه ينال جائزة نوبل للسلام، أمّا أميركا فلتبحث عمّن يعيد لها عظمتها. في عصرِ الذكاء الاصطناعي، ها نحن ندخل حقبةً عجز فيها المفكّرون والسياسيون والدبلوماسيون عن حلِّ أزمات العالم المتصاعدة، فهل ينجح الذكاء التجاري بعقلية الصفقات والتسويات في تحقيق الأمن والسلم الدوليَّين، فنقول للأمم المتحدة وداعاً؟


القدس العربي
منذ ساعة واحدة
- القدس العربي
روسيا: لن نقبل بقوات حفظ سلام تابعة للناتو في أوكرانيا
موسكو: قال دميتري مدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، إن بلاده لن تقبل بجنود من حلف شمال الأطلسي 'ناتو' باعتبارهم قوات حفظ سلام في أوكرانيا، ولا بمثل هذا الضمان الأمني. وأضاف مدفيديف في منشور على منصة 'إكس' الأمريكية، الأربعاء، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يتخلَّ عن فكرة إرسال قوات إلى أوكرانيا. وأكد أن موسكو أبدت معارضتها بوضوح لإرسال قوات من الناتو إلى أوكرانيا، موضحا: 'لا لقوات الناتو كقوات حفظ سلام. روسيا لن تقبل بمثل هذا الضمان الأمني'. وسخر مدفيديف من ماكرون حيث وصفه بـ'ديك الغال' قائلًا: 'لكنه ديك ضعيف الصوت وبائس، يواصل الصياح لإثبات أنه ملك قنّ الدجاج'، وفق تعبيره. وشهد البيت الأبيض، الإثنين، مباحثات جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني. كما ضمّ الاجتماع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والأمين العام للناتو مارك روته. وجاء اجتماع البيت الأبيض بعد قمّة سابقة جمعت ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة بولاية ألاسكا الأمريكية، حيث بحث الزعيمان سبل وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، والعلاقات الثنائية. وعقب لقائه بالقادة الأوروبيين، قال ترامب إن اجتماعه معهم سار بشكل 'جيد للغاية'، وإنه بدأ التحضيرات لقمّة ثلاثية سيشارك فيها إلى جانب نظيريه الروسي والأوكراني. ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022 تشنّ روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف 'تدخلا' في شؤونها. (الأناضول)


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
ترامب اشترى سندات بأكثر من 100 مليون دولار في 7 أشهر: تضارب مصالح؟
أظهرت إفصاحات رسمية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أجرى مئات من عمليات شراء السندات منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، تجاوزت قيمتها 100 مليون دولار، في خطوة أثارت مجدداً الجدل حول تضارب المصالح بين منصبه واستثماراته الخاصة، وفق رويترز. وبحسب الإفصاح المالي الصادر عن مكتب أخلاقيات الحكومة الأميركية بتاريخ 12 أغسطس/آب، نفذ ترامب نحو 690 عملية شراء لأدوات دين حكومية في 7 أشهر. وتشمل هذه السندات أدوات دين لولايات وبلديات ومقاطعات أميركية، إضافة إلى سندات شركات كبرى مثل كوالكوم، وميتا، وهوم ديبوت، وتي-موبايل، ويونايتد هيلث جروب. وأوضح الإفصاح أن قيمة بعض المشتريات بلغت ما لا يقل عن 500 ألف دولار في كل صفقة، مثل شراء سندات من كوالكوم وهوم ديبوت وتي-موبايل في فبراير/شباط الماضي، بينما اشترى سندات لشركة ميتا بما لا يقل عن 250 ألف دولار لاحقاً. هذه الصفقات، بحسب "بلومبيرغ"، ترفع إجمالي استثمارات ترامب في السندات إلى نحو 103.7 ملايين دولار حتى مطلع أغسطس/آب 2025. وقال ترامب إنه وضع شركاته في صندوق استئماني يديره أبناؤه. لكن الإفصاحات تظهر أن الدخل من هذه الأصول لا يزال يعود إليه، ما يثير انتقادات حول تضارب المصالح. وذكرت رويترز أن ترامب يعد أول رئيس أميركي منذ صدور قانون الأخلاقيات عام 1978 يرفض نقل أصوله إلى صندوق "أعمى" مستقل، بخلاف ما فعله أسلافه. وأشارت "بلومبيرغ" إلى أن بعض هذه السندات تخص قطاعات تأثرت مباشرة بسياسات ترامب الاقتصادية، خصوصاً بعد فرضه رسوماً جمركية هي الأعلى منذ عقود، الأمر الذي وضعه في موقع يجمع بين صانع القرار والمستثمر المستفيد. وحتى مساء اليوم الأربعاء، لم يرد البيت الأبيض على طلبات التعليق بشأن هذه الاستثمارات، وهو ما أبقى باب الجدل مفتوحاً حول مدى التزام ترامب بالفصل بين ثروته الشخصية ومسؤولياته العامة. اقتصاد دولي التحديثات الحية ثروة ترامب تهدد نزاهة منصب" الرئاسة الأميركية" ومنذ صدور قانون أخلاقيات الحكومة الأميركية عام 1978، التزمت الإدارات المتعاقبة بقاعدة غير مكتوبة تقضي بأن يقوم الرئيس ببيع أصوله أو وضعها في صندوق استئماني "أعمى" يديره طرف مستقل، وذلك لتفادي أي تضارب مصالح. وقد باع الرئيس جيمي كارتر مزرعته للفول السوداني بالكامل حفاظاً على الشفافية، بينما وضع كل من جورج بوش الابن وباراك أوباما أصولهما في صناديق استثمارية آمنة. على العكس من ذلك، رفض ترامب الالتزام بهذا التقليد منذ ولايته الأولى، وأبقى على ثروته ضمن سيطرته المباشرة عبر أبنائه. وتقدر ثروة ترامب بنحو 6.4 مليارات دولار، وفق مؤشر بلومبيرغ للمليارديرات. وتتوزع أصوله بين العقارات الفاخرة مثل منتجع مارالاغو في فلوريدا، وحصص في شركات إعلامية مثل شركة ترامب للإعلام والتكنولوجيا، إضافة إلى استثمارات متزايدة في العملات المشفرة التي عززت ثروته بمئات الملايين خلال العامين الأخيرين. ويعكس اختيار ترامب التركيز على السندات سعيه إلى الاستثمار في أداة مالية أكثر أماناً نسبياً مقارنة بالأسهم، إذ تمنحه دخلاً ثابتاً، وتقلل من المخاطر المرتبطة بتقلبات السوق. غير أن شراءه سندات لشركات كبرى مثل كوالكوم وميتا وتي-موبايل، وهي شركات على تماس مباشر بالسياسات الفيدرالية، أثار مخاوف من احتمال استفادته شخصياً من القرارات التي يتخذها بصفته رئيساً، ما يضاعف الجدل حول تضارب المصالح. (رويترز، العربي الجديد)