logo
مأزق التضخم في تركيا... بدائل حكومية لتحسين المعيشة والمعارضة تضغط لزيادة الأجور

مأزق التضخم في تركيا... بدائل حكومية لتحسين المعيشة والمعارضة تضغط لزيادة الأجور

العربي الجديدمنذ يوم واحد

تحول الغلاء في
تركيا
إلى مادة خصبة للمعارضة لتوجيه انتقادات حادة إلى الحكومة وتحقيق مكاسب في الشارع، لا سيما مع مطالبها برفع الحد الأدنى للأجور مجدداً، بعد تراجع
سعر صرف العملة
إلى نحو 39.1 ليرة مقابل الدولار وزيادة تكاليف المعيشة، ما تسبب في التهام زيادة الأجور التي أُقرّت مطلع العام الجاري. في المقابل، ترى الحكومة أن زيادة الأجور، مرة ثانية عام 2025، كما العامين الماضيين، ستعيق تنفيذ برنامج التطوير الاقتصادي وتؤخر الهدف المعلن بكسر حدة التضخم الذي بدأ بالتراجع منذ ثلاثة أشهر.
وقال أوزغور أوزال، رئيس أكبر الأحزاب التركية المعارضة "الشعب الجمهوري"، إن الحزب سيبدأ سلسلة اجتماعات مع ممثلي النقابات والجمعيات العمالية وجمعيات رجال الأعمال، بهدف دراسة النسبة الأنسب لرفع الحد الأدنى للأجور خلال شهر يوليو/تموز المقبل. وأضاف أوزال في تصريحات صحافية أخيراً: "سنستمع لكل الأطراف، وسنحدد النسبة التي تستجيب لتطلعات العمال وتتناسب مع واقع الاقتصاد، وسنضغط على الحكومة لإجبارها على تنفيذ هذه الزيادة.. وسنحصل عليها"، مشيرا إلى أن تحسين معيشة المواطنين ومواجهة التآكل الحاصل في القدرة الشرائية من أولويات المرحلة المقبلة. واعتبر أن الحد الأدنى الحالي لا يلبي الحاجات الأساسية للمواطنين في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم المتواصل.
وكانت تركيا قد رفعت، مطلع العام الجاري، الحد الأدنى للأجور بنسبة 30% ليصل إلى 22 ألفاً و104 ليرات، بينما كان اتحاد العمال قد طالب بوصول هذا الحد إلى نحو 29 ألفاً و583 ليرة.
واعتبر وزير العمل والضمان الاجتماعي في تركيا وداد إشيكهان أن رفع الحد الأدنى للأجور، مرة واحدة العام الجاري، كاف "لأننا نتوقع انخفاضاً في التضخم"، لافتاً، خلال تصريحات رداً على المطالبة برفع الحد الأدنى للأجور مرة ثانية عام 2025، إلى أنه "إذا اقتضت الحاجة، فقد يُحدَّث الأجر في يوليو/تموز المقبل". وأضاف أن الحكومة تهدف إلى الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، مؤكدًا أن عام 2025 سيكون عام تحسن اقتصادي.
وكشف الوزير التركي عن إطلاق "استراتيجية التوظيف" التي تضم 88 بنداً وتستهدف تعزيز التوظيف في الدولة. وأوضح أن الاستراتيجية تركز على التحول الرقمي والأخضر، بالإضافة إلى تحسين التوافق بين المهارات واحتياجات سوق العمل.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
الاقتصاد التركي بين مطرقة التضخم وسندان الفائدة: آمال النمو معلقة
ويرى الخبير الاقتصادي التركي باكير أتاجان أن مطالب المعارضة التركية، "حزب الشعب تحديداً"، يهدف إلى مكاسب سياسية والتفاف الشارع حوله، خاصة بعد "اتهام رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، أبرز مرشحي الحزب للرئاسة، بالفساد"، معتبراً أن تحسين المعيشة هدف الحكومة المستمر، لأن زيادة القدرة الشرائية، فضلاً عن الواجب لرفاهية الأتراك، هي هدف تنموي يزيد حركة الأسواق ويبعدها عن الجمود وملامح الركود التي ظهرت أخيراً.
ويقول أتاجان لـ"العربي الجديد" إن البرنامج الاقتصادي الحكومي يركز على تخفيض نسبة التضخم ليتحسن الواقع المعيشي من دون ضخ أموال في السوق، لأن الاستمرار بحل رفع الأجور يزيد التضخم بدل أن يكسر حدته، مشيراً إلى إجراءات نقدية ومالية صدرت وستصدر بهدف تحسين سعر الصرف، مثل رفع سعر الفائدة، وأن الحكومة تضع أهدافاً محددة، منها زيادة استيعاب طلاب العمل للتخفيض المستمر للبطالة، إلى جانب تخفيض نسبة التضخم وتحسين سعر الليرة والمعيشة.
ويحذر الخبير الاقتصادي التركي من زيادة جديدة للأجور مطلع يوليو/تموز المقبل، لأنها ستكون، برأيه، ذات آثار سلبية بسبب زيادة معروض العملة التركية في الأسواق، ما يؤثر على سعر الصرف ويعيق برنامج الحكومة، وسيستغل التجار الزيادة فيرفعون الأسعار ويفقد العمال أثر الزيادة بعد مدة، في حين أن اللجوء إلى طرق أخرى سيكون أكثر فائدة للعامل والدولة ومؤشرات الاقتصاد، منها دعم المنتجين وخاصة في القطاع الزراعي أو تخفيف الأعباء سواء ضريبية أو أسعار الطاقة والمياه، مشيراً إلى أن التضخم هو التحدي الأكبر للاقتصاد التركي في هذه المرحلة.
وفي حين لم يصدر معهد الإحصاء التركي نسبة التضخم لشهر مايو/ أيار، أصدر البنك المركزي التركي "توقعات التضخم القطاعي" للشهر الجاري، مشيراً إلى انخفاض توقعات التضخم السنوية للأشهر الـ12 المقبلة بمقدار 0.5 نقطة مئوية إلى 25.1% بالنسبة للمشاركين في السوق، وبنحو 0.7 نقطة مئوية إلى 41% بالنسبة للقطاع الحقيقي، وبنحو 0.6 نقطة مئوية إلى 59.9% بالنسبة للأسر. ويتوقع أتاجان أن تبدأ لجنة السياسات النقدية في المصرف المركزي تخفيض سعر الفائدة، لافتاً إلى أن الأجور متوافقة مع نسبة التضخم، وبما أن الأجور تتناسب مع التضخم للعام الجاري، فهذا يجعل مهمة البنك المركزي أسهل لخفض أسعار الفائدة.
وكان معهد الإحصاء التركي قد كشف، الشهر الماضي، عن معدل التضخم لشهر إبريل/نيسان البالغ 37.86%، وهو الأدنى في 40 شهراً. وبنظرة إلى نسبة التضخم خلال الشهرين الماضيين، يلاحظ استمرار التراجع عن شهر مارس/آذار الذي سجل 38.1% وخلال فبراير/شباط الذي وصل إلى 39.05% وهو ما يعزوه مراقبون إلى عودة تركيا إلى رفع أسعار الفائدة المصرفية.
لكن الخبير الاقتصادي التركي أوزجان أويصال يرى أن "ارتفاع التضخم ومستوى الأسعار ليسا مشكلة المواطن التركي، بل إن تحسين معيشته واجب على الحكومة التي لم تضبط التضخم أو تفي بوعد كسر الأسعار، وفق ما وعدت خلال البرنامج الاقتصادي، لذا، لا بد من رفع الحد الأدنى للأجور بما يوازي نسبة التضخم على الأقل". ووفق بيانات اتحاد الصناعات التركية الشهر الماضي، فإن تكلفة المعيشة الشهرية للعامل الواحد ارتفعت إلى 30 ألفاً و617 ليرة تركية، وهو ما يفوق بكثير الحد الأدنى للأجور الصافي البالغ 22 ألفاً و104 ليرة، ما يجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة للعمال وأسرهم.
سيارات
التحديثات الحية
أسعار السيارات المستعملة ارتفعت في تركيا.. فما الأسباب؟
ويرى أويصال أن الحكومة التركية تذهب إلى طرق كلاسيكية لكسر نسبة التضخم، إذ إن استمرار رفع سعر الفائدة، برأيه، يعيق النمو ويؤثر على حركة الأموال وتوظيفها في القطاعات الاقتصادية، متوقعاً خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن تنجح حملة حزب "الشعب الجمهوري"، التي أعلنتها مطلع هذا الأسبوع وتلزم الحكومة وأرباب العمل على رفع الحد الأدنى للأجور للمرة الثانية هذا العام.
وتعتمد الحكومة التركية على رفع سعر الفائدة لتقليل معروض العملة في السوق، وبالتالي التوازن بهدف تحسين سعر الصرف وكسر حدة التضخم، إذ أعلنت لجنة السياسات النقدية في المصرف المركزي، الشهر الماضي، رفع سعر الفائدة من 42.5% إلى 46%، متعهدة باستمرار مراقبة سعر الصرف ونسبة التضخم ليكونا مؤشر قرار سعر الفائدة لجلسة اللجنة المقبلة في 19 يونيو/حزيران.
وتبقي عين السلطات التركية على نسبة النمو المتراجعة، وعودتها إلى ما كانت عليه عام 2021 وقت وصلت إلى 5%، قبل أن تتراجع عام 2023 إلى نحو 4.5%، وإلى نسبة 3.2% العام الماضي، وتزيد التوقعات بالتراجع العام الجاري، ما يهدد آمال الحكومة وتوقعاتها التي طرحتها خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي العام الماضي.
وكانت المفوضية الأوروبية قد توقعت في تقريرها "التوقعات الاقتصادية لربيع 2025" أن يشهد الاقتصاد التركي تباطؤاً في النمو خلال عام 2025، في ظل استمرار حالة عدم اليقين السياسي وتقلبات الأسواق المالية، رغم إجراءات الاستقرار الاقتصادي التي تبنتها أنقرة، بينما توقعت تعافياً في 2026.
ويقول تقرير المفوضية إن معدل النمو، الذي بلغ 3.2% في عام 2024، سيتراجع إلى 2.8% في عام 2025، قبل أن يرتفع مجدداً إلى 3.5% في 2026. ويُعزى هذا التباطؤ إلى ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية، ما أدى إلى تراجع الاستثمار الخاص، إضافة إلى توقعات بتباطؤ تكوين رأس المال الثابت مع نهاية مرحلة إعادة الإعمار بعد زلزال 2023.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فواكه استوائية تزين واجهات أسواق سوريا: زمن الخوف من الأناناس انتهى
فواكه استوائية تزين واجهات أسواق سوريا: زمن الخوف من الأناناس انتهى

القدس العربي

timeمنذ 4 ساعات

  • القدس العربي

فواكه استوائية تزين واجهات أسواق سوريا: زمن الخوف من الأناناس انتهى

في سوق الشعلان في دمشق في 26 مايو2025. ا ف ب دمشق: فوق رفوف خشبية صغيرة في سوق الشعلان وسط دمشق، تصطف حبّات المانغا والكيوي والأناناس بألوانها الزاهية، في مشهد لم يعتده السوريون إبان الحكم السابق، الذي صنّفها ضمن السلع الكمالية، وعرقل استيرادها، وعاقب بائعيها. أمام واجهة محله، حيث يعرض مختلف أنواع الفواكه والخضار، يقول مروان أبو هايلة (46 عاماً): 'لم نعد نخبئ الأناناس، نضعه اليوم على الواجهة بشكل علني… زمن الخوف من الأناناس انتهى'. اعتُبرت الفواكه الاستوائية رمزًا للرفاهية، حيث صنّفتها السلطات ضمن الكماليات، وعرقلت استيرادها إطار سياسة خفض فاتورة الاستيراد والحفاظ على العملة الصعبة ويتابع، مبتسمًا: 'الأناناس والكيوي والمانغا كانت كلها فواكه مفقودة وسعرها مرتفع للغاية'، مضيفًا: 'كنا نحضرها عن طريق التهريب'. طيلة عقود، اعتُبرت الفواكه الاستوائية رمزًا للرفاهية في سوريا، حيث صنّفتها السلطات- وفق تجار- ضمن الكماليات. وعرقلت استيرادها من الخارج في إطار سياسة خفض فاتورة الاستيراد والحفاظ على العملة الصعبة، فضلًا عن دعم الإنتاج المحلي. وكانت تعاقب من يعرضها للبيع بالغرامات المالية، وأحيانًا بالسجن، ما جعل وجودها يقتصر على موائد الأثرياء. واعتاد التجار إيجاد طرق بديلة لجلب تلك الفواكه، التي كانت أشبه بعملة نادرة. يروي أبو هايلة: 'كنا نحضرها عبر طرق التهريب من خلال السائقين، على غرار البنزين والمازوت'، الذي اعتاد السوريون تهريبه من لبنان المجاور في ظل أزمة اقتصادية خانقة وعقوبات حالت دون الاستيراد. ويضيف: 'كانوا أحيانًا يخبئونها داخل محرك السيارة، وبكميات قليلة'. وبعدما كان سعر كيلوغرام الأناناس يلامس عتبة 300 ألف ليرة (نحو 23 دولارًا)، العام الماضي، انخفض حاليًا إلى حوالى أربعين ألفًا (نحو أربعة دولارات). ويقول البائع بينما يعاين زبائنه حبّات الفواكه الناضجة تحت أشعة الشمس الحارقة: 'البضاعة نفسها والجودة نفسها، لكن السعر اختلف كثيرًا'، مضيفًا: 'بات الأناناس مثل البطاطا والبصل'، وهما من الخضروات الشعبية في سوريا. عبر شاشة التلفزيون ويربط الباعة، وحتى الزبائن، بين توافر الفواكه والتغيرات السياسية التي طرأت على البلاد منذ وصول السلطة الجديدة، إثر الإطاحة بالحكم السابق في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، مع تدفّق سلع ومنتجات لطالما كانت محظورة أو نادرة. فالدولار، الذي كان مجرد تداوله، أو حتى التلفّظ باسمه، ممنوعًا ويُعاقب عليه القانون، بات اليوم متداولًا على نطاق واسع. وتجوب سيارات حديثة الطراز الشوارع، كما أصبح الوقود- الذي عانى السكان من شحّه لسنوات- متوافرًا. ويقول البائع أحمد الحارث (45 عامًا) إن الفواكه التي كانت 'أصنافًا نادرة وسعرها مرتفعًا للغاية، انهارت أسعارها بعد سقوط النظام'. وباتت حبّات الأفوكادو والأناناس والكيوي والموز الصومالي اليوم في متناول السوريين إلى حد كبير، بحسب قوله، بعدما كان سعر الحبة الواحدة يعادل راتب موظف. بعدما كان سعر كيلوغرام الأناناس يلامس عتبة 300 ألف ليرة (نحو 23 دولارًا)، انخفض حاليًا إلى حوالى أربعين ألفًا (نحو أربعة دولارات) وكانت دوريات الجمارك والأجهزة الأمنية تداهم المحال، ما دفع الباعة إلى التعامل مع هذه الفواكه كسلع تُباع في الخفاء وعلى نطاق محدود، خوفًا من الملاحقة. وتقول طالبة الطب نور عبد الجبار (24 عامًا): 'كنت أرى الفواكه الاستوائية على شاشة التلفزيون أكثر مما أراها في السوق'. وتضيف ساخرة: 'الأناناس من حقّ الجميع، حتى لو أن بعضهم لا يعرف كيفية تقشيره'. لكن في بلد أنهكته الحرب منذ العام 2011، واستنزفت اقتصاده، وجعلت تسعين في المئة من سكانه تحت خط الفقر، لا تزال أصناف الفاكهة تلك تُعدّ كماليات بالنسبة لسوريين يكافحون من أجل تأمين قوتهم اليومي، في ظل تراجع قدرتهم الشرائية، وعدم تمكّن السلطات من دفع عجلة التعافي الاقتصادي بعد. وتُقرّ ربة المنزل إلهام أمين (50 عامًا)، بينما كانت تشتري الخضار لإعداد وجبة الغداء، بأن 'واجهات المحال باتت ملوّنة أكثر وتغري الزبائن بالشراء'. لكنها رغم ذلك، لا تزال غير قادرة على شراء الفواكه عمومًا، وتجنّب أطفالها المرور أمام تلك الواجهات لئلا 'تُثير شهيتهم'. وتقول: 'الأوضاع المعيشية صعبة، ويُعدّ الأناناس من الكماليات ورفاهية لعائلة مثل عائلتنا'. (أ ف ب)

بنك بريطاني: الدولار مهدد بانخفاض كبير في 2026
بنك بريطاني: الدولار مهدد بانخفاض كبير في 2026

العربي الجديد

timeمنذ 5 ساعات

  • العربي الجديد

بنك بريطاني: الدولار مهدد بانخفاض كبير في 2026

حذر بنك ستاندرد تشارترد البريطاني في مذكرة بحثية من احتمال تعرض الدولار الأميركي لانخفاض كبير خلال عام 2026، في حال فشلت سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تعزيز النمو الاقتصادي، واستمرت الديون الحكومية والخارجية للولايات المتحدة في الارتفاع بشكل متزامن. لافتاً إلى أن تآكل ثقة المستثمرين الأجانب قد يسرع هذا الانخفاض الكبير المحتمل. وجاء التحذير في وقت يزداد فيه القلق من ارتفاع مستويات الدين العام الأميركي ، وتراجع قدرة الاقتصاد الأميركي على امتصاص آثار الحزم المالية الضخمة التي أطلقتها إدارة ترامب خلال ولايته الثانية، خاصة مشروع قانون الضرائب الجديد الذي قد يضيف تريليونات الدولارات إلى الدين من دون مردود اقتصادي ملموس. وهو ما قد يجعل الدولار أكثر هشاشة في مواجهة فقدان محتمل لثقة المستثمرين الأجانب. وقال رئيس أبحاث العملات في مجموعة الدول العشر الكبرى بالبنك، ستيف إنجلاندر، في المذكرة البحثية التي صدرت الثلاثاء، بحسب بلومبيرغ، إن تزايد الديون الخارجية والداخلية الأميركية معاً، يضع الدولار وسندات الخزانة تحت ضغط متصاعد، في ظل تراجع المدخرات الوطنية وتنامي الاعتماد على رؤوس الأموال الأجنبية لتمويل العجز، مضيفاً: "إذا تعثر الاقتصاد أو الأسواق المالية، فإن مخاطر انخفاض الدولار ستكون أكبر كلما ارتفعت التزامات الولايات المتحدة الخارجية". اقتصاد دولي التحديثات الحية ترامب يصوب رسومه ضد أوروبا.. تجارة واستثمارات ضخمة في خطر وأوضح إنجلاندر أن الأسواق قد تشهد تحركاً حاداً في سعر صرف الدولار في حال تواصلت السياسات التجارية والضريبية بشكل "غير منضبط"، خاصة أن المستثمرين الدوليين باتوا أكثر حساسية تجاه مؤشرات الاستدامة المالية في الولايات المتحدة، مع تراكم الالتزامات الخارجية. وأشار إلى أن السياسات الجمركية والضريبية لإدارة ترامب فشلت حتى الآن في إقناع المستثمرين بجدواها، بل سبّبت فقدان الثقة النسبي في استقرار الأصول الأميركية، وسط تزايد المخاوف من أن يؤدي مشروع قانون الضرائب الجديد إلى تراكم ديون إضافية من دون عوائد حقيقية. وأشارت المذكرة البحثية إلى أن إدارة ترامب تنفذ حالياً سياسات جمركية وضريبية مكثفة، سبّبت اضطراب الأسواق وتقلبات متكررة في أداء الدولار وسندات الخزانة الأميركية، رغم تعهد ترامب بإعادة التفاوض على الاتفاقات التجارية ورفع معدلات النمو الاقتصادي. وحذرت من أن تأثير مشروع قانون الضرائب الضخم قد يكون قصير الأجل، إذ من المرجح أن تبدأ فوائده بالانحسار منتصف عام 2026 أو مع حلول 2027، ما يفتح الباب أمام عودة المخاوف من تدهور النمو وارتفاع تكاليف التمويل العام والخاص في آن واحد. ووفقاً للمذكرة، فإن استمرار السياسة المالية التوسعية من دون نتائج ملموسة قد يؤدي إلى ما وصفه إنجلاندر بـ"الإفلاس الفعلي عبر التضخم"، وهو ما يعني أن الحكومة الأميركية، وإن لم تعجز عن سداد ديونها من حيث الشكل، قد تُضطر إلى خفض القيمة الحقيقية للديون عبر ارتفاع الأسعار، مما يرفع "علاوة المخاطر" على السندات الأميركية ويزيد من كلفة الاقتراض. وأشار إنجلاندر إلى أن هذا السيناريو قد يصبح مرجحاً في حال لم يتم كبح مسار الدين العام، خصوصاً أن المستثمرين قد يطلبون عوائد أعلى لتغطية مخاطر التضخم، وهو ما سيؤثر بدوره على النمو الاقتصادي ويقلص جاذبية الدولار بوصفه عملة احتياطية عالمية. أسواق التحديثات الحية ارتفاع الدين الأميركي يربك الأسواق.. هبوط الدولار والنفط والأسهم ولا يزال المستثمرون الأجانب مترددين في التخلي عن الدولار بوصفه ملاذاً آمناً، بانتظار اتضاح أثر السياسات الحالية على الاقتصاد الأميركي. إلا أن استمرار هذه السياسات من دون نتائج ملموسة، مع تحسن آفاق النمو في مناطق أخرى كالصين وأوروبا، قد يؤدي إلى تراجع كبير في الطلب العالمي على الدولار، بحسب ما خلصت إليه المذكرة البحثية للبنك. وفي ظل هذه المؤشرات، يُتوقع أن يخضع الدولار لاختبار حقيقي في السنوات المقبلة، خاصة إذا لم تقم الإدارة الأميركية بإصلاحات مالية وهيكلية حقيقية تحد من تفاقم العجز، وتستعيد ثقة المستثمرين العالميين. والأسبوع الماضي، توقع بنك مورغان ستانلي استمرار ضعف الدولار، مع انحسار تفوق النمو الاقتصادي الأميركي على الاقتصادات الأخرى، ما يدفع المستثمرين إلى تجنب العملة الخضراء، ورفع البنك توصيته بشأن الأسهم وسندات الخزانة الأميركية، وسط توقعات بأن تؤدي سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة المستقبلية من بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي إلى دعم سوق السندات، وتعزيز أرباح الشركات، بينما توقع استمرار ضعف الدولار. ويتوقع الخبراء الاستراتيجيون أن تبقى عوائد سندات الخزانة الأميركية ضمن نطاق ضيق حتى الربع الأخير من العام الجاري، قبل أن يبدأ المستثمرون بتسعير مزيد من التخفيضات المرتقبة لأسعار الفائدة خلال 2026. ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى هبوط عائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 3.45% بحلول الربع الثاني من العام المقبل، وفقاً لما ورد في المذكرة الصادرة بتاريخ 20 مايو/أيار الجاري.

محلل سياسي: لماذا لا يعني تفكيك البرنامج النووي الإيراني اندلاع حرب؟
محلل سياسي: لماذا لا يعني تفكيك البرنامج النووي الإيراني اندلاع حرب؟

القدس العربي

timeمنذ 9 ساعات

  • القدس العربي

محلل سياسي: لماذا لا يعني تفكيك البرنامج النووي الإيراني اندلاع حرب؟

واشنطن: حدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما سوف يفعله ويقبله فيما يتعلق بالتعامل مع إيران. وقال في مقابلة في الرابع من شهر مايو/أيار الجاري، إنه لن يقبل إلا 'بالتفكيك الكامل' للبرنامج النووي الإيراني في نقطة النهاية لأي اتفاق مستقبلي مع طهران. ومن المؤكد أن التفكيك يعد مطلبا قاسيا بالنسبة للنظام الإيراني، حسبما قال المحلل السياسي جاناتان سايه. وقال سايه، وهو محلل أبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، حيث يركز على الشؤون الداخلية الإيرانية والتأثير الإقليمي الضار للجمهورية الإسلامية، إن طلب التفكيك ليس المسار الصحيح فحسب، ولكن أيضا الاستراتيجية الوحيدة القابلة للتطبيق، إذا كان الرئيس ترامب يأمل في تحقيق حل دبلوماسي دائم للأزمة النووية. ولن تحسم الإجراءات الجزئية غير الحازمة هذا الأمر، ولن يؤدي مواصلة السعى للتفكيك حتما إلى اندلاع حرب. وأضاف سايه في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، أنه من أجل بناء قوة تفاوضية ضرورية لتحقيق هذه النتيجة، تواصل الإدارة الأمريكية بشكل صحيح حملتها الخاصة بالضغوط القصوى، التي كان قد تم إطلاقها عام 2018 لخفض عائدات طهران من النفط وعزل البنوك الإيرانية عن الشبكة المالية العالمية. ومنذ شهر فبراير/ شباط، فرضت إدارة ترامب أكثر من سبع جولات من العقوبات التي استهدفت أسطول الظل الإيراني وكيانات صينية تستورد النفط الخام الإيراني غير المشروع ومنتجات بترولية أخرى. وكان لهذه الإجراءات بالفعل تأثير، ويواجه الآن الإيرانيون المستاءون جراء التراجع التاريخي لقيمة الريال الإيراني إلى أكثر من مليون مقابل الدولار في شهر مارس/ آذار، تضخما يرتفع إلى أكثر من 3%على أساس شهري فيما يقترب المعدل السنوي من 40%. ومن جهة أخرى، قلصت حملة إسرائيل ضد حماس وحزب الله وانهيار نظام بشار الأسد والهجمات الجوية الأمريكية على الحوثيين بشكل كبير النفوذ الإقليمي للجمهورية الإسلامية الإيرانية. ويعطي الضعف الذي أصاب طهران جراء ذلك، الولايات المتحدة نفوذا غير مسبوق في المفاوضات النووية. ولكن كثيرين في واشنطن دقوا ناقوس الخطر، قائلين إن التفكيك هدف غير واقعي سوف ترفضه طهران، ومن ثم استفزاز اندلاع حرب إذا ما واصلت إدارة ترامب تهديداتها. ومع ذلك، ثبت عدم صحة تحذيرات شديدة مماثلة تم إطلاقها خلال ولاية ترامب الأولى. وصوّر هؤلاء المنتقدون بشكل روتيني سياسات ترامب الخاصة بالشرق الأوسط بأنها نذر لاندلاع حرب إقليمية كبيرة، ولكن تلك التوقعات لم تتحقق مرارا وتكرارا. وجاء المثال الأبرز على هذه الظاهرة في عام 2020، عندما قامت الولايات المتحدة بتصفية قاسم سليماني قائد فيلق القدس، الذراع الخارجي للحرس الثوري الإيراني لتنفيذ عمليات إرهابية في الخارج. وأجج مثيرو الذعر بسرعة الفزع وسيطرت التغطية المثيرة للمخاوف على وسائل الإعلام. واستثمر المرشحون الديمقراطيون للرئاسة في عام 2020 هذا الشعور بالذعر. وحذر جو بايدن من أن الولايات المتحدة تقف على شفا صراع كبير في الشرق الأوسط. وبالمثل زعم عضوا مجلس الشيوخ بيرني ساندرز واليزابيث وارين أن الهجوم سوف يؤدي إلى حرب كارثية والمزيد من الوفيات في المنطقة. ومما لاشك فيه أن الرد الفعلي للجمهورية الإسلامية، التي أطلقت العشرات من الصواريخ الباليستية ضد قاعدة عين الأسد الجوية العسكرية الأمريكية في العراق، كان تاريخيا. وترددت تقارير بأنه الهجوم الصاروخي الباليستي الأكبر على قوات أمريكية حتى الآن. ولكنه كان مع ذلك معتدلا. وأبلغ الحرس الثوري الإيراني مسبقا واشنطن عبر وسطاء عراقيين بهجومه الانتقامي. وفي الحقيقة، كان الهجوم لا يهدف سوى إلى حفظ ماء الوجه، وإشارة إلى أن القواعد الأمريكية تقع في مرمى صواريخ إيران. ولم تندلع حرب بعدما انسحب ترامب عام 2018 من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي). وبينما لم تبدأ إيران في توسيع برنامجها النووي عقب الانسحاب، لم تحدث زيادة تسريع وتيرة البرنامج النووي إلا بعد فوز الرئيس جو بايدن في انتخابات شهر نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020. وبدأ النظام الإيراني في نشر أجهزة الطرد المركزي المتقدمة وتخصيب اليورانيوم إلى مستويات بنسبة 60% في عام 2021، وحتى لنسبة 84% لفترة قصيرة في 2023، وهي النسبة التي تقل بقليل عن نسبة التخصيب لصنع أسلحة أو 90%. وكان تصنيف الحرس الثوري الإيراني في شهر أبريل/ نيسان عام 2019 كمنظمة إرهابية أجنبية سياسة أخرى تجاه إيران محل نزاع إبان حكم ترامب في ولايته الأولى. وشارك الكثير من مؤسسة الأمن الوطني أيضا مخاوف من أن هذا التصنيف سوف يعرض القوات الأمريكية في العراق للخطر. ولم تثبت الأحداث عقب التصنيف صحة هذه المخاوف. ورغم زيادة الاستفزازات الإيرانية في شهر مايو/ أيار عام 2019، بما في ذلك هجمات على ناقلات النفط واستئناف الهجمات على المواقع الأمريكية في العراق، أثبت رد طهران أنه مقيد، حيث فشل في أن يحدث ضررا كبيرا بأهدافه. وبالمثل، تزامنت هذه الأعمال مع حملة واشنطن الاقتصادية المتصاعدة التي تستهدف النفط والصادرات المعدنية الصناعية الإيرانية. وتسببت هذه الإجراءات في أضرار اقتصادية ملموسة، بينما لم يكن تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية أجنبية، رغم أنه قوي من الناحية الرمزية، المحرك الرئيسي للسلوك الإيراني. وعندما وعد ترامب في عام 2016 بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ، حذر الرئيس الأسبق باراك أوباما من أن هذه الخطوة سوف تفضي إلى عواقب وخيمة. ومع ذلك، فبدلا من أن يشعل نقل السفارة صراعا أوسع نطاقا، أعقبته بعد ذلك بعامين انفراجة دبلوماسية. ففي عام 2020، قامت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب الاتفاقات الإبراهيمية التاريخية. وتابع سايه أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تستعد دائما للأحداث الطارئة عندما تواجه خصوما مثل إيران. وتتمثل الاستراتيجية الأكثر انهزامية للذات في السماح بردع واشنطن، ليس من جانب طهران، ولكن من خلال ترددها. وظلت ردود الجمهورية الإسلامية مقيدة بشكل كبير لتجنب تجاوز الخطوط التي تثير مواجهة عسكرية مباشرة، ويتجاهل هذه الحقيقة منتقدون يصورون طلب ترامب بتفكيك البرنامج النووي الإيراني بأنه استفزار خطير لا يمكن قبوله. واختتم سايه تقريره بالقول إن نتائج التحركات عالية المخاطر السابقة تظهر أن موقفا حازما يمكن أن ينتزع تنازلات بدون التصعيد إلى صراع. وأن ذلك بالضبط هو السبب في أن تفكيك البرنامج النووي الإيراني ليس مرغوبا فيه فقط، ولكن يمكن تحقيقه، وأن الاكتفاء بما هو أقل من ذلك سوف يهدر لحظة نادرة لبسط النفوذ الأمريكي. (د ب أ)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store