
الخبراء يجمعون على التداعيات الايجابية للبنان لرفع العقوبات عن سورية الخوري للديار :لبنان سيشعر سريعا بتأثير هذا التحول
تستمر الأصداء الإيجابية وتتواصل ردود الفعل المرحبة بإعلان الرئيس الأميركي رفع العقوبات المفروضة على سورية، في خطوة مفاجئة تأتي بعد مشاورات أجراها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفق ما أعلنه في خطابه.
وقال ترامب خلال كلمته، إن القرار يهدف إلى "منح الشعب السوري فرصة جديدة"، مشيرا إلى أن النقاش حول هذا الملف تم بشكل مباشر مع القيادة السعودية التي أدّت دورا محوريا في الوصول إلى هذه الخطوة.
الخبراء و المحللون والسياسيون يجمعون على أن لهذه الخطوة البالغة الأهمية تداعيات إيجابية ليس فقط على الاقتصاد السوري والليرة السورية التي شهدت تحسناً فور إعلان القرار بل تشمل أيضاً الاقتصاد اللبناني نظراً الى ارتباط البلدين جغرافياً بالدرجة الأولى واقتصادياً بالدرجة الثانية، وكما كان لفرض العقوبات تأثير سلبي في لبنان من المغترض أن يكون لرفع هذه العقوبات تأثير إيجابي على لبنان.
فمنذ بداية الحرب عام 2011، فرضت الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات على الحكومة السورية وعلى الرئيس السوري السابق بشار الأسد وعدد من أفراد عائلته وشخصيات وزارية واقتصادية في البلاد.
وفي العام 2020، دخلت مجموعة جديدة من العقوبات حيز التنفيذ بموجب قانون "قيصر" استهدفت العديد من أفراد عائلة الأسد والمقربين منه، بينهم زوجته أسماء الأسد، بما يشمل تجميد أصولهم في الولايات المتحدة.
في قراءة شاملة لرفع العقوبات عن سورية وتداعياته، رأى الباحث الأكاديمي والخبير في الشؤون المالية والاقتصادية وعميد كلية الإدارة والأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري في حديث للديار، أن تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الوقت قد حان لرفع العقوبات الأميركية عن سورية لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي والدولي المتغير، ولا عن التحول الكبير في بنية النظام السوري بعد سقوط بشار الأسد ووصول الرئيس أحمد الشرع، أحد قادة المعارضة، إلى الحكم في دمشق، معتبراً أن هذا التغيير أتاح للإدارة الأميركية الحالية فرصة لإعادة صياغة علاقتها بسورية وفق منطق جديد يوازن بين المصالح الاستراتيجية والاعتبارات الاقتصادية، خصوصًا في ظل منافسة محتدمة مع روسيا والصين على النفوذ في المنطقة.
ووفقاً للخوري الرغبة في رفع العقوبات ليست انعطافة عاطفية أو انفعالية، بل تستند إلى اعتبارات براغماتية، أبرزها محاولة الاستثمار في التحول السياسي الذي حدث، واستباق القوى الأخرى الساعية إلى ملء الفراغ الاقتصادي واللوجستي في سورية الجديدة، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية ترى أن إبقاء العقوبات كما هي يفقد واشنطن قدرتها على التأثير في المرحلة الانتقالية ويترك الباب مفتوحًا أمام الحلفاء السابقين للأسد لإعادة التموضع عبر بوابات مختلفة.
لذلك يرى الخوري أن رفع العقوبات يمكن أن يكون أداة ضغط إيجابية لدعم استقرار النظام الجديد، وتحفيزه على تبني إصلاحات وسياسات اقتصادية تتوافق مع الرؤية الاميركية مؤكداً أن القرار، في حال ترجم إلى خطوات تنفيذية، سيحمل أثرًا كبيراً في الاقتصاد السوري المنهك وتحرير الاقتصاد من قيود العقوبات سيسمح بعودة تدريجية للاستثمارات، وبتحريك عجلة إعادة الإعمار عبر الشركات الخليجية والأوروبية التي كانت تنتظر هذا الإطار القانوني للدخول.
في المقابل يشير الخوري إلى أن الحكومة الجديدة ستحتاج إلى آليات رقابة صارمة لتفادي تحول هذه التدفقات المالية إلى أدوات لإعادة إنتاج الفساد أو هيمنة مجموعات المصالح.
سياسيًا يقول الخوري : رفع العقوبات سيشكل إشارة ضمنية إلى الاعتراف الأميركي بشرعية الحكومة الجديدة، وسيمهد لتطبيع تدريجي في علاقاتها مع العواصم الغربية، بشرط أن تُظهر التزامًا واضحًا بعزل نفسها عن المجموعات المتشددة.
لكن في الداخل السوري أردف الخوري قد لا يمر الأمر بسهولة، فالتفاهمات السياسية التي أفرزت النظام الجديد لم تطوِ كل الخلافات، لافتًا ان بعض القوى التي شاركت في الثورة ولكن لم تنخرط في التسوية السياسية قد ترى في الانفتاح الأميركي انحيازًا مبكرًا وغير مشروط، كما أن الفصائل المتطرفة ستجد في رفع العقوبات مادة دعائية لتشويه النظام الجديد واتهامه بالتبعية.
لذلك يعتبر الخوري أن التعاطي مع هذا القرار يتطلب توازنًا داخليًا دقيقًا من قبل السلطة الجديدة، يمنع اهتزاز الشرعية الشعبية التي بدأت لتوّها في التشكّل.
أما بالنسبة لتداعيات رفع العقوبات عن سورية على لبنان، الذي يشترك في الجغرافيا والاقتصاد والتاريخ مع سورية، فيؤكد الخوري ان لبنان سيشعر سريعاً بتأثير هذا التحول، فالتبادل الحدودي سيصبح أكثر مرونة، والأسواق اللبنانية قد تجد متنفسًا لتصريف منتجاتها، والقطاعات التي تعتمد على سورية كممر أو مزوّد ستنتعش تدريجيًا"، والأهم من ذلك هو ملف النازحين، حيث يعمل من رفع العقوبات ان تشكل خطوة تهيئ الأرضية لعودة منظمة للجزء الاساسي منهم.
من الناحية القانونية يشرح الخوري : لا يستطيع الرئيس الأميركي رفع العقوبات المفروضة بموجب قوانين صادرة عن الكونغرس مثل قانون قيصر دون المرور عبر السلطة التشريعية، و ما يمكنه فعله هو استخدام صلاحياته التنفيذية لتعليق بعض البنود أو توسيع نطاق الإعفاءات، خصوصًا الإنسانية والاقتصادية. لكن الإلغاء الكامل يتطلب توافقًا سياسيًا داخل الكونغرس، وهو ما لن يكون سهلًا في ظل الانقسام الحاد في المؤسسة التشريعية، وضغط مجموعات الضغط المرتبطة بالملف السوري.
و لفت الخوري إلى أن التحديات لا تقتصر على الداخل الأميركي، فرفع العقوبات دون تنسيق أوروبي أو من دون إطار دولي واضح قد يؤدي إلى تباينات بين الحلفاء ويضعف مصداقية الخطوة، كما أن بعض الدول الإقليمية قد لا ترى في النظام الجديد حليفًا مضمونًا بعد، مما يبطئ مسار التطبيع الشامل، مشيراً إلى أن الجدول الزمني لتنفيذ القرار بشكل كامل سيعتمد على تطور التوازن داخل الكونغرس، ومدى التزام سورية الجديدة بتنفيذ خطوات إصلاحية، "وقد يستغرق بين ستة أشهر إلى عام ونصف ليتحول من واقع سياسي إلى واقع فعلي ملموس".
ويختم الخوري بالقول: ما قاله ترامب ليس مجرد مبادرة رمزية، بل هو كإعلان نيات لسياسة جديدة تجاه سورية وامتداداتها، سياسة تقوم على مزيج من الانفتاح المشروط، والدعم الانتقائي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
الأفضل لسورية... التطبيع أم التقطيع؟
بامتياز، نحن أمة الضلال والتضليل (الأمة الضالة بدل الفئة الضالة). عبثًا نبحث عن شاشة لا تقدس أولياء أمرها، وأولياء أولياء أمرها، ولو كانوا بمواصفات الذباب أو بمواصفات الذئاب، وتلعن خصومهم ولو كانوا في قبورهم من ألف عام... على مدى سنوات طويلة، كنا مع النظام في سورية (لمن يعرف ما معنى دمشق، وما روح دمشق). لم نلاحظ العفن الذي كان يأكل الوجوه، بعد تلك السنوات الطويلة من عبادة الفرد، وهي ظاهرة تنتقل من جيل الى جيل، ومن رجل الى رجل، كما كنا نتغاضى عن الأداء الوحشي لأجهزة الاستخبارات، التي كانت تمثل ذروة الأمية وذروة الغباء. ذات مرة قلت لوزير الاعلام "كل الصور التي تنشر للرئيس بشار الأسد ولضيوفه، يبدو وهو يتكلم ويلوّح بيديه (يدي الأستاذ أو يدي المايسترو) فيما جليسه، ولو كان فلاديمير بوتين أو آية الله خميني، يصغي كما التلميذ المنبهر بعبقرية استاذه". الوزير استجاب وأمر بتنويع الصور. ردة فعل أجهزة الاستخبارات كانت مروعة (مؤامرة على سيادة الرئيس). هذه ظاهرة كلاسيكية في الأنظمة الثورية. خلال القمة العربية في مدينة فاس المغربية، كان المركز الاعلامي عبارة عن قاعة دائرية زجاجية. رجال الاستخبارات العراقية لم يتركوا سنتيميتراً من الجدران الزجاجية، الا وغطوه بصور الرئيس صدام حسين. في سورية، كل سيارة، ولو كانت سيارة الاسعاف، ينبغي أن تحمل صورة الرئيس بشارالأسد، أو الصورة الثلاثية للرئيسين حافظ وبشار وبينهما باسل، دون أن نعرف ما مزايا الأخير، لكي يطلق اسمه على الملاعب الرياضية وعلى الساحات. العدوى انتقلت الى لبنان، تمثال له في مدينة شتورة، وهو يمتطي حصانه بقبعة الفيلدمارشال فيليب مونتغمري. لكننا وبالصوت العالي كنا مع النظام وهو يتداعى من الداخل، لأنه كان ضد "اسرائيل"، وكان يمد يد العون الى المقاومة في لبنان، ودون أن يكون صحيحاً ما يشاع حول علاقة مع "اسرائيل"، لو كان الأمر كذلك لما كان الحصار القاتل. وزير للنقل في عهد الأب أخبرني "بقينا 8 أشهر نبحث عن عجلة لطائرة بوينغ دون جدوى، الى أن حصلنا عليها ولكن بطريقة ملتوية". منذ ايام أعلن مكتب رئيس الوزراء "الاسرائيلي" بنيامين نتنياهو استعادة 2500 وثيقة وصورة، وأغراض شخصية لايلي كوهين، الجاسوس "الاسرائيلي" الذي أعدم في ساحة المرجة عام 1967، بعدما تنكر بشخصية مغترب سوري في الأرجنتين، وتمكن من اختراق المنظومة القيادية في سورية. "الموساد" أصدر بياناً أوضح فيه أن ما حدث كان نتيجة عملية سرية، نفذها جهاز العمليات الخاصة في "الموساد" مع جهاز شريك استراتيجي، دون أن يوضح هوية ذلك الشريك (أميركي أم تركي؟). القاصي والداني يدرك مدى الهلهلة في أجهزة الاستخبارات السورية، مال ونساء، كل ذلك السلاح الذي دخل الى البلاد وفجّر الحرب فيها، جرى تهريبه بالمال. الآن، يحكى الكثير عن الأجهزة التي تنتشر في المواقع السورية الحساسة. وفي هذا الاطار شراء قادة الفصائل، أبعد من ذلك بكثير... ضلال وتضليل. نعلم أن قناة "الجزيرة" معادية لنظام الاسد، هذه مسألة طبيعية، ولكن أن تتبنى تلك التغريدات التافهة في مقاربة الحدث الاستخباراتي؟ احدى التغريدات قالت "ربما حصلت "اسرائيل" على أغراض ايلي كوهين منذ سنوات، سواء في عهد حافظ الأسد أو في عهد وريثه بشار الأسد، لكن "اسرائيل" حافظت على سرية عمليتها"، مع أن الكل يعلم مدى مبدئية الرئيس الراحل في التعامل مع "اسرائيل"، ولقد تابعنا تفاصيل مفاوضاته مع اسحق رابين، واصراره على سورية ضفاف بحيرة طبريا. المفاوضات التي كانت السبب في اغتيال هذا الأخير برصاصة ييغال عمير عام 1995. من التغريدات أيضاً التي تكشف مدى ضلالنا وتضليلنا، أن العملية تمت في عهد "الرئيس المخلوع"، لكن الاعلان عنها الان هو لـ "توجيه ضربة سياسية الى النظام الجديد"، مع أن كل المعلومات تؤكد أن رئيس هذا النظام أحمد الشرع أبلغ نظيره الأميركي دونالد ترامب، أثناء لقائه في قصر اليمامة، استعداده للتطبيع حتى دون قيد أو شرط. لو كان هذا موقف بشار الأسد لورث ابنه السلطة من بعده... خطوة أخرى في الصراحة وفي الواقعية. كنا نبرر للنظام السابق تلك البيانات العسكرية الصادمة، لدى تنفيذ أي غارة "اسرائيلية" على أهداف سورية، وحتى داخل دمشق، وكنا نقول إن الدولة ما زالت تلملم جراح الحرب والتداعيات الرهيبة للحرب، ناهيك بالاختلال في موازين القوى، مقابل أحدث القاذفات الأميركية وكذلك المنظومات الدفاعية الحديثة، الطنابر الطائرة من سورية، والمنظومات الدفاعية التي لا تستطيع اسقاط حتى الطائرات الورقية. كثيرة الأيدي الغليظة التي تمسك بالخيوط السورية الآن، كوكتيل عجيب وعجائبي من اصحاب المصالح. من سنوات سقط الدور السوري، وسقط ذلك الشيء الذي يدعى الصراع العربي – "الاسرائيلي". قناة "فوكس نيوز" تقول ان دونالد ترامب اخرج الشرق الأوسط من التيه الايديولوجي والتيه الاستراتيجي. صديق قديم بات من أهل النظام الحالي سألني "في نظرك، التطبيع أفضل لسورية أم التقطيع"؟ أحيل السؤال اليكم... نبيه البرجي -الديار انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


الديار
منذ 11 ساعات
- الديار
الخبراء يجمعون على التداعيات الايجابية للبنان لرفع العقوبات عن سورية الخوري للديار :لبنان سيشعر سريعا بتأثير هذا التحول
تستمر الأصداء الإيجابية وتتواصل ردود الفعل المرحبة بإعلان الرئيس الأميركي رفع العقوبات المفروضة على سورية، في خطوة مفاجئة تأتي بعد مشاورات أجراها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفق ما أعلنه في خطابه. وقال ترامب خلال كلمته، إن القرار يهدف إلى "منح الشعب السوري فرصة جديدة"، مشيرا إلى أن النقاش حول هذا الملف تم بشكل مباشر مع القيادة السعودية التي أدّت دورا محوريا في الوصول إلى هذه الخطوة. الخبراء و المحللون والسياسيون يجمعون على أن لهذه الخطوة البالغة الأهمية تداعيات إيجابية ليس فقط على الاقتصاد السوري والليرة السورية التي شهدت تحسناً فور إعلان القرار بل تشمل أيضاً الاقتصاد اللبناني نظراً الى ارتباط البلدين جغرافياً بالدرجة الأولى واقتصادياً بالدرجة الثانية، وكما كان لفرض العقوبات تأثير سلبي في لبنان من المغترض أن يكون لرفع هذه العقوبات تأثير إيجابي على لبنان. فمنذ بداية الحرب عام 2011، فرضت الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات على الحكومة السورية وعلى الرئيس السوري السابق بشار الأسد وعدد من أفراد عائلته وشخصيات وزارية واقتصادية في البلاد. وفي العام 2020، دخلت مجموعة جديدة من العقوبات حيز التنفيذ بموجب قانون "قيصر" استهدفت العديد من أفراد عائلة الأسد والمقربين منه، بينهم زوجته أسماء الأسد، بما يشمل تجميد أصولهم في الولايات المتحدة. في قراءة شاملة لرفع العقوبات عن سورية وتداعياته، رأى الباحث الأكاديمي والخبير في الشؤون المالية والاقتصادية وعميد كلية الإدارة والأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري في حديث للديار، أن تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الوقت قد حان لرفع العقوبات الأميركية عن سورية لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي والدولي المتغير، ولا عن التحول الكبير في بنية النظام السوري بعد سقوط بشار الأسد ووصول الرئيس أحمد الشرع، أحد قادة المعارضة، إلى الحكم في دمشق، معتبراً أن هذا التغيير أتاح للإدارة الأميركية الحالية فرصة لإعادة صياغة علاقتها بسورية وفق منطق جديد يوازن بين المصالح الاستراتيجية والاعتبارات الاقتصادية، خصوصًا في ظل منافسة محتدمة مع روسيا والصين على النفوذ في المنطقة. ووفقاً للخوري الرغبة في رفع العقوبات ليست انعطافة عاطفية أو انفعالية، بل تستند إلى اعتبارات براغماتية، أبرزها محاولة الاستثمار في التحول السياسي الذي حدث، واستباق القوى الأخرى الساعية إلى ملء الفراغ الاقتصادي واللوجستي في سورية الجديدة، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية ترى أن إبقاء العقوبات كما هي يفقد واشنطن قدرتها على التأثير في المرحلة الانتقالية ويترك الباب مفتوحًا أمام الحلفاء السابقين للأسد لإعادة التموضع عبر بوابات مختلفة. لذلك يرى الخوري أن رفع العقوبات يمكن أن يكون أداة ضغط إيجابية لدعم استقرار النظام الجديد، وتحفيزه على تبني إصلاحات وسياسات اقتصادية تتوافق مع الرؤية الاميركية مؤكداً أن القرار، في حال ترجم إلى خطوات تنفيذية، سيحمل أثرًا كبيراً في الاقتصاد السوري المنهك وتحرير الاقتصاد من قيود العقوبات سيسمح بعودة تدريجية للاستثمارات، وبتحريك عجلة إعادة الإعمار عبر الشركات الخليجية والأوروبية التي كانت تنتظر هذا الإطار القانوني للدخول. في المقابل يشير الخوري إلى أن الحكومة الجديدة ستحتاج إلى آليات رقابة صارمة لتفادي تحول هذه التدفقات المالية إلى أدوات لإعادة إنتاج الفساد أو هيمنة مجموعات المصالح. سياسيًا يقول الخوري : رفع العقوبات سيشكل إشارة ضمنية إلى الاعتراف الأميركي بشرعية الحكومة الجديدة، وسيمهد لتطبيع تدريجي في علاقاتها مع العواصم الغربية، بشرط أن تُظهر التزامًا واضحًا بعزل نفسها عن المجموعات المتشددة. لكن في الداخل السوري أردف الخوري قد لا يمر الأمر بسهولة، فالتفاهمات السياسية التي أفرزت النظام الجديد لم تطوِ كل الخلافات، لافتًا ان بعض القوى التي شاركت في الثورة ولكن لم تنخرط في التسوية السياسية قد ترى في الانفتاح الأميركي انحيازًا مبكرًا وغير مشروط، كما أن الفصائل المتطرفة ستجد في رفع العقوبات مادة دعائية لتشويه النظام الجديد واتهامه بالتبعية. لذلك يعتبر الخوري أن التعاطي مع هذا القرار يتطلب توازنًا داخليًا دقيقًا من قبل السلطة الجديدة، يمنع اهتزاز الشرعية الشعبية التي بدأت لتوّها في التشكّل. أما بالنسبة لتداعيات رفع العقوبات عن سورية على لبنان، الذي يشترك في الجغرافيا والاقتصاد والتاريخ مع سورية، فيؤكد الخوري ان لبنان سيشعر سريعاً بتأثير هذا التحول، فالتبادل الحدودي سيصبح أكثر مرونة، والأسواق اللبنانية قد تجد متنفسًا لتصريف منتجاتها، والقطاعات التي تعتمد على سورية كممر أو مزوّد ستنتعش تدريجيًا"، والأهم من ذلك هو ملف النازحين، حيث يعمل من رفع العقوبات ان تشكل خطوة تهيئ الأرضية لعودة منظمة للجزء الاساسي منهم. من الناحية القانونية يشرح الخوري : لا يستطيع الرئيس الأميركي رفع العقوبات المفروضة بموجب قوانين صادرة عن الكونغرس مثل قانون قيصر دون المرور عبر السلطة التشريعية، و ما يمكنه فعله هو استخدام صلاحياته التنفيذية لتعليق بعض البنود أو توسيع نطاق الإعفاءات، خصوصًا الإنسانية والاقتصادية. لكن الإلغاء الكامل يتطلب توافقًا سياسيًا داخل الكونغرس، وهو ما لن يكون سهلًا في ظل الانقسام الحاد في المؤسسة التشريعية، وضغط مجموعات الضغط المرتبطة بالملف السوري. و لفت الخوري إلى أن التحديات لا تقتصر على الداخل الأميركي، فرفع العقوبات دون تنسيق أوروبي أو من دون إطار دولي واضح قد يؤدي إلى تباينات بين الحلفاء ويضعف مصداقية الخطوة، كما أن بعض الدول الإقليمية قد لا ترى في النظام الجديد حليفًا مضمونًا بعد، مما يبطئ مسار التطبيع الشامل، مشيراً إلى أن الجدول الزمني لتنفيذ القرار بشكل كامل سيعتمد على تطور التوازن داخل الكونغرس، ومدى التزام سورية الجديدة بتنفيذ خطوات إصلاحية، "وقد يستغرق بين ستة أشهر إلى عام ونصف ليتحول من واقع سياسي إلى واقع فعلي ملموس". ويختم الخوري بالقول: ما قاله ترامب ليس مجرد مبادرة رمزية، بل هو كإعلان نيات لسياسة جديدة تجاه سورية وامتداداتها، سياسة تقوم على مزيج من الانفتاح المشروط، والدعم الانتقائي.


الديار
منذ 12 ساعات
- الديار
الأفضل لسورية... التطبيع أم التقطيع؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب بامتياز، نحن أمة الضلال والتضليل (الأمة الضالة بدل الفئة الضالة). عبثًا نبحث عن شاشة لا تقدس أولياء أمرها، وأولياء أولياء أمرها، ولو كانوا بمواصفات الذباب أو بمواصفات الذئاب، وتلعن خصومهم ولو كانوا في قبورهم من ألف عام... على مدى سنوات طويلة، كنا مع النظام في سورية (لمن يعرف ما معنى دمشق، وما روح دمشق). لم نلاحظ العفن الذي كان يأكل الوجوه، بعد تلك السنوات الطويلة من عبادة الفرد، وهي ظاهرة تنتقل من جيل الى جيل، ومن رجل الى رجل، كما كنا نتغاضى عن الأداء الوحشي لأجهزة الاستخبارات، التي كانت تمثل ذروة الأمية وذروة الغباء. ذات مرة قلت لوزير الاعلام "كل الصور التي تنشر للرئيس بشار الأسد ولضيوفه، يبدو وهو يتكلم ويلوّح بيديه (يدي الأستاذ أو يدي المايسترو) فيما جليسه، ولو كان فلاديمير بوتين أو آية الله خميني، يصغي كما التلميذ المنبهر بعبقرية استاذه". الوزير استجاب وأمر بتنويع الصور. ردة فعل أجهزة الاستخبارات كانت مروعة (مؤامرة على سيادة الرئيس). هذه ظاهرة كلاسيكية في الأنظمة الثورية. خلال القمة العربية في مدينة فاس المغربية، كان المركز الاعلامي عبارة عن قاعة دائرية زجاجية. رجال الاستخبارات العراقية لم يتركوا سنتيميتراً من الجدران الزجاجية، الا وغطوه بصور الرئيس صدام حسين. في سورية، كل سيارة، ولو كانت سيارة الاسعاف، ينبغي أن تحمل صورة الرئيس بشارالأسد، أو الصورة الثلاثية للرئيسين حافظ وبشار وبينهما باسل، دون أن نعرف ما مزايا الأخير، لكي يطلق اسمه على الملاعب الرياضية وعلى الساحات. العدوى انتقلت الى لبنان، تمثال له في مدينة شتورة، وهو يمتطي حصانه بقبعة الفيلدمارشال فيليب مونتغمري. لكننا وبالصوت العالي كنا مع النظام وهو يتداعى من الداخل، لأنه كان ضد "اسرائيل"، وكان يمد يد العون الى المقاومة في لبنان، ودون أن يكون صحيحاً ما يشاع حول علاقة مع "اسرائيل"، لو كان الأمر كذلك لما كان الحصار القاتل. وزير للنقل في عهد الأب أخبرني "بقينا 8 أشهر نبحث عن عجلة لطائرة بوينغ دون جدوى، الى أن حصلنا عليها ولكن بطريقة ملتوية". منذ ايام أعلن مكتب رئيس الوزراء "الاسرائيلي" بنيامين نتنياهو استعادة 2500 وثيقة وصورة، وأغراض شخصية لايلي كوهين، الجاسوس "الاسرائيلي" الذي أعدم في ساحة المرجة عام 1967، بعدما تنكر بشخصية مغترب سوري في الأرجنتين، وتمكن من اختراق المنظومة القيادية في سورية. "الموساد" أصدر بياناً أوضح فيه أن ما حدث كان نتيجة عملية سرية، نفذها جهاز العمليات الخاصة في "الموساد" مع جهاز شريك استراتيجي، دون أن يوضح هوية ذلك الشريك (أميركي أم تركي؟). القاصي والداني يدرك مدى الهلهلة في أجهزة الاستخبارات السورية، مال ونساء، كل ذلك السلاح الذي دخل الى البلاد وفجّر الحرب فيها، جرى تهريبه بالمال. الآن، يحكى الكثير عن الأجهزة التي تنتشر في المواقع السورية الحساسة. وفي هذا الاطار شراء قادة الفصائل، أبعد من ذلك بكثير... ضلال وتضليل. نعلم أن قناة "الجزيرة" معادية لنظام الاسد، هذه مسألة طبيعية، ولكن أن تتبنى تلك التغريدات التافهة في مقاربة الحدث الاستخباراتي؟ احدى التغريدات قالت "ربما حصلت "اسرائيل" على أغراض ايلي كوهين منذ سنوات، سواء في عهد حافظ الأسد أو في عهد وريثه بشار الأسد، لكن "اسرائيل" حافظت على سرية عمليتها"، مع أن الكل يعلم مدى مبدئية الرئيس الراحل في التعامل مع "اسرائيل"، ولقد تابعنا تفاصيل مفاوضاته مع اسحق رابين، واصراره على سورية ضفاف بحيرة طبريا. المفاوضات التي كانت السبب في اغتيال هذا الأخير برصاصة ييغال عمير عام 1995. من التغريدات أيضاً التي تكشف مدى ضلالنا وتضليلنا، أن العملية تمت في عهد "الرئيس المخلوع"، لكن الاعلان عنها الان هو لـ "توجيه ضربة سياسية الى النظام الجديد"، مع أن كل المعلومات تؤكد أن رئيس هذا النظام أحمد الشرع أبلغ نظيره الأميركي دونالد ترامب، أثناء لقائه في قصر اليمامة، استعداده للتطبيع حتى دون قيد أو شرط. لو كان هذا موقف بشار الأسد لورث ابنه السلطة من بعده... خطوة أخرى في الصراحة وفي الواقعية. كنا نبرر للنظام السابق تلك البيانات العسكرية الصادمة، لدى تنفيذ أي غارة "اسرائيلية" على أهداف سورية، وحتى داخل دمشق، وكنا نقول إن الدولة ما زالت تلملم جراح الحرب والتداعيات الرهيبة للحرب، ناهيك بالاختلال في موازين القوى، مقابل أحدث القاذفات الأميركية وكذلك المنظومات الدفاعية الحديثة، الطنابر الطائرة من سورية، والمنظومات الدفاعية التي لا تستطيع اسقاط حتى الطائرات الورقية. كثيرة الأيدي الغليظة التي تمسك بالخيوط السورية الآن، كوكتيل عجيب وعجائبي من اصحاب المصالح. من سنوات سقط الدور السوري، وسقط ذلك الشيء الذي يدعى الصراع العربي – "الاسرائيلي". قناة "فوكس نيوز" تقول ان دونالد ترامب اخرج الشرق الأوسط من التيه الايديولوجي والتيه الاستراتيجي.