
مهاجر جديد من كل 20 مقيماً.. المملكة المتحدة تواجه هجرة "غير مسبوقة"
سجلت السلطات المعنية في إنكلترا وويلز، يوم الاثنين، ارتفاعاً كبيراً في معدلات الهجرة بحيث بلغت نسبة الوافدين الجدد بمعدل واحد من كل 20 مقيماً، وهو ما دعا إلى إطلاق تحذيرات من ضغوط متزايدة على الخدمات الأساسية وتغيرات متسارعة في التكوين السكاني.
وأورد موقع "ذا صن" تحليلاً حديثاً لأرقام صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية "ONS"، يبين أن الفترة الممتدة بين منتصف عام 2023 ومنتصف عام 2024 شهدت زيادة سكانية تُقدّر بنحو 700 ألف نسمة، وهي ثاني أعلى قفزة منذ الحرب العالمية الثانية، مدفوعة بشكل أساسي بصافي الهجرة الدولية.
وارتفع عدد السكان في إنكلترا وويلز من 61.1 مليون في منتصف عام 2023 إلى 61.8 مليون بحلول منتصف 2024، في وقت لم يسجل فيه معدل الولادات تفوقاً يُذكر على معدل الوفيات، إذ لم يزد صافي النمو الطبيعي للسكان عن 30 ألف نسمة، مما يعزز دور الهجرة كمحرك رئيسي للنمو السكاني.
وأظهرت الإحصاءات أن مناطق عديدة شهدت تدفقاً كبيراً للمهاجرين، أبرزها نيوهام في لندن، التي استقبلت 17 ألفاً و224 مهاجراً خلال عام واحد، أي ما يعادل 4.6% من سكان المنطقة البالغ عددهم 374 ألف نسمة.
كما سجلت مدن مثل لوتون وكوفنتري نسباً مرتفعة أيضاً، مع زيادات سكانية بلغت 4.3% و4.2% على التوالي.
وفي تطور لافت، سجلت مدينة لندن نسبة نمو سكاني بلغت 11% نتيجة للهجرة، رغم أن عدد سكانها لا يتجاوز 15 ألف نسمة.
وكانت منطقة جنوب هولندا في لينكولنشاير الاستثناء الوحيد بين 318 سلطة محلية، إذ غادرها عدد من المهاجرين الدوليين يفوق عدد الوافدين إليها.
وأثار هذا الارتفاع في أعداد الوافدين قلقاً متزايداً في الأوساط السياسية والخدمية، إذ حذر مدير الأبحاث في مركز مراقبة الهجرة، روبرت بيتس، من أن الهجرة الجماعية بهذا الحجم تجعل الاندماج "أمراً شبه مستحيل"، وتزيد من تآكل الخدمات العامة مثل هيئة الصحة الوطنية والمدارس والمواصلات.
وأضاف بيتس في تصريح لصحيفة "ديلي ميل" أن فتح الحدود "لم يعد يخدم الاقتصاد"، داعياً الحكومة إلى "إلغاء مسارات التأشيرات الفاشلة" والتوقف عن تمكين الأجانب من الوصول إلى نظام الرعاية الاجتماعية، مع تعزيز مهارات القوى العاملة المحلية.
ويأتي هذا التقرير بعد أشهر قليلة من إعلان رئيس الوزراء البريطاني عن حزمة سياسات جديدة لتشديد قواعد الهجرة، شملت رفع متطلبات المهارات واللغة الإنكليزية، وتمديد فترة الانتظار للحصول على الجنسية من خمس سنوات إلى عشر.
كما وقع زعيم حزب العمال كير ستارمر اتفاقاً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحت عنوان "واحد يدخل، واحد يخرج"، في محاولة للحد من تدفق المهاجرين عبر القوارب الصغيرة.
ووفقاً لوزارة الداخلية، فقد وصل 25 ألفاً و436 مهاجراً إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة منذ بداية عام 2025، بينهم 898 شخصاً في يوم واحد فقط، بنسبة زيادة بلغت 51% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، و73% مقارنة بعام 2023.
وأوضح مكتب الإحصاءات الوطنية أن التقديرات الحالية قد تشهد تداخلاً في تصنيف السكان بين الهجرة الدولية والهجرة الداخلية، بالإضافة إلى حالات الوفاة، مما يجعل الصورة الكاملة أكثر تعقيداً.
مع ذلك، تبقى الرسالة الأساسية واضحة: المملكة المتحدة تواجه موجة هجرة غير مسبوقة تتطلب استجابة سياسية واقتصادية متزنة، تأخذ في الاعتبار احتياجات السكان ومتانة الخدمات العامة وتماسك النسيج الاجتماعي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ ساعة واحدة
- شفق نيوز
ألمانيا.. حملة اعتقالات لعناصر من حركة "مواطني الرايخ"
شفق نيوز- برلين أعلنت السلطات الألمانية، يوم الخميس، عن إلقاء القبض على ثلاثة رجال يُشتبه بانتمائهم إلى جماعة "مواطنو الرايخ" المتطرفة، المصنفة كمنظمة إرهابية. وقال الادعاء العام في ميونيخ إن السلطات الألمانية ألقت القبض على ثلاثة رجال في بافاريا لصلتهم بجماعة "مواطنو الرايخ" المنتمية إلى تيار اليمين المتطرف. وتشتبه السلطات في انتماء الرجال الثلاثة إلى منظمة إرهابية وتخطيطهم للخيانة العظمى. والمجموعة، التي تضم "الأمير رويس" بين زعمائها، متهمة بالتخطيط للإطاحة بنظام جمهورية ألمانيا الاتحادية وفرض نظام المجموعة المتطرفة بدلاً به عن طريق استخدام العنف. وذكر الادعاء العام أنه يشتبه في مشاركة أعضاء المجموعة في التدريب على إطلاق الأسلحة النارية من أجل هجوم محتمل على البرلمان الألماني في نيسان/ أبريل 2022. وأُجريت عمليات تفتيش في ثمانية مواقع في ولايات بافاريا وساكسونيا وتورينغن في وقت مبكر صباح اليوم. يذكر أنه في 7 كانون الأول/ ديسمبر 2022، تم الكشف من خلال سلسلة من مداهمات الشرطة عن وجود مؤامرة محتملة للإطاحة بالحكومة الألمانية. والمتآمرون حول هاينريش الثالث عشر، أمير رويس، وضعوا خطة لاقتحام البرلمان الألماني (البوندستاغ) واعتقال المستشار وأهم الوزراء وزعيم المعارضة وتشكيل حكومة انتقالية، تتفاوض مع قوى الحلفاء في الحرب العالمية الثانية على نظام دولة جديد في ألمانيا. وبحسب إحصاءات المكتب الاتحادي لحماية الدستور، أي جهاز الاستخبارات الداخلية الألماني، فإنَّ مجموع أتباع "مواطني الرايخ" بلغ في عام 2023 نحو 25 ألف شخص. وعشرهم يعتبرون من ذوي الميول والتوجهات العنيفة. وتعود بدايات حركة "مواطني الرايخ" إلى ثمانينيات القرن العشرين. وتوجد بحسب المكتب الاتحادي لحماية الدستور، بالإضافة إلى المجموعات الصغيرة العديدة، نحو 30 مجموعة نشطة أكبر. ويُضاف إلى ذلك جماعات مثل "ورثة بسمارك" أو "الجمعية التأسيسية" أو "اتحاد الرايخ الألماني". وبعضهم يرفضون دفع الغرامات والضرائب ويتجاهلون قرارات المحاكم أو يعلنون مناطقهم السيادية الخاصة، التي يضعون لها بأنفسهم قواعد وقوانين خاصة ويطبعون لها الوثائق مثل بطاقات الهوية وجوازات السفر أو حتى العملات.


ساحة التحرير
منذ 3 ساعات
- ساحة التحرير
تذكروا مأساة هيروشيما وناجازاكي!كاظم الموسوي
تذكروا مأساة هيروشيما وناجازاكي! كاظم الموسوي صباح يوم 6 آب/ اغسطس تمر ذكرى الجريمة الامريكية ضد الانسانية متمثلة بقصف مدينة هيروشيما اليابانية بالقنبلة النووية، وبعد ثلاثة ايام، مدينة ناجازاكي اليابانية ايضا، والتي تحاول جهات كثيرة، وظيفتها التقليل من الجريمة او التغاضي عنها، بتقسيمها. لا .. الجريمة واحدة والمجزرة واحدة، ولم يتعظ المجرمون بعد منها. مرت ذكرى استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لقنبلتين نوويتين ضد مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، دون اهتمام كبير، حيث أجريت طقوس يابانية محدودة، أصبحت مشهدا سنويا مألوفا لدى الدولة اليابانية المتحالفة مع الدولة المرتكبة للجريمة الشنعاء. استعادة للذكرى وتعاز للضحايا وخطب بعدم تكرارها ووضع الزهور على أشباح مدينتيهم. ومثلها أصداء باهتة في بلدان لم تزل تحترق من اضطهاد وظلم الحرب والعدوان والغزو والاستيطان. كان هذا اليوم من عام 1945 موعد الجريمة الأولى، ألقت الطائرة الحربية الأميركية أول قنبلة ذرية تستخدم في تاريخ البشرية، بعد ثلاثة أسابيع فقط من امتلاك الولايات المتحدة الأمريكية لهذا السلاح وتجريبه في صحراء نيومكسيكو. وبعد ثلاثة أيام فقط ألقيت القنبلة الثانية فوق مدينة ناجازاكي. وتركت القنبلتان دمارا كبيرا وقتلى وصل عددهم إلى حوالي مائتين وخمسين ألفا من السكان المدنيين (عام 1945). وبعدها أعلن الرئيس الأميركي هاري ترومان في الرابع عشر من آب/ أغسطس استسلام اليابان بدون شروط، وفي الثاني من أيلول/ سبتمبر انتهت الحرب العالمية الثانية، وأعلنت الإدارة الأمريكية انتصارها، محتفلة باستخدام السلاح النووي ضد سكان المدينتين، وإلحاق الدمار والموت والخراب العام في اليابان والعالم. فهل يكفي الاحتفال والتذكير بالمناسبة، أم يجب رفع شعار دائم كجرس إنذار: تذكروا دائما المأساة الرهيبة التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية ضد البشرية، ولا تنسوا جريمة الحرب هذه والإبادة الجماعية التي تمت فيها، والتي لا يمكن أن تمر ذكراها بيومها فقط ويصمت العالم عليها ليفاجأ كل مرة بأمثالها وبأشكال أخرى؟!. إن ما حصل في اليابان ماضيا يتكرر بصور وبوسائل أخرى، من قبل الدولة المرتكبة، ولم تتوقف الحرب العدوانية، والمصطلحات التي أستخدمها المعتدون على الشعوب التي تحاربهم أو تدافع عن أراضيها أمام غزوهم وهيمنتهم وأفكارهم الشريرة. فكل من يقاومهم عدو عندهم ويشيعونه في إعلامهم الناطق بمختلف الألسن بما فيها لغة الضحايا، وكل من يدافع عن حقه ويقاتلهم إرهابي ومخرب ومسلح ضدهم يتوجب القضاء عليه، فردا أو شعبا، بلدا أو عالما بشريا. وما زالت هذه الدولة هي الدولة الأكثر مبيعا للأسلحة المحرمة في العالم والتي فرضت استفرادها على السياسة العالمية وتقود المذابح البشرية بنفسها أو بالريموت كونترول، في كل أرجاء المعمورة، وتضع خططها الوحشية في مسميات تعبر عن عدوانها وجرائمها المرفوضة قانونا وأخلاقا وعرفا دوليا وإنسانيا. حين ظهر في المدينتين المنكوبتين دخان الموت والدمار والرعب وحدث ما حصل خلفه، كان المؤمل أن تتوقف تلك الشهية الدموية وتتعلم من دروس تلك الكارثة البشرية، ولكنها عمليا تزداد شراسة وجشعا ونهبا ورغبة مريضة في إشاعة ذلك الدخان القاتل بأشكال متعددة ونشر رائحة الموت والخراب بالخديعة والغش والكذب والاحتيال وكل الوسائل المدانة. وللمفارقة يعلن أمين عام الأمم المتحدة، أهمية التصدي لانتشار الأسلحة النووية ويشدد باسم منظمته الأسيرة عدم التسامح مع صنع الأسلحة النووية، اكثر من مرة. ولكن ظلت الدعوة لفظية ما دامت الولايات المتحدة هي التي تسيّر شؤون المنظمة وما يسمونه شرعية دولية حاليا، بينما يتطلب لمثل هذه الدعوة العمل العاجل على تحقيقها لحماية ملايين من البشر معرضين للإبادة بأشكال مختلفة من تلك الأنواع من الأسلحة التي تنتجها أو تخطط لها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها. وللمفارقة المضحكة الان انتقد دونالد ترامب منذ كان المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية انتقد اليابان لعدم تسديدها ما يتوافق مع حمايتها الامريكية والقواعد والجنود الامريكيين في اراضيها!. واليوم يطالب اليابان دعوة الكيان الصهيوني للحضور في الاجتماع المقرر للذكرى، ويرفض الحضور مع حكومات غربية اخرى احتجاجاً على الموقف الإنساني الياباني. في ذكرى المجزرة البشعة تظل صور الضحايا التي صورت وانتشرت الآن عبر وسائل الإعلام والتقنية الإلكترونية شاهدة على تلك الجريمة ومنددة بمن يواصل مسعاه لتكرارها بأساليب أصبحت واضحة لكل مبصر حقيقي. وهذه الصور المتبقية والأشخاص الأحياء منها دليل إثبات وحكم مسبق على ارتكاب جريمة الحرب والإبادة الجماعية والقتل العمد للسكان المدنيين الآمنين، كما يحصل اليوم في اكثر من منطقة من الكرة الأرضية، خاصة في غزة العزة. كما صدرت كتب ومذكرات ومشاهدات عن المدينتين الضحيتين، وأنتجت أفلام وعروض ومشاهد سينمائية ومسرحية وتلفزيونية، ولكنها مرة أخرى ظلت محصورة في أماكنها ومناخاتها، وظلت أيدي الإدارة والمسؤولين عن الجرائم طليقة دون محاكمات وعقوبات رادعة، وما زالت كذلك رغم كل الدروس والعبر والتجارب، ورغم الحراك الشعبي والتضامن العالمي ونضالات القوى السياسية المناهضة للحروب والغزو والاحتلال. بل واصلت ادارات تلك الدول برامجها، وحتى في زياراتها لليابان او لنُصب المدن المنكوبة، لم تعتذر عن جرائمها ولم تعد بتغيير مناهجها العدوانية وحروبها المستمرة. قالت شيغيكو ساساموري، إحدى ضحايا هيروشيما في مقابلة تلفزيونية لها في الذكرى الستين للجريمة، وهي ترى ما يحصل من جديد: 'مرت كل هذه السنين على سقوط القنبلة، ستون سنة انقضت، ولم يتعلم الناس بعد من هذا الحدث لاسيما الأميركيين الذين واصلوا إلى يومنا هذا صنع القنابل النووية، (…) ما قامت به أميركا كان جرما لا يغتفر لذلك أشعر بقوة وأدعو الناس بشدة أن يفتحوا قلوبهم وأعينهم ليطلعوا على ما يجرى من حولهم اليوم، الحرب شيء مريع وعلينا أن نتعلم من الماضي بل أكثر من ذلك علينا أن نحمد الرب لأجل معارضة الكثير من الأميركيين والناس الطيبين للحرب والأسلحة النووية، لقد التقيت بنشطاء السلام وآخرين كلهم ناهضوا هذه الأمور وكل هذا يفعمني بالأمل فتراني أتوسل للناس أينما التقيتهم بأن يحاولوا جهدهم وأن يعملوا سوية لوضع حد للحرب النووية'. لم يتوقف السباق النووي وما زالت الدول 'الكبرى' تنتج وتبيع أنواعا من الأسلحة النووية والفتاكة، وتجرب وتطور أسلحة جديدة ضد البشرية. ولهذا لابد من تذكر دائم لهيروشيما وناجازاكي، والاعتبار منهما وأن تمنع الضمائر الحية في هذا العالم سوية تكرارها، وتنتصر لحركات تحرر الشعوب الرازحة اليوم ضحايا لأشكال أخرى من تلك الجرائم ضد الإنسانية. 2025-08-07


ساحة التحرير
منذ 3 ساعات
- ساحة التحرير
الخيارات الصعبة…! سعادة مصطفى أرشيد
الخيارات الصعبة…! سعادة مصطفى أرشيد* بعد خمس ساعات قضاها المبعوث الأميركي ويتكوف يرافقه السفير الأميركي في تل أبيب في غزة، حيث زار مركز المساعدات الإنسانية، التابع لمؤسسة التمويل الدولية جي اتش اف (g.h.f) عاد ليقول وليكذّب جميع وسائل الإعلام في العالم أن لا مجاعة في غزة وإنّ المركز الإغاثي المذكور يوزّع يومياً مليون وجبة طعام، وبما أنّ ذلك كذلك فقد أدار بعد عودته من غزة إلى تل أبيب حواراً مع حكومة الاحتلال حول خطة أميركيّة جديدة تذهب إلى ما هو أبعد من مطالب نتنياهو ووزرائه المتطرّفين وترى أنّ الإفراج عن الذين أسَرتهم المقاومة صبيحة السابع من تشرين الأول 2023 أو من بقيَ منهم على قيد الحياة ورفات من أزهقت أرواحهم آلة القتل (الإسرائيلية) لم يعد ينتظر حواراً في الدوحة أو في غيرها لا بل يجب الإفراج عنهم فوراً ودفعة واحدة بالقوة إنْ لم يكن بالاستسلام، وإنّ على المقاومة أن تقبل بتسليم كلّ شيء بدءاً بتسليم سلاحها وتستعدّ لمغادرة غزة التي ستديرها جهات عربية لم تُذكر بالاسم وأخرى دولية تحت إشراف وإدارة الولايات المتحدة الأميركية. هذا ما أبلغت به واشنطن الوسيطين، القطريين والأتراك اللذين سيكون دورهما نقل هذه التهديدات لضيوفهما من أعضاء المكتب السياسي الذين بدورهم عليهم نقل ذلك لمن يحمل السلاح في غزة ويملك القرار النهائيّ. وكما ذكرنا سابقاً في مقال الأسبوع الماضي أن بنيامين نتنياهو قد أخذ بالتنحّي جانباً وإخلاء مكانه سواء في قيادة الحرب أو في التفاوض لإنهائها لصاحب العلاقة الأولى أيّ الإدارة الأميركية والرئيس دونالد ترامب، الذي سيتولى التفاوض عبر مبعوثيه الذين أخذوا يظهرون مؤخراً وكأنهم امتداد أميركي لسموتريتش وبن غفير، ثم لاحقاً التخطيط والتنفيذ لإعادة بناء غزة وإعمارها بشركات مقاولاتها، فيما تتولى أطراف عربية تملك فوائض مالية كبيرة عمليات التمويل. وهذا بدوره يتطلّب أن يغادر قسم كبير من أهل قطاع غزة بلاده ريثما تتمّ إزالة الإنقاض وإعادة البناء التي ستأخذ سنوات طويلة قد تجعل من الصعب إعادة من غادر من أهل غزة إليها. مَن يقرّر الموافقة والرفض على الطرح الأميركي ليس موجوداً خارج غزة وإنما في غزة وبين حطامها وأنفاقها. فالمقاومة ترى أنها برغم خسائرها ونفاد ذخائرها وقسوة المصير وحجم الضغط الذي يمارس عليها إلا أنها لا تزال قادرة بالقليل المتبقي لديها على الصمود والاستمرار بالمقاومة وإيقاع الخسائر بالاحتلال الذي اضطر لإنهاء عملية «عربات جدعون» بعدما جرى التهويل والمبالغة بشأن قوتها. وتقول المقاومة إنها متمسكة بسلاحها لا بل تدرك أن حفاظها على سلاحها يحمل إمكانيات البقاء أكثر بكثير من إلقائه والبقاء عزلاء حيث ستُذبح ولا ريب. قائد الحرب الجديد دونالد ترامب وفريقه الموزع بين واشنطن وتل أبيب يرى أنّ الحرب على غزة هي حرب عادلة وفق مقاييسهم، وأنّ عليهم ربحها مهما كلف الأمر من خروج عن أيّ منطق في السياسة أو في الحرب، فكلما طالت أيامها عرّضتهم للمزيد من الخسائر. وهكذا فلا بدّ من الحسم ولو باستعمال فائض القوة، وحسب بعضهم فلا مانع من خيار برلين وطوكيو كما في عام 1945 أي في نهايات الحرب العالمية الثانية. غزة ومقاومتها لا تزالان تقاتلان لا جيش الاحتلال فحسب وإنما العالم الغربي والعربي – الإبراهيمي أيضاً إضافة الى عصابات من اللصوص وأرذال القوم الذين يدعمهم الاحتلال وبعض النظام العربي، وغزة لا تستطيع أن تعوّل على أحد إلا على صبرها وذاتها، وها هي المعركة تدور كما أريد لها أن تدور وعلى طريقة طارق بن زياد عند فتح الأندلس: العدو أمامكم والبحر وراءكم وليس لكم إلا الصدق والصبر. هكذا تعود الأمور إلى مربعها الأول، الحرب والإبادة قتلاً أو حرقاً أو جوعاً أو هجرة في كفة الميزان الأولى، فيما في كفته الثانية الصمود والبقاء على الموقف الذي يحمل في طياته احتمالات أفضل. *سياسي فلسطيني مقيم في الكفير ـ جنين – فلسطين المحتلة 2025-08-07