
الامن الأوروبي بين مطرقة أوكرانيا وسندان الشرق الأوسط
مركز عبر المتوسط للدراسات الاستراتيجية
العلاقة الأوروبية مع الشرق الأوسط، سلسلة متواصلة من الصراع والتعاون المتبادل، بدأت مع الإسكندر المقدوني، وهو من حدد قلب العالم، ومؤسس الجسر الحضاري مع المشرق. تبع ذلك العهد الروماني، وكان الشرق الاوسط جزءًا منه، يرابط طرق التجارة بين أوروبا وآسيا وأفريقيا. ومع القرون الوسطى، برزت الحملات الصليبية، تلتها مرحلة التبادل التجاري والثقافي مع القوى الإسلامية، خاصة عبر الموانئ المتوسطية، ومن ثم الحقبة الاستعمارية.
في العصر الحديث، بعد الحرب العالمية الثانية، عادت العلاقات الاستراتيجية مع منطقة الشرق الأوسط (اهم مصدر للطاقة)، وتحوّل المنطقة إلى ساحة صراع نفوذ بين القوى الأوروبية والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، ولغاية اليوم تنظر أوروبا الى المنطقة بوصفها مصدرًا للطاقة، وطريقاً للتجارة، ومسرحًا للتحديات الأمنية، وشريكًا في قضايا التنمية والاستقرار الإقليمي والعالمي.
روسيا التي دخلت المعادلة الأوروبية، في عهد بطرس الأكبر، ناقلاً إياها من دولة شبه معزولة جغرافيًا وثقافيًا، إلى قوة عظمى تفرض نفسها لاعبًا أساسيًا في ميزان القوى الأوروبي، وبرزت في القرن التاسع عشر كحامية للشعوب السلافية، ودخلت في صراعات كبرى، لتصبح طرفًا حاسمًا في التوازن الأوروبي.
مع قيام الاتحاد السوفيتي، تحولت روسيا إلى قطب أيديولوجي عالمي ينافس الغرب رأسيًا في السياسة والاقتصاد والعسكرة، إلى أن انهار هذا البناء عام 1991، لتجد موسكو نفسها في موقع دفاعي أمام تمدد النفوذ الأوروبي والناتو شرقًا.
حديثاً، بوتين، استخدام أدوات القوة الصلبة والناعمة معاً، لاستعادة النفوذ التاريخي، فكانت حرب جورجيا 2008 وضم القرم 2014، وصولًا إلى الحرب الراهنة في أوكرانيا، التي أعادت أوروبا وروسيا إلى أجواء المواجهة الجيوسياسية، وتفرض روسيا نفسها مجددًا لاعبًا يصعب تجاوزه في صياغة الأمن الأوروبي والحدود السياسية.
اما أوكرانيا، فهويتها الوطنية لها جذور تاريخية، لكن ظهورها كدولة بالمعنى السياسي، مر بعدة مراحل، استمرت حتى عام 1991، حيث أعلنت استقلالها لتبدأ مسارها كدولة قومية ذات سيادة.
خلال هذا الصيف، شهدت الساحة الدولية تغيرات متسارعة على أكثر من جبهة، أبرزها الاتفاق الاقتصادي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث التزامات أوروبا بشراء كميات ضخمة من الغاز المسال والنفط الامريكي، بقيمة تصل إلى 650 مليار، واستثمار حوالي 600 مليار دولار في أمريكا خلال ثلاث سنوات. هذا الاتفاق جاء في ظل انقطاع الغاز الروسي، نتيجة تدمير خطوط أنابيب الغاز Nord Stream منذ 2022.
هذه الصفقة عكست تبعية أوروبية تجاه الولايات المتحدة، مما يقلّص من قدرتها على اتخاذ قرارات مستقلة في المجالات السياسية والاقتصادية، ويظهر مدى خطورة إعادة ترتيب جيوسياسي لأوروبا من خلال تفاهمات أميركية روسية دون مشاركة أوروبية كافية.
ان تصاعد الأزمات السياسية والعسكرية في شرق اوروبا، يقابله تصاعد المواجهة في الشرق الأوسط (غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان وغيرها). هذه الاحداث المترابطة، تشكّل عامل ضغط مباشر على قدرة اوروبا في إدارة ملفات الشرق الأوسط، التي تعكس أبعادًا أعمق في التنافس الجيوسياسي الدولي.
ان التحولات الأخيرة على الساحة الأوروبية، أدى الى تراجع دورها كوسيط محايد بين إسرائيل والفلسطينيين (تميل تلقائيًا نحو الموقف الأميركي)، وترابط قرارات واشنطن بين أوكرانيا والشرق الأوسط، وتسعى واشنطن للحفاظ على تفوقها عبر دعم إسرائيل (حيث السياسة الأميركية تستخدم ملفات عدة كورقة واحدة في المفاوضات الدولية (من خنادق الدونباس الى أزقة غزة، مرورًا بمضائق البحر الأحمر)، مما قد يفتح المجال لتدخلات روسية وصينية، ويسمح لهما بتوسيع نفوذهما (عبر دعم أطراف إقليمية فاعلة)، لكسر سياسة الاحتكار الأمريكي، ولتعقيد الصراع، وليبقى الحل النهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي مرهونًا بتحولات وتحالفات وتوازنات القوى العالمية.
في أوكرانيا، وبعد انطلاق الاحتجاجات الداخلية، زادت الضغوط بهدف تغيير القيادة السياسية، واستبدالها بأخرى مريحة أكثر، وبهدف الاستمرار بالحرب أو التفاوض بواقعية. في الوقت نفسه، تتقدم القوات الروسية نحو نهر دنيبرو، في مشهد ميداني لتثبيت مكاسب إقليمية قبل لقاء ترامب وبوتين في الاسكا يوم 15/8/2015، وقد يفضي إلى حلول تُحسم فيها مسائل حدودية أو نفوذ إقليمي، ويعيد هندسة الأمن الأوروبي من خارج البيت.
قادة أوروبا، في حراك مستمر (ثلاثة قمم يوم 13/8/2025)، للمحافظة على موقف موحد، ورسم مستقبل الاتحاد، فهل سينجحون في تعزيز استقلالية أوروبا السياسية والاقتصادية لتتمكن من لعب دور فعّال في الشرق الأوسط؟ وهل سينجحون في تطوير استراتيجية جيوسياسية توازن بين علاقاتهم ومصالحهم في الشرق الأوسط؟ وهل سينجحون في العمل مع شركاء إقليميين (الأردن حليف إقليمي مستمر) لتعزيز الحلول السياسية المستدامة بعيدًا عن تبعيات القوى الكبرى (لكيلا تقع أوروبا بين مطرقة الانكفاء الأمريكي وسندان التوسع الروسي)؟
يشير الربط بين المشهد الأوروبي والأميركي والحرب في أوكرانيا وغزة إلى تحوّل في مراكز الجاذبية الجيوسياسية. إذ إن الاتفاق التجاري والتزامات الطاقة، تمنح الولايات المتحدة مساحة أوسع لاستخدام السياسة الخارجية كأداة واحدة شاملة لإدارة ملفات أوكرانيا والشرق الأوسط في وقت واحد، مع تآكل القوة الأوروبية الناعمة.
والسؤال هنا، هل الاهتمام الاوروبي بالحفاظ على 'الرعاية الأميركية يُقوّي من علاقاتها، أم يُقوِّضها؟ وهل الرغبة في ضمان الأمان الأميركي تُترجَم إلى ضعف في تأثير القرار الأوروبي في أوكرانيا والشرق الاوسط؟ وهل هذا الترابط يعني أن أي ليونة أو تشدد أميركي في ملف غزة سيتأثر بمدى حاجتها لتماسك المعسكر الأوروبي في مواجهة روسيا، وهل أوروبا جاهزة للتحدي المطروح اماها في صيف 2025، وهو متعدد الابعاد (قرار سياسي، واقتصادي، وضغط جيوسياسي، وهشاشة أوكرانية، وابعاد قانونية واجتماعية، مثل امن الوظائف والتنافسية)؟ وهل هي قادرة على اعلان حالة الطوارئ الصناعية، والمحافظة على سلاسل التوريد والقطاعات الأكثر تضررًا لامتصاص الصدمة الاقتصادية.
الأردن، بصفته حليف تقليدي لكل من أمريكا واوروبا، وهو في قلب العاصفة الجيوسياسية المتشابكة، ليس بعيداً عن هذه التطورات والتقاطعات، التي لها تداعيات عميقة على استقراره وأمنه الاقتصادي والسياسي.
إن احتمالات إعادة رسم موازين القوى في أوكرانيا والشرق الأوسط تُرجّح أن يصبح الأردن في موقع جيوسياسي حساس بين الأقطاب المتنافسة لتوسيع نفوذها في ظل تصاعد الحرب في غزة وتداعياتها الإنسانية والأمنية، مع تأثيرات قد تمتد لتصل التوازنات الاجتماعية الداخلية.
مع كل هذه الضغوط المركبة، هل سيتمكن الأردن من المحافظة على الدور الحيوي كـجسر دبلوماسي إقليمي لدعم الحلول السياسية المستدامة (في ظل تراجع الدور الأوروبي المتفهم والداعم للأردن)؟
إن جلالة الملك يعلم ما يجري من أحداث على الساحة الدولية، وأنها ستلقي بظلالها على الأردن، وهو المبادر في سرعة تبني سياسات مرنة وحكيمة تحمي المصالح الوطنية، وتحقق التوازن في بيئة دولية معقدة، ويعمل على تنويع الشراكات الدولية، وتطوير القدرات العسكرية والأمنية، وإدارة ملف العلاقة مع إسرائيل بحذر متوازن، والاستمرار في الضغط الدبلوماسي في ملف القدس وحقوق الفلسطينيين لتعزيز امن واستقرار الأردن.
ان جهود الملك، يجب ان يرافقها جهود من الادارة التنفيذية، للعمل على تنويع مصادر الطاقة، والمياه (فعلاً لا قولاً)، وبمرونة في السياسات الداخلية، من تبني سياسات اجتماعية واقتصادية تحافظ على التماسك الوطني في وجه الضغوط الخارجية، وتحسين الخدمات، وخلق فرص عمل، ودعم القطاعات الاقتصادية الحيوية، وتقديم الكفاءة (حيث الفاقدين للكفاءة يخلقون المشكلات، والمتعلمون يسعون لحلها، الا ان الكفاءة تمنع وقوعها) على الولاءات الشخصية (حيث في كثير من الأحيان تلعب الآراء الشخصية دوراً اكبر، وتصبح اقوى من الآراء المؤسسية، فان اعظم خطيئة هي تصديق الأشياء دون دليل)، وتعزيز الحوار الوطني والشراكة مع مختلف القوى السياسية والمجتمعية لتفادي استغلال الأزمات الخارجية في خلق انقسامات داخلية، وتعزيز دور التعليم وتطويره بالشكل الصحيح (حتى ولوكان مكلف، لان تكلفة تراجعه ستكون كارثية)، ولكيلا نجد انفسنا خارج اللعبة.
ان هذه الإجراءات يجب ان تكون من الضرورات وليس خيارات، لتمكين الأردن من تجاوز هذه المرحلة الدقيقة بأقل خسائر ممكنة.
اننا نثق بكل ما يقوم به الملك، والاردنيون موحدون خلفه لحماية الوطن من اية تهديدات خارجية، وللمحافظة على مكانته كركيزة أمن واستقرار في منطقة سريعة التقلب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جو 24
منذ 8 ساعات
- جو 24
الطريق نحو "الدولة" المنبوذة: حرب غزة عزلت الاسرائيليين ومظاهر المقاطعة بدأت في قطاع التكنولوجيا #عاجل
جو 24 : نشرت صحيفة "فايننشال تايمز' تقريرا أعده نيري زيبلر، قال فيه إن الإسرائيليين يواجهون عزلة عالمية متزايدة، وأن رد الفعل العنيف على حرب غزة يثير مخاوف الإسرائيليين المسافرين ورجال الأعمال من أن بلادهم تسير نحو وضعية الدولة المنبوذة. وأشار التقرير إلى المحاولة في هذا الصيف لمنع سفينة سياحية إسرائيلية على متنها 1,600 راكب من الاقتراب من جزيرة سيروس اليونانية، فقد تجمع مئات السكان المحليين عند الميناء القديم للجزيرة اليونانية الآسرة بجمالها، مرددين هتافات "فلسطين حرة' ومحتجين على اقتراب السفينة القادمة من حيفا وأعيد توجيهها نحو قبرص لأسباب أمنية. وقد دفع هذا الحادث العديد من الإسرائيليين إلى التساؤل: "إذا لم يعد بإمكانهم الشعور بالترحيب في اليونان، التي تعتبر بلا شك الوجهة السياحية الأكثر شعبية في إسرائيل، والتي تربطها بها علاقات دبلوماسية وعسكرية وثقافية عميقة بها، فماذا بقي لهم؟'. وبعد مرور ما يقرب من عامين على حرب الإبادة، أصبح الاتجاه في معظم أنحاء العالم واضحا: تتعرض إسرائيل للانتقاد والعقوبات والعزلة بشكل متزايد، كل ذلك في حين ينمو الدعم بين الحلفاء الغربيين للاعتراف بدولة فلسطينية. وقد لجأ المعلقون الإسرائيليون إلى وصف موجة الاستهجان بأنها "تسونامي دبلوماسي'، بعد خطاب ألقاه وزير الدفاع آنذاك إيهود باراك عام 2011 حذر فيه من أن غياب عملية سلام مع الفلسطينيين سيحول إسرائيل إلى دولة منبوذة و'يدفع إسرائيل إلى الزاوية التي بدأ منها تدهور جنوب إفريقيا'، أي نظام الفصل العنصري. ونقلت الصحيفة عن جيريمي إيسخاروف، وهو دبلوماسي إسرائيلي كبير متقاعد شغل منصب سفير لدى ألمانيا، قوله: "لا أتذكر وضعا كان حرجا جدا من حيث مكانتنا الدولية والهجمات على شرعيتنا والانتقادات الموجهة للحكومة، بما في ذلك في الولايات المتحدة. وبعض أفضل أصدقائنا يرسلون لنا إشارات سلبية للغاية'. وتضيف الصحيفة أنه مع ارتفاع عدد القتلى ووصول قطاع غزة إلى حافة المجاعة بسبب القيود الإسرائيلية على المساعدات الإنسانية، اشتدت الإدانة العالمية للحرب التي تشنها إسرائيل، وبخاصة بعد تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي بتوسيع الحملة و'إنهاء المهمة' هناك، مما أثار المزيد من تدقيق الحلفاء. فقد أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن الرد العسكري الإسرائيلي "لم يعد مبررا'، بينما انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التصعيد الإسرائيلي المخطط له، ووصفه بأنه "كارثة على وشك الحدوث'. وأعربت أكثر من 12 دولة، بما فيها بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية بحلول الشهر المقبل في اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك. وهاجم عدد متزايد من النقاد الدوليين الشرسين إسرائيل لارتكابها إبادة جماعية، بينما يخضع نتنياهو نفسه منذ تشرين الثاني/نوفمبر لمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية'. وقال مسؤول إسرائيلي كبير سابق، إن الرأي العام الإسرائيلي "يدرك أن هذا الوضع أعمق وأوسع نطاقا وأكثر خطورة من أي وقت مضى'، مضيفا أن الضغط الدولي المتزايد "تجاوز الحدود'. وازدادت عمليات حظر الأسلحة المفروضة على إسرائيل طوال الحرب، حيث علقت ألمانيا، وهي مصدّر رئيسي للأسلحة، ويعود دعمها القوي لإسرائيل إلى الهولوكوست، الأسبوع الماضي شحنات الأسلحة التي من الممكن استخدامها في غزة. وأعلن صندوق النفط النرويجي، الذي تبلغ قيمته تريليوني دولار أمريكي، وهو أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم، هذا الأسبوع أنه باع خمس استثماراته في إسرائيل وقطع علاقاته مع مديري الصناديق الإسرائيليين ردا على الحرب. وقال رئيس الوزراء النرويجي، يوناس غار ستور، في بودكاست: "المأساة الحالية هي تضرر سمعة إسرائيل في دول لطالما تعاطفت معها'. وأضاف: "سيكون لذلك تأثير مع مرور الوقت، وأعتقد أنه سيكون دراماتيكيا جدا على إسرائيل'. وتقول الصحيفة إن الأزمة الاقتصادية بدأت تظهر بالفعل في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، وبخاصة من المستثمرين الأوروبيين، وفقا لرسائل خاصة اطلعت عليها صحيفة "فايننشال تايمز' في منتدى إلكتروني يضم مئات من المستثمرين الإسرائيليين واليهود. وجاء في إحدى الرسائل من شريك محدود: "إن فكرة الاستثمار في دولة تمنع بشكل مباشر تدفق المساعدات الضرورية [إلى غزة] أمر نكافحه لأسباب أخلاقية'. ونقل مدير صندوق آخر: "إسرائيل غير مرغوب بها في الدنمارك'. وقال أمير ميزروش، مستشار الاتصالات العالمية المقيم في تل أبيب، إن كبار رجال الأعمال الإسرائيليين "يشعرون وكأنهم أصبحوا روسيا دون العقوبات الرسمية'. وأضاف ميزروش أن الأموال الأوروبية وإن كانت تمثل جزءا ضئيلا من الاستثمار الأمريكي، فإن القلق الأكبر يكمن في احتمال تضرر التعاون البحثي والأكاديمي المشترك في مجالات مثل أشباه الموصلات وتصميم الرقائق، ومن خلال برنامج "هورايزون' لتمويل العلوم التابع للاتحاد الأوروبي. وقد فشلت محاولات استبعاد إسرائيل من البرنامج، وكذلك اتفاقية الشراكة الأوسع مع الاتحاد الأوروبي، بسبب معارضة حكومات، منها ألمانيا والمجر. لكن لا يزال من غير الواضح إلى متى سيصمد هذا الوضع، خاصة إذا اتسع نطاق حرب غزة. وقالت الصحيفة إن الدعم في الولايات المتحدة -الحليف الأقوى لإسرائيل- قد تراجع وبخاصة بين الديمقراطيين والمستقلين. فقد أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب الشهر الماضي، أن 32% فقط من الجمهور يدعمون العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة. ومع ذلك، يبدو أن دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يتضاءل حتى الآن، على الرغم من بوادر الانشقاق داخل جناح "ماغا' أو لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، في الحزب الجمهوري. وباستثناء أي تغيير جذري في موقف ترامب، يبدو أن حكومة نتنياهو غير مهتمة بالضجيج العالمي، مشيرين إلى أن القادة الأوروبيين قد "استسلموا' للضغوط الداخلية من وسائل الإعلام والجماعات اليسارية و'أقلياتهم المسلمة'. وفي حين أن هذه الخطوات لم تؤثر فعليا على الحياة اليومية في إسرائيل، فقد امتلأت وسائل الإعلام الإسرائيلية خلال الشهر الماضي بتقارير عن جنود سابقين في الجيش يُلاحَقون بتهمة ارتكاب جرائم حرب عند زيارتهم لأمريكا اللاتينية وأوروبا، وعن تخريب مطاعم إسرائيلية في سيدني وبرلين. كما حُذف اسم منسق موسيقى إسرائيلي من قائمة المشاركين في مهرجان موسيقي بلجيكي بسبب "مخاوف أمنية' غامضة، وتعرض المصطافون للاعتداء في أثينا، مما دفع السلطات الإسرائيلية إلى نصح المسافرين إلى الخارج بـ'التقليل' من إظهار جنسيتهم. ويتمثل القلق بين المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين في احتمال فرض عقوبات إضافية، مما يجبرهم على التفكير في مستقبل تمنع فيه إسرائيل من المشاركة في الفعاليات الدولية، وتخضع لحظر أوسع على الأسلحة، ويلغى السفر بدون تأشيرة. وقال إيسخاروف، الدبلوماسي السابق: "هذه عملية يمكن أن تتفاقم في اتجاهات مختلفة.. نحن نعيش في عالم معولم. لا إنسان ولا دولة جزيرة معزولة'. (القدس العربي + وكالات) تابعو الأردن 24 على


العرب اليوم
منذ 8 ساعات
- العرب اليوم
سوهارتو الشرق الجديد
قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع القناة الإسرائيلية «i24»، إنه في قلب «مهمة تاريخية وروحية»، وإنه يؤيد قيام «إسرائيل الكبرى»، وقد كثرت روحانياته في الآونة الأخيرة كلما زادت قرارات وخطوات التوحش في غزة. يطرح صورته التوراتية كلما اشتدت من حوله تهم الفساد والاختلاسات التي لا تتناسب كثيراً مع صورة «ملك إسرائيل». يذكرنا نتنياهو بما حدث في الأيام الأخيرة من حياة الرئيس الإندونيسي الراحل محمد سوهارتو. فقد اتهم بجمع 31 مليار دولار، وأن عائلته تملك ما مجموعه 73 مليار دولار، وقد وزع الكثير من تلك الثروات بأسماء 500 جمعية خيرية. وعندما بدأ التحقيق معه، أخذ يتحدث بلغة روحانية لا يفهمها أحد. عبثاً حاول المستنطقون الوصول إلى مصادر الثروات. الأرواح رفضت الكشف عنها. أو حتى مساعدة سوهارتو على تذكرها. وفي النهاية، أصيب القضاة باليأس، وتركوا الجنرال يقضي أيامه صامتاً يحاول تذكر أسماء الجمعيات والشركات المسجلة. لم يعد نتنياهو يتحدث باعتبار أنه رئيس وزراء حالي، بل صاحب وعد يحيط به الغلاة والحاخامات. وكما ربح الإسرائيليون حرب 1967، وأضافوا ما أصبح «إسرائيل الكبرى»، أي بما فيها القدس الشرقية، ها هو الآن الرجل الذي يكرس لهم الحلم التوراتي. كيف يمكنك إذن المضي في محاكمة هذا الواعد الكبير في تهم صغيرة؟ مثلما كان سوهارتو الحاكم الأطول مدة في إندونيسيا، هكذا ندّه في إسرائيل. وقد بدأت تهم الفساد مع وصوله إلى الحكم. غير أن الفارق الأهم هو في حجم تهم الرشوة. فالهدايا التي تلقاها الزعيم الروحاني وزوجته محصورة تقريباً في علب السيجار وصناديق الشمبانيا. سُئل نتنياهو على القناة «i24» ما إذا كانت فكرته تشمل الشعب اليهودي الآن؟! قال: «بل تشمل أجيالاً عديدة».

سرايا الإخبارية
منذ 10 ساعات
- سرايا الإخبارية
قمة ترامب وبوتين .. ما أسباب اختيار ألاسكا تحديدا؟
سرايا - تشهد ولاية ألاسكا قمة تاريخية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، يتناول فيها الطرفان مستقبل حرب أوكرانيا وقضايا ثنائية أخرى، فلماذا تم اختيار هذه الولاية الأميركية؟. يعود السبب الأول، لاختيار "ولاية ألاسكا الأميركية" لكونها أقرب نقطة جغرافية بين روسيا والولايات المتحدة، عبر مضيق بيرينغ، مما يقلل الأعباء اللوجستية والأمنية، وتجنب المخاطر الاستخباراتية. كما كانت الولاية مستعمرة روسية حتى عام 1867 عندما باعتها موسكو للولايات المتحدة بأكثر من 7 ملايين دولار، وتسعى موسكو من خلال ذلك إلى الحفاظ على رمزية التاريخ الروسي. لكن يبقى السبب الأهم، هو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لديه حرية السفر إلى الأراضي الأميركية، لأن واشنطن ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية وبالتالي فهو لن يواجه أزمة اعتقال. حسابات أخرى دفعت بوتين وترامب للقبول بعقد اللقاء في ألاسكا، منها أن الولاية بوابة للموارد الطبيعية، خاصة النفط والغاز، ما يمنح رمزية لملف الطاقة بين البلدين، كما أنها فرصة لاستعراض إمكانيات استثمارية وإرسال رسائل للأسواق العالمية. وبالنسبة لترامب فإن اختيار ألاسكا مرده، أن القمة تعقد على أراض أميركية، وتعزز صورته كقائد يوازن بين الحزم والانفتاح الدبلوماسي. إضافة إلى ذلك فإن الرئيس الأميركي لديه رغبة في إرسال عدة رسائل منها "قوة الولايات المتحدة في القطب الشمالي"، وكأنه بذلك يرد على الوجود العسكري والروسي في المنطقة الأمر الذي يسلط الضوء على المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة وروسيا في القطب الشمالي الغني بالموارد.