
بعد 9 سنوات على فضيحة التسريب.. الجزائر لا تزال تبحث عن بدائل لقطع الإنترنت خلال الامتحانات
دأبت السلطات الجزائرية منذ عام 2016 على قطع خدمة الإنترنت خلال أيام امتحانات شهادة التعليم الثانوي (البكالوريا)، وذلك عقب فضيحة تسريب ونشر أسئلة الامتحانات على شبكات التواصل الاجتماعي في دورة 2015، مما تسبب في أزمة وطنية شكّكت في نزاهة العملية التربوية.
ورغم مرور قرابة عقد من الزمان على تلك الحادثة، يبدو أن الحكومة الجزائرية لم تتمكن حتى الآن من إيجاد بديل فعّال لهذا الإجراء الذي يتكرر سنويا، والذي يُبرَّر دائما بضرورة منع الغش وضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين.
وفي هذا السياق، أعلن وزير التربية الوطنية محمد الصغير سعداوي أن الوزارة بصدد دراسة حلول تقنية وتنظيمية بديلة تضمن نزاهة امتحانات البكالوريا، دون الحاجة إلى اللجوء إلى قطع الإنترنت، وهو الإجراء الذي يتعرض لانتقادات واسعة من قِبل فاعلين اقتصاديين وتجاريين يرونه مؤذيا للحياة اليومية والنشاط الاقتصادي.
وشهدت دورة 15 يونيو/حزيران 2025 تحولا جزئيا في هذا الإجراء، فبدلا من القطع الكلي للشبكة كما جرت العادة، اكتفت السلطات هذا العام بحجب منصات التواصل الاجتماعي، وتخفيض سرعة الإنترنت بشكل ملحوظ، وفق ما أوردته قناة "الشروق" المحلية.
لكن هذا "التخفيف" لم يكن كافيا بالنسبة لعدد من نشطاء الإنترنت ورواد مواقع التواصل، الذين عبّروا عن امتعاضهم عبر مناشدات للسلطات تطالب بإنهاء ما وصفوه بـ"العقاب الجماعي"، الذي تفرضه الحكومة سنويا.
واعتبروا أن فضيحة تسريب 2015 لا يجب أن تبقى مبررا لعزل الجزائر رقميا عن العالم طيلة أسبوع، في ظل ما لذلك من تأثيرات على مجالات الاقتصاد والتعليم والمهن الرقمية.
ووفقا لجريدة "الخبر"، عبّر هؤلاء النشطاء عن استيائهم من أن ملايين الجزائريين يدفعون سنويا ثمن خطأ ارتكبته قلة قبل عقد من الزمن، دون محاسبة منهجية تتيح تجاوز المشكلة بطريقة مسؤولة.
على المستوى القانوني، تنص المادة 253 مكرر 06 من قانون العقوبات الجزائري على معاقبة كل من ينشر أو يسرب مواضيع أو أجوبة الامتحانات النهائية للتعليم المتوسط أو الثانوي، سواء قبل أو أثناء الامتحانات، بعقوبة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات سجنا، وغرامة مالية تتراوح بين 100 ألف و300 ألف دينار جزائري، وتشمل العقوبة نفسها كل من يحلّ محل المترشح في الامتحانات.
ويُذكر أن الجزائر تضم أكثر من 6.2 ملايين مشترك في خدمة الإنترنت الثابت، وفق إحصاءات 2023، في حين تحتكر شركة "اتصالات الجزائر" الحكومية هذه الخدمة، ويبلغ عدد سكان البلاد نحو 47 مليون نسمة.
وانطلقت، أمس الأحد، امتحانات شهادة البكالوريا لدورة يونيو/حزيران 2025 بمختلف الولايات، بمشاركة أكثر من 850 ألف مترشح موزعين على نحو 3000 مركز إجراء على مدى 5 أيام. وقد أشرف وزير التربية الوطنية محمد الصغير سعداوي، من ثانوية الإدريسي ببلدية سيدي أمحمد في العاصمة الجزائر على إعطاء إشارة الانطلاق الرسمية لهذه الدورة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 16 ساعات
- الجزيرة
بعد 9 سنوات على فضيحة التسريب.. الجزائر لا تزال تبحث عن بدائل لقطع الإنترنت خلال الامتحانات
دأبت السلطات الجزائرية منذ عام 2016 على قطع خدمة الإنترنت خلال أيام امتحانات شهادة التعليم الثانوي (البكالوريا)، وذلك عقب فضيحة تسريب ونشر أسئلة الامتحانات على شبكات التواصل الاجتماعي في دورة 2015، مما تسبب في أزمة وطنية شكّكت في نزاهة العملية التربوية. ورغم مرور قرابة عقد من الزمان على تلك الحادثة، يبدو أن الحكومة الجزائرية لم تتمكن حتى الآن من إيجاد بديل فعّال لهذا الإجراء الذي يتكرر سنويا، والذي يُبرَّر دائما بضرورة منع الغش وضمان تكافؤ الفرص بين المترشحين. وفي هذا السياق، أعلن وزير التربية الوطنية محمد الصغير سعداوي أن الوزارة بصدد دراسة حلول تقنية وتنظيمية بديلة تضمن نزاهة امتحانات البكالوريا، دون الحاجة إلى اللجوء إلى قطع الإنترنت، وهو الإجراء الذي يتعرض لانتقادات واسعة من قِبل فاعلين اقتصاديين وتجاريين يرونه مؤذيا للحياة اليومية والنشاط الاقتصادي. وشهدت دورة 15 يونيو/حزيران 2025 تحولا جزئيا في هذا الإجراء، فبدلا من القطع الكلي للشبكة كما جرت العادة، اكتفت السلطات هذا العام بحجب منصات التواصل الاجتماعي، وتخفيض سرعة الإنترنت بشكل ملحوظ، وفق ما أوردته قناة "الشروق" المحلية. لكن هذا "التخفيف" لم يكن كافيا بالنسبة لعدد من نشطاء الإنترنت ورواد مواقع التواصل، الذين عبّروا عن امتعاضهم عبر مناشدات للسلطات تطالب بإنهاء ما وصفوه بـ"العقاب الجماعي"، الذي تفرضه الحكومة سنويا. واعتبروا أن فضيحة تسريب 2015 لا يجب أن تبقى مبررا لعزل الجزائر رقميا عن العالم طيلة أسبوع، في ظل ما لذلك من تأثيرات على مجالات الاقتصاد والتعليم والمهن الرقمية. ووفقا لجريدة "الخبر"، عبّر هؤلاء النشطاء عن استيائهم من أن ملايين الجزائريين يدفعون سنويا ثمن خطأ ارتكبته قلة قبل عقد من الزمن، دون محاسبة منهجية تتيح تجاوز المشكلة بطريقة مسؤولة. على المستوى القانوني، تنص المادة 253 مكرر 06 من قانون العقوبات الجزائري على معاقبة كل من ينشر أو يسرب مواضيع أو أجوبة الامتحانات النهائية للتعليم المتوسط أو الثانوي، سواء قبل أو أثناء الامتحانات، بعقوبة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات سجنا، وغرامة مالية تتراوح بين 100 ألف و300 ألف دينار جزائري، وتشمل العقوبة نفسها كل من يحلّ محل المترشح في الامتحانات. ويُذكر أن الجزائر تضم أكثر من 6.2 ملايين مشترك في خدمة الإنترنت الثابت، وفق إحصاءات 2023، في حين تحتكر شركة "اتصالات الجزائر" الحكومية هذه الخدمة، ويبلغ عدد سكان البلاد نحو 47 مليون نسمة. وانطلقت، أمس الأحد، امتحانات شهادة البكالوريا لدورة يونيو/حزيران 2025 بمختلف الولايات، بمشاركة أكثر من 850 ألف مترشح موزعين على نحو 3000 مركز إجراء على مدى 5 أيام. وقد أشرف وزير التربية الوطنية محمد الصغير سعداوي، من ثانوية الإدريسي ببلدية سيدي أمحمد في العاصمة الجزائر على إعطاء إشارة الانطلاق الرسمية لهذه الدورة.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
لماذا لم تتفاعل تونس مع التغيير السياسي في سوريا؟
رغم مرور أكثر من 6 أشهر على سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ، وتشكّل حكومة جديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع ، تواصل تونس صمتها الرسمي تجاه هذا التحول السياسي المفصلي، في وقت سارعت فيه معظم الدول العربية إلى إعلان مواقف واضحة، تفاوتت بين الترحيب الحذر والدعم وإعادة تطبيع العلاقات. وباستثناء البيان الصادر عن الخارجية التونسية في اليوم الثاني لسقوط النظام، الذي أكدت فيه أهمية وحدة سوريا، وسلامة أراضيها واحترام إرادة شعبها، فإن تونس لم تبد حتى الآن أي تفاعل سياسي مباشر مع التغيير الجوهري الذي شهدته سوريا، فلا بيان رسمي، ولا تهنئة، ولا مؤشرات على نية إعادة العلاقات الدبلوماسية. في ضوء ذلك يطرح هذا التقرير تساؤلا محوريا: لماذا لا تتفاعل تونس مع التغيير السياسي الجديد في سوريا؟ وهل يعكس هذا الغياب نهجا دبلوماسيا محسوبا يرتكز على التريث وعدم التسرع؟ أم أنه انعكاس لحالة انشغال داخلي ترك الملف السوري خارج أولويات السياسة الخارجية؟ تونس ونظام الأسد قبل السقوط بينما يأتي الصمت التونسي تجاه التغيير السياسي في سوريا وليد الحياد أو التريث الدبلوماسي بحسب أنصار الحكومة، يعكس وفق مراقبين وناقدين للسياسة الخارجية التونسية، امتدادا لتحالف سياسي سابق بين نظام الرئيس قيس سعيد والنظام السوري المخلوع، إذ شهدت العلاقات بين الطرفين تقاربا لافتا في السنوات الأخيرة، بلغ ذروته بلقاء مباشر جمع سعيّد ببشار الأسد على هامش القمة العربية في جدة عام 2023. وكانت تونس من أوائل الدول التي أغلقت سفارتها في دمشق مطلع سنة 2012، إلا أن الوضع تغير مع انفراد سعيد بالحكم في صيف 2021، إذ سارعت تونس إلى مد يدها للنظام السوري السابق في مسعى لفك عزلته، وفي سنة 2022، التقى سعيد بوزير خارجية الأسد فيصل المقداد، على هامش زيارتهما إلى الجزائر بمناسبة الذكرى الـ60 للاستقلال، وطلب منه نقل تحياته إلى بشار الأسد. وبعد عام من هذا اللقاء، قرر قيس سعيد رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي في سوريا وإعادة فتح السفارة التونسية في دمشق، مجددا تأكيد وقوف بلاده إلى جانب دمشق في وجه من يصفهم بـ"قوى الظلام والساعين إلى تقسيم هذا البلد العربي". واستمر الموقف التونسي الداعم لنظام الأسد المخلوع إلى أيام معركة " ردع العدوان"، إذ تبنى الرئيس سعيد رواية النظام، وعبّر عن إدانته الشديدة لما اعتبرها "الهجمات الإرهابية التي استهدفت شمال سوريا"، معلنا تضامنه مع النظام السوري، داعيا المجموعة الدولية إلى "مساندة هذا البلد الشقيق، حتى يحافظ على سيادته وأمن شعبه واستقراره ووحدة أراضيه". ولم يمر يوم واحد على سقوط الأسد، في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، حتى عدلت تونس بوصلة موقفها الرسمي 180 درجة عبر بيان أصدرته خارجيتها، معربة عن "احترامها أن يختار الشعب السوري مصيره بنفسه بمنأى عن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي". الخوف من التجربة السورية رغم أن الرئيس التونسي، قيس سعيد، وصل إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، في واحدة من أبرز تجارب الربيع العربي الديمقراطية، فإن استفراده بالحكم لاحقا وسط انتقادات واسعة له بتجاوز صلاحياته وقمع الحياة السياسية، بالإضافة غلى مواقفه اللاحقة، كشفت عن موقف متوجّس من نجاح ثورات الربيع العربي، حيث هاجم ما سماه "الفوضى" و"المؤامرات الخارجية". من هذا المنطلق، يرى مراقبون أنه ليس مستغربا أن يقف سعيد موقف المتفرّج تجاه تجربة التغيير السياسي في سوريا، لا سيما أنها جاءت خارج الأطر التي تروق له، وعبّرت عن مناخ تحرري لا يتوافق مع نهجه. ويرى الباحث التونسي الطيب غيلوفي أن سعيّد وقف "ضد الربيع العربي منذ البداية"، رغم أنه أحد نتاجاته، وقد أغلق قوس الانتقال الديمقراطي الذي أوصله إلى الحكم. ويشير غيلوفي في حديثه للجزيرة نت إلى أن سعيّد والأسد يتشابهان في رفضهما لمطالب الثورات، وإن اختلفت الوسائل، مضيفا "الأسد واجهها بالقمع الدموي، وسعيّد بتجميد المؤسسات والانقلاب على دستور الثورة". ولفت غيلوفي إلى أن هناك بعدا آخر يفسر التحفظ التونسي من السلطة الجديدة في سوريا، يرتبط بموقف سعيد من "الإسلام السياسي"، الذي يعارضه كمنافس على الحكم لا كتوجه فكري أوديني، لذلك لم يلجأ إلى استئصال الإسلاميين بل واجههم كخصوم سياسيين. وفي تقرير نشرته فايننشال تايمز في ديسمبر/كانون الثاني 2024، أكدت الصحيفة أن دولا عربية من بينها تونس حذرت من المخاطر المحتملة بعد سقوط الأسد، مستشهدة بتجارب فاشلة في مصر وليبيا، وأشارت الصحيفة إلى أن تونس ترى في نجاح أي نموذج ديمقراطي تحديا قد يسهم في تقويض الاستقرار الداخلي. ضبابية في السياسة الخارجية التونسية اتسمت السياسة الخارجية التونسية منذ صعود الرئيس قيس سعيد للحكم عام 2019 بحالة من الغموض، وميلا نحو الانكفاء تجاه القضايا العربية والإقليمية الكبرى، كالموقف من الأزمة الليبية مثلا، والموقف من الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي. ويعتبر الموقف الرسمي تجاه التغيرات العميقة السريعة التي عصفت بنظام الأسد الذي كان النظام التونسي الحالي يقف في صفه أحد عناصر الارتكاز التي يؤسس عليها بعض المراقبين نظرتهم النقدية تجاه سياسة تونس الخارجية المرتبكة، في حين يرى مناصرو الحكومة التونسية أن هذا الموقف يعكس تريثا مدروسا واتباعا لعرف دبلوماسي تونسي بعدم التدخل في شؤون الدول. في هذا السياق، يقول المحلل التونسي صلاح الدين الجورشي للجزيرة نت إن السياسة الخارجية التونسية وجدت نفسها "في التسلل" عند سقوط نظام الأسد بتلك السرعة، موضحا أنها لم تكن تملك لا بعدا استشرافيا ولا معلومات كافية حول إمكانية حدوث هذا التغيير العميق في سوريا. وبالنسبة للباحث الجورشي، فقد عكس البيان الرسمي تجاه سقوط الأسد على يد هيئة تحرير الشام"موقفا باهتا وباردا لأن السلطة السياسية التونسية كانت تحت وقع الصدمة ومتفاجئة من وقوع السلطة في دمشق بيد مجموعات كان يعتبرها الموقف الرسمي "إرهابية ومارقة عن القانون". بدوره، يُفسّر الصحفي التونسي رياض ساكمة هذا الموقف بأنه نابع من حرص تونس على ثوابت سياستها الخارجية، التي تأسست منذ الاستقلال على عدم التدخل وتجنّب التسرع والحفاظ على لغة دبلوماسية متوازنة. وينوه سكمة في حديثه للجزيرة نت أن تغيّرا مفاجئا مثل الذي حدث في سوريا يدفع تونس إلى التريث، تفاديا لأي موقف قد يضر بمصالحها أو علاقاتها المستقبلية، خاصة في ظل استمرار الصراع وغموض المشهد على حد قوله. وكانت الخارجية التونسية أكدت في بيانها الصادر في التاسع من ديسمبر/كانون الأول على ضرورة التفريق بين الدولة من جهة والنظام السياسي القائم داخلها من جهة أخرى، فالنظام السياسي هو شأن سوري خالص يختاره الشعب السوري صاحب السيادة، فهو وحده الذي له الحقّ في تقرير مصيره بنفسه بمنأى عن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي. هاجس الجهاديين التونسيين ويمثّل ملف المقاتلين التونسيين الذين التحقوا ببعض المجموعات المسلحة في سوريا أحد أكثر الملفات حساسية بين دمشق وتونس. فقد شكّل التونسيون النسبة الأعلى من المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية وجماعات أخرى، وهو ما جعل -بحسب مراقبين- أي حديث عن تقارب تونسي مع الإدارة السورية الجديدة محاطا بأسئلة صعبة تتعلق بالمحاسبة والتسليم والموقف من العائدين. ومع انهيار نظام الأسد، وتحرر بعض المعتقلين من السجون، برزت مخاوف في تونس من عودة هؤلاء "المقاتلين" إلى البلاد دون رقابة أو محاسبة، بحسب ما أشار إليه الصحفي التونسي رياض ساكمة، الذي يرى أن هذا التطور يزيد من تعقيد المشهد الأمني، رغم تأكيده على جاهزية الجيش والأمن التونسي للتعامل مع أي تهديد محتمل، سواء أكان فرديا أو جماعيا. في المقابل، يقلل الباحث التونسي الطيب غيلوفي من حجم هذا التهديد، ويرى أن الملف لا يشكل عائقا جوهريا أمام إعادة تطبيع العلاقات. ويشير إلى أن معظم المقاتلين التونسيين كانوا ضمن تنظيم الدولة، ويقبعون حاليا في سجون قوات سوريا الديمقراطية"قسد"، بينما لا يشكّل من قاتل مع هيئة تحرير الشام عددا ذا شأن. ويضيف أن قبول الولايات المتحدة بدمج فصائل المعارضة في ترتيبات أمنية مع الحكومة السورية الجديدة يُسقط أي حجة تونسية لتأجيل الانفتاح. ويرى مراقبون أن السلطات التونسية التي تواجه تحديا داخليا بشأن هذا الملف تخشى أن يؤدي تقارب سريع مع السلطة الجديدة في دمشق إلى مطالب مباشرة بالتعاون الأمني، أو حتى تسليم المطلوبين. كما أن دمشق الجديدة، التي تسعى لإعادة بناء شرعيتها، قد تستخدم هذا الملف للضغط السياسي أو للمطالبة بمواقف واضحة من الدول التي جاء منها المقاتلون. وتشير مجموعة سوفان -وهي منظمة بحثية مقرها في نيويورك تقدم خدمات أمن إستراتيجية للحكومات والمنظمات المتعددة الجنسيات- إلى أن تونس تأتي في المرتبة الأولى بعدد المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق، إذ بلغ عددهم 6500 مقاتل، أغلبهم انضم إلى صفوف تنظيم الدولة. يشار إلى أن السلطات التونسية قد أقرت مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، إجراءات جديدة تقضي بتحويل الرحلات القادمة من تركيا إلى محطة منفصلة عن مطار قرطاج الرئيسي، في خطوة يرى مراقبون أنها ذات صبغة أمنية بالأساس، وتهدف إلى قطع الطريق أمام إمكانية عودة عناصر كانت تقاتل في سوريا، خصوصا بعد سقوط نظام الأسد المخلوع.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
لمواجهة "الاستبداد".. شخصيات حقوقية تونسية تلجأ للعدالة الدولية
قدم نشطاء حقوقيون وسياسيون تونسيون بارزون شكاوى إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، احتجاجا على ما وصفوه بـ"الانحراف الاستبدادي الخطير" في بلادهم. كما اشتكى هؤلاء من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والديمقراطية في تونس، خاصة إبان الانتخابات الرئاسية التي جرت في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 2024. وتأتي هذه الخطوة غير المسبوقة بقيادة المحامي إبراهيم بلغيث، المعتمد لدى محكمة التعقيب التونسية والمحكمة الأفريقية والمحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب شخصيات بارزة من بينها كمال الجندوبي، وأحمد معالج، ورضا الدريّس، وأسامة الخليفي، وزينة أولاد سعد، وعادل المجري، ومحيي الدين الشربيب. ويؤكد المشتكون أن حقوقهم كمواطنين وناخبين انتُهِكت، فضلًا عن انتهاك حق الشعب التونسي في تقرير مصيره، مستندين في ذلك إلى الحكم رقم 17/2021 الصادر عن المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، والذي لم تلتزم السلطات التونسية بتنفيذه حتى الآن. ويستند التحرك القانوني إلى 3 مطالب أساسية: الطعن في شرعية السلطات القائمة، والتنديد بالخروقات الحقوقية المصاحبة للعملية الانتخابية، والاعتراض على انسحاب تونس من الإعلان الذي يُتيح للمواطنين رفع شكاوى فردية أمام المحكمة الأفريقية. ومن المنتظر أن تحتضن جنيف مؤتمرًا صحفيًا دوليًا تنظمه جمعية ضحايا التعذيب واللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، وذلك لشرح تفاصيل المبادرة وتسليط الضوء على أبعادها القانونية والحقوقية، إلى جانب دعوة الرأي العام والمنظمات الدولية للتضامن والدفاع عن المؤسسات الديمقراطية في تونس. ويرى منظمو المبادرة أن قبول هذه الشكاوى سيشكل سابقة قانونية من شأنها إعادة النقاش حول شرعية الإجراءات التي اتخذت منذ 25 يوليو/تموز 2021، كما قد يسهم في دفع المجتمع الدولي للضغط على السلطات التونسية للامتثال لالتزاماتها الحقوقية والديمقراطية. ودعت الشخصيات الحقوقية المنظمات الدولية ووسائل الإعلام وكافة الدول إلى دعم الشعب التونسي في سعيه نحو الحرية والديمقراطية، ورفض كل محاولات فرض الأمر الواقع بالقوة والاستبداد.