logo
مصادر كردية ترجح انعقاد المؤتمر القومي الكردي في سوريا قبل نهاية نيسان

مصادر كردية ترجح انعقاد المؤتمر القومي الكردي في سوريا قبل نهاية نيسان

الميادين١٩-٠٤-٢٠٢٥

أجّل كرد سوريا مؤتمرهم القومي للمرة الثالثة، بعد أن كان من المقرّر عقده في الـ18 من نيسان/أبريل الحالي، وذلك بسبب خلافات بين منظّمي المؤتمر الذي يسعى لتوحيد الجهود السياسية الكردية في سوريا في منصة واحدة، تكون مخوّلةً بمناقشة مستقبل الكرد مع الإدارة السورية الجديدة.
وظهرت فكرة انعقاد المؤتمر بعد ضغوطات أميركية - فرنسية مشتركة على كلّ من حزب "الاتحاد الديمقراطي" الذي يقود "الإدارة الذاتية" وأحزاب "المجلس الوطني الكردي"، واللذين يخوضان مفاوضات مستمرة منذ عام 2012، بهدف توحيد الصف الكردي - الكردي.
وتضاعفت الضغوط الإقليمية والدولية على الطرفين، بعد سقوط النظام السابق، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، مع بوادر انفراج في هذا الملف، بعد زيارة القائد العام لـ"قسد"، مظلوم عبدي، إقليم كردستان العراق، ولقائه الرئيس مسعود برزاني، حيث تمّ تأكيد التوافق على الوحدة الكردية في سوريا.
كذلك، عقد الطرفان 3 اجتماعات متكرّرة، كان آخرها برعاية عبدي، وسط تأكيد تجاوز الخلافات السياسية، ومنح أولوية للتوافق، بسبب ضرورات المرحلة، وأهمية توحيد الموقف الكردي في المفاوضات مع حكّام دمشق الجدد. 25 آذار
18 آذار
وزاد من ذلك انسحاب "المجلس الوطني الكردي" من "الائتلاف السوري"، الذي أعلن حلّ نفسه لاحقاً، ما أعطى صورةً عن الرغبة في التوافق السياسي، من أجل التوصّل إلى تفاهمات نهائية بشأن مطالب الكرد في سوريا الجديدة.
ويُعدُّ الخلاف الأبرز رغبة المجلس في استقدام قوات "بشمركة روج أفا" التابعة لها، ومنحها صلاحيات أمنية في مناطق سيطرة "قسد"، إضافةً إلى سعيه لمقاسمة "الإدارة الذاتية" مجالسها المحلية، بهدف المشاركة في حكم المنطقة، وهو ما تمّ تأجيل النقاش فيه لاحقاً، بسبب احتمال دمج "قسد" نفسها مع الجيش السوري الجديد.
كما يطالب المجلس بأن تتمّ المطالبة بنظام "فدرالي لامركزي" في سوريا، وهو ما يرفضه حزب "الاتحاد الديمقراطي"، الذي يؤكّد المطالبة بنظام "إدارة ذاتية لامركزي"، وتعميم تجربته في شمالي شرقي سوريا في المحافظات السورية كافة، على نحو يحفظ حقوق الجميع.
ويطالب المجلس أيضاً بإعلان اتفاق كردي - كردي مع حزب الاتحاد بشكل منفصل، فيما يصرّ الأخير على عقد مؤتمر قومي كردي يضمّ كلّ الأحزاب السياسية والمستقلين، بهدف الخروج بصيغة ووفد كردي موحّد، يمثّل الكرد في المفاوضات مع دمشق حول مستقبلهم في البلاد.
وسط هذه الخلافات، تسعى كلّ من واشنطن وباريس، ومعها كردستان العراق، للضغط على الطرفين لتجاوز كلّ الخلافات والإعلان عن مصالحة كردية - كردية، وعقد مؤتمر قومي كردي جامع لكلّ الأطراف.
وهنا، تبيّن مصادر كردية للميادين نت، أنّ "حزب الاتحاد الديمقراطي أراد وضع الجميع تحت الأمر الواقع، من خلال إعلان الانعقاد في الـ18 من هذا الشهر، نظراً لأهميته في هذه المرحلة المهمة التي تمرّ فيها سوريا"، مشيراً إلى أنّ "الخلافات على الأعلام التي سترفع والآلية التي تمّ فيها الإعلان عن انعقاد الاجتماع، كانت الأسباب في تأجيله".
وتؤكّد المصادر أنّ "الطرفين متفقان على أهمية هذه الخطوة لتوحيد الكرد في سوريا، والجهود مستمرة لتذليل كلّ العقبات"، مرجّحةً "التوافق على موعد جديد للمؤتمر قبل نهاية الشهر الحالي".
وكان المتحدّث باسم "المجلس الوطني الكردي"، فيصل يوسف، أكد في تصريحات إعلامية أنه "بعد استكمال كلّ الإجراءات والترتيبات اللازمة، وقد أنجز الكثير منها، سيعلن رسمياً عن موعد انعقاد المؤتمر القومي الكردي".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترحيب مشوب بالحذر: «قسد» (لا) تستبشر برفع العقوبات
ترحيب مشوب بالحذر: «قسد» (لا) تستبشر برفع العقوبات

تيار اورغ

timeمنذ 6 أيام

  • تيار اورغ

ترحيب مشوب بالحذر: «قسد» (لا) تستبشر برفع العقوبات

الأخبار: تلقّت «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رفع العقوبات عن سوريا بترحيب، رافقه قلقٌ مكتوم يتصاعد لدى الأطراف السياسية في شمال شرق سوريا، من مغبّة أن تستثمر الإدارة السورية الجديدة الانفتاح العربي والغربي الطارئ عليها، لـ«الاستفراد» بالداخل، من دون تقديم أي ضمانات أو إشارات تطمئن مكوّنات المجتمع، وخصوصاً بعد المجازر التي شهدها الساحل، وما تلاها من أحداث دامية في جرمانا وصحنايا والسويداء. وعبّر قائد «قسد»، مظلوم عبدي، عن تقديره للقرار الأميركي، قائلاً عبر تغريدة على منصة «إكس»: «نشكر رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب على قرار وقف العقوبات المفروضة على سوريا، لما له من أثر إيجابي على البلاد»، آملاً أن «تُستثمر هذه الخطوة في دعم الاستقرار وإعادة البناء، بما يضمن مستقبلاً أفضل لكل السوريين»، مضيفاً أن «سوريا تستحق الأفضل دائماً». لكن من خلف عبارات الترحيب، تفاجأت «قسد» بتصريحات الناطقة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، التي قالت إن «ترامب دعا الشرع إلى تحمّل المسؤولية عن مراكز احتجاز عناصر «داعش» في شمال شرق سوريا»، وهو ما يعني ضمنياً تسليم «قسد» تلك السجون للسلطات الجديدة، الأمر الذي يتناقض مع التفاهمات السابقة بين واشنطن و«الإدارة الذاتية»، والتي تضمنت إبقاء هذا الملف بيد الأخيرة، على اعتبار أنها تمتلك قوات مدرّبة ومجهّزة للتعامل مع مسألة شديد الخطورة. وقرأت «قسد» في ذلك الموقف تحوّلاً في سياسة الولايات المتحدة حيال سوريا، يواكب اللقاء الذي جمع ترامب بالرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، ويمنح دمشق دفعة معنوية غير مسبوقة. وترجّح أوساط كردية أن تسعى دمشق، في ظل هذه الدينامية الجديدة، لدفع «قسد» إلى تسليم سلاحها والاندماج في الدولة، من دون تقديم أي امتيازات تُذكر لها. تتعالى التحذيرات من استغلال دمشق للدعم العربي والغربي للتضييق على مناطق لا تزال خارج سيطرتها وعليه، تتعالى أصوات تحذّر من استغلال دمشق للدعم العربي والغربي للتضييق على مناطق لا تزال خارج سيطرتها، كما هو الحال في معاقل «قسد» في شمال شرق سوريا، والسويداء في الجنوب. ويخشى هؤلاء من أن يدفع قرار رفع العقوبات، بسلطات الشرع، إلى الاستئثار بالقرار الداخلي، ومحاولة الهيمنة على مفاصل الدولة، من دون منح أي فرصة للشراكة مع بقية المكوّنات. لكنْ في المقابل، ثمّة تيار كردي آخر يرى في هذه المتغيرات فرصة لا تهديداً، إذ يعتقد أصحاب هذا الرأي بأن «قسد» قادرة، بحكم علاقاتها الممتدة مع واشنطن وباريس والغرب، على وضع مطالبها ضمن سلة الضغوط الأميركية على حكومة الشرع، لدفعها نحو التخلّي عن تعيينات اللون الواحد المتّبعة منذ سقوط نظام الأسد، وإشراك كل مكوّنات المجتمع في إدارة البلاد. كذلك، يأمل أصحاب الرأي المتقدّم أن ينتج الضغط الغربي، وقفاً للانتهاكات بحق الأقليات، والتوجه إلى إشراك هذه الأخيرة في إعادة صياغة الإعلان الدستوري، وأيضاً في البرلمان المُزمع تشكيله في الأيام القليلة القادمة. وفي هذا السياق، يبيّن مصدر كردي أن «قرار رفع العقوبات، هو خطوة أفرحت كل السوريين - الذين عاشوا حصاراً اقتصادياً قاسياً طيلة السنوات السابقة، تدنّت فيه المعيشة إلى أدنى مستوى -، بمن في ذلك سكان مناطق شمال شرق سوريا، والتي خصّصتها الولايات المتحدة باستثناءات وهمية»، معتبراً، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «لقاء ترامب والشرع يشكّل فرصة لفرض تسوية سياسية داخلية، تضمن تمثيلاً وشراكة لكل السوريين في الحكم، وتنهي حقبة الصراعات المسلحة، للتفرغ لتحسين الاقتصاد، وإعادة الإعمار». وإذ يرجّح أن واشنطن «لن تتخلّى عن شروطها، ومن بينها ضمان حقوق الأقليات الدينية والعرقية، وطرد المقاتلين الأجانب»، فهو يرى أن «قرار رفع العقوبات لن يكون شيكاً على بياض، بل سترافقه مراقبة دقيقة للوضع في سوريا، وهو ما يتطلب سلوكاً إيجابياً من دمشق، وتغيير طريقة تعاطيها في الداخل بصورة أكثر انفتاحاً».

هوشنك أوسي لـ"المدن": الأكراد لم يرفعوا السلاح بوجه الدولة
هوشنك أوسي لـ"المدن": الأكراد لم يرفعوا السلاح بوجه الدولة

المدن

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • المدن

هوشنك أوسي لـ"المدن": الأكراد لم يرفعوا السلاح بوجه الدولة

سوريته وكرديته متوازيتان ومتشابكتان في حراكه الثقافي والأدبي والسياسي، بشكل بهي، ويعتبرُ أن سلاح قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ليس ضد سوريا كدولة وطنية ديمقراطية عادلة متوازنة. إنه الروائي والشاعر السوري هوشنك أوسي الذي تحدث لـ"المدن"، مؤكداً "أن الكُرد لم يرفعوا سلاحاً في تاريخهم في وجه الدولة السورية". وأضاف أنّه لا يمكننا بناء سوريا الجديدة على هوى تركي، أو إسرائيلي، أو أميركي. حاول أوسي شرح لامركزية للدولة (بدون شيطنتها)، والذي يبقيها، واحدةً موحدة، مطالباً الرئيس الشرع بأن يكون رئيساً لكل لسوريين، ورفض تخوين الدروز والكرد والعلويين، مؤكداً أن الدولة الدينية، هي بالضدّ من الدولة الوطنية، لافتاً الانتباه إلى أن الرّواية الكرديّة في سوريا مفخرة للأدب السوري. فيما يلي نص المقابلة: لماذ رفضت دمشق مقررات المؤتمر الكردي الأخير؟ وماذا عن تراجع "قسد" عن تفاهماتها مع دمشق؟ حتّى قبل فترة قريبة، كنا نظن أن المواقف العنصرية تجاه الكرد في سوريا، بعثيّة المنشأ، بدءاً من حقبة الانفصال سنة (1961-1963)، وصولاً لحقبة حكم البعث (1963-2024)، لكن بمراجعة بعض الوثائق الفرنسية، يتضح أن الحكومة السورية سنة 1930 والنخب الحاكمة وقتذاك، وتحت قبة البرلمان السوري، كانت تشجب مطالب أبناء الجزيرة كرداً وعرباً وسرياناً بالحكم الذاتي! استهدف نظام البعث الكُرد ليس فقط بالإنكار والقمع والصّهر وحسب، بل فرض عليهم مشاريع عنصرية الهدف منها إجراء تغيير ديمغرافي في مناطقهم. المشاريع البعثية التي استهدفتهم في هويّتهم ووجودهم، تؤكد وتوثق أغلبيتهم في تلك المناطق. وإلا، ما الذي سيدفع البعث إلى فعل ذلك؟! زد على هذا وذاك، السلطنة العثمانية لم تجلب الكرد إلى مناطق الجزيرة العليا، بل جلبت قبائل البدو العربية. مقصدي، مع كل ما فعلت الدولة السورية وحكوماتها العربية بحق الكرد، لم يحمل هؤلاء السّلاح ضد سوريا. في حين حمل العرب السنة السلاح ضد الدولة في الستينات ونهاية السبعينات ومطلع الثمانينات وحتى لحظة سقوط نظام بشار الأسد، لأسباب طائفيّة محضة (حكم النصيريّة / العلويين) وتدثّرت بخطاب الثورة والحرية والكرامة. لكن الكرد، لم يرفعوا السلاح ضد دولة حافظ الأسد وخليفته، ولم يرفعوا السلاح في وجه دولة أحمد الشرع أيضاً. الكثير من الحقائق التاريخية والسياسية الدامغة يصار إلى حجبها عن المواطن العربي بشكل متعمّد، بالتوازي مع ضخٍّ مهول ومرعب من الكراهية والشيطنة ضد الكرد: خونة، ملاحدة، خنازير، بوياجيّة، صهاينة، عملاء إسرائيل... إلى آخر هذه الطقم من الاتهامات الباطلة والتافهة في آن. في تقديري، "قسد" لم تتراجع عن التفاهم الذي أبرمته مع دمشق. ومع وجود هذه الحشود من التكفيريين و(العناصر المنفلتة وغير المنضبطة) التي تجوب سوريا من دون حسيب أو رقيب، هل تريد من "قسد" أن تسلّم سلاحها لدولة من دون دستور مستفتى عليه، ومن دون برلمان منتخب، وحكومة منتخبة، ورئيس منتخب...! أعتقد أن سلاح "قسد" ليس ضد سوريا كدولة وطنيّة ديمقراطيّة عادلة متوازنة، بل هو للدفاع عن النفس ضد تغوّل وتوحّش الدولة الدينية التي تنظر إلى الكرد نظرة "داعش" و"النصرة" و"القاعدة" و"البعث"... إليهم. ماذا يعني أن يعقد في القامشلي مؤتمراً جمع تنظيمين كرديين متنافسين ومتخاصمين، هما المجلس الوطني الكردي في سوريا وحزب الاتحاد الديمقراطي؟ سوريون كرد كانوا مختلفين، وتقدموا عدة خطوات في اتجاه تجسير الهوّة بينهم. ما المزعج في ذلك؟! طرف مرتبط مع دمشق باتفاق، وأعني "قسد" و"الاتحاد الديمقراطي"، وطرف آخر منفتح على الحوار مع دمشق، ونجح في الحوار مع "قسد". ما المشكل في ذلك؟ لماذا ينظر بعين الحنان والوطنية إلى الاتفاق بين الأعداء السابقين (أبو محمد الجولاني وأبو عمشة) وبينهما بحر من الدماء، وأمثالهم كُثُر، ويُنظر بعين الشك والريبة إلى اتفاق القامشلي بين طرفين كرديين؟! بعد مؤتمر القامشلي هل بات المسار التوافقي بين حكومة دمشق و"قسد" في خطر؟ وهل بات التصعيد وارداً؟ وهل هناك إمكانية لتدخل أجنبي وتحديداً من جانب تركيا؟ الخطاب التصعيدي كان من جانب دمشق، وليس "قسد". وبيان رئاسة الجمهورية السورية كان واضحاً في لهجته التي ترعد وتزبد وتحذر وتهدد وكأنه كُتِبَ بحبرٍ تركي، واليد التي كتبته يد تركية، من دون امتلاك البيان تلك القوّة والعزم على تنفيذ تلك التهديدات! شيء يشبه "عنتريات باب الحارة". لا أحد يرتعب من التقارب الكردي- الكردي في سوريا سوى تركيا وحجارتها السياسية والعسكرية والإعلامية من "السوركيين"، كما يُقال عنهم. تركيا جزء من المشكل، ولا يمكنها أن تكون جزءاً من الحل بين دمشق و"قسد". والنظر إلى الكرد ومطالبهم بعين تركية، هو أسّ المشكل. لا يمكن إعادة بناء سوريا بما ينسجم والمزاج التركي، وطبقاً لمصالح تركيا. على أنقرة احترام وحدة وسيادة سوريا، والخروج من الأراضي السورية التي تحتلها، ولا تتدخل في شؤون البلد الداخلية، مثلما لا يتدخل السوريون في شؤون تركيا. على امتداد قرن، هل رأيت سوريا تحتل شبراً من الأراضي التركية؟ لا. مسعود بارزاني وصف المؤتمر الأخير، بأنه نقطة تحول تاريخية للشعب الكردي، هل يمكن أن يشكل هذا الموقف دوراً حاسماً وعاملاً مفصلياً في رسم مستقبل سوريا؟ أعتقد أن بارزاني يقصد أهمية طيّ صفحات الخلاف بين كرد سوريا، والكرد وهم موحّدون سيخدمون وحدة سوريا. لكن، أي سوريا؟ سوريا البعثية؟ سوريا التركية؟ سوريا الأموية؟ سوريا الحاضنة للتكفير والمنتجة للدولة الطائفيّة... قطعاً لا، بل سوريا الوطنية اللامركزية التي تحترم وتخدم مكوّنات الشعب السوري، والتي تقدّم نموذجاً يتجاوز نماذج الدول الأوروبيّة الوطنية اللامركزية التي تحترم مكوّنات مجتمعاتها. مظلوم عبدي أكد في المؤتمر أن الأكراد لا ينوون تقسيم سوريا، ما تحليلكم أن عبدي حرص على تجنب أي خطوات تصعيدية مع الإدارة الجديدة رغم أن دمشق رفضت بشكل صارم مقررات مؤتمر القامشلي؟ هل لاحظت أن مظلوم عبدي و"قسد" لم يردا على بيان رئاسة الجمهورية ببيان مكاسرة أكثر حدة في اللهجة! لماذا لم يفعل ذلك؟ هل ضعفاً أم خوفاً؟ لا اعتقد ذلك. الموقف العسكري والسياسي (بعد اتفاق القامشلي)، والاقتصادي، الدعم والغطاء الأميركي– الأوروبي يخوّل مظلوم عبدي أن تكون لغته حازمة مع الشرع وحكومته وبيانه. لكنه لم يفعل. إذاً، هناك نية وإرادة للحوار مع دمشق، فقط لو أن حكومة الشرع تكون سورية مئة في المئة، وطنية مئة في المئة، وديمقراطيّة 70 في المئة... وقتها ستكون أعقد المشاكل السورية محلولة. ما الفرق بين اللامركزية والفيدرالية؟ وهل هما نوع من التقسيم في آخر المطاف؟ بلغة مبسطة بعيدة عن التعقيد الاصطلاحي: الفيدرالية تعني الاتحادية لفظاً، ومنح الأطراف – الأقاليم حق إدارة شؤونها بنفسها والتخفف من ضغوطات المركز، مع الإبقاء على الوزارات السيادية في العاصمة الاتحادية الواحدة لكل الأقاليم، بما يضمن التوزيع العادل للسلطة والثروة في البلاد. كل نظام فيدرالي هو نظام لامركزي، لكن ليس كل نظام لامركزي هو نظام فيدرالي. بمعنى، النظام اللامركزي يبدأ بمنح المحافظات– الأقاليم– المقاطعات... (سمِّها ما شئت)، صلاحيات إدارية وبلدية أوسع بحيث تضمن لها خصوصيتها الجغرافية أو القومية أو الدينية أو المذهبية أو الاقتصادية... وينتهي هذا النظام بالفيدرالية بحيث يكون لكل إقليم برلمان وحكومة وعلم ودستور، لكن ضمن الدولة الاتحادية، كدولة الإمارات، أميركا، سويسرا، بلجيكا، الهند...الخ. النظام اللامركزي يساهم ويضمن حيادية الدولة وعدم تحيزها لأي قومية أو دين أو مذهب. لكن هناك تسمُّم كبير في الوعي السياسي السوري لجهة أبلسة وشيطنة النظام اللامركزي والنظام الفيدرالي على أنهما يفضيان إلى التقسيم والانفصال! بالعكس من ذلك، اللامركزية تعني المرونة التي لا تمانع الكسر، بينما النظام المركزي الصّلب هو الأكثر عرضة للكسر. لكن مع الضخّ الإعلامي السلبي، شاع وساد الموقف المشيطن للنظام اللامركزي بشكل ببغائي ومضحك، ومن دون دراية أو علم أو سند من تجارب العالم، وأصبح يُشاع أن الشعب السوري يرفض النظام اللامركزي والنظام الفيدرالي، كيف ذلك؟ ومتى؟ لا أحد يعرف! هكذا خبط عشواء وكيفما اتفق، من دون إحصائيات ناتجة عن استفتاء حقيقي موضوعي ومحايد، يقال: الشعب يرفض! الأنكى من ذلك والأكثر إثارة للضحك، وزيادة في الشيطنة؛ كل مَن يُطلب بنظام لامركزي أو فيدرالي، يُصار إلى ربطه بإسرائيل، بشكل عشوائي وأوتوماتيكي هزلي وغبي. المنطقة تمتلك مقومات دولة، ولكن "قسد" والمجلس الوطني الكردي في سوريا، لا يريدان الانفصال عن سوريا. عد إلى وثائق الحراك السّياسي الكردي في سوريا منذ 1930 أو 1936 أو 1957 ولغاية اللحظة، إذا وجدت وثيقة واحدة تطالب بالانفصال، وقتذاك سيكون اتهام الحركة الكرديّة بأنها انفصاليّة صحيحاً. كل الذي يشاع وتسمعه أو تقرأه من اتهامات تطاول الكرد من سعي انفصالي أو مشروع انفصالي، لا دليل قطعي الثبوت والدلالة عليه. بمعنى آخر؛ الانفصال عن سوريا هو حق يضمنه الميثاق العالمي لحقوق الإنسان لأكراد سوريا، وقد تنازلوا عنه من أجل سوريا وطنيّة موحّدة. والأرشيف الفرنسي يؤكد ذلك. ففي سنوات 1930 -32-34.. تقدّم أكراد سوريا ومعهم أبناء الجزيرة من عرب وسريان، مسلمين ومسيحيين إلى سلطة الانتداب الفرنسي بطلب الحكم الذاتي للمنطقة، في حين أن حلب، دمشق، الساحل، جبل العرب... كانت دويلات تحت الانتداب الفرنسي. أبناء الجزيرة أكراداً وعرباً وسرياناً وقتذاك طالبوا بالحكم الذاتي، وأعلام تلك الدويلات (السورية) كانت ترفرف مع العلم الفرنسي، والقوميون العرب كانوا يرفضون مطالب أهل الجزيرة وقتذاك، ويعيشون في دويلاتهم السالفة الذكر! إن رافضي اللامركزيّة، يجهلونها، ولا سند معتبراً لديهم باستثناء كلامهم المكرر والممجوج والسطحي: الفيدراليّة أو اللامركزية تعني الانفصال. أحدهم قال: سوريا مساحتها صغيرة، لا تنفع لنظام لامركزي أو فيدرالي، ويجهل أن مساحة بلجيكا أقل من ربع مساحة سوريا وهي دولة فيدرالية منذ 1832. هناك جهل وتجهيل، وتعويل على الخطاب الشّعبوي في هذا الخصوص. كيف سيوازن الرئيس الشرع والجنرال مظلوم عبدي، بين مصالح دمشق و"قسد" من جهة، وبين مصالح تركيا وفرنسا والولايات المتحدة من جهة أخرى؟ واشنطن وباريس مع الحوار بين الطرفين؛ الشرع وعبدي. لكن مع خلق توازن. يعني، اللامركزية التي يطالب بها الكرد، صار يطالب بها الموحدون الدروز، والعلويون، وبكل تأكيد معهم الغالبية العظمى من السريان والأرمن والمسيحيين. اللامركزية ليست فقط للأكراد، بل لأبناء شرق الفرات، ولسوريا عموماً. وأعتقد فشلت مساعي تكريد مطلب اللامركزية بعد أن تشجّعت أطراف أخرى على المطالبة بها، واتساع دائرة المطالبين. ولا أعرف؛ طالما العرب هم الأغلبيّة هناك، والكرد 1 في المئة، حسب تقديرات بعض البسطاء، فممّا يخافون؟! ماذا قدّمت حكومة الشرع الانتقالية، لسوريا والسوريين خلال الأشهر الماضية؟ مجازر في السّاحل، هجمات على الدروز، كمٌّ مهول من خطاب الكراهية الديني والطائفي...ضد الأقليات القومية والدينية والطائفية. لجان تحقيق وهمية، منح المتطرفين والإرهابيين الأجانب الجنسيّة السورية، وتوليتهم مناصب حساسة، الجيش الذي يؤسسه الشرع بعقيدة جهادية دينية متطرفة، كيف سينتمي له المسيحي والعلوي والدرزي والكردي؟! ويريدون من مظلوم عبدي أن يستسلم لهذه الدولة الدينية المدجّجة بالتكفير والطائفية والرعب، ويمنحها النفط والقمع والقطن وسلاح "قسد" لكي تصبح أكثر تطرفاً! من دون حتى أن يضمن اللامركزية لعموم سوريا؟ أيُّ عقل وطني معتدل وديمقراطي يمكن أن يقبل بذلك؟! أعتقد أن اتفاقات الشّرع مع الدروز والعلويين والكرد هشة، لن تصمد، لأن الشرع الآن بأمس الحاجة لجيش قوي عقائدي ومسلح، وفوق هذا وذاك، بحاجة إلى الشرعية الدولية والعربية. وهذه الشرعية لا تأتي هكذا بزيارات للدول العربية والغربية، والتقاط بعض الصور، وأهازيج حشود وميليشيات السوشيال ميديا التابعة للحكومة، بل بعودة سوريا إلى السوريين كاملة غير منقوصة، ولعب دمشق دورها ووزنها الطبيعي في العالم. وهذا يتطلب وجود دولة طبيعية، متجاوزة للموروث البعثي والطائفي وغير منقادة للمصلحة التركية. على أحمد الشرع أنّ ينظر إلى نفسه كرئيس دولة وليس كـ"موظف" عند إبراهيم كالن؛ رئيس الاستخبارات التركية. وعلى مظلوم عبدي النظر إلى نفسه بوصفه قائد قوات سوريا الديمقراطية، وليس مقاتل عند جميل باييك، يتحكم به كيفما يشاء. هل باتَ انسحاب القوات الأمبركية، من شمال شرق سوريا قاب قوسين أو أدنى؟ وماذا عن الدور الملتبس للأتراك؟ لأميركيون لم ينسحبوا من العراق، وهم موجودون في السعودية منذ حرب الخليج الثانية، وموجودون في قطر، وتركيا وكوريا وألمانيا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتريد منهم أن ينسحبوا من سوريا. مستحيل. أضعف الأيمان، سيجمعون قواعدهم في قاعدة أو اثنتين، وسيكون دورهم في حماية مناطق نفوذهم كبيراً. بينما موقف الأتراك واضح لا لبس فيه. مناهضة، ممانعة، تدخُّل في شؤون سوريا، ليس فقط ما يخصّ عرقلة المطالب والحقوق الكردية، بل يتعدّى تدخلهم إلى أمور أخرى. فعلوا ذلك قبل إقرار الفيدرالية في العراق ومنعوا تحوّل كردستان إلى إقليم فيدرالي، وفشلوا. الآن، حجم التبادل التجاري بين أنقرة وأربيل يزيد عن حجم التبادل التجاري بين أنقرة وبغداد. والفيدراليّة في العراق وكردستان، لم تؤد إلى تقسيم تركيا، كما كان يشاع ويهوَّل وقتذاك. رضخت أنقرة واعترفت بإقليم كردستان الفيدرالي، وهناك قنصلية تركية في هولير/أربيل، وتستقبل أنقرة قيادات الإقليم الكردي استقبال الملوك والرؤساء. ربما نجد قنصلية تركية في القامشلي أيضاً. مقصدي، على السوريين الممانعين للامركزية، عدم التعويل كثيراً على الممانعة التركية التي لن تصمد إلى ما لانهاية. علينا ألا ننسى مقولات أردوغان: "حماة خط أحمر"، "حمص خط أحمر"، "حلب خط أحمر"... لو عدت إلى حجم الاتفاقيات العسكرية والأمنية والاقتصادية التي تربط تركيا بإسرائيل، ستعي حقيقة كلامي. لماذا كل حفلة الجنون التي يقيمها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، هل هو بالفعل مهتم بحمايته للدروز؟ إسرائيل لم تخَف من سوريا لا في عهد الأسد الأب ولا الابن، ولن تخاف من سوريا في عهد أحمد الشرع. كل الكلام الذي يقال عن رغبة إسرائيل في تفكيك سوريا، مبالغ فيه. لنفترض أنها فككت سوريا، وأقامت دويلة في السويداء، أو ضمّت هذه الدويلة لإسرائيل. هل هناك سيناريو أبعد من ذلك؟ هل ستضمن إسرائيل الأمن والأمان لنفسها بسوريا مفككة؟! آن أوان التخلّي عن تلك السردية البعثية التي تربط مشاكل سوريا بإسرائيل ومخططاتها ومؤامراتها الكونية والتاريخية على وحدة سوريا! إسرائيل دولة قومية ودينية مارست وتمارس إرهاب دولة، ارتكبت وترتكب جرائم حرب، هل تعتقد أن القيادات الروحية السورية الدرزية بتلك السذاجة التي تصدق فيها نتنياهو أو غيره؟ علينا التخلي عن شيطنة الدروز وتخوينهم لأن من شأن ذلك دفعهم نحو أي ملجأ أو ملاذاً يضمن لهم الحماية في مواجهة الإبادة. وهذا حقهم. مقصدي، من يدفع بالدروز نحو فكرة أو احتمال اللجوء إلى الحماية الدولية أو إسرائيل، أليست حكومة الشرع التي لا تضبط مقاتليها الموتورين الطائفيين (المنفلتين)! وضعت واشنطن حزمة مطالب أمام حكومة الشرع، الأخيرة استجابت لـ90% منها، ووعدت بضبط ولجم المقاتلين الأجانب. حتى الآن، النتائج تقول: الحكومة فاشلة في ضب مجاميعها المنفلتة. واستمع الشرع، خلف أبواب الإليزيه المغلقة وأمام الكاميرات، لنصائح وتوصيات و(مطالب) الفرنسيين، وأبرزها؛ التعاون مع "قسد" لمكافحة الإرهاب. "ماكرون يطالب الشرع بالتعاون مع قسد"، هل تعي وتدرك خطورة هذا المطلب؟ وكأن الشرع زعيم مجموعة مسلّحة، ومظلوم عبدي رئيس سوريا! ناهيك عن ملف حقوق مكوّنات الشعب السوري. الغرب يريد من الشرع أفعالاً. هم ليسوا بسطاء وعاطفيين كالسوريين، حتى يصدقوا كلامه المعسول والمطمئن التي تدحضها أفعاله. ما علاقة كل هذا بالرغبة الدفينة لنتنياهو بتقسيم سوريا، مع "قسد" والسويداء، واتهامات مزعومة للأخيرتين بتنسيق خفي مع تل أبيب؟ إسرائيل دمرت غزة وفرضت شروطها على "حماس"، واغتالت زعيمها في طهران، وأطاحت بحكومة "حزب الله"، واغتالت قادة الحزب، وقصفت طهران واليمن...، وترعب إيران، وضربت القواعد التركية التي كانت قيد الإنشاء في سوريا، إذا كانت تريد تقسيم سوريا، ما الذي أو من الذي يربط يديها ويمنعها؟ هل تظن أن أبو عمشة يمنع إسرائيل؟ أم الجامعة العربية؟ أم محور المقاومة الإيرانية أم أميركا وأوروبا...؟! لو كان هناك تنسيق خفي بين تل أبيب و"قسد" والحراك الدرزي المعارض في السويداء، فهل ستخاف إسرائيل مني ومنك أو من الشرع أو من أنقرة أو من الجامعة العربية...، كي تعلن عن ذلك التنسيق؟! كل من يريد سوريا لامركزية، فوراً يصار إلى ربطه بإسرائيل! هذا الوعي الكارثي المتهافت، هو الذي أوصلنا إلى هذا الدرك من التخبط والعجز وانعدام الثقة والمسؤولية الوطنية. قبل قرن ونيّف؛ ماذا كانت تريد النخب السياسية العربية وقتذاك من السلطنة العثمانية؛ غير شوية حقوق وحرية وكرامة واحترام ولامركزية. عدد على أصابعك أسماء بعض التيارات العربيّة حينها: 1 - الجمعية السورية الفتاة التي تأسست في فرنسا سنة 1911. 2 - حزب اللامركزيّة الإدارية العثماني الذي تأسس سنة 1913. تصوّر؛ حزب اسمه اللامركزية! 3 – حزب العهد الذي تأسس في اسطنبول سنة 1913. وجمعيات وأحزاب أخرى، كان قاسمها المشترك: المطالبة بالإصلاحات والحكم الذاتي واللامركزية للعرب في ظل الحكم العثماني. ومعروف رد العثمانيين على تلك المطالب: التخوين والإعدامات على أعواد المشانق، بالخوازيق. الآن، من يرفض اللامركزيّة في سوريا، يود تكرار سيناريو جمال باشا السفاح، وفي صورة أكثر فظاعة وبشاعة. المشكلة يا عزيزي؛ مثلما تحول اليهود الضحايا إلى نسخة من جلاديهم النازيين، تحوّل بعض العرب الضحايا إلى نسخة من جلاديهم العثمانيين. كروائي، هل ترى ان الأدب الكردي ساهم بشكل إيجابي، في تثبيت أقدام الأكراد بسوريتهم، أم أن الحقيقة أكثر مرارة؟ الأكراد راسخون في الأدب السوري، والدراما والسينما السورية. أغلب رموز السينما والدراما السورية ينحدرون من أصول كردية. وإذا أجريت مسحاً نقدياً لمجمل المنجز الروائي الكردي في سوريا، سواء المكتوب باللغة العربية أم الكردية، لن تجد عنواناً واحداً كارهاً لسوريا والسوريين، لن تجد عنواناً واحداً كارهاً للعرب. دائماً كان هناك حرص على الفصل بين البعث وسوريا، وبين البعث والعرب، بالرغم من أن البعث قمع الأدب الكردي، باسم سوريا والعروبة ومناهضة الانفصال. الرواية الكردية في سوريا، رافد شديد الأهمية والخصوبة للرواية السورية، لأنها تحلق بجناحين لغويين؛ العربية والكردية. الرواية الكردية في سوريا مفخرة للأدب السوري.

الكرد في سوريا.. الكل يساوم عليهم
الكرد في سوريا.. الكل يساوم عليهم

الميادين

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • الميادين

الكرد في سوريا.. الكل يساوم عليهم

من المتوقع أن يبحث ترامب مع حكام الخليج، بالإضافة إلى صفقة الدولارات، مستقبل سوريا بانعكاسات ذلك على المشاريع والمخططات الإسرائيلية. لا يزال الغموض يخيّم على مستقبل المنطقة الكردية في سوريا. مع استمرار مساعي أنقرة لتحقيق المصالحة مع الكرد بشقّيهم التركي والسوري، لا يزال الغموض يخيّم على مستقبل المنطقة الكردية في سوريا، على الرغم من الاتفاق الذي وقّع عليه الرئيس المؤقت أحمد الشرع مع مظلوم عبدي، القائد العسكري لقوات "قسد"، في 10 مارس/ آذار الماضي بإشراف أميركي - فرنسي مشترك. وفقد الاتفاق الكثير من معانيه بعد مؤتمر الأحزاب والقوى الكردية السورية في القامشلي في 25 نيسان/ أبريل الماضي، إذ أكّدت ضرورة الاعتراف دستورياً للكرد في سوريا بحكم ذاتي أو فدرالي. وكما هي الحال في شمال العراق منذ الإعلان عن منطقة الحظر الجوي شمال خط العرض 36، عام 1991 حيث جاءت القوات الأميركية ومعها الفرنسية والبريطانية والألمانية تركيا لحماية هذه المنطقة، التي كان الرئيس الراحل تورغوت أوزال يخطط لضمّها إلى تركيا. وهي الخطة التي يقال إن الرئيس إردوغان يسعى لإحيائها، لكن هذه المرة بضمّ الشمال السوري أيضاً إلى هذا المشروع، بعد أن نجحت أنقرة في إسقاط نظام الأسد في دمشق التي يسيطر عليها الآن حلفاء تركيا باعتراف الرئيس ترامب. ويتمنى الرئيس إردوغان أن يساعده الرئيس ترامب على تحقيق أحلامه، ليس فقط في الشمال السوري والعراقي، بل في المنطقة عموماً، في ظل الوجود العسكري التركي الكبير في عموم سوريا والعمق العراقي لمسافة 100 كم ومعهما في ليبيا وقطر والصومال وتشاد والسودان ودول أخرى. ومن دون أن يكون واضحاً كيف سيكون الموقف الأميركي في هذا الموضوع الذي بحثه الرئيس ترامب هاتفياً الاثنين 5 أبريل/ نيسان مع الرئيس إردوغان الذي قال إنه "دعا ترامب إلى زيارة تركيا، وتمنى الآخر أن يلتقي به في البيت الأبيض في أقرب فرصة، وربما بعد لقاء ترامب زعماء دول الخليج في الرياض 13 الشهر الجاري وبعدها سيزور "تل أبيب" والقاهرة. ومن المتوقع أن يبحث ترامب مع حكام الخليج، بالإضافة إلى صفقة الدولارات، مستقبل سوريا بانعكاسات ذلك على المشاريع والمخططات الإسرائيلية ومعها التركية، وكلاهما يؤثران ويتأثران بالسياسات الإقليمية والدولية الخاصة بالعراق وإيران، وسيبحثها زعماء الدول العربية في قمتهم 17 الشهر الجاري في بغداد. ومع انتظار مخرجات هذه القمة "الفاشلة" التي ستنعقد بعد يوم من عودة ترامب إلى واشنطن، لا تفوّت "تل أبيب" أي فرصة لترسيخ وجودها العسكري والاستخباري في سوريا التي يقصفها الطيران الإسرائيلي يومياً. وذلك بغياب أي رد فعل جدي وعملي من أنقرة والدول العربية التي تستعد لدعم الرئيس محمد عباس في مخططاته للتخلص من حماس، وذلك بالتنسيق والتعاون مع حكومة الكيان العبري التي أقرت خطتها الجديدة لاجتياح غزة واحتلالها من جديد. ومن دون أن تكون كل هذه المعطيات كافية لإنهاء الخلافات الكردية -الكردية، ليس فقط في سوريا وتركيا، بل في العراق أيضاً، حيث المنافسة التقليدية بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة عائلة البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة عائلة الطلباني، ويبدو أن واشنطن ومعها البعض من العواصم الغربية قد ترجح عليهما حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني وهو الذراع السورية لحزب العمال الكردستاني التركي المؤثر حتى بين كرد إيران. وتفسر ذلك مساعي أنقرة لتحقيق المصالحة بينها وبين حزب العمال الكردستاني التركي في إطار صفقة تهدف إلى إبعاد هذا الحزب وجناحه السياسي حزب المساواة وديمقراطية الشعوب عن حزب الشعب الجمهوري الذي يقود حملة معارضة شرسة للتخلص من الرئيس إردوغان في أول انتخابات مبكرة يتوقعها المراقبون، على الرغم من اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام إوغلو، المنافس الأقوى لإردوغان الذي قال قبل أيام "إنه سيتم إتلاف (تصفية) كل من يفكر في تحدّيه شخصياً". وهو التهديد الذي تقول المعارضة إنه قد شجع أحد المواطنين المجرمين أن يهاجم الأحد (٤ أيار/ مايو) اوزكور اوزال، زعيم حزب الشعب الجمهوري ويصفعه، كما صفع مواطن قبل ثلاث سنوات الزعيم السابق للحزب كمال كليجدار أوغلو، ومن دون أن يلقى أي عقاب جدي. في وقت يعرف الجميع أن الرئيس إردوغان يخطط لمنع الكرد من المشاركة في انتفاضة شعبية متوقعه في أي لحظة مع استمرار التظاهرات والاعتصامات التي يشارك فيها الملايين، ويتبناها حزب الشعب الجمهوري وحلفاؤه. وتثبت جميع استطلاعات الرأي أن مرشح المعارضة لانتخابات الرئاسة، سواء كان إمام أوغلو أو رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، سيحظى في أول انتخابات قادمة بتأييد ما لا يقل عن 60% من أصوات الناخبين. ويسعى الرئيس إردوغان من خلال حواره مع العمال الكردستاني لمنع الكرد من دعم إمام أوغلو أو ياواش، مقابل الإفراج عن زعيم الحزب عبد الله أوجلان المعتقل منذ شباط/ فبراير 1999 . كما يتمنى الرئيس إردوغان لمثل هذا الحوار مع العمال الكردستاني أن يدعمه في مساعيه لتغيير الدستور، وضمان انتخابه لولاية رابعة، وهو ما يمنعه الدستور الحالي. كما يعرف الجميع أن كل ما يهدف إليه الرئيس إردوغان أو يسعى من أجله يحتاج إلى دعم من واشنطن والعواصم الأوروبية، وبشكل خاص، باريس ولندن وبرلين التي تأخذ دائماً حسابات "تل أبيب" في الاعتبار، فيما الأنظمة العربية تفتقر إلى إرادة موحدة تساعدها على تقرير مصير الورقة الكردية في البلدين العربيين (سوريا والعراق) وعبرهما في تركيا ثم إيران، الهدف الأهم في مخططات الكيان العبري ومشاريعه، والذي فعل وما زال يفعل كل شيء لتضييق الحصار على إيران التي لولاها منذ ثورة الإمام الخميني لكانت المنطقة الآن تحت رحمة الصهاينة، ليس فقط سياسياً و اقتصادياً، بل أيضاً عقائدياً ودينياً ونفسياً. وفي جميع الحالات، ومع استمرار العدوان الصهيوني على سوريا ولبنان وغزة واليمن، يبقى التركيز على حجم التآمر الصهيو/أميركي على المنطقة بالورقة الكردية التي سلمها أصحابها الكرد لواشنطن التي ستلوّح بها ضد كل من يعترض على مشاريعها ومخططاتها، التي عانى ويعاني منها الجميع في المنطقة منذ أكثر من مئة عام، ويبدو أن أحداً لم يستخلص منها أي درس، وإلا وكما قال كاتب النشيد الوطني التركي محمد عاكف "لما كرر التاريخ نفسه " !

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store