
ثمانية أسباب غير الحمل قد تؤدي إلى انقطاع الطمث
يُطلق على انقطاع الدورة الشهرية لدى النساء في سن الإنجاب اسم انقطاع الطمث، ورغم أن السبب الأكثر شيوعاً هو الحمل، إلا أن هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى تأخر الدورة الشهرية أو انقطاعها.
عادةً تأتي الدورة الشهرية للنساء في سن الإنجاب كل 28 يوما، مع أنه من الشائع أن تكون مدتها أقصر أو أطول قليلاً، بين 24 و35 يوماً.
لا يُعتبر انقطاع الدورة الشهرية العرضي مشكلة خطيرة، لكن إذا كان مشكلة متكررة، فقد يشير إلى وجود مشكلة مرضية.
قالت أميرة الكردين مارتينيز، طبيبة أمراض النساء، في لقاء مع بي بي سي: "يجب أن تعرفي نفسكِ وطريقة عمل جسمكِ، حتى تتمكني من معرفة متى يكون هناك خلل. كل امرأة تعمل بشكل مختلف تماماً، لا توجد امرأتان متماثلتان".
وتوصي هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة باستشارة الطبيب إذا انقطعت الدورة الشهرية لثلاثة أشهر متتالية ولم تكوني حاملاً، أو إذا توقفت قبل سن 45.
كما توصي عيادة مايو في الولايات المتحدة باستشارة طبية للفتيات اللواتي لم تبدأ دورتهن الشهرية حتى سن 15.
هذه هي الأسباب الثمانية الشائعة - باستثناء الحمل - التي قد تؤدي إلى انقطاع الطمث لدى المرأة، وفقاً لكلا المؤسستين.
1: التوتر
تقول الدكتورة أميرة الكردين مارتينيز: "التوتر هو السبب الأهم، وهو جائحة حقيقية في عصرنا".
يحفز التوتر إنتاج هرمونات مثل الأدرينالين، وهو ما يضع الجسم في حالة تأهب قصوى كآلية دفاعية في المواقف الخطرة.
ويمكن أن يؤدي التعرض المطول لهذه الهرمونات إلى اضطراب الدورة الشهرية، وهو ما يجعل الدورات أطول أو أقصر، وقد يتسبب في انقطاعها، أو يجعل الدورة الشهرية أكثر إيلاماً.
وإذا كان التوتر سببا لتأخر الدورة الشهرية أو انقطاعها، توصي هيئة الخدمات الصحية الوطنية باتخاذ تدابير مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام أو ممارسة تقنيات التنفس.
وإذا لم تكن هذه التدابير فعالة، فهناك علاجات سلوكية معرفية يمكن أن تساعد الأفراد على التعامل مع التوتر والقلق.
2: فقدان الوزن المفرط أو المفاجئ
قد يؤدي الحد الشديد من السعرات الحرارية المستهلكة إلى منع الجسم من إنتاج الهرمونات اللازمة للتبويض – تكوين الجسم للبويضة.
يمكن لأخصائي التغذية المعتمد مساعدة المرضى الذين يعانون من نقص الوزن، بمن فيهم البالغون الذين تبلغ كتلة الجسم عندهم أقل من 18.5، على اكتساب الوزن بطريقة صحية.
وعندما يكون سبب فقدان الوزن اضطراباً في الأكل، مثل فقدان الشهية، فعادةً ما يكون الحصول على مساعدة طبيب نفسي ضرورية.
3: زيادة الوزن أو السمنة
قد تؤدي زيادة الوزن إلى إنتاج الجسم لكميات زائدة من هرمون الإستروجين، وهو أحد الهرمونات التي تنظم الجهاز التناسلي للمرأة.
وقد يؤثر ارتفاع مستوى الإستروجين على انتظام وحدوث الدورة الشهرية، وفي بعض الحالات، قد يؤدي إلى انقطاعها تماماً.
أما بالنسبة للنساء اللواتي يعانين من انقطاع الطمث ويعانين من زيادة الوزن أو تبلغ كتلة الجسم عندهن أكثر من 30، فغالباً ما يحيلهن الأطباء إلى أخصائي تغذية للحصول على الدعم اللازم للوصول إلى وزن صحي.
4: التمارين الرياضية الشديدة
قد يؤثر الإجهاد البدني الناتج عن التمارين الرياضية الشديدة أيضاً على مستويات الهرمونات التي تنظم الدورة الشهرية، وقد يؤدي فقدان الكثير من دهون الجسم إلى منع التبويض.
وبالنسبة للرياضيين المحترفين، يمكن لأخصائيي الطب الرياضي تقديم المشورة لهم حول كيفية الحفاظ على أدائهم عند المستوى المناسب من الشدة.
كما يمكن لأطباء الرياضة تقديم النصح حول كيفية الحفاظ على الأداء الرياضي بالمستوى المطلوب.
5: متلازمة تكيس المبايض
تحتوي المبايض المتكيسة على عدد كبير من البصيلات (الفوليكولز)، وهي أكياس غير مكتملة النمو تنمو فيها البويضات. وغالباًما تكون هذه الأكياس، لدى النساء المصابات بهذه الحالة، غير قادرة على إطلاق البويضات، وبالتالي لا يحدث التبويض.
وفي المملكة المتحدة، تُقدر هيئة الخدمات الصحية الوطنية أن متلازمة تكيس المبايض تُصيب واحدة من كل 10 نساء، وهي مسؤولة عن انقطاع الدورة الشهرية في 33 في المئة من الحالات.
وتؤثر متلازمة تكيس المبايض على كيفية عمل المبايض، ويمكن أن تمنع التبويض تماماً.
6: انقطاع الطمث أو انقطاع الطمث المبكر
مع اقتراب النساء من سن اليأس، تبدأ مستويات هرمون الإستروجين بالانخفاض، وتصبح عملية تكوين الجسم للبويضات (التبويض) أقل انتظاما.ً
يحدث انقطاع الطمث عادةً بين سن 45 و55 عامًا.
ومع ذلك، تُقدّر الدراسات الطبية أن واحدة من كل 100 امرأة تعاني من انقطاع الطمث قبل سن الأربعين، وهي حالة تُعرف باسم انقطاع الطمث المبكر أو فشل المبيض المبكر.
7: موانع الحمل
قد تُسبب بعض حبوب منع الحمل، والحقن، والغرسات، واللولب الرحمي انقطاع الطمث.
وحتى بعد التوقف عن استخدام موانع الحمل الفموية، قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تعود عملية التبويض بانتظام.
8: حالات طبية أخرى واستخدام الأدوية طويلة الأمد
قد ينقطع الطمث أيضاً نتيجة حالات طبية طويلة الأمد مثل داء السكري، أو اضطرابات هرمونية مثل فرط أو قصور الغدة الدرقية.
ووفقاً لعيادات مايو، يُمكن أن يكون سبب انقطاع الطمث هو استخدام بعض الأدوية، مثل مضادات القلق، والعلاجات الكيميائية، ومضادات الاكتئاب، وعلاجات ارتفاع ضغط الدم والحساسية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 10 ساعات
- BBC عربية
الجيش الإسرائيلي يعتقل فريق بي بي سي على مشارف القنيطرة
كان صباحا ربيعياً هادئاً في التاسع من أيار/مايو في سوريا، عندما انطلق فريق بي بي سي من دمشق نحو بلدة نوى في محافظة درعا جنوبا، للتوجه من هناك إلى تخوم مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967. كنا فريقاً مكوناً من سبعة أشخاص: أنا كمراسل أحمل الجنسية البريطانية، واثنان عراقيان من مكتب بي بي سي ببغداد، وأربعة سوريين – ثلاثة منهم يعملون بشكل حر، ومصور بي بي سي في دمشق كان الهدف إعداد تقرير عن سعي الحكومة السورية الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، ﻹعادة بناء الجيش السوري، بعد انهياره في أعقاب فرار بشار اﻷسد في كانون اﻷول/ديسمبر الماضي، وتدمير إسرائيل لكثير من قدراته، وإعلانها إنشاء منطقة آمنة على طول الشريط الحدودي للجوﻻن، وسيطرتها على مدينة القنيطرة وقمة جبل الشيخ التي تطل على مناطق واسعة من سوريا ولبنان واﻷردن وإسرائيل. من نوى، توجهنا إلى بلدة الرفيد الحدودية، حيث توقفنا للتصوير قرب أحد مقرات قوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (الأندوف)، على مقربة من السياج الفاصل مع الجولان. تحدثتُ إلى مسؤولة في القوة، وطلبتُ منها الإذن بالتصوير داخل المقر أو تنظيم جولة مع القوة الدولية في المنطقة. اعتذرت وأخبرتنا أن الأمر غير متاح حاليا، وأن الجانب الإسرائيلي استفسر عن هويتنا، وتم إبلاغه أننا فريق تابع لقناة بي بي سي. أكملنا جولتنا في المنطقة التي بدت خالية تماما من أي وجود أمني سوري، مع بقاء التمركز الإسرائيلي مقتصرا على احتلال المناطق المرتفعة التي أقيمت فيها نقاط مراقبة دائمة. قررنا بعد ذلك التوجه شمالا بمحاذاة خط الحدود صوب مدينة القنيطرة، لكن الطريق المؤدي إليها كان مغلقا من الجانب الإسرائيلي، فسلكنا طريقا بديلا باتجاه بلدة خان أرنبة، ومن هناك إلى القنيطرة. وقبل بضعة كيلومترات من القنيطرة، بدأت آثار الدبابات الإسرائيلية تظهر بوضوح على طول الطريق، فيما امتدت الأسلاك الشائكة على جانبيه، دون أن يُلاحظ أي وجود عسكري إسرائيلي في المنطقة. توقيف وتفتيش وعلى بُعد حوالي مائتي متر، اقتربتُ مع أحد الزملاء لاستكشاف المكان، فلاحظنا حاجزا شبيها بالحواجز التي تنتشر في الضفة الغربية. كتلتان إسمنتيتان، وعارضة حديدية صفراء تقطع الطريق. وعلى يمينها، كان هناك بضع دبابات ميركافا يعلو إحداها العلم الإسرائيلي. بعد تجاوز الحاجز بنحو مئة متر، لاحظنا برج مراقبة يعتليه جنديان إسرائيليان. أشار زميل لي لأحدهما محاولاً إبلاغه بأننا فريق صحفي عبر رفع بطاقته الصحافية، لكنه كان يراقبنا عبر منظار عسكري دون أن يبدي أي رد فعل. عدتُ إلى السيارة وطلبتُ من المصور أن يأتي بالكاميرا على أمل أن ننجز عملنا سريعا ونغادر، وبدأ بالفعل بتصويري وأنا أشرح ما تغير في المنطقة منذ سقوط الأسد، من سيطرة لإسرائيل على هذه المنطقة ورفضها القاطع لإعادة بناء الجيش السوري، ولا سيما في درعا والقنيطرة والسويداء. لم أكد أنتهي من التصوير حتى لاحظت سيارة بيضاء تقترب من الجهة الأخرى من العارضة، وترجل منها أربعة جنود إسرائيليين ببنادقهم وركضوا باتجاهنا وأحاطوا بنا والبنادق مُصوَّبة إلى رؤوسنا. طلبوا وضع الكاميرا بعيداً على جانب الطريق. حاولتُ أن أشرح أننا فريق من بي بي سي، لكن الأمور تصاعدت بسرعة غير متوقعة. خلال ثوان، استطعت إرسال رسالة إلى الإدارة مفادها أن الجيش الإسرائيلي أوقفنا، وبعدها بلحظات صودرت هواتفنا ومعداتنا الالكترونية كلها. خضعت سيارتنا لتفتيش دقيق بعد وصول دورية إسرائيلية أخرى من أربعة جنود على متن عربة همر. الفريق مقيد ومعصوب الأعين نُقلنا إلى الجانب الآخر من العارضة، وجرى تفتيشنا بسرعة. طلبوا منا بعدها أن نقود سيارتنا خلفهم، فسارت الهمر أمامنا وسيارة أخرى خلفنا. قطعنا مدينة القنيطرة وتوقفنا عند النقطة الحدودية التي تفصل القنيطرة عن الجولان. هناك، بدأ الجنود بمراجعة الصور الملتقطة، بينما صوَّب أحدهم بندقيته إلى رأسي من مسافة أربعة أمتار. استمر الأمر على هذا الحال لأكثر من ساعتين،أُرسلت خلالهما الصور التي عثروا عليها في الكاميرا إلى داخل الجولان المحتل، وبعد نحو ساعة طلب مني أحد الجنود الترجل من السيارة والحديث عبر هاتف محمول. لم أعرف من هو الشخص الذي كان يتحدث إلي بعربية ركيكة، ولا لأي جهاز أمني يتبع. سألني لماذا نُصوٍّر مواقع تمركز القوات الإسرائيلية، فشرحت له طبيعة عملنا، وأبلغته أنني زُرتُ إسرائيل في مهام صحفية أكثر من عشر مرات، وأحمل جواز سفر بريطاني. وعدني بنقل التفاصيل للضابط المسؤول ليأخذ قرار بشأننا، فعدتُ إلى السيارة وأعيد توجيه البندقية باتجاه رأسي. بعد انتظار دام ساعة إضافية، وصلت سيارة أخرى من داخل الحدود، ونزل منها عناصر يُرجّح أنهم من جهاز أمني إسرائيلي، بناءً على لون زيّهم الذي لم يكن عسكريًا. عند هذه النقطة، أخذت الأمور منحى غير متوقع وسريع التدهور، حيث أخرج العناصر من السيارة عصبات وأصفادًا بلاستيكية، وطلبوا مني أن أكون أول من يترجل. كان همي الأكبر يتركز على أعضاء الفريق، فأربعة منهم سوريون واثنان عراقيان، وقد يواجهون مشاكل كبيرة إذا اعتُقلوا ونُقلوا إلى داخل إسرائيل. سريعاً جرى نقاش بين قائد المجموعة ومرافقيه، اقتادني بعدها قائد المجموعة، الذي يتحدث اللهجة الفلسطينية بطلاقة، من يدي باتجاه إحدى الغرف التي كان يستخدمها الجيش السوري عند المعبر. الأرض مليئة بالزجاج المكسر والأوساخ. وبدا واضحًا أنهم قرروا اتباع أسلوب "المحقق الجيد والمحقق السيئ". أخبرني أنهم سيتعاملون معي بشكل مختلف، وأنه لن يتم تقييدي أو تعصيب عيني، بخلاف ما سيحدث مع بقية أعضاء الفريق. لم أصدق ما قاله وسألته لماذا تقومون بذلك وأنتم تعلمون أننا فريق صحفي يتبع لبي بي سي؟ أخبرني أنه يريد المساعدة لإخراجنا بسرعة وأن علينا الالتزام بما يطلبونه. بعدها بلحظات دخل عنصر آخر وطلب مني أن أخلع كل ملابسي عدا الداخلية. رفضت بداية، لكنهم أصروا وهددوا بالأسوأ من دون أن يوضحوا ماذا يقصدون. خلعت الملابس، فنظر داخل لباسي الداخلي من الأمام والخلف. فتّش ملابسي بدقة شديدة، ثم طلب مني ارتداءها مجددًا، وشرع في تحقيق مفصل شمل حتى معلومات شخصية عن أبنائي وأعمارهم. خرجت لاحقًا من الغرفة لأُفاجأ بمشهد صادم: أفراد الفريق مقيّدون ومعصوبي الأعين. رجوت قائد المجموعة أن يفرج عنهم، فوعد بذلك بعد انتهاء التحقيق. ثم اقتيدوا واحدًا تلو الآخر إلى الغرفة نفسها لاستجوابهم. كانوا يخرجون مقيدين لكنهم لم يكونوا معصوبي الأعين، واستمرت هذه العملية لأكثر من ساعتين، خلالها فُحصت كافة الهواتف المحمولة، ومُسحت صور كثيرة كانت بعضها شخصية، كما فُحصت أجهزة الكمبيوتر المحمولة أيضاً. حل الظلام، وبعد ان انتهى قائد المجموعة من التحقيق جاء إلينا، وهددنا بالأسوأ إن اقتربنا مجدداً من الحدود الإسرائيلية. أكد لنا أن كل الصور المرتبطة بالمواقع التي زرناها قد مُسحت من الكاميرا والهواتف، وهددنا بأنه يعرف كل تفاصيلنا وسيصل إلينا إن نُشرت أي صورة كانت مخبأة ولم تُمسَح. بعد نحو سبع ساعات من توقيفنا، وقد تجاوزت الساعة التاسعة مساءً، أقلّتنا سيارتان إلى خارج المدينة لمسافة تقارب الكيلومترين. توقفتا في منطقة ريفية نائية، ثم ألقيت باتجاهنا حقيبة تحتوي على هواتفنا المحمولة، قبل أن تنطلقا مبتعدتين. بقينا تائهين في الظلام من دون تغطية للهاتف أو إنترنت أو أدنى فكرة عن مكاننا، واصلنا القيادة حتى وصلنا إلى قرية صغيرة. أشار إلينا بعض الأطفال المحليين إلى الطريق السريع، محذّرين من أن أي انعطاف خاطئ قد يعرّضنا لنيران إسرائيلية. بعد عشر دقائق متوترة، وجدنا الطريق. وبعد خمسة وأربعين دقيقة، وصلنا في دمشق. قدّمت بي بي سي شكوى رسمية إلى الجيش الإسرائيلي احتجاجًا على ما تعرّض له فريقنا، لكنها لم تتلقَ أي رد حتى تاريخ نشر هذا التقرير.


BBC عربية
منذ يوم واحد
- BBC عربية
من إسبانيا إلى مكة... حج على ظهر خيل
في زمن الطائرات الفاخرة والحافلات المكيّفة، اختاروا أن يعودوا بالزمن إلى الوراء. على ظهر الخيول، ثلاثة حجاج إسبان وصلوا إلى مكة لأداء فريضة الحج، بعد رحلة بدأت في الربع الأخير من عام 2024 من إسبانيا، واجهوا خلالها مختلف التحديات. بي بي سي تابعت مسار رحلتهم الشاقة، فماذا يقولون عن تلك المغامرة الروحانية؟ تقرير: منال خليل


BBC عربية
منذ 2 أيام
- BBC عربية
ملفات سرية للمخابرات السورية تؤكد أن الصحفي الأمريكي المفقود كان مسجوناً لدى نظام الأسد
أكّدت ملفات استخباراتية سريّة للغاية، اطّلعتْ عليها بي بي سي، أن الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس كان مسجوناً من قِبَل نظام بشار الأسد، وهو ما أكّده أيضا مسؤولون سوريون سابقون. وكانت الحكومة الأمريكية قد صرحت بأنها تعتقد أنّ تايس خضع للاحتجاز بأيدي نظام الأسد، لكن هذا النظام -المخلوع حاليا- كان ينفي ذلك دائماً، ولم يكنْ هناك شيء معلوم بشأن ظروف احتجاز تايس. أمّا الآن، فقد بات معلوماً ما حدث للصحفي تايس بعد اختطافه، لا سيما بعد الاطّلاع على الملفّات الاستخباراتية – فضلاً عن شهادة العديد من مسؤولي النظام السابق في سوريا. وكان أوستن تايس قد اختفى في مكان قريب من العاصمة السورية دمشق، في أغسطس/آب 2012، بعد أيام معدودة من عيد ميلاده الحادي والثلاثين. وكان تايس يعمل صحفيا حُرّاً. وبعد مرور سبعة أسابيع، ظهر تايس في مقطع فيديو عبر الإنترنت معصوبَ العينين ومقيّدَ اليدين، حيث أُجبِرَ على إعلان إسلامه بين أيدي رجال مسلّحين. على أن الانطباع الذي ساد هو أنّ أوستن تايس تعرّض للاختطاف بأيدي جماعة جهادية، وسرعان ما رأى محللون ومسؤولون أمريكيون أن المشهد "جرى إعداده وتمثيله". ولم تعلن جماعة أو حكومة مسؤوليتها عن اختفاء الصحفي تايس، ولم يُعلَم عنه شيء منذ ذلك الحين، ما غذّى التكهُّنات بخصوص مكان وجوده. وجاء اطّلاع بي بي سي على الملفّات الاستخباراتية في إطار تحقيق صحفيّ مستمر بدأ العمل فيه قبل عام. وتُعَدّ الملفات الاستخباراتية أوّل دليل يظهر على السطح بخصوص احتجاز الصحفي تايس في سوريا، منذ بدأت جهود البحث عنه بعد سقوط نظام الأسد مطلع ديسمبر/كانون الأول 2024. وتتألّف الملفّات الموسومة باسم "أوستن تايس" من رسائل ومحادثات قامت بها أفرُعٌ مختلفة تابعة لجهاز الاستخبارات السورية. وتحققتْ بي بي سي من أنّ هذه الملفّات أصلية. "سرّي للغاية" وأظهرتْ رسالة موسومة بعبارة "سرّي للغاية" أنّ الصحفي تايس كان معتقلاً في مركز للاحتجاز بالعاصمة السورية دمشق في عام 2012. وأكدت مصادر إضافية أن مكان الاحتجاز كان "سجن الطاحونة"، كما أكّد ضابط كبير في الاستخبارات السورية أنّ الصحفي تايس كان محتجزاً في دمشق بأيدي مجموعة شبه عسكرية. وأصرّ نظام الأسد على إنكار أيّ معرفة له بمكان وجود تايس، وكشف تحقيق بي بي سي كذب هذا النظام. وخلص التحقيق إلى أن أوستن تايس كان قد أُلقي القبض عليه في منطقة داريا القريبة من دمشق، قبل أن تحتجزه جماعة شبه عسكرية تُدعى "قوات الدفاع الوطني" وهي معروفة بولائها للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. وأكد مسؤول سوري لبي بي سي، أن الصحفي تايس ظلّ بأيدي هذه المجموعة حتى فبراير/شباط 2013 على أقلّ تقدير. وفي ذلك الوقت، عانى أوستن تايس من متاعب في المَعدة، وتلقّى علاجاً مرّتين على الأقل على يد طبيب. وتُظهر تحاليل الدم أن تايس كان يعاني من عدوى فيروسية في ذلك الوقت. وقال رجل، زارَ مقرّ احتجاز تايس، لبي بي سي، إنّ إدارة السجن كانت مهتمة بعلاج الصحفي الأمريكي أكثر من بقية المحتجزين، ومع ذلك فقد بدا (تايس) حزيناً، وفارقتْ البسمةُ وجهَه. "ورقة تفاوُض" وبشكل منفصل، قال عضو في "قوات الدفاع الوطني" -على اطلّاع وثيق بظروف احتجاز الصحفي تايس- إن "قيمة أوستن كانت معروفة". وأضاف لبي بي سي: "كان مفهوماً أنّ تايس 'ورقة' يمكن استخدامها في مفاوضات دبلوماسية مع الولايات المتحدة". وأفادت تقارير بأن تايس حاول الهرب من مكان احتجازه، بالتسلُّل عبر نافذة في المكان، لكن تمّ الإمساك به مجددا. كما تفيد التقارير بأن الصحفي تايس خضع للاستجواب مرّتين على الأقلّ على يد ضابط في الاستخبارات السورية، وأن هذا جرى خلال الفترة ما بين 2012 و2013. وعندما تمّتْ الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2014، قال الرئيس الأمريكي آنذاك، جو بايدن، إنه يعتقد أن تايس لا يزال على قيد الحياة. وقبل ذلك بيومين، قالت والدته ديبرا تايس إنّ "مصدراً مُهمّاً" أكّد أنّ ابنها كان لا يزال حياً وأنه "يتلقى معاملة جيّدة". لكن، عندما أُخليتْ السجون بعد سقوط نظام الأسد، لم يظهر أيّ أثر لأوستن تايس على الإطلاق، كما أنّ مكان وجوده لا يزال غير معلوم. وتعلَم عائلة تايس بوجود هذه الملفّات الاستخباراتية التي اطّلعتْ عليها بي بي سي، كما تعلَم السلطات الأمريكية بوجودها، وكذلك مجموعة سورية تقوم بجمْع معلومات بشأن الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد. ويعتبر أوستن تايس من بين الرهائن الأمريكية الأطول احتجازاً، وقد عكف والداه -ديبرا ومارك- على حملة لتسليط الضوء على اختفاء ابنهما. وكان أوستن تايس ضابطاً سابقاً في البحرية الأمريكية، وقد خدم في كل من العراق وأفغانستان، كما أنه درس الحقوق في جامعة جورج تاون العريقة بواشنطن العاصمة. وفي عام 2012، سافر تايس إلى سوريا، لتغطية أخبار الحرب الأهلية، كمراسل صحفيّ حُرّ. ليختفي أثر أوستن تايس في خِضمّ نظامِ اعتقالٍ مُعقّد وواسع. ويقدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان -ومقرّه المملكة المتحدة- اختفاء قُرابة المئة ألف شخص في ظلّ نظام الأسد.