
بدأ من الصفر وفشلوا في اغتياله.. هذا هو رئيس كوريا الجنوبية الجديد
لي جاي ميونغ، السياسي اليساري الجريء والعنيد الذي أصبح رئيساً لكوريا الجنوبية، أمضى حياته وهو ينهض مجدداً بعد كل كبوة ليواصل القتال.
كان لي يصارع من أجل البقاء وهو يرقد على سرير في وحدة العناية المركزة بعد أن طُعن في رقبته مطلع 2024.
وبالنسبة لكثير من السياسيين، قد يدفعهم مثل ذلك الحادث لوضع حد لمسيرتهم في العمل العام، لكن هذه الأزمة زادت حماس لي وإصراره على القتال.
محاولة اغتيال لي جاي مينونغ
تماماً مثل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي نجا هو الآخر من محاولة اغتيال في 2024، يجد لي في الإخفاقات والمعارضة التي يواجهها دافعاً سياسياً ومصدراً للتحفيز، رافضاً مجرد التفكير في التراجع أو الاستسلام.
قال لي عند خروجه من المستشفى بعد 8 أيام من العلاج في أعقاب الهجوم الذي وقع في مدينة بوسان الساحلية: "بما أن شعبي أنقذ حياتي، فسأكرس بقية عمري لخدمتهم وحدهم. إذا استطعنا أن نعيد بناء سياسة تقوم على الاحترام والتعايش، فلن أشعر بأي ندم، حتى لو استغرق ذلك ما تبقى من حياتي".
لطالما شبه البعض الأسلوب الشعبوي الذي يتبعه لي بسلوك الرئيس الأميركي، لكن سياساته لطالما اقتربت من القيم التقدمية التي يروج لها بيرني ساندرز.
نتائج انتخابات الرئاسة الكورية الجنوبية
مع تنامي الزخم لصالحه وسط الفوضى التي أعقبت محاولة الرئيس السابق يون سوك يول الفاشلة لفرض الأحكام العرفية قبل 6 أشهر، اقترب لي تدريجياً من تيار الوسط السياسي. ويعكس هذا التحول إصراره على تحقيق النصر أخيراً ليصبح زعيماً للبلاد، بعدما خسر بفارق ضئيل أمام المحافظ يون قبل 3 سنوات.
أثبت لي أنه يتمتع بالمثابرة والالتزام الكافي لمحاولة توحيد الأمة، واستعادة النمو في الاقتصاد الكوري المتباطئ، وعقد صفقات مع ترمب بشأن التجارة والقوات الأميركية. رغم ذلك، فإن شخصيته المثيرة للانقسام قد تبقى العقبة الوحيدة التي يصعب عليه تجاوزها.
قال ليف-إريك إيزلِي، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة إيهوا النسائية في سيول: "لقد أثبت أنه ناج سياسي، بعد الفضائح القانونية، والتكتيكات المشكوك فيها من المعارضة، وحتى التهديدات التي استهدفت حياته. لكن فوزه لا يعود إلى أي مقترحات سياسية بعينها، بل هو نتيجة لانهيار يون المدوي".
فاز لي بنسبة 49.4% من الأصوات، بينما حصل مرشح حزب "قوة الشعب" كيم مون-سو على 41.2%، وذلك وفقاً للنتائج النهائية التي أعلنتها اللجنة الوطنية للانتخابات، وهو هامش أضيق من ذلك الذي أظهرته استطلاعات الخروج المبكر. وأعلنت اللجنة لي رئيساً للبلاد رقم 21 في كوريا الجنوبية اليوم، ومن المتوقع أن يؤدي اليمين الدستورية في الساعة 11 صباحاً بتوقيت سيؤول، بحسب وكالة "يونهاب" للأنباء.
قيادة اقتصاد كوريا الجنوبية
في حملته الأخيرة للفوز بمنصب الرئاسة، قدم لي نفسه بوصفه زعيماً أكثر مرونة ونضجاً، قادراً على التصدي لتحديات قيادة رابع أكبر اقتصاد في آسيا وسط بيئة أمنية تزداد توتراً. وابتعد عن مطالباته السابقة بالدخل الأساسي الشامل والرعاية الصحية المجانية الشاملة، وكذلك عن تصريحاته اللاذعة تجاه الولايات المتحدة الأميركية واليابان.
رغم ذلك، من المرجح أن تشهد حكومته زيادة في الإنفاق العام، وتعزيزاً لحماية العمال، ومحاولات للحد من نفوذ التكتلات العائلية التي تدير الشركات الكبرى في كوريا الجنوبية، وإن كان ذلك دون تحقيق أحلام بعيدة كما كان يطمح سابقاً. كما أنه يدعم الإصلاح الدستوري لتمكين الرئاسة من فترتين، بالإضافة إلى إغلاق محطات الطاقة العاملة بالفحم في البلاد.
أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد خفف أيضاً من لهجته، مشيراً إلى أنه سيواصل البناء على العلاقات الثلاثية مع الولايات المتحدة واليابان. لكنه لا يزال يفضل نهجاً أكثر توازناً في التعامل مع واشنطن وبكين، ويُبقي الباب مفتوحاً لإمكانية فتح حوار مع بيونغ يانغ.
قالت ياسويو ساكاتا، أستاذة العلاقات الدولية في جامعة "كاندا" للدراسات الدولية في اليابان: "من الإيجابي أن لي جاي ميونغ وفريقه يؤكدون أهمية التعاون الثلاثي، لكن الاختبار الحقيقي سيكون بعد توليه السلطة".
داخلياً، سيتمتع لي بفرصة أسهل في الجمعية الوطنية مقارنة بسلفه يون، إذ إن "الحزب الديمقراطي" المعارض الذي ينتمي إليه وسّع أغلبيته في الانتخابات البرلمانية التي أُجريت العام الماضي.
وهذا يعني أن أمامه مجالاً أوسع للمضي قدماً في تنفيذ السياسات. فقد كان الجمود التشريعي الناتج عن المواجهة بين القوى المعارضة في البرلمان واستخدام الرئيس حق النقض أحد الأسباب التي استند إليها يون لتبرير قراره المفاجئ بفرض الأحكام العرفية في ديسمبر الماضي.
ملاحقة قضائية
لكن الرئيس الكوري يواجه أيضاً مخاطر قانونية محتملة. فقد لاحقته فضائح في حياته الشخصية، إلى جانب قضايا قانونية متعددة تتعلق باتهامات بمساعدة مطوري أراضٍ من القطاع الخاص، وإساءة استخدام الأموال العامة وانتهاك قانون الانتخابات في السابق. نفى لي ارتكاب أي مخالفات، واعتبر أن الملاحقات القضائية ضده ذات دوافع سياسية. مع أن هذه القضايا قد تُعلق أثناء فترة رئاسته، إلا أن تلك الحصانة تبقى محل شك، إذ يتحدث محللون عن منطقة غامضة قانونياً.
لطالما كانت التوترات سمة ملازمة لحياة لي التي لم تكن يوماً حياة سهلة أو مستقرة.
نشأ لي في فقر مدقع ضمن أسرة عاملة في مدينة سيونغنام، التي تبعد نحو 20 كيلومتراً جنوب شرق سيؤول. بدأ العمل في مصنع للقلائد وهو في سن الثانية عشرة تقريباً، بعد تخرجه من المدرسة الابتدائية. خلال عمله لدعم أسرته، تعرض لحادث أثناء استخدام الآلات، ما أدى إلى تهشم مرفقه الأيسر، تاركاً ذراعه مشوهاً حتى اليوم.
لكن هذه الانتكاسة المبكرة، إلى جانب حرمانه من التعليم الثانوي، لم تُثنه عن مواصلة الطريق. ومن خلال الدراسة الذاتية، تمكن من اجتياز امتحان نقابة المحامين، ليصبح محامياً في أوائل العشرينيات من عمره. بعد سنوات من العمل ناشطاً في قضايا العمال، دخل عالم السياسة من خلال أدوار تنظيمية داخل الأحزاب الليبرالية.
الرحلة إلى رئاسة كوريا الجنوبية
برز اسم لي حين تولى منصب عمدة سيونغنام، وهو المنصب الذي شغله من 2010 حتى 2018. خلال تلك الفترة، زاد من تمويل بعض خدمات الرعاية الطبية العامة، وأغلق منشأة لذبح الكلاب، وطبق نموذجاً أولياً لمنح دخل أساسي للشباب.
سرعان ما بدأ يفكر بما هو أبعد من حدود سيونغنام، إذ خاض دون نجاح الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي في 2017 لاختيار مرشح الرئاسة. ثم أصبح لاحقاً حاكماً لإقليم غيونغي المجاورة بسيؤول، والذي يضم 13.7 مليون نسمة، ويحتضن منشآت رئيسية لصناعة أشباه الموصلات لشركتي "سامسونغ إلكترونيكس" و"إس كيه هاينكس".
حظي أداؤه خلال فترة تفشي كوفيد-19 حين كان حاكماً للإقليم بتقدير واسع، ما مهد الطريق أمامه لخوض انتخابات الرئاسة الكورية الجنوبية من جديد. نجح هذه المرة في نيل ترشيح الحزب الديمقراطي، رغم أن برنامجه الانتخابي بدا أكثر راديكالية مقارنة بسياسات الرئيس المنتهية ولايته ومنافسه مون جاي إن. إلا أن لي خسر الانتخابات أمام يون في 2022 بفارق يقل عن 1%.
قال بارك سونغ مين، رئيس شركة "مين كونسلتينغ" للاستشارات السياسية في سيؤول: "ما زال من الغريب بالنسبة لي كيف تمكن لي، الذي كان عمدة لمدينة صغيرة ولم يشغل مقعداً برلمانياً، من السيطرة على الحزب بهذه السرعة".
من هو رئيس كوريا الجنوبية الجديد؟
بحسب مسؤول في الحكومة الكورية الجنوبية طلب عدم الكشف عن اسمه، فإن الأشخاص الذين عملوا مع لي يصفونه بأنه شخص مليء بالعيوب والنواقص، لكنه ذكي ويتخذ قرارات عملية.
أكسبه أسلوبه المباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتكتيكاته الحادة الكثير من الخصوم على مر السنوات، فيما تزايدت مستويات انعدام الثقة حياله مع تراكم القضايا القضائية ضده.
قالت ساكاتا من جامعة "كاندا" إن ميول لي الشعبوية قد تجعله يفاجئ حتى أعضاء حزبه بعد توليه السلطة، مشبهة إياه بترمب. تابعت: "بغض النظر عما يخطط له الخبراء الاستراتيجيون، يبقى القرار بيد الزعيم. لذلك فهناك دائماً مخاطرة شبيهة بما يحدث مع ترمب".
بصفته زعيماً للمعارضة، حاول لي مراراً استغلال أغلبية حزبه في البرلمان لتمرير تشريعات عارضها يون، وهي تكتيكات جعلت الرئيس يظهر وكأنه يفقد السيطرة على البلاد شيئاً فشيئاً.
وعندما رأى أن يون لم يحتج بما فيه الكفاية على قيام اليابان بتصريف مياه محطة فوكوشيما النووية المدمرة في 2023، بدأ لي إضراباً عن الطعام استمر لأكثر من 3 أسابيع. ويدعي خصومه أن ذلك الإضراب كان وسيلة لصرف الانتباه عن القضايا القانونية ومحاولات اعتقاله.
حكم قضائي
ويبدو أن هذه الاتهامات بدأت تلحق به في نوفمبر من العام الماضي، عندما أدانته محكمة كورية جنوبية بتهمة الإدلاء بتصريحات كاذبة خلال حملته الانتخابية للرئاسة خلال 2021. وكان الحكم، إن تم تأكيده، سيؤدي إلى فقدانه مقعده البرلماني ومنعه من الترشح لأي منصب عام لمدة خمس سنوات.
لكن من خلال الاستئناف على ذلك الحكم والأحكام اللاحقة، نجح لي في تأجيل البت فيها إلى ما بعد الانتخابات، ما أبقاه في الساحة السياسية حتى الآن. وجرى تأجيل النظر في قضيته إلى موعد غير محدد بعد الانتخابات.
جاء طوق النجاة الرئيسي الذي أعاده إلى طريق السلطة بشكل غير متوقع، عندما أعلن خصمه اللدود يون فرض الأحكام العرفية في 3 ديسمبر الماضي، في أول مرسوم رئاسي من نوعه في كوريا الجنوبية منذ نحو 4 عقود. جاءت هذه الخطوة القمعية بنتائج عكسية، إذ أرعبت الأسواق وأدخلت البلاد في حالة طويلة من عدم الاستقرار السياسي، ساهمت في انكماش الاقتصاد.
تدخل إلهي
في غضون ساعات من إعلان المرسوم، قاد لي تحركاً في البرلمان لتحدي الطوق الأمني المفروض حول الجمعية الوطنية والتصويت على إلغاء المرسوم. وكعادته في استغلال اللحظة، بث لي مقطعاً مباشراً لنفسه وهو يتسلق الحواجز الأمنية.
كوريا الجنوبية.. الرئيس المعزول في محاكمة جنائية: لم يكن انقلاباً.. التفاصيل الكاملة هنا
قال بارك من شركة "مين كونسلتينغ": "في كل مرة يبدو فيها أن رحلة لي السياسية على وشك أن تنتهي، ينجو ويواصل المسيرة، وقد رأينا ذلك يتكرر مراراً. في تلك اللحظات، يبدو الأمر وكأنه يتلقى تدخلاً إلهياً".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
إيران ــ أميركا: دبلوماسية قلم الحبر
هل سيفعلونها أم لا؟ هذا السؤال الذي يتركز حوله حديث المهتمين بالمحادثات الجارية حالياً بين طهران وواشنطن حول البرنامج النووي الإيراني، على أمل الحصول على إجابة واضحة وصريحة. واللافت أن التصريحات العلنية من كلا الجانبين لا تقدّم إجابة واضحة. من جهته، الرئيس الأميركي دونالد ترمب يبدو واثقاً من أن اتفاقاً يعكس رغباته في طريقه إلى التحقق، بل يتحدث عن عصر ذهبي من الازدهار ينتظر الإيرانيين بمجرد توقيع الاتفاق. كما يبدو واثقاً من أن دبلوماسيته الجديدة، التي يمكن أن نطلق عليها «دبلوماسية الأعمال»، ستنجح فيما فشل فيه ثمانية رؤساء أميركيين، بمن فيهم ترمب نفسه في ولايته الأولى. وقال ترمب: «إنهم (أي الإيرانيين) يتفاوضون بذكاء». وربما تقول: «لقد مَرَرْنَا بهذا من قبل، وسمعنا ما يكفي!» ولن تكون مخطئاً. يُذكر أنه عام 2016، نال كل من وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، جائزة «تشاتام هاوس» المرموقة؛ لدورهما في التفاوض على «الاتفاق النووي الإيراني التاريخي»، الذي جرى توقيعه بين إيران وست قوى عالمية. وادعى مركز الأبحاث اللندني أن الاتفاق «أنهى العقوبات المفروضة على إيران مقابل تقليص برنامجها النووي المثير للجدل». وأشاد بالرجلين لدورهما في حل «واحدة من أكثر الأزمات الدبلوماسية استعصاءً في الشؤون الدولية في القرن الحادي والعشرين». وقد تتساءل: لماذا عادت مشكلة كانت قد حُلت قبل عقد من الزمان لتتوسل الحل من جديد؟ وستكون على حق. السبب أن الجانبين كليهما مارسا ما وصفه رئيس الوزراء الفرنسي الراحل جاك شابان - دلماس بـ«سياسة قلم الحبر»؛ إذ قال في مقابلة: «عندما كنت أواجه مشكلة مستعصية، كنت أستخدم سلاحي السرِّيّ: قلم حبر «ووترمان» خاصتي، وأوقّع للتخلص من المشكلة». عام 2015، وبعد أن نال جائزة نوبل للسلام حتى قبل أن يُنتخَب، راودت الرئيس باراك أوباما رغبةٌ حثيثةٌ لفعل أي شيء يبرر -ولو جزئياً- هذه الجائزة غير المستحقة قبل مغادرته البيت الأبيض. وهنا، وفَّرتْ له المسألة النووية الإيرانية الفرصة المناسبة لإنجاز ذلك. كان من شأن عَقْدٍ من الدعاية التي صوَّرت الحكام في طهران على أنهم يبنون قنبلة لبدء نهاية العالم، تحويل مثل هذا الاتفاق إلى فرصة طال انتظارها في الأوساط الدبلوماسية. فيما يخص أوباما، فإن إعطاء الموافقة النهائية أصبح أسهل، لأن «الاتفاق» الذي وصفته «تشاتام هاوس» بـ«التاريخي»، كان «اتفاقاً غير مكتوب»، مما يعني أن أحداً لم يكن بحاجة إلى توقيع أي شيء؛ وإنما كان مُجَرَّدُ التلويحِ بِظِلِّ قَلَمِ الحبر كافياً. من ناحيتهم، كان الإيرانيون مدركين أن «الاتفاق» الذي صاغه أوباما لن يكون له أي تأثير على خططهم الطموحة لتوسيع إمبراطوريتهم الثيولوجية-الآيديولوجية إلى أبعد مدى ممكن، ما داموا لم يصطدموا بعائق حقيقي في الطريق. كما كانوا يعلمون أن أوباما لم يستطع، ولن يستطيع، رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فإن إيماءة أوباما وغض الطرف كانا كافِيَيْنِ للسماح لطهران بجني ما بين 60 و100 مليار دولار سنوياً -الأموال التي تحتاج إليها لدفع رواتب مرتزقتها المنتشرين في دول عدة في الشرق الأوسط. فَلْنَعُدْ إلى الوضع الحاليّ. أنا أعلم أن التنبؤ بالمستقبل يجب أن يُترك للعرَّافين أو لألفين توفلر وأتباعه من أنصار نظرية «الموجة الثالثة». ومع ذلك، لا يسعني إلا أن أتنبأ بأن الطرفين سينتهيان إلى استعارة قلم شابان أو أحد أحفاده، ويمنحان «تشاتام هاوس» فرصة أخرى لمنح واحدة من جوائزها «المرموقة»، هذه المرة ربما لعباس عراقجي وستيف ويتكوف، إذا احتفظ بمقعده على طاولة ترمب. أما القلم المستخدَم هنا، فلن يكون ذهبياً مثل ذاك الذي وضعه نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الدولية، غريب آبادي، بهدوء في جيبه في مسقط، الشهر الماضي. أما ترمب، فلن يحصل على جائزة نوبل للسلام، لأن مجموعة النخبة التي تمنحها تعدُّه العدو رقم واحد. والآن، وأرجو ألَّا أكون مخطئاً، لماذا يساورني الاعتقاد بأن قلم الحبر يُملأ الآن بالحبر، من أجل «لحظة تاريخية» أخرى لـ«تشاتام هاوس»؟ السبب الأول أن طهران نجحت في اختزال القضية برمتها في مسألة درجة تخصيب اليورانيوم التي يُسمح لإيران بالاحتفاظ بها. وهنا، صرح وزير الخارجية الإيراني بأن: «تخصيب اليورانيوم داخل إيران خطنا الأحمر. وأيُّ اقتراح بحرمان إيران من هذا الحق يعني نهاية المفاوضات». أما المرشد علي خامنئي، فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، مُلمِّحاً إلى أن تخصيب اليورانيوم نقطة الخلاف الوحيدة بين طهران وواشنطن. وقال موجهاً حديثه إلى ترمب، الأربعاء الماضي: «سواء خصّبت إيران اليورانيوم أم لا، فهذا ليس من شأنك. مَن تظنُّ نفسَكَ لِتَتَقَدَّمَ بمثل هذا الطلب؟»، وقد تكرَّر مثل هذه النغمة على ألسنة ملالي آخرين. في الواقع، هذا السيناريو الذي يبنيه المرشد: إقناع الجميع، خصوصاً أبناء الشعب الإيراني، بأن «الشيطان الأكبر» يحاول إغلاق برنامج تخصيب اليورانيوم بالكامل، لكننا نقاوم بقوة وسنُرغمه في النهاية على الاعتراف بحقنا في تخصيب اليورانيوم، ربما ليس بالقدر الذي نرغب فيه، لكن على الأقل حتى نسبة 3 أو 4 في المائة. وبذلك، يمكن الإعلان عن «نصر تاريخي» آخر على «الشيطان الأكبر»، نضيفه إلى سلسلة «الانتصارات الأخيرة» التي يقول المرشد الأعلى إنه حققها في لبنان وسوريا والعراق وغزة واليمن. وما دام ترمب لا يطرح القضايا الحقيقية، مثل تصدير الثورة، وتمويل الإرهاب، واحتجاز الرهائن، ودعم ما تبقى من الجماعات الإرهابية في أنحاء العالم، وإرسال الطائرات المسيّرة مجاناً إلى روسيا، وبيع النفط الرخيص للصين... فإن الإيرانيين سيواصلون اللعب على وتر تخصيب اليورانيوم الذي لا يحتاجون إليه من الأساس.


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
توجيهات جديدة للسفارات الأميركية بشأن كيفية التعامل مع حظر السفر الجديد
أصدرت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، توجيهات لسفاراتها وقنصلياتها حول العالم بشأن كيفية التعامل مع حظر السفر الجديد الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب بحق موطني 12 دولة حول العالم. وتقدم البرقية الدبلوماسية المزيلة بتوقيع وزير الخارجية ماركو روبيو والتي اطلعت عليها شبكة CNN، أول تعليمات محددة بشأن كيفية تعامل المسؤولين القنصليين مع طلبات التأشيرات للمتقدمين من البلدان المحظورة والتي من بينها 4 دول عربية هي ليبيا، الصومال، السودان، واليمن. ولم تتطرق البرقية إلى بعض الجوانب مثل ما يعتبر "استثناء للمصلحة الوطنية"، ولكنها تقول إن التفاصيل بشأن ذلك ستأتي لاحقاً. كما طالبت باستمرار البعثات الدبلوماسية في جدولة مواعيد المتقدمين للحصول على التأشيرات "من البلدان المتأثرة" قبل دخول الإعلان حيز التنفيذ في 9 يونيو الساعة 12:01 صباحاً بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة. ووجهت سفارات وقنصليات الولايات المتحدة حول العالم بأن "تستمر في معالجة التأشيرات بشكل طبيعي، بما في ذلك الموافقة على المتقدمين المؤهلين، وطباعة التأشيرات، وإعادة جوازات السفر مع التأشيرات الصادرة"، كما تقول البرقية. وأضافت أنه "حتى بعد دخول الإعلان حيز التنفيذ، يتم توجيه البعثات الدبلوماسية الأميركية بالاستمرار في جدولة المواعيد للمتقدمين من البلدان المتأثرة". ومع ذلك، بالنسبة للمتقدمين من الدول المحظورة، سيتم رفض تأشيراتهم ما لم يستوفوا أحد معايير الاستثناء، كما تقول البرقية. ولفتت إلى أنه إذا تم منح تأشيرة لمقدم طلب من بلد مقيد قبل 9 يونيو ولم يتلق التأشيرة بعد، فـ"سيتم إلغاء تلك التأشيرة بموجب الإعلان الرئاسي ما لم يتمكن مقدم الطلب من إثبات وجود استثناء". استثناءات البلدان المشمولة بالحظر الكامل تشمل: المتقدمون الذين يحملون جنسية مزدوجة ويتقدمون بجواز سفر بلد غير متأثر. الدبلوماسيون والمسؤولون الحكوميون. موظفو المنظمات الدولية وحلف الناتو. ما يعرف بـ "استثناءات المصلحة الوطنية وبعض الرياضيين وأعضاء الفرق الرياضية". كما تشمل: تأشيرات الهجرة للعائلة المباشرة مع أدلة واضحة ومقنعة على الهوية والعلاقة الأسرية. مثل: الحمض النووي أو السجلات الطبية. هناك أيضاً استثناءات لـ: عمليات التبني. تأشيرات الهجرة الخاصة بالأفغان. تأشيرات الهجرة الخاصة لموظفي الحكومة الأميركية. "الأقليات العرقية والدينية التي تواجه الاضطهاد في إيران". "استثناءات المصلحة الوطنية المعتمدة". وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، قراراً بمنع دخول مواطني 12 دولة إلى الولايات المتحدة، من بينها أربع دول عربية هي ليبيا، الصومال، السودان، واليمن. كما شمل قرار الحظر كلاً من إيران، أفغانستان، ميانمار، تشاد، جمهورية الكونغو، غينيا الاستوائية، إريتريا، وهايتي. في الوقت نفسه، فرض الأمر التنفيذي قيوداً جزئية على دخول رعايا سبع دول إضافية، هي بوروندي، كوبا، لاوس، سيراليون، توجو، تركمانستان، وفنزويلا. وقال ترمب في بيان: "بصفتي رئيساً، يجب أن أتحرك لحماية الأمن القومي والمصلحة الوطنية للولايات المتحدة وشعبها. وأؤكد التزامي بالتعاون مع الدول التي تبدي استعداداً للتنسيق من أجل تحسين آليات تبادل المعلومات وإجراءات التحقق من الهوية، ومعالجة المخاطر المرتبطة بالإرهاب والسلامة العامة". وأشار البيان الصادر عن البيت الأبيض، إلى أن الدول المشمولة بالحظر الكامل تم تصنيفها على أنها "تفتقر إلى الكفاءة في إجراءات التدقيق والتحقق، وتشكل خطراً كبيراً على الولايات المتحدة".


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
تباطؤ نمو الوظائف في أميركا يمنح «الفيدرالي» مساحة للمناورة بشأن الفائدة
تباطأ نمو الوظائف في الولايات المتحدة في مايو (أيار) وسط رياح معاكسة ناجمة عن عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية، بينما استقر معدل البطالة عند 4.2 في المائة، مما قد يمنح الاحتياطي الفيدرالي غطاءً لتأجيل استئناف تخفيضات أسعار الفائدة لفترة. وأفاد مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل في تقريره عن التوظيف، الذي يحظى بمتابعة وثيقة، يوم الجمعة، بأن الوظائف غير الزراعية زادت بمقدار 139 ألف وظيفة الشهر الماضي بعد ارتفاعها بمقدار 147 ألفاً معدلة بالخفض في أبريل (نيسان). وتوقع اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم إضافة 130 ألف وظيفة بعد زيادة قدرها 177 ألف وظيفة في أبريل. وتراوحت التقديرات بين 75 ألف و190 ألف وظيفة. وظل معدل البطالة عند 4.2 في المائة للشهر الثالث على التوالي. كما ارتفع متوسط الأجر في الساعة بنسبة 0.4 في المائة في مايو، متجاوزاً التوقعات بزيادة قدرها 0.3 في المائة. يحتاج الاقتصاد إلى خلق ما يقرب من 100 ألف وظيفة شهرياً لمواكبة نمو عدد السكان في سن العمل. قد ينخفض هذا العدد مع إلغاء الرئيس دونالد ترمب الوضع القانوني المؤقت لمئات الآلاف من المهاجرين في خضم حملة قمع للهجرة. ويعكس جزء كبير من نمو الوظائف هذا العام تكديس الشركات للعمال وسط تذبذب ترمب في سياساته بشأن الرسوم الجمركية، الذي يقول الاقتصاديون إنه عاق قدرة الشركات على التخطيط للمستقبل. وتُضيف معارضة الجمهوريين المحافظين المتشددين في مجلس الشيوخ الأميركي والملياردير إيلون ماسك لتخفيضات ترمب الضريبية ومشروع قانون الإنفاق، مزيداً من الغموض للشركات. عقب صدور التقرير، علق الرئيس الأميركي دونالد ترمب على حسابه على «تروث سوشيال» قائلاً: «الأسعار انخفضت، والدخل ارتفع، وحدودنا مغلقة، والبنزين رخيص، والتضخم في انخفاض - بلدنا يزدهر! الشركات تتدفق إلى أميركا بشكل غير مسبوق!». وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية بعد صدور البيانات. إذ ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات بمقدار 5.1 نقطة أساس ليصل إلى 4.446 في المائة. وارتفعت عوائد سندات السنتين، الحساسة لأسعار الفائدة، بمقدار 3.8 نقطة أساس لتصل إلى 3.962 في المائة. وراهن المتداولون على أن صانعي السياسات في الاحتياطي الفيدرالي ليس لديهم ما يدعوهم للتسرع في خفض أسعار الفائدة، بعد صدور التقرير. ويرى صانعو السياسات في الاحتياطي الفيدرالي أنهم سينتظرون حتى سبتمبر (أيلول) لخفض أسعار الفائدة، مع احتمال إجراء خفض واحد إضافي بحلول ديسمبر (كانون الأول)، وذلك استناداً إلى تداول العقود الآجلة لأسعار الفائدة قصيرة الأجل، والتي أظهرت أيضاً تراجع المتداولين عن الرهانات التي ستؤتي ثمارها إذا أقدم الاحتياطي الفيدرالي على خفض ثالث لأسعار الفائدة بنهاية العام.