
العراق على مفترق طرق: هل تعود 'ثورة عاشوراء' في ظل تصاعد أزمة البرلمان والحكومة؟
التصريحات الاخيرة الانفعالية للمسؤولين الحكوميين الإسرائيليين والأمريكان على حد سواء والتي أصبحت بصورة متسقة ومتناغمة التي تبشّر بـ'شرق أوسط جديد' لا يحمل في طياته إلا مزيدًا من الفوضى والفراغ السياسي، حيث تتداعى القوى الكبرى عن دعم حلفائها التقليديين. العراق، الذي كان دومًا في قلب هذا الصراع، يعاني اليوم من تداعيات هذه المتغيرات، فيما تزداد العلاقة بين بغداد وطهران تأزمًا وتوترًا وبالأخص ملف الفصائل الولائية المسلحة المنضوية تحت مؤسسة الحشد الشعبي. و لكن ما يعيشه اليوم لا يقتصر على تراجع دوره الإقليمي فقط، بل يتجاوز ذلك ليشمل تهديدًا مباشرًا على أمنه الداخلي واستقراره السياسي والذي ما يزال يشهد بين الحين والآخر موجات من الاحتجاجات ضد فساد الحكومة والمحاصصة الطائفية، أصبح اليوم في مواجهة معركة جديدة – معركة من أجل البقاء في ظل الانقسامات الداخلية التي تعصف بجميع مؤسساته وليس مجرد ساحة استحواذ وصراع إقليمي فحسب، بل هو الآن أمام سؤال كبير لا مجال للتهرب منه : هل سيبقى في فلك الهيمنة الإيرانية أم يرضخ للضغوط الأمريكية وسيغرق أكثر في خضم الفراغ الذي خلّفته التغيرات الجيوسياسية في المنطقة؟
في ظل حالة من التوتر السياسي المستمر منذ سنوات ، عاد مشهد صورة الأمس باقتحام البرلمان وتفجير الاحتجاجات في المنطقة الخضراء إلى الواجهة، ليحاكي سيناريو 'ثورة عاشوراء' التي شهدت احتجاجات واسعة ضد سياسات حكومة رئيس الوزراء 'حيدر العبادي' والبرلمان ففي يوم السبت الموافق 30 نيسان 2016، قام أنصار التيار الصدري بقيادة السيد 'مقتدى الصدر' باقتحام المنطقة الخضراء، مقر البرلمان والحكومة العراقية، وذلك بعد دعوة من 'الصدر' للمطالبة بإصلاحات حكومية وإلغاء المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب. كانت هذه الخطوة احتجاجًا على الفساد وسوء الإدارة. الاقتحام شهد مشاهد فوضوية وكان بمثابة إعلان رفض شعبي واسع لما كان يُعتبر حكومة فاسدة و فاجأ أنصار التيار الصدري الجميع بالدخول إلى المنطقة الخضراء، التي تُعدّ رمزًا لسلطة الحكومة العراقية واحتكار القوى السياسية للنظام السياسي. ودخلوا البرلمان في خطوة تنديد واضحة بمحاصصة الطوائف والفساد المستشري في الحكومة والاقتحام الثاني الذي حدث في يوم الأربعاء 27 تموز 2022، باقتحام البرلمان مجددًا بعد فشل تشكيل الحكومة إثر الانقسامات بين الاحزاب والكتل السياسية التقليدية المهيمنة على القرار السيادي . هذه المرة كانت احتجاجاتهم ضد ما اعتبروه عملية فساد وتدخلات من أطراف خارجية، وكذلك رفضًا لهيمنة القوى السياسية التقليدية. وكان هذا الاقتحام جزءًا من أزمة سياسية أوسع، ومن حيث كان أنصار الصدر يتظاهرون ضد تشكيل الحكومة من قبل أحزاب الإطار التنسيقي، والذي يضم العديد من الأحزاب الشيعية التقليدية. والملاحظ للمتابع ففي كلا الاقتحامين، كانت رسالتهم واضحة وصريحة : رفض سياسات الحكومة والبرلمان، مطالبين بالإصلاحات وإصلاح النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي القائم الذي يرى الصدريون أنه قائم على المحاصصة الطائفية والفساد والمحسوبية.
إن التاريخ السياسي والعلاقة بين التيار الصدري والحكومات والمجلس النيابي ومنذ الغزو الأمريكي في عام 2003، حيث كان البرلمان دائما وما يزال مركزًا للانتقادات المتواصلة بسبب ضعف الأداء التشريعي وغياب الحلول الحقيقية للمشاكل التي يعاني منها المجتمع العراقي. ولكن مع صعود التيار الصدري ظهرت تحركات سياسية تتسم بالعنف والتحريض ضد الحكومة، تطورت إلى مظاهرات جماهيرية واقتحام مؤسسات الدولة. في عام 2015، شهدت البلاد احتجاجات حاشدة ضد الحكومة والبرلمان، حيث طالب المتظاهرون بالإصلاحات والحد من الفساد واليوم، يبدو أن جميع المؤشرات وتصريحات المسؤولين للتيار الصدري تسير في نفس الطريق من خلال تحريك الشارع ضد حكومة رئيس الوزراء الحالي 'السوداني' ومشددًا على عدم فاعلية البرلمان في التخفيف من معاناة الشعب ، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول القدرة الحقيقية لهذا التيار على إسقاط الحكومة الحالية مثلما حدث في الماضي.
ولطالما كان البرلمان بحسب المتظاهرين والقوى ثورة تشرين بان فشل أعضائه في حضور الجلسات المهمة وتغيبهم عن المداولات التي تحدد مصير مستقبلهم وتحسين أوضاعهم المعيشية. على مدار سنوات، ومن خلال تأجلت القوانين الحيوية التي تمس حياة المواطن وبالأخص التي توفر فرص عمل لهم، مثل قوانين النفط والغاز ومكافحة الفساد. بينما معظم نواب البرلمان بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية، مشغولين بمصالحهم الشخصية والحزبية، متجاهلين الحاجة الماسة لتمرير التشريعات والقوانين التي تنقذ حياة الشعب وهذا الغياب المستمر انعكس بشكل سلبي على المدى الطويل على استقرار العراق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، مما أدى إلى تراكم الأزمات التي يواجهها المواطن يومًا بعد يوم بحيث أصبحت من الصعوبة بمكان إيجاد أي طريقة لإصلاح مثل تلك الأزمات , ورغم التحذيرات التي أطلقها العديد من المسؤولين، مثل تحذير الأخير لرئيس البرلمان، الدكتور 'محمود المشهداني' حذر صراحة :'من عواقب خطيرة إذا استمرت الصراعات بين الكتل السياسية، وتفاقم الاختلافات الداخلية والفساد في الدولة وأن هناك تطورات كبيرة قد تحدث في العراق خلال شهر آب من هذا العام' وربط ذلك بتسارع الأحداث السياسية والاجتماعية في البلد، بالإضافة إلى الضغوط الإقليمية.
هذه التصريحات جاءت في وقت حرج جدآ يمر به العراق وبالاخص الأوضاع السياسية والانتخابات البرلمانية القادمة والجميع اصبح في حالة ترقب شديد مع تزايد الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة، فضلاً عن التوترات بين الكتل السياسية المختلفة، وخاصة بين التيار الصدري وأحزاب الإطار التنسيقي وإلى احتمالية تفاقم الأزمة بشكل يؤدي إلى تفجير الوضع السياسي. هذه التصريحات الرسمية لرئيس البرلمان أثارت القلق في أوساط الحكومة والساسة، حيث توقع البعض أن بعد انتهاء الزيارة الاربعينية قد يشهد تصعيدًا كبيرًا في المظاهرات أو احتجاجات شعبية قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في النظام السياسي وأن القوى السياسية لا تزال تعيش في دوامة الانقسامات السياسية والفساد الذي يعصف بكل مؤسسات الدولة. بل إن البعض يرى أن الأوضاع تتجه نحو مرحلة أكثر تعقيدًا، مع تفاقم سيطرة الميليشيات والفصائل الولائية على مفاصل القرار السيادي وبمساندة قادة من بعض احزاب الإطار التنسيقي كما هو التحذير الأخير الذي أطلقه رئيس ائتلاف دولة القانون حول عدم تمرير قانون الحشد الشعبي.
لا يخفى على أحد أن المظاهرات الأخيرة التي اندلعت في العراق جلبت معها تساؤلات حول طبيعة الحراك السياسي المستقبلي وفي هذه اللحظة، تعيش الساحة السياسية العراقية حالة من القلق والترقب حول ما ستؤول إليه الأمور في حال تصاعدت الاحتجاجات بشكل أكبر ومن المتوقع أن تتجه الأنظار إلى التيار الصدري بصفته القوة الرئيسة التي قد تقود موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية في العراق، وتستهدف هذه المرة حكومة رئيس الوزراء السوداني. سيتجدد الحديث عن سياسات المحاصصة الطائفية التي تُعاني منها الحكومة، فضلًا عن الدور المتزايد الذي تلعبه الفصائل المسلحة في تحديد توجهات الدولة.
وما يزيد من تعقيد تأزم المشهد , هو أن بعض المسؤولين الحكوميين يروجون في وسائل الإعلام ويعتقدون صراحة وجازمين بان هذه الاحتجاجات قد تتحول إلى 'ثورة عاشوراء الثانية'، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. لكن، في الوقت ذاته، يرى آخرون أن هذا الحراك قد يعجز عن إحداث تغيير حقيقي، نظرًا لوجود بنية سياسية معقدة وصراعات داخلية بين الكتل السياسية المختلفة وعلى الرغم من التحركات الشعبية المتزايدة فالأزمة الحالية لا تتعلق فقط بالفساد أو ضعف الحوكمة، بل تتجاوز ذلك إلى مشهد سياسي معقد تحكمه مصالح إقليمية ودولية. إن تحركات القوى الخارجية، وتحديدًا إيران والولايات المتحدة، تُضاف إلى المشهد المربك، ما يجعل أي محاولة للتغيير الداخلي تصطدم بعوائق هائلة. ورغم هذا التشاؤم، يبقى الأمل في أن يكون هناك تحول إيجابي في المستقبل، إذا ما تمكّن المواطنون من توحيد صفوفهم وإحداث ضغط حقيقي على الحكومة لإجراء إصلاحات شاملة تضمن العدالة وتوزيع الثروات بشكل أكثر إنصافًا.
إن الوضع الراهن في العراق لا يعد مجرد مرحلة سياسية عابرة، بل هو مرحلة فارقة قد تقود البلاد إلى مآلات كارثية إن لم يتم تدارك الأمر سريعًا. الواقع المرير الذي يعيشه الشعب العراقي اليوم هو نتاج سنوات من الفساد المستشري والانقسامات السياسية التي لا حصر لها، وكلما استمر الصراع بين القوى السياسية على حساب مصلحة الوطن، زادت حدة الخطر الذي يهدد استقرار العراق وأمنه.
التغيرات الجيوسياسية في المنطقة لا تترك العراق في معزل عن تداعياتها، بل تأتي لتزيد من تعقيد وضعه الداخلي، وتضعه في مواجهة تهديدات إقليمية ودولية قد لا يمكن تحمل تبعاتها. إن الاستمرار في غياب الحلول الجذرية والإصلاحات الحقيقية يعني أننا نسير نحو هوة سحيقة، قد نجد أنفسنا في أسفلها عاجزين عن إصلاح ما يمكن إصلاحه.
إن الشعب العراقي اليوم أمام مفترق طرق، وإذا استمر التراخي في مواجهة الفساد والطائفية والمحاصصة السياسية، فإن العواقب ستكون وخيمة على جميع الأصعدة. وقد تجد نفسه في دوامة لا تنتهي من الفوضى والفقر والدمار. الوقت يمر ولم يعد في صالح الجميع، والمستقبل مهدد إذا لم نتحرك بروح وطنية مشتركة، بعيدًا عن الحسابات الطائفية والمحاصصة الضيقة، من أجل إنقاذ هذا البلد الذي دفع أثمانًا باهظة طوال عقود من الزمان.
علينا أن نكون أكثر وعيًا بما يجري حولنا، وأن ندرك أن صمتنا وتجاهلنا للمشاكل العميقة لن يزيد الوضع إلا تعقيدًا. الشعب، الذي عانى بما فيه الكفاية، يستحق أكثر من ذلك؛ يستحق الأمل في غد أفضل، ولا بد من أن يبدأ التغيير من داخلنا، أولًا وأخيرًا ومع تصاعد هذه الأحداث، و بينما يظل العراق يعيش في دائرة الأزمات السياسية، يبقى اعادة سيناريو مشهد 'ثورة عاشوراء الثانية' على الأبواب، خاصة مع تصاعد الرفض الشعبي للفساد وغياب الحلول من قبل الحكومة . وفي ظل هذه الحالة، يظل التساؤل قائمًا: هل يمكن للتيار الصدري أن يسقط الحكومة الحالية كما حدث سابقًا؟ أم أن العراق سيظل يعيش في دوامة لا نهاية لها من الفساد والمحاصصة الطائفية السياسية وتدخل القوى الخارجية في شؤونه الداخلية؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الحركات الإسلامية
منذ 8 ساعات
- الحركات الإسلامية
قرار لبناني تاريخي وتحرّكات حوثية مريبة.. ملامح تفكك مشروع الهيمنة الإيرانية في المنطقة
في تطور سياسي إقليمي يعكس تحولات في موازين القوى داخل الساحة العربية، رحب وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بالقرار التاريخي الذي اتخذته الحكومة اللبنانية والقاضي بحصر السلاح وقرار الحرب والسلم بيد الدولة وحدها، واصفًا إياه بالخطوة الشجاعة والتحول الجوهري الذي طال انتظاره. هذا القرار، وفق الإرياني، يمثل بداية حقيقية لاستعادة السيادة الوطنية التي صادرها "حزب الله" على مدى عقود، عبر تكريس واقع "الدولة داخل الدولة"، والزج بلبنان في صراعات عبثية وأزمات متتالية أضرت بالبنية التحتية، وأثقلت كاهل الشعب اللبناني بأثمان باهظة من دماء وأمن واستقرار البلاد. وأكد الوزير أن التجارب التاريخية، لا سيما في السنوات الأخيرة، أثبتت أن سلاح "حزب الله" لم يكن في يوم من الأيام سلاح مقاومة حقيقية بقدر ما كان أداة للاستقواء على الداخل اللبناني، وتصفية الخصوم السياسيين، وفرض أجندة إيران على القرار السيادي، وبيّن أن هذا السلاح ساهم في زج لبنان في معارك لم تُقرّها الدولة ولا اختارها الشعب، وأدى إلى عزلة دولية وانهيار اقتصادي غير مسبوق، مشددًا على أن ما جرى مؤخرًا في الجنوب اللبناني يعد برهانًا إضافيًا على عجز هذا السلاح عن حماية نفسه فضلًا عن حماية البلاد. وربط الإرياني بين القرار اللبناني الجديد والدور الميداني والإعلامي الخطير الذي لعبه "حزب الله" في اليمن منذ اللحظات الأولى للانقلاب الحوثي، عبر إرسال خبراء ومقاتلين لإدارة العمليات القتالية إلى جانب المليشيا الحوثية، وتأهيل كوادرها عسكريًا وأمنيًا، إضافة إلى الدعم الإعلامي من خلال قناة 'المسيرة' التي تبث من الضاحية الجنوبية في بيروت، والتي تحولت إلى منصة تحريض ضد الدولة اليمنية وتهديد مباشر للأمن القومي اليمني والعربي، وأوضح أن اليمن شأنها شأن عدد من الدول العربية، دفعت ثمن المشروع التخريبي الذي تنفذه إيران عبر أذرعها المسلحة في العواصم العربية، من بيروت إلى صنعاء، مرورًا ببغداد ودمشق، وهو مشروع لا يقوم على الشراكة الوطنية أو بناء الدولة، بل على تمزيق النسيج الاجتماعي، وتكريس السلاح الطائفي، وتفكيك مؤسسات الحكم لصالح "الفوضى الدائمة" التي تنسجم مع مشروع "ولاية الفقيه". تصريحات الوزير اليمني جاءت في أعقاب تأكيد تقارير متخصصة في الشأن العسكري اليمني، أن ذراع إيران في اليمن – المليشيا الحوثية – تمضي على النهج ذاته الذي انتهجه "حزب الله" في لبنان، حيث دفعت الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى مختلف جبهات القتال، مع تكثيف تحصيناتها ومواقعها الميدانية، وإعادة تأهيل بنيتها العسكرية والأمنية، في ظل مخاوف أممية من أن يقود هذا التصعيد إلى نسف "هدنة هشة" ترعاها الأمم المتحدة منذ أبريل 2022. وكشفت مصادر دفاعية وأمنية لمنصة "ديفانس لاين" المتخصصة في الشؤون العسكرية باليمن عن تحريك الحوثيين أسلحة ومعدات إلى مواقع متقدمة، وحفر الخنادق والأنفاق، وزرع الألغام في خطوط التماس، بالتوازي مع تعبئة أيديولوجية واسعة النطاق. ورصدت المعلومات تحركات مكثفة شملت نقل كتائب مدربة حديثًا إلى جبهات في مأرب والجوف والبيضاء ولحج والضالع وتعز والحديدة وحجة، تضم وحدات خاصة وفصائل "جهادية" ودروع وقناصة وطيران مسير ومدفعية ميدانية وصاروخية. كما شملت جهود الجماعة إعادة تشغيل القواعد والمخابئ تحت الأرض وترميم المقرات القيادية والمرافق اللوجستية المتضررة جراء الهجمات الأمريكية السابقة، ما يشير إلى محاولة لإعادة بناء القدرة القتالية استعدادًا لمرحلة صراع جديدة. ويرى المراقبون أن الربط بين القرار اللبناني والواقع اليمني يكشف ملامح استراتيجية موحدة للمشروع الإيراني في المنطقة، تعتمد على تمكين الأذرع المسلحة وتوظيفها لفرض الهيمنة على حساب الدولة الوطنية، فكما هيمن "حزب الله" لعقود على القرار السيادي في لبنان بسلاحه وإمكانياته العسكرية، يسعى الحوثيون اليوم لتكريس واقع مشابه في اليمن، يهدد الأمن الإقليمي ويعطل أي جهود سلام حقيقية، ويؤكد هؤلاء أن نجاح لبنان في فرض حصرية السلاح بيد الدولة، إذا تحقق عمليًا، قد يشكل سابقة تلهم دولًا أخرى في المنطقة، ويدفع نحو إعادة الاعتبار لسلطة الدولة في مواجهة المليشيات، تمهيدًا لإسقاط نموذج "اللادولة" الذي تغذيه إيران من بيروت إلى صنعاء.


الزمان
منذ 21 ساعات
- الزمان
تنديد عربي واسع بعد تطرق نتانياهو الى 'رؤية إسرائيل الكبرى'
القاهرة (أ ف ب) – نددت دول عربية بتطرق رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو خلال مقابلة صحافية، الى 'رؤية إسرائيل الكبرى'، معربة عن رفضها 'للأفكار التوسعية' للدولة العبرية، ومحذرة من 'تصعيد' و'تهديد لسيادة' بلدان المنطقة. ويؤشر مصطلح 'إسرائيل الكبرى' إلى الحدود التوراتية من زمن الملك سليمان، والتي يُفترض أنها تشمل حاليا الضفة الغربية المحتلة، إضافة الى أجزاء من الأردن ولبنان وسوريا. وسبق لليمين المتطرف في إسرائيل أن دعا الى احتلال هذه الأراضي. وخلال مقابلة مع قناة 'آي 24' الإسرائيلية الثلاثاء، سأل المحاور نتانياهو عما اذا كان يشارك هذه 'الرؤية'، عارضا عليه 'خريطة الأرض الموعودة'، فردّ رئيس الوزراء مرتين 'بالتأكيد'، قبل أن يضيف المحاور 'إنها إسرائيل الكبرى'. وتابع نتانياهو 'غالبا ما أفكر بوالدي، بجيل آبائنا الذي كان عليه تأسيس الدولة، وجيلنا، جيلي. علينا ضمان استمرار وجودها، وأرى في ذلك مهمة عظيمة'. وفي بيان ليل الأربعاء، دانت وزارة الخارجية المصرية 'ما أثير ببعض وسائل الاعلام الاسرائيلية حول ما يُسمى بـ +إسرائيل الكبرى+'. وأشارت الى أن القاهرة 'طالبت بإيضاحات لذلك في ظل ما يعكسه هذا الأمر من إثارة لعدم الاستقرار وتوجه رافض لتبني خيار السلام بالمنطقة والإصرار على التصعيد'. من جانبها، استنكرت الخارجية الأردنية ما اعتبرته 'تصعيدا استفزازيا خطيرا، وتهديدا لسيادة الدول'. بدورها دانت وزارة الخارجية العراقية 'التصريحات الصادرة عن الكيان المحتل بشأن ما يسمى بـ +رؤية إسرائيل الكبرى+، والتي تكشف بوضوح عن الطموحات التوسعية لهذا الكيان'. وأضاف البيان العراقي 'هذه التصريحات تمثل استفزازا صارخا لسيادة الدول'. كما دانت السعودية 'بأشد العبارات التصريحات الصادرة عن رئيس وزراء حكومة الاحتلال الاسرائيلي حيال ما يسمى رؤية إسرائيل الكبرى'. وأكدت الخارجية السعودية 'رفضها التام للأفكار والمشاريع الاستيطانية والتوسعية التي تتبناها سلطات الاحتلال الإسرائيلي'، مؤكدة 'الحق التاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة'. ومساء الخميس، قالت وزارة الخارجية الإماراتية عبر منصة اكس إن 'الإمارات تدين بشدة التصريحات الإسرائيلية عن +إسرائيل الكبرى+ وتعتبرها تعديا سافرا على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة'. وأتت مقابلة نتانياهو في مرحلة مفصلية في الشرق الأوسط، حيث تتواصل الحرب في قطاع غزة منذ هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. كما تواصل الدولة العبرية تنفيذ عمليات عسكرية في الضفة الغربية المحتلة. وخلال الفترة الماضية، خاضت إسرائيل معارك على جبهات إقليمية عدة، إذ خاضت نزاعا لأشهر مع حزب الله اللبناني أبقت في ختامه على قواتها في خمس نقاط بجنوب لبنان، وتوغلت الى المنطقة العازلة في الجولان السوري المحتل بعد سقوط حكم بشار الأسد، وقصفت مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن ردا على إطلاقهم صواريخ ومسيّرات نحو أراضيها. كما هاجمت إسرائيل إيران اعتبارا من 13 حزيران/يونيو، في حرب استمرت 12 يوما ردت خلالها الجمهورية الإسلامية بإطلاق صواريخ ومسيّرات. وكانت دول عربية عدة منها السعودية، دانت في شباط/فبراير تصريحات لنتانياهو اقترح فيها إقامة دولة فلسطينية على أراضي المملكة.


شفق نيوز
منذ يوم واحد
- شفق نيوز
كيف علّق اللبنانيون على زيارة علي لاريجاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني؟
نفّذ أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، زيارة إلى لبنان التقى خلالها الرئيس اللبناني جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، والأمين العام لحزب الله نعيم قاسم. ويأتي هذا عقب أيام من موافقة مجلس الوزراء اللبناني على تكليف الجيش بوضع خطة تطبيقية لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية العام، الأمر الذي اعتبره الحزب "خطيئة كبرى"، وأعلن أنه سيتعامل معه "كأنه غير موجود". وقال الرئيس اللبناني للاريجاني، إنه من غير المسموح لأي جماعة في لبنان حمل السلاح أو الاعتماد على مساندة طرف خارجي. وأضاف في بيان صدر عن مكتبه "نرفض أي تدخل في شؤوننا الداخلية من أي جهة"، موضحاً أن "لبنان الذي لا يتدخل مطلقاً بشؤون أي دولة أخرى ويحترم خصوصياتها ومنها إيران، لا يرضى أن يتدخل أحد في شؤونه الداخلية". وبيّن أن لبنان منفتح على التعاون مع إيران لكن في حدود السيادة الوطنية والاحترام المتبادل. وأشار عون إلى تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين بشأن نزع سلاح حزب الله، ووصفها بأنها "لم تكن مفيدة". وجدد تأكيده أن "الدولة اللبنانية مسؤولة من خلال مؤسساتها الدستورية والأمنية عن حماية كافة المكونات اللبنانية، وأي تحدٍ يأتي من العدو الإسرائيلي أو من غيره، هو تحدٍ لجميع اللبنانيين وليس لفريق منهم فقط، وأهم سلاح لمواجهتها هو وحدة اللبنانيين". رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، وافق الرئيس بانتقاده تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين، وقال "التصريحات الأخيرة لبعض المسؤولين الإيرانيين مرفوضة شكلاً ومضموناً. فهذه المواقف، بما انطوت عليه من انتقاد مباشر لقرارات لبنانية اتخذتها السلطات الدستورية في البلاد، ولا سيما تلك التصريحات التي حملت تهديداً صريحاً، تشكل خروجاً صارخاً عن الأصول الدبلوماسية وانتهاكاً لمبدأ احترام السيادة المتبادل". وأضاف "لبنان لن يقبل، بأي شكل من الأشكال، التدخل في شؤونه الداخلية، ويتطلع إلى التزام الجانب الإيراني الواضح والصريح بهذه القواعد"، مشدداً على أن "قرارات الحكومة اللبنانية لا يُسمح أن تكون موضع نقاش في أي دولة أخرى". وأكّد أن "أي علاقة مع لبنان تمر حصراً عبر مؤسساته الدستورية، لا عبر أي فريق سياسي أو قناة موازية". وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قال الأسبوع الماضي، إن طهران تدعم أي قرار يتخذه حزب الله -بعد رفضه قرار تجريده من سلاحه-، مضيفاً أن هذه ليست المحاولة الأولى لتجريد الحزب من ترسانته. وانتقد علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى الإيراني، تحرك الحكومة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله، متسائلاً "إذا ألقى حزب الله سلاحه، فمن سيدافع عن أرواح اللبنانيين وممتلكاتهم وشرفهم؟". social media بدوره، أكّد لاريجاني أن بلاده تدعم سيادة لبنان ولا تتدخل في قراراته. وقال بعد محادثات منفصلة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يقود حركة أمل حليفة حزب الله: "نحترم أي قرار تتخذه الحكومة اللبنانية بالتشاور مع المقاومة"، في إشارة إلى حزب الله. وأضاف "إيران لم تطرح أي خطة على لبنان، لكن الولايات المتحدة هي من فعلت ذلك، من يملي الخطط والمواعيد النهائية هو من يتدخل في الشؤون اللبنانية". وأردف يقول إن على لبنان ألا "يخلط بين أعدائه وأصدقائه، عدوكم هو إسرائيل، وصديقتكم هي المقاومة. أوصي لبنان بأن يقدر دائماً قيمة المقاومة". وقدمت الولايات المتحدة خطة عبر مبعوثها إلى المنطقة توماس باراك تحدد أكثر الخطوات تفصيلاً حتى الآن لنزع سلاح حزب الله. وعقب اللقاء الذي جمع لاريجاني بأمين عام حزب الله نعيم قاسم، جدد الأخير شكره "للجمهورية الإسلامية الإيرانية على دعمها المتواصل للبنان ومقاومته ضدّ العدو الإسرائيلي، ووقوفها إلى جانب وحدة لبنان وسيادته واستقلاله". وأكّد حزب الله في بيان "العلاقات الأخوية بين الشعبين اللبناني والإيراني". ردود فعل لبنانية استقبل لاريجاني لدى وصوله مطار بيروت وفدان من حزب الله وحليفته حركة أمل وممثلون عن حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، إضافة إلى ممثل عن وزارة الخارجية. وتجمّع العشرات من مناصري حزب الله على طريق المطار لدى مرور موكب لاريجاني الذي ترجّل لوقت قصير من سيارته لإلقاء التحية عليهم، وقد نشر مقتطفات من التجمع عبر حسابه الرسمي في منصة "إكس". وتباينت ردود الفعل اللبنانية حول الزيارة. فمنهم من رحّب بلاريجاني على منصات التواصل كما فعل العشرات من مناصري حزب الله على طريق المطار، ومنهم من اعتبر أن الزيارة بحد ذاتها تعتبر تدخلاً في الشأن الداخلي اللبناني.