
كيف أقنع وزير الخزانة ترمب بعدم إقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي؟
وأوضح الأشخاص المطلعون، وفق الصحيفة، أن بيسنت ركز في شرح أسبابه لتجنب خلاف علني بشأن الأشهر الـ10 الأخيرة من ولاية باول في رئاسة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على عدة محاور، من بينها التأثيرات المحتملة على الاقتصاد والأسواق، واحتمال أن يكون المجلس في طريقه بالفعل إلى خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام الجاري، إضافة إلى العقبات السياسية والقانونية المحتملة لمثل هذه الخطوة.
وقال أحد الأشخاص المطلعين، إن بيسنت اعتبر إقالة باول "غير ضرورية"، نظراً للأداء الجيد للاقتصاد وتفاعل الأسواق الإيجابي مع سياسات الرئيس. وأضاف أن بيسنت ذكّر ترمب بأن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، ألمحوا إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة مرتين قبل نهاية العام.
وظل احتمال أن يُقدم الرئيس على إقالة باول مطروحاً منذ عدة أشهر، لكنه عاد ليتصدر المشهد العلني مجدداً خلال الأسبوع الماضي.
شكاوى متكررة
وكان ترمب قد اشتكي مراراً من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي بحاجة إلى خفض أسعار الفائدة لتقليل أعباء الدين الفيدرالي. فيما قال مسؤول كبير في البيت الأبيض، الأربعاء الماضي، إن الرئيس أبلغ نواباً جمهوريين خلال اجتماع عقد مؤخراً أنه قد يُقدم قريباً على إقالة باول. ولكن في وقت لاحق من نفس اليوم، قال ترمب للصحافيين، إنه لا يعتزم اتخاذ هذه الخطوة.
وأثار هذا الجدل اضطرابات مؤقتة في الأسواق المالية الأميركية، إذ يرى كثير من المستثمرين أن محاولة تغيير مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) بسبب خلافات على السياسات، قد تُقوض تدريجياً استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، أو قدرته على اتخاذ قرارات لا تحظى بتأييد شعبي عند الضرورة للحفاظ على معدلات تضخم منخفضة.
وفي أبريل الماضي، ذكرت "وول ستريت جورنال"، أن بيسنت ووزير التجارة، هوارد لوتنيك، نصحا ترمب بعدم محاولة إقالة باول عندما تحدث الرئيس علناً عن "إقالة" رئيس الاحتياطي الفيدرالي.
وفي هذا التطور الأخير، أبلغ بيسنت ترمب، بأنه إذا أقال باول قبل انتهاء ولايته، فقد يرفع الأخير دعوى قضائية قد تستمر حتى فصل الربيع، أي بالتزامن مع موعد انتهاء ولايته في جميع الأحوال.
وكتب ترمب على منصته "تروث سوشيال"، الأحد، أنه لم يكن بحاجة إلى بيسنت ليشرح له أن إقالة باول ستكون سيئة للأسواق.
وقال ترمب: "لم يكن أحد بحاجة إلى أن يشرح لي ذلك. فأنا أعرف أكثر من أي شخص آخر ما هو جيد للأسواق، وما هو جيد للولايات المتحدة. الناس لا يشرحون لي، بل أنا من أشرح لهم!".
فراغ قيادي
وأقر بعض المستشارين المقربين من الرئيس الأميركي، بأن أي محاولة لإقالة باول، حتى في حال عدم رفعه دعوى قضائية متوقعة، قد تؤدي إلى فراغ قيادي مطول، نظراً لعدم وجود ما يضمن أن يصادق مجلس الشيوخ الذي يكون عادة خارج واشنطن في أغسطس، على مرشح بديل بسرعة.
كما أن إقالة باول رغم اعتراض عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، قد تؤدي إلى عرقلة عملية التصديق على تعيين أي خليفة له.
وبموجب القانون الحالي، يتولى نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، مهام الرئيس في حال غيابه. ويشغل هذا المنصب فيليب جيفرسون، وهو مقرب من باول ومُعين من قبل الرئيس السابق جو بايدن.
كما أقر المستشارون المقربون من ترمب، بأن العقبات المرتبطة بالأسواق المالية والجوانب العملية لإقالة باول، قد تضع ترمب أمام معادلة خاسرة، إذ ستتحمل إدارته تبعات أي ردود فعل سلبية في الأسواق دون أن تحصد مكاسب فورية على صعيد التأثير في السياسة النقدية.
وعلاوة على العقبات المباشرة، أبلغ بيسنت الرئيس ترمب، أن بإمكانه بالفعل ترك بصمته على مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إذ تنتهي ولاية أدريانا كوجلار، وهي أحد أعضاء مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، في يناير المقبل، كما تنتهي فترة رئاسة باول في مايو، ما يمنح ترمب فرصة لشغل مقعد أو مقعدين في المجلس مطلع العام المقبل.
وقال متحدث باسم البيت الأبيض، إن ترمب "سيرشح أفضل مرشح ممكن لإعادة الكفاءة والثقة والمساءلة إلى الاحتياطي الفيدرالي".
خطة لمواجهة باول
وتزامنت إعادة ترمب النظر في إقالة باول، مع شروع عدد من مسؤولي الإدارة في طرح "خطة جديد لمهاجمة باول"، عبر التشكيك في إشرافه على مشروع ترميم مبنيين تاريخيين سيصبحان المقر الرئيسي للاحتياطي الفيدرالي في واشنطن.
وقد شهد المشروع، تجاوزات كبيرة في التكاليف، عزاها الاحتياطي الفيدرالي إلى ارتفاع أسعار المواد وتحديات إنشائية غير متوقعة.
ويدعو عدد محدود من منتقدي باول في مجلس الشيوخ الأميركي، إلى استقالته، لكن ثلاثة جمهوريين على الأقل في لجنة الشؤون المصرفية بمجلس الشيوخ قالوا إنهم لا يعتقدون أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي يمكن أو ينبغي أن يُقال من منصبه.
وأعرب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، جون ثيون، عن مخاوف مماثلة، الأربعاء، إذ قال لشبكة Fox News: "أعتقد أن الأسواق تريد احتياطي فدرالي مستقل".
ويتناقض النهج الحذر الذي يتبعه بيسنت مع بعض مسؤولي الإدارة الآخرين الذين طرحوا أساليب أكثر عدوانية. وكان ترمب قد قال للصحافيين، الثلاثاء الماضي، إنه يعتبر بيسنت شخصية "مُطمئنة".
ويقود مدير مكتب الموازنة في البيت الأبيض، راسل فوت، حملة للضغط على باول بسبب تجاوزات التكاليف في مشروع إنشاءات الاحتياطي الفيدرالي، في محاولة محتملة لتمهيد الطريق لإقالته "لأسباب وجيهة" قد تتيح تجاوز الحماية القانونية التي يتمتع بها.
وفي إطار هذه الجهود، عين ترمب مؤخراً ثلاثة مستشارين، أحدهم يعمل مباشرةً مع فوت، في لجنة تخطيط محلية كانت قد وافقت على التصاميم المعمارية لمقر الاحتياطي الفيدرالي في عام 2021. وقد هدد هؤلاء المستشارون، إلى جانب فوت، بالسعي لإجراء تدقيق شامل في قرارات الاحتياطي الفيدرالي المتعلقة بالبناء والشؤون المالية.
كما طلب هؤلاء المستشارون زيارة موقع إنشاءات الاحتياطي الفيدرالي، ووافق المجلس على تنظيم جولة ميدانية مساء الجمعة، بحسب ما قاله جيمس بلير، نائب رئيس الموظفين، للصحافيين بعد ظهر الجمعة. وأوضح أن التوقيت لم يكن مناسباً، وطلب إعادة تحديد الموعد للأسبوع التالي.
وقال بيسنت، الأسبوع الماضي، إن عملية اختيار خليفة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي بدأت بالفعل، فيما يُنظر إلى المستشار الاقتصادي البارز، كيفن هاسيت، داخل الدائرة المقربة من ترمب، على أنه المرشح الأوفر حظاً حالياً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 8 دقائق
- Independent عربية
البيت الأبيض يسمح بالصلاة والوعظ في أماكن العمل
في قرار من شأنه أن يهدد مبدأ فصل الدين عن الدولة المتبع لدى الديمقراطيات الغربية، الذي يمثل حجر الزاوية في التعديل الأول للدستور الأميركي، ستسمح إدارة الرئيس دونالد ترمب لموظفي الحكومة الأميركية بالوعظ ومناقشة الأمور الدينية في أماكن العمل. وبموجب إرشادات جديدة صدرت عن مكتب إدارة شؤون الموظفين بالحكومة الأميركية مطلع الأسبوع، فسيسمح لموظفي الحكومة بالصلاة ومناقشة الأمور الدينية، بما في ذلك محاولة "إقناع الآخرين بصحة معتقداتهم الدينية"، كما يسمح للمشرفين أيضاً بتشجيع الموظفين على ممارسة تعبيرات إيمانية، بما في ذلك الصلاة، لكن وفق الصحف الأميركية، فإن المذكرة لم تشر إلى ديانة معينة. وقال مدير مكتب إدارة شؤون الموظفين سكوت كوبور، في بيان يوضح السياسة الجديدة، "يجب ألا يجبر الموظفون الفيدراليون أبداً على الاختيار بين إيمانهم ومسيرتهم المهنية، هذه الإرشادات تضمن أن يكون مكان العمل الفيدرالي متوافقاً مع القانون ومرحباً بجميع الأميركيين من مختلف الأديان." وتنص المذكرة على أن الموظفين الفيدراليين يمكنهم عرض واستخدام رموز أو أدوات دينية على مكاتبهم، مثل الكتاب المقدس أو المسبحة الوردية أو التفلين (أدوات الصلاة اليهودية). كما يمكن للموظفين تشكيل مجموعات صلاة والتجمع للصلاة أو دراسة النصوص الدينية في مكان العمل، بشرط ألا يكون ذلك في وقت العمل الرسمي. وتضيف المذكرة أنه يمكنهم أيضاً "الدخول في محادثات حول مواضيع دينية مع زملائهم في العمل، بما في ذلك محاولة إقناع الآخرين بصحة معتقداتهم الدينية، شريطة ألا تكون هذه الجهود ذات طابع تحرشي أو مزعج". كما تسرد المذكرة حالات يمكن فيها للموظفين الفيدراليين التعبير عن معتقداتهم الدينية أمام أو مع أفراد من الجمهور، مثل حراس المنتزهات الوطنية أو الأطباء في مراكز شؤون المحاربين القدامى، إذ يمكنهم الصلاة من أجل شفاء المرضى. قلق في شأن الحرية الدينية وفي محاولة لردع الجدل المتوقع جراء القرارات الجديدة، أشار البيت الأبيض إلى مذكرة مشابهة، صدرت في عهد الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون. لكن وفق الصحف الأميركية، شعر بعض المدافعين عن الحريات الدينية بالقلق. وقال رئيس ومؤسس مؤسسة حرية الدين في الجيش ميكي وينشتاين، إن الإرشادات تبدو متعارضة مع الدستور وحقوق العمال. وأضاف "إذا قرر مشرفك أن يوضح لك أهمية أن تتبنى نسقه من الكتاب المقدس، فماذا تعتقد ستكون فرصك في الترقي؟". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أما أندرو ووكر العميد المشارك في المعهد اللاهوتي المعمداني الجنوبي، فقال إن السياسة الجديدة مجرد "إعادة ضبط" القواعد للحياد، مشيراً إلى أنه ليس لديه أية مشكلة معها على الإطلاق، وأيضاً "أراها تأكيداً بسيطاً على التعديل الأول في الدستور، الذي يحتوي على تحفظات مناسبة ما دام أنك لا تمارس سلوكاً مضايقاً، أعتقد أن هذا مجرد تكرار للمبادئ الأساسية للتعديل الأول." تديين الحكومة تأتي هذه المذكرة امتداداً لجهود سابقة قامت بها إدارة ترمب لتعزيز حضور الدين أو التعبير الديني في أماكن العمل الفيدرالية، ففي وقت سابق من الشهر الجاري أصدر مكتب إدارة شؤون الموظفين توجيهات للوكالات الفيدرالية تفيد "بتبني نهج متساهل في الموافقة على الترتيبات الدينية" المتعلقة بالعمل عن بعد، وذلك بعد أن كان الرئيس ترمب وجه الموظفين الفيدراليين بالعودة للعمل المكتبي خمسة أيام في الأسبوع. وفي فبراير (شباط) الماضي، وقع ترمب أمراً تنفيذياً يهدف إلى "القضاء على التحيز ضد المسيحيين"، إذ دعا مسؤولي الإدارة إلى تحديد وإنهاء وتصحيح "أي سلوك أو سياسات أو ممارسات غير قانونية أو غير سليمة تستهدف المسيحيين". وفي الأمر التنفيذي، يتهم ترمب الإدارة السابقة في عهد الرئيس جو بايدن بأنها "اتبعت نمطاً فاضحاً في استهداف المسيحيين المسالمين، بينما تجاهلت الأعمال العنيفة والمعادية للمسيحية"، كما أنشأ مكتب الإيمان في البيت الأبيض لتعزيز دور المنظمات الدينية في المجتمع الأميركي. ومطلع الشهر الجاري، أعلنت مصلحة الضرائب الأميركية أن الكنائس وغيرها من دور العبادة يمكنها تأييد المرشحين السياسيين أمام جماعاتها الدينية، وهو قرار يأتي تلبية لوعد ترمب بإلغاء ما يعرف بـ"تعديل جونسون"، البند الذي أدرج عام 1954 لمنع المنظمات المعفاة من الضرائب كدور العبادة من ممارسة أنشطة سياسية. وأعرب مراقبون عن قلقهم من تحول المؤسسات الدينية إلى قوى سياسية ضخمة، وأن يؤدي إلى معارك قضائية محتملة.


عكاظ
منذ 37 دقائق
- عكاظ
خامنئي: الغرب يتـذرع بالملف النووي للصدام مع إيران
بعد يوم من تحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترمب من إمكانية تجدد الضربات إذا استأنفت طهران أنشطتها النووية، اعتبر الزعيم الإيراني علي خامنئي، أن المطالب الغربية المتعلقة بالبرنامج النووي «ذريعة» للاصطدام مع بلاده. وقال خامنئي في تصريح، اليوم(الثلاثاء)، إن البرنامج النووي والتخصيب وحقوق الإنسان كلها «ذرائع»، لكن ما يسعون إليه هو دينكم وعلمكم، على حد قوله. من جانبه، حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أن بلاده سترد بحزم أكبر إذا تعرضت لهجمات أمريكية أو إسرائيلية جديدة. وكتب عراقجي في منشور على منصة إكس أنه «إذا تكرر العدوان فإننا بلا شك سنرد بحزم أكبر»، مضيفاً: «إذا كانت هناك مخاوف من احتمال تحويل برنامجنا النووي لأغراض غير سلمية، فقد أثبت الخيار العسكري أنه غير فاعل، لكن حلاً تفاوضياً قد ينجح». وخلال زيارة إلى أسكتلندا، قال ترمب: «لقد دمرنا قدراتهم النووية. يمكنهم البدء من جديد، لكن إذا فعلوا ذلك، سندمرها بلمح البصر». وشنت إسرائيل في 13 يونيو الماضي غارات جوية على إيران، مستهدفة البرنامج النووي، وردت طهران بإطلاق عدد من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، في حرب دامت 12 يوماً. وضربت الولايات المتحدة منشآت نووية إيرانية، خصوصاً فوردو وأصفهان ونطنز. ولم تستبعد إسرائيل شن ضربات جديدة في حال حاولت إيران إعادة بناء منشآتها. ويدور خلاف كبير بين الولايات المتحدة وإيران حول مسألة تخصيب اليورانيوم، فيما تؤكد إدارة الرئيس الأمريكي أن هذا الأمر خط أحمر. وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرّية، فإن إيران هي الدولة الوحيدة غير النووية في العالم التي تخصب اليورانيوم بنسبة 60%. ويتخطى هذا المستوى السقف المحدد بـ3.67% في الاتفاق الدولي المبرم سنة 2015 مع القوى الكبرى والذي انسحبت منه الولايات المتحدة بقرار أحادي سنة 2018، خلال ولاية ترمب الأولى. ويتطلب بناء قنبلة ذرية تخصيباً لليورانيوم بنسبة 90%. أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ 38 دقائق
- الاقتصادية
إبقاء الفائدة الأمريكية عند مستوياتها الحالية يعمق الفجوة بين باول وترمب
من المتوقع أن يقرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إبقاء سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعه غدا الأربعاء، للمرة الخامسة على التوالي، وهي خطوة من المرجح أن تُبرز الانقسام العميق بين رؤية جيروم باول، رئيس المجلس، والرئيس الأمريكي دونالد ترمب. من المؤكد كذلك أن الاحتياطي الفيدرالي ينقسم على نفسه بشكل متزايد حول الخطوات التالية. ويتوقع عديد من الاقتصاديين أن اثنين من أعضاء المجلس، عينهما ترمب، سيشقان الصف يوم الأربعاء لصالح خفض أسعار الفائدة. إذا حدث هذا، فستكون هذه المرة الأولى التي يُصوت فيها محافظان ضد رئيس المجلس منذ 1993 . على الرغم من هذا فإن الفجوة في الآراء بين لجنة تحديد أسعار الفائدة والبيت الأبيض ما زالت كبيرة على نحو غير معتاد. فآراء الرئيس الأمريكي تتقاطع في عدة مجالات وبشكل حاد مع آراء قيادة الفيدرالي، وهو الأمر الذي يمهد الأرض لخلافات محتملة تستمر لسنوات مقبلة، حتى بعد انتهاء ولاية باول كرئيس للمجلس في مايو المقبل. هوّة متنامية بين ترمب وأعضاء الفيدرالي أحد أوجه اختلاف وجهات النظر بين ترمب ولجنة السياسة النقدية، هو مطالبة الرئيس الأمريكي بخفض أسعار الفائدة، التي يستند فيها إلى ما يقول إنه تحسن في أداء الاقتصاد الأمريكي، كما لو أن الولايات المتحدة شركة رائدة ينبغي أن تدفع مقابل الاقتراض أقل مما على أي شركة ناشئة محفوفة بالمخاطر أن تدفعه . يرى مسؤولو الفيدرالي، وجميع الاقتصاديين تقريبا، الأمر في هذه النقطة بالتحديد من زاوية مختلفة. فالاقتصاد القوي من وجهة نظرهم يعني أن أسعار الفائدة يجب أن تكون مرتفعة نسبيا لمنع ارتفاع التضخم وتفاقمه . جينادي جولدبرج، رئيس إستراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في شركة "تي دي" للأوراق المالية قال بدوره: "أزعم أن أسعار الفائدة لدينا أعلى لأن اقتصادنا يعمل بشكل جيد إلى حد ما، وليس على الرغم من ذلك". يجادل ترمب بأن الفيدرالي بشكل عام، وباول بشكل خاص، يكلفان دافعي الضرائب الأمريكيين مئات المليارات من الدولارات في صورة مدفوعات فائدة بعدم خفضهم تكاليف الاقتراض. مع ذلك، لا يعتقد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أن خفض أسعار الفائدة التي تدفعها الحكومة على سندات الخزانة وسنداتها من مسؤولياتهم . ويليام إنجلش، الخبير الاقتصادي في كلية "ييل" للإدارة، والموظف السابق في الاحتياطي الفيدرالي، يقول: "إنهم يستخدمون السياسة النقدية لتخفيف الضغط على صانعي السياسات المالية، وهذا يشير إلى ارتفاع التضخم ومشكلات أكبر في المستقبل". ويقول اقتصاديون "إنه إذا رأت الأسواق المالية تركيزا من جانب الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة لمساعدة الحكومة، بدلا من التركيز على هدف تحقيق هدفي استقرار الأسعار وتوفير أقصى قدر من التوظيف، فإن مستثمري وول ستريت القلقين بشأن التضخم المستقبلي سيطالبون على الأرجح برفع أسعار الفائدة للاحتفاظ بسندات الخزانة". من وجهة نظر أصحاب هذا الرأي، فإن هذا سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في جميع مفاصل الاقتصاد . التضخم على كفة ميزان أثر رسوم ترمب الجمركية يدفع ترمب في ضغطه من أجل خفض أسعار الفائدة بأنه "لا يوجد تضخم" وبالتالي يجب على الفيدرالي تخفيض سعر الفائدة قصيرة الأجل عن المعدل الحالي، البالغ نحو 4.3%، والذي جرى رفعه عامي 2022 و2023 لكبح جماح التضخم. وغالبا ما يؤثر سعر الفائدة الذي يحدده الفيدرالي في تكاليف الاقتراض طويلة الأجل للرهون العقارية وقروض السيارات وبطاقات الائتمان. لكن هذا الأثر لا يحدث دائما. كان التضخم قد سجل انخفاضا حادا، وهو ما جعل مسؤولي الفيدرالي يشيرون إلى أنهم سيخفضون الفائدة بما يصل إلى نصف نقطة مئوية هذا العام. لكن التضخم عاود الارتفاع قليلا في الشهرين الماضيين. وما زال عديد من صانعي السياسات، بمن فيهم باول، يرغبون في التأكد من أن الرسوم الجمركية لن ترفع التضخم كثيرا قبل اتخاذ أي إجراء . وأعلنت الحكومة الأمريكية في وقت سابق من الشهر الجاري أن التضخم تسارع إلى 2.7% في يونيو من 2.4% في مايو الماضي، متجاوزا هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. الأسعار الأساسية، التي تستثني فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت هي الأخرى إلى 2.9% من 2.8% في السابق. إلى أين تشير توقعات المحللين بشأن الفائدة؟ في الأسبوع الماضي، صعّد ترمب وعديد من مسؤولي البيت الأبيض هجماتهم على باول بشأن أسعار الفائدة، وانتقدوا التكاليف الضخمة لتجديد الفيدرالي اثنين من مبانيه، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان الرئيس يسعى إلى إقالة باول لسبب وجيه أم لاختلافات في السياسات. خاض ترمب وباول مواجهة غير عادية أمام عدسات الكاميرات حول تكلفة المشروع خلال زيارة الرئيس الأمريكي لموقع البناء يوم الخميس الماضي. بعيدا عن توقيت الخفض الأول، لا تزال هناك فجوة هائلة بين ما يريده ترمب، وما سيفكر الاحتياطي الفيدرالي في فعله. بينما توقع مسؤول الاحتياطي في يونيو تخفيضين فقط هذا العام وتخفيضا واحدا في 2026، فإنهم يعتقدون أن سعر الفائدة الرئيسي سيكون عند 3.6% بنهاية العام المقبل. وفي حين يضغط ترمب على مسؤولي المجلس لخفض الفائدة إلى 1% فقط، يرى الخبير الاقتصادي ويليام إنجلش أن هذا "لن يحدث في وجود أعضاء مثل الأعضاء الحاليين في اللجنة" . يتوقع مستثمرو وول ستريت أيضا تخفيضين هذا العام ومثلهما في 2026، وفقا لأسعار العقود الآجلة التي يتتبعها مؤشر "Fedwatch" التابع لبورصة شيكاغو التجارية، وهي تخفيضات قليلة نسبيا.