
د. محمد فراج يكتب: ترامب يشعل الحرب التجارية العالمية
قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية عالية على واردات بلاده لا تعنى إثارة الفوضى فى النظام التجارى العالمى فحسب بل إنها تمثل إعلانا لحرب تجارية عالمية ضد جميع شركاء أمريكا سواء كانوا خصومًا أو منافسين أو حتى شركاء تقليديين، إنها حرب تجارية شاملة على الجميع يترتب عليها تدمير واسع النطاق لقواعد واتفاقيات التجارة الدولية، تحت شعار "أمريكا أولا" ويجري شنها تحت مسميات عدائية صاخبة من قبيل "يوم التحرير"! (الاربعاء ٢ أبريل ٢٠٢٥).
ترامب قرر فرض رسوم جمركية على جميع الواردات الأمريكية بنسبة عشرة بالمائة، وعلى الواردات من فيتنام بنسبة ٤٦% ومن الصين بنسبة ٣٤% ومن اليابان بنسبة ٢٤% وعلى الاتحاد الاوروبى بنسبة ٢٠% علما بأنه كان قد أجّل اتخاذ قرار برفع الرسوم الجمركية على الواردات من كندا والمكسيك بنسبة ٢٠% لمدة شهر، وهو ما يشير إلى اتجاهه فى التعامل مع البلدين وكلاهما من أكبر وأهم شركاء أمريكا التجاريين.
ومعروف أن ترامب كان قد اتخذ فى بداية رئاسته الأولى "٢٠١٧" قرارات بفرض رسوم جمركية عالية على واردات الصلب والألومنيوم، مما ترتب عليه رفع الرسوم على واردات السيارات والصناعات الهندسية وغيرها، كما أعلن إلغاء اتفاقية "النافتا" لدول أمريكا الشمالية "مع كندا والمكسيك" واتفاقية التجارة الحرة عبر المحيط الهادي "مع النمور الآسيوية وكندا والمكسيك" وقد ترتب على هذه القرارات اتخاذ الاتحاد الأوروبى وكندا ودول أخرى لإجراءات انتقامية ضد الواردات الأمريكية، فضلًا عن الإجراءات الانتقامية الصينية ضد الواردات الأمريكية.
إلا أن الإجراءات الأخيرة "٣/ ٤/ ٢٠٢٥" هى الأعنف والأوسع مدى من تلك التى اتخذها ترامب فى بداية ولايته الأولى، ويعتبر الخبراء أنها الإجراءات الأشد عنفا فى مجال التجارة التى تتخذها أمريكا منذ نحو مائة عام، حينما أدت إجراءات مماثلة إلى أزمة الكساد العالمى الكبير "عام ١٩٣٠" الذي ضرب الاقتصاد العالمى كله، واستمرت آثاره لعدة أعوام.
ترامب يعلل قراراته بأن شركاء أمريكا التجاريين يستغلونها لصالحهم منذ أكثر من سبعين عاما وأنه آن الأوان لفرض قواعد عادلة للتبادل التجاري تحمى مصالح أمريكا "!" وبغض النظر عن القواعد والاتفاقيات المنظمة للتجارة الدولية وفى مقدمتها اتفاقية "الجات" التى استغرقت سنوات طويلة من المفاوضات الشاقة، والتى قامت على أساسها "منظمة التجارة العالمية" بما يحكمها من قواعد واتفاقيات فرعية "١٩٩٥".
وينطلق ترامب فى تبريراته للحديث عن الاستقلال و"الظلم" من حقيقة أن العجز التجارى الأمريكى تجاه الشركاء يتزايد بصورة مستمرة وأن نصيب الولايات المتحدة من الواردات الدولية يتناقص بصورة مضطردة وهو هنا يتجاهل حقائق أساسية:
١ - أولها أن نصيب الولايات المتحدة من الناتج المحلى الإجمالى قد تناقص من أكثر من ٥٠% إلى حوالى ٢٥% من ذلك الناتج خلال الفترة منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن "أى تناقص من أكثر من النصف إلى الربع فقط".
٢- أن هذا التناقص الكبير قد ارتبط بتراجع القدرة التنافسية الأمريكية فى الأسواق الدولية وبروز قوى اقتصادية جديدة مثل الصين وكوريا الجنوبية والنمور الآسيوية والهند والبرازيل والمكسيك وكندا أو استعادة قوى اقتصادية كبري تقليدية لعافيتها بعد تجاوز آثار الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية مثل الدول الصناعية الأوروبية الكبرى "ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها ثم تكتلت تلك الدول فى الاتحاد الاوروبى وكذلك اليابان".
٣ - وقد حققت بعض هذه الدول تقدمًا كبيرًا فى عديد من الصناعات المعتمدة على التكنولوجيا المتطورة وتقدمًا كبيرًا فى إنتاجية العمل، فضلًا عن انخفاض أجور العاملين والفنيين والخبراء، الأمر الذي جعل منتجاتها أرخص كثيرًا من المنتجات الأمريكية، مع تحقيق جودة مماثلة أو مقبولة، والصين هى المثال الأبرز فى هذا الصدد. علما بأن أجر ساعة العمل فى الولايات المتحدة أعلى من نظيره حتى فى البلدان الصناعية المتقدمة مثل دول أوروبا واليابان وأعلى بكثير جدًا فى الصين.
٤- كما أن السوق الأمريكية تتسم بشراهة استهلاكية عالية أكبر بكثير مما تتسم به الأسواق المنافسة، وهو ما جعل استيرادها عاليًا من مختلف أنواع السلع بما يترتب على ذلك من عجز تجارى كبير. وإذا كانت أمريكا تعتمد فى ذلك على الدور المهيمن للدولار فى التجارة العالمية، وعلى تقدمها الكبير فى تجارة الخدمات وأرباحها منها فإن العجز التجارى الكبير فى هذه الحالة يصبح حتميًا.
ولهذه الأسباب مثلًا وخاصة ما يتصل منها بأجور العمل وانخفاض تكلفة الطاقة وغيرها من مدخلات الإنتاج، فقد فشلت تهديدات ترامب أثناء ولايته الأولى للشركات الأمريكية العاملة فى الصين وغيرها من البلدان الآسيوية برفع الجمارك على وارداتها إلى أمريكا وفرض ضرائب إضافية عليها لحملها على العودة إلى الاستثمار داخل الولايات المتحدة "الوطن" لأن أرباح تلك الشركات تظل أعلى "خارج الوطن" علما بأن نسبة البطالة فى الولايات المتحدة ٤% تظل واحدة من بين الأدنى فى الدول الصناعية المتقدمة، الأمر الذي يسلب الإمارات "الوطنية" الزاعقة الكثير من بريقها.
من يدفع ثمن النزعة الحمائية
وباختصار فإن النزعة الحمائية التى تعبر عنها إجراءات ترامب لا تمثل علاجا شافيا للأسباب الموضوعية للعجز التجارى الأمريكى الضخم والمتزايد وأهمها تدهور القدرة التنافسية للاقتصاد الأمريكي.
ومن ناحية أخرى فإن الرسوم الجمركية العالية التى فرضها ترامب سيدفع ثمنها المستهلك الأمريكي نفسه، لأنها ستضاف إلى تكلفة استيراد السلع.
واذا كان ترامب وأنصاره يقدرون العائد من هذه الرسوم الجمركية الإضافية بنحو ستة تريليونات دولار خلال عشر سنوات فإن هذه التريليونات سيدفعها المستهلكون الأمريكيون الأقل دخلًا ومتوسطو الدخل لصالح الشركات الكبرى وأصحابها من المليارديرات، بينما يعانى جمهور المستهلكين من الآثار الوخيمة للتضخم.
ومن ناحية أخرى فشركاء أمريكا التجاريين سيجدون أنفسهم مضطرين لاتخاذ إجراءات انتقامية ضد الصادرات الأمريكية وهو ما سيؤدى إلى رفع أسعارها وبالتالى إلى زيادة التضخم والأهم من ذلك أنه سيؤدى إلى إضعاف قدراتها التنافسية وبالتالى زيادة العجز التجارى الأمريكى الذي يزعم ترامب أنه يريد تقليصه.
أما عن الاضطراب الذي سيعم الاقتصاد العالمى وعن إضعاف منظمة التجارة العالمية وعن الآثار الوخيمة التى سيعانى منها الاقتصاد العالمى كله، بما فى ذلك الاقتصاد الأمريكي، فحدث ولا حرج.
والحقيقة أن النزعة الغوغائية "القومية المتطرفة" لا يمكن أن تكون سبيلًا لمعالجة أمراض الاقتصاد الأمريكي وأن كلمة السر لهذا العلاج تكمن فى زيادة القدرة التنافسية وهو ما لا تقدر عليه أمريكا فعليًا لأسباب يطول شرحها وبالتالى فإن كل ما يمكن أن تؤدى إليه إجراءات ترامب هى فوضى سيدفع ثمنها الاقتصاد العالمى كله وخاصة فى صورة تباطؤ كبير للنمو وركود تضخمى وسيكون ثمنها الأفدح هو ما تدفعه شعوب الدول النامية والفقيرة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


تحيا مصر
منذ ساعة واحدة
- تحيا مصر
في خطاب مثير للجدل.. ترامب لخريجي الأكاديمية العسكرية: أنا مَن أعاد بناء أعظم جيش في العالم
في خطاب ألقاه أمام خريجي أكاديمية ويست بوينت العسكرية، وصف الرئيس الأميركي دونالد وأكد ترامب أن الولايات المتحدة تمتلك "أعظم جيش في العالم"، مشيرًا إلى أن "الولايات المتحدة هي الدولة الأكثر نشاطًا في العالم"، ومكررًا شعاره المعروف "أميركا أولاً"، والذي انعكس، بحسب تعبيره، على نهج الجيش الأميركي وتوجهاته العالمية. ترامب خلال خطاب ألقاه أمام خريجي أكاديمية ويست بوينت العسكرية تحول الخطاب إلى منصة سياسية سرعان ما تحول الخطاب إلى منصة سياسية، حيث نسب ترامب لنفسه الفضل في قوة الجيش الأميركي، وتفاخر بـ"التفويض" الذي قال إنه حصل عليه من الشعب في انتخابات عام 2024. وأشار إلى أنه وافق على استثمار عسكري بقيمة تريليون دولار، مشيرًا إلى أنه الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة. كما أعلن ترامب عن خطط لإقامة عرض عسكري ضخم في واشنطن بمناسبة الذكرى 250 لتأسيس الجيش، تزامنًا مع عيد ميلاده. انتقادات لبرامج التنوع والإدماج انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشدة البرامج التي وصفها بأنها مشاريع اجتماعية، مؤكدًا أن مهمة القوات المسلحة الأميركية ليست إقامة عروض دراج أو تغيير الثقافات الأجنبية، في إشارة إلى العروض التي كانت تُقام في القواعد العسكرية والتي أوقفتها إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بعد انتقادات من الجمهوريين. وقال ترامب إن هؤلاء الطلاب يتخرجون في لحظة فارقة في تاريخ الجيش الأميركي، منتقدًا القادة السياسيين السابقين لأنهم زجوا بالجنود في حملات لبناء دول لم تكن تريد أن يكون لها أي علاقة بنا. إشارات شخصية مثيرة للجدل في جزء غير متوقع من الخطاب، حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخريجين من الزواج بـ"زوجات الجوائز"، مستشهدًا بقصة المطور العقاري بيل ليفيت، الذي قال إنه فقد زخمًا مهنيًا بعد زواجه من امرأة أصغر سنًا. هذا التحذير أثار انتقادات، نظرًا لتاريخ الرئيس ترامب الشخصي، حيث تزوج ثلاث مرات من نساء أصغر سنًا. خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ويست بوينت جمع بين الاحتفاء بالخريجين من الأكاديمية واستعراض رؤيته السياسية والعسكرية، مما أثار جدلاً واسعًا حول استخدام المناسبات العسكرية كمنصات سياسية.


الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
تقرير بريطاني يحذر: روسيا تتأهب لحرب محتملة مع "الناتو"
حذّر تقرير لصحيفة التلجراف من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعكف على بناء قوة عسكرية جديدة لمواجهة حلف شمال الأطلسي (الناتو). وأوضح التقرير أن روسيا تُشيّد قواعد وتوسّع وجودها العسكري قرب الحدود الفنلندية، في مؤشر على الوجهة المحتملة لقواتها المتنامية بعد وقف إطلاق النار في أوكرانيا. وأظهرت صور أقمار صناعية حديثة أرتالًا من خيام القوات الجديدة، وقواعد عسكرية موسّعة، ومطارات قطبية تم تجديدها، جميعها في الجناح الشمالي الشرقي للناتو، في ما يُنذر بحرب مستقبلية، وسط مؤشرات مشابهة في مناطق أخرى. ويعمل الكرملين على توسيع عمليات التجنيد، وزيادة إنتاج الأسلحة، وتعزيز البنية التحتية اللوجستية على طول الحدود مع النرويج وفنلندا ودول البلطيق. ورغم أن مسؤولين دفاعيين في فنلندا يرون أن التعزيزات الجديدة لا تزال محدودة النطاق، فإنهم يرجّحون أنها تندرج في إطار استعدادات لإعادة نشر عشرات الآلاف من الجنود والعتاد العسكري على الحدود الشمالية، وربما باتجاه القطب الشمالي. وبحسب الصحيفة، فإن المسؤولين الفنلنديين، رغم اعترافهم بوجود تهديد حقيقي، لا يرونه وشيكًا، ويتوقعون أن أمامهم ما يصل إلى 5 سنوات قبل أن تتمكن موسكو من إعادة بناء قواتها إلى مستوى يُثير القلق، إذا انتهت الحرب الشاملة في أوكرانيا. وذكرت الصحيفة أن صور الأقمار الصناعية كشفت عن نصب أكثر من 130 خيمة عسكرية جديدة في قاعدة كامينكا، الواقعة على بُعد أقل من 64 كيلومترًا من الحدود الفنلندية، ونحو 140 كيلومترًا من العاصمة هلسنكي. وتشير التقديرات إلى أن القاعدة، التي لم تكن مستخدمة قبل عام 2022، يمكن أن تستوعب نحو 2000 جندي. وأضافت أن روسيا توسّع أيضًا بنيتها التحتية العسكرية قرب مدينة بيتروزافودسك، الواقعة على بُعد 160 كيلومترًا من حدود فنلندا والنرويج، والتي قد تُستخدم مقرًا جديدًا لقوات موسكو في الشمال الغربي إذا اندلع صراع مع الناتو. ورغم أن موسكو اضطرت لنقل أصول عسكرية باهظة الكلفة إلى الشمال لحمايتها من الطائرات المسيّرة الأوكرانية، فإن الحلف يخشى أن يؤدي هذا التوسع إلى تعزيز نفوذ روسيا في منطقة القطب الشمالي، الغنية بالموارد والتي باتت ساحة تنافس جيوسياسي محتدم. وأكد التقرير أن التغييرات تشمل أيضًا المستوى التنظيمي؛ إذ يعيد الجيش الروسي هيكلة قواته لمواجهة ما يراه تهديدًا متزايدًا من الناتو في الشمال الغربي. وفي هذا السياق، أعادت موسكو في العام الماضي تأسيس "منطقة لينينغراد العسكرية" لتعزيز وجودها قرب فنلندا وإستونيا ولاتفيا. ومن المتوقع أن تتضاعف 3 مرات تقريبًا الوحدات الصغيرة التي كانت متمركزة هناك قبل الحرب في أوكرانيا، لتصبح فرقًا تضمّ أكثر من 10 آلاف جندي. وأشار التقرير إلى أن فنلندا، التي اضطرت للتنازل عن أراضٍ للاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية، تبنّت سياسة الحياد لعقود، قبل أن تنضم إلى الناتو عام 2023 ردًا على حرب بوتين لأوكرانيا. ولفت إلى أن انضمام فنلندا إلى الحلف أطال حدود الناتو مع روسيا بنحو 835 ميلًا (حوالي 1344 كيلومترًا)، ما غيّر موازين القوى الاستراتيجية في شمال أوروبا.


وكالة نيوز
منذ 3 ساعات
- وكالة نيوز
5/24: CBS Weekend News
ترامب يسلم خطاب البدء لخريجي ويست بوينت ؛ يشتهر مافريكس في كاليفورنيا ، وهو يشتهر بأمواجها ، كن أول من يعرف احصل على إشعارات المتصفح للأخبار العاجلة والأحداث الحية والتقارير الحصرية. ليس الآن تشغيل