logo
في حضرة الغياب السياسي.. دحلان وصياغة مشهد إنساني بديل!!

في حضرة الغياب السياسي.. دحلان وصياغة مشهد إنساني بديل!!

وكالة خبرمنذ 8 ساعات

منذ البداية، ظلّ محمد دحلان هدفًا للاستهداف والتشويه من قِبل خصومه في المشهدين السياسي والنضالي، لاسيما بعد خلافه مع الرئيس محمود عباس، مما تسبب في مغادرته أرض الوطن صيف عام 2011، حيث استقر لفترة قصيرة في الأردن، قبل أن ينتقل للإقامة والعمل في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وقد أفرزت هذه القطيعة السياسية بين الطرفين حالة من العداء الإعلامي، كان فيها التحريض وتبادل الاتهامات هو السائد.
وفي ظل واقع فلسطيني مازوم سياسياً، وآخذٌ في فقدان روحه النضالية مع تفاقم الانقسام بين حركتي فتح وحماس، تعالت الاتهامات وارتفعت نبرة التخوين، وتوسعت دوائر اللعنات التي طالت الجميع، عبر منابر إعلامية يمتلكها كلُّ طرفٍ –من صحف، وقنوات فضائية، ونشطاء على وسائل التواصل، بل وحتى عبر جيوش إلكترونية– لتغدو ساحة الفضاء الفلسطيني العام ساحة صراع لا تهدأ.
في خضمّ هذه الأجواء المتوترة، آثر دحلان الابتعاد عن واجهة المشهد السياسي، لكنه لم ينس قضيته الوطنية، فقد نشأ وترعرع في كنف حركة فتح، وكان من مؤسسي شبيبتها.
ومن هذا المنطلق، بادر إلى تأسيس "التيار الإصلاحي الديمقراطي" داخل الحركة، إيمانًا منه بضرورة إعادة تصويب المسار الفتحاوي، وإحياء روح النضال الفتحاوي الأصيل، والحفاظ على إرث الزعيم الراحل ياسر عرفات (رحمه الله).
وانطلاقًا من هذه القناعة، تأسس التيار كإطار فتحاوي ديمقراطي ذي توجهٍ إصلاحي، مترافقًا مع إنشاء مؤسسات إغاثية وإنسانية، لا سيما في قطاع غزة، كجمعية التكافل الاجتماعي وغيرها من اللجان الداعمة لحقوق المرأة، والمتضررين من كافة أشكال العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة. إنَّ الهدف الأساسي من وراء هذه الجهود كان واضحًا: تعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وهي مرحلة كنتُ شاهدًا عليها ومطلعًا على دوافعها.
لقد كانت الأهداف الوطنية العليا هي المحرّك الرئيسي لما قدّمه دحلان من مشاريع ومساعدات، والتي ساهمت في تعزيز علاقته بحركة حماس، حتى أن بعض القيادات والنخب في الحركة بدأت تنظر إليه كشريك مستقبلي، في ظل انسداد أفق الحوار مع الرئيس عباس.
في الحقيقة، ظلّ دحلان وفيًا للمخيمات الفلسطينية، التي شكّلت وجدانه وأحاسيسه الأولى، فكانت مأساة المخيمات حاضرة دائمًا في تفكيره وهمّه السياسي والإنساني.
وفي آخر لقاءاتي به قبل اندلاع الحرب بأيام، لم أجد في أجندته أولوية تفوق "سيرة غزة"، كما كان يردد، إذ كان يسأل: ما الذي يمكنني فعله لتحسين حياة الناس؟ ولم يكن يُخفي اهتمامه بتطوير القطاع عمرانيًا واقتصاديًا، بل وحتى استثماريًا، لتحويله إلى وادٍ تكنولوجي على غرار "وادي السيليكون".
وعند الحديث في السياسة، كان صريحًا يقول: "يا أخ أحمد. إنَّ ما يهمّني -الآن- هو أوجاع الناس، أما السياسة فلها وقتها؛عندما تتهيأ الظروف وتُجرى انتخابات، سأترشح كأي شخصٍ آخر، وما تفرزه صناديق الاقتراع سأرضى به. لن أتصدّر إلا بقرار عليه إجماع وطني ورضى شعبي."
وهذا ما أكّده لي مرارًا، خاصة بعد تكرار طرح اسمه ضمن سيناريوهات المرحلة الانتقالية التي ستعقب الحرب، في إطار الترتيبات العربية والدولية لإعادة إعمار غزة.
قناعتي التي ترسّخت على مدار أكثر من عقدين حول شخصية محمد دحلان، والتي سأسجلها في كتابي المقبل (رغم الخصومة.. دحلان كما عرفته)، يمكن اختصارها كالتالي:
شابٌ نشأ لأسرة لاجئة بمخيم خان يونس، في بيئة من الحرمان وشظف العيش، حيث كان الاحتلال يداهم البيوت بلا حُرمة، وتُنتزع لقمة العيش بما يجرح الكرامة، سواء من طوابير توزيع الطحين التابعة للأونروا، أو من خلال العمل المهين في إسرائيل.
نشأ دحلان مثل أبناء جيله على لهيب القهر، ثم وجد في الثورة الفلسطينية وحركة فتح ملاذًا وطنيًا، وأصبح رمزًا بين أبناء جيله، حتى ارتقى إلى مجلس الكبار؛ أبو جهاد، وأبو علي شاهين وأبو عمار (رحمهم الله جميعاً). ومن خلال هذه التجربة، اكتسب ثقافة نضالية ووعيًا سياسيًا، واستحق ثقة الزعيم ياسر عرفات، رغم الخلاف الذي شاب العلاقة في فترة من الوقت.
لكنَّ الخلاف الأشد كان مع الرئيس عباس، وهو خلاف لم يكن استثناءً، في ظلّ حالة التفرد والمزاجية التي طغت على سلوك السلطة. ودحلان، بطبيعته العنيدة، لا يقبل الخضوع، لذا فضّل الابتعاد عن رام الله، ومواصلة العمل خارج دائرة الرئيس.
اليوم، عندما تقرأ شخصية دحلان، تجد أمامك رجلَ دولةٍ، يملك علاقات إقليمية ودولية واسعة، ويتمتع بقدرات حركية ديناميكية لا تتوافر إلا لقلة من الشخصيات الفلسطينية.
لقد نجح –بمواقفه الإنسانية ووقوفه إلى جانب غزة– في رأب صدع علاقته مع حماس، وفتَح باباً للتواصل ظل مغلقًا لسنوات. كما حافظ على خطوط التواصل مع أجنحة فتح الأخرى، مثل تياري مروان البرغوثي وناصر القدوة.
باختصار، لم يعد دحلان مجرد نائب حصد أعلى نسبة أصوات في انتخابات المجلس التشريعي عام ٢٠٠٦، بل بات سياسيًا مخضرمًا، يوظِّف علاقاته لخدمة "واجب الوقت": الصمود في وجه التهجير القسري، وحماية الهوية الفلسطينية.
وفي ظل ما يشهده قطاع غزة اليوم من حرب إبادة، ونزوح متواصل منذ أكثر من 18 شهرًا، برزت جهود دحلان (أبو فادي) وقيادات التيار الإصلاحي في تأمين الحد الأدنى من متطلبات الصمود، من خلال عمليات "الفارس الشهم 3"، حيث تمَّ دعم التكيات بالمواد الغذائية والحطب، وتقديم الملابس والأغطية، والأدوية والخيام. في المقابل، كان هناك غياب فادح للسلطة، التي تجاهلت حجم الكارثة ومتطلباتها، كما غاب عنها أي تحرك سياسي فاعل لوقف الحرب.
وسط هذا المشهد، ثمّة تقدير شعبي ملحوظ لما يبذله دحلان، وإن كان البعض يتمنى أن ترافق جهوده الإغاثية والإنسانية مبادرة سياسية توفّر حاضنة لتحركاته، غير أن تعقيدات المرحلة قد تجعل هذا الطموح الذي يامله البعض سابقًا لأوانه.
للأسف، ما زالت بعض القوى الدينية والوطنية تُحمّله تبعات الانقسام عام 2007، رغم أن الوقائع أثبتت أن الانقسام كان نتيجة مشتركة لأخطاء راكمتها جميع الأطراف، مما أدخل القضيةَ الفلسطينية في نفقٍ مظلم لم نخرج منه حتى الآن.
بعد مغادرة دحلان للمشهد السياسي، ترك "الجمل بما حمل" لغيره، فهل تغيّر شيء؟!
أم بقي الصراع على حاله واتسعت رقعته؟ الحقيقة تقول: إن في منطق دحلان ما يستحق الإصغاء. فقد غاب عن المشهد السياسي والأمني لأكثر من عقد ونصف، ولم تُظهر السلطة اعتدالًا في مواقفها، ولم تُبدِ حماس مراجعة لسياساتها.
دحلان كان مظلومًا، ولكنّ خصومه من الطرفين واصلوا شيطنته، وجعلوا منه "مجرماً" و"مشجبًا" يُعلّقون عليه إخفاقاتهم كلما اشتدت الأزمات.. إنَّ من حق دحلان أن يغضب، وأن يُظهر تمرده على هذا الظلم الذي لحق به.. لذا، اختار أن يبتعد عن مستنقع التباغض والمناكفات السياسية، ليكسب قلوب الناس، ويُكرّس جهده لخدمتهم.
لقد أولى الجانب الإغاثي والإنساني اهتمامًا كبيرًا حتى قبل هذه الحرب بسنوات، عبر جمعية التكافل الاجتماعي، ثم ما تمَّ تاسيسه حديثاً ألا وهو اللجنة الوطنية للشراكة والتنمية.
واليوم، أقولها بمرارة: لقد أخطأنا بحق أنفسنا، وبحق خصومنا، وظُلِمَ دحلان من الجانبين، رغم أنه بقي متصالحًا مع ذاته، ومحتسبًا لما ناله من أذى، في انتظار حكم التاريخ لا ألسنة الخصوم.
ختاماً.. إن المرحلة الانتقالية القادمة تتطلب أن نبحث عمن يصلح للمفاضلة بين الخيارات.. وفي قراءاتي لهذه المشهدية السياسية المعقدة، يتبدى دحلان للمرحلة الانتقالية هو الحلّ الوطني والبديل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات "الهيكل" المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى
محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات "الهيكل" المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى

فلسطين الآن

timeمنذ 2 ساعات

  • فلسطين الآن

محافظة القدس تحذر من دعوات منظمات "الهيكل" المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى

القدس المحتلة - فلسطين الآن حذرت محافظة القدس من دعوات منظمات "الهيكل" الصهيونية المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى المبارك يوم الاثنين المقبل في ذكرى احتلال القدس، التي تمثل ذكرى نكبة جديدة تتجدد فصولها كل عام بحق المدينة المقدسة وسكانها ومقدساتها الإسلامية والمسيحية. وأضافت المحافظة في بيانها، اليوم الثلاثاء، أن ما نشرته منظمة "جبل الهيكل في أيدينا" من دعوات لاقتحام المسجد الأقصى، ورفع أعلام الاحتلال داخله، وتنفيذ طقوس تلمودية استفزازية بحماية شرطة الاحتلال، يمثل تصعيداً خطيراً وجريمة مكتملة الأركان ضد حرمة الأقصى، ومحاولة سافرة لفرض وقائع تهويدية بالقوة على حساب الوضع التاريخي والقانوني القائم للمكان. وأكدت أن ما يسمى بـ"يوم توحيد القدس" هو يوم احتلال وعدوان وهمجية، تحول إلى منصة لاستباحة الأقصى وحي الشيخ جراح وباب العامود والبلدة القديمة، وسط تحريض سافر واعتداءات متكررة على سكان المدينة، تتضمن الشتائم العنصرية بحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتخريب الممتلكات، واعتداءات جسدية على المدنيين المقدسيين، بحماية مباشرة من قوات الاحتلال. وحمّلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسها بنيامين نتنياهو والمتطرف إيتمار بن غفير، المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا التصعيد الخطير، محذرة من مغبة الاستمرار في استهداف المسجد الأقصى الذي يشكل خطًا أحمر لدى أبناء شعبنا وأمتنا جمعاء. وشددت المحافظة على أن تكرار هذا العدوان الممنهج لن يمر دون رد، وقد كانت نتائج هذه الاستفزازات معروفة للعالم أجمع في عام 2021، حين فجّرت "مسيرة الأعلام" شرارة المواجهة الشاملة، وما زالت المدينة تقف على برميل من الغضب الشعبي المشروع. ودعت المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، إلى التدخل الفوري والعاجل لتحمّل مسؤولياتها تجاه القدس، ووقف هذا التدهور السريع نحو انفجار شامل قد تجره هذه السياسات العنصرية الممنهجة. وأهابت المحافظة بكل القوى الحية وأبناء شعبنا الفلسطيني في كل أماكن وجوده، رفض هذا العدوان، والتضامن مع أهل القدس ومقدساتها، دفاعًا عن الحق العربي والإسلامي الأصيل في المدينة المقدسة.

هل تضغط دول الخليج على ترامب لإنهاء الحرب على غزة؟
هل تضغط دول الخليج على ترامب لإنهاء الحرب على غزة؟

فلسطين الآن

timeمنذ 2 ساعات

  • فلسطين الآن

هل تضغط دول الخليج على ترامب لإنهاء الحرب على غزة؟

قال الكاتب الإسرائيلي حاييم ليفنسون؛ إنّه: "في الأيام القريبة القادمة يجب على الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، وستيف ويتكوف، يده اليمنى، اتخاذ قرار استراتيجي. هل يجب مواجهة نتنياهو وفرض وقف لإطلاق النار وإنهاء الحرب، أو التنازل والسماح لسموتريتش بتنفيذ خطته، لتدمير غزة". وأضاف ليفنسون عبر مقال في صحيفة "هآرتس" العبرية، بأنّه: "المفاوضات في الدوحة كانت فاشلة، مواقف الطرفين لم تتغير، حماس تريد صفقة لتحرير جميع الأسرى، وانسحاب الجيش الاسرائيلي من كل القطاع وإنهاء الحرب". "إسرائيل، كما قال نتنياهو أمام العدسات من أجل تفجير المفاوضات، تريد الحصول على عدد من الأسرى ومواصلة الحرب بعد ذلك؛ لكنّ حماس ليست غبية، ولا توجد لها أي مصلحة في الخطة الجزئية، والسقوط في شرك نتنياهو الواضح" تابع المقال نفسه. وأبرز: "للحظة، أثناء المفاوضات، ساد في الدوحة شعور بالتغيير، بعد أن وافق طاقم المفاوضات الإسرائيلي على التحدث عن إنهاء الحرب. ولكن هذه كانت أقوال فارغة"، مردفا: "توجد لإسرائيل عدّة طلبات تضعها كشرط، وهي غير مستعدة لمناقشة تفاصيلها". وأشار إلى أنّ الطلبات الإسرائيلي، تتمثّل في: "نزع السلاح من القطاع ونفي قادة حماس"، مستفسرا: "كم هو عددهم؟ إلى أين؟ ما معنى نزع السلاح من قطاع غزة؟ ماذا بشأن الأجهزة الأمنية؟؛ إسرائيل غير مستعدة لمناقشة ذلك". ولفت إلى أنّه: "من المؤكد أن الأسرى لا يهمون نتنياهو كثيرا. ومثلما قيل في هذا الأسبوع في "قناة الدعاية 14" فأن هذه مأساة خاصة لعشرين شخص، وليست مسألة وطنية، ليست شيء دراماتيكي مثل مظاهرة على مدخل صالون الحلاقة". واسترسل: "يوجد للوسطاء القطريين مصلحة كبيرة في إنهاء الحرب. هم يضغطون على حماس من أجل الموافقة على صفقة جزئية، مقابل تصريح علني لترامب بأن الأمر يتعلق بمرحلة ما قبل إنهاء الحرب. في حماس لا يوافقون على ذلك ويطلبون وعد خطي من أمريكا يقدّم لقطر، يكون مرفق بخطوات عقابية على إسرائيل إذا خرقت هذا الوعد". واستدرك: "صحيح أنه حتى الآن، الأمريكيون لا يريدون إعطاء مثل هذه الورقة، بل فقط وعد شفوي. أمس في لقاء المنتدى الاقتصادي في الدوحة بالتعاون مع "بلومبرغ"، اتهم رئيس الحكومة القطرية محمد آل ثاني، إسرائيل، وقال إنها تصعب على المفاوضات لاعتبارات سياسية". ومضى بالقول، إنّه: "سواء عاد الوفد الإسرائيلي أو لم يعد، فإنه في نهاية المطاف هذا قرار للأمريكيين. في الشهر الماضي تغيرت النغمة في البيت الأبيض تجاه إسرائيل. ترامب استنفد الحرب، التي تعيق خططه الضخمة في الخليج، واحتمال حصوله على جائزة نوبل للسلام". وأضاف: "في محادثات مع عائلات الأسرى وفي إحاطات للسناتورات وفي الحوار مع النظراء في الخليج، يعود رجال البيت الأبيض مرة تلوى الأخرى ليكرّرون الرغبة في إنهاء الحرب. مع ذلك، ترامب لم يتخذ حتى الآن الخطوة الضرورية لإنهائها، وهو يجلس على الجدار، على أمل أن يتوصل الطرفين لتفاهمات لوحدهما". وأردف: "في دول الخليج يضغطون على ترامب كي يطرح علنا صيغة إنهاء الحرب التي يقترحها، بصورة تقيد حماس وإسرائيل أيضا. هذه الصيغة توجد لها تفاصيل، لكن الجميع متفقون بأن حماس لا يمكن أن تبقى في الحكم في غزة. وهكذا، ستتم تلبية طلب إسرائيل الرئيسي، ويمكن أن تعتبر نفسها منتصرة في هذه الجولة". وأورد بأنّ: "وزير الخارجية الإماراتي الذي أجرى مقابلة في الأسبوع الماضي مع "فوكس نيوز" أكد على أن هذا هو موقف دولة الإمارات، التي تنسّق هذا الأمر مع دول عربية أخرى، وأن حماس لن تحصل على الدعم لأي موقف آخر". "ترامب ينشغل بماذا سيفعل لإخراج عربة المفاوضات من الوحل، فإنه يتم نسج ضد إسرائيل، تحالف بين كندا وبريطانيا وفرنسا، التي تنسق من أجل القيام بخطوات لإنهاء الحرب. لا يوجد لهذه الدول القوة التي توجد للولايات المتحدة، لكن توجد لها قوة اقتصادية وقدرة على جر دول أخرى لجبهة موحدة" تابع المقال ذاته. إلى ذلك، أشار إلى أنّ: "تصريحات بتسلئيل سموتريتش حول تدمير كل غزة ودفع السكان نحو الجنوب وتجويعهم إلى درجة الحصول على رغيف خبز ووجبة ساخنة في اليوم، إلى حين طردهم من غزة، كل ذلك أشعل الدول الأوروبية التي أدركت أن هذا هو الموعد الأخير لوقف التطهير العرقي الأكبر في عصرنا". واختتم المقال بالقول: "من يدفعون نحو الخط المتشدد هم البريطانيون بالذات. رئيس الحكومة كير ستارمر لا ينوي الاكتفاء بالتصريحات الدبلوماسية والتشاجر في تويتر، بل ينوي فرض أي عقوبة محتملة على الاقتصاد الاسرائيلي وعلى أشخاص في إسرائيل وما شابه، من أجل التوصل لإنهاء الحرب". واستطرد: "إسرائيل توجد لوحدها في هذه المعركة. لا يوجد لها اصدقاء باستثناء رئيس وزراء المجر، فيكتور اوربان. ورؤية ما ينوي ترامب أن يفعله في الأيام القريبة القادمة".

في حضرة الغياب السياسي.. دحلان وصياغة مشهد إنساني بديل!!
في حضرة الغياب السياسي.. دحلان وصياغة مشهد إنساني بديل!!

وكالة خبر

timeمنذ 8 ساعات

  • وكالة خبر

في حضرة الغياب السياسي.. دحلان وصياغة مشهد إنساني بديل!!

منذ البداية، ظلّ محمد دحلان هدفًا للاستهداف والتشويه من قِبل خصومه في المشهدين السياسي والنضالي، لاسيما بعد خلافه مع الرئيس محمود عباس، مما تسبب في مغادرته أرض الوطن صيف عام 2011، حيث استقر لفترة قصيرة في الأردن، قبل أن ينتقل للإقامة والعمل في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد أفرزت هذه القطيعة السياسية بين الطرفين حالة من العداء الإعلامي، كان فيها التحريض وتبادل الاتهامات هو السائد. وفي ظل واقع فلسطيني مازوم سياسياً، وآخذٌ في فقدان روحه النضالية مع تفاقم الانقسام بين حركتي فتح وحماس، تعالت الاتهامات وارتفعت نبرة التخوين، وتوسعت دوائر اللعنات التي طالت الجميع، عبر منابر إعلامية يمتلكها كلُّ طرفٍ –من صحف، وقنوات فضائية، ونشطاء على وسائل التواصل، بل وحتى عبر جيوش إلكترونية– لتغدو ساحة الفضاء الفلسطيني العام ساحة صراع لا تهدأ. في خضمّ هذه الأجواء المتوترة، آثر دحلان الابتعاد عن واجهة المشهد السياسي، لكنه لم ينس قضيته الوطنية، فقد نشأ وترعرع في كنف حركة فتح، وكان من مؤسسي شبيبتها. ومن هذا المنطلق، بادر إلى تأسيس "التيار الإصلاحي الديمقراطي" داخل الحركة، إيمانًا منه بضرورة إعادة تصويب المسار الفتحاوي، وإحياء روح النضال الفتحاوي الأصيل، والحفاظ على إرث الزعيم الراحل ياسر عرفات (رحمه الله). وانطلاقًا من هذه القناعة، تأسس التيار كإطار فتحاوي ديمقراطي ذي توجهٍ إصلاحي، مترافقًا مع إنشاء مؤسسات إغاثية وإنسانية، لا سيما في قطاع غزة، كجمعية التكافل الاجتماعي وغيرها من اللجان الداعمة لحقوق المرأة، والمتضررين من كافة أشكال العدوان الإسرائيلي المتكرر على قطاع غزة. إنَّ الهدف الأساسي من وراء هذه الجهود كان واضحًا: تعزيز صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وهي مرحلة كنتُ شاهدًا عليها ومطلعًا على دوافعها. لقد كانت الأهداف الوطنية العليا هي المحرّك الرئيسي لما قدّمه دحلان من مشاريع ومساعدات، والتي ساهمت في تعزيز علاقته بحركة حماس، حتى أن بعض القيادات والنخب في الحركة بدأت تنظر إليه كشريك مستقبلي، في ظل انسداد أفق الحوار مع الرئيس عباس. في الحقيقة، ظلّ دحلان وفيًا للمخيمات الفلسطينية، التي شكّلت وجدانه وأحاسيسه الأولى، فكانت مأساة المخيمات حاضرة دائمًا في تفكيره وهمّه السياسي والإنساني. وفي آخر لقاءاتي به قبل اندلاع الحرب بأيام، لم أجد في أجندته أولوية تفوق "سيرة غزة"، كما كان يردد، إذ كان يسأل: ما الذي يمكنني فعله لتحسين حياة الناس؟ ولم يكن يُخفي اهتمامه بتطوير القطاع عمرانيًا واقتصاديًا، بل وحتى استثماريًا، لتحويله إلى وادٍ تكنولوجي على غرار "وادي السيليكون". وعند الحديث في السياسة، كان صريحًا يقول: "يا أخ أحمد. إنَّ ما يهمّني -الآن- هو أوجاع الناس، أما السياسة فلها وقتها؛عندما تتهيأ الظروف وتُجرى انتخابات، سأترشح كأي شخصٍ آخر، وما تفرزه صناديق الاقتراع سأرضى به. لن أتصدّر إلا بقرار عليه إجماع وطني ورضى شعبي." وهذا ما أكّده لي مرارًا، خاصة بعد تكرار طرح اسمه ضمن سيناريوهات المرحلة الانتقالية التي ستعقب الحرب، في إطار الترتيبات العربية والدولية لإعادة إعمار غزة. قناعتي التي ترسّخت على مدار أكثر من عقدين حول شخصية محمد دحلان، والتي سأسجلها في كتابي المقبل (رغم الخصومة.. دحلان كما عرفته)، يمكن اختصارها كالتالي: شابٌ نشأ لأسرة لاجئة بمخيم خان يونس، في بيئة من الحرمان وشظف العيش، حيث كان الاحتلال يداهم البيوت بلا حُرمة، وتُنتزع لقمة العيش بما يجرح الكرامة، سواء من طوابير توزيع الطحين التابعة للأونروا، أو من خلال العمل المهين في إسرائيل. نشأ دحلان مثل أبناء جيله على لهيب القهر، ثم وجد في الثورة الفلسطينية وحركة فتح ملاذًا وطنيًا، وأصبح رمزًا بين أبناء جيله، حتى ارتقى إلى مجلس الكبار؛ أبو جهاد، وأبو علي شاهين وأبو عمار (رحمهم الله جميعاً). ومن خلال هذه التجربة، اكتسب ثقافة نضالية ووعيًا سياسيًا، واستحق ثقة الزعيم ياسر عرفات، رغم الخلاف الذي شاب العلاقة في فترة من الوقت. لكنَّ الخلاف الأشد كان مع الرئيس عباس، وهو خلاف لم يكن استثناءً، في ظلّ حالة التفرد والمزاجية التي طغت على سلوك السلطة. ودحلان، بطبيعته العنيدة، لا يقبل الخضوع، لذا فضّل الابتعاد عن رام الله، ومواصلة العمل خارج دائرة الرئيس. اليوم، عندما تقرأ شخصية دحلان، تجد أمامك رجلَ دولةٍ، يملك علاقات إقليمية ودولية واسعة، ويتمتع بقدرات حركية ديناميكية لا تتوافر إلا لقلة من الشخصيات الفلسطينية. لقد نجح –بمواقفه الإنسانية ووقوفه إلى جانب غزة– في رأب صدع علاقته مع حماس، وفتَح باباً للتواصل ظل مغلقًا لسنوات. كما حافظ على خطوط التواصل مع أجنحة فتح الأخرى، مثل تياري مروان البرغوثي وناصر القدوة. باختصار، لم يعد دحلان مجرد نائب حصد أعلى نسبة أصوات في انتخابات المجلس التشريعي عام ٢٠٠٦، بل بات سياسيًا مخضرمًا، يوظِّف علاقاته لخدمة "واجب الوقت": الصمود في وجه التهجير القسري، وحماية الهوية الفلسطينية. وفي ظل ما يشهده قطاع غزة اليوم من حرب إبادة، ونزوح متواصل منذ أكثر من 18 شهرًا، برزت جهود دحلان (أبو فادي) وقيادات التيار الإصلاحي في تأمين الحد الأدنى من متطلبات الصمود، من خلال عمليات "الفارس الشهم 3"، حيث تمَّ دعم التكيات بالمواد الغذائية والحطب، وتقديم الملابس والأغطية، والأدوية والخيام. في المقابل، كان هناك غياب فادح للسلطة، التي تجاهلت حجم الكارثة ومتطلباتها، كما غاب عنها أي تحرك سياسي فاعل لوقف الحرب. وسط هذا المشهد، ثمّة تقدير شعبي ملحوظ لما يبذله دحلان، وإن كان البعض يتمنى أن ترافق جهوده الإغاثية والإنسانية مبادرة سياسية توفّر حاضنة لتحركاته، غير أن تعقيدات المرحلة قد تجعل هذا الطموح الذي يامله البعض سابقًا لأوانه. للأسف، ما زالت بعض القوى الدينية والوطنية تُحمّله تبعات الانقسام عام 2007، رغم أن الوقائع أثبتت أن الانقسام كان نتيجة مشتركة لأخطاء راكمتها جميع الأطراف، مما أدخل القضيةَ الفلسطينية في نفقٍ مظلم لم نخرج منه حتى الآن. بعد مغادرة دحلان للمشهد السياسي، ترك "الجمل بما حمل" لغيره، فهل تغيّر شيء؟! أم بقي الصراع على حاله واتسعت رقعته؟ الحقيقة تقول: إن في منطق دحلان ما يستحق الإصغاء. فقد غاب عن المشهد السياسي والأمني لأكثر من عقد ونصف، ولم تُظهر السلطة اعتدالًا في مواقفها، ولم تُبدِ حماس مراجعة لسياساتها. دحلان كان مظلومًا، ولكنّ خصومه من الطرفين واصلوا شيطنته، وجعلوا منه "مجرماً" و"مشجبًا" يُعلّقون عليه إخفاقاتهم كلما اشتدت الأزمات.. إنَّ من حق دحلان أن يغضب، وأن يُظهر تمرده على هذا الظلم الذي لحق به.. لذا، اختار أن يبتعد عن مستنقع التباغض والمناكفات السياسية، ليكسب قلوب الناس، ويُكرّس جهده لخدمتهم. لقد أولى الجانب الإغاثي والإنساني اهتمامًا كبيرًا حتى قبل هذه الحرب بسنوات، عبر جمعية التكافل الاجتماعي، ثم ما تمَّ تاسيسه حديثاً ألا وهو اللجنة الوطنية للشراكة والتنمية. واليوم، أقولها بمرارة: لقد أخطأنا بحق أنفسنا، وبحق خصومنا، وظُلِمَ دحلان من الجانبين، رغم أنه بقي متصالحًا مع ذاته، ومحتسبًا لما ناله من أذى، في انتظار حكم التاريخ لا ألسنة الخصوم. ختاماً.. إن المرحلة الانتقالية القادمة تتطلب أن نبحث عمن يصلح للمفاضلة بين الخيارات.. وفي قراءاتي لهذه المشهدية السياسية المعقدة، يتبدى دحلان للمرحلة الانتقالية هو الحلّ الوطني والبديل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store