logo
هل تخوض «تروث سوشيال» معركة بقاء؟

هل تخوض «تروث سوشيال» معركة بقاء؟

الشرق الأوسطمنذ 17 ساعات
شهدت الساحة الرقمية في عام 2021 ولادة منصّة أو شبكة اجتماعية جديدة، حملت اسم «تروث سوشيال»، أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبر مجموعته الإعلامية والتكنولوجية «تي إم تي جي» (TMTG).
والحقيقة أن إطلاق هذه المنصّة لم يكن مجرد إضافة أخرى إلى الفضاء الافتراضي المزدحم، بل جاء ردّ فعلٍ مباشراً وصريحاً على قرار عمالقة التواصل والتكنولوجيا حظر حساباته عبر «تويتر» و«فيسبوك» و«إنستغرام» إثر أحداث اقتحام الكابيتول في يناير (كانون الثاني) 2021. لكن بعد مرور 4 سنوات تقريباً على هذه المغامرة الرقمية الطموحة، تطرح الأرقام والوقائع تساؤلات جدية حول مدى نجاح هذا المشروع في تحقيق أهدافه المعلنة.
منبر اليمين (المحافظين)
تشير الدراسات إلى أن غالبية المستخدمين البارزين على منصة «تروث سوشيال» يميلون إلى اليمين واليمين المتطرف، ومعظمهم يعلنون صراحة دعمهم لترمب. ففي تحليل أجراه مركز «بيو ريسيرتش» الأميركي، تبين أن نحو 49 في المائة من أبرز الحسابات على المنصّة تُظهر في ملفاتها الشخصية توجّهات محافظة، وهي النسبة الأعلى بين جميع المنصّات البديلة التي شملتها الدراسة. كذلك، فإن 44 في المائة من هذه الحسابات تُبرز هوية دينية، و43 في المائة منها ترفع شعارات قومية قوية أو رسائل ملتزمة بأميركا قوية. أما لجهة الفئات العُمرية، فالغالبية تتراوح أعمارهم بين 45 و65 سنة، ما يعكس ميلاً واضحاً للمنصة نحو جمهور محافظ ومتقدّم نسبياً في السن، وما يُلاحظ أن نحو ثلثي مستخدميها يعتمدون عليها كمصدر للأخبار.
في مقال تحت عنوان «أمضيت 10 أيام في منصة تروث سوشيال»، كتب صحافي من الموقع الفرنسي «أوزبك أي أريكا» أن أول ما صدمه في هذه المنصّة كونها بيئة خصبة لنشر المعلومات المضلّلة ونظريات المؤامرة. إذ تنتشر - وفق كاتب المقال - روايات حول تزوير الانتخابات، ومزاعم عن «عصابات» تدير الدولة من خلف الستار، وأفكار مستمدة من حركة «كيو آنون» اليمينية المتطرفة. والواضح أن غياب الرقابة الصارمة، أو التحقق من الحقائق، جعل المنصّة مرتعاً لهذا النوع من الأخبار والدعاية السياسية.
شعار "تروث سوشيال" (تروث سوشيال)
نمو محدود
من جهة ثانية، تكشف الإحصائيات المتاحة حتى منتصف عام 2025 عن صورة متباينة لأداء «تروث سوشيال». إذ يتبين أن المنصّة تملك نحو 9 ملايين حساب مُسجل، مع قاعدة مستخدمين نشطين تُقدر بنحو 5 ملايين مستخدم، وفقاً لبيانات مارس (آذار) 2024. لكن هذه الأرقام، وإن كانت تشير إلى حضور لا يُستهان به، تبقي هذه المنصّة محدودة النطاق مقارنة بالمئات من ملايين المستخدمين الذين تحتضنهم المنصات المنافسة العملاقة.
أما الأمر الأكثر إثارة للانتباه، فيتمثل في الاتجاه التنازلي لهذه المؤشرات. ذلك أن البيانات التحليلية تشير إلى أن عدد الزوّار الشهريين تراجع إلى النصف خلال سنة واحدة، مستقراً عند حاجز 500 ألف زائر شهرياً. ولعل هذا التراجع يعكس تحدياً جوهرياً يواجه المنصّة في الحفاظ على مستوى التفاعل، ناهيك من توسيع قاعدة مستخدميها.
نقطتا القوة والضعف... الجمهور المستهدف
يضاف إلى ما سبق، أنه تكمن نقطتا قوة المنصة وضعفها، في آن معاً، في طبيعة الجمهور المستهدف. إذ بينما تحظى «تروث سوشيال» بولاء شديد من قبل مناصري ترمب والناشطين المحافظين، فإنها تجد صعوبة في تجاوز هذه «النواة الصلبة» والوصول إلى شرائح أوسع من المستخدمين. ولذا يضع هذا القيد السياسي / الديموغرافي سقفاً واقعياً لطموحات النمو، ويطرح تساؤلات حول الاستراتيجية الطويلة المدى للمنصة.
صعوبات مادية
من جانب آخر، إذا كانت أرقام المستخدمين الحالية تثير القلق، فإن الوضع المالي لـ«تروث سوشيال» يرسم صورة أكثر قتامة. ذلك أنها منذ انطلاقتها، فشلت في تحقيق أي مستوى من الربحية، بل تراكمت عليها خسائر تهدّد مستقبلها. وحقاً، ترسم الأرقام المالية للربع الثاني من عام 2024 صورة متشائمة. وفي تحقيق بعنوان «تروث سوشيال... المنصّة تدخل البورصة» تكشف الصحيفة الفرنسية أن إيرادات المنصّة بلغت 837 ألف دولار فقط، منخفضة بنسبة 30 في المائة عن العام السابق، مقابل خسائر وصلت إلى 16.4 مليون دولار.
وبالمناسبة، الصورة الأوسع لا تبدو أقل قتامة، ففي الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، حقّقت المنصة إيرادات إعلانية إجمالية قدرها 3.3 مليون دولار، وهو رقم ضئيل مقارنة بالخسارة الصافية البالغة 49 مليون دولار. ويكشف هذا الخلل الصارخ بين الإيرادات والمصروفات عن نموذج اقتصادي غير مستدام، يعتمد بشكل شبه كامل على الضخّ المالي المستمر من المساهمين.
عامل مهم آخر يقف وراء هذه الأزمة المالية، وهو يتمثل في عزوف المعلنين الكبار عن الاستثمار في المنصّة. وهذا الترّدد ليس مجرّد حذر تجاري، بل يعكس مخاوف حقيقية من الارتباط بمنصة تُعدّ ذات توجهات سياسية مثيرة للجدل، ما يحرم «تروث سوشيال» من مصدر الدخل الأساسي لأي شبكة اجتماعية ناجحة.
آفاق جديدة أم طريق مسدود؟
في مواجهة هذه التحديات الجسيمة، تحاول «تروث سوشيال» البحث عن مخارج جديدة لأزمتها بتنويع مصادر الدخل. وبالفعل، أطلقت المجموعة المالكة للمنصة خدمة البثّ الجديدة «تروث بلس» (Truth+) التي تهدف إلى تقديم محتوى مرئي ومسموع موجه للجمهور المحافظ، على غرار نموذج «فوكس نيوز»، مع التركيز على البرامج «الصديقة للأسرة» ذات الطابع المسيحي.
أيضاً تخطط المجموعة لإطلاق تطبيق بثٍّ مخصّص يغطي الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والتلفزيونات المتصلة. بيد أن هذه المبادرات الجديدة تواجه تحديات جسيمة، منها المنافسة الشرسة مع عمالقة البثّ مثل «نتفليكس» و«ديزني+»، بالإضافة إلى المخاطر القانونية والسمعية المرتبطة بالمحتوى المثير للجدل. وبالتالي، يبقى نجاح المنصة مرهوناً بشكل كبير بشعبية مؤسسها، ما يبقيها عُرضة لتقلبات الأوضاع السياسية والقضائية المحيطة بترمب.
وهكذا، بعد 4 سنوات من التحدي، تقف «تروث سوشيال» عند مفترق طرق حاسم، بين الطموح في كسر احتكار عمالقة التكنولوجيا، والواقع الصعب للسوق الرقمي. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو؛ هل ستتمكن من إيجاد صيغة للنجاح المستدام، أم ستظل مجرد تجربة طموحة اصطدمت بقوانين السوق؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اتفاق الرسوم الجمركية.. لقاء مرتقب بين وزير الخزانة الأميركي ونظيره الصيني
اتفاق الرسوم الجمركية.. لقاء مرتقب بين وزير الخزانة الأميركي ونظيره الصيني

الشرق السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق السعودية

اتفاق الرسوم الجمركية.. لقاء مرتقب بين وزير الخزانة الأميركي ونظيره الصيني

كشف وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الاثنين، أنه سيلتقي بنظيره الصيني خلال الأسبوعين المقبلين، وذلك في الوقت الذي تواصل فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب مساعيها للتوصل إلى اتفاقات بشأن الرسوم الجمركية مع معظم دول العالم. وقال بيسنت في مقابلة مع قناة CNBC: "أعتقد أن هناك أموراً يمكننا القيام بها معاً إذا أراد الصينيون ذلك، لذلك سنناقش ما إذا كنا قادرين على تجاوز التجارة إلى مجالات أخرى". وفي سياق آخر صرح بيسنت، بأن الولايات المتحدة ستُصدر عدة إعلانات تجارية خلال الـ 48 ساعة القادمة، وذلك قبل الموعد النهائي الذي حددته الولايات المتحدة يوم الأربعاء لإتمام اتفاقيات التجارة. وأضاف بيسنت: "لقد غيّر الكثيرون موقفهم بشأن المفاوضات. لذا، كان بريدي ممتلئاً الليلة الماضية بالعديد من العروض الجديدة والمقترحات الجديدة"، مردفاً: "لذا، سيكون اليومان حافلين بالعمل". وذكر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الولايات المتحدة ستبدأ بتسليم خطابات التعريفات الجمركية اعتباراً من الساعة 12:00 ظهراً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (16:00 بتوقيت جرينتش)، الاثنين. ولم تُشكّل هذه الخطابات بالضرورة إنذاراً نهائياً، وفقاً لبيسنت. وقال: "إنها مجرد رسالة شكر لرغبتكم في التجارة مع الولايات المتحدة الأميركية. نرحب بكم كشريك تجاري، وهذا هو السعر، إلّا إذا رغبتم في العودة ومحاولة التفاوض". ورفض بيسنت التعليق على ما إذا كانت مفاوضات حول الملكية الجديدة لتطبيق "تيك توك" للفيديوهات القصيرة، والتي أعلن الرئيس ترمب أنها ستبدأ هذا الأسبوع، سترتبط بمحادثات التجارة. تقارب محتمل وأعلن الرئيس الأميركي، الجمعة الماضية، أنه يعتزم زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج في الصين أو استقباله في الولايات المتحدة. وقال ترمب على متن طائرة الرئاسة: "طلب مني أن أذهب إلى هناك، قد أذهب، أو قد يأتي هو (شي) إلى هنا". وكان ترمب وشي قد تحدثا في مكالمة هاتفية مطلع يونيو، أعلن بعدها ترمب أن نظيره الصيني "دعاه والسيدة الأولى لزيارة الصين، وقد قابلت الدعوة بالمثل". وقال ترمب حينها في منشور عبر منصة "تروث سوشيال": "كرئيسين لدولتين عظيمتين، نتطلع نحن الاثنان إلى هذه الزيارة". ونهاية الأسبوع الماضي، قال ترمب إن الولايات المتحدة توصلت إلى صفقة "جيدة" مع الصين، معرباً عن أمله في أن تكون مفيدة للجميع. واعتبر ترمب أن إقامة علاقة جيدة مع بكين أمر جيد جداً، منوهاً إلى أن لديه علاقة ممتازة مع الرئيس شي جين بينج، لكن في الوقت نفسه فإن بكين "ستدفع الكثير من الرسوم الجمركية". وذكر تقرير سابق لـ"بلومبرغ" أن إدارة ترمب تسعى إلى التواصل مع عدد من كبار رجال الأعمال لاستطلاع مدى اهتمامهم بمرافقته في زيارة محتملة إلى الصين هذا العام، بحسب ما أفاد به أشخاص مطلعون على الأمر، في مؤشر على احتمال تعزيز الروابط بين الاقتصادين، رغم الرسائل الأميركية المتكررة بشأن السعي إلى فصل الاقتصاد الأميركي عن بكين.

تراجع الأسهم الأمريكية عند الإغلاق بسبب رسوم ترمب الجمركية
تراجع الأسهم الأمريكية عند الإغلاق بسبب رسوم ترمب الجمركية

الاقتصادية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الاقتصادية

تراجع الأسهم الأمريكية عند الإغلاق بسبب رسوم ترمب الجمركية

أغلقت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على انخفاض اليوم بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية كبيرة على اليابان وكوريا الجنوبية وشركاء تجاريين آخرين، في حين تراجعت أسهم تسلا عقب إعلان رئيسها التنفيذي إيلون ماسك تأسيس حزب سياسي جديد في الولايات المتحدة. وخسر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نحو 0.77% ليغلق عند 6230.76 نقطة، بينما تراجع مؤشر ناسداك المجمع 0.89% إلى 20417.92 نقطة، وهبط مؤشر داو جونز الصناعي 0.95% إلى 44400.64 نقطة. وزادت خسائر البورصة بعد إعلان ترمب نسب الرسوم الجمركية على الواردات اليابانية والكورية الجنوبية، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس المقبل. وتذبذبت الأسواق بشكل أكبر في وقت لاحق عندما أعلن ترامب فرض رسوم جمركية باهظة على كل من ماليزيا وكازاخستان وجنوب إفريقيا ولاوس وميانمار. وأنهى مؤشرا ناسداك وستاندرد آند بورز 3 جلسات الأسبوع الماضي على ارتفاعات قياسية، وجاءت أحدثها يوم الخميس بعد صدور تقرير قوي عن الوظائف. وقالت محللة الاستثمار لدى شركة مانولايف جون هانكوك للاستثمار في بوسطن إميلي رولاند: "أعطت الأسواق انطباعا بأن ذروة المخاطر المتعلقة بالرسوم الجمركية أصبحت خلفنا لكن عودة الرسوم إلى الواجهة تثير التوتر، كان المستثمرون يعيشون حالة من التفاؤل المفرط، لكننا الآن نشهد تراجعا قليلا". مشيرة إلى أن المستثمرين ربما يتمسكون ببعض الأمل في عدم استمرار الرسوم الجمركية إلى الأبد، وأضافت رولاند: "هذا هو النمط الذي نعيشه، الإعلان عن رسوم كبيرة ثم التراجع عنها قليلا، وربما تكون هذه هي المرحلة التالية من التفاوض المتقلب".

«فجوة متزايدة» تعقّد مفاوضات «النووي» الإيراني
«فجوة متزايدة» تعقّد مفاوضات «النووي» الإيراني

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

«فجوة متزايدة» تعقّد مفاوضات «النووي» الإيراني

تتزايد الفجوة بين الأطراف المعنية بالمفاوضات المتعثرة أصلاً حول البرنامج النووي الإيراني، قبيل لقاء يجمع بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، غداً. وقال ترمب إن «البرنامج الإيراني تعرض لانتكاسة دائمة، لكنهم (الإيرانيون) ربما يستأنفون من موقع مختلف». وشدد على أنه «لن يسمح بذلك». وفي طهران، أفاد التلفزيون الرسمي بأن المتحدث باسم وزارة الخارجية، إسماعيل بقائي، نفى أنباء عن وجود مفاوضات مع الأميركيين. وكان ترمب قد صرّح بأن طهران «تريد التحدث». في المقابل، أفاد مسؤولون أوروبيون بأن الضربات الأميركية قد تشجع طهران مجدّداً على امتلاك سلاح نووي سراً، مشيرين إلى أن «الإيرانيين قد يفكرون في أن أفضل وسيلة للردع هي تطوير القدرة على تصنيع القنبلة النووية». وبشأن مستقبل المفاوضات، لم يستبعد المسؤولون أن يغيّر ترمب نهجه في هذا المسار؛ لأنه «يهوى إبرام الصفقات».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store