
من البيروقراطية إلى الاعتداء المباشر.. إسرائيل تعرقل إغاثة غزة
وبينما تزعم تل أبيب أنها تزيد عدد شاحنات الإغاثة يوميا، تُظهر الحقائق على الأرض سلسلة من القيود والإجراءات التي تحول دون وصول الغذاء إلى مستحقيه من النازحين بالقطاع.
ويمنع جيش الاحتلال الإسرائيلي دخول مواد أساسية مثل البطاطس والتمر، إلى جانب إقامة نقاط تفتيش متعددة داخل القطاع، وإجبار السائقين على المرور من طرق وعرة وخطرة، إضافة إلى تغييرات مستمرة في إجراءات تسجيل المنظمات الإنسانية.
شروط واعتداءات
وتجاوزت العراقيل حدود البيروقراطية إلى أعمال اعتداء مباشرة، إذ تشهد شاحنات الإغاثة اعتراضا وسرقة وإتلافا متعمدا لمحتوياتها، في سلوك يمثل انتهاكا صارخا ل لقانون الدولي الإنساني ، ويكشف استهدافا مباشرا للمدنيين وتجويع الأطفال والمرضى.
وواجه الأردن ، الذي يواصل إرسال قوافل المساعدات رغم تصاعد القيود الإسرائيلية، مؤخرا شروطا تعجيزية، بينها رسوم مالية باهظة عن كل شاحنة تصل إلى 400 دولار، وتفتيش مفتوح المدة، وحصر مرور الشاحنات بأوقات الدوام الرسمي، إضافة لهجمات المستوطنين على القوافل وإعطاب إطاراتها ورشقها بالحجارة.
وتكشف حادثة ربط الطعام بالشاحنات جانبا من العقبات التي تضعها إسرائيل أمام إيصال الغذاء لسكان غزة، في ظل فجوة بين تصريحاتها عن زيادة الإمدادات والتقارير اليومية عن وفيات التجويع وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال.
وتعجز المنظمات الدولية، ك برنامج الغذاء العالمي و اليونيسيف و منظمة الصحة العالمية ، عن إعادة تشغيل شبكة التغذية التي انهارت منذ الثاني من مارس/آذار بعد إغلاق المعابر للشهر الخامس على التوالي.
وتزايدت هذه الاعتداءات، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، مع نشاط حركة المستوطنين المعروفة باسم "أمر 9″، التي تأسست قبل 9 أشهر وتحولت من التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تنفيذ اعتداءات ميدانية على الشاحنات، بزعم أن المساعدات تصل إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وبدعم مادي ومعنوي من جماعات يمينية متطرفة، ومع انضمام أكثر من 5 آلاف مستوطن بينهم جنود وضباط احتياط، نصبت الحركة كمائن على طول حدود القطاع، مستفيدة من تواطؤ عناصر في شرطة وجيش الاحتلال يقدمون الحماية للمعتدين، ويزودونهم بمعلومات حول مسارات الشاحنات ووقت مرورها.
وتؤكد المعلومات أن هذا التواطؤ يمتد إلى معبر ترقوميا في الضفة الغربية، حيث تتم مراقبة الشاحنات واقتفاء أثرها واعتراضها، في مشهد يربط بين قرار سياسي ممنهج وإرهاب ميداني منظم، يهدف إلى حرمان سكان غزة من أبسط حقوقهم الإنسانية في الغذاء والحياة.
وتتمثل العقبات الإسرائيلية في:
التعقيدات البيروقراطية المرتبطة بتسجيل المنظمات المسموح لها بنقل الغذاء إلى غزة عبر إسرائيل، حيث فرضت إجراءات صارمة ومعقدة تحول دون حصول الكثير من الجهات الإنسانية على التراخيص اللازمة.
آلية إدخال الغذاء والمساعدات إلى إسرائيل نفسها، إذ تُجبر الشاحنات على المرور بسلسلة من التنسيقات والإجراءات المعقدة، إضافة إلى أسلوب النقل "ظهرا لظهر" الذي يطيل زمن الرحلة ويرفع التكلفة.
القيود البيروقراطية على نوعية المواد المسموح بإدخالها إلى القطاع، حيث تبقى الإرشادات غير واضحة وتتغير باستمرار، مما يؤدي إلى رفض العديد من الشحنات لأسباب وُصفت أحيانا بغير المنطقية.
فيما تتمثل العقبة الرابعة في معبري زيكيم و كرم أبو سالم الذي يعد البوابة الرئيسية لدخول الغذاء والمساعدات والمعدات الطبية إلى جنوب القطاع، لكنه يعمل بساعات محدودة ويتوقف في عطلات نهاية الأسبوع، مما يحد بشدة من تدفق المساعدات ويؤخر وصولها إلى مستحقيها.
ورغم تدفق المساعدات الغذائية عبر معبر كرم أبو سالم، فإن آلاف السكان في غزة، وخاصة في المناطق الأشد جوعا، لا تصلهم هذه الإمدادات بسبب سلسلة طويلة من العقبات الإسرائيلية البيروقراطية والميدانية.
حتى من سماء قطاع غزة، ترى مسارات بيضاء من الدقيق المنسكب على طول الطرق المؤدية من المعبر شمالا، بينما يتضور الناس جوعا على بعد كيلومترات قليلة.
ضد المنظمات
ووفق شهادات منظمات إنسانية، وثقتها صحيفة "هآرتس" يُجبر السائقون على تحميل الشاحنات بسرعة دون تأمين الحمولة، ثم تترك القوافل عرضة للتأخير الطويل أو النهب على طرق يحددها الجيش الإسرائيلي، غالبا دون مرافقة أو حماية.
هذه الممارسات، إضافة إلى إغلاق المعابر في عطلات نهاية الأسبوع وتقليص أوقات العمل، تجعل عملية إيصال الغذاء بطيئة ومحدودة.
إلى جانب ذلك، تفرض إسرائيل إجراءات تسجيل صارمة على المنظمات الإنسانية، تمنع كثيرا منها من العمل، وتلزم بعضها بالكشف عن أسماء الموظفين الفلسطينيين، ما يتعارض مع قوانين دولهم. كما تحدد قائمة متغيرة من الممنوعات تشمل مواد أساسية كالمولدات والمعدات الطبية وحتى بعض أنواع الأغذية.
والتنسيق اللوجستي، بحسب ما كشفت عنه "هآرتس"، معقد، إذ تُنقل البضائع بأسلوب "ظهرا لظهر" عبر شاحنات أردنية أو فلسطينية إلى إسرائيلية، ثم إلى شاحنات داخل القطاع، ما يزيد التكاليف ويضاعف التأخير.
وفي بعض الحالات، تشترط حراسة شرطية للقوافل، لكن السلطات الإسرائيلية تتعمد عدم توفيرها في الكثير من الأحيان، ما يؤدي لإلغاء الرحلات.
"فجوة صارخة"
وأدى انهيار النظام الأمني الداخلي في غزة بعد استهداف الشرطة التابعة لحماس، يقول مراسل صحيفة "هآرتس"، نير حسون "إلى زيادة عمليات النهب"، التي يستفيد منها تجار يبيعون المواد بأسعار مرتفعة، كما أن إسرائيل تحاول في الوقت نفسه تقويض دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا"، أكبر مزود للمساعدات، عبر اتهامات وعراقيل قانونية وإدارية.
وأوضح أن النتيجة هي فجوة صارخة بين التصريحات الإسرائيلية حول إدخال كميات متزايدة من الغذاء، والواقع الميداني الذي يشهد استمرار التجويع وارتفاع وفيات سوء التغذية، خاصة بين الأطفال.
هذه العقبات، يضيف حسون "سواء كانت بيروقراطية أو عملياتية، تبدو في نظر كثير من المنظمات سياسة متعمدة لإضعاف الشبكة الإنسانية في قطاع غزة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 دقائق
- الجزيرة
4 أسباب وراء تكثيف الاحتلال نسف مربعات أحياء غزة السكنية
دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال 3 أيام أكثر من 300 منزل في حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة ضمن عملية عسكرية مركزة تخللتها أعمال قصف ونسف ممنهجة للمنازل. ويتبنى جيش الاحتلال هذه الإستراتيجية في داخل قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق حديث الخبير العسكري حاتم كريم الفلاحي للجزيرة ضمن فقرة التحليل العسكري، إذ تهدف عمليات النسف والتدمير الواسعة إلى: إضعاف فصائل المقاومة وبنيتها التحتية ضمن هذه المناطق السكنية. تغيير ديمغرافي وجغرافي للمنطقة، إذ تصبح هذه الأحياء غير قابلة للسكن، مما يجبر سكانها على تهجير قسري. خلق مناطق أمنية عازلة، بحيث تصبح مفتوحة وإمكانية التحكم بهذه الجغرافيا لاحقا. ضغط كبير على المقاومة، مما قد يجبرها على تقديم تنازلات أو يثير غضب الحاضنة الشعبية والاجتماعية ضدها. وحسب الخبير العسكري، فإن هناك مناطق داخل قطاع غزة دمرت بنسب قد تصل إلى 80% أو 90%، مما يخلق تداعيات كبيرة قد تكون طويلة الأمد مثل طول الفترة الزمنية لعملية إعادة الإعمار. وكان المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة الرائد محمود بصل كشف أن جيش الاحتلال يستخدم قنابل شديدة الانفجار تتسبب في تدمير محيط المنزل المستهدف بهدف إيقاع أكبر قدر من الخسائر. وشدد الفلاحي على أن التوغل الإسرائيلي المرتقب داخل مدينة غزة بهدف احتلالها سيكون مقتلة لجيش الاحتلال بسبب اكتظاظ البنايات العمرانية وقدرتها على حجب الرؤية عن القوات المتقدمة، وإمكانية تنقُّل المقاومين داخل هذه المناطق، وهو ما يصعّب العملية العسكرية. وبناء على ذلك، فإن حديث رئاسة الأركان الإسرائيلية عن عمليات عسكرية قد تمتد إلى 2026 يبدو منطقيا -حسب الفلاحي- إذ تعد مدينة غزة الأكبر من حيث المساحة والسكان وتحتاج وقتا طويلا لذلك. وقبل أسبوع، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن المجلس الوزاري المصغر وافق على مقترح السيطرة على مدينة غزة ، في حين صدّق رئيس الأركان إيال زامير -أمس الأربعاء- على "الخطوط العريضة لخطة الهجوم على غزة واحتلالها".


الجزيرة
منذ 4 دقائق
- الجزيرة
نتنياهو: اتفقنا في الحكومة المصغرة على مبادئ لإنهاء الحرب تشمل تفكيك سلاح حماس وإعادة جميع المحتجزين
نتنياهو: اتفقنا في الحكومة المصغرة على مبادئ لإنهاء الحرب تشمل تفكيك سلاح حماس وإعادة جميع المحتجزين


الجزيرة
منذ 6 دقائق
- الجزيرة
المستشار السابق لملك بريطانيا يروي ملابسات اعتقاله لدعمه فلسطين
"لم يدر بخلدي قط، وقد بلغت سن الـ75، أن أعتقل بموجب قانون الإرهاب البريطاني لعام 2000. ولكن هذا ما حدث السبت الماضي، إذ كنت من بين 532 شخصا جرى توقيفهم في ميدان البرلمان بموجب المادة 13 من القانون، وما زال الأمر بالنسبة لي يبدو غريبا ومبهما". بهذه العبارة استهل جوناثون بوريت -المستشار البيئي السابق لملك بريطانيا تشارلز الثالث قبل أن يتولى العرش- مقاله في صحيفة إندبندنت، موضحا أن الجريمة التي نُسبت إليه هي دعم حركة العمل من أجل فلسطين " فلسطين أكشن" خلال مظاهرة خرجت في لندن السبت الماضي. وكان المتظاهرون قد رفعوا لافتات تطالب بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة ، والتراجع عن قرار وزيرة الداخلية إيفيت كوبر بحظر الحركة وتصنيفها منظمة إرهابية، وهو ما وصفه كاتب المقال بالخطير. وتنص المادة 13 من قانون الإرهاب البريطاني على تجريم أي عرض علني يُظهر أن الشخص "عضو أو مؤيد لمنظمة محظورة" وهو تصنيف ينسحب، في هذه الحالة، على حركة "فلسطين أكشن" كونها مصنفة منظمة إرهابية بموجب قرار كوبر. وقال بوريت: "جلست هناك في ميدان البرلمان زهاء الساعتين ونصف الساعة، كنت خلالها صامتا أتأمل الوجوه من حولي، وكان الناس يحملون لافتات كُتب عليها عبارات مثل: أنا أعارض الإبادة الجماعية، أنا أدعم حركة العمل من أجل فلسطين". "وفي لحظة" -يضيف الكاتب- "انفجرت ضاحكا من عبثية أن الحكومة الآن تعامل هؤلاء المواطنين الهادئين، ومعظمهم من كبار السن أو من أبناء الطبقة الوسطى في منتصف العمر، وكأنهم على صلة بتنظيم القاعدة أو الجيش الجمهوري الأيرلندي أو بوكو حرام أو مجموعة فاغنر". الملام هو الحكومة وأشار المقال إلى أن القاضي مارتن تشامبرلين سمح لحركة "فلسطين أكشن" بالطعن في قرار حظرها يوم 30 يوليو/تموز، لأن وزيرة الداخلية لم تستشر عند اتخاذ القرار أي جهة سوى الأطراف التي طالما ضغطت لحظر الحركة. إعلان وقال الكاتب إن أي شخص عاقل وغير منحاز كان بإمكانه أن يحذر الوزيرة من ضعف موقفها، مضيفا أنه يكاد يجزم أن موظفيها في الحكومة فعلوا ذلك. ووفق المقال، حتى المركز المشترك لتحليل الإرهاب -التابع للحكومة- أقر في تقييمه بأن "حركة فلسطين أكشن لا تدعو إلى العنف ضد الأشخاص" وهو ما اعتبره بوريت جوهر تعريف الإرهاب نفسه. ستُدان الحكومة البريطانية يوما ما بسبب تواطؤها في الإبادة الجماعية الجارية في غزة بواسطة جوناثون بوريت، المستشار البيئي السابق لملك بريطانيا تشارلز الثالث وأكد الكاتب أن اللوم الحقيقي في القضية يقع على عاتق الحكومة، وأنها ستُدان يوما ما بسبب تواطؤها في الإبادة الجماعية الجارية في غزة "ليس فقط من خلال استمرار بيع الأسلحة لإسرائيل، بل عبر رفضها المتهور للوفاء بالتزامات الدول في منع الإبادة بموجب القانون الدولي". وأشاد المستشار السابق لملك بريطانيا بحركة العمل من أجل فلسطين، التي "أثبتت أنها الأقدر على كشف مدى تورط الحكومة في المأساة الجارية بغزة، من خلال حملات عمل مباشر تستهدف الشركات المصنعة للأسلحة التي تقتل الفلسطينيين يوما بعد يوم". وختم مقاله مؤكدا أن "معارضة الإبادة الجماعية ليست إرهابا"، منوها إلى أن هذا هو المبدأ الذي جمع المتظاهرين الــ532 في ميدان البرلمان ذلك اليوم.