
لماذا تأجيل ترامب لرسومه الضخمة يجب أن يثير قلقك؟
فقد قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأجيل تنفيذ الرسوم حتى الأول من أغسطس، ليمدد بذلك حالة الغموض أمام الشركات، ومن ناحية أخرى، يمنح شركاء الولايات المتحدة التجاريين مزيدًا من الوقت للتوصل إلى صفقات تجارية وتجنّب فرض رسوم باهظة.
غالبا سيرحّب خبراء الاقتصاد بهذا التأجيل. فقد عبّر معظم الاقتصاديين منذ فترة طويلة عن رفضهم للرسوم الجمركية، مشيرين إلى دراسات تُظهر أن هذه الرسوم تضر بالدول التي تفرضها، بما يشمل العمال والمستهلكين على حد سواء.
وعلى الرغم من إدراكهم للمشكلات التي قد تنتج عن التجارة الحرة، فإن فرض رسوم جمركية مرتفعة نادرًا ما يُعتبر حلاً ناجعًا، بحسب تقرير تم نشره على موقع CNN الأميركي.
حتى الآن، لم تُسجّل الرسوم التي فرضها ترامب تأثيرًا ملموسًا على التضخم في الولايات المتحدة، كما لم تؤدِ إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي أو إلى تراجع في خلق الوظائف.
من جانبه، يصف وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت التضخم بـ "الكلب الذي لم ينبح بعد". لكن، العديد من الاقتصاديين يعتقدون أن آثار الرسوم الجمركية قد تكون مؤجلة، وقد تبدأ بالظهور بشكل أكثر وضوحًا مع نهاية العام، محذرين من أن هذا الهدوء الحالي قد يعطي الإدارة انطباعًا زائفًا بالأمان.
أنطونيو فاتاس، أستاذ الاقتصاد في كلية إنسياد لإدارة الأعمال، يقول لشبكة CNN: "الإيجابيات الناتجة عن التجارة الحرة تفوق السلبيات، حتى في الدول الغنية. أعتقد أن الولايات المتحدة استفادت من الانفتاح الاقتصادي، وكذلك أوروبا".
المستهلك هو الخاسر الأكبر
تُعد الرسوم الجمركية في جوهرها شكلًا من أشكال الضرائب على الواردات، وغالبًا ما تكون نتيجتها المباشرة ارتفاع التكاليف على المنتجين والأسعار على المستهلكين، بحسب ما يؤكده خبراء اقتصاديون.
وتشير بيانات صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OECD" إلى أن نحو نصف واردات الولايات المتحدة هي من السلع الوسيطة، أي المكونات أو المواد التي تُستخدم في تصنيع المنتجات النهائية الأميركية.
وفي هذا السياق، قال دوغ إروين، أستاذ الاقتصاد في كلية دارتموث، خلال ظهوره في بودكاست EconTalk في مايو الماضي: "إذا نظرت إلى طائرة من طراز بوينغ أو سيارة مصنّعة في الولايات المتحدة أو كندا، ستجد أنها تعتمد على مصادر دولية".
وأضاف أن ارتفاع كلفة استيراد المكونات يدفع الشركات الأميركية إلى مواجهة ضغوط مالية متزايدة نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وبالطريقة ذاتها، فإن الرسوم الجمركية ترفع كلفة السلع الأجنبية الجاهزة التي تستوردها الشركات الأميركية، مما يؤدي في النهاية إلى تحميل المستهلك العبء الأكبر.
وقال إروين: "غالبًا ما تضطر هذه الشركات إلى تمرير الزيادة في التكاليف إلى المستهلكين، لأنها لا تملك احتياطيات مالية ضخمة تمكّنها من امتصاص رسوم جمركية بنسبة 10 بالمئة أو 20 بالمئة أو حتى 30 بالمئة".
وتعني هذه الديناميكية أن فرض رسوم جمركية مرتفعة، وإن كان يستهدف دعم الإنتاج المحلي والصناعة الوطنية، قد يؤدي عمليًا إلى إضعاف القدرة الشرائية للأسر الأميركية وزيادة الضغط على التضخم، في وقت تحتاج فيه الأسواق إلى استقرار أكبر.
التاريخ يعيد نفسه
ما يُتوقع حدوثه اليوم ليس جديدًا على الاقتصاد الأميركي، بل هو تكرار لما جرى خلال ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى، عندما فرض في عام 2018 رسومًا جمركية حادة على واردات بقيمة 283 مليار دولار.
وأظهرت دراسة أُجريت عام 2019 شاركت في إعدادها ماري أميتي من بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، أن هذه الرسوم انتقلت بالكامل إلى أسعار السلع المستوردة داخل الولايات المتحدة، في ما يُعرف اقتصاديًا بـ"التمرير الكامل" (Complete Pass-through) وهو مصطلح يُستخدم لوصف الحالة التي تنتقل فيها التكلفة الإضافية الناتجة عن فرض رسوم جمركية (أو أي ضرائب أو تكاليف أخرى) بالكامل إلى المستهلك النهائي، من دون أن يتحمّلها المستورد أو البائع.
وكانت النتيجة بكل وضوح خسارة مباشرة تحملها المستهلك الأميركي.
وعلى مدى أكثر من عقدين، ساهم انخفاض الرسوم الجمركية الأميركية في جعل الواردات أرخص نسبيًا للمستهلكين، بحسب هيو جيمبر، استراتيجي الأسواق العالمية في شركة "جي بي مورغان لإدارة الأصول".
وأضاف أن هذا الانخفاض ساعد على إبقاء أسعار السلع ثابتة تقريبًا منذ عام 2001، في مقابل ارتفاع أسعار الخدمات إلى الضعف، استنادًا إلى بيانات رسمية.
ويُعد عام 2001 محطة مفصلية في هذا السياق، إذ شهد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية. ما أدى إلى طفرة في صادراتها إلى الولايات المتحدة، وأسهم في خفض أسعار عدد كبير من السلع الاستهلاكية.
وكما حدث في الولاية الأولى، يُرجّح أن تؤدي الرسوم الجديدة إلى زيادة أسعار السلع في الولايات المتحدة مجددًا. ويتفق مع هذا التوقع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي صرّح في 18 يونيو قائلاً: "شهدنا ارتفاعًا طفيفًا في تضخم السلع، ونتوقع بالتأكيد المزيد من هذا الارتفاع".
وتعكس هذه التصريحات المخاوف المتزايدة من أن السياسات التجارية القائمة على الرسوم المرتفعة قد تضر بالاقتصاد المحلي، لا سيما عبر تضييق هوامش الإنفاق الاستهلاكي ورفع تكاليف المعيشة للأسر الأميركية.
انعكاس سلبي على النمو الاقتصادي
من المرجح أيضًا أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى تقليص الناتج الاقتصادي للولايات المتحدة، كما حدث في السابق. فقد أظهرت دراسة نُشرت في عام 2020، استندت إلى بيانات من 151 دولة (بما فيها الولايات المتحدة) خلال الفترة من 1963 إلى 2014، أن الرسوم الجمركية لها "آثار سلبية مستمرة على حجم الاقتصاد"، أي الناتج المحلي الإجمالي للدولة التي تفرضها.
وهناك عدة تفسيرات محتملة لذلك: أحد هذه التفسيرات، وفقًا لما قاله هيو غيمبر لشبكة CNN، هو أنه عندما تكون الرسوم الجمركية منخفضة أو غير موجودة، فإن الدولة المعنية تستطيع التركيز على الأنشطة الاقتصادية التي تتمتع فيها بميزة تنافسية، ومن ثم تصدير تلك السلع والخدمات.
وأضاف غيمبر: "إذا رفعت الرسوم الجمركية، فلن ترى نفس المستوى من التخصص"، مشيرًا إلى أن النتيجة ستكون انخفاضًا في إنتاجية العمل.
وأوضح أن "اليد العاملة يمكن أن تُستغل بشكل أفضل في قطاعات أخرى من الاقتصاد، حيث ستمتلك الدولة ميزة تنافسية أكبر".
أسباب إضافية لانكماش الاقتصاد عند رفع الرسوم الجمركية
أشار باحثو دراسة عام 2020 – ومعظمهم من خبراء صندوق النقد الدولي – إلى أن أحد الأسباب الأخرى وراء إمكانية انكماش الاقتصاد عند فرض رسوم جمركية أعلى هو ارتفاع تكلفة المدخلات المستوردة.
وقدم أنطونيو فاتاس، الأستاذ في كلية إنسياد لإدارة الأعمال، نفس التفسير قائلاً: "أنا عامل أعمل في مصنع، ولإنتاج ما ننتجه نحتاج إلى استيراد رقائق إلكترونية من تايوان. هذه الرقائق أصبحت أكثر تكلفة. النتيجة أنني والشركة نخلق قيمة أقل لكل ساعة عمل".
وهناك سبب ثالث أيضًا يجعل الرسوم الجمركية المرتفعة تضر الاقتصاد، ويتمثل في زعزعة الاستقرار القائم وإثارة حالة من عدم اليقين بشأن مستويات الضرائب على الواردات في المستقبل. وتزداد هذه الضبابية حدة هذا العام، نظراً للطبيعة المتقلبة لسياسات ترامب التجارية.
وتُظهر استطلاعات أجرتها الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة في الولايات المتحدة أن هذا الغموض بدأ بالفعل يُثقل كاهل رغبة الشركات الأميركية في الاستثمار. إذ تراجع عدد الشركات الصغيرة التي تخطط لإنفاق رأسمالي خلال الأشهر الستة المقبلة في أبريل إلى أدنى مستوى له منذ أبريل 2020، حين كان وباء كوفيد يجتاح العالم.
وقال الاتحاد: "سيظل الاقتصاد يتعثر طالما لم تُحل مصادر عدم اليقين الرئيسية – بما في ذلك الرسوم الجمركية. من الصعب توجيه سفينة وسط أجواء ضبابية".
وبغض النظر عن العوامل المحددة، فإن مؤسسات اقتصادية كبرى مثل صندوق النقد الدولي ترى أن الرسوم الجمركية المرتفعة ستؤدي إلى تراجع إنتاجية الولايات المتحدة وناتجها المحلي.
الوظائف في مهب الريح
لكن، ماذا عن تأثير الرسوم الجمركية على خلق فرص العمل؟ من المفاجئ أن رفع التعرفات على الواردات غالبًا ما يؤدي – وفقاً لدراسات رسمية – إلى زيادة طفيفة في معدلات البطالة عبر مختلف الدول.
وطرح دوغ إروين، أستاذ الاقتصاد في كلية دارتموث، مثالاً يوضح تفسيراً منطقياً لهذا الأثر، مشيراً إلى أن الأمر مرتبط بارتفاع تكلفة السلع المستوردة.
وقال إروين: "عدد من الدراسات أظهرت أننا – في المجمل – فقدنا وظائف أكثر مما كسبنا بسبب الرسوم الجمركية على الصلب التي فُرضت في عام 2018، وذلك لأن عدد العاملين في الصناعات التي تعتمد على الصلب (كمادة خام) أكبر بكثير من عدد العاملين في صناعة الصلب نفسها".
بمعنى آخر، فإن التكاليف المرتفعة تؤثر سلبًا على القطاعات التي تستخدم المواد المستوردة، مما يدفعها إلى تقليص نشاطها وتسريح جزء من موظفيها، وهو ما يفوق بكثير أي مكاسب توظيف محتملة في الصناعات المحمية.
كشفت دراسة أجراها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أن ارتفاع تكاليف المدخلات نتيجة زيادة الرسوم الجمركية في عامي 2018 و2019 أدى إلى خسائر في الوظائف داخل قطاع التصنيع الأميركي.
وذكرت الدراسة، الصادرة عام 2024، أن الأضرار الناتجة عن ارتفاع التكاليف تفاقمت بسبب الضرائب الانتقامية التي فرضتها دول أخرى على الصادرات الأميركية، ما أدى إلى تقويض الأثر الإيجابي المحدود الذي حققته الرسوم الجمركية في تعزيز التوظيف في الصناعات المحلية.
وأشار التقرير إلى أن تدابير الرد الانتقامي من قبل الدول الأخرى تشكل خطرًا كبيرًا عند اللجوء إلى خيار الرسوم الجمركية، حيث أن الرسوم الأعلى على الصادرات الأميركية ترفع أسعارها بالنسبة للمستهلكين الأجانب، مما يضعف الطلب عليها.
وفي أعقاب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جديدة هذا العام، سارعت كبرى الدول الشريكة تجاريًا للولايات المتحدة إلى الرد برسوم مضادة، وهو ما دفع واشنطن لاحقًا إلى التوصل إلى هدنة مؤقتة مع كل من الصين والاتحاد الأوروبي، لتفادي المزيد من التصعيد التجاري.
حرية التجارة بين المكاسب والخسائر
رغم الإجماع الواسع بين الاقتصاديين على أن حرية التجارة ساهمت في تعزيز الاقتصاد العالمي خلال العقود الأخيرة، إلا أن هذا المسار لم يكن خاليًا أيضا من الخسائر، خصوصًا على المجتمعات والعمال الأكثر عرضة للمنافسة الأجنبية.
خسائر الوظائف هي إحدى أبرز التحديات التي ترافق التجارة الحرة، خاصة في المناطق التي تواجه منافسة مباشرة من الشركات والمصانع الخارجية.
هذا التأثير يشبه إلى حد كبير تأثير التقدم التكنولوجي، إذ قال هيو جيمبر من "جيه بي مورغان لإدارة الأصول" إن الوظائف الصناعية كنسبة من إجمالي سوق العمل انخفضت في جميع أنحاء العالم، مشيرًا إلى دور الأتمتة والتقنيات الحديثة.
وأضاف جيمبر أن التعامل مع آثار التجارة الحرة يجب أن يسير بمبدأ "التحول العادل"، وهو مفهوم يدعو إلى ضمان انتقال سلس ومنصف للعمال في ظل التغيرات الاقتصادية، سواء في اتجاه التجارة أو نحو اقتصاد أخضر، عبر تأهيلهم بمهارات جديدة أو إعادة تدريبهم في مجالات واعدة.
الاعتماد المفرط على سلاسل التوريد العالمية شكّل أيضًا أحد مخاطر التجارة الحرة، كما اتضح خلال جائحة كورونا، حين تسببت اختناقات في سلاسل الإمداد في نقص حاد في منتجات أساسية مثل الكمامات وأجهزة التنفس الصناعي في الولايات المتحدة ودول أخرى.
لكن مع ذلك، لا يرى معظم الاقتصاديين أن الرسوم الجمركية وسيلة فعالة لبناء قاعدة صناعية محلية، بحسب أنطونيو فاتاس من كلية INSEAD، الذي قال إن الدعم الحكومي المباشر لبعض الصناعات يعتبر أداة أكثر نجاعة وفعالية.
وربما يكون أقوى دفاع عن التجارة الحرة هو دورها في الحفاظ على السلام بين الدول. ففي مارس الماضي، أشار ديفيد كيلي، الخبير الاقتصادي لدى "جيه بي مورغان"، إلى أن العلاقات التجارية الوثيقة بين الدول تزيد من كلفة النزاعات المحتملة، وهو ما يدفع الدول إلى الحفاظ على الاستقرار والتعاون بدلاً من التصعيد والصراع.
باختصار، كلما زاد ترابط التجارة بين الدول، قلّت شهية الحروب فيما بينها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 2 ساعات
- البلاد البحرينية
بعد فوضى بسوق المعادن.. واشنطن تعتزم إعفاء سبائك الذهب من الرسوم
العربية.نت: أشارت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أنها ستُصدر قريبا سياسة جديدة توضح أن واردات سبائك الذهب لن تخضع للرسوم الجمركية، وذلك بعد أن أثار قرار سابق بفرض رسوم عليها حالة من الجدل في الأسواق. وكان قرار قد نُشر على موقع إدارة الجمارك وحماية الحدود الأميركية على الإنترنت يوم الجمعة أشار إلى أن واشنطن قد تفرض على سبائك الذهب المستوردة الأكثر تداولا في الولايات المتحدة رسوما جمركية وفقا لبلد المنشأ وذلك في إجراء قد يؤثر بشدة على سلاسل الإمداد العالمية للمعدن النفيس. وفي رد الأسواق على الأخبار المتعلقة بفرض رسوم جمركية على سبائك الذهب فقد حذر خبراء على أنها ستُخلّف عواقب وخيمة وتقلبات حادة في الأسواق وهو ما حدث يوم الجمعة عندما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب إلى مستوى غير مسبوق، قبل أن تتراجع. ومن جانبه قال بنك "جي بي مورغان" إن الحكومة الأميركية نظرت إلى معدن الذهب كسلعة فقط ولم تأخذ بالحسبان كونه أصل مالي يتم تداوله. أما موقع "Metals Daily " فذكر أن التقلبات الحادة في العقود الآجلة للذهب كبدت خسائر بالمليارات، فيما قالت مجموعة "DWS" إن فرض رسوم جمركية على الذهب سيغير القواعد بشكل جذري على تداول السلع. ومن جانبه قال بنك غولدمان ساكس إنه لا يتوقع أن يتم فرض رسوم جمركية على الذهب، مبقيا على توقعاته للأسعار عند 3700 دولار للأونصة بنهاية 2025 و4000 دولار في منتصف 2026. يذكر أنه يوجد أكثر من 1.1 تريليون دولار من سبائك الذهب في خزائن لدعم التداول في نيويورك ولندن وحدهما، ويُخزن الكثير منها لدى تجار رئيسيين مثل "جي بي مورغان" و"HSBC".


الوطن
منذ 18 ساعات
- الوطن
أميرنا في واشنطن.. بين اللباقة والحزم
بسبب وجودي في إجازة سنوية، لم يتسنَ لي التعليق حينها على الزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أرى الوقوف عندها مسألة جداً هامة لما تضمنته من مؤشرات ودلائل ومضامين.الزيارة حملت أبعاداً سياسية واقتصادية أظهرت مستوى متقدماً من الحنكة الدبلوماسية والرؤية الاستراتيجية التي يتمتع بها سمو الأمير سلمان، إذ مثل لقاؤه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحظة محورية، ليس فقط لتعزيز العلاقات بين البلدين، بل لترسيخ موقع البحرين كطرف متزن وفاعل على الساحة الدولية. اتسمت الزيارة بطابع عملي، إذ تجاوزت حدود المجاملات والبروتوكولات، وأسفرت عن نتائج ملموسة. حيث جرى الإعلان عن توقيع اتفاقيات واستثمارات ضخمة بلغت قيمتها نحو 17 مليار دولار، تضمنت صفقة مهمة بين طيران الخليج وشركتي بوينغ وجنرال إلكتريك، إلى جانب استثمارات بحرينية مباشرة في الاقتصاد الأمريكي تجاوزت عشرة مليارات دولار. وشملت هذه الاستثمارات قطاعات حيوية مثل الطاقة، والغاز الطبيعي، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى مشاريع لتوسيع إنتاج الألمنيوم في الولايات المتحدة، وتطوير بنية تحتية رقمية متقدمة بالتعاون مع شركات تقنية عالمية.الاستقبال الذي حظي به سمو الأمير سلمان عكس قوة الروابط بين البحرين والولايات المتحدة. فقد أعرب الرئيس ترامب عن تقديره البالغ لقيادة وشعب البحرين، مؤكداً أن الشراكة بين البلدين مبنية على المصالح المتبادلة، ومشيداً بالدور الذي تضطلع به المملكة كشريك موثوق في الشرق الأوسط، مشيداً بمكانة ملكنا المعظم الغالي والاحترام والتقدير الكبير الذي يحظى به جلالته على مستوى العالم. من جانبه، شدد الأمير سلمان على أن الاتفاقيات التي أُبرمت تمثل واقعاً عملياً قابلاً للتنفيذ الجاد، مؤكداً على أهمية الشفافية والمصداقية في بناء التعاون الدولي، وهي منطلقات مبعثها ما يتميز به سموه من صفات ومبادئ، أهمها إيمانه بالعدالة، وتمسكه بالأعراف الإنسانية واحترام الجميع وبناء العلاقات الإيجابية. كالعادة برز خلال الزيارة أسلوب الأمير سلمان الذي جمع بين اللباقة والحزم، حيث قدم رؤية اقتصادية واضحة الأهداف ذات منظور استراتيجي، ترتكز على تنويع مصادر الدخل وتعزيز التعاون مع القوى الاقتصادية المؤثرة عالمياً، بما يضمن المصالح الوطنية على المدى البعيد. كما أظهر سموه قدرة عالية على التعامل مع الملفات المعقدة بأسلوب مرن وعملي، مع الحفاظ على مكانة البحرين واحترامها في المحافل الدولية. هذه الزيارة أراها محطة تؤكد أن البحرين، بفضل قيادتها الواعية، قادرة على صياغة مستقبلها عبر شراكات متوازنة مع القوى العالمية المؤثرة، بما يخدم تطلعات شعبها، ويرسخ موقعها الدولي. وقد خرجت البحرين من هذه الجولة الدبلوماسية بفضل من الله ثم بجهود الأمير سلمان حفظه الله وحضوره القوي، بفرص اقتصادية واستراتيجية جديدة تعزز مسار التنمية الوطنية، وتجعل من هذه الزيارة نقطة تحول في العلاقات البحرينية الأمريكية وخطوة مهمة نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.


الوطن
منذ 2 أيام
- الوطن
ترامب: سألتقي بالرئيس الروسي الجمعة المقبل في «ألاسكا» الأمريكية
صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيعقد اجتماعاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة المقبل في ألاسكا. وجاء هذا الإعلان بعد ساعات من كشف ترامب عن شروط محتملة لاتفاق سلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا، قد تشمل تبادلاً للأراضي. نشر ترامب على حسابه في "تروث سوشيال":"الاجتماع المرتقب بشدة بيني كرئيس للولايات المتحدة والرئيس فلاديمير بوتين من روسيا، سيُعقد يوم الجمعة 15 أغسطس 2025 في ولاية ألاسكا العظيمة. تفاصيل أخرى لاحقاً." خطة بوتين للسلام: تنازلات إقليمية من أوكرانيا أطلعت الولايات المتحدة، بما في ذلك ترامب، قادة أوروبا ومسؤولين أوكرانيين على خطة قدمها بوتين لوقف الحرب مقابل تنازلات إقليمية كبيرة من كييف، حسب مصادر غربية. تشمل الخطة تنازل أوكرانيا عن منطقة دونباس الشرقية التي تحتلها روسيا بشكل كبير، إضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا بشكل غير قانوني في 2014. تحفظات أوروبية وتحذيرات من استمرار الصراع أثارت الخطة قلق بعض المسؤولين الأوروبيين الذين اعتبروها محاولة من بوتين لتجنب العقوبات الأمريكية التي كان من المفترض أن تُفرض يوم الجمعة، مع تقديم تنازلات قليلة. ومع ذلك، كانت هذه الخطة المحفز الذي دفع ترامب للإعلان عن قمة مع بوتين في أقرب وقت ممكن. تفاصيل ناقصة وخطوط الجبهة المتجمدة في الوقت الحالي، لا تزال هناك أسئلة حول مصير منطقتي زاباروجيا وخيرسون في أوكرانيا، حيث تسيطر روسيا على أجزاء منهما، كما أن تفاصيل أخرى تتعلق بمطالب بوتين بخصوص عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو وتحديد حجم جيشها لم تُحسم بعد. الولايات المتحدة تسعى لحشد الدعم الأوروبي أجرى مبعوث ترامب ستيف ويتكوف اتصالات مع مسؤولين أوروبيين لتوضيح تفاصيل الخطة، وقال إن المقترح خطوة في الاتجاه الصحيح يمكن أن تتبعه خطة سلام أوسع بعد وقف إطلاق النار. المسؤولون الأمريكيون يحاولون إقناع حلفائهم الأوروبيين بالموافقة على الخطة، لكن لا تزال هناك شكوك حول نجاح هذه الجهود. مخاوف من منح روسيا مكافأة على غزو الأراضي أثار احتمال اعتراف دولي بسيطرة روسيا على دونيتسك ولوهانسك مخاوف من أن ذلك قد يشجع موسكو على مواصلة الهجمات مستقبلاً. قال مسؤول أوروبي: "الاعتراف الرسمي بأراضي تم الاستيلاء عليها بالقوة دون عقاب يشجع على المزيد من العدوان". ترامب يتحدث عن فرص السلام ويضغط على زيلينسكي أبدى ترامب تفاؤلاً حذراً حول إمكانية التوصل إلى سلام، وقال إن القادة الأوروبيين وبوتين وزيلينسكي يرغبون جميعاً في السلام. وأشار إلى أنه طلب من زيلينسكي تسهيل المفاوضات رغم أن الأخير يحتاج موافقة البرلمان أو استفتاء وطني لتنازل عن الأراضي. قال ترامب: "هو يسعى لتحقيق ما يحتاجه، لكن ليس مخولاً ببعض الأمور، قلت له عليك أن تتصرف بسرعة لأننا قريبون جداً من التوصل لاتفاق." تناقض في الموقف الأمريكي حول العقوبات واللقاءات في وقت سابق من الأسبوع، هدد ترامب بفرض عقوبات جديدة على روسيا إذا لم تنهي الحرب بحلول يوم الجمعة، لكنه خفف من لهجته يوم الخميس، مشيراً إلى أن القرار النهائي بيد بوتين. وعندما سُئل عما إذا كان بوتين ملزماً بلقاء زيلينسكي قبل لقائه الشخصي مع ترامب، أجاب: "لا، ليس ملزماً."