
في بريطانيا... 10 وفيات ومئات الحالات الخطرة بسبب حقن التنحيف
وفي التفاصيل، تحقق "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" MHRA في بريطانيا عقب تسجيل 294 إصابة بالتهاب البنكرياس، بنوعيه الحاد والمزمن، لدى أشخاص استخدموا "تيرزيباتيد" tirzepatide، المكون النشط في دواء "مونجارو" Mounjaro، و"سيماغلوتايد" semaglutide، المستخدم في "أوزمبيك"Ozempic و"ويغوفي" Wegovy.
وعلى رغم عدم وجود أدلة قاطعة تؤكد الارتباط المباشر لهذه الحالات بالأدوية من فئة محفزات مستقبلات "جي أل بي- 1"GLP-1 [تحاكي تأثير هرمون يسمى "الببتيد" الشبيه بـ"الغلوكاغون 1" الذي يحفز إنتاج الإنسولين ويخفض مستويات السكر في الدم]، المستخدمة أيضاً في علاج السكري، تتزايد المخاوف في شأن محدودية المعلومات المتاحة حول الروابط المحتملة بين هذه العقاقير من جهة والمضاعفات الصحية المسجلة من جهة أخرى، مما دفع مسؤولي الصحة في المملكة المتحدة إلى الشروع في دراسة جديدة تتفحص آثارها الجانبية الضارة.
ويأتي هذا التحذير بعد أيام قليلة من طرح دواء "مونجارو" في عيادات أطباء الصحة العامة في مختلف أنحاء إنجلترا، بينما في المستطاع الحصول على "أوزمبيك" و"ويغوفي" لدى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" NHS بعدما يحيل الطبيب المريض إلى برنامج طبي متخصص في إنقاص الوزن [حيث يُصار إلى تقييم الحال وتحديد الحاجة إلى العلاج بالأدوية ضمن خطة متكاملة]. ولكن مع ذلك، يمكن شراء "مونجارو" و"ويغوفي" عبر الإنترنت خارج نطاق النظام الصحي الرسمي [ومن دون الحاجة إلى وصفة أو إحالة طبيتين].
ويعتقد أن نحو 1.5 مليون شخص يستخدمون حالياً حقن إنقاص الوزن في المملكة المتحدة، أي ما يعادل أربعة في المئة من الأسر، مع تزايد شعبيتها بصورة كبيرة، وقد صرح مدير الأطباء لدى "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" ستيفن بويس، بأنها ربما تصبح قريباً الدواء الأكثر استخداماً بين السكان.
ولكن المتخصصين أبدوا مخاوفهم في شأن الاستخدام المتزايد لهذه الحقن.
تحدث في هذا الشأن الدكتور سيمون كورك، المحاضر الأول في علم وظائف الأعضاء في "جامعة أنجليا روسكين" في المملكة المتحدة، فقال إن "نسب التهاب البنكرياس التي لوحظت في التجارب السريرية كانت منخفضة، بيد أننا نعلم أن كثيرين يشترون هذه الأدوية الآن من القطاع الخاص. ولكن مع تزايد عدد المستخدمين، حتى النسب الصغيرة ستترجم أعداداً أكبر من الإصابات، على رغم أن هذه الحالات ما زالت نادرة".
ومع ذلك، شدد الدكتور كورك على أهمية الإقرار بأن الأخطار المرتبطة بالسمنة تفوق بأشواط الأخطار التي ينطوي عليها استخدام هذه الأدوية.
وأضاف الدكتور كورك: "بالنسبة إلى الغالبية العظمى من الناس، ستساعد هذه الأدوية على إنقاص الوزن، وتبقى آمنة إلى حد كبير. ولكن لدى قلة من المستخدمين، ستظهر آثار جانبية خطرة، ومن المهم الحرص على خضوع هؤلاء الأشخاص للمتابعة من اختصاصيي الرعاية الصحية".
من بين المستخدمين الذين يُعتقد أنهم عانوا آثاراً جانبية جراء استخدام "مونجارو"، جولي بيشوب، البالغة من العمر 55 سنة، والتي شخّص الأطباء إصابتها بالتهاب البنكرياس الحاد بعد لجوئها إلى هذا الدواء بهدف إنقاص الوزن. وعلى رغم عدم توفر أدلة قاطعة تؤكد وجود علاقة مباشرة بين الدواء وحالها الصحية، ناشدت بيشوب كل المستخدمين بضرورة الوعي التام بالأخطار المحتملة التي ينطوي عليها.
وقالت بيشوب في تصريح إلى "اندبندنت": "أعرف كثيرين يستخدمون هذا الدواء، لذا لم أكن قلقة في البداية في شأن اللجوء إليه. أعتقد أنه من المفيد توعية الناس بالأهمية التي تكتسيها الأعضاء الحيوية في الجسم، مثل البنكرياس، ومدى الضرر الذي يُسببه أي أثر جانبي".
"أفكر في العودة إلى استخدام [مونجارو] مجدداً، ولكن أرفض أن يكون ذلك إلا عبر 'هيئة الخدمات الصحية الوطنية'. أعتقد أن هذه الأدوية يجب أن تتاح للناس عبر هذه الهيئة حصراً - وربما مقابل دفع ثمنها - نظراً إلى الأخطار المصاحبة لها"، أضافت بيشوب.
تستند نتائج "وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" إلى تقارير طبية توثق وقوع مضاعفات صحية بعد استخدام المرضى أدوية محفزات مستقبلات "جي أل بي- 1". ومع أن استخدام هذه العقاقير ربما يكون قد تزامن مع ظهور حالات صحية أو وقوع وفيات، ولكن من دون أن يكون مسؤولاً عنها، فإن اعتماد نظام الإبلاغ الطوعي ربما يسبب نقصاً في عدد البلاغات، مما يعني احتمال وجود أعداد أكبر من الحالات غير الموثقة.
كذلك كشفت الأرقام عن تسجيل 116 حالة التهاب حاد ومزمن في البنكرياس مرتبطة بدواء "ليراغلوتايد" liraglutide، بينها وفاة واحدة، و101 حالة مرتبطة بدواء "إكسيناتيد" exenatide، من بينها ثلاث وفيات. وارتبطت خمس وفيات بدواء "تيرزيباتيد" tirzepatide، وحالة واحدة بدواء "سيماغلوتيد" semaglutide.
وفي سياق متصل، سجلت السلطات الصحية في المملكة المتحدة 52 إصابة بالتهاب البنكرياس الحاد والمزمن مرتبطة باستخدام عقار "دولاغلوتايد"، و11 حالة أخرى مرتبطة بعقار "ليكسيسيناتيد"، مما يرفع إجمالي الوفيات المتصلة بأدوية "جي أي بي- 1" إلى 10 حالات.
بناء على ذلك، تعتزم "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية" إطلاق دراسة تستهدف حالات التهاب البنكرياس المرتبطة بأدوية محفزات مستقبلات "جي أل بي- 1"، بغية التحقق مما إذا كانت العوامل الوراثية تؤدي دوراً ما في تطور هذه الإصابات. وتدعو الهيئة الأفراد إلى الإبلاغ عن أية آثار جانبية يعانونها، وذلك من خلال مشروع "البطاقة الصفراء للبنك الحيوي"، الذي يدار بالتعاون مع شركة "جينوميكس إنجلترا" (هيئة الجينوم البريطانية).
وتشير كبيرة مسؤولي السلامة في "هيئة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية"، الدكتورة أليسون كايف، إلى أن الأدلة العلمية تدعم إمكان الوقاية من نحو ثلث الآثار الجانبية المرتبطة بالأدوية من طريق تطبيق التحاليل الطبية الجينية. ومن المتوقع أن تثقل الآثار الجانبية لهذه الأدوية كاهل "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" بأكثر من 2.2 مليار جنيه إسترليني سنوياً، نتيجة فترات الإقامة في المستشفى وحدها.
وتوضح الدكتورة كايف أن المعلومات التي يوفرها مشروع "البطاقة الصفراء للبنك الحيوي" ستسهم في تعزيز قدرتنا على توقع الأشخاص الأكثر عرضة للآثار الجانبية، مما يتيح تقديم العلاجات الأكثر أماناً للمرضى في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، استناداً إلى تركيبتهم الجينية".
وفي العام الماضي، توصل فريق بحثي من "جامعة كولومبيا البريطانية" في كندا إلى أن استخدام الحقن المخصصة لإنقاص الوزن من شأنه أن يفاقم خطر الإصابة بمشكلات هضمية حادة، بما في ذلك التهاب البنكرياس.
وقال الباحث الرئيس موهيت سودي بأنه على رغم ندرة هذه الحالات، ينبغي على "المرضى الذين يفكرون في استخدام الحقن بغرض إنقاص الوزن أن يأخذوا الآثار الجانبية السيئة المحتملة في الاعتبار".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويدرج "المعهد الوطني للتميز في الرعاية الصحية" NICE في بريطانيا التهاب البنكرياس كأحد الآثار الجانبية المحتمل لعقار "مونجارو". كذلك يوصي المعهد "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" باستخدامه لعلاج السمنة لدى المرضى، الذين يلتزمون نظاماً غذائياً منخفض السعرات الحرارية، وزيادة النشاط البدني.
وفي تصريح إلى "اندبندنت"، قال متحدث باسم "ليلي" Lilly، الشركة المصنعة لعقار "مونجارو"، إن سلامة المرضى تمثل أولوية قصوى لديهم، مشيراً إلى أن الشركة تتابع وترصد بصورة دؤوبة كل البيانات المتعلقة بسلامة استخدام الدواء، ولا تتردد في الإبلاغ عنها.
وأضاف المتحدث أن المضاعفات السلبية التي قد تظهر بعد تناول الأدوية ربما تكون ناجمة عن عوامل أخرى، من بينها حالات مرضية موجودة أصلاً لدى المستخدم.
كذلك أوضح المتحدث باسم "ليلي" أن "النشرة المرفقة مع عقار 'مونجارو' تحذر من أن التهاب البنكرياس (الحاد) يندرج ضمن الآثار الجانبية غير الشائعة (التي ربما تصيب ما يصل إلى شخص واحد من كل 100 مستخدم). كذلك توصي النشرة المرضى باستشارة طبيبهم أو أي اختصاصي في الرعاية الصحية قبل استخدام 'مونجارو'، في حال كانوا قد أصيبوا سابقاً بالتهاب البنكرياس".
و"نحث المرضى على استشارة طبيبهم أو متخصص في الرعاية الصحية في شأن أية آثار جانبية يكابدونها، والتأكد من حصولهم على العقار الأصلي من "ليلي"، ختم المتحدث.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
"مونجارو" وأخواتها... أدوية تنقص الوزن وتخلخل الديناميكيات العاطفية
قبل أيام قليلة من حفل زفاف إحدى صديقاتها نهاية هذا الأسبوع، اضطرت أماندا* إلى القيام بجولة تسوق في اللحظات الأخيرة. وتقول السيدة البالغة من العمر 54 سنة: "كنت أعتزم ارتداء فستان بكتفين مكشوفتين. ولكنني أدركت أنني سأتلقى وابلاً من التعليقات حول الكيلوغرامات الكثيرة التي فقدتها، فقررت شراء فستان آخر أكثر احتشاماً". وتضيف: "عندما كنت ممتلئة القوام، ما من أحد قال لي بضرورة ألا أزداد وزناً أكثر. أما الآن وقد عدت للوزن الذي كنت عليه عندما تعرفت إلى أصدقائي للمرة الأولى، أشعر بأن التحول في مظهري أيقظ لدى بعضهم نزعة خفية إلى التنافس. وهذا يجعلني أشعر بعدم الارتياح". أماندا، المقيمة في العاصمة البريطانية لندن، قررت قبل نحو عام اللجوء إلى عقار "مونجارو" [ينتمي إلى عائلة من الأدوية تسمى "محفزات مستقبلات جي أل بي- 1" ويعمل عن طريق محاكاة عمل هرموناتنا الطبيعية المسؤولة عن التحكم في الشهية والشعور بالشبع]، بعدما وضعت قدميها على الميزان للمرة الأولى منذ أعوام لتكتشف أن جسدها يحمل 32 كيلوغراماً زائدة عما كانت عليه في عمر الثلاثينيات. تقول: "زوجي وأنا نعشق الطعام اللذيذ، لذا كنا نتناول وجباتنا خارج المنزل مرتين في الأقل أسبوعياً. كانت كميات الطعام التي أتناولها كبيرة جداً، وأتناول كثيراً من الوجبات الخفيفة، كما أن سن اليأس بدأ يؤثر فيّي". وتتابع: "كنا نشتكي من وزننا لكننا لم نفعل شيئاً حيال ذلك، وعندما سمعت عن مونجارو، قررت أن أجربه". وتوضح: "لم يكُن الأمر مجرد حقنة تجعل الوزن يذوب بطريقة سحرية. كان عليّ أن أتنازل عن أشياء معينة وأن أكون أكثر وعياً. لكن الدواء أعاد ضبط علاقتي بالطعام بصورة كاملة، فأصبحت أتناول الطعام بطريقة صحية أكثر. هكذا، صرت أتناول طعاماً صحياً أكثر، ولا أسرف في شرب الكحول، حتى إن نومي تحسن بصورة ملحوظة. أواظب الآن على استخدام جرعة ثابتة، الغرض منها الحفاظ على الوزن الذي حققته من دون أية زيادة أو نقصان، وأشعر بأنني في حال أفضل مما كنت عليه منذ أعوام طويلة". ولكن تأثير "مونجارو" لم يكُن جسدياً فقط. فبعد فترة وجيزة من استخدامها الدواء، لجأ ديفيد*، زوج أماندا، إلى الحقن نفسها أيضاً. ولم يمضِ عام حتى شهدت علاقتهما الزوجية تحسناً لافتاً. تقول أماندا: "قيامنا بالأمر معاً ساعد كثيراً... ديفيد عانى قليلاً أكثر مني بعض الآثار الجانبية البسيطة، وكان يقلق من أن نصبح مملّين، كما أصبحنا أقل ميلاً للسهر أو البقاء في المناسبات الاجتماعية لفترات طويلة". وتضيف: "لكننا ما زلنا نلتقي أصدقاءنا، ونتناول الطعام في الخارج معاً تماماً كما اعتدنا. وصراحة، أشعر بأنني أصبحت أكثر هدوءاً ولطفاً مما كنت عليه. كلانا بات أكثر ثقة بنفسه، وصار كل منا يعبر عن التقدير للآخر ونتبادل الإطراءات، وهكذا تحسنت علاقتنا العاطفية بالتأكيد". وبينما أسرّت أماندا لعدد محدود من صديقاتها المقربات باستخدامها "مونجارو"، كان ديفيد أكثر انفتاحاً وراحة فتحدث صراحة عن الأمر إلى أصدقائه الرجال. "كانوا جميعاً إيجابيين جداً في شأن خسارة الوزن التي حققها ديفيد"، تقول أماندا. "ولكن بينما كانت غالبية صديقاتي إيجابيات وداعمات في البداية، أصبح الأمر أكثر تعقيداً مع مرور الوقت. مثلاً، أخذت إحدى صديقاتي تلاحقني بأسئلتها المتكررة عن مقاسي، وتشتري الملابس الجديدة نفسها التي أختارها، ثم تقول إنها لا تناسب قوامها ولا تمنحها مظهراً أنيقاً". وتضيف: "أصبحت أتساءل إن كانت أكثر راحة عندما كنت أنا الصديقة السمينة. من كان يظن أن فقدان الوزن يمكن أن يثير كل هذه الضجة؟". ولا تعد أماندا الوحيدة التي تشهد تغيراً في الديناميكيات العاطفية طويلة الأمد لعلاقاتها نتيجة التغير الجسدي الذي تمر به. فمع تقديرات تشير إلى أن 1.5 مليون شخص في المملكة المتحدة يستخدمون حالياً الجيل الجديد من أدوية GLP1، مثل "ويغوفي" و"أوزمبيك" و"مونجارو"، يقول متخصصون في الصحة النفسية إنهم بدأوا يلاحظون آثار هذه الأدوية خلال جلسات العلاج في عياداتهم. تحدثت في هذا الشأن الدكتورة ليندا بابادوبولوس، العضو المعتمد لدى "الجمعية البريطانية لعلم النفس". وتقول إنه "قبل أعوام قليلة فقط، لم تكُن أدوية إنقاص الوزن مطروحة بالشكل الذي نعرفه اليوم، أما الآن فأرى أنها تؤثر أكثر فأكثر في العلاقات". "مثلاً، إذا كان شقيقان متشابهين في الشكل دائماً، وفجأة فقد أحدهما الوزن، ربما ينشأ شعور بالمنافسة بينهما لم يكُن موجوداً سابقاً. أو، إذا كان صديقان يحاولان إنقاص وزنهما، وكان أحدهما يستخدم الدواء على النقيض من الآخر، قد تظهر اتهامات بـ'الغش' لتحقيق وزن أقل"، تضيف الدكتورة بابادوبولوس. وتردف: "إنه مجال جديد بالكامل، وأعتقد بأننا سنشهد مزيداً من هذه الحالات في المستقبل لأن هذه الأدوية يبدو أنها ستنتشر بصورة واسعة جداً". والسرية المحيطة باستخدام الجيل الجديد من أدوية "جي بي أل 1"، مدفوعة بالوصمة الاجتماعية المرتبطة بها والأفكار المعقدة لدى الناس تجاه الوزن، والقدرة على التحكم بالنفس أمام الطعام، والطريقة "الصحيحة" لفقدان الكيلوغرامات الزائدة، تشكل سبباً محتملاً آخر لظهور التوتر في العلاقات. في المنتديات الإلكترونية مثل "مامزنت" و"ريديت"، هناك كثير من النقاشات التي يشارك فيها من يسمون أنفسهم "المستخدمين السريين للحقن"، ويقولون إن السبب الرئيس وراء إخفائهم لاستخدام هذه الأدوية هو الخوف من الأحكام التي قد يصدرها الأزواج أو الأصدقاء أو زملاء العمل. وتتناول مواضيع عدة في المنتديات سبل إخفاء أدوية من قبيل "مونجارو" التي تتطلب استخدام قلم طبي للحقن يحتاج إلى التبريد. وكانت نصيحة أحد المستخدمين بناء "حصن من مكعبات الجبن" في الجزء الخلفي من الثلاجة لإخفائه، وآخر يضع القلم في ثلاجة مشروبات احتياطية ويحقن نفسه في الكراج، حتى إن إحداهن أخبرت زوجها الفضولي بأن القطة أصيبت بالسكري وتحتاج إلى دواء جديد. بيثاني*، البالغة من العمر 40 سنة، واحدة من بين الأزواج الذين قرروا إخفاء استخدامهم "مونجارو" عن شريك حياتهم. "أحتفظ ببعض أقنعة الوجه في الثلاجة، وأعرف جيداً أن زوجي لن يقترب منها، لذا أخفي قلم الحقن هناك". وتتابع: "أدرك أن ما أفعله ليس صائباً، لكن لو علم بالأمر، لما توقف عن التذمر في شأن شركات الأدوية الكبرى التي تبيع أدوية يضطر الناس إلى شرائها باستمرار بهدف تحقيق الأرباح فقط". وتتابع بيثاني: "ولكن بالنسبة لي، سمحت لي هذه الحقن بالسيطرة على وزني الذي كثيراً ما عجزت عن التحكم به على رغم كل محاولاتي المضنية من الحمية الغذائية إلى التمارين الرياضية". "صحيح أنني في البداية كنت متخوفة قليلاً من أن يكتشف زوجي سري، ويرى في سلوكي هذا خيانة لثقته بي، بيد أنني متأكدة تماماً الآن من أنه سيكون متفهماً ويتجاوز الأمر في النهاية. تجمعنا علاقة جيدة، وكلي ثقة بأنني اتخذت القرار الصائب الذي يخدم مصلحتي"، تضيف بيثاني. وشرعت بيثاني في استخدام الدواء قبل عام، وحرصاً منها على عدم فقدان الوزن بسرعة كبيرة، بدأت بأدنى جرعة من "مونجارو" قبل أن تزيدها قليلاً، ثم لجأت إلى جرعة تثبيت الوزن. وخسرت نحو تسعة كيلوغرامات ونصف كيلوغرام في بضعة أشهر. "لاحظ زوجي بالتأكيد أنني أتناول كمية أقل من الطعام وأفقد الوزن، ولكنه عزا ذلك إلى تغيرات صحية في أسلوب عيشي"، تقول بيثاني. "إنه سعيد بخسارتي للوزن ويروق له مظهري الجديد، وانعكس ذلك بصورة واضحة على علاقتنا الحميمة التي تحسنت كثيراً بفضل شعوري بثقة أكبر بنفسي." "والدتي على علم بأنني أستخدم الدواء، وتعتقد بأن إخفائي الأمر عن زوجي مرفوض تماماً. ولكني شخصياً أرى أن ما يجهله لا يؤذيه"، تضيف بيثاني. لا شك في أن استخدام أدوية محفزات مستقبلات "جي أل بي 1" لا يخلو من تداعيات معقدة تمتد إلى نواحٍ مختلفة من الحياة، على ما تقول الدكتورة روز أغدامي، اختصاصية نفسية معتمدة ومتخصصة في المرونة النفسية والتكيف مع الضغوط. وتضيف أنه "في المرحلة الأولى من استخدام هذه العقاقير، تنعكس النتائج إيجاباً على العلاقة بين الشريكين، إذ يشعران بتجدد مشاعر الانجذاب ويعودان للاهتمام ببعضهما بعضاً، ويستمتعان تالياً بحال من الانسجام والحميمية". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في بعض الحالات، كما توضح الدكتورة أغدامي، "يشعر الشريك الذي بدأ أخيراً باستخدام حقن إنقاص الوزن بدفعة من الحماسة تتغير معها نظرته إلى الحياة، فينفتح على تجارب جديدة، ويروح يستكشف هوايات وأنشطة لم يكُن سابقاً يعيرها أي اهتمام، كذلك يصبح أكثر تفاعلاً على الصعيد الاجتماعي. هكذا، يفتح هذا التغيير نوافذ على المتعة المشتركة بين الزوجين ويضفي نفساً جديداً على العلاقة. ولكن هذه التحولات لا تخلو من جانب مظلم. مع مرور الوقت، تظهر تأثيرات سلبية خفية تثقل كاهل العلاقة وتحدث خللاً في التوازن العاطفي بين الطرفين". فالطعام، مثلاً، كما تشرح الدكتورة أغدامي، "يعد غالباً جزءاً مهماً من العلاقات، ويمكن أن يكون وسيلة للتعبير عن الحب، إضافة إلى أنه مصدر للذكريات المشتركة والتجارب الخاصة. لذا فإن فقدان هذا الجانب قد يؤدي إلى الانزعاج والخلافات، ومشاعر الذنب". "وقد يبدأ الشريك الذي أصبح أنحف في جذب اهتمام الآخرين، وربما يستمتع بذلك أيضاً، مما قد يثير مشاعر انعدام الأمان والغيرة داخل العلاقة. وقد تظهر الشكوك ومشكلات الثقة، مما يخلق مسافة عاطفية بين الزوجين يصعب عليهما التعايش معها أو تجاوزها"، تضيف الدكتورة أغدامي. إذاً، كيف يمكن لمستخدمي هذه الأدوية أن يتعاملوا مع الواقع [الاجتماعي والعاطفي] الجديد الذي فرضته حقن محفزات مستقبلات "جي أل بي 1"؟ أماندا ميجور، مديرة قسم الجودة العلاجية في المنظمة البريطانية "ريليت" Relate، المتخصصة في دعم العلاقات الأسرية والعاطفية والتابعة لمؤسسة "فاميلي أكشن" Family Action، تقول إن لأي دواء أثراً يتجاوز الجسد ليطاول أيضاً صحتنا العاطفية والنفسية. ففي العلاقات الطويلة الأمد، نميل إلى التعود على أنماط وسلوكيات معينة، وأي تغير يطرأ على هذا الإيقاع المستقر لا بد من أن يترك تبعاته، ذلك أن العلاقات لا تنشأ من فراغ، ومظهرنا الخارجي ووزننا مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بنظرتنا إلى أنفسنا، ونظرة الآخرين إلينا أيضاً". و"لكن ما نعرفه حق المعرفة أن أي تحول كبير في حياة الإنسان، سواء في المهنة أو فقدان الوزن مثلاً، لا يمر بسلام وهدوء إلا بوجود تواصل صريح ومفتوح بين الشريكين، يتبادلان فيه الحديث عن مشاعرهما وتجاربهما بصدق. وهنا يكمن السر"، تختم ميجور. *استخدمت أسماء وهمية حفاظاً على الخصوصية


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
خضت وزوجي تجربة "مونجارو" وإليكم النتيجة
قبل أيام قليلة من حفل زفاف إحدى صديقاتها نهاية هذا الأسبوع، اضطرت أماندا* إلى القيام بجولة تسوق في اللحظات الأخيرة. وتقول السيدة البالغة من العمر 54 سنة: "كنت أعتزم ارتداء فستان بكتفين مكشوفتين. ولكنني أدركت أنني سأتلقى وابلاً من التعليقات حول الكيلوغرامات الكثيرة التي فقدتها، فقررت شراء فستان آخر أكثر احتشاماً". وتضيف: "عندما كنت ممتلئة القوام، ما من أحد قال لي بضرورة ألا أزداد وزناً أكثر. أما الآن وقد عدت للوزن الذي كنت عليه عندما تعرفت إلى أصدقائي للمرة الأولى، أشعر بأن التحول في مظهري أيقظ لدى بعضهم نزعة خفية إلى التنافس. وهذا يجعلني أشعر بعدم الارتياح". أماندا، المقيمة في العاصمة البريطانية لندن، قررت قبل نحو عام اللجوء إلى عقار "مونجارو" [ينتمي إلى عائلة من الأدوية تسمى "محفزات مستقبلات جي أل بي- 1" ويعمل عن طريق محاكاة عمل هرموناتنا الطبيعية المسؤولة عن التحكم في الشهية والشعور بالشبع]، بعدما وضعت قدميها على الميزان للمرة الأولى منذ أعوام لتكتشف أن جسدها يحمل 32 كيلوغراماً زائدة عما كانت عليه في عمر الثلاثينيات. تقول: "زوجي وأنا نعشق الطعام اللذيذ، لذا كنا نتناول وجباتنا خارج المنزل مرتين في الأقل أسبوعياً. كانت كميات الطعام التي أتناولها كبيرة جداً، وأتناول كثيراً من الوجبات الخفيفة، كما أن سن اليأس بدأ يؤثر فيّي". وتتابع: "كنا نشتكي من وزننا لكننا لم نفعل شيئاً حيال ذلك، وعندما سمعت عن مونجارو، قررت أن أجربه". وتوضح: "لم يكُن الأمر مجرد حقنة تجعل الوزن يذوب بطريقة سحرية. كان عليّ أن أتنازل عن أشياء معينة وأن أكون أكثر وعياً. لكن الدواء أعاد ضبط علاقتي بالطعام بصورة كاملة، فأصبحت أتناول الطعام بطريقة صحية أكثر. هكذا، صرت أتناول طعاماً صحياً أكثر، ولا أسرف في شرب الكحول، حتى إن نومي تحسن بصورة ملحوظة. أواظب الآن على استخدام جرعة ثابتة، الغرض منها الحفاظ على الوزن الذي حققته من دون أية زيادة أو نقصان، وأشعر بأنني في حال أفضل مما كنت عليه منذ أعوام طويلة". ولكن تأثير "مونجارو" لم يكُن جسدياً فقط. فبعد فترة وجيزة من استخدامها الدواء، لجأ ديفيد*، زوج أماندا، إلى الحقن نفسها أيضاً. ولم يمضِ عام حتى شهدت علاقتهما الزوجية تحسناً لافتاً. تقول أماندا: "قيامنا بالأمر معاً ساعد كثيراً... ديفيد عانى قليلاً أكثر مني بعض الآثار الجانبية البسيطة، وكان يقلق من أن نصبح مملّين، كما أصبحنا أقل ميلاً للسهر أو البقاء في المناسبات الاجتماعية لفترات طويلة". وتضيف: "لكننا ما زلنا نلتقي أصدقاءنا، ونتناول الطعام في الخارج معاً تماماً كما اعتدنا. وصراحة، أشعر بأنني أصبحت أكثر هدوءاً ولطفاً مما كنت عليه. كلانا بات أكثر ثقة بنفسه، وصار كل منا يعبر عن التقدير للآخر ونتبادل الإطراءات، وهكذا تحسنت علاقتنا العاطفية بالتأكيد". وبينما أسرّت أماندا لعدد محدود من صديقاتها المقربات باستخدامها "مونجارو"، كان ديفيد أكثر انفتاحاً وراحة فتحدث صراحة عن الأمر إلى أصدقائه الرجال. "كانوا جميعاً إيجابيين جداً في شأن خسارة الوزن التي حققها ديفيد"، تقول أماندا. "ولكن بينما كانت غالبية صديقاتي إيجابيات وداعمات في البداية، أصبح الأمر أكثر تعقيداً مع مرور الوقت. مثلاً، أخذت إحدى صديقاتي تلاحقني بأسئلتها المتكررة عن مقاسي، وتشتري الملابس الجديدة نفسها التي أختارها، ثم تقول إنها لا تناسب قوامها ولا تمنحها مظهراً أنيقاً". وتضيف: "أصبحت أتساءل إن كانت أكثر راحة عندما كنت أنا الصديقة السمينة. من كان يظن أن فقدان الوزن يمكن أن يثير كل هذه الضجة؟". ولا تعد أماندا الوحيدة التي تشهد تغيراً في الديناميكيات العاطفية طويلة الأمد لعلاقاتها نتيجة التغير الجسدي الذي تمر به. فمع تقديرات تشير إلى أن 1.5 مليون شخص في المملكة المتحدة يستخدمون حالياً الجيل الجديد من أدوية GLP1، مثل "ويغوفي" و"أوزمبيك" و"مونجارو"، يقول متخصصون في الصحة النفسية إنهم بدأوا يلاحظون آثار هذه الأدوية خلال جلسات العلاج في عياداتهم. تحدثت في هذا الشأن الدكتورة ليندا بابادوبولوس، العضو المعتمد لدى "الجمعية البريطانية لعلم النفس". وتقول إنه "قبل أعوام قليلة فقط، لم تكُن أدوية إنقاص الوزن مطروحة بالشكل الذي نعرفه اليوم، أما الآن فأرى أنها تؤثر أكثر فأكثر في العلاقات". "مثلاً، إذا كان شقيقان متشابهين في الشكل دائماً، وفجأة فقد أحدهما الوزن، ربما ينشأ شعور بالمنافسة بينهما لم يكُن موجوداً سابقاً. أو، إذا كان صديقان يحاولان إنقاص وزنهما، وكان أحدهما يستخدم الدواء على النقيض من الآخر، قد تظهر اتهامات بـ'الغش' لتحقيق وزن أقل"، تضيف الدكتورة بابادوبولوس. وتردف: "إنه مجال جديد بالكامل، وأعتقد بأننا سنشهد مزيداً من هذه الحالات في المستقبل لأن هذه الأدوية يبدو أنها ستنتشر بصورة واسعة جداً". والسرية المحيطة باستخدام الجيل الجديد من أدوية "جي بي أل 1"، مدفوعة بالوصمة الاجتماعية المرتبطة بها والأفكار المعقدة لدى الناس تجاه الوزن، والقدرة على التحكم بالنفس أمام الطعام، والطريقة "الصحيحة" لفقدان الكيلوغرامات الزائدة، تشكل سبباً محتملاً آخر لظهور التوتر في العلاقات. في المنتديات الإلكترونية مثل "مامزنت" و"ريديت"، هناك كثير من النقاشات التي يشارك فيها من يسمون أنفسهم "المستخدمين السريين للحقن"، ويقولون إن السبب الرئيس وراء إخفائهم لاستخدام هذه الأدوية هو الخوف من الأحكام التي قد يصدرها الأزواج أو الأصدقاء أو زملاء العمل. وتتناول مواضيع عدة في المنتديات سبل إخفاء أدوية من قبيل "مونجارو" التي تتطلب استخدام قلم طبي للحقن يحتاج إلى التبريد. وكانت نصيحة أحد المستخدمين بناء "حصن من مكعبات الجبن" في الجزء الخلفي من الثلاجة لإخفائه، وآخر يضع القلم في ثلاجة مشروبات احتياطية ويحقن نفسه في الكراج، حتى إن إحداهن أخبرت زوجها الفضولي بأن القطة أصيبت بالسكري وتحتاج إلى دواء جديد. بيثاني*، البالغة من العمر 40 سنة، واحدة من بين الأزواج الذين قرروا إخفاء استخدامهم "مونجارو" عن شريك حياتهم. "أحتفظ ببعض أقنعة الوجه في الثلاجة، وأعرف جيداً أن زوجي لن يقترب منها، لذا أخفي قلم الحقن هناك". وتتابع: "أدرك أن ما أفعله ليس صائباً، لكن لو علم بالأمر، لما توقف عن التذمر في شأن شركات الأدوية الكبرى التي تبيع أدوية يضطر الناس إلى شرائها باستمرار بهدف تحقيق الأرباح فقط". وتتابع بيثاني: "ولكن بالنسبة لي، سمحت لي هذه الحقن بالسيطرة على وزني الذي كثيراً ما عجزت عن التحكم به على رغم كل محاولاتي المضنية من الحمية الغذائية إلى التمارين الرياضية". "صحيح أنني في البداية كنت متخوفة قليلاً من أن يكتشف زوجي سري، ويرى في سلوكي هذا خيانة لثقته بي، بيد أنني متأكدة تماماً الآن من أنه سيكون متفهماً ويتجاوز الأمر في النهاية. تجمعنا علاقة جيدة، وكلي ثقة بأنني اتخذت القرار الصائب الذي يخدم مصلحتي"، تضيف بيثاني. وشرعت بيثاني في استخدام الدواء قبل عام، وحرصاً منها على عدم فقدان الوزن بسرعة كبيرة، بدأت بأدنى جرعة من "مونجارو" قبل أن تزيدها قليلاً، ثم لجأت إلى جرعة تثبيت الوزن. وخسرت نحو تسعة كيلوغرامات ونصف كيلوغرام في بضعة أشهر. "لاحظ زوجي بالتأكيد أنني أتناول كمية أقل من الطعام وأفقد الوزن، ولكنه عزا ذلك إلى تغيرات صحية في أسلوب عيشي"، تقول بيثاني. "إنه سعيد بخسارتي للوزن ويروق له مظهري الجديد، وانعكس ذلك بصورة واضحة على علاقتنا الحميمة التي تحسنت كثيراً بفضل شعوري بثقة أكبر بنفسي." "والدتي على علم بأنني أستخدم الدواء، وتعتقد بأن إخفائي الأمر عن زوجي مرفوض تماماً. ولكني شخصياً أرى أن ما يجهله لا يؤذيه"، تضيف بيثاني. لا شك في أن استخدام أدوية محفزات مستقبلات "جي أل بي 1" لا يخلو من تداعيات معقدة تمتد إلى نواحٍ مختلفة من الحياة، على ما تقول الدكتورة روز أغدامي، اختصاصية نفسية معتمدة ومتخصصة في المرونة النفسية والتكيف مع الضغوط. وتضيف أنه "في المرحلة الأولى من استخدام هذه العقاقير، تنعكس النتائج إيجاباً على العلاقة بين الشريكين، إذ يشعران بتجدد مشاعر الانجذاب ويعودان للاهتمام ببعضهما بعضاً، ويستمتعان تالياً بحال من الانسجام والحميمية". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في بعض الحالات، كما توضح الدكتورة أغدامي، "يشعر الشريك الذي بدأ أخيراً باستخدام حقن إنقاص الوزن بدفعة من الحماسة تتغير معها نظرته إلى الحياة، فينفتح على تجارب جديدة، ويروح يستكشف هوايات وأنشطة لم يكُن سابقاً يعيرها أي اهتمام، كذلك يصبح أكثر تفاعلاً على الصعيد الاجتماعي. هكذا، يفتح هذا التغيير نوافذ على المتعة المشتركة بين الزوجين ويضفي نفساً جديداً على العلاقة. ولكن هذه التحولات لا تخلو من جانب مظلم. مع مرور الوقت، تظهر تأثيرات سلبية خفية تثقل كاهل العلاقة وتحدث خللاً في التوازن العاطفي بين الطرفين". فالطعام، مثلاً، كما تشرح الدكتورة أغدامي، "يعد غالباً جزءاً مهماً من العلاقات، ويمكن أن يكون وسيلة للتعبير عن الحب، إضافة إلى أنه مصدر للذكريات المشتركة والتجارب الخاصة. لذا فإن فقدان هذا الجانب قد يؤدي إلى الانزعاج والخلافات، ومشاعر الذنب". "وقد يبدأ الشريك الذي أصبح أنحف في جذب اهتمام الآخرين، وربما يستمتع بذلك أيضاً، مما قد يثير مشاعر انعدام الأمان والغيرة داخل العلاقة. وقد تظهر الشكوك ومشكلات الثقة، مما يخلق مسافة عاطفية بين الزوجين يصعب عليهما التعايش معها أو تجاوزها"، تضيف الدكتورة أغدامي. إذاً، كيف يمكن لمستخدمي هذه الأدوية أن يتعاملوا مع الواقع [الاجتماعي والعاطفي] الجديد الذي فرضته حقن محفزات مستقبلات "جي أل بي 1"؟ أماندا ميجور، مديرة قسم الجودة العلاجية في المنظمة البريطانية "ريليت" Relate، المتخصصة في دعم العلاقات الأسرية والعاطفية والتابعة لمؤسسة "فاميلي أكشن" Family Action، تقول إن لأي دواء أثراً يتجاوز الجسد ليطاول أيضاً صحتنا العاطفية والنفسية. ففي العلاقات الطويلة الأمد، نميل إلى التعود على أنماط وسلوكيات معينة، وأي تغير يطرأ على هذا الإيقاع المستقر لا بد من أن يترك تبعاته، ذلك أن العلاقات لا تنشأ من فراغ، ومظهرنا الخارجي ووزننا مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بنظرتنا إلى أنفسنا، ونظرة الآخرين إلينا أيضاً". و"لكن ما نعرفه حق المعرفة أن أي تحول كبير في حياة الإنسان، سواء في المهنة أو فقدان الوزن مثلاً، لا يمر بسلام وهدوء إلا بوجود تواصل صريح ومفتوح بين الشريكين، يتبادلان فيه الحديث عن مشاعرهما وتجاربهما بصدق. وهنا يكمن السر"، تختم ميجور. *استخدمت أسماء وهمية حفاظاً على الخصوصية


الرجل
منذ يوم واحد
- الرجل
هل يشعر الميكروب بالتوتر؟ دراسة تشرح ما يحدث لأمعائك في لحظة قلق
في اكتشاف علمي يُبرز التأثيرات الفورية والمباغتة للتوتر على الجسم، أفادت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Brain, Behavior, & Immunity – Health بأن تعرّضًا وجيزًا للضغط النفسي يكفي لتقليل مستويات الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة التي تُنتجها بكتيريا الأمعاء، وهي مركبات ضرورية للحفاظ على سلامة الحواجز الوقائية في الأمعاء والدماغ. لطالما اهتم العلماء بمحور الأمعاء-الدماغ، وهو شبكة معقدة من التواصل بين الجهاز الهضمي والجهاز العصبي تشمل الإشارات العصبية والهرمونات والمركبات المناعية والميكروبية، وتُعد الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة—خاصة البيوتيرات، الأسيتات، والبروبيونات—من أبرز تلك المركبات التي تُنتج عند هضم الألياف، ولها دور في دعم صحة الأمعاء، تنظيم الالتهاب، وتأثير المزاج. ورغم أن الدراسات السابقة ركزت على آثار التوتر المزمن، سعت هذه الدراسة الجديدة إلى استكشاف تأثير الضغوط النفسية القصيرة، مثل نوبة قلق عابرة، على إنتاج تلك الأحماض وعلى كفاءة الحواجز الدفاعية في الجسم. 45 دقيقة فقط.. وتبدأ الفوضى أشرف على الدراسة البروفيسور جيرارد كلارك Gerard Clarke، أستاذ العلوم العصبية السلوكية في جامعة كوليدج كورك University College Cork، بالتعاون مع فريق من الباحثين، وقد استندت التجربة إلى تعريض فئران للتوتر عبر التقييد الجسدي لمدة 15 دقيقة، وشملت ثلاثة أنواع: فئران عادية، وأخرى خالية تمامًا من البكتيريا، وثالثة أعيدت إليها الميكروبات المعوية. أظهرت النتائج أن مستويات مركّبي البيوتيرات والأسيتات انخفضت بشكل واضح خلال 45 دقيقة فقط من التعرّض للتوتر، ما يشير إلى تعطّل سريع في قدرة البكتيريا المعوية على إنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة. كما كشف تحليل العينات عن انخفاض في نواتج تكسير السكريات ومركبات ميكروبية أخرى، ما يعكس اضطرابًا في آليات التخمير داخل الأمعاء. ولفهم أثر هذا الانخفاض، اختبر الباحثون تأثير تركيزات مختلفة من الأحماض الدهنية الثلاثة – البيوتيرات، الأسيتات، والبروبيونات – على خلايا تحاكي الحواجز الوقائية في الأمعاء والدماغ. فكانت النتيجة أن البيوتيرات والأسيتات ساهمتا بوضوح في تقوية الحواجز ومنع تسرّب المركبات الضارة. أما الآلية الأبرز، فتمثّلت في تعزيز البروتين "ZO-1"، وهو عنصر أساسي في تماسك الخلايا الحاجزة، إذ ساعدت البيوتيرات والبروبيونات على تعزيز بنية هذا البروتين وزيادة تعقيدها البنيوي، بينما أدى البيوتيرات أيضًا إلى تنشيط مستقبلات FFAR2 وFFAR3 المرتبطة بتنظيم الاستجابات المناعية وصيانة الحاجز المخاطي. لكن لماذا يقل إنتاج هذه المركبات عند التوتر؟ كشف التحليل المخبري لمحتوى أمعاء الفئران أن التوتر يؤدي إلى تقليل وفرة السكريات الضرورية لإنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، ما يُعطل فعليًا وظائف "المصانع" الميكروبية داخل الجهاز الهضمي. ويُرجّح الباحثون أيضًا أن التوتر قد يدفع تلك الميكروبات لتحويل نشاطها نحو إنتاج مركبات بديلة، أو ربما يتسبب في زيادة امتصاص الجسم للأحماض قبل بلوغها الأمعاء الغليظة. وفي هذا السياق، صرّح البروفيسور جيرارد كلارك بأن "الميكروبات في أمعائنا تشبه المصانع الصغيرة، والتوتر يؤثر على خطوط إنتاجها"، مضيفًا: "نحن نرصد هذه الاضطرابات بشكل فوري بعد التعرّض للضغط النفسي". اقرأ أيضًا: 10 وسائل تخلص من الضغط النفسي وعلى الرغم من أن الدراسة استندت إلى نماذج حيوانية ولا تعكس بدقة كل تعقيدات الجسم البشري، فإن نتائجها تفتح بابًا مهمًا لفهم التأثير الفوري والعميق للضغوط النفسية القصيرة على صحة الأمعاء والدماغ. كما تؤكد أهمية الدور الذي تؤديه مركبات البكتيريا في دعم الحواجز الحيوية وحمايتنا من الاضطرابات. وفي ضوء هذه النتائج، يقترح الفريق العلمي إمكانية تطوير تدخلات علاجية مستقبلية تعمل إما على تحفيز إنتاج الأحماض الدهنية المفيدة داخل الأمعاء، أو محاكاة أثرها الوقائي لتعزيز صمود الجسم في مواجهة التوتر، وهو ما قد يُساهم في علاج أمراض تتراوح بين القلق والاكتئاب.