
خبير إسرائيلي: جيشنا سيئ ومسعور ولم يعد يثق بنفسه
نشرت صحيفة هآرتس مقالين لاثنين من صحفييها تضمنا هجوما شرسا وانتقادات لاذعة لإسرائيل، ووصفاها بأنها دولة عنصرية تمارس التطهير العرقي وتنتهك كل قواعد النظام الدولي.
ففي المقال الأول، كتبت الصحفية ميراف أرلوسوروف أن إسرائيل، بعد فشلها في حماية حدودها، تسعى الآن لاحتلال أراض أخرى كأسلوب دفاعي مشكوك في نجاحه إلى حد كبير.
وانتقدت أرلوسوروف إصرار الجيش الإسرائيلي على إقامة مناطق أمنية جديدة في مواقع احتلها مؤخرا في سوريا ولبنان، وتساءلت عن جدوى زيادة ميزانية الدفاع بمقدار 275 مليار شيكل (77.25 مليار دولار أميركي) -حسبما أوصت بذلك لجنة ناغل المعيّنة من قبل الحكومة لتقييم ميزانية الأمن وبناء القوة- ليصل إجماليها بحلول عام 2034 إلى تريليون شيكل (نحو 281 مليار دولار).
وقالت إن الإصرار على إقامة منطقة منزوعة السلاح بات أمرا معتادا، مشيرة إلى أن سكان شمال إسرائيل يرفضون العودة إلى ديارهم لأن الاتفاق المبرم مع لبنان يتضمن انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي إلى الحدود الدولية والسماح لسكان القرى الواقعة على الجانب الآخر من الحدود بالعودة إلى ديارهم.
وفي الجنوب، تواصل إسرائيل عزمها إقامة منطقة منزوعة السلاح على طول الحدود مع غزة والحفاظ عليها.
وتساءلت الصحفية الإسرائيلية عن العائد الذي يمكن أن تجنيه دولة الاحتلال من هذا الاستثمار الهائل، إذا كان الجيش في المقابل يركز على إنشاء خنادق وحواجز ضخمة تساعد في صد أي هجوم حتى لو كان بسيارات تويوتا بيك آب ودراجات نارية كتلك التي استخدمها مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ونسبت إلى أوري جوزيف، الذي وصفته بأنه أبرز المؤرخين العسكريين في إسرائيل، القول "لدينا جيش سيئ ومسعور، فقد كل ثقته في نفسه"، ناصحا القادة العسكريين بنشر كتيبتين إضافيتين من الدبابات على حدود قطاع غزة.
وتقول أرلوسوروف إن على الإسرائيليين الاستماع إلى البروفيسور بار جوزيف عندما يستخدم ألفاظا مثل "سيئ" و"مسعور" لوصف الجيش الذي سبق أن عدّه، بعد تعافيه من هزيمة حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، "أفضل جيش في العالم".
ويحذر المؤرخ العسكري بار جوزيف من أن ما تقوم به إسرائيل الآن في سوريا من احتلال لأراضيها "هو انتهاك لجميع القواعد الدولية.. ويحدث من دون أي تحريض أو تعرض لأي هجوم".
واعتبر ذلك دليلا على "دولة تظن أنه لها الحرية في أن تفعل كل شيء، وعلامة لجيش لا يعرف كيف يفعل أي شيء".
وخلصت كاتبة المقال إلى أن ثمة قلقا من أن إسرائيل أصبحت "مولعة" بالمنطقة الأمنية في سوريا أيضا، مؤكدة أنه حتى احتلال الضفة الغربية كمفهوم دفاعي لم يثبت جدواه حتى الآن.
وفي المقال الثاني بصحيفة هآرتس، يرى الكاتب مايكل سفارد أن إسرائيل تفقد باطّراد مبررات وجودها بسبب نظامها الحاكم.
وقدّم حيثيات أقرب ما تكون لمحاضرة عن مفهوم الدولة كمصطلح في القانون الدولي، إذ يرى أن الدولة -من منظور ديمقراطي وإنساني- ليست غاية في حد ذاتها، بل هي وسيلة لتحقيق حقوق مواطنيها ورعاياها، وكيان سياسي يهدف إلى خدمة البشر.
وقال إن الدول التي لا تخدم سوى الطبقة الحاكمة، تستغل من لا ينتمون إليها ولا تبالي برفاهية رعاياها، وهي بهذا الفهم "دول فاسدة ومجرمة..".
وانطلاقا من هذا التعريف، يقول الكاتب -وهو محام وناشط سياسي متخصص في القانون الدولي لحقوق الإنسان وقوانين الحرب- إن الأسرى الإسرائيليين الأحياء المحتجزين لدى حركة حماس محكوم عليهم بالموت في عذاب لتحقيق حلم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأن يصبح نبوخذ نصر في غزة، تشبيها بالملك الذي حكم إمبراطورية بابل في عصور ما قبل التاريخ.
وأضاف أن الأسرى سيظلون يتحملون الجوع والتعذيب في الأنفاق المظلمة ليبقى نتنياهو في مقر إقامة رئيس الوزراء في القدس.
ومضى إلى القول إن المشروع الإسرائيلي كان يزعم إقامة ديمقراطية ليبرالية، ولكنه اليوم بعيد كل البعد عن هذا المثل الأعلى، وهو يواصل التحرك بسرعة في الاتجاه المعاكس مع مرور كل يوم.
فالمثل العليا لجوهر الدولة، التي صاغتها الثورتان الفرنسية والأميركية مرورا بدروس الحرب العالمية الثانية وإنشاء الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، "استبدلتها (إسرائيل) بمبادئ الكراهية والعنصرية وإسكات المعارضة وتركيز السلطة في يد الائتلاف الحاكم"، وفقا للكاتب.
ووفقا لمقال سفارد، فإن أي تقييم صادق لواقع إسرائيل الراهن سيواجه صعوبة في إيجاد مبرر لوجودها كدولة، في ظل وجود حكومة فشلت في منع "اختطاف" مواطنين من عائلاتهم.
ومع أن المحامي والناشط السياسي يعتقد أنه قد تكون هناك أسباب مشروعة لمعارضة صفقة تبادل الأسرى في ظل ظروف معينة، فإن تخريبها الذي "يتكشف أمام أعيننا" ليس مدفوعا بمخاوف على أمن إسرائيل، وفق تقديره.
ومع ذلك، فهو يشير إلى أن الهدف من تقويض الصفقة هو خدمة أوهام الأيديولوجيا الدينية والاستعمارية لليمين المتطرف ولضمان البقاء السياسي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وأكد سفارد أن "إسرائيل دولة عنصرية، تدعم التطهير العرقي، وتفترس منتقديها، وتضمر الاحتقار لمواطنيها من غير اليهود، ولا تبدي أي تعاطف مع مواطنيها الأبرياء الذين تم أخذهم رهائن".
وختم مقاله بأن إسرائيل مثل بنك يسرق عملاءه ثم يحرض عليهم، وتساءل مرة أخرى عن ما تبقى من مبرر لوجودها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار قطر
منذ 9 ساعات
- أخبار قطر
تراجع بغداد عن اتهام كردستان ببناء علاقة مع واشنطن
بعد ما حصلت على العقود النفطية اللي اتوقعها حكومة إقليم كردستان مع شركات أميركية، بقيمة تقريبا عشرات مليارات الدولارات، حسيت الحكومة العراقية بتضايق، عشان اتوقعتها من غير ما تخبر بغداد، بس بعدين خفت الحكومة العراقية من لهجتها وبسأل على 'التزام الدستور' في حل موضوع سيادي مهم زي كده. وبالرغم من جدل الاتفاقيتين اللي اتوقعهم رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، مع شركتين أميركيتين، لتطوير حقول الغاز في منطقتي ميران، وتوبخانة – كوردمير، بمحافظة السليمانية، بقيمة إجمالية 110 مليار دولار، واللي هيغطوا فترة المشروع كلها، المشكلة بين بغداد وأربيل ما زالت قايمة لأن ما لقوا حل لـ 'قانون النفط والغاز'، اللي بيسبب توتر شديد بين الطرفين. الخبر يذكر إن 'مشروع قانون النفط والغاز' من أهم المشاريع القانونية اللي تم طرحها من 2007، عشان أهميته الاستراتيجية لمستقبل البلاد، ولتنظيم العلاقة العصبية بين الحكومة العراقية وإقليم كردستان. بالرغم إنه تم تضمينه أكتر من مرة في جدول أعمال البرلمان، الاختلافات العميقة بين بغداد وأربيل، خصوصا تعنت بعض القوى الشيعية، ما زالت عقبة كبيرة أمام اعتماده.


الجزيرة
منذ 12 ساعات
- الجزيرة
صحف عالمية: شعور بالعجز يسود العالم تجاه المعاناة اليومية لغزة
ركزت صحف عالمية في مقالات وتقارير على موضوع استخدام إسرائيل الفلسطينيين دروعا بشرية في قطاع غزة ، وعلى الانتقادات اللاذعة التي تتعرض لها إسرائيل بسبب الأزمة الإنسانية في غزة، وعلى الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات بالقطاع. وكتبت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن استخدام إسرائيل الفلسطينيين دروعا بشرية في غزة لطالما كان ممنهجا، مشيرة إلى أن الشهادات الأخيرة التي صدرت عن جنود إسرائيليين خلصت في تحقيقات سابقة إلى أن الجيش الإسرائيلي تورّط في ممارسات مماثلة خلال حرب غزة بعلم كبار الضباط. كما حذرت منظمات حقوق الإنسان -وفق الصحيفة- مرارا من استخدام الفلسطينيين دروعا بشرية في الضفة الغربية. ونشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالا يتحدث عن شعور بالعجز يسود العالم تجاه المعاناة اليومية المتزايدة لفلسطينيي غزة خصوصا بعد انتشار مظاهر الجوع وسوء التغذية في القطاع المحاصر. وجاء في المقال أن الشعور بالعجز في مواجهة هذا الظلم الفادح قد يؤدي إلى فقدان الثقة ليس فقط في الحكومات والمؤسسات، بل أيضا في النظام الأخلاقي للعالم وقدرته على حماية الأطفال. ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تقريرا يشير إلى أن تأجيل دخول خطة توزيع المساعدات حيز التنفيذ في غزة يأتي في وقت تتعرض فيه إسرائيل لانتقادات دولية لاذعة بسبب طريقة تعاملها مع الأزمة الإنسانية. ويذكر التقرير أن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن الخطة المدعومة أميركيا ستخفف شدة الغضب العالمي تجاه إسرائيل، لكن المخاوف بشأن تجسيدها على أرض الواقع لا تزال كبيرة. وعن الخطة نفسها، تفيد صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية مستندة إلى وثائق سرية اطلعت عليها، بأن "مُعدي الخطة أثاروا قبل أشهر مسألة الجدل الذي سيصحب الإعلان عنها كونها محاطة بكثير من الغموض وقائمة على إبعاد المنظمات الإنسانية التي اكتسبت خبرة في العمل الميداني على أرض غزة". وربطت الصحيفة بين تأخير تفعيل الخطة وتزايد التساؤلات بشأن شرعيتها وقابليتها للتنفيذ وأهدافها. انتخابات ومن جهة أخرى، أوردت صحيفة "جروزاليم بوست" أن غالبية الإسرائيليين متخوفون من إمكانية إلغاء الانتخابات المقبلة بسبب استمرار الحرب على قطاع غزة. واستندت الصحيفة إلى نتائج استطلاع للرأي العام أظهر أن 79% من ناخبي الائتلاف الحاكم يعتقدون أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يدفع باتجاه صفقة أسرى لأسباب سياسية. وأشارت الصحيفة إلى أن أحدث نتائج استطلاعات الرأي ستنعكس حتما على ثقة الجمهور في الانتخابات المقبلة.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
"نعم للترانسفير".. انهيار الديمقراطية وصعود خطاب الإبادة الدينية بإسرائيل
القدس المحتلة- قبل عقدين من الزمن، وضع الحاخام يتسحاق غينزبورغ، الأب الروحي لحركة " شبيبة التلال" الاستيطانية، تصورا أيديولوجيا يسعى إلى تقويض النظام الديمقراطي في إسرائيل، وإقامة حكم ديني يستند إلى تفوق اليهود على كامل أرض فلسطين التاريخية، وتهجير الفلسطينيين بالقوة. الآن، وبعد " طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتصاعد نفوذ التيار الديني القومي المتطرف داخل إسرائيل، يبدو أن هذه الرؤية أصبحت أقرب من أي وقت مضى إلى التحقق، وفق ما كشفه تحقيق موسع نشرته صحيفة هآرتس. ويشير التحقيق إلى أن التحولات التي شهدتها إسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 تعكس تقدما ملحوظا في تنفيذ مشروع إقصائي متطرف، تتجلى ملامحه في مختلف مؤسسات الدولة. ففي المشهد الإعلامي، تخلَّت المؤسسات الإسرائيلية عن مبادئ "التوازن المهني"، وتبنت خطابًا تحريضيًا قائمًا على الانتقام، مما رسخ مشاعر الكراهية والتحريض على العنف. في حين لعب القضاء دورا فعالا في إضفاء الشرعية القانونية على سياسات حرب الإبادة في غزة ، إذ صادق قضاة -ينتمي بعضهم إلى المستوطنين وتيار الصهيونية الدينية- على قرارات تمنع إدخال المساعدات الإنسانية، وذهبوا إلى حد وصف العدوان بأنه "حرب توراتية". وفي قطاع التعليم، تزايدت مؤشرات التوجه نحو خطاب قومي ديني متشدد، ويتم فصل المعلمين الداعين إلى المساواة، ويلقن الطلاب مفاهيم تقوم على التطهير العرقي وتبرير الإبادة الجماعية. وأعد التحقيق شاي حيزكاني، أستاذ التاريخ والدراسات اليهودية في جامعة ميريلاند، وتامير سوريك، أستاذ التاريخ في جامعة ولاية بنسلفانيا، ويتكامل عمل الباحثين في هذا التحقيق ليقدما قراءة جديدة ومتكاملة لحقبة مفصلية من التاريخ الفلسطيني، تجمع بين التحليل الوثائقي والتأريخ. واعتمد التحقيق على استطلاع رأي أُجري في مارس/آذار الماضي، لصالح جامعة ولاية بنسلفانيا، وشمل عينة تمثيلية من 1005 يهود إسرائيليين، وأظهرت النتائج تحولا مقلقا نحو دعم خطاب ديني متطرف يدعو إلى التهجير والعنف الجماعي ضد الفلسطينيين. وحسب نتائج الاستطلاع، فإن 82% من المشاركين أيدوا الترحيل القسري لسكان قطاع غزة، و56% أيدوا طرد الفلسطينيين من داخل أراضي 1948 ، و47% وافقوا على تكرار ما تعرف بـ"مجزرة أريحا التوراتية" عبر تنفيذ إبادة جماعية عند اقتحام المدن الفلسطينية. ويظهر الاستطلاع أن 65% قالوا إن هناك "تجسيدا معاصرا" للعدو التوراتي المعروف بـ"العماليق"، و93% من هؤلاء أكدوا أن وصية "محو العماليق" لا تزال سارية حتى اليوم. ولم يكن خطاب الحاخام غينزبورغ منذ البداية تنظيريا فقط، فمنذ عام 2005، دعا علنا إلى تفكيك ما سماها "قشور الدولة"، أي المؤسسات العلمانية الإسرائيلية، باعتبارها عوائق أمام تطور "الشعب اليهودي" في أرضه. واستلهم غينزبورغ من "القبلانية" (القبالة)، وهي معتقدات وشروحات روحانية فلسفية تفسر الحياة والكون والربانيات، تصنيفا روحانيا يقسم الدولة إلى 4 "قشور" أو طبقات يجب كسرها، وهي الإعلام، والقضاء، والحكومة، والجيش. إعلان ويؤمن أن الثلاثة الأولى يجب تدميرها بالكامل، أما الجيش، فهو "قشرة صالحة للأكل"، يمكن إصلاحه عبر التخلص من "القيم غير اليهودية" التي تمنعه من ممارسة القتل وفق التوراة. وقدم غينزبورغ مبررات دينية واضحة للقتل الجماعي، مشيدا بمرتكبي مذابح مثل باروخ غولدشتاين ، الذي نفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل. واعتبر أن الوقت قد حان لظهور "كسارة البندق"، وهو شخص يهودي بسيط تقوده رغبة بدائية في الانتقام، غير مقيد بالقيم الأخلاقية أو القوانين، سينفذ إبادة كاملة بحق غير اليهود، وخاصة الفلسطينيين. خطاب التطرف وبالنسبة للحاخام غينزبورغ، جاءت لحظة " السابع من أكتوبر/تشرين الأول" لتكون فرصة تاريخية لتسريع تنفيذ رؤيته، ففي إحدى نشراته بعد الهجوم، كتب أن "وحشية العماليق" تستوجب إبادة كاملة دون تردد، بل واعتبر أن التضحية بالأسرى الإسرائيليين في غزة ثمن مقبول في سبيل تحقيق "النصر الكامل". ويبدو أن أفكاره لم تعد محصورة في الهامش، فقد أظهر استطلاع مارس/آذار 2024 أن النسبة الداعمة للتطهير العرقي والإبادة ارتفعت بشكل حاد، مقارنة بعام 2003 حين أيد 45% فقط ترحيل سكان غزة، و31% طرد الفلسطينيين في الداخل. وتعكس نتائج استطلاعات الرأي -يقول سوريك- "هذا التوجه المتصاعد الداعم للترانسفير والإبادة"، إذ يظهر الجيل الشاب في إسرائيل دعما أكبر لسياسات التهجير الجماعي والعنف ضد الفلسطينيين، مقارنة بجيل آبائهم، وتعكس هذه المعطيات تصاعد النزعة الفاشية داخل المجتمع الإسرائيلي، وانتقالها من هامش الخطاب إلى صلب السياسات الرسمية والمؤسساتية. واللافت أكثر، يضيف سوريك "هو تغلغل هذا الخطاب المتطرف حتى بين الإسرائيليين العلمانيين"، إذ أيد 69% من العلمانيين -حسب الاستطلاع- الترحيل الجماعي لسكان غزة، و31% أيدوا الإبادة الجماعية استنادا إلى رواية أريحا التوراتية. وهذا يعكس، بحسب سوريك، غياب بديل حقيقي داخل التيار العلماني للصهيونية المسيحانية، إذ لم يقدم التيار العلماني منظومة متماسكة قائمة على حقوق الإنسان بوصفها خيارا بديلا، فبات الخطاب الديني المتطرف هو المهيمن، حتى على الفئات التي يفترض بها مقاومته. واستعرض التحقيق كيف تهاوت القشور الأربع؛ حيث تخلَّى الإعلام عن المهنية واحتضن خطاب الانتقام والطرد، والقضاء تحوَّل إلى أداة شرعنة للعنف. أما الجيش، فتم اختراقه أيديولوجيا، وأغلب المجندين لم يرفضوا سياسات القتل والطرد، فقط 9% من الرجال تحت سن 40 رفضوا هذه الأفكار. وشهد التعليم تحولًا جذريا في العقدين الأخيرين، مع تزايد تأييد التطهير العرقي لدى خريجي المدارس، إذ أيد 66% ممن هم تحت 40 عاما طرد الفلسطينيين من الداخل. ولا تقتصر رؤية غينزبورغ على الهيمنة الدينية بل تسعى إلى هدم فكرة الدولة ذاتها، إذ صرح بأنه "تجب الإطاحة بأي حكومة، حتى تلك التي تقام وفق التوراة، في حال لم تخدم هذا المشروع". ويبدو أن الانقسامات السياسية، وتكرار الانتخابات، وتراجع سلطة القانون، كلها تصب في اتجاه تحقيق هذه الرؤية. والتحول الأخير ليس مجرد رد فعل على "العنف" الفلسطيني أو هجوم حماس ، يقول شاي حيزكاني، "بل نتيجة تراكمات عقود من تغذية الفكر الاستيطاني في المناهج والإعلام والنظام السياسي والصهيونية، باعتبارها حركة استعمار استيطاني، تنطوي في جوهرها على إمكانية التطهير العرقي والإبادة"، كما حدث بتجارب استيطانية أخرى حول العالم. ورغم خطورة هذا المسار -يتابع حيزكاني- فإنه ليس حتميا، وإن وقف انزلاق إسرائيل نحو نظام أبارتايد ديني "يتطلب رفضا كاملا لمبدأ التفوق اليهودي، سواء أكان دينيا أو علمانيا، وإعادة تخيل الهوية الإسرائيلية بوصفها هوية قائمة على المساواة بين البحر والنهر، وليس على الامتياز الديني والعرقي".