logo
الأسباب الحقيقية للإجهاز على النظام السوري

الأسباب الحقيقية للإجهاز على النظام السوري

موقع كتاباتمنذ يوم واحد
خاص: بقلم- د. صلاح السروي:
الحالة السورية القائمة الآن لم تُنتّج عن أسباب داخلية سورية فقط (على توفرها بقوة وتمتعها بأهمية كبيرة). بل نتجت بالدرجة الرئيسية عن أوضاع وصراعات وأطماع قوى دولية وإقليمية.
دوليًا:
– أوروبا وأميركا في حاجة إلى تقليص النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، في إطار ما يُعرف بـ'الحرب الباردة الجديدة' القائمة الآن. ولذا لا بُد من ضرب الوجود الروسي في سوريا عن طريق دعم الحركات الإرهابية المناوئة لنظام بشار الذي يُتيح لروسيا هذه الوضعية، وتمكيّن هذه القوى من السلطة في النهاية.
– رغبة أوروبا في تقليص اعتمادها على الغاز الروسي (بعد العقوبات الاقتصادية على روسيا بعد تدخلها العسكري في أوكرانيا) عن طريق الاستعاضة عنه بغاز أذربيجان، (وهي لمن لا يعرف على علاقة قوية بكل من تركيا وإسرائيل معًا) وذلك بمد أنبوب عبر ما يسَّمى ممر زنجزور إلى سوريا، ومن ثم تركيا. وهذا التوجه يتلاقى مع الحاجة إلى تقليص النفوذ الروسي بالمنطقة بشكلٍ عام.
– توجه الغرب وعلى رأسه أميركا في ضرب النفوذ الإيراني في سوريا، نظرًا لتهديد ذلك النفوذ لأمن إسرائيل، من ناحية، ورغبة في إضعاف إيران بشكلٍ عام، نظرًا إلى أنه عضو مهم في الحلف المناويء للغرب الذي يتكون من روسيا والصين وكوريا الشمالية، من ناحية أخرى. ولم يكن لذلك الإضعاف أن يتم سوى بتفجير الأوضاع داخل سوريا.
ومن هنا كان من الضروري القضاء على النظام السياسي الذي يُتيح لكل من روسيا وإيران هذه الوضعية المتميَّزة، بل القضاء على وحدة سوريا ذاتها، نظرًا لأن قوة الدولة السورية وتماسَّكها يُجهض كل تلك الأهداف الغربية.
إقليميًا:
هنا يُصبح الوضع أكثر تعقيدًا. حيث تتلاقى المشروعات الخاصة بكلٍ من إسرائيل وتركيا والخليج. وسوف أتناولها واحدًا وراء الآخر:
– إسرائيل: ترى أن النظام السوري البعثي يُمثل تهديدًا قويًا لحلم إسرائيل في التمدَّد والتوسع، ليس فقط لكونه نظامًا ممانعًا وضد التطبيع والسلام مع إسرائيل، ولكنه أيضًا لأنه يُمثل القوة الداعم وربما الراعية لكثيرٍ من القوى المقاومة للوجود الصهيوني بحد ذاته. وعلى رأس هذه القوى قوى المقاومة الفلسطينية، التي وجدت في سوريا حاضنة وقوة دعم رئيسية بتوفير الملاذات والقواعد والمعسكرات والدعم بالمال والسلاح. فضلًا عن أنها تُمثل الممر الرئيسي للدعم الإيراني المقدم لحزب الله في الجنوب اللبناني والموجه ضد إسرائيل.
– تركيا: وهي ترى أن وجود دولة سورية قوية ومتماسكة يعوق أحلام إعادة النفوذ العثماني الذي انتهى مع الحرب العالمية الأولى، بينما ترى تركيا المعاصرة أنها قد ظُلمت (بضم الظاء) في اتفاقية لوزان وبالتالي فإنها بصدّد ما يعرف بالعثمانية الجديدة التي تتمكن من خلالها من استعادة نفوذها القديم في الشرق الأوسط، خاصة بعد الرفض المهين لطلبها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. فضلًا عن ما تم ذكره من أن الإجهاز على النظام السوري السابق سوف يُتيّح تحويل تركيا إلى مركز للطاقة المتجهة إلى أوروبا سواء عن طريق أذربيجان (عبر ممر زنجزور إلى سوريا ومنها إلى تركيا) أو القادم من قطر عبر سوريا إلى تركيا (وسوف يأتي ذكره حالًا).
– الخليج: وهو يُعدّ من أكثر القوى التي لها مصلحة كبرى في الإجهاز على نظام بشار، وذلك للأسباب التالية:
أولًا: محاصرة التمدَّد الإيراني الذي يُهدد مشاريع الزعامة على كلٍ من العالمين: الإسلامي والعربي، الذي تطمح إليه السعودية وبخاصة في عهد الأمير محمد بن سلمان، وبعد التراجع النسبي للدور المصري. فضلًا عن الخطر الذي تُمثله القوة العسكرية الإيرانية بحد ذاتها على استقرار الأوضاع في المملكة السعودية وباقي دول الخليج. وبالأخص، مع وجود أقلية شيعية في كلٍ من: الشرق السعودي (المليء بالنفط) والكويت، وأغلبية شيعية ثائرة وغير راضية في البحرين، قد ترى في إيران مرجعية دينية قوة عسكرية حامية لها.
ثانيًا: رغبة قطر في مد الأنبوب المشَّار إليه آنفًا عبر سوريا إلى تركيا، بينما كان النظام السوري السابق يقف حجر عثرة في سبيل ذلك لصالح احتكار الروس للغاز المتجه نحو أوروبا.
ثالثًا: الإمارات التي كان موقفها يتراوح عادة بين خدمة ما يسَّمى بالاتفاق الإبراهيمي عن طريق القضاء على كل النظم المعادية لإسرائيل ومنها النظام السوري، وتحقيق طموحها في تمدَّد نفوذها الإقليمي بصفة عامة عبر القضاء على النفوذ الإيراني الآخذ في التمدَّد من العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى اليمن، وبين خوفها من استيلاء الإخوان والقوى الدينية المتشدَّدة على الحكم في سوريا. ولكن تم حسم ذلك لصالح موقفها مع الإجهاز على النظام.
من هنا فقد اجتمعت كل الإرادات الدولية النافذة والإقليمية الطامحة للقضاء على نظام بشار الأسد. ولكن السؤال الذي يبَّرز الآن يتمثل في ما يلي: هل ستبقى هذه القوى على تناغمها الذي أبدوه في هذا الإنجاز أم أن التناقضات والصراعات تدَّب بين مشاريعها التي يطمحون إلى تحقيقها؟ هذا ما سيكون موضوع المقال التالي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أوروبا تستعد لـ 'حرب تعرفات' مع أمريكا لكنها تفضل تفاهماً على الصيغة اليابانية!سعيد محمد
أوروبا تستعد لـ 'حرب تعرفات' مع أمريكا لكنها تفضل تفاهماً على الصيغة اليابانية!سعيد محمد

ساحة التحرير

timeمنذ 8 ساعات

  • ساحة التحرير

أوروبا تستعد لـ 'حرب تعرفات' مع أمريكا لكنها تفضل تفاهماً على الصيغة اليابانية!سعيد محمد

أوروبا تستعد لـ 'حرب تعرفات' مع أمريكا لكنها تفضل تفاهماً على الصيغة اليابانية! يسعى الاتحاد الأوروبي جاهداً لتفادي حرب تجاريّة مع الولايات المتحدة عبر صفقة تعرفات متبادلة على غرار الاتفاق الأمريكي الياباني الأخير مع احتفاظه بحزمة إجراءات انتقامية حال تعثر المفاوضات سعيد محمد* تتجه العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة نحو منعطف حرج، مع اقتراب الموعد النهائي – الأول من أغسطس/ آب الجاري – الذي حدده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض تعرفات جمركية بنسبة 30% على الواردات من التجمع الأوروبي المكوّن من 27 دولة. ومع أن المفاوضات لا تزال جارية على قدم وساق سعياً إلى التوصل إلى اتفاق حل وسط، إلا أن الاتحاد الأوروبي يستعد للأسوأ، مجهزاً ترسانة من الإجراءات الانتقامية التي يمكن تفعيلها بسرعة وبأقل قدر من التشاور بين الدول الأعضاء، في حال إخفاق المفاوضات، أو عدم التزام واشنطن بأي اتفاق يتم التوصل إليه. وكانت الدول الأعضاء قد صوتت في خطوة استباقية لصالح فرض تعرفات جمركية تصل إلى 30% على واردات أمريكية بقيمة 93 مليار يورو، على أن يبدأ سريانها في السابع من أغسطس/آب. وعلى الرغم من ارتفاع بورصة التوقعات بقرب التوصل إلى اتفاق مع واشنطن بحلول الأول من أغسطس/آب المقبل، فإن هذه التعريفات لن تُلغى بالكامل، بل ستُعلّق، ما يتيح للاتحاد الأوروبي تفعيلها بسرعة في حال عدم التزام الجانب الأمريكي بالبنود المتفق عليها. وتدعي يروكسيل (عاصمة الاتحاد الأوروبي) أن هذا النهج يجسد استراتيجية أوروبية موحدة للتفاوض بجدية، مع الاحتفاظ بقوة الردع، على أن الواقع يشير إلى تباينات في مواقف بعض الدول، مثل ألمانيا وإيطاليا، التي تميل إلى قبول الصفقة لتجنّب مواجهة شاملة بسبب اعتماد صناعاتها التصديرية بشكل كبير على السوق الأمريكي، فيما تخشى دول أخرى من 'الاستسلام لابتزاز تجاري' سيُكرّس نمطاً خطيراً في العلاقات الدولية. ونقلت صحف لندن عن أحد الدبلوماسيين الأوروبيين قوله بأن 'أولويتنا الأولى، والثانية، والثالثة، هي التوصل إلى تفاهم عبر التفاوض. لكننا لن نتردد في استخدام جميع الأدوات المتاحة لنا في حال تعثر الاتفاق أو عدم الالتزام به'. وتستهدف التعرفات الانتقامية الأوروبية مجموعة واسعة من المنتجات الأمريكية، بما في ذلك طائرات بوينج، الجينز، الدواجن، وفول الصويا، بالإضافة إلى فرض رسوم على خردة المعادن الأمريكية التي تستخدمها أوروبا في صناعة منتجات الصلب الجديدة. ويقول خبراء أن تصميم التعرفات الانتقامية يستهدف صناعات نافذة في ولايات انتخابية حساسة لمعسكر الرئيس ترامب. وتتركز المفاوضات الجارية بين الجانبين حول صفقة تفرض 'رسوماً متبادلة' بنسبة 15% على معظم الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، على غرار الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخراً بين واشنطن وطوكيو. هذا الاتفاق، الذي وصفه دبلوماسي أوروبي بأنه 'ابتزاز مشروط'، يشير إلى استعداد الأوروبيين إلى قبول ما يشبه تسوية قسرية، سعياً لتجنّب الأسوأ. وقد انعكست الآمال في التوصل إلى هذا الاتفاق إيجاباً على الأسواق الأوروبية، حيث سجل مؤشر يترصد حركة أسهم 600 شركة أوروبيّة أعلى مستوى له منذ ستة أسابيع. وشهدت أسهم شركات الأدوية والسيارات، التي قد تستفيد من تعرفات أقل مما هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرضه، مكاسب ملحوظة. وأشار إيمانويل كاو، رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك باركليز، إلى أن الأسواق 'تأثرت بسبب عدم اليقين بشأن التعرفات لفترة طويلة'، وأنها تشعر الآن 'بالارتياح' لكون السيناريو الأسوأ المتمثل في رسوم متبادلة بنسبة 30% أصبح أقل ترجيحاً. وتتضمن الصفقة المحتملة إعفاءات لبعض المنتجات، مثل الطائرات، والمشروبات الروحية، والأجهزة الطبية، من التعرفات. وأكدت مصادر المفوضية الأوروبية، المسؤولة عن سياسة التجارة في الاتحاد الأوروبي، أن 'الاتصالات المكثفة على المستويين الفني والسياسي مستمرة يومياً'، وأنها تميل إلى الاعتقاد بأن 'النتيجة التفاوضية في متناول اليد'. وفرضت إدارة ترامب بالفعل تعرفة جمركيّة إضافية بنسبة 10% على السلع الأوروبية المصدرة إلى الولايات المتحدة منذ أبريل/نيسان، بالإضافة إلى الرسوم الحالية التي يبلغ متوسطها 1.6%. وتأمل بروكسيل أن تعرفة الـ 15% الدنيا المطروحة ضمن الاتفاق الإطاري موضوع التفاوض ستشمل هذه الرسوم الحالية. وتتمثل أولوية مفاوضي الاتحاد القصوى في خفض الرسوم المفروضة على السيارات الأوروبية، والتي تبلغ 27.5% حالياً. في المقابل، تعتبر الولايات المتحدة أن تعرفاتها الجديدة تعكس 'مبدأ المعاملة بالمثل'. وتُظهر أرقام الفائض التجاري الأوروبي مع الولايات المتحدة – والذي يصل إلى عشرات المليارات من الدولارات سنوياً – أن واشنطن تشعر بضغط داخلي لإعادة التوازن في التبادل التجاري مع حلفائها، ولو عبر أدوات خشنة. ويعبر الدبلوماسيون الأوروبيون عن حذرهم من أن الرئيس ترامب قد يفرض تعريفات أعلى على منتجات حساسة أخرى في المستقبل، مثل الأدوية والأخشاب، وهي تهديدات سبق أن أطلقها. كما تخضع واردات الصلب والألومنيوم الأوروبية لرسوم أمريكية بنسبة 50%، ولكن بروكسيل وواشنطن تناقشان حالياً تخفيض التعرفات على حصة ستكون مماثلة لمستويات التصدير الحالية. بالإضافة إلى حزمة التعرفات الانتقامية، يدرس الاتحاد الأوروبي بجدية تفعيل ما يسمى ب'أداة مكافحة التعسّف ' (Anti-Coercion Instrument – ACI)، التي تمثل أقوى وسيلة لدى الاتحاد الأوروبي للرد على الضغوط الاقتصادية الخارجية. وقد تم تطوير هذه الأداة، التي لم تُستخدم من قبل، كجزء من استراتيجية الاتحاد الأوروبي لتعزيز قدرته على الرد على التعسف الاقتصادي، خاصة بعد مواقف مماثلة خلال ولاية ترامب الأولى وحادثة فرض الصين قيوداً على الواردات من ليتوانيا بعد فتحها مكتب تمثيل في تايوان. وتسمح أداة مكافحة التعسف للاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق، تتراوح من قيود التجارة والاستثمار إلى العقوبات على حقوق الملكية الفكرية، ضد دول تُمارس ضغوطاً تجارية أو سياسية على دول الاتحاد، وتكمن قوتها في أنها لا تتطلب موافقة بالإجماع من الدول الأعضاء لفرض القيود التجارية، مما يسهل عملية تفعيلها مقارنة ببعض الأدوات الأخرى. وعلى الرغم من أن تفعيل هذه الأداة يتطلب عدة خطوات، بدءاً من تحقق المفوضية الأوروبية من وجود تعسّف اقتصادي خلال أربعة أشهر، ثم إجراء محادثات دبلوماسية، وصولاً إلى موافقة أغلبية مؤهلة من الدول الأعضاء (15 دولة تمثل 65% من سكان الاتحاد)، فإن مجرد التلويح بها يشكل ورقة ضغط قوية. ويمكن للاتحاد الأوروبي من خلالها فرض أو زيادة الرسوم الجمركية، وتقييد الصادرات أو الواردات عبر الحصص أو التراخيص، وفرض قيود على تجارة الخدمات، وتحديد وصول الشركات من الدولة المستهدفة إلى المناقصات العامة، والاستثمار الأجنبي المباشر، وحقوق الملكية الفكرية، وحتى الأسواق المالية في دول الاتحاد. وهكذا بينما تتجه المفاوضات نحو التوصل إلى اتفاق يبدو بشكل عام أقل ضرراً من عدمه، فإن استعداد بروكسيل لتفعيل تدابير انتقامية صارمة، وتلويحها بـالخيار النووي – عبر أداة مكافحة التعسّف -، تضع مصالح الأعمال على جانبي الأطلسي في حال توجس من حرب تعرفات ما تزال رغم كل شيء محتملة، وقد تؤثر حال اندلاعها بشكل كبير على الاقتصادات الأوروبية المحليّة، والأسواق العالمية، وتتسبب باضطرابات حادة لسلاسل الإمداد الدولية. لندن أوروبا تستعد لـ 'حرب تعرفات' مع أمريكا لكنها تفضل تفاهماً على الصيغة اليابانية ‎2025-‎07-‎27 The post أوروبا تستعد لـ 'حرب تعرفات' مع أمريكا لكنها تفضل تفاهماً على الصيغة اليابانية!سعيد محمد first appeared on ساحة التحرير.

الأسباب الحقيقية للإجهاز على النظام السوري
الأسباب الحقيقية للإجهاز على النظام السوري

موقع كتابات

timeمنذ يوم واحد

  • موقع كتابات

الأسباب الحقيقية للإجهاز على النظام السوري

خاص: بقلم- د. صلاح السروي: الحالة السورية القائمة الآن لم تُنتّج عن أسباب داخلية سورية فقط (على توفرها بقوة وتمتعها بأهمية كبيرة). بل نتجت بالدرجة الرئيسية عن أوضاع وصراعات وأطماع قوى دولية وإقليمية. دوليًا: – أوروبا وأميركا في حاجة إلى تقليص النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، في إطار ما يُعرف بـ'الحرب الباردة الجديدة' القائمة الآن. ولذا لا بُد من ضرب الوجود الروسي في سوريا عن طريق دعم الحركات الإرهابية المناوئة لنظام بشار الذي يُتيح لروسيا هذه الوضعية، وتمكيّن هذه القوى من السلطة في النهاية. – رغبة أوروبا في تقليص اعتمادها على الغاز الروسي (بعد العقوبات الاقتصادية على روسيا بعد تدخلها العسكري في أوكرانيا) عن طريق الاستعاضة عنه بغاز أذربيجان، (وهي لمن لا يعرف على علاقة قوية بكل من تركيا وإسرائيل معًا) وذلك بمد أنبوب عبر ما يسَّمى ممر زنجزور إلى سوريا، ومن ثم تركيا. وهذا التوجه يتلاقى مع الحاجة إلى تقليص النفوذ الروسي بالمنطقة بشكلٍ عام. – توجه الغرب وعلى رأسه أميركا في ضرب النفوذ الإيراني في سوريا، نظرًا لتهديد ذلك النفوذ لأمن إسرائيل، من ناحية، ورغبة في إضعاف إيران بشكلٍ عام، نظرًا إلى أنه عضو مهم في الحلف المناويء للغرب الذي يتكون من روسيا والصين وكوريا الشمالية، من ناحية أخرى. ولم يكن لذلك الإضعاف أن يتم سوى بتفجير الأوضاع داخل سوريا. ومن هنا كان من الضروري القضاء على النظام السياسي الذي يُتيح لكل من روسيا وإيران هذه الوضعية المتميَّزة، بل القضاء على وحدة سوريا ذاتها، نظرًا لأن قوة الدولة السورية وتماسَّكها يُجهض كل تلك الأهداف الغربية. إقليميًا: هنا يُصبح الوضع أكثر تعقيدًا. حيث تتلاقى المشروعات الخاصة بكلٍ من إسرائيل وتركيا والخليج. وسوف أتناولها واحدًا وراء الآخر: – إسرائيل: ترى أن النظام السوري البعثي يُمثل تهديدًا قويًا لحلم إسرائيل في التمدَّد والتوسع، ليس فقط لكونه نظامًا ممانعًا وضد التطبيع والسلام مع إسرائيل، ولكنه أيضًا لأنه يُمثل القوة الداعم وربما الراعية لكثيرٍ من القوى المقاومة للوجود الصهيوني بحد ذاته. وعلى رأس هذه القوى قوى المقاومة الفلسطينية، التي وجدت في سوريا حاضنة وقوة دعم رئيسية بتوفير الملاذات والقواعد والمعسكرات والدعم بالمال والسلاح. فضلًا عن أنها تُمثل الممر الرئيسي للدعم الإيراني المقدم لحزب الله في الجنوب اللبناني والموجه ضد إسرائيل. – تركيا: وهي ترى أن وجود دولة سورية قوية ومتماسكة يعوق أحلام إعادة النفوذ العثماني الذي انتهى مع الحرب العالمية الأولى، بينما ترى تركيا المعاصرة أنها قد ظُلمت (بضم الظاء) في اتفاقية لوزان وبالتالي فإنها بصدّد ما يعرف بالعثمانية الجديدة التي تتمكن من خلالها من استعادة نفوذها القديم في الشرق الأوسط، خاصة بعد الرفض المهين لطلبها الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. فضلًا عن ما تم ذكره من أن الإجهاز على النظام السوري السابق سوف يُتيّح تحويل تركيا إلى مركز للطاقة المتجهة إلى أوروبا سواء عن طريق أذربيجان (عبر ممر زنجزور إلى سوريا ومنها إلى تركيا) أو القادم من قطر عبر سوريا إلى تركيا (وسوف يأتي ذكره حالًا). – الخليج: وهو يُعدّ من أكثر القوى التي لها مصلحة كبرى في الإجهاز على نظام بشار، وذلك للأسباب التالية: أولًا: محاصرة التمدَّد الإيراني الذي يُهدد مشاريع الزعامة على كلٍ من العالمين: الإسلامي والعربي، الذي تطمح إليه السعودية وبخاصة في عهد الأمير محمد بن سلمان، وبعد التراجع النسبي للدور المصري. فضلًا عن الخطر الذي تُمثله القوة العسكرية الإيرانية بحد ذاتها على استقرار الأوضاع في المملكة السعودية وباقي دول الخليج. وبالأخص، مع وجود أقلية شيعية في كلٍ من: الشرق السعودي (المليء بالنفط) والكويت، وأغلبية شيعية ثائرة وغير راضية في البحرين، قد ترى في إيران مرجعية دينية قوة عسكرية حامية لها. ثانيًا: رغبة قطر في مد الأنبوب المشَّار إليه آنفًا عبر سوريا إلى تركيا، بينما كان النظام السوري السابق يقف حجر عثرة في سبيل ذلك لصالح احتكار الروس للغاز المتجه نحو أوروبا. ثالثًا: الإمارات التي كان موقفها يتراوح عادة بين خدمة ما يسَّمى بالاتفاق الإبراهيمي عن طريق القضاء على كل النظم المعادية لإسرائيل ومنها النظام السوري، وتحقيق طموحها في تمدَّد نفوذها الإقليمي بصفة عامة عبر القضاء على النفوذ الإيراني الآخذ في التمدَّد من العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى اليمن، وبين خوفها من استيلاء الإخوان والقوى الدينية المتشدَّدة على الحكم في سوريا. ولكن تم حسم ذلك لصالح موقفها مع الإجهاز على النظام. من هنا فقد اجتمعت كل الإرادات الدولية النافذة والإقليمية الطامحة للقضاء على نظام بشار الأسد. ولكن السؤال الذي يبَّرز الآن يتمثل في ما يلي: هل ستبقى هذه القوى على تناغمها الذي أبدوه في هذا الإنجاز أم أن التناقضات والصراعات تدَّب بين مشاريعها التي يطمحون إلى تحقيقها؟ هذا ما سيكون موضوع المقال التالي.

زيلينسكي يكشف عن التفاوض للقاء يجمعه مع بوتين في أسطنبول
زيلينسكي يكشف عن التفاوض للقاء يجمعه مع بوتين في أسطنبول

شفق نيوز

timeمنذ 2 أيام

  • شفق نيوز

زيلينسكي يكشف عن التفاوض للقاء يجمعه مع بوتين في أسطنبول

شفق نيوز- كييف كشف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم الجمعة، عن إمكانية عقد لقاء بينه ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال محادثاتهم في إسطنبول الأسبوع المقبل. وتسعى أوكرانيا جاهدة لعقد لقاء بين الرئيسين، وأعربت عن أملها بأن يشارك فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يمارس ضغوطاً للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب بين الجانبين. أما فلاديمير بوتين، فقد أشار إلى أنه لن يكون مستعداً لهذه القمة إلا في "المرحلة الأخيرة" من المفاوضات. وقال زيلينسكي لمجموعة من الصحفيين: "نحتاج إلى إنهاء الحرب الذي يبدأ على الأرجح بلقاء بين القادة" مضيفاً "خلال مباحثات معنا بدأوا بمناقشة الأمر. هذا بحد ذاته تقدم باتجاه صيغة ما للقاء محتمل". وخلال الجولة الثالثة من المفاوضات في إسطنبول الأربعاء الماضي، اقترح رئيس الوفد الأوكراني رستم أومروف عقد الاجتماع بحلول نهاية آب/ أغسطس المقبل، وهذا يتوافق إلى حد ما مع مهلة من 50 يوماً حددها ترامب لبوتين لحل النزاع أو مواجهة عقوبات صارمة. ولكن، لم يبد الجانب الروسي تفاؤلاً بإمكانية عقد اجتماع وشيك، متحدثاً عن تباين كبير في المواقف وعن الحاجة إلى الإعداد له "بعناية". وقال زيلينسكي إن روسيا ما زالت تحاول التقدم على الجبهة من دون تحقيق أي اختراقات كبيرة. وفي إطار صفقة تسمح للدول الأوروبية بشراء أسلحة أميركية وتسليمها لكييف، قال زيلينسكي إنه يعمل على تأمين التمويل اللازم لشراء عشرة أنظمة دفاع جوي من طراز باتريوت. وتابع زيلينسكي: "سيحول رئيس الولايات المتحدة هذه الأنظمة إلينا، ويبيعها لنا. مهمتنا هي إيجاد تمويل لها"، مضيفاً أن أوكرانيا حصلت على المبلغ اللازم لشراء ثلاثة منها، من ألمانيا والنرويج. وأوضح زيلينسكي أن واشنطن وكييف اتفقتا على صفقة بقيمة تراوح بين 10 و30 مليار دولار تقوم بموجبها أوكرانيا بتزويد الولايات المتحدة مسيَّرات. ويعد ذلك تراجعا عن موقف أوكرانيا غير الرسمي المعارض لتصدير الأسلحة. وبين زيلينسكي: "اتفقنا مع أميركا والرئيس ترامب على أن يشتروا منا مُسيَّرات، هذه الاتفاقية سارية المفعول". وقال زيلينسكي إن تركيزه "منصب على قضية الحرب، فالقضية الأولى في أوكرانيا حاليا هي الحرب". ويواجه زيلينسكي احتجاجات هي الأكبر منذ الغزو الروسي على قانون ألغى استقلالية هيئتين لمكافحة الفساد. كذلك، انتقد حلفاء كييف الأوروبيون اعتماد القانون معربين عن خشيتهم من أن يقوّض الإصلاحات التي أدخلت لمكافحة الفساد في إطار مساعي أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ولفت زيلينسكي إلى أنه "نريد أن نكون جزءاً من أوروبا. لا أحد مستعد للمخاطرة". وعن الاحتجاجات، قال زيلينسكي "من الطبيعي تماماً أن يتحرك الناس عندما لا يريدون شيئاً أو عندما لا يعجبهم شيئاً. كان من المهم جداً بالنسبة لي أن نصغي إليهم ونستجيب بشكل مناسب". وطرحت الحكومة بعد الاحتجاجات مشروع قانون يهدف إلى استعادة هيئتي مكافحة الفساد استقلاليتهما. والهيئتان هما المكتب الوطني لمكافحة الفساد (المعروف اختصارا باسم نابو) ومكتب المدعي العام المتخصص في مكافحة الفساد (سابو). ويتعين أن يقره البرلمان المؤيد لزيلينسكي عموما.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store