
قمة فرنسية – بريطانية بأجندة معقدة.. قضايا الدفاع المشترك تتصدر المشهد
في خطوة تعكس بداية مرحلة جديدة من التقارب الأوروبي البريطاني بعد سنوات من التوتر، يستعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزيارة تاريخية إلى المملكة المتحدة هذا الأسبوع، هي الأولى من نوعها لرئيس دولة من الاتحاد الأوروبي منذ خروج بريطانيا من التكتل (بريكست).
وتأتي الزيارة بدعوة من الملك تشارلز الثالث وتستمر لمدة ثلاثة أيام، تتخللها مأدبة رسمية في قصر ويندسور وخطاب مرتقب لماكرون أمام البرلمان البريطاني، على غرار خطابات تاريخية ألقاها سابقاً الزعيمان الفرنسيان شارل ديغول وفرنسوا ميتران. لكن البعد البروتوكولي لهذه الزيارة يبدو ثانوياً أمام الأجندة السياسية الثقيلة التي ستهيمن على القمة الفرنسية البريطانية السابعة والثلاثين، والمقرر عقدها الخميس في لندن، بمشاركة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الذي يسعى لتعزيز موقعه السياسي داخلياً وخارجياً بعد توليه رئاسة الحكومة.
وتمثل الزيارة فرصة استراتيجية لحكومة ستارمر التي تحاول إعادة الدفء إلى العلاقات البريطانية الأوروبية التي توترت بشدة بعد البريكست، لاسيما في ملفات التجارة والهجرة. ويعكس تناغم الرؤى بين حزب العمال البريطاني الحاكم وتحالف يسار الوسط الفرنسي بقيادة ماكرون توجهاً مشتركاً نحو إعادة بناء الثقة بين لندن والعواصم الأوروبية.
ويُنظر إلى هذه الزيارة باعتبارها اختباراً لمرحلة ما بعد البريكست، حيث يسعى الطرفان لتجاوز الملفات العالقة وفتح قنوات تعاون جديدة في مجالات الدفاع والاقتصاد والأمن، دون العودة عن قرار الانفصال الأوروبي.
وتتصدر القمة قضايا الدفاع المشترك والدعم العسكري المستقبلي لأوكرانيا، خاصة في ظل تقلص الدعم الأميركي لكييف. ومن المنتظر أن يشارك في المحادثات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني.
وسيبحث القادة الأوروبيون مقترحات لإنشاء قوة دولية محتملة تُنشر في أوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع روسيا، مع التأكيد على ضرورة تصعيد الضغط الدبلوماسي على موسكو.
في المقابل، يتوقع أن يواجه رئيس الوزراء البريطاني ضغوطاً داخلية بشأن ملف الهجرة غير النظامية عبر بحر المانش، والذي تحوّل إلى قضية رأي عام في بريطانيا، فقد سجلت السلطات البريطانية منذ بداية العام أكثر من 21 ألف مهاجر قادمين من شمال فرنسا عبر القوارب المطاطية، بزيادة تقارب 48% مقارنة بالعام الماضي.
هذا الملف الحساس يضع حكومة ستارمر أمام تحديات قانونية وسياسية، خصوصاً مع صعود حزب الإصلاح اليميني بزعامة نايجل فاراغ في استطلاعات الرأي، والذي يطالب بتشديد إجراءات الهجرة.
ويأمل ستارمر في انتزاع المزيد من التعاون الفرنسي للحد من تدفق المهاجرين، من خلال السماح لقوات الأمن الفرنسية بالتدخل لوقف القوارب في نطاق 300 متر من الشواطئ الفرنسية، وهو اقتراح يثير جدلاً واسعاً في باريس بشأن مسؤوليات الإنقاذ وحماية حقوق الإنسان.
كما أشارت مصادر دبلوماسية إلى دراسة مقترح مشترك بين لندن وباريس لتطبيق آلية 'واحد مقابل واحد'، يتم بموجبها استقبال بريطانيا لبعض المهاجرين الأكثر ضعفاً مقابل إعادة مهاجرين آخرين إلى فرنسا، مع تطلع باريس إلى توسيع هذه الآلية لتشمل جميع دول الاتحاد الأوروبي.
وتعوّل حكومة ستارمر على زيارة ماكرون لتشكيل انطلاقة جديدة في العلاقات مع أوروبا، مع الحفاظ على استقلالية القرار البريطاني بعد البريكست. ويُنظر إلى التناغم الشخصي بين ماكرون وستارمر على أنه قد يسهم في تسهيل التعاون في ملفات معقدة تشمل الاقتصاد والدفاع والهجرة.
القمة المرتقبة بين باريس ولندن تمثل فرصة حقيقية للطرفين لإعادة صياغة العلاقة وفق أسس جديدة تتجاوز إرث البريكست وتستجيب للتحديات الأمنية والاقتصادية الملحة في أوروبا اليوم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 4 ساعات
- العربية
مدفيديف يهاجم أورسولا فون دير لاين.. ويشير لـ"راديو يوم القيامة"
اعتبر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديميتري مدفيديف، أن مساءلة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بتهم فساد، ترسل "إشارات تحذيرية" تشبه عبارات "راديو يوم القيامة" العسكري الروسي. وكتب مدفيديف في قناته على "تليغرام"، اليوم الاثنين: "لقد صدرت إشارات "سبيدوشليتس" و"كراسنوفاي" بالنسبة للخبيثة أورسولا. يبدو أن هذه العمة الشريرة وطبيبة التوليد قد أزعجت الجميع، بالإضافة إلى ذلك، اتضح أنها ليست نظيفة اليد وشاركت في تلاعبات بشراء لقاح "فايزر" أثناء الجائحة. لا يعرف أحد على ماذا حصلت وبأية كمية، لكن الشكوك تحوم فوقها.. هذه الطلقة الأولى عليها في عملية لن تسرّها". وتتم اليوم الاثنين مناقشة اقتراع بحجب الثقة عن رئيسة المفوضية الأوروبية بتهمة الفساد في شراء لقاحات كوفيد-19. وأشار مدفيديف إلى أن البرلمان الأوروبي سيبت في مصير فون دير لاين هذا الأسبوع، وقال: "السيناريوهات غير واضحة، من المحتمل أن تحتفظ هذه العجوز السامة بمنصبها. لكن جرس الإنذار دق مما يعني أن كارهي روسيا يدخلون تدريجيا في مرحلة "سبيدوشليتس" التي ستصبح حتما "كراسنوفاي". ولم يوضح مدفيديف المقصود من كلامه، واكتفى بالقول إن "من لم يفهم سيفهم"، مرفقا جملته بوجه ضاحك. اتضح أنها ليست نظيفة اليد وشاركت في تلاعبات بشراء لقاح "فايزر" أثناء الجائحة. لا يعرف أحد على ماذا حصلت وبأي كمية، لكن الشكوك تحوم فوقها.. هذه الطلقة الأولى عليها في عملية لن تسرّه ديمتري مدفيديف يذكر أن محطة الراديو العسكرية الروسية، التي تسميها وسائل الإعلام بـ"راديو يوم القيامة"، تبث بانتظام رسائل مشفرة في كلمات مختلفة وغير مفهومة يربطها الهواة والمراقبون بأحداث جيوسياسية، أو أوامر عسكرية للقوات النووية الروسية بالتحرك أو التأهب. وكان النائب الأوروبي الروماني جورجي بيبيرا قد بادر بعرض مسألة حجب الثقة للتصويت. وكان يتطلب دعم 10% من أعضاء البرلمان الأوروبي البالغ عددهم 720 عضوا على الأقل (72 عضوا) لطلبهم. وفي النهاية، حصل الاقتراح على دعم 74 عضوا، بينهم 31 نائبا ينتمون إلى مجموعة اليمين المتطرف "المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون". ويتهم بيبيرا فون دير لاين والمفوضية الأوروبية بعدم الشفافية وسوء الإدارة خلال الجائحة.


الشرق السعودية
منذ 4 ساعات
- الشرق السعودية
"كماشة جيوسياسية".. أوروبا تتأرجح بين الصين والولايات المتحدة قبل قمة مرتقبة
يستعد مسؤولون أوروبيون لإجراء محادثات مرتقبة في بكين، وسط أجواء متوترة وآمال ضئيلة، في الوقت الذي تعتقد فيه بروكسل أنها "عالقة بين فكي كماشة جيوسياسية"، أحدهما الولايات المتحدة والآخر الصين، أكبر اقتصادين في العالم، وفق صحيفة "نيويورك تايمز". وأشارت الصحيفة الأميركية، إلى أنه في وقت من الأوقات كان يبدو للكثيرين أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ربما يكون سبباً لتقارب اقتصادي بين بروكسل وبكين، إذ لم تميز رسومه الجمركية كثيراً بين الاتحاد الأوروبي، الحليف التقليدي لواشنطن، وبين الصين، المنافس الرئيسي للهيمنة الأميركية؛ لكن الأمور لم تسر على هذا النحو. وفي بروكسل، يسعى المسؤولون إلى التوصل إلى اتفاق تجاري "صعب" مع نظرائهم الأميركيين قبل أن يفرض ترمب رسوماً جمركية "باهظة شاملة" قد تُوجه ضربة قاسية لاقتصاد التكتل. وفي الوقت نفسه، يحاول واضعو السياسات في الاتحاد الأوروبي، دفع نظرائهم في بكين إلى وقف دعم روسيا، والحد من ضخ الأموال الحكومية في قطاعات الصناعة الصينية، وإبطاء تدفق السلع الرخيصة إلى أسواق الاتحاد الأوروبي. ولكن في ظل الاضطرابات التي يشهدها النظام التجاري العالمي، يحتاج التكتل أيضاً إلى الحفاظ على علاقة مستقرة نسبياً مع الصين، التي تُعد القوة الصناعية الأولى في العالم. ومن المقرر أن يتوجه قادة دول في الاتحاد الأوروبي إلى بكين، لحضور قمة في أواخر يوليو الجاري، وهي قمة لا تزال ترتيباتها عرضة للتغييرات، والتوقعات بشأن نتائجها ضئيلة، حسبما ذكرت الصحيفة. توتر متصاعد ورغم محاولة الصين الترويج لفكرة أن "عداء ترمب" للتجارة متعددة الأطراف يدفع أوروبا إلى أحضانها، فإن المشكلات التي تواجهها أوروبا مع الصين تزداد تفاقماً. وبلغت التوترات ذروتها الأسبوع الماضي خلال زيارة وزير الخارجية الصيني وانج يي، إلى بروكسل، حيث عقد اجتماعات تحضيرية للقمة. فقد وصفت الصين أجواء اللقاءات بأنها بناءة، ورفضت فكرة وجود خلافات بين الجانبين، في حين شدد مسؤولو الاتحاد الأوروبي على النقاط الخلافية المستمرة، بما في ذلك اختلال الميزان التجاري. وتعمق الخلاف خلال عطلة نهاية الأسبوع، إذ اتخذ الاتحاد الأوروبي مؤخراً خطوة للحد من الإنفاق الحكومي على الأجهزة الطبية الصينية، مبرراً ذلك بأن الوكالات الحكومية في الصين لا تعامل الشركات الأوروبية بإنصاف، وأن من الضروري إعادة التوازن في المنافسة. وردت الصين، الأحد، بالإعلان عن إجراءات انتقامية. ومع ذلك، لا يزال الاتحاد الأوروبي يتعامل بحذر مع الصين، فالعلاقات الاقتصادية بين الجانبين واسعة النطاق. ولا تزال العديد من الدول الأوروبية تعتمد بشكل كبير على الصين في الحصول على المواد الصناعية. كما تظل الصادرات الأوروبية إلى الصين كبيرة، لا سيما من ألمانيا، التي تجمعها بالصين علاقات تجارية وثيقة منذ سنوات طويلة. غير أن الصادرات الأوروبية شهدت تراجعاً، في الوقت الذي تتزايد فيه الواردات الصينية إلى داخل التكتل. ومع تدفق المنتجات الرخيصة من منصات بيع الأزياء السريعة مثل Shein وTemu إلى الأسواق الأوروبية، يعمل صانعو السياسات على تشديد القيود المفروضة على هذه الواردات. ويشكو القادة الأوروبيون باستمرار من أن البنوك الصينية الخاضعة لسيطرة الدولة تقدم دعماً هائلاً للمصنعين المحليين، إلى درجة تعجز معها الشركات الأوروبية عن المنافسة. دعم روسيا في حرب أوكرانيا ولا تقتصر شكاوى أوروبا على القضايا التجارية، إذ يُبدي مسؤولو الاتحاد الأوروبي استياءهم الشديد من دعم الصين لروسيا خلال الحرب في أوكرانيا، من خلال توفير سوق للوقود الروسي وغيره من المنتجات، ما أضعف فاعلية العقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو. وبحسب وزير الخارجية الدنماركي، لارس لوكه راسموسن، فإن هدف الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يكون قطع العلاقات مع الصين. وفي الوقت الذي تقلب فيه الولايات المتحدة النظام التجاري العالمي رأساً على عقب، في محاولة لخفض عجزها التجاري وزيادة إيراداتها وإعادة توطين صناعاتها محلياً، يجد الاتحاد الأوروبي نفسه معزولاً. ويضم التكتل 27 دولة تشكل معاً ثالث أكبر اقتصاد في العالم، وأُنشئ لتعزيز التجارة عبر الحدود، ولا يزال يشكل مدافعاً قوياً عن حرية التجارة. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، خلال مؤتمر صحافي الشهر الماضي، إن أوروبا تريد أن "تُظهر للعالم أن التجارة الحرة مع عدد كبير من الدول ممكنة على أساس قائم على القواعد". وقد عمق الاتحاد الأوروبي بالفعل علاقاته التجارية مع دول تتشارك معه الرؤى، مثل سويسرا وكندا. وأشارت فون دير لاين، إلى أن الاتحاد قد يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال السعي إلى شراكة جديدة بين التكتل ومجموعة تجارية تضم 11 دولة، من بينها اليابان وفيتنام وأستراليا، لكنها تستثني بشكل لافت كلاً من الولايات المتحدة والصين. ورغم أن فون دير لاين تحاول تبني نهج هجومي، فإن مسؤولي الاتحاد الأوروبي أمضوا الأشهر الماضية في موقف دفاعي أكثر، وهو ما يعزى إلى أن الاتحاد الأوروبي، رغم اعتراضه على سياسات الولايات المتحدة والصين، يتعرض في الوقت نفسه لضغوط شديدة منهما، ويجد نفسه ممزقاً بين الطرفين. ومهما كانت نتائج المحادثات التجارية مع إدارة ترمب، يُتوقع أن ينتهي الأمر بالاتحاد الأوروبي إلى مواجهة رسوم جمركية أعلى على صادراته إلى الولايات المتحدة مقارنة بما كانت عليه في بداية العام، إذ أكد المسؤولون الأميركيون مراراً، أن الرسوم الجمركية الموحدة بنسبة 10% غير قابلة للتفاوض. ويُتوقع أيضاً أن يُجبر المسؤولون الأوروبيون، إلى تقديم تنازلات من أجل إبرام اتفاق، من بينها التزام محتمل باتخاذ موقف أكثر تشدداً تجاه الصين. ممارسات تجارية "غير منصفة" ويتفق الاتحاد الأوروبي مع ترمب، في أن الصين تنتهج ممارسات تجارية "غير منصفة"، إلا أن قدرة التكتل على الضغط على بكين تبقى محدودة نظراً للتشابك بين اقتصادي الجانبين. وقدمت الصين مؤخراً للاتحاد الأوروبي "تذكيراً مؤلماً" بهذه الحقيقة. فرداً على الرسوم الجمركية الأميركية، فرضت الصين قيوداً على صادراتها العالمية من المعادن النادرة، وهي مكونات أساسية في تصنيع مجموعة واسعة من المنتجات، من السيارات والمُسيرات إلى الروبوتات الصناعية والصواريخ. ونظراً إلى أن الصين تهيمن على إنتاج هذه المعادن، فإن بمقدورها أن تُلحق أضراراً جسيمة بشركائها التجاريين من خلال مثل هذه القيود. وكان صناع السياسات الأوروبيون يأملون في البداية أن تؤثر القيود الصينية بشكل رئيسي على الشركات الأميركية، لكن الشركات الأوروبية واجهت أيضاً تأخيرات طويلة في حصولها على موافقة الصين لشراء المعادن النادرة. ولا تعود هذه التأخيرات إلى عقبات لوجستية فقط بينما تعالج الصين سيلاً من الطلبات، بل يبدو أنها مرتبطة بأزمة تجارية طويلة الأمد بين أوروبا والصين. فالحكومة الصينية دأبت منذ سنوات على اشتراط أن تقوم الشركات الأجنبية بمشاركة أو نقل التكنولوجيا إلى شركائها الصينيين كشرط أساسي لدخول السوق الصينية. ومؤخراً، وجدت شركات صناعة السيارات الأوروبية وغيرها من الشركات نفسها متأخرة كثيراً عن منافسيها الصينيين، الذين تصدروا سباق تطوير السيارات الكهربائية والألواح الشمسية وغيرها من التقنيات. وفي ضوء ذلك، بدأ مسؤولو الاتحاد الأوروبي يضغطون على الشركات الصينية لنقل التكنولوجيا كجزء من ثمن الدخول إلى السوق الأوروبية. كما انضم الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة في فرض قيود على تصدير المعدات إلى الصين المستخدمة في تصنيع أشباه الموصلات الأسرع أداءً، والتي تُستخدم في التطبيقات العسكرية والمدنية على حد سواء. وهذه الخطوات أثارت استياء المسؤولين الصينيين، إذ دعا وزير التجارة الصيني، وانج ون تاو، أوروبا، إلى إلغاء القيود المفروضة على صادرات التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين، وذلك في إطار المحادثات الجارية بشأن استئناف توريد المعادن النادرة. ومن المرجح أن يواصل المسؤولون الأوروبيون، خلال قمة بكين هذا الشهر، الضغط على نظرائهم الصينيين لضمان وصول أكثر انتظاماً إلى المعادن النادرة.


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
ما التأثير المتوقع لتعريفة ترمب الجمركية بعد نهاية المهلة؟
تنتظر الأسواق والشركات حول العالم مزيداً من الاضطراب و"عدم اليقين" في شأن أي خطط مستقبلية للإنتاج والاستثمار والأسعار الأسبوع المقبل مع نهاية مهلة تعليق تنفيذ "التعريفة الجمركية المتبادلة". كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن عن تلك التعريفة على صادرات شركاء أميركا التجاريين مطلع أبريل (نيسان) الماضي، وذلك بعد سلسلة أخرى من التعريفات الجمركية التي أعلنها في مارس (آذار) الماضي على صادرات الصلب والألمنيوم، ثم على صادرات السيارات، وكذلك التعريفة الجمركية على الجارتين كندا والمكسيك، وأيضاً الصين، والتي رفعها أضعافاً فيما بعد. أما التعريفة الجمركية المتبادلة التي أعلنها ترمب في الثاني من أبريل فطاولت جميع شركاء بلاده الذين يحققون فائضاً تجارياً مع الولايات المتحدة، واضطربت الأسواق حينها، سواء أسواق الأسهم أو السندات، وهبط سعر صرف الدولار وارتفعت أسعار الذهب بقوة. ولتهدئة الأسواق قرر الرئيس ترمب تأجيل تنفيذ فرض التعريفة المتبادلة 90 يوماً لإعطاء فرصة للدول المعنية كي تتوصل إلى اتفاقات تجارية مع واشنطن. وتنتهي مهلة الأشهر الثلاثة الأربعاء المقبل، وبدأت إدارة ترمب كما صرح الرئيس في إرسال خطابات للدول التي ستطبق عليها نسب التعريفة الجمركية التي ستبدأ واشنطن بتحصيلها على صادراتها بدءاً من الأول من أغسطس (آب) المقبل، وقال الرئيس إنه وقَّع 10 أو 12 رسالة إلى الدول المعنية لإبلاغها بما سيكون عليها دفعه. الاضطراب وعدم اليقين على رغم تقدير بعض المحللين أن الأسواق "هضمت" بالفعل فرض التعريفة الجمركية الأميركية وتبعاتها المتوقعة، فإن استمرار التغيير في نسب التعريفة وفي مواعيد تطبيقها ما زال يشكل عام اضطراب وعدم يقين يؤثر سلباً في الأسواق والشركات والتجارة العالمية عموماً. خلال المهلة التي أعلنها الرئيس ترمب لم يتوصل سوى إلى اتفاقين جزئيين (تفاهمات إطار) مع الصين وبريطانيا، وأعلن الرئيس ترمب الأسبوع الماضي التوصل إلى اتفاق إطار مع فيتنام، لكن تفاصيله لم تعرف بعد. وهناك مفاوضات جارية بين الولايات المتحدة وعدد من كبار شركائها التجاريين قد لا تنتهي إلى اتفاق، ولو كان إطاراً أو جزئياً، قبل التاسع من يوليو، كما أن المفاوضات بين لندن وواشنطن لم تصل إلى اتفاق تجاري نهائي على رغم الاتفاق الجزئي، وكذلك الحال مع الصين. أما الدول التي تجري مفاوضات حالياً فهي اليابان التي وصف الرئيس ترمب المحادثات معها بأنها "صعبة". وكذلك الحال مع الاتحاد الأوروبي الذي يعد الشريك التجاري الأكبر للولايات المتحدة. وعلى رغم سعي أوروبا للتوصل إلى اتفاق قبل نهاية المهلة، فإن الوقت المتبقي قد لا يكون كافياً في ظل الحساسية الشديدة للنقاط العالقة بين بروكسل وواشنطن. أيضاً، على رغم تخلي كندا عن التمسك بالضريبة الرقمية نزولاً على رغبة أميركا، فإن المفاوضات بين البلدين لم تصل بعد إلى أي اتفاق. لذا يتوقع بعض المحللين أن تعطي الإدارة الأميركية مهلة إضافية للدول والكيانات (مثل الاتحاد الأوروبي) التي تجري مفاوضات حالياً، أي تأجيل فرض التعريفة الجمركية المتبادلة عليها فوراً حتى يتم التوصل إلى اتفاق. كل تلك الاحتمالات لا تترك فرصة للأسواق والشركات كي تشعر بوضوح الرؤية والاستقرار، بالتالي تظل في حال اضطراب وعدم يقين. يضاف إلى ذلك أنه لا يوجد تحديد لنسب التعريفة الجمركية المختلفة، بما يساعد الشركات على التخطيط المستقبلي. التذبذب في نسب التعريفة في تصريحاته نهاية الأسبوع قال الرئيس ترمب إن الرسائل التي سترسلها إدارته إلى الدول التي ستفرض عليها التعريفة الجمركية المتبادلة خلال أيام تتضمن نسب تعريفة تراوح ما بين 10 و20 في المئة، وقد تصل إلى 60 و70 في المئة. وهذه نسب أعلى مما أعلنه الرئيس سابقاً وأجل تنفيذه لثلاثة أشهر، إذ سبق أن قال ترمب إن نسب التعريفة الجمركية المتبادلة على صادرات الدول المختلفة إلى أميركا ستراوح ما بين 10 في المئة كحد أدنى و50 في المئة كحد أقصى. أما وزير التجارة في إدارة ترمب وأقرب أصدقائه هوارد لوتنيك فسبق أن أعلن أن نحو 100 دولة قد لا تفرض عليها تعريفة جمركية متبادلة تتجاوز 10 في المئة، لكن تهديدات الرئيس ترمب تتوالى بزيادة التعريفة الجمركية، حتى تلك التي فرضت قبل إعلان التعريفة المتبادلة قبل ثلاثة أشهر. ويمتد التذبذب في نسب التعريفة الجمركية أيضاً إلى الاتفاقات الجزئية التي توصلت إليها واشنطن مع الصين وبريطانيا. فعلى سبيل المثال تضمن الاتفاق الجزئي بين لندن وواشنطن خفض الرسوم الجمركية على صادرات السيارات البريطانية واستيراد اللحوم الأميركية والإيثانول الحيوي، لكن الاتفاق لم يلغِ التعريفة الأميركية على صادرات الصلب البريطانية للولايات المتحدة، والتي لا يعرف إن كانت عند نسبة 25 في المئة مثل الألمنيوم، أم أعلى من ذلك، فضلاً عن أن الأمر التنفيذي للرئيس ترمب يعطيه الحق في زيادة رسوم التعريفة الجمركية على الصادرات البريطانية، إذ رأى أن بريطانيا لا تلتزم تخفيف ما يسمى "العوائق التجارية غير الجمركية". كذلك توصلت بكين وواشنطن إلى خفض رسوم التعريفة الجمركية التي ضاعفها ترمب على الصين مرتين، وأيضاً الرسوم التي فرضتها الصين كرد فعل. ووصلت مضاعفات ترمب للرسوم على الصادرات الصينية إلى تعريفة جمركية بنسبة 145 في المئة، وفي المقابل ضاعفت الصين الرسوم إلى نسبة تعريفة جمركية عند 125 في المئة. وخفض الاتفاق المرحلي الموقت هذه النسب إلى تعريفة جمركية أميركية عند 30 في المئة، وتعريفة جمركية صينية عند 10 في المئة، لكن الاتفاق الذي يقال إن أميركا توصلت إليه مع فيتنام يتضمن أيضاً تعريفة جمركية غير مباشرة على صادرات صينية (تمر عبر فيتنام إلى أميركا) بنسبة 40 في المئة، بالتالي لا يتوقع أن تكون رسوم التعريفة الجمركية التي تفرضها إدارة ترمب على صادرات الصين ضمن أي اتفاق قادم أقل من ذلك، وليست عند 30 في المئة. أضرار غير واضحة يهدد الرئيس ترمب بزيادة التعريفة الجمركية على الاتحاد الأوروبي إلى نسبة 50 في المئة بدلاً من 20 في المئة، إذا لم يتوصل إلى اتفاق بين بروكسل وواشنطن. ويهدد برفع نسبة التعريفة الجمركية على الصادرات اليابانية من 20 في المئة إلى 35 في المئة إذا فشلت المفاوضات بين طوكيو وواشنطن. وربما تعد المفاوضات الأوروبية – الأميركية الأكثر تعقيداً، بل وأيضاً الأكبر تأثيراً في التجارة العالمية، إذ تمثل التجارة الأميركية مع أوروبا في السلع والخدمات ما يصل إلى 30 في المئة من التجارة العالمية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويصل حجم التجارة بينهما إلى 1.68 تريليون يورو (نحو تريليوني دولار)، وفقاً لأرقام العام الماضي 2024. ويشكو الرئيس ترمب مراراً من ميل الميزان التجاري لمصلحة أوروبا، متهماً الاتحاد الأوروبي بأنه "يؤذي" أميركا. وغالباً ما يركز على الفائض التجاري الأوروبي في تجارة السلع بين دول الاتحاد وأميركا، والذي يصل إلى 198 مليار يورو (233 مليار دولار)، إلا أنه في مقابل تصدير أوروبا سلعاً أكثر للولايات المتحدة، فإن الميزان التجاري في مجال الخدمات يميل لمصلحة أميركا التي تحقق فائضاً تجارياً في مجال الخدمات مع أوروبا. وإذا أخذنا ذلك في الاعتبار فإن الفائض التجاري الأوروبي مع أميركا في تجارة السلع والخدمات بينهما لا يزيد على 50 مليار يورو (59 مليار دولار). وفي حال استمرار الحرب التجارية يمكن أن تؤدي الإجراءات الانتقامية الأوروبية إلى مزيد من الضرر لتجارة الخدمات الأميركية مع الخارج، لذا لا تريد إدارة ترمب في مفاوضاتها مع الأوروبيين أن يقتصر أي اتفاق على نسب الرسوم الجمركية، وإنما أيضاً أن يتعدى ذلك إلى تغيير القوانين والمعايير الأوروبية التي تعوق نفاذ الشركات الأميركية إلى السوق الأوروبية، ومنها قواعد حقوق الملكية الفكرية وحماية الخصوصية ومنع الاحتكار ومعايير السلامة الصحية الصارمة. آثار مستمرة في النهاية، وسواء توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاقات تجارية مع شركائها حول العالم أم لا، فإن الحرب التجارية وتبعاتها لن تنتهي، والمؤكد أن واشنطن ستحصل رسوماً من التعريفة الجمركية على وارداتها من دول العالم بصورة غير مسبوقة منذ نحو قرن. ومنذ ثلاثينيات القرن الماضي لم تكن التعريفة الجمركية الأميركية على الواردات تزيد على نسبة ثلاثة في المئة، أما الآن فلن تقل عن 10 في المئة، أي إنها تتضاعف أكثر من ثلاث مرات في الحد الأدنى. وكانت نسبة التعريفة الجمركية الأميركية على الصادرات الأوروبية حتى مطلع هذا العام عند 1.47 في المئة، بينما كانت نسبة التعريفة الجمركية الأوروبية على الواردات من الولايات المتحدة عند 1.35 في المئة. ولن يقتصر التأثير في الشركاء التجاريين ومليارات الدولارات الإضافية التي سيكون عليهم دفعها لواشنطن مقابل التصدير إلى السوق الأميركية، بل إن المستهلك الأميركي سيواجه ارتفاعاً في أسعار السلع المستوردة. وحتى مسألة زيادة الطلب على السلع الأميركية المنتجة محلياً ليست بالأمر المضمون، كما أن الشركات التي تصنع محلياً قد ترفع أسعارها أيضاً. ويشكل ذلك معضلة كبرى لواضعي السياسة النقدية الأميركية. فمع الضغط الشديد من الرئيس ترمب على "الاحتياطي الفيدرالي" (البنك المركزي) الأميركي لخفض سعر الفائدة، زادت التوقعات بأن يبدأ الخفض هذا الشهر، لكن الاضطراب الجديد نتيجة عدم اليقين في شأن الدول التي ستفرض على صادراتها تعريفة جمركية، ولا النسب النهائية للتعريفة، يجعل تحديد تأثيرها في معدلات التضخم في الاقتصاد الأميركي في غاية الصعوبة. وهكذا، يصبح البنك المركزي في وضع أكثر حرجاً، خشية أن يؤدي التسرع في خفض نسبة الفائدة إلى انفلات الزيادة في معدلات التضخم الناجمة عن فرض التعريفة الجمركية. وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت اليوم الأحد إن الرسوم الجمركية الجديدة ستطبق اعتباراً من الأول من أغسطس المقبل، في حال لم يبرم شركاء واشنطن التجاريون من تايوان إلى الاتحاد الأوروبي، اتفاقات معها. وقد تصل هذه الرسوم الجمركية إلى نسبة 50 في المئة. وكان موعد التاسع من يوليو طرح في السابق إلى أن قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة إن الدول المعنية ستبدأ بدفع هذه الرسوم اعتباراً من الأول من أغسطس من دون أن يكشف عن أية تفاصيل أخرى.