
بنك إنجلترا يخفض أسعار الفائدة ربع نقطة مئوية إلى 4.25%
خفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 4.25%، وسط تأثير الحرب التجارية العالمية التي يشنها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على النمو في المملكة المتحدة.
التصويت على قرار بنك إنجلترا شهد انقساماً بين كبار مسؤولي السياسة النقدية إلى ثلاث مجموعات. كما أنه اُتخذ قبل أن يلمح الرئيس الأمريكي إلى اتفاق وشيك لخفض التعريفات الجمركية على الصادرات البريطانية.
صوّت خمسة أعضاء من لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا لصالح خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، بينما طالب عضوان بخفض أكبر بمقدار نصف نقطة مئوية. وصوّت عضوان آخران لصالح الإبقاء على أسعار الفائدة. وأبقت اللجنة على توجيهاتها بأن يستمر التيسير النقدي "تدريجياً وبشكل حذر" في ضوء تقلبات الاقتصاد العالمي الناجمة عن الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترمب.
قال محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي في البيان المصاحب للقرار: "استمرت الضغوط التضخمية في التراجع، لذا تمكنا من خفض الفائدة مرة أخرى اليوم". وأوضح:"أظهرت الأسابيع القليلة الماضية مدى تقلب الاقتصاد العالمي. لذلك، علينا اتباع نهج تدريجي وحذر".
بنك إنجلترا: الرسوم الجمركية الخطر الأكبر على الاقتصاد
عادةً ما يُصوّت مسؤولو السياسة النقدية في بنك إنجلترا في اليوم السابق لإعلان القرار. بعد ساعات من اجتماعهم يوم الأربعاء، صرّح ترمب بأن الولايات المتحدة على وشك الكشف عن اتفاقية تجارية مع دولة رئيسية، والتي أُفيد لاحقًا بأنها المملكة المتحدة.
رغم احتمال التوصل إلى اتفاق، أوضح بنك إنجلترا أن التهديد الرئيسي للمملكة المتحدة يتمثل في التأثير العالمي للرسوم الجمركية الأمريكية على الاقتصاد البريطاني المفتوح. وأوضح أن الضرر الذي لحق بالنشاط الاقتصادي نتيجة ارتفاع التكاليف وتزايد حالة عدم اليقين سيخفض الناتج المحلي الإجمالي البريطاني بمقدار 0.3 نقطة مئوية على مدى ثلاث سنوات، ويخفض التضخم بمقدار 0.2 نقطة مئوية على مدى عامين.
منذ القرار السابق من قبل بنك إنجلترا للفائدة في مارس، فرض ترمب رسوماً جمركية عالمية شاملة بنسبة 10% على السلع، و25% على السيارات والصلب والألمنيوم، وفرض حظراً فعلياً على المنتجات الصينية برسوم جمركية بنسبة 145%. ردّت بكين بفرض رسوم جمركية بنسبة 125%. وافترض بنك إنجلترا أن هذه السياسات ستظل سارية.
انقسام مسؤولي السياسة النقدية
أبرز انقسام لجنة السياسة النقدية بين 3 آراء اليوم الارتباك الذي أفرزته خطط التجارة الأمريكية. صوّت العضوان الخارجيان سواتي دينغرا وآلان تايلور لصالح خفض الفائدة بنصف نقطة مئوية، بحجة أن "التطورات العالمية في سياسات الطاقة والتجارة تشير إلى مخاطر هبوطية محتملة على النمو العالمي وأسعار الصادرات العالمية".
فضّل كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، هيو بيل، والعضوة الخارجية كاثرين مان، الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، وهو ما اعتبراه يعكس جزئياً التيسيرات الأخيرة في الظروف المالية التي خفضت تكاليف الاقتراض في السوق بمقدار 40 نقطة أساس منذ مارس. كما أنهما أكثر قلقاً بشأن استمرار التضخم بسبب المشاكل الهيكلية في جانب العرض في المملكة المتحدة.
وجاء القرار بعد يوم من إبقاء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة دون تغيير في نطاق يتراوح بين 4.25% و4.5%، مع توضيح رئيسه جيروم باول -الذي تعرض لهجمات متكررة من ترمب- أن البنك المركزي لن يسارع إلى تخفيف السياسة النقدية ترقباً للمزيد من اليقين بشأن اتجاه السياسة التجارية.
مسار الفائدة
أيدت التوقعات الواردة في تقرير السياسة النقدية لبنك إنجلترا توقعات السوق لإجراء ثلاثة تخفيضات أخرى للفائدة بحلول ديسمبر، لتصل إلى 3.5%. كما من المتوقع أن يصل التضخم إلى هدفه البالغ 2% بحلول الربع الأول من 2027. ويتوقع بنك إنجلترا الآن أن يصل التضخم إلى ذروته عند 3.5% في الربع الثالث من هذا العام، أي دون 3.7% المتوقعة في السابق، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض أسعار الطاقة.
حتى بعد تخفيضات أسعار الفائدة، لا تزال السياسة النقدية تكبل النمو والتضخم، وفقاً للبنك المركزي. وأضاف أنه في حين أن مخاطر النمو "تميل إلى حد ما نحو الانخفاض"، فإن مخاطر التضخم لا تزال "متعددة الجوانب". ونتيجة لذلك، ستظل اللجنة "حساسة تجاه تزايد عدم القدرة على التنبؤ".
وضع بنك إنجلترا سيناريوهين للمساعدة في ضبط عملية اتخاذ القرار. يفترض السيناريو الأول أن ارتفاع حالة عدم اليقين الناجمة عن فوضى السياسة التجارية يؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي ويخفض التضخم. أما السيناريو الثاني فيفترض نمواً ضعيفاً مع ارتفاع التضخم، نتيجةً لصدمات سلسلة التوريد.
رفع بنك إنجلترا توقعاته للنمو هذا العام من 0.7% إلى 1%، وخفضها العام المقبل من 1.5% إلى 1.25%. ولم يطرأ أي تغيير على توقعات 2027. وحذر البنك من الزيادة الحادة في النمو بنسبة 0.6% في الربع الأول، والتي تُعزى بشكل كبير إلى "عوامل غير متكررة" في ظل التهافت على بيع السلع لتجنب الرسوم الجمركية. ويقدر بنك إنجلترا أن معدل النمو الأساسي في الربع الأول كان "قريب من الصفر".
بنك إنجلترا لم يُحدِّث توقعاته بشأن كيفية تأثير زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل البالغة 26 مليار جنيه إسترليني على الوظائف والأسعار وهوامش الربح. ويتوقع البنك ارتفاعاً طفيفاً في معدل البطالة العامين الحالي والمقبل إلى 5%، ارتفاعاً من 4.75%، وأن يستمر تباطؤ نمو الأجور إلى 3.75% بنهاية هذا العام، وهو ما يتوافق تقريبًا مع معدل التضخم المستهدف البالغ 2%.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ 33 دقائق
- أرقام
الاتحاد الأوروبي يحقق تقدماً في المحادثات التجارية مع واشنطن
يواصل الاتحاد الأوروبي مفاوضات تجارية مكثفة مع الولايات المتحدة قبل حلول موعد نهائي حدده الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 9 يوليو لفرض رسوم جمركية، ويحقق "تقدماً" في هذا الصدد، وفقاً لمفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي فالديس دومبروفسكيس. وقال دومبروفسكيس خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو في لوكسمبورغ يوم الخميس: "نُفضل التوصل إلى حل مقبول للطرفين، وبمعنى آخر، تهدئة هذه التوترات التجارية". مع ذلك، حذر من أن الاتحاد الأوروبي "جاهز لاتخاذ تدابير لحماية مصالحه الاقتصادية وشركاته إذا لم نتمكن من التوصل إلى هذا الحل". وعندما سُئل عمّا إذا كان الاتحاد الأوروبي قد سلّم بالأمر الواقع بخصوص تمسك ترمب بفرض رسم أساسي بنسبة 10%، قال إن "الرسوم الجمركية المتبادلة المزعومة" هي "افتراضات تكهّنية لا تعكس الحالة الراهنة للمفاوضات". الاتحاد الأوروبي يستعد للرد يواجه الاتحاد الأوروبي تهديداً بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على جميع صادراته تقريباً إلى الولايات المتحدة مع انتهاء المهلة التي حددها ترمب في 9 يوليو. وكان وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك قد قال إن اتفاقاً تجارياً مع الاتحاد الأوروبي سيكون على الأرجح من بين آخر الاتفاقات التي تُبرمها الولايات المتحدة. وصادق الاتحاد الأوروبي بالفعل على فرض رسوم جمركية على بضائع أميركية بقيمة 21 مليار يورو (24.1 مليار دولار)، رداً على الرسوم الجمركية الأميركية على المعادن، ويمكن تفعيل هذه الرسوم بسرعة. وتشمل قائمة الاستهداف ولايات أميركية ذات حساسية سياسية، مثل صادرات فول الصويا من ولاية لويزيانا، معقل رئيس مجلس النواب مايك جونسون، بالإضافة إلى منتجات زراعية، والدواجن، والدراجات النارية. كما يستعد التكتل لإعداد قائمة إضافية من الرسوم الجمركية على منتجات أميركية بقيمة 95 مليار يورو، رداً على ما يُعرف باسم الرسوم "المتبادلة" التي طرحها ترمب، إلى جانب الرسوم المقترحة على السيارات. وتستهدف القائمة الجديدة سلعاً صناعية، من بينها طائرات شركة "بوينغ"، وسيارات أميركية الصنع، ومشروب البوربون.


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
رسالة خامنئي من الاحتجاب
بعد أسبوع من الاحتجاب، كسر المرشد الأعلى علي خامنئي صمته يوم الأربعاء برسالة قصيرة وغامضة سُجلت في مكانه السري الحالي. حسناً، قد يكون المكان سرياً بالنسبة لأغلبنا، لكنه ليس سرياً بالنسبة لإسرائيل وحلفائها الأميركيين الذين يزعمون أنهم يعرفون مكان المرشد. كانت هذه رسالة غريبة. لم يعترف المرشد في أي لحظة بأنَّ إيران تواجه أزمة كبيرة. تحدث عن «حرب مفروضة»، من دون أن يُحدد مَن فرضها وكيف، في حين ادعى ضمناً أن إيران لم تشارك في إثارة هذه الحرب. بعبارة أخرى، إذا كان لا يعرف سبب فرض الحرب، فلا يمكنه التظاهر بأنه يعرف كيف ينهيها. بدلاً من ذلك، بدا أنه يرغب في استمرار الحرب إلى ما لا نهاية من خلال التظاهر بأن الولايات المتحدة تطالب إيران بـ«الاستسلام غير المشروط»، وهو أمر - كما تفاخر - لن تقبله الأمة الإيرانية أبداً. من خلال جعل الولايات المتحدة الهدف الرئيسي لغضبه الحقيقي أو المصطنع، كان خامنئي يأمل التقليل مما تعرض له بعد أن تلقى ضربة قاصمة على يد ما يحب أن يصفه بـ«القزم» المشبع بالأحلام العظيمة. غير أن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة لم تُعلن الحرب على إيران، وبالتالي لا يمكنها أن تعتبر «الاستسلام غير المشروط» هدفاً لها. صحيح أن الرئيس دونالد ترمب وضع عبارة: «استسلام غير مشروط» على حسابه بوسائل التواصل الاجتماعي بـ«أحرف كبيرة» مثل الملاحظات التي يكتبها المرء على ثلاجة المطبخ، لكن اعتبارها موقفاً رسمياً للولايات المتحدة في غياب إعلان حرب من واشنطن، يتطلب وثبة وهمية لا يمكن أن يتصورها سوى المرشد. تجنب خامنئي أي ذكر للإسلام، وتجنب ادعاءه المعتاد بأن إيران جزء من أمة إسلامية أوسع نطاقاً وليست دولة مستقلة. وهتف قائلاً: «الأمة الإيرانية لن تستسلم أبداً». لقد نسي أنه إذا صدرت دعوة إلى «الاستسلام غير المشروط»، فلن تكون موجهة إلى الأمة الإيرانية؛ وذلك لأن الأصدقاء والأعداء على حد سواء يعلمون أن الأمة الإيرانية لم يكن لها رأي في السياسات التي أدت إلى هذا الصراع المأساوي، ولا تملك أي سلطة حتى للنظر في هذا الخيار. إذا كان المرشد لا يتحدث نيابة عن الأمة الإيرانية في هذه المرحلة، فمن تُراه يُمثِّل؟ هل يمكن أن تكون هي السلطات الحاكمة في نظام الجمهورية الإسلامية؟ هذا ليس مؤكداً أيضاً. أصدر المجلس الأعلى للأمن القومي الذي تتمثل مهمته بموجب الدستور الحالي في البت في المسائل المتعلقة بالحرب والسلام، بياناً موجزاً قبل أن يُسجل المرشد رسالته المذكورة. ولم يأتِ المجلس على ذكر الولايات المتحدة في بيانه. كما أنه لم يردد نبرة خامنئي المتشددة. وبدلاً من ذلك، أعرب عن رغبته في إنهاء إراقة الدماء، مع إصراره على أنه لن ينتقم إلا إذا استمرت الهجمات. كما أننا لا يمكننا الزعم بأن خامنئي يمثّل آراء الحكومة الرسمية، بمن فيهم الرئيس مسعود بزشكيان ووزير الخارجية عباس عراقجي، اللذان كانا يُطالبان كلَّ من هو مستعد للاستجابة لدعوتهما باتخاذ خطوات لوقف الأعمال العدائية. من المؤكد أن هذه اللعبة المزدوجة قد تكون تكراراً لما يستخدمه النظام الإيراني في كثير من الأحيان لخداع القوى الغربية، والتماس التعاطف في الأوساط اليسارية و«التقدمية» في باريس ولندن وواشنطن. ومع ذلك، أعتقد أن المزاج العام في إيران، بما في ذلك في الأوساط الحاكمة، يعارض موقف خامنئي «حتى آخر قطرة دم»؛ ولو فقط لأن الناس يعرفون أن هذا موقف من زعيم آمِن شخصياً في مكانه السري. إن تحدي خامنئي لا يعكس المزاج السائد في الدوائر الداخلية ذات التأثير في طهران. ولم يتبنَّ أي من الجنرالات الاثني عشر - العاملين أو المتقاعدين الذين لا يزال النظام يحتفظ بهم - موقف خامنئي المتشائم. من بين قادة «الحرس الثوري» الذين لا يزالون على قيد الحياة، لم يُطلق سوى واحد منهم، وهو محسن رضائي مير قايد، نيرانه ضد إسرائيل والولايات المتحدة. ومع ذلك، يُنظر إليه عموماً على أنه أشبه بممثل كوميدي؛ غالباً ما يستعرض عضلاته. كما لا توجد أي إشارة إلى العدد اللامتناهي من الجنرالات ذوي النجمة الواحدة الذين احتلوا الأثير الإيراني والشاشات الإيرانية بوجودهم المتباهي لعقود. ومن رجال الدين وحده نوري حمداني قال إن «أنصار خامنئي» في طريقهم إلى القدس عبر كربلاء، في حين أن الحركة في الواقع تسير في الاتجاه المعاكس. وأخيراً، تحاول رسالة خامنئي تصويره على أنه مستشار حسن النية لترمب؛ إذ يقول: «دخول أميركا في هذه المشكلة سيكون ضد مصالح الولايات المتحدة بالكلية. وسوف تتضرر الولايات المتحدة وتعاني أكثر مما ستعاني إيران».


الشرق السعودية
منذ 4 ساعات
- الشرق السعودية
ترمب وتحالف MAGA.. من التأييد المطلق إلى الانقسام بشأن إيران
بعد نحو عقد على تأسيسه، يواجه التحالف اليميني الذي شكله الرئيس الأميركي دونالد ترمب تحت شعار "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى" (MAGA) انقساماً غير مسبوق، في ظل تزايد الخلافات داخل الحزب الجمهوري بشأن التلويح الأميركي بتدخل عسكري محتمل في الحرب التي تشنها إسرائيل على إيران، إذ برزت أصوات معارضة لهذا الخيار داخل المعسكر المحافظ. ويُعد هذا الانقسام الأكبر داخل الحركة التي بناها ترمب "أميركا أولاً"، ووصفه خبراء، تحدثوا لـ"الشرق"، بأنه صدام مباشر بين جناحين: الأول يوصف بـ"الانعزالي" يرفض أي انخراط عسكري أميركي في الخارج، والثاني يمثل "المحافظين الجدد" أو ما يُعرف بـ"تيار الصقور"، المؤيدين لتدخل أميركي دعم لإسرائيل في حربها ضد إيران. وحذّر سياسيون محافظون من أن هذا التباين قد يهدد تماسك الحزب الجمهوري تحت زعامة ترمب، خاصة بعدما أبدى الرئيس الأميركي انفاتح على المشاركة في مهاجمة إيران، قبل أن يعلن مهلة أسبوعين لفتح الباب أمام الدبلوماسية. في المقابل، يتحرك مشرعون أميركيون، بينهم جمهوريون من أنصار ترمب، لدفع مقترحات تشترط على الرئيس العودة إلى الكونجرس قبل المضي في أي تصعيد عسكري. انقسام "قد يعصف" بتحالف ترمب بعد 3 أيام من القصف المتبادل بين إيران وإسرائيل، لوّح ترمب بإمكانية انخراط بلاده عسكرياً في الحرب، بهدف "القضاء على برنامج إيران النووي". كما طالب طهران بـ"الاستسلام غير المشروط"، في تصعيد لافت في لهجته. وبينما قُوبل هذا التصريح بتأييد من بعض الجمهوريين الداعمين لسياسة خارجية أكثر صرامة ضد إيران، ومن أبرزهم ديفيد فريدمان السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل خلال إدارة ترمب الأولى، والذي اعتبر أن إسرائيل تخوض تلك الحرب "نيابة عن العالم الحر". لكن على الجانب الآخر، لم يلقَ موقف ترمب إجماعاً داخل الحزب الجمهوري، إذ عبّر عدد من رموز حركة "MAGA" عن رفضهم التام للتدخل العسكري. وكان من أبرزهم الإعلامي السابق في شبكة FOX NEWS تاكر كارلسون، الذي حذر من أن "تورط واشنطن في مثل هذه الحرب قد يؤدي إلى قتل آلاف الأميركيين في أيام قليلة". ويرى كارلسون في منشور عبر منصة "إكس"، أن التصعيد العسكري ستكون له انعكاسات اقتصادية "كارثية" على الداخل الأميركي. ويرفع معارضو الحرب ضد إيران شعار "أميركا أولاً"، مستندين إلى رؤية ترفض انخراط الولايات المتحدة في صراعات خارجية لا تخدم مصلحة مباشرة. وقال إيلان بيرمان، نائب رئيس معهد السياسة الخارجية الأميركية، إن هذا التيار يرى أن التدخل العسكري يجب أن يكون مشروطاً "بهدف وطني واضح"، مشيراً إلى أن ترمب نفسه هو من تبنى هذا الشعار وروّج له منذ حملته الأولى. وفي رده على انتقادات الإعلامي المحافظ تاكر كارلسون، قال ترمب في مقابلة مع مجلة The Atlantic: "أنا من طوّر مبدأ أميركا أولاً، وبالتالي أنا من يحدد معناه". وفي حديثه لـ"الشرق"، وصف إيلان بيرمان، نائب رئيس معهد السياسة الخارجية الأميركية، سياسة "أميركا أولاً" بأنها "انعزالية بطبيعتها"، وقال إنها "تقوم على تجنب التدخل العسكري ما لم يخدم مصلحة أميركية أساسية". وذكر أن ترمب يعتبر منع إيران من امتلاك سلاح نووي "مصلحة قومية جوهرية"، وهو ما يبرر تلويحه بالخيار العسكري. وقاد المحامي والكاتب المحافظ مارك ليفين، أحد أبرز داعمي ترمب، حملة الدفاع عن خيار الحرب. وقال في مقابلة مع FOX NEWS، إن التحالف العسكري بين واشنطن وتل أبيب "قد ينهي حرباً أبدية بدأت منذ قيام الجمهورية الإسلامية في إيران عام 1979". لكن الصوت الرافض للحرب تصاعد داخل تحالف "MAGA"، لا سيما بين المقربين من ترمب. وقال مايكل حنا، مدير البرنامج الأميركي في مجموعة الأزمات الدولية، إن أبرز الأصوات المعارضة تشمل ستيف بانون المستشار السابق لترمب، والنائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين، والناشط المحافظ الشاب تشارلي كيرك. شباب MAGA يعارضون الحرب وبحسب جاستن لوجان، مدير دراسات الدفاع والسياسة الخارجية في معهد كاتو، فإن تيار الرفض امتد إلى الأوساط الشابة ضمن "MAGA"، رغم تردد الكثيرين منهم في التعبير العلني بسبب "تقلب مواقف ترمب"، وخشية الاصطدام معه. وانعكس ذلك الخلاف على الشارع الأميركي، إذ أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة YouGov، أن 60% من الأميركيين، و53% من الجمهوريين يعارضون انخراط الولايات المتحدة في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل. وفي حوار مع الإعلامي تاكر كارلسون، حذر ستيف بانون من أن أي تورط عسكري قد "يطيح بتحالف ترمب"، و"يُجهض أولويات حملته الانتخابية"، وفي مقدمتها ملف الهجرة. ووصف إيلان بيرمان، ما يدور في الحزب الجمهوري حالياً بـ"الصراع الداخلي المحتدم"، بين "جناح انعزالي" يرفع شعار "أميركا أولاً"، وآخر يدعم المواجهة العسكرية مع إيران. من جهتها، شددت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين، على رفضها للتدخل العسكري، معتبرةً أن "هذه الحرب ليست حربنا"، وأن الأميركيين "سئموا من خوض حروب لا نهاية لها". واتهمت جرين شبكة FOX NEWS بالعمل كـ"آلة دعائية" تسعى لترويج الحرب كخيار وحيد أمام الرأي العام. وفي سلسلة من التغريدات عبر منصة "إكس"، وصفت دعوات التدخل التي يطلقها من يُعرفون بـ"صقور المحافظين" بأنها "مقززة". "صقور المحافظين" في مواجهة "أميركا أولاً" في ستينات القرن الماضي، واجهت حرب فيتنام معارضة قادها من أطلق عليهم آنذاك "الحمائم"، وهم سياسيون يساريون تقدميون نادوا بحلول سلمية، في المقابل برز من داخل المعسكر المحافظ تيار لقب بـ"الصقور"، وهم مؤيدو التوسع العسكري، والسياسة الخارجية الصارمة. وعلى مدار العقود التالية، دافع "صقور المحافظين" عن سياسة التدخل العسكري في حروب، بعضها في الشرق الأوسط. وأوضح جاستن لوجان، من معهد كاتو الأميركي، أن هذا التيار "سعى خلال عهد جورج الرئيس بوش الابن إلى اجتياح واسع في المنطقة"، لكن التجربة تعثرت بفعل تداعيات حربي العراق وأفغانستان. ويرى لوجان، أن "الصقور لم يتخلوا أبداً عن قناعاتهم، خصوصاً فيما يتعلق بالشرق الأوسط، والسعي لتغيير النظام في طهران"، حتى جاءت هجمات 7 أكتوبر 2023 لتعيد إحياء خطابهم بقوة. في تلك الأثناء، كان ترمب يحشد للترشح لولاية جديدة، وواصل اعتماده قاعدته السياسية التي بناها منذ عام 2016، تحت شعار "أميركا أولاً". وذكر مايكل حنا، من مجموعة الأزمات الدولية، أن هذا الشعار "انعكس بوضوح في سياسة ترمب الخارجية، التي تضع المصالح الأميركية كما يعرّفها هو، فوق التزامات النظام الدولي أو اعتبارات الحلفاء". ويرى جاستن لوجان، أن ترمب حاول الحفاظ على صورة "مرشح السلام"، مستشهداً بخطابه في حفل تنصيبه الأخير، حين قال: "سنقيس نجاحنا ليس فقط بالمعارك التي ننتصر فيها، بل بالحروب التي ننهيها، بل وربما الأهم: الحروب التي لا نخوضها أصلاً. أكثر ما سأفخر به في إرثي هو أنني كنت صانع سلام". وفي بداية ولايته الثانية، اختار ترمب تفعيل سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران من خلال توقيع مذكرة أمن قومي في فبراير الماضي، بهدف الضغط على طهران عبر ورقة العقوبات، لكن في أبريل، غيّر ترمب نهجه وأعلن عن بدء مفاوضات مباشرة مع الإيرانيين. وعلّق مايكل حنا، بأن "الصقور" شعروا في تلك المرحلة بأنهم باتوا "مهمشين"، خاصة بعد استبعاد عدد من وجوههم البارزة من التشكيلة الجديدة لإدارة ترمب، مضيفاً أن هذا التحول نحو المفاوضات النووية "أثار استياءهم، على الرغم من إعادة العمل بسياسة الضغط القصوى". وبحسب حنا، فقد بدا أن ترمب حينها "كان جاداً في مساعيه الدبلوماسية، إذ نجح في كبح طموحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن عمل عسكري ضد البرنامج النووي الإيراني". وأشار إلى أن "السياسيين المنتمين لتيار الصقور واصلوا الضغط على واشنطن بالتنسيق مع الإسرائيليين، ويبدو أنهم نجحوا مؤخراً في التأثير على موقف الرئيس". ففي 13 يونيو الجاري، شنت إسرائيل غارات على منشآت نووية وأهداف عسكرية داخل إيران، وهو ما لاقى تأييداً صريحاً من ترمب. وشهدت الأيام اللاحقة سلسلة من الغارات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، فيما دعا الرئيس الأميركي، طهران إلى "العودة لطاولة التفاوض قبل فوات الأوان"، قبل أن يعلن لاحقاً، أن بلاده "قد تشارك عسكرياً" في تلك الحرب، ولكنه منحها مهلة أسبوعين، الخميس. وبينما رأى جاستن لوجان، أن تهديد ترمب "يهدد بنسف الصورة التي سعى لترسيخها عن نفسه كصانع سلام"، فإن إيلان بيرمان قال إن "السؤال الحقيقي والذي لا يجد إجابة حتى اللحظة، هو كيف سيتعامل الرئيس ترمب مع تجاوب الإيرانيين مع مطالبه". وفي منشور على منصة "تروث سوشيال"، طالب ترمب المرشد الإيراني علي خامنئي بـ"الاستسلام غير المشروط"، و"التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني"، وهو ما قوبل برفض قاطع من خامنئي، خلال خطاب متلفز. "ترمب يستشير ترمب" خلال الأيام الخمسة الأولى من الغارات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، واصل الرئيس الأميركي تهديداته بشن عملية عسكرية ضد إيران، دون أن يتخذ خطوة فعلية. ورغم إلحاح الصحافيين عليه بأسئلة بشأن جدية تنفيذ الهجوم، امتنع عن الإدلاء بأي تعليق مباشر، إلا أن صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن مصادر مطلعة، الأربعاء، أن ترمب أبلغ مساعديه بأنه صادق على خطة الهجوم، لكنه لم يحسم بعد قراره النهائي بتنفيذها. لكن ترمب رد على هذا التقرير، بالقول على "تروث سوشيال"، الخميس، إن "صحيفة وول ستريت جورنال لا تملك أدنى فكرة عن موقفي تجاه إيران". ووصف الباحث بمجموعة الأزمات الدولية مايكل حنا، تصريحات ترمب بأنها "متقلبة ويصعب التنبؤ حولها"، لافتاً إلى عدم الوضوح بشأن ما إذا كان هناك نقاش داخل الإدارة، في ظل ما وصفه بـ"غياب منظومة صنع القرار السياسي، وتراجع دور مجلس الأمن القومي". وكانت إدارة ترمب قلصت عدد موظفي مجلس الأمن القومي في يناير الماضي، ثم أقالت رئيسه مايك والتز، مطلع مايو، بعد أسابيع مما عُرف بـ"تسريبات سيجنال"، حيث أضاف والتز عن طريق الخطأ صحافياً أميركياً إلى مجموعة دردشة مغلقة على تطبيق "سيجنال" كانت تُستخدم لتنسيق ضربات جوية في اليمن. ومنذ ذلك الحين، يتولى وزير الخارجية ماركو روبيو المنصب مؤقتاً. وانتقد مايكل حنا، ما يسميه بـ"اعتبارات الولاء الشخصي للرئيس، والذي يعد أمراً بالغ الأهمية في ولايته الثانية، وهو ما قد يحد من قدرة مسؤولي الإدارة على التعبير بحرية عن آراء تخالف توجهات الرئيس". ووفقاً لشبكة FOX NEWS، استبعد ترمب مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد من اجتماع مفصلي عقده في منتجع كامب ديفيد الرئاسي بولاية ماريلاند، أوائل يونيو الجاري، قبل الضربة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران. وأرجعت FOX NEWS عدم استدعاء جابارد إلى ازدحام جدول أعمالها آنذاك، إذ كانت تتابع تطورات إرسال قوات الحرس الوطني إلى كاليفورنيا، على خلفية تظاهرات شهدتها الولاية احتجاجاً على إجراءات ترحيل المهاجرين، التي نفذتها إدارة ترمب في لوس أنجلوس. لكن تقارير صحافية أوردت مؤخراً، أن تولسي كانت قد أدلت بشهادة أمام الكونجرس في مارس الماضي، ذكرت فيها أن إيران لا تسعى حالياً إلى امتلاك سلاح نووي، وهو ما انتقده ترمب، قائلاً إنه لا يعلم "من أين جاءت بتلك المعلومة"، مشيراً إلى تأكده أن إيران تسعى إلى ذلك. ويرى إيلان بيرمان، نائب رئيس معهد السياسة الخارجية الأميركية، أن الإدارة الحالية "تختلف عن سابقاتها"، مضيفاً أن الدائرة المحيطة بالرئيس "باتت أصغر بكثير مما سبق، كما تقتصر على عدد محدود من الشخصيات، التي قد يستشيرها الرئيس، وأبرزهم نائبه جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، وكلاهما يتبنى موقفاً مؤيداً لنهج ترمب بشأن الملف النووي الإيراني، لكن انطباعي أن ترمب يستقى قرارته من رأسه فقط". وفي تغريدة عبر منصة "إكس"، أعرب دي فانس، عن دعمه لترمب، قائلاً إن الرئيس "ظل متسقاً في موقفه الرافض لامتلاك طهران سلاحاً نووياً على مدار العشر سنوات الماضية"، وأردف أن "الرئيس وحده هو صاحب القرار بشأن أي خطوات إضافية لإجبار طهران على إنهاء تخصيب اليورانيوم". لكن هجوم الرافضين للضربة العسكرية الأميركية المحتملة، لم يطل أي مسؤول في إدارة ترمب، ففي تغريدة عبر منصة "إكس"، هاجم الإعلامي المحافظ تاكر كارلسون ما وصفه بـ"الدوائر المحيطة بترمب التي تدفعه نحو الخيار العسكري"، واصفاً أفرادها بـ"دعاة الحرب". وخص بالذكر كلاً من المحامي اليميني مارك ليفين الذي يقود حملة "الصقور المحافظين" للتدخل العسكري، وقطب الإعلام والملياردير روبرت مردوخ مالك شبكة FOX NEWS، إلى جانب مريام أديلسون، المليارديرة الأميركية الإسرائيلية التي دعمت حملة ترمب الانتخابية لعام 2024 بأكثر من 100 مليون دولار، وإسحاق بيرلماتر، الملياردير الأميركي الإسرائيلي والرئيس السابق لشركة "مارفل" للإنتاج السينمائي. وأضاف كارلسون: "مرحلة ما، سيُحاسبون جميعاً على ذلك، لكن من المفترض أنكم تعرفون أسماءهم الآن". تحركات محدودة تحت قبة الكونجرس وبينما تسهم خطط ترمب المؤجلة حتى الآن في انقسام بين المحافظين داخل تيار "MAGA"، تجنب قادة مجلس الشيوخ الأميركي تقديم إجابات واضحة بشأن ما إذا كان ترمب بحاجة إلى موافقة الكونجرس قبل اتخاذ أي تحرك عسكري ضد إيران. وفيما ينص الدستور الأميركي على أن إعلان الحرب من صلاحيات الكونجرس، يبقى الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة بموجب الدستور. وقال زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ جون ثيون: "لقد جرت مناقشة هذه الأسئلة وتفسيرها قضائياً لفترة طويلة، بشأن مدى صلاحيات الرئيس كقائد أعلى للجيش". وفي المقابل، صرّح زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، أنه يعتقد أن "الكونجرس والديمقراطيين لن يترددوا في استخدام سلطتهم (في منع ترمب) عند الضرورة". رغم ذلك، شهد الكونجرس تحركات محدودة تهدف إلى منع ترمب من التدخل عسكرياً ضد إيران، حيث قدّم النائبان رو خانا وهو ديمقراطي من ولاية كاليفورنيا، وتوماس ماسي وهو جمهوري من ولاية كينتاكي، مقترحاً في مجلس النواب لإلزام الرئيس الأميركي بالحصول على موافقة الكونجرس قبل أي انخراط عسكري مباشر في الحرب بين إسرائيل وإيران. وأيد أعضاء جمهوريون في مجلس الشيوخ من بينهم راند بول، مقترحاً مماثلاً قدمه العضو الديمقراطي في مجلس الشيوخ تيم كاين. وقال الباحث في معهد كاتو الأميركي جاستن لوجان، إن نظام الفصل بين السلطات في الولايات المتحدة "يعاني خللاً كبيراً لدرجة أن الرئيس يتمتع بسلطة شبه مطلقة في مسائل الحرب"، مشدداً على أهمية أن "يدرك ترمب أن الدخول في حرب جديدة ومكلفة ستكون له تداعيات سياسية". إلا أن إيلان بيرمان، الخبير في الملف الإيراني، لفت إلى أن البيت الأبيض "لا يزال يفضّل العودة لطاولة المفاوضات حتى الآن". وفي حديثه مع "الشرق"، ربط بيرمان عدم تنفيذ ترمب ضربة فورية ضد طهران، بما وصفه بـ"النجاح العسكري الإسرائيلي، سواء في استهداف منشآت إيران النووية، أو تصفية قادة عسكريين وشخصيات رئيسة في البرنامج". لكن الباحث الأميركي اعتبر أن التدخل العسكري الأميركي "قد يظل موضع تساؤل، ويبقى رهناً بفعالية إسرائيل على المدى البعيد، أو بضرب منشآت شديد التحصين مثل منشأة فوردو، وهو الأمر الذي سيتطلب دعماً أميركياً مباشراً". وتابع: "تعنت النظام الإيراني، وعدم إبداء المرشد علي خامنئي أي استعداد لتقديم تنازلات، سيسهمان في قرار ترمب النهائي".