logo
ترمب... «تحولات جذرية» تجاه سوريا وقضايا الشرق الأوسط

ترمب... «تحولات جذرية» تجاه سوريا وقضايا الشرق الأوسط

الشرق الأوسطمنذ يوم واحد

يُجمع الكثير من المراقبين والمسؤولين السابقين والحاليين في الولايات المتحدة، على أن قرار إدارة الرئيس دونالد ترمب رفع العقوبات عن سوريا يُعدّ تغييراً جذرياً في السياسة الأميركية تجاه هذا البلد، الذي لطالما صنفته أميركا «دولة مُعادية». ولكن، يذكر مسؤولون في إدارة ترمب أنهم انخرطوا في اتصالات هادئة منذ أشهر «لتمهيد طريق» تخفيف العقوبات لمساعدة سوريا على التعافي من سنوات الحرب المدمرة وإعادة الإعمار. بيد أن لقاء ترمب بالرئيس السوري أحمد الشرع خلال زيارته للسعودية، كان استثنائياً؛ نظراً لتصنيف الشرع إرهابياً سابقاً، وفق ماثيو ليفيت، كبير الباحثين في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، الذي أبلغ «الشرق الأوسط» أن تعامل المسؤولين الأميركيين مع مثل هذه الشخصيات «ليس بالأمر الجديد»، والمسألة الحقيقية ليست «من كان جهادياً مرة سيبقى جهادياً إلى الأبد»، بل ما إذا كان لدى واشنطن أي أسس للثقة بهذه الشخصية مستقبلاً.
خطوات واشنطن المفاجئة إزاء دمشق تجسّد أسلوب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في إحداث تغيير لم يكن ليحصل مع إدارات أميركية سابقة، ما تجاوز ما كان يُرجح أن يكون عملية صنع سياسات طويلة ومملة.
من جهة ثانية، شهد الأسبوع الماضي تطورات، عدَّها البعض إشارات إلى أن العلاقات الأميركية - السورية تتجه لفتح صفحة جديدة. وهذا ما تطرق إليه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، بعد قرار رفع العقوبات عن سوريا، بقوله: «تُمثّل إجراءات اليوم الخطوة الأولى في تحقيق رؤية الرئيس لعلاقة جديدة بين سوريا والولايات المتحدة».
وفي ظل نظرة أميركية أكثر شمولاً تجاه المنطقة، عُدّ موقف توم برّاك، السفير الأميركي لدى تركيا - الذي عيّنه ترمب مبعوثاً خاصاً لسوريا - بعدما التقى الرئيس الشرع، وكذلك اللقاء «الأمني» الأول «المباشر» بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين، تطوّرين مهمين يعكسان التزاماً بشروط الإدارة الأميركية في إنجاح مسار العلاقات الجديدة بين واشنطن ودمشق، وانعكاسه على التوازن الداخلي في سوريا.
واقعياً، منذ سقوط نظام الأسد، ساور القلق كثرة من السوريين ومتابعي الشأن السوري من أن واشنطن قد لا ترفع عقوباتها أبداً. إذ فرضت عقوبات على سوريا لأول مرة عام 1979، عندما صنّفت نظامها «دولة راعية للإرهاب»؛ ما أدى إلى حظر مبيعات الأسلحة وقيود أخرى على الصادرات إلى البلاد.
ومنذ بداية الألفية الثانية، فرض الكونغرس عقوبات إضافية، تصاعدت بعد اندلاع الحرب الأهلية عام 2011. كما صُنّفت جماعات مسلحة في سوريا، بعضها ممثل الآن في الحكومة الانتقالية الجديدة، على أنها «إرهابية»، ما يبقيها عملياً خاضعة للعقوبات. وأدت هذه الإجراءات مجتمعة إلى عزل سوريا إلى حد كبير عن التجارة والاستثمار الدوليين، وشكلت عائقاً رئيساً أمام تعافيها الاقتصادي.
من جهته، كتب السفير برّاك على منصة «إكس» قائلاً: «إنه قبل قرن من الزمان، فرض الغرب خرائط وانتدابات وحدوداً وحكماً أجنبياً». وأردف إن «اتفاقية سايكس - بيكو قسّمت سوريا والمنطقة الأوسع، لتحقيق مصالح إمبريالية، لا من أجل السلام». وتابع أن مأساة سوريا وُلدت من الانقسام، ويجب أن «تُبعث» مجدداً عبر الكرامة والوحدة والاستثمار في شعبها.
برّاك استطرد أنه «مع سقوط نظام الأسد، أصبح الباب مفتوحاً للسلام، ومن خلال رفع العقوبات، سُيمَكّن الشعب السوري من فتح ذلك الباب أخيراً، واكتشاف طريق نحو الازدهار والأمن من جديد». وأكد أن «المستقبل ينتمي إلى الحلول الإقليمية، إلى الشراكات، وإلى دبلوماسية تقوم على الاحترام... ونحن نقف إلى جانب تركيا ودول الخليج وأوروبا، ليس هذه المرة عبر الجنود والمحاضرات أو الحدود الوهمية، بل جنباً إلى جنب مع الشعب السوري نفسه».
في المقابل، رأى ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون الشرق الأدنى في إدارة ترمب الأولى، تصريحات برّاك «غريبة بعض الشيء، فبينما وُجّه انتقادات كثيرة لاتفاقية سايكس - بيكو، فإن الاتفاقية، وإن شابها بعض العيوب، كانت تهدف إلى تنظيم الفوضى التي خلّفتها الإمبراطورية العثمانية التي حكمت جزءاً كبيراً من المنطقة لأكثر من نصف ألفية».
وأضاف في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «أي حلٍّ كان سيُفضي إلى فوضى عارمة، وفي غضون ذلك أسست تلك الاتفاقية الأردن ولبنان والعراق. وبالنسبة لدارس التاريخ، قد يُفهم تصريح برّاك خطأ على أنه دعوة إلى عودة (سوريا الكبرى)». ومع ذلك، يقول شينكر، إن العنصر الآخر في تصريحه «أقل غرابة»؛ إذ يدعو إلى تقليص التدخل الغربي في المنطقة وتبني حلول محلية أكثر، وهذا موقفٌ يدعمه ترمب في ولايته الثانية.
وهنا لا بد من ذكر أنه عندما التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترمب في واشنطن في أبريل (نيسان)، طلب منه ألا يرفع العقوبات عن سوريا، قائلاً إنه يخشى أن يؤدي ذلك إلى تكرار أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. لكن ترمب أقرّ في ختام جولته في الشرق الأوسط، بأنه «لم يسأل» إسرائيل عن تخفيف العقوبات عن سوريا، وتابع: «اعتقدت أن هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله».
شينكر يرى أنه بعد تعليق العقوبات، تناقص الضغط المباشر على الشرع لتلبية طلبات واشنطن، وعلى الرغم من الاتفاقية الموقعة مع «قوات سوريا الديمقراطية»، سيصعب على الشرع إقناع الأكراد السوريين بالاندماج ونزع السلاح إذا واصلت حكومته تعيين رجال الميليشيات السابقين، خاصة أن واشنطن تصنّف بعضهم إرهابيين ومتورّطين في حروب ضد الأكراد للسيطرة على مناطقهم.
وهكذا، بفضل الدور الذي لعبه هؤلاء في إزاحة الأسد، سيصعب على الشرع تهميشهم، وفي المقابل إذا ظل هؤلاء يحتلون مناصب رئيسة في الحكومة والجيش سيقوض ذلك ثقة السوريين والمجتمع الدولي.
وبالنسبة للعلاقة مع إسرائيل، لفت شينكر إلى أن الشرع «قال إن لا مشكلة لديه معها ولا يريد قتالها». وأضاف: «أعتقد أن الاجتماعات بينهما مهمة لبدء بناء بعض الثقة، وتجنّب سوء الفهم في المستقبل، وهو يدرك أن وجود علاقات أكثر طبيعية مع إسرائيل وحدود هادئة سيساعد سوريا على تطوير اقتصادها، ويبدو أن هذه هي أولويته... لكن تكفير أبو محمد المقدسي للشرع لن يساعد على ذلك».
الباحث ماثيو ليفيت، من جانبه، يرى أن بقاء المقاتلين الموضوعين أميركياً على قوائم الإرهاب، والذين يشكلون جزءاً من الجيش السوري الجديد، «مصدر قلق بالغ دفع إدارة ترمب إلى طلب إقالتهم من مناصبهم». مع ذلك، يرى ليفيت أن حكومة الشرع «اتخذت خطواتٍ بناءة مفاجئة»، مثل وقف نقل الأسلحة إلى (حزب الله)، وطرد القوات الإيرانية، واتخاذ إجراءات ضد داعش بناءً على معلومات استخباراتية أميركية.
وتابع ليفيت، أنه «مع رفع العقوبات سيُمكّن هذا من استئناف النشاط الاقتصادي الكامل في سوريا مع الحفاظ على النفوذ الأميركي على الشرع لضمان وفائه بالتزاماته». و«للحفاظ على نفوذها على دمشق، تمتلك واشنطن أداتين رئيستين: إعادة تفعيل العقوبات الاقتصادية، والحفاظ على وجود عسكري أميركي محدود على الأرض». ويختم: «باختصار، يبدو أن واشنطن اختارت نهج التحقق بدلاً من الثقة مع التحقق».
السفير توم برّاك في مبنى السفارة في دمشق (أ.ف.ب)
على صعيد آخر، قال بسام بربندي، الدبلوماسي السوري السابق في واشنطن، لـ«الشرق الأوسط» إن تعيين السفير توم برّاك «يدل من ناحية على أهمية تركيا، وأيضاً على أهمية الشراكات مع دول الخليج لإيجاد الاستقرار في سوريا». وأضاف: «برّاك لا ينتمي إلى المنظومة السياسية الأميركية التقليدية، وتعكس آراؤه ابتعاداً عن طريقة تفكيرها. وبالتالي، فإن قربه من ترمب سيساعد على حل المشاكل بشكل مباشر».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

موجة الفستق تغزو الحلويات في مصر
موجة الفستق تغزو الحلويات في مصر

الشرق الأوسط

timeمنذ 13 دقائق

  • الشرق الأوسط

موجة الفستق تغزو الحلويات في مصر

ما بين صواني الكنافة ولفائف الكرواسون وصولاً إلى «الكشري الحلو»، حتى المشروبات، استطاع الفستق الحلبي أو «Pistachio» أن يجد لها مكاناً في عالم الحلويات. لم يعد وجوده مقتصراً على التزيين أو حشو الحلويات الشرقية التقليدية مثل البقلاوة والكنافة، بل أصبح مكوناً أساسياً في العديد من الوصفات العصرية. بنظرة سريعة يمكن ملاحظة أن معظم أصناف الحلوى تقريباً أصبحت تقدم بطعم «البيستاشيو»، من الكيك إلى الآيس كريم والكرواسون، وأيضاً المشروبات. الآن بات من الملاحظ أن العديد من المقاهي والمحال تضيف مشروب «البيساتشيو فرابيه» إلى قوائمها، الذي يعتمد على تكثيف شراب الفستق مع اللبن والثلج، وحتى المخابز بدأت في ابتكار حلويات مُحشوة بكريمة «البيستاشيو» في استجابة للإقبال عليها. الإكلير يقدم بصوص الفستق إلى جانب الشوكولاتة موضة جديدة يبدو أن هذا الإقبال الذي تحوّل لحالة من الهوس، قد تجاوز كونه مجرد تفضيل شخصي، وتحوّل إلى ظاهرة تعكس كيف تلعب الموضة الغذائية دوراً في تشكيل الاختيارات، وهو تعبير يستخدمه محمد السيد، شيف معجنات وحلويات، يقدم حلوى «الدوناتس» المحشوة بكريمة «البيستاشيو» في المتجر الذي يعمل به. يقول الشيف المصري لـ«الشرق الأوسط»: «(البيستاشيو) صار موضة في عالم الحلويات، تماماً كما كانت تحظى نكهة كريمة بسكويت اللوتس باهتمام كبير قبل سنوات». صوص البيستاشيو صار من الإضافات المفضلة للحلويات ويرى أن «(البيستاشيو) مرتبط بصورة ما بفكرة الفخامة والرقي؛ لأن الفستق بالأساس هو نوع من المكسرات مرتفعة السعر، وقد صعدت شعبيته بشكل كبير بعد الشهرة التي حققتها (شوكولاته دبي) وتم تقليدها في شتى أنحاء العالم، خصوصاً ربط الكنافة بالفستق كمُكوّن للحشوات». ويضيف: «إلى جانب الحشوات التقليدية كالكاسترد والشوكولاته، انضمت كريمة الفستق كحشوة في قائمة المخبوزات، أو حتى في كعك العيد كما شاهدنا هذا العام، وهذا كله جعل هناك اتجاهاً كبيراً لتصنيعه». الاهتمام بـ«البيستاشيو» تحوّل إلى مادة للسخرية على مواقع التواصل أو حتى في الأفلام المصرية. ففي فيلم «الحريفة» الكوميدي الذي عُرض هذا العام، يُفاجأ أحد أبطال الفيلم الذي ينتمي لطبقة فقيرة، أن طلبة إحدى الجامعات الأجنبية الخاصة يشترون قطعة الكرواسون المحشوة بـ«البيستاشيو» بما يقارب 400 جنيه مصري، فيقرر تصنيع الكرواسون وحشوه بـ«البيستاشيو الصناعي»، ليبيع قطعة الكرواسون بسعر منخفض، فيجذب قطاعاً أكبر من الطلبة للشراء، وترتبط عندها شعبيته بـ«كرواسون البيستشايو». آيس كريم بطعم البيستاشيو يجتاح الأسواق يشير الشيف المصري هشام إسماعيل إلى أن هناك استجابة كبيرة في السوق لنجاح ثنائي «البيستاشيو» والكنافة المستوحى من تركيبة شوكولاته دبي، «صار هناك آيس كريم بالفستق والكنافة، والكرواسون المحشو بعجينة (البيستاشيو)، وحتى أطباق الحلوى التي تعتمد على التركيبات الجديدة والكثيفة، مثل (الكشري الحلو) الذي يمثل طبقات من الأرز باللبن والكنافة والكثير من صوص (البيستاشيو) والشوكولاته، وكذلك (كيكة هبة دبي) التي تُعد من الأطباق الثقيلة التي تحتوي على طبقات من الكعك وصوص الشوكولاته و(البيستاشيو) والكنافة»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط». الفستق الكاذب ويتراوح سعر كيلو الفستق في مصر حالياً من 700 إلى 3000 جنيه (الدولار يساوي 50.46 جنيه)، ويختلف السعر بناءً على النوع، وحجم الحبة، وإذا ما كان محمصاً أو مقشراً، ومكان البيع. حلوى الدونتس بالبيستاشيو ومن بين الوصفات التي تقدمها الشيف ليلى عبد التواب لمتابعيها على «غروب» الطبخ الخاص بها على «واتساب»، هي وصفة مُفصلة لخطوات صناعة «الفستق الكاذب»، تقول ليلى لـ«الشرق الأوسط»: «الأطفال والجيل الجديد يميلون لتجربة أصناف الحلويات الجديدة الذي يشاهدونها بكثرة على (تيك توك)، وعلى رأسها هذه الأيام الحلويات التي تستخدم طبقات كثيفة من صوص (البيستاشيو)، ويكون في العادة صناعياً ومليئاً بالزيوت المهدرجة الضارة، لذلك فأنا أقدم وصفتي تلك لتواكب هذا الترند ولكن بمحاولة لاجتناب أخطاره الصحية بتصنيعه منزلياً». تقدم ليلى مقادير محددة لما تطلق عليه الفستق الكاذب الذي يستبدل بالفستق مرتفع السعر الفول السوداني، وتقول: «نُحضّر كيلوغراماً من الفول السوداني ونطحنه طحناً خشناً دون أن يصبح ناعماً، ثم نضعه في وعاء كبير ونضيف إليه نقطتين من لون الطعام الجيلاتيني الأخضر أو كمية صغيرة من البودرة الملونة بعد تذويبها في نحو نصف كوب من الماء، بالإضافة إلى ملعقة صغيرة من خلاصة نكهة الفستق المتوفرة لدى العطارين، ونقلّب المكونات جيداً حتى تتجانس، ثم نترك الخليط جانباً لمدة ساعتين ليكتسب الطعم واللون، وبعد ذلك نفرده في صينية وندخله الفرن حتى يتحمّص، وعند إخراجه نتركه يبرد تماماً، ثم نطحنه مرة أخرى للحصول على القوام المطلوب. أما كريمة الفستق فتقول إنه يمكن إعدادها بإضافة «جبن كريمي مع الفستق الكاذب والفانيليا، والزبدة، وهي وصفة صحيّة في النهاية وكذلك موفرة اقتصادياً إلى حد كبير».

مقترح ويتكوف.. تعرف على مطالب كل من حماس وإسرائيل
مقترح ويتكوف.. تعرف على مطالب كل من حماس وإسرائيل

العربية

timeمنذ 34 دقائق

  • العربية

مقترح ويتكوف.. تعرف على مطالب كل من حماس وإسرائيل

أكدت حركة حماس ، مساء أمس السبت، أنها لم ترفض مقترح الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، واعتبرته مقبولاً للتفاوض. إلا أنها وصفت موقف ويتكوف بـ"غير العادل والمنحاز بالكامل لإسرائيل". فما الذي طالبت به الحركة في مقترح ويتكوف المعدل؟ وما الذي تمسكت به إسرائيل؟ لعل الإجابة على هذا السؤال أتت عبر القيادي في حماس باسم نعيم، الذي أوضح في منشور على صفحته في فيسبوك، فجر اليوم الأحد، المطالب الإسرائيلية . "مطالب إسرائيل" فقد لفت إلى أن الحركة وافقت على المقترح قبل حوالي أسبوعين، إلا أن المبعوث الأميركي أتى لاحقا برد إسرائيلي تضمن ما يلي: - وقف إطلاق نار مؤقت لمدة 60 يوماً لكن بدون أي ضمانات (إسرائيلية حول الانسحاب ومناقشة وقف الحرب نهائياً) - استلام كافة الأسرى خلال الأسبوع الأول من الهدنة - دخول المساعدات الإنسانية حسب الخطة الإسرائيلية وليس كما كان الحال قبل 2 مارس أي حسب اتفاق 19 يناير - إسرائيل تريد التفاوض على خرائط الانسحاب التي تم الاتفاق عليها في 19 يناير بناء على التواجد العسكري الجديد في قطاع غزة - لا ضمانات إطلاقاً لوقف الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية في نهاية المفاوضات بل الحديث عن إعادة انتشار وترتيبات أمنية داخل القطاع ضمانات أميركية في حين قدمت حماس ردها إلى ويتكوف، أمس السبت، عبر رجل الأعمال الفلسطيني الأميركي بشارة بحبح، الذي يسهل المحادثات مع الحركة. وأرسلت أيضا ردها إلى الوسطاء المصريين والقطريين، وفق ما أفاد موقع "أكسيوس". وفي ردها، طلبت تغيير تسلسل وجدول إطلاق سراح الرهائن العشرة الأحياء وجثث الثمانية عشر المشمولة بالصفقة، بحيث يتم ذلك على ست دفعات خلال وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا. كما طالبت حماس بانسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل إلى الخطوط التي كان متمركزًا فيها قبل انهيار وقف إطلاق النار السابق في مارس/آذار الماضي. كذلك تمسكت بالحصول على ضمانات أميركية لإنهاء الحرب بشكل تام، ما شكل نقطة الخلاف الرئيسية. وكان ويتكوف أرسل إلى حماس مقترحًا أميركيًا جديدًا لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى يوم الأربعاء الماضي. فيما أعلنت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، أن إسرائيل وقّعت على المقترح قبل أن يقدم إلى حماس. ولم يختلف المقترح المعدل عن السابق كثيرا، إذ نص على وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، وإطلاق سراح 10 رهائن أحياء و18 جثة محتجزة في غزة - نصفهم في اليوم الأول والنصف الآخر في اليوم السابع من الهدنة. في المقابل، تفرج إسرائيل عن 125 أسيراً فلسطينيًا يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد في إسرائيل، و1100 فلسطيني آخرين احتجزتهم القوات الإسرائيلية في غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وجثث 180 فلسطينيًا يُزعم أنهم قُتلوا خلال هجمات على إسرائيليين. وفي حين ذكر مقترح ويتكوف أن الولايات المتحدة وقطر ومصر سوف تضمن جميعها إجراء مفاوضات جادة من أجل وقف دائم لإطلاق النار، طالبت حماس في ردها بضمانة أميركية واضحة بأن المفاوضات سوف تنتهي بإعلان وقف دائم لإطلاق النار، حسبما ذكرت مصادر مطلعة. فيما اعتبر مسؤول إسرائيلي مطّلع على تفاصيل المفاوضات، أن حركة حماس قدّمت ردًا يتضمن مطالب بعيدة جدًا عن المقترح الذي قدمه المبعوث الأميركي. وأوضح أن هذه المطالب تشمل وقفًا لإطلاق النار لمدة تصل إلى سبع سنوات، انسحابًا كاملًا للجيش الإسرائيلي من جميع المناطق التي سيطر عليها منذ شهر مارس، وإلغاء النموذج الإنساني الجديد الذي يتم بموجبه توزيع المساعدات من خلال "صندوق دعم غزة" (GHF)، والعودة إلى نموذج التوزيع السابق عبر المنظمات الأممية. يذكر أن المفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 20 شهرا لم تحقق أي تقدم يذكر، منذ استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية منتصف آذار/مارس الماضي، بعد هدنة استمرت ستة أسابيع. ثم كثّفت عملياتها في 17 أيار/مايو، قائلة إن الهدف هو القضاء على حماس، وتحرير الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في القطاع المدمر.

أربيل تتحدى بغداد وتبني جسوراً مع واشنطن
أربيل تتحدى بغداد وتبني جسوراً مع واشنطن

الشرق السعودية

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق السعودية

أربيل تتحدى بغداد وتبني جسوراً مع واشنطن

في خطوة وصفتها بغداد بأنها "باطلة، وانتهاكاً للدستور العراقي"، أبرم رئيس وزراء إقليم كردستان مسرور بارزاني اتفاقيات ضخمة مع شركتين أميركيتين لتطوير قطاع النفط والغاز في الإقليم، وذلك خلال زيارة إلى واشنطن في مايو الفائت على رأس وفد رفيع المستوى، متحدياً اعتراض الحكومة العراقية على هذه الصفقات . وفي تصريحات خاصة لـ"الشرق"، قال وزير الكهرباء والثروات الطبيعية بالوكالة في حكومة إقليم كردستان، كمال محمد صالح: "نشعر بالأسف لأن بغداد ترى في هذه الاتفاقيات خطوة استفزازية، لكنها تهدف فقط إلى تحقيق أمن الطاقة والاستقلال في الكهرباء، ليس للإقليم فقط، بل للعراق بأكمله". هذه التحركات ليست مجرد اتفاقيات تجارية، بل تعكس تحولاً في طريقة تعامل أربيل- عاصمة إقليم كردستان- مع الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترمب، وسعيها لبناء قنوات مباشرة مع الولايات المتحدة تتجاوز بغداد، مستفيدة من الفراغ الذي تركته الأخيرة في علاقاتها مع الولايات المتحدة، وتعكس في الوقت نفسه رؤية استراتيجية واضحة تتبناها حكومة الإقليم في التعامل مع إدارة ترمب التي تعطي الأولوية للصفقات الاقتصادية والمصالح التجارية. أربيل.. "شريك اقتصادي موثوق" وفي حديث لـ"الشرق"، قال مايكل نايتس الزميل الأقدم في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إن "توقيت هذه التحركات ذكي للغاية"، مشيراً إلى أن أربيل فهمت طبيعة الإدارة الأميركية الحالية، وعملت على استغلال اللحظة السياسية لصالحها، من خلال تقديم نفسها كشريك اقتصادي موثوق قادر على لعب دور استراتيجي في ملف الطاقة، خاصة مع تعثر بغداد في هذا المجال. وشملت زيارة بارزاني إلى واشنطن، التي يبدو أنها نُظمت بترتيب من شركة ضغط أميركية، لقاءات مع وزير الخارجية ماركو روبيو، ومسؤولين في وزارتي الطاقة والداخلية. وخلال المنتدى الذي حمل عنوان "مستقبل الطاقة في إقليم كردستان"، أعلنت حكومة الإقليم عن توقيع اتفاقيات بقيمة 110 مليارات دولار مع شركتي "HKN Energy"، و"Western Zagros" لتطوير حقول النفط والغاز، بما في ذلك حقل ميران، الذي تُقدّر احتياطياته بنحو 8 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، ومنطقتي توبخانة وكوردمير اللتين تحتويان على 5 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، و900 مليون برميل من النفط. وتحمل هذه الاتفاقيات عدة رسائل سياسية، من بينها أن حكومة الإقليم تسعى إلى تقليل اعتمادها على الغاز الإيراني، خاصة بعد توقف استثناءات شراء الغاز الإيراني بقرار من إدارة ترمب، وتعرض العراق لأزمات كهرباء متكررة خلال الصيف، إذ تُقدم أربيل نفسها لواشنطن من خلال هذه الصفقات كشريك استراتيجي يمكنه المساهمة في تقليل نفوذ إيران في العراق والمنطقة، في وقت تتصاعد الانتقادات الأميركية لما تعتبره "خضوعاً كاملاً" لبغداد لنفوذ طهران. تصعيد متبادل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أشاد في بيان رسمي بالاتفاقيات التي تم توقيعها مع الإقليم الكردي، مؤكداً أن "هذه الخطوات ستساعد العراق على تحقيق استقلالية في مجال الطاقة". وأضاف روبيو: "الولايات المتحدة تدعم إقليم كردستان قوياً ومتماسكاً كركيزة أساسية للعلاقة بين الولايات المتحدة والعراق". وبدورها، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس، أن اللقاء بين روبيو وبارزاني تناول أيضاً "سبل زيادة التجارة والاستثمار بين الولايات المتحدة وإقليم كردستان، وتعزيز حقوق الأقليات الدينية والإثنية في العراق وسوريا". في المقابل، عبّرت بغداد عن رفضها القاطع لهذه التحركات. واعتبرت وزارة النفط العراقية أن جميع الاتفاقيات التي تبرمها حكومة الإقليم مع شركات أجنبية تُعتبر "باطلة وغير دستورية"، مشيرة إلى أن إدارة الموارد الطبيعية تقع ضمن صلاحيات الحكومة الاتحادية فقط. وبينما رفعت بغداد دعوى قضائية لإبطال هذه العقود، أعلنت وزارة المالية العراقية تعليق تحويلات الميزانية للإقليم بسبب "عدم التزامه بتسليم النفط المتفق عليه وتوريد الإيرادات غير النفطية". وتصاعدت في الكونجرس الأميركي الدعوات لتصعيد الضغط على بغداد، وبعث النائبان الجمهوريان جو ويلسون وجريج ستيوب رسالة إلى وزير الخارجية ماركو روبيو يطالبان فيها بفرض عقوبات على العراق، قائلين إن "أكثر من 4 آلاف و400 جندي أميركي ضحّوا بأرواحهم منذ بدء الحرب في العراق، ومع ذلك، يقف العراق اليوم كدمية في يد طهران". الخلاف بين بغداد وأربيل للخلافات بين أربيل وبغداد جذورها الدستورية والسياسية، وقد وضع الدستور العراقي الذي أقر في 2005، بعد عامين من سقوط نظام صدام حسين، إطاراً عاماً للعلاقة بين بغداد وأربيل، لكنه ترك ثغرات قانونية جوهرية، فقد نصّت (المادة 111) على أن "النفط والغاز ملك كل الشعب العراقي"، بينما المادة 112 تمنح الحكومة الاتحادية، بالتعاون مع الأقاليم والمحافظات المنتجة، "إدارة الحقول الحالية". وهنا تكمن المشكلة، إذ لم يحدد الدستور العراقي بوضوح من له الحق في إدارة الحقول المكتشفة بعد 2005، أو توقيع العقود مع الشركات الأجنبية. وتؤكد بغداد أن الحكومة الاتحادية وحدها المخولة بإدارة جميع الثروات الطبيعية، وتوقيع العقود الدولية، والتحكم بعائدات النفط والغاز عبر شركة "سومو". وفي المقابل، ترى أربيل أن الدستور يمنحها صلاحيات واسعة في إدارة الحقول المكتشفة بعد 2005، وتوقيع العقود مباشرة مع الشركات الأجنبية، مستندة إلى مبدأ "الاختصاصات غير الحصرية" للحكومة الاتحادية. وقد أدّت هذه التفسيرات المتباينة إلى سلسلة من الأزمات بين الطرفين، ففي 2007، أقر برلمان كردستان قانون النفط والغاز الخاص به، وهو ما اعتبرته المحكمة الاتحادية العليا في بغداد "غير دستوري" عام 2022. ثم تصاعد النزاع في مارس 2023، عندما أوقفت تركيا صادرات النفط من الإقليم بعد حكم دولي لصالح بغداد، ما أدى إلى خسائر مالية لكردستان وتراكم ديون تُقدر بنحو 6 مليارات دولار. وفي محاولة لتنظيم العلاقة، أقر البرلمان العراقي قانون الموازنة 2023–2025، محدداً حصة الإقليم بـ12.6% بشرط تسليم 400 ألف برميل يومياً لشركة سومو، لكن تنفيذ هذه الشروط تعثر بسبب استمرار الخلافات. وفي ضوء هذا التاريخ الطويل من النزاع، يبدو أن حكومة إقليم كردستان تتبنى استراتيجية جديدة، تتمثل في تجاوز بغداد عبر بناء شراكات مباشرة مع واشنطن، وتقديم نفسها كحليف اقتصادي وأمني موثوق للولايات المتحدة، عبر توقيع صفقات مع شركات أميركية كبرى، والتحرك في دوائر القرار في واشنطن، وإبراز دورها في تقليل الاعتماد على الغاز الإيراني. وبينما تسعى أربيل لتغيير قواعد اللعبة وفرض واقع جديد في معادلة الطاقة والسياسة في العراق، تجد بغداد نفسها في المقابل مضطرة للدفاع عن صلاحياتها عبر القنوات القانونية، وسط تراجع واضح في مستوى علاقاتها مع واشنطن، التي باتت ترى في أربيل شريكاً أكثر مرونة وبراجماتية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store