logo
السرعة الهائلة لنمو الائتمان الخاص هل تنذر بفقاعة؟

السرعة الهائلة لنمو الائتمان الخاص هل تنذر بفقاعة؟

البيانمنذ 2 أيام
ففي الأشهر الأخيرة، حذر ديمون مراراً وتكراراً من المخاطر الكامنة في الائتمان الخاص، الذي شهد أخيراً «ارتفاعاً صاروخياً»، على حد تعبير الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن، لدرجة أنه أصبح أحد أسرع القطاعات المالية نمواً.
وكان ديمون لفت إلى أنه في حين أن هناك الكثير من الصفقات الجيدة، إلا أن هناك أيضاً صفقات سيئة، وأن التصنيفات الائتمانية غير موثوقة لدرجة أن القطاع يخلق «وصفة محتملة لأزمة مالية». وأضاف قائلاً: «لقد رأيت بعض هذه الصفقات التي صنفتها وكالات تصنيف.
ولقد صدمتني كثيراً التصنيفات التي حصلوا عليها. ويذكرني هذا بالرهون العقارية (قبل الأزمة المالية العالمية)». ثم عزز هذا الشهر من موقفه، قائلاً: «قد نكون الآن وصلنا إلى ذروة الائتمان الخاص». لكن هذا العام، رفع بنك جيه بي مورغان أيضاً مخصصاته للائتمان الخاص من 10 مليارات دولار إلى 50 مليار دولار.
والسبب أن منافسيه يسارعون إلى اقتحام هذا المجال، حيث يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى فتح فئة الأصول أمام صناديق التقاعد والمستثمرين الأفراد. وهكذا، فإن «الرقص» المالي يتزايد. فما الذي يجب أن يستنتجه المستثمرون؟
فقد أدت الإصلاحات التنظيمية التي أعقبت الأزمة إلى كبح الإقراض المصرفي في العقود الماضية، كما أدت حالة عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية إلى إضعاف الإقراض مرة أخرى هذا العام.
ومع ذلك، فإن عقداً من السياسة النقدية شديدة التيسير قد ترك النظام غارقاً في السيولة، وقد ذهب بعضه إلى صناديق رأس المال الخاص.
مع ذلك، فإن ما يقلق بعض المراقبين هو أن السرعة الهائلة لهذا الارتفاع تثير مقارنات تاريخية سيئة.
بعد كل شيء، التاريخ مليء بأمثلة على المنتجات المالية الجديدة (إلى حد ما) التي توسعت بسرعة فائقة، وحققت أرباحاً كبيرة للاعبين الأذكياء الأوائل، ولكنها أنتجت بعد ذلك خسائر فادحة عندما حدث اندفاع من جانب أموال التجزئة أو المستثمرين المؤسسيين غير المتطورين.
وقد حدث ذلك مع المشتقات والقروض ذات الرافعة المالية والأصول المرتبطة بالممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، وكذلك الحال مع منتجات الرهن العقاري دون المستوى المطلوب.
إنني لن أنسى أبداً مشاهدة ممولي وول ستريت الأنيقين وهم يبيعون الأوراق المالية دون المستوى المطلوب لمديري البنوك الإقليمية الألمانية واليابانية في قمة توريق في يونيو 2007؛ فقد كانت تلك علامة واضحة على أن الفقاعة على وشك الانفجار.
وما يجعل هذه المقارنات التاريخية مزعجة بشكل مضاعف هو أن صفقات الائتمان الخاصة عادة ما تكون مصممة خصيصاً وتتسم بالغموض، كما يوحي اسمها. وعلى المستوى الكلي، يثير هذا قلق هيئات مثل صندوق النقد الدولي ومجلس الاستقرار المالي إزاء مخاطر الاستدانة المفرطة والمخفية.
أما على المستوى الجزئي، فيشير الأمر إلى احتمال وجود قنابل موقوتة في المحافظ الاستثمارية.
وبينما يستطيع رأس المال الصبور (مثل صناديق الثروة السيادية) تحمل مثل هذه الصدمات، يتوقع المستثمرون الأفراد والمتقاعدون عادة عوائد منتظمة وموثوقة. أو لنقتبس من جيمي ديمون مرة أخرى: «قد يكون هناك ثمن باهظ... عندما تضرب الأزمة»، إذ «يميل عملاء التجزئة إلى التجمع في الحي والاتصال بأعضاء مجلسي الشيوخ والنواب» إذا انفجرت الخسائر.
ويعتقد الممولون في مجموعات مثل «مورنينغ ستار» أنه يمكن التخفيف من حدة مشكلات كهذه، على سبيل المثال من خلال إنشاء آليات لضمان انتظام المدفوعات وتجميع الائتمانات للتحوط من المخاطر. ويشيرون إلى أن جاذبية فتح القطاع أمام مستثمري التجزئة يكمن في أن عملية «الديمقراطية» هذه قد تدفعه إلى أن يصبح أكثر شفافية ومصداقية، وأن يخفض الرسوم.
ويأمل المرء ذلك، إذ من الصعب الجدال حول فكرة أن «ديمقراطية» القطاع المالي أمر جيد، لا سيما إذا أسهمت في تقاسم العوائد على نطاق أوسع، ومكنت القطاع من أن يصبح أكثر نضجاً وشفافية.
ومع ذلك، هناك درس تاريخي آخر ينبغي على وول ستريت أن تعيه: عندما أجبرت قطاعات أخرى على تحسين معاييرها في الماضي، كان هذا يحدث دائماً تقريباً بعد وقوع أزمة كبيرة، وليس قبلها. إن الخسائر المؤلمة هي ما يشعل شرارة الإصلاح عادة.
وربما يستطيع الائتمان الخاص مقاومة هذا الاتجاه، وإصلاح نفسه قبل انفجار فقاعة، وليس بعده.
لكن هذا لن يحدث على الأرجح إلا إذا شنت مؤسسات مثل جي بي مورغان وبلاك روك حملة من أجل التغيير. في الوقت نفسه، لا تتوقعوا من فريق ترامب أن يحمي المستثمرين دون ضغط قوي كهذا؛ فالمشتري عليه حذر هو الشعار السائد الآن. ويجب عموماً تحذير أي شخص يدخل حلبة الائتمان الخاص.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأسهم الآسيوية تتراجع لليوم الثالث مع تلاشي زخم الاتفاقات التجارية
الأسهم الآسيوية تتراجع لليوم الثالث مع تلاشي زخم الاتفاقات التجارية

البيان

timeمنذ 27 دقائق

  • البيان

الأسهم الآسيوية تتراجع لليوم الثالث مع تلاشي زخم الاتفاقات التجارية

تراجعت الأسهم الآسيوية لليوم الثالث على التوالي مع تلاشي الزخم الناتج عن اتفاقات التجارة الأخيرة، في وقت واصل المستثمرون توخي الحذر في أسبوع مزدحم بالبيانات الاقتصادية وإعلانات أرباح الشركات. وانخفض مؤشر «إم إس سي آي» لآسيا والمحيط الهادئ بنسبة 0.9%، بقيادة الأسهم في هونغ كونغ. واستقر الدولار يوم الثلاثاء بعد أن سجل أكبر ارتفاع له منذ مايو في الجلسة السابقة. واحتفظ النفط بمكاسبه بعد أن حث الرئيس دونالد ترامب روسيا على التوصل بسرعة إلى هدنة مع أوكرانيا أو مواجهة عقوبات اقتصادية محتملة. وارتفعت أسعار سندات الخزانة الأمريكية مع تراجع العائد على السندات لأجل 10 سنوات بما يقارب نقطة أساس واحدة ليصل إلى 4.40%. وجرى مزاد للسندات الحكومية اليابانية لأجل عامين من دون أي عقبات، حيث سجلت عملية البيع أقوى طلب منذ أكتوبر، مدفوعة بجاذبية العوائد التي اقتربت من أعلى مستوياتها منذ عام 2008. ويتلاشى التفاؤل الناتج عن اتفاقات الرسوم الجمركية الأخيرة، في وقت يحول فيه المستثمرون تركيزهم إلى مجموعة من المؤشرات الأساسية، من الوظائف والتضخم إلى النشاط الاقتصادي العام. وستتركز الأنظار على قرار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء، حيث من المتوقع أن يبقي المسؤولون على أسعار الفائدة من دون تغيير، يليه صدور نتائج أرباح أربع من شركات التكنولوجيا العملاقة. أوروبا تدافع عن الاتفاق وسط انتقادات وقال نك تويديل، كبير المحللين في «إيه تي إف إكس غلوبال ماركتس»: «ينتقل التركيز هذا الأسبوع بالكامل إلى البيانات الأمريكية، وإلى مجلس الاحتياطي الفيدرالي بدرجة أقل». وأضاف: «الآن وقد أصبحت الصورة أوضح بشأن الرسوم الجمركية، قد نشهد تعديلات، على الأرجح نحو الهبوط، بينما يحلل المحللون ما يعنيه تنفيذ الاتفاقات بالنسبة لمختلف الأطراف». ودافعت العواصم الأوروبية عن الاتفاق التجاري المبرم مع ترامب، في حين حذر مسؤولون في قطاع الصناعة في ألمانيا من أن الاتفاق يترك صناعة السيارات مكشوفة، ويجعل الشركات الأوروبية أقل قدرة على المنافسة. وقال وزير التجارة الخارجية الهولندي إن الاتفاق «ليس مثالياً»، ودعا المفوضية إلى مواصلة المفاوضات مع الولايات المتحدة. وانخفضت الأسهم الأوروبية يوم الإثنين. أما اليورو، فقد بقي من دون تغيير يذكر يوم الثلاثاء بعد أن سجل أكبر تراجع له منذ أكثر من شهرين في الجلسة السابقة. مفاوضات أمريكية صينية في استكهولم في غضون ذلك، أنهى المسؤولون الأمريكيون والصينيون اليوم الأول من محادثات تستمر يومين وتهدف إلى تمديد هدنة الرسوم الجمركية إلى ما بعد منتصف أغسطس، والتوصل إلى سبل للحفاظ على العلاقات التجارية مع ضمان الأمن الاقتصادي. وقال ديلين وو، استراتيجي الأبحاث في مجموعة «بيبرستون»: «أصبحت ردود فعل السوق على الاتفاقات التجارية أكثر عقلانية، لا سيما وسط التقلبات الأخيرة في توقعات خفض الفائدة». وأضاف: «يركز المستثمرون الآن بشكل أكبر على «البيانات الصلبة» للتحقق من التوقعات الاقتصادية والسياسات، بدلاً من المبالغة في تفسير الاتفاقات التجارية». ويعد قرار الفائدة الصادر عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع الحدث الأبرز للأسواق. كما يعقد بنك اليابان أيضاً اجتماعاً لاتخاذ قراره بشأن السياسة النقدية. ومن المقرر أن يجتمع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وزملاؤه في غرفة اجتماعات البنك المركزي لمدة يومين بدءاً من يوم الثلاثاء، لمناقشة أسعار الفائدة، في وقت تشهد فيه السياسة النقدية ضغوطاً سياسية شديدة، وسط تغيرات في سياسات التجارة، وتقاطعات اقتصادية معقدة. وفي خطوة نادرة، سيتزامن اجتماع صناع السياسة مع إصدار الحكومة لتقارير تتعلق بالناتج المحلي الإجمالي والتوظيف ومؤشرات الأسعار المفضلة لمجلس الاحتياطي. ويتوقع المراقبون أن تظهر هذه الدفعة الكبيرة من البيانات، أن النشاط الاقتصادي تعافى في الربع الثاني. وقال مارك فرانكلين، مدير محفظة أول لتخصيص الأصول في آسيا لدى «مانولايف لإدارة الاستثمار»، في مقابلة مع تلفزيون «بلومبرغ»: إنه «من الواضح أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي أصبح يعتمد على البيانات، لذا نحن فعلياً ننتقل من نقطة بيانات إلى أخرى». وأضاف: إن التركيز سيكون على تقرير الوظائف غير الزراعية، مشيراً إلى أنه «قد يكون حاسماً للغاية في تحديد قرارات السياسة على المدى القصير». في مكان آخر من آسيا، قال الرئيس ترامب إنه طلب من المسؤولين الأمريكيين استئناف مفاوضات التجارة مع كمبوديا وتايلند بعد أن وافقت الدولتان على وقف القتال على حدود متنازع عليها. وفي اليابان، يسعى رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا إلى البقاء في منصبه، وأكد تمسكه بمنصبه بعد أن صعّد عدد من نواب الحزب الحاكم دعواتهم لاستقالته في أعقاب الانتكاسة التاريخية في الانتخابات الأسبوع الماضي. آمال بارتفاع الذهب إلى 4000 دولار وفي ما يتعلق بالذهب، قالت شركة «فيديلتي إنترناشونال»: إن المعدن النفيس قد يصل إلى 4.000 دولار للأونصة بحلول نهاية العام المقبل، مع قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد الأمريكي، وتراجع الدولار، واستمرار البنوك المركزية في توسيع حيازاتها من المعدن.

الذهب قرب أدنى مستوى في 3 أسابيع
الذهب قرب أدنى مستوى في 3 أسابيع

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

الذهب قرب أدنى مستوى في 3 أسابيع

شهدت أسعار الذهب تغيرا طفيفا اليوم الثلاثاء وحومت قرب أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع بعدما قوضت قوة الدولار وانحسار المخاوف من حرب تجارية عالمية جاذبية المعدن النفيس كملاذ آمن. واستقر الذهب في المعاملات الفورية عند 3318.71 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 0601 بتوقيت جرينتش. وكان قد سجل أدنى مستوى له منذ التاسع من يوليو في الجلسة السابقة. وزادت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.2 بالمئة إلى 3317.50 دولاراً. وقال تيم ووترر كبير محللي السوق لدى كيه.سي.إم تريد "تداول الذهب عند حوالي 3300 دولاراً أو أقل يثير شهية المشترين. ورغم أن العوامل المحركة للسوق على المدى القريب، مثل اتفاقيات التجارة وارتفاع الدولار، لا تدعم الذهب، فإنه بالنظر إلى المستقبل، لا تزال هناك إمكانية للصعود". واجتمع مسؤولو اقتصاد من الولايات المتحدة والصين في ستوكهولم أمس الاثنين لإجراء محادثات استمرت لأكثر من خمس ساعات بهدف حل النزاعات الاقتصادية طويلة الأمد التي تشكل محور حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، سعيا لتمديد هدنة تجارية ثلاثة أشهر. وأبرمت الولايات المتحدة اتفاقية تجارية إطارية مع الاتحاد الأوروبي يوم الأحد، وفرضت رسوما جمركية 15 بالمئة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، وهو تطور من شأنه تجنب حرب تجارية أوسع نطاقا بين الحليفين اللذين يشكلان ما يقرب من ثلث التجارة العالمية. واستقر مؤشر الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين، مما يزيد من تكلفة الذهب على المشترين من حائزي العملات الأخرى. ويبدأ اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الاتحادي الذي يستمر يومين في وقت لاحق من اليوم الثلاثاء، مع توقعات واسعة النطاق تشير إلى الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. واستقرت الفضة في المعاملات الفورية عند 38.18 دولاراَ للأوقية، وتراجع البلاتين 0.1 بالمئة إلى 1388.98 دولاراً، وتراجع البلاديوم 1.7بالمئة إلى 1225.44 دولاراً.

هل استسلم الاتحاد الأوروبي لسياسات ترامب؟
هل استسلم الاتحاد الأوروبي لسياسات ترامب؟

سكاي نيوز عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سكاي نيوز عربية

هل استسلم الاتحاد الأوروبي لسياسات ترامب؟

الاتفاق الذي جرى توقيعه بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ، أرسى رسوماً جمركية بنسبة 15 بالمئة على الصادرات الأوروبية إلى السوق الأميركية، كما يفرض على بروكسل مجموعة من الالتزام لشراء الطاقة الأميركية والمعدات العسكرية. يعكس هذا التحول السريع في مسار الأزمة حجم الضغوط التي واجهتها بروكسل ، إذ اختارت التهدئة بدلاً من مواجهة مباشرة، مفضّلة الحفاظ على استقرار الأسواق وحماية القطاعات الصناعية الأساسية من تداعيات أي تصعيد. ورغم أن الاتفاق جنّب الطرفين مزيداً من الفوضى الاقتصادية، إلا أنه حمل أثماناً سياسية واقتصادية، أبرزها قبول الاتحاد الأوروبي بزيادة وارداته من الطاقة الأميركية وتوسيع استثماراته داخل السوق الأميركية بمئات المليارات من الدولارات. وفي هذا السياق، تباينت الآراء حول الاتفاق بين من اعتبره خطوة براغماتية تجنّب أوروبا كارثة اقتصادية، ومن رآه تنازلاً غير مبرر يُكرس تبعية اقتصادية متزايدة لواشنطن. وبينما يراهن صناع القرار الأوروبيون على أن هذا الاتفاق سيمهد لمرحلة استقرار نسبي على جانبي الأطلسي، يحذّر خبراء من أنه قد يكون بداية لتحولات أعمق في ميزان القوى الاقتصادية العالمية. بحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" فإنه: في مواجهة الحملة التجارية التي شنها دونالد ترامب ، بدأ الاتحاد الأوروبي طريقه نحو الاستسلام منذ العاشر من أبريل. أدت الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأميركي على معظم دول العالم في وقت سابق من ذلك الشهر بمناسبة "يوم التحرير"، إلى اضطراب حاد في الأسواق المالية، حيث تخلى المستثمرون عن الأصول الأميركية خوفًا من الركود. ومع تصاعد موجة البيع، تراجع ترامب عن قراره، وفي 9 أبريل، خفض الرسوم الجمركية إلى 10 بالمئة، فيما وصفه بأنه إجراء مؤقت. لكن بروكسل تراجعت هي الأخرى. ففي العاشر من أبريل، علّقت رسومها الجمركية الانتقامية، وقبلت عرض الولايات المتحدة بإجراء محادثات، مُهددةً إياها بعقوبة قاسية: رسوم جمركية على معظم تجارتها، إلى جانب رسوم أعلى على الصلب والألمنيوم والمركبات. وبدلاً من الانضمام إلى كندا والصين في إجراءات انتقامية فورية، اختار الاتحاد الأوروبي ــ الذي يعاني من إعاقة بسبب اختلاف وجهات النظر بين الدول الأعضاء فيه ــ البحث عن حل وسط على أمل تأمين صفقة أفضل. وبموجب الاتفاق الإطاري الذي توصلت إليه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وترامب في منتجع تيرنبيري للغولف يوم الأحد، تقبل الاتحاد الأوروبي تعريفة جمركية أميركية أساسية واسعة النطاق بنسبة 15 بالمئة، بما في ذلك بشكل حاسم على السيارات ، ولكن ليس على الصلب، الذي سيخضع لنظام الحصص. ويضيف التقرير: لكن الشعور بالارتياح بين صناع السياسات بشأن تجنب حرب تجارية عبر الأطلسي على الفور كان ممزوجا بالندم: فهل كان الاتحاد الأوروبي، أكبر كتلة تجارية في العالم والذي من المفترض أنه يمثل ثقلا اقتصاديا كبيرا، قادرا على انتزاع شروط أفضل لو لم يخفف من حدة ضرباته في وقت مبكر؟ الاتحاد الأوروبي لم يستلم للإجابة عن تلك الأسئلة، يقول الخبير الاقتصادي أنور القاسم لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": لا أعتقد بأن الاتحاد الأوروبي استسلم.. هذا الاتفاق قد يكون الأهم دولياً بين أكبر شريكين اقتصاديين، في العديد من النواحي. الاتفاق يقضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 15 بالمئة على الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة. وكانت هذه الرسوم تبلغ 10 بالمئة.. وترامب كان يهدد برفعها إلى 30 بالمئة بدءاً من الأول من أغسطس المقبل وهذه النسبة هي النصف. من يقرأ الاتفاق الاطاري يجد الاستثناءات في بعض القطاعات وهذا مكسب للأوروبيين. كما أنه ما تزال هناك ثلاث أو أربع نقاط خلاف قد تسوى بما يخدم الجانبين لاحقاً. ويضيف: "أوروبا تتنفس الصعداء الآن؛ فهي غير قادرة سياسياً واقتصادية على مجاراة تقلبات وانفعالات الرئيس الأميركي منذ وصوله إلى السلطة.. والأهم في اعتقادي أن هذه الاتفاقية تمهد الطريق لصفقات اقتصادية كبيرة مقبلة وأيضاً انفراج سياسي منتظر بين جانبي الأطلسي حول السياسة والدفاع". لكن القادة والمحللون الأوروبيون يحذرون من أن اتفاقية التجارة الجديدة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على الرغم من تجنبها تصعيد التعريفات الجمركية، تترك المنطقة في وضع غير مؤات، وفق تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية الاثنين. يجادل منتقدو الاتفاقية بأنها في النهاية تضع المنطقة في موقف دفاعي. لمتتأثر بعض السلع مثل مكونات الطائرات وبعض المواد الكيميائية بالتعريفات الجمركية، بينما ستشهد السيارات تخفيض الرسوم الجمركية إلى معدل 15 بالمئة. تتضمن الاتفاقية أيضاً أحكاماً لشراء الاتحاد الأوروبي للطاقة الأميركية وزيادة استثماراته في البلاد. ونقلت الشبكة عن الخبيرة الاقتصادية، كايلين بيرش، قولها: "إنه (الاتفاق) تراجع من مكان أسوأ بكثير". ومع ذلك، تشير إلى أن "فرض رسوم جمركية بنسبة 15 بالمئة لا يزال يمثل تصعيداً كبيراً عما كنا عليه قبل عهد ترامب الثاني". كما تلفت إلى استمرار حالة عدم اليقين، حيث لا تزال تفاصيل قطاعي الصلب والأدوية غير واضحة. لكن خبير الشؤون الأوروبية، محمد رجائي بركات، يرى أن الاتحاد الأوروبي "استسلم فعلياً" لمطالب الرئيس الأميركي، مشيراً إلى أن "القرار الأهم والأكثر تأثيراً يتمثل في إلزام دول الاتحاد باستيراد الغاز والنفط من الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يُعد خسارة كبيرة للاتحاد". ويوضح بركات لدى حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن: "هذه الخطوة ستكلف الدول الأوروبية أعباء مالية كبيرة، خاصة أن أسعار الطاقة الأميركية أعلى بكثير مقارنة بالغاز والنفط الروسي، الذي كانت دول الاتحاد تستورده بأسعار منخفضة". "الهدف الأميركي كان منذ البداية هو فرض صادرات الطاقة الأميركية على أوروبا، حتى لو كان الثمن هو تدمير البنية التحتية للطاقة المشتركة بين روسيا وألمانيا ، مثلما حدث مع خط أنابيب الغاز الذي تم تدميره لمنع تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا". ويؤكد بركات أن "الاتحاد الأوروبي يتكبد خسائر أخرى نتيجة فرض رسوم جمركية بنسبة 15 بالمئة على العديد من المنتجات، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع داخل دول الاتحاد وبالتالي زيادة الأعباء على المستهلك الأوروبي". ويستطرد: "الاتفاق يتضمن استثماراً أوروبياً ضخماً يُقدَّر بـ600 مليار دولار داخل الولايات المتحدة بدلاً من توجيهه لتنمية اقتصادات دول الاتحاد، ما يُعد خسارة استراتيجية على المدى الطويل". ويختتم حديثه بالقول: "فرنسا عبّرت بوضوح عن أسفها لكون هذه الاتفاقية غير متوازنة، وهو ما ينذر بحدوث خلافات داخل الاتحاد الأوروبي. ولن تُنفذ هذه الاتفاقية إلا بعد موافقة الدول الأعضاء، وأعتقد بأنها ستواجه الكثير من العقبات قبل التصديق النهائي عليها". وصدرت تصريحات منتقدة للاتفاق من بعض القادة والاقتصاديين الأوروبيين، إذ صرّح المستشار الألماني فريدريش ميرز بأنه على الرغم من قدرة الاتحاد الأوروبي على حماية مصالحه الأساسية، إلا أنه كان سيرحب بمزيد من تخفيف القيود على التجارة عبر الأطلسي. في غضون ذلك، قال وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي، بينجامين حداد، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، بأنه على الرغم من أن الاتفاق سيحقق "استقراراً مؤقتاً" لبعض القطاعات، إلا أنه "غير متوازن" بشكل عام. كما حذر كبير الاقتصاديين في بيرينبيرج، هولجر شميدينج، من أنه في حين أن "حالة عدم اليقين المنهكة" قد انتهت، فإن الضرر الذي لحق بأوروبا أكثر إلحاحاً مقارنة بالتأثير طويل المدى على الولايات المتحدة. أميركا تُملي شروطها يتفق خبير العلاقات الدولية الاقتصادية من برلين، محمد خفاجي، مع بركات، موضحاً أنه: يمكن القول إن الاتحاد الأوروبي قدم تنازلات كبيرة لتجنب مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، خاصة في مجال التجارة. وافق الاتحاد الأوروبي على فرض رسوم جمركية جديدة على غالبية السلع الأوروبية المصدّرة إلى الولايات المتحدة، وهي رسوم أقل من تلك التي هدد بها ترامب سابقاً، لكنها تمثل واقعاً تجارياً جديداً للشركاء الرئيسيين لواشنطن. في المقابل، التزمت الكتلة الأوروبية بشراء كميات كبيرة من الطاقة والمعدات العسكرية الأميركية، إلى جانب توسيع استثماراتها داخل السوق الأميركية. تعهد الاتحاد الأوروبي بشراء كميات ضخمة من مصادر الطاقة الأمريكية، بما في ذلك الغاز والنفط والوقود النووي، لتعويض النقص في الإمدادات الروسية، إضافة إلى تعزيز استثماراته في الاقتصاد الأميركي بشكل واسع. ويستطرد: لهذه التنازلات آثار متباينة على التكتل. فقد جنّب الاتفاق الاتحاد الأوروبي حرباً تجارية أوسع، ووفّر قدراً من الاستقرار والقدرة على التنبؤ التي شددت عليها رئيس المفوضية فون دير لاين، وهو أمر حيوي للشركات على جانبي الأطلسي.. لكن الاتفاق حمل أيضاً تكلفة اقتصادية مباشرة، إذ إن الرسوم المفروضة تعني زيادة في تكاليف الإنتاج والاستهلاك داخل أوروبا. ويشير لتحذيرات اتحادات صناعية كبرى من تداعيات سلبية على قطاعات حيوية مثل الكيماويات والسيارات. كما يعزز الاتفاق التبعية الأوروبية للطاقة الأميركية، في وقت تسعى فيه القارة لتقليل اعتمادها على مصادر أخرى. سياسياً، يُنظر إلى الاتفاق في بروكسل على أنه تراجع استراتيجي اضطر فيه الاتحاد الأوروبي للتفاوض تحت ضغط اقتصادي وتهديدات مباشرة، ما قد يحد من استقلاليته في صياغة سياساته التجارية والدفاعية مستقبلاً. ورغم المخاوف، يتوقع بعض الخبراء أن يكون تأثير الاتفاق محدوداً نسبياً على النمو الإجمالي، مع ترجيحات بأن التباطؤ الاقتصادي الناتج عن الرسوم الجديدة سيبقى ضمن هامش ضيق، بحسب خفاجي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store