
تعزيز التعاون الخليجي–الماليزي: شراكة استراتيجية للنهوض الاقتصادي
وتهدف الاتفاقية المزمعة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وتوسيع الشراكة بين ماليزيا ودول الخليج، وجاء الإعلان عن مفاوضاتها خلال توقيع بيان مشترك في العاصمة الماليزية كوالالمبور، بحضور كبار المسؤولين مثل ولي عهد الكويت، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ورئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، ما عكس الأهمية الكبيرة للمبادرة.
ويعود إطلاق دول المجلس للمفاوضات إلى توجيهات قادة دول المجلس الرامية إلى تعزيز علاقات دول المجلس مع شركائها الدوليين، وترسيخ الشراكة الاقتصادية مع ماليزيا التي تتمتع بعلاقات تاريخية متينة مع دول الخليج، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء السعودية. ووفقا لبيانات وزارة الاستثمار الماليزية، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين ماليزيا ودول الخليج نحو 22.3 مليار دولار أميركي في عام 2024، مع تنوع الصادرات الماليزية لتشمل المنتجات الكهربائية والإلكترونية والمجوهرات والمنتجات النفطية وزيت النخيل والأغذية المصنعة.
وترى ماليزيا أن دول مجلس التعاون الخليجي من أهم شركائها التجاريين في الشرق الأوسط، وأن الاتفاقية ليست مجرد ترتيب تجاري بل منصة استراتيجية لإعادة ضبط وتعزيز العلاقات الثنائية في ظل التحديات والاضطرابات العالمية الحالية، حسبما أورد تقرير نشرته وكالة الأنباء الماليزية "برناما". ومن المتوقع أن تغطي الاتفاقية المرتقبة مجموعة واسعة من القطاعات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك تجارة السلع والخدمات، والاستثمار، وتيسير حركة الأعمال، وتعزيز
التعاون الاقتصادي
الأعمق، وأن تتضمن خفض الحواجز الجمركية وغير الجمركية، بما يسهل التبادل التجاري ويعزز فرص الاستثمار بين الطرفين.
ومن شأن هكذا اتفاقية أن توفر فرصا لتوسيع قاعدة المنتجات والخدمات المتاحة في السوق الخليجية بأسعار تنافسية نتيجة تخفيض
الرسوم الجمركية
والحواجز التجارية، وأن تعزز تدفق الاستثمارات بين الجانبين، ما يدعم التنمية الاقتصادية ويحفز الابتكار في قطاعات متعددة، فضلا عن الإسهام في تعزيز التعاون التنظيمي وتسهيل حركة الأعمال، بما يعزز من بيئة الأعمال في دول الخليج ويجعلها أكثر جذبا للاستثمارات الأجنبية المباشرة، بحسب تقرير الوكالة الماليزية.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
ماليزيا تقترح على "آسيان" وصفة من 3 عناصر لمواجهة الرسوم الجمركية
اختيار مدروس
وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي ومدير المركز الدولي للدراسات التنموية مصطفى يوسف، بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة بين دول الخليج وماليزيا يعد خطوة استراتيجية تفتح آفاقا جديدة أمام التعاون الاقتصادي خارج الإطار التقليدي، ويأتي ضمن سلسلة من المفاوضات التي تجريها دول الخليج مع عدد من الدول الآسيوية، من بينها إندونيسيا وتركيا والصين، بهدف تنويع الشركاء الاقتصاديين، وتقليص الاعتماد على السوق الأميركية.
ويوضح يوسف أن اختيار ماليزيا شريكا محتملا ليس اعتباطيا، رغم أن حجم سكانها لا يزال محدودا نسبيا (حوالي 30 مليون نسمة)، إلا أن الدولة الآسيوية تتمتع بمكانة متقدمة على الصعيد التكنولوجي، وتربطها علاقات اقتصادية قوية مع اليابان وكوريا والصين، كما أنها تلعب دورا محوريا في سلاسل الإمداد الخاصة بالمنتجات الإلكترونية الاستهلاكية.
ويرى يوسف أن الاتفاق مع ماليزيا يمكن أن يكون نواة لبناء شراكات أوسع وأعمق مع دول رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، خاصة في ظل تطور قطاع الصيرفة الإسلامية فيها، وهو ما يجعلها نموذجا جيدا يمكن أن تستفيد منه دول الخليج في تعزيز هذا القطاع الحيوي.
ويضيف الخبير الاقتصادي أن الانفتاح على دول آسيا، وخاصة الدول الإسلامية منها، يمثل فرصة حقيقية لدول الخليج لتنويع مصادر استثماراتها وواردها، خاصة في ظل السياسات الحمائية التي تتبعها الإدارة الأميركية برئاسة
دونالد ترامب
الصورة
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968
، والتي أثارت مخاوف كبيرة لدى الشركاء التجاريين حول العالم.
ويشير يوسف إلى أن الاتفاق من شأنه أن يتيح للدول الخليجية فرصة تصدير بعض المنتجات النفطية وغير النفطية إلى أسواق جديدة، بدلا من التركيز على الولايات المتحدة، كما يسهم في توفير بدائل استيرادية أقل تكلفة، بما يساعد على تقليل الضغوط التضخمية على المستهلك المحلي. ويشدد يوسف على أن هذا النوع من الشراكات لا يخلو من الحسابات السياسية والاقتصادية الدقيقة، خاصة في ما يتعلق بتوازن العلاقات مع الولايات المتحدة والشركاء الإقليميين الآخرين، لكنه يرى أن انفتاح الخليج على دول مثل ماليزيا يندرج ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى بناء علاقات متعددة الأبعاد، بعيدا عن الأحادية القطبية.
ويخلص يوسف إلى أن توقيع اتفاقية تجارة حرة مع ماليزيا لا يشكل دعما للتجارة البينية فقط، بل يمثل أيضا خطوة نحو تعزيز مكانة الخليج في الاقتصاد العالمي الجديد، واستثمار إمكاناته المالية في أسواق واعدة، بعيدا عن ضغوط الحماية التجارية والتغيرات السياسية في الغرب.
موقف
التحديثات الحية
فعلتها ماليزيا... فهل تفعلها دول أخرى؟
وفي السياق ذاته، دعا وزير الخارجية الصيني وانغ يي، خلال الاجتماع الـ15 لوزراء خارجية قمة شرق آسيا المنعقد في كوالالمبور في 11 يوليو/تموز إلى تعزيز التفاهم والثقة بين الأطراف، والحفاظ على السلام والاستقرار، ودفع التنمية والازدهار الإقليمي. وفي الذكرى العشرين لتأسيس القمة، طرح وانغ ثلاثة مقترحات رئيسية: العودة إلى الحوار البناء، وتوسيع التعاون التنموي، والانفتاح على التكامل الإقليمي بقيادة "آسيان"، مع رفض عقلية الحرب الباردة وتشكيل التكتلات المغلقة.
وفي ما يتعلق بقضية تايوان، أكد وانغ أن التوتر في مضيق تايوان يعود إلى تصاعد النزعة الانفصالية والدعم الخارجي لها، مشددًا على أن حماية السيادة ووحدة الأراضي تمثل واجبًا مقدسًا لكل دولة. ودعا المجتمع الدولي إلى التمسك بمبدأ "صين واحدة"، ورفض أي دعم لانفصال تايوان، ودعم جهود الصين لإعادة التوحيد الوطني الكامل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 9 ساعات
- العربي الجديد
المغرب يتوقع تدهور عجز الميزان التجاري بسبب تراجع الطلب الأوروبي
تتوقع المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، مساهمة سالبة للطلب الخارجي في معدل النمو الاقتصادي، خاصة في ظل تباطؤ وتيرة الطلب على السيارات من السوق الأوروبية، رغم زيادة مبيعات الفوسفات ومشتقاته، حيث توقعت تباطؤ النمو الاقتصادي للبلاد إلى 4% العام المقبل من 4.4% متوقعة هذا العام، مشيرة إلى حالة عدم اليقين العالمية بشأن التجارة . وتترقب المندوبية في تقريرها السنوي حول الموازنة الاقتصادية الاستشرافية، الصادر اليوم الثلاثاء، أن تتأثر الصادرات المغربية بالمحيط العالمي الذي يتسم بتصاعد التوترات الجيوسياسية وبتباطؤ النمو الاقتصادي في بلدان الاتحاد الأوروبي، فيما ستؤدي قوة الطلب الداخلي إلى ارتفاع الواردات، وتفاقم عجز الميزان التجاري. وتعبر المؤسسة عن توقع تدهور عجز الميزان التجاري، لينتقل من 19.1% من الناتج الإجمالي المحلي في 2024 إلى 19.8% سنة 2025، و20.1% سنة 2026. وكان عجز الميزان التجاري قد قفز من حوالي 16 مليار دولار في 2020 و20 مليار درهم في عام 2021، إلى 31 مليار دولار في 2022، قبل أن يستقر عند 30.5 مليار دولار في عام 2024. وتلاحظ المندوبية أن صافي الطلب الخارجي سيواصل تسجيل مساهمات سالبة في النمو الاقتصادي خلال سنتي 2025 و2026، تصل إلى 1.4 نقطة و0.9 نقطة على التوالي. وسيؤثر التباطؤ المتوقع في معدلات النمو الاقتصادي لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين على دينامية الصادرات الوطنية، ما يدفع المندوبية السامية للتخطيط إلى التأكيد أن هذه الوضعية، ستؤدي مصحوبة بالزيادة المتوقعة للواردات، إلى تفاقم العجز التجاري وتدهور رصيد الحساب الجاري. وتسجل المؤسسة التي تنفرد بإصدار البيانات حول النمو وفرص العمل والبطالة والتضخم ومؤشر ثقة الأسر، أن صادرات الفوسفات ومشتقاته ستتعزز في 2025 و2026، مدعمة بقوة الطلب العالمي، خاصة الطلب الوارد من أميركا اللاتينية وأوروبا وآسيا. وتؤكد أن صادرات الفوسفات ومشتقاته ستستفيد من القيود المفروضة على الصادرات الصينية واستمرار فرض العقوبات على الفوسفات الروسي. كما ستساهم ملاءمة منتجات مع المعايير البيئية الأوروبية في تعزيز ولوج الصادرات من الفوسفات إلى الأسواق الأوروبية. اقتصاد عربي التحديثات الحية 20 مليون سائح إلى المغرب في 2025... ورهان على المغتربين وينتظر أن تتحسن الصادرات من المنتجات الزراعية ومنتجات الصناعات الغذائية، مدعومة بالتأثيرات الإيجابية للقطاع الفلاحي في العام الحالي، وستحافظ على المنحى نفسه خلال سنة 2026. وتذهب إلى أن صادرات النسيج والألبسة ستشهد نمواً معتدلاً نتيجة الطلب المتواضع في الأسواق العالمية، خاصة في أوروبا، باعتبارها السوق الرئيسي لمنتجات هذا القطاع. ويرد هذا المنحى كذلك، حسب المندوبية، إلى المنافسة التي تعرفها الأسواق الدولية، وإلى استمرار سياق اقتصادي مضطرب في العديد من الدول المستوردة. وتؤكد المندوبية أن صادرات قطاع السيارات ستتأثر بالمنحى التنازلي للطلب على السيارات العاملة بالوقود في الأسواق الأوروبية، مشددة على أن التحول المتسارع نحو السيارات الكهربائية والهجينة في أوروبا، نتيجة التدابير التحفيزية، من شأنه أن يساهم في تسريع ملاءمة الإنتاج الوطني مع احتياجات الأسواق. وتتوقع المندوبية أن يرتفع حجم الواردات من السلع بنسبة 8.8 % في 2025 و7.9% في 2026، حيث ستسجل الواردات من سلع التجهيز وأنصاف المنتجات زيادة ملحوظة، مدعمة أساساً بتسارع وتيرة نمو مكونات الطلب خاصة الاستثمار. ويرتقب أن تعرف الواردات من المنتجات الغذائية، خاصة القمح، تراجعاً طفيفاً نتيجة التحسن النسبي للإنتاج الزراعي، فيما ستواصل الواردات من الحيوانات الحية منحاها التصاعدي، بهدف تقليص الضغوط على الثروة الحيوانية على الصعيد الوطني. كما تتوقع المندوبية أن يتقلص العجز المالي إلى 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2026 من 3.6% في العام الجاري، لأن زيادة الإيرادات الضريبية ستبدد زيادة الإنفاق الحكومي.


العربي الجديد
منذ 9 ساعات
- العربي الجديد
تركيا بعد 9 سنوات من محاولة الانقلاب الفاشلة: ماذا حدث للاقتصاد؟
تركيا قبل 15يوليو/ تموز 2016 ليست كما بعده، على جميع الصّعد؛ فالانقلاب الفاشل ترك حذراً وتداعيات على مختلف القطاعات، فزادت من التحوّط وأعادت رسم ملامح سياساتها، الداخلية والخارجية لتسوّق توازنات وقوة للخارج ومحاولات تنمية وازدهار داخلياً، لكن التضخم وتهاوي سعر الصرف، بدّلا من معيشة الأتراك، الذين يتفق الجميع على أنهم كانوا أبطال إفشال الانقلاب ، وقت خرج الأتراك، بوجه الانقلابيين واستلقوا أمام الدبابات، مدافعين عن مكتسباتهم ورغد معيشتهم ورافضين عودة الانقلابات وحكم العسكر. اليوم، تمرّ الذكرى التاسعة لذلك المنعطف وتركيا أكثر صلابة وتطوراً، بدليل الأرقام وليس الخطابات والأماني، فأنْ تصل نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي عند 5.1% في 2023، قبل أن تتراجع إلى 3.2% العام الماضي ويقترب الناتج من 1.3 تريليون دولار، فنحن نتكلم عن اقتصاد كبير، وأن تزيد صادرات العام الماضي عن 265 مليار دولار، فنحن أمام بلد صناعي ونمر اقتصادي باتت سلعه موضع ترحيب في الأسواق العالمية، بعد أن فازت بالجودة والسعر. وربما دخول تركيا القطاعات العصرية، إن جازت التسمية، من صناعة الأسلحة والطاقة والتكنولوجيا، هو العلامة الفارقة بعد الانقلاب بعد أن سجلت صادرات الصناعات الدفاعية نحو 7.125 مليارات دولار ووصلت نحو 180 دولة حول العالم، كما دخلت تركيا نادي الدول الطاقوية المستقرة، بعد مفاعل "آق قيو" النووي واتجهت نحو المصادر المتجدّدة، من رياح ومياه، لتسرع نحو هدف الحياد الكربوني المعلن عام 2053، بعد أن شكّلت المصادر المتجدّدة نحو 42% من إنتاج الكهرباء العام الماضي. تضخّم مزمن في تركيا لكن ما لم تعرف له تركيا علاجاً حتى اليوم، هو التضخم الذي يأكل مداخيل الأتراك ويبدّل من رفاهيتهم ومستوى معيشتهم، والذي لم تزل نسبته عند 35.05%، رغم المساعي ورفع سعر الفائدة إلى 46% وإعلان المواجهة عبر البرنامج الاقتصادي الحكومي، الأمر الذي زاد من معاناة الأتراك وعبء تكاليف معيشتهم جرّاء ارتفاع الأسعار. اقتصاد دولي التحديثات الحية رسوم ترامب تنعش الألبسة التركية وكشف تقرير لاتحاد نقابات العمال الأتراك، عن شهر يونيو/حزيران الماضي، أن خط الجوع بلغ 25.1 ألف ليرة تركية (نحو 627 دولار)، في حين وصل خط الفقر إلى 85.06 ألف ليرة، بينما لا يزيد الحد الأدنى للأجور عن 22 ألف ليرة، ولأنّ الليرة مؤشر يمكن الركون إليه، بعد معرفة الحد الأدنى للأجور وتكاليف المعيشة، سنأتي على التبدل الذي طرأ على سعر العملة التركية، خاصة بعد ليلة الانقلاب التي يراها مراقبون، نقطة انعطاف وبداية لمرحلة نقد جديدة. ورغم أن تهاوي سعر العملة، أيّ عملة، لا يمكن الاعتتاد به أو أخذه مؤشراً كاملاً على أداء أو قوة الاقتصاد، فإن كان من سلبيات لتراجع سعر الصرف على تضخم الأسعار ومعيشة المستهلكين، فثمة إيجابيات تجنيها دول من تراجع سعر عملتها، سواء باستقطاب السياح أو زيادة تدفق الصادرات. وهذه الثنائية التي تجني ثمارها تركيا اليوم كما الصين منذ عقدين، دفعت بعض المراقبين، لاتهام الحكومة التركية بقصدية تراجع سعر صرف الليرة. الليرة من القوة إلى التهاوي بدأت مسيرة الليرة القوية، منذ أن جرى إلغاء ستة أصفار من العملة في مطلع يناير/كانون الثاني 2005، لتستقر الليرة التركية، وتبقى دون 2 ليرة مقابل الدولار، حتى عام 2015، وقتَ تراجعت في فبراير/شباط إلى ما دون 2.3 ليرة للدولار، وتتأرجح بنسب طفيفة حتّى ليلة 15 يوليو عام 2016 "الانقلاب الفاشل"، وهي ما يضعها المراقبون، بدايةً لتهاوي سعر الليرة التركية، وقت فقدت نحو 4% من قيمتها، قبل أن تتحسن في اليوم التالي، لكن 3 ليرات مقابل الدولار، لم تعد حاجزاً نفسياً للسوق والمكتنزين، حينما اقتربت منه ليلة الانقلاب وسجلت 2.9 ليرة للدولار الواحد. واستمر التراجع الطفيف خلال عام 2016 ليقفل العام على نحو 3.5 ليرات مقابل الدولار، لكن عام 2017 الذي بدأ بأحداث سياسية محلية، منها مناقشة البرلمان تعديلات دستورية تزيد من صلاحيات الرئيس وتتجه بالنظام التركي نحو النظام الرئاسي، تلاه توترات تركية مع الولايات المتحدة، عندما علّقت واشنطن جميع خدمات التأشيرات، باستثناء المهاجرين، بعد صدور حكم قضائي تركي بحبس متين طوبوز، الموظف في القنصلية الأميركية العامة في إسطنبول، بتهم مختلفة بينها التجسّس، إذ ردت تركيا بالمثل، ليقفل العام على 3.8 ليرات للدولار الواحد. مطلع عام 2018 وبعد نزع جزئي لفتيل التوتر مع الولايات المتحدة وارتفاع قيمة الصادرات وعائد السياحة، تحسن سعر صرف الليرة التركية لتعود إلى عتبة 3.7 ليرات للدولار، لكن منتصف عام 2018 وبعد الحكم على القسّ الأميركي برانسون، بدأت الليرة بالتذبذب لتفقد 19% من قيمتها ليلة 10أغسطس/آب وقت تصاعد التوتر بين أنقرة وواشنطن، وضاعف الرئيس ترامب الرسوم على الصلب والألومنيوم التركيَين، ودعا الرئيس أردوغان الشعب التركي "إن كان لديكم أموال بالدولار أو اليورو أو ذهب تدخرونه، اذهبوا إلى المصارف لتحويلها إلى الليرة التركية، إنه كفاح وطني". وبدأ عام 2019 بسعر دولار أكثر من 5 ليرات، وتهاوى السعر في إبريل/ نيسان العام نفسه إلى ما دون 7 ليرات، قبل أن تتحسن وينتهي العام على 5.8 ليرات مقابل العملة الأميركية. لكن ومنذ عام 2020، بدأ مشوار الليرة الضعيفة، لأنه ترافق مع "وباء كورونا" وتراجع الصادرات والسياحة، فبدأته الليرة بنحو 6 ليرات مقابل الدولار، وأقفلت العام على 7.4 ليرات للدولار الواحد بخسارة من قيمة الليرة بنحو 23% في ثاني أكبر خسائر، بعد عام 2018 الذي خسرت خلاله حوالى 38% من قيمتها. ليبدأ العام 2021، الذي يعتبره أتراك الأسوأ على الإطلاق، بالنسبة لليرة التركية التي خسرت نحو 47% من قيمتها، بعد أن تراجعت من 7.4 ليرات إلى نحو 13.5 ليرة، ليستمر التراجع عام 2022، بسبب التأثر بالظروف الدولية وتصميم الحكومة التركية على تخفيض سعر الفائدة، ليبلغ تراجع قيمة الليرة هذا العام أكثر من 30%، بعد تراجعها من 13.5 إلى نحو 18.7 مقابل الدولار. اقتصاد دولي التحديثات الحية زيادة تكاليف العقارات وارتفاع الأسعار في تركيا بعد مرحلة الجمود ولم يتوقف تراجع سعر الليرة، خاصة بعد تشكيل الحكومة في أيار عام 2023، بل زاد النزيف جراء العودة إلى الطرق التقليدية النقدية في معالجة العملة، لنرى رفعاً مستمراً لأسعار الفائدة أوصلها 50%، بعد جلسات التيسير النقدي وإرجاعها اليوم إلى 46%، ليقفل عام 2023 بسعر 29.8 ليرة مقابل الدولار، ويستمر التراجع العام الماضي، الذي شهد تردداً في السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة مراراً، ليقفل عام 2024 على سعر 35.2 مقابل الدولار ونحو 36.7 ليرة مقابل العملة الأوروبية الموحدة. واستمر التراجع العام الجاري، خاصة بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى، أكرم إمام أوغلو في 19 مارس/آذار العام الجاري، لتسجل أدنى سعر على الإطلاق بنحو 42 ليرة مقابل الدولار، قبل أن تستعيد بعض عافيتها، جراء تثبيت سعر الفائدة واتخاذ إجراءات مالية ونقدية عدة، منها رفع نسبة الاحتياطي الإلزامي على حسابات الودائع المحمية بالعملة الأجنبية، وتخفّيض الحد الأدنى للفائدة عليها، بهدف تشجيع المواطنين على تحويل ودائعهم إلى الليرة التركية، وسط تقلبات وتراجع سعر العملة المحلية التي تصدرت قائمة العملات الأسوأ أداءً في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. وسجّلت اليوم الثلاثاء، 40.2 ليرة مقابل الدولار، ونحو 46.9 لليورو الواحد.


العربي الجديد
منذ 9 ساعات
- العربي الجديد
إنفيسكو: صناديق سيادية كبرى غيرت نهجها وتتجه للاستثمار في الصين
كشف أحدث استطلاع أجرته شركة إنفيسكو للاستثمار، شمل مؤسسات رسمية تدير أصولا تتجاوز 27 تريليون دولار، أن صناديق الثروة السيادية و البنوك المركزية الكبرى حول العالم غيّرت نهجها في إدارة الأصول والاحتياطيات، في محاولة لمواكبة تقلبات الاقتصاد العالمي وتنامي المخاطر الجيوسياسية والمالية. وبحسب رويترز، فإن المسح الذي أجري بين يناير/ كانون الثاني ومارس/آذار 2025، قبل القرارات التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في "يوم التحرير" (2 إبريل 2025)، أظهر تفاقما في القلق لدى المستثمرين حيال تقلبات السوق ، وتزايد المخاوف من السياسات الحمائية، وارتفاع مستويات الدين السيادي، إضافة إلى التحديات طويلة الأجل المرتبطة بتغير المناخ وتآكل العولمة. وتأتي هذه التحولات في وقت تسعى المؤسسات المالية إلى التكيف مع بيئة تتغير بوتيرة أسرع من قدرة النماذج التقليدية على الاستجابة. وأظهر الاستطلاع أن المؤسسات الكبرى، وخاصة تلك التي تدير أصولا تتجاوز 100 مليار دولار، بدأت بالتحول من الإدارة السلبية التي تعتمد على تتبع المؤشرات، إلى الإدارة النشطة التي تسمح بالتدخل السريع والمرن في المحافظ الاستثمارية . وقال رئيس قطاع المؤسسات الرسمية في شركة "إنفيسكو"، رود رينغرو، إن هذا التحول يعكس إدراكا متزايدا بأن "الأسواق لم تعد قابلة للتوقع كما في السابق"، مضيفا أن "ما كان يعتبر أداء آمنا لم يعد كافيا أمام موجة الغموض المتسارعة". ورغم تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، أوضح المسح أن 60% من صناديق الثروة السيادية تخطط لزيادة مخصصاتها الاستثمارية في الصين خلال السنوات الخمس المقبلة، لا سيما في قطاع التكنولوجيا. وترتفع هذه النسبة إلى 73% لدى المؤسسات في أميركا الشمالية، بينما تتراجع إلى 13% فقط في أوروبا. ويشير الاستطلاع إلى أن الصين باتت تنظر إليها باعتبارها "المحطة التالية للابتكار العالمي"، في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وأشباه الموصلات، والطاقة المتجددة. اقتصاد دولي التحديثات الحية غولدمان ساكس: ضغوط ومخاطر تهدد الدولار الأميركي وكشفت النتائج عن أن ثلثي البنوك المركزية التي شملها الاستطلاع، وعددها 58 بنكا، أعربت عن نيتها زيادة تنوع احتياطاتها النقدية تحسبا لاضطرابات مالية مستقبلية. وأبدى أكثر من 70% منها قلقا من أن ارتفاع الدين العام الأميركي يضعف الآفاق المستقبلية للدولار على المدى الطويل. ورغم ذلك، لا تزال الثقة قائمة في هيمنة العملة الأميركية؛ إذ ترى 78% من البنوك أن استبدال الدولار بعملة احتياط بديلة سيستغرق أكثر من عقدين من الزمن. أما بالنسبة لليورو، فقد تراجع الإيمان بها كعملة احتياط بديلة، حيث انخفضت نسبة البنوك المركزية التي ترى أن اليورو يكتسب أرضا إلى 11% فقط، مقابل 20% في عام 2024. وتعكس هذه الأرقام هشاشة الخيارات البديلة أمام الدولار، حتى مع تصاعد القلق بشأن مستقبله، في ظل تصاعد العجز المالي الأميركي وتضخم حجم الديون السيادية. كما أشار الاستطلاع إلى أن التوترات الجيوسياسية والتضخم ما زالا على رأس قائمة المخاطر قصيرة الأجل. ومع تصاعد الحاجة إلى مصادر دخل غير تقليدية، أظهر الاستطلاع أن قطاع الائتمان الخاص أصبح ضمن أدوات الاستثمار الأساسية لأكثر من 73% من صناديق الثروة السيادية، بزيادة ملحوظة مقارنة بعام 2024. ويخطط نحو نصف هذه الصناديق لزيادة المخصصات الموجهة لهذا القطاع في المرحلة المقبلة. وبرزت العملات المشفرة المستقرة (Stablecoins) كأداة واعدة بين صناديق الأسواق الناشئة، حيث أبدت قرابة 50% من الصناديق استعدادها للاستثمار في هذا النوع من الأصول المشفرة، وخاصة تلك المرتبطة بالدولار، رغم أن البيتكوين لا تزال تحظى بأولوية أعلى، حيث عبرت 75% من الصناديق عن اهتمامها بها. وفي ما يتعلق بالصين، أفاد التقرير بأن صناديق الثروة السيادية باتت تنظر إلى سوق التكنولوجيا الصيني على أنه أولوية استراتيجية ملحة، تشبه تلك التي كانت توليها سابقا لسيليكون فالي (وادي السيليكون).