
خلافات في قلب الفيدرالي... والمواجهة تشتد بين ترمب وباول
يواجه رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، ضغوطاً متزايدة لخفض أسعار الفائدة من البيت الأبيض وحتى من بعض زملائه من صانعي السياسات في البنك المركزي، وذلك مع توجهه اليوم الثلاثاء، إلى مبنى الكابيتول هيل للإدلاء بشهادته نصف السنوية أمام الكونغرس.
وأجمع مراقبون على أنه من المرجح أن يخبر باول أعضاء مجلس النواب أن الفيدرالي يمكنه تحمل الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة بينما يقيم المسؤولون التأثير غير المعروف لسياسات الرئيس ترمب التجارية على التضخم وهو موقف شدد عليه الأسبوع الماضي بعدما أبقى على سياسته النقدية من دون تغيير للاجتماع الرابع على التوالي.
شهادة باول
وسيدلي باول بشهادته أمام لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب، اليوم، ثم أمام لجنة البنوك في مجلس الشيوخ في نفس التوقيت غداً الأربعاء. وتأتي هذه الشهادات في أعقاب الهجوم الأميركي الأخير على إيران، الذي أثار مخاوف من ارتفاع أسعار النفط وحدوث أخطار على الاقتصاد العالمي.
ضغوط ترمب
وكتب ترمب في منشور على منصة "تروث سوشيال" أنه يأمل في أن "يضغط الكونغرس بشدة" على باول، مؤكداً أن أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يجب أن تكون "أقل بما لا يقل عن نقطتين إلى ثلاث نقاط مئوية."
وقال ترمب، "سندفع ثمن عدم كفاءته لأعوام عديدة قادمة. يجب على المجلس أن يتحرك".
وأضاف، "خضعت أوروبا لـ10 تخفيضات، بينما لم نشهد أي تخفيضات، ليس هناك تضخم والاقتصاد ممتاز، يجب أن تكون الفائدة أقل بنحو نقطتين أو ثلاثة في الأقل سيوفر ذلك على الولايات المتحدة 800 مليار دولار سنوياً، وأكثر، يا له من فرق، وفي حال تغيرت الأمور وأصبحت سلبية، فليرفع الفائدة مجدداً، آمل أن يحاول الكونغرس جاهداً إقناع هذا الشخص الغبي والعنيد، سندفع ثمن ذلك لأعوام طويلة قادمة".
نهج باول
نهج باول القائم على "الترقب والانتظار" يزيد من حدة التوترات مع ترمب الذي يواصل انتقاد باول والبنك المركزي للمطالبة بخفض الفائدة.
وتصاعدت هجمات الرئيس في نهاية الأسبوع الماضي، حيث دعا إلى خفض أسعار الفائدة من نطاقها الحالي بين 4.25 في المئة و4.5 في المئة إلى ما بين واحد في المئة واثنين في المئة، وقال لماذا لا يتجاوز المجلس هذا الأحمق التام والمطلق؟".
كما أعاد ترمب التلميح مرة أخرى إلى إمكانية إقالة باول قبل انتهاء ولايته كرئيس في مايو (أيار) المقبل، وهي خطوة قال سابقاً إنه استبعدها.
وكتب ترمب، "ربما، فقط ربما، سأضطر إلى تغيير رأيي في شأن إقالته؟"، وأضاف "لكن على أي حال، ولايته ستنتهي قريباً".
ليس ترمب وحده
المحللون قالوا إن ترمب ليس الوحيد الذي يطالب بخفض أسعار الفائدة فحتى بعض زملاء باول في الفيدرالي مثل ميشيل بومان وكريس والر قالوا في الأيام الأخيرة إنهم باتوا يرون أن خفض الفائدة قد يحدث في اجتماع السياسة النقدية المقبل في يوليو (تموز) المقبل، نظراً إلى القراءات الضعيفة الأخيرة للتضخم.
وقد طرحت بومان حجة لهذا التوجه في خطاب ألقته، مشيرة إلى أن التضخم قد انخفض أو جاء من دون التوقعات خلال الأشهر القليلة الماضية، مؤكدة أن السياسات التجارية لن تؤثر إلا "بصورة طفيفة" على مقياس التضخم المفضل لدى الفيدرالي.
كما أعربت عن قلقها من أن الأخطار السلبية على سوق العمل قد "تصبح قريباً أكثر وضوحاً، بالنظر إلى التباطؤ الأخير في الإنفاق ومؤشرات الهشاشة في سوق العمل."
تصريحات بومان ووالر ليست الإشارة الوحيدة على تزايد الانقسام داخل الفيدرالي. فقد ظهر أيضاً اختلاف في وجهات النظر في "المخطط البياني النقطي" الأخير الذي يوضح توقعات تحركات أسعار الفائدة المستقبلية.
فقد رأى ثمانية من المسؤولين أن هناك خفضين للفائدة قادمان في 2025، في حين توقع سبعة مسؤولين عدم وجود أي خفض مقارنة بأربعة فقط كانوا يتبنون هذا الرأي سابقاً.
الفائدة والاقتصاد
من المتوقع بحسب مراقبون أن يكرر باول تصريحاته السابقة الأسبوع الماضي، حين قال إن البنك المركزي "في موقع جيد يسمح له بالانتظار لمعرفة المزيد عن المسار المحتمل للاقتصاد" قبل اتخاذ أي خطوة في شأن أسعار الفائدة.
وأضاف، "نرغب في الحصول على مزيد من البيانات، وبإمكاننا فعل ذلك لأن الاقتصاد لا يزال في حال جيدة". وأكد أن "تكلفة الرسوم الجمركية ستدفع في النهاية، وجزء منها سيقع على عاتق المستهلك النهائي."
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
محللون في "وول ستريت" قالوا إنه حتى الآن، لم تؤد الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترمب إلى الارتفاع الكبير في الأسعار أو معدلات البطالة التي حذر منها بعض صانعي السياسات. بل إن التوقعات تشير إلى أن بيانات هذا الأسبوع ستظهر أن المقياس المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي للتضخم الأساس يرتفع بنسبة 0.1 في المئة فقط في مايو، للشهر الثالث على التوالي، وهو الأبطأ منذ عام 2020.
وقد صرح عضوان في مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر وميشيل بومان، بأن تأثير الرسوم الجمركية على الأسعار سيكون موقتاً، وقد يدعمان خفضاً للفائدة في يوليو.
وقال جيمس إيغيلهوف كبير الاقتصاديين في الولايات المتحدة لدى "بي أن بي باريبا" "يبدو أن باول لا يرى ضرورة ملحة لتبني موقف حاسم في شأن التضخم، ويرى أن هناك أخطاراً كبيرة في اتخاذ تقييم خطأ."
الصراع مع إيران
وتوقع محللون أن يتلقى باول أسئلة حول التأثير الاقتصادي المحتمل للأحداث في الشرق الأوسط. فقد شاركت الولايات المتحدة بصورة مباشرة في الصراع نهاية الأسبوع، عبر قصف منشآت نووية إيرانية. وأعلن ترمب عن وقف إطلاق نار بين إيران وإسرائيل، مما أدى إلى تراجع أسعار النفط لتنخفض لفترة وجيزة عن مستوياتها في 12 يونيو، أي قبل الهجوم الإسرائيلي بيوم.
وخلال مؤتمره الصحافي الأسبوع الماضي، كان باول حذراً في تعليقاته في شأن الصراع وآثاره المحتملة، وقال "بالطبع نتابع كما يفعل الجميع، ما يحدث. من الممكن أن نشهد ارتفاعاً في أسعار الطاقة. فما يحدث عادة في مثل هذه الحالات هو ارتفاع موقت في أسعار الطاقة ثم تعود للانخفاض. هذه الأمور لا تؤثر عادة بصورة دائمة على التضخم."
الضغوط السياسية
من المتوقع أيضاً بحسب خبراء أن يضغط المشرعون الجمهوريون على باول لتقديم مبررات واضحة لنهجه الحذر، ومع ذلك من المرجح أن يكون بعضهم أقل عدائية من ترمب.
وغرد دان ميوزر عضو لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب عن ولاية بنسلفانيا، قائلاً "يستحق الرئيس باول التقدير لقيادته خلال بعض من أصعب الفترات في التاريخ الحديث. ولكن مع تراجع التضخم وقوة سوق العمل، أصبحت فوائد خفض الفائدة واضحة."
لكن إذا اقتدى مشرعون آخرون بترمب، فقد يواجه باول انتقادات أكثر حدة. وتركز هجمات ترمب الأخيرة على كلفة أسعار الفائدة على الحكومة الفيدرالية. كما هاجم باول بصورة شخصية، واصفاً إياه بأنه "أحد أغبى وأكثر الأشخاص تدميراً في الحكومة."
وكان باول قد أخبر ترمب خلال لقائهما في مايو أن قرارات لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية تستند إلى "تحليل دقيق وموضوعي وغير سياسي"، وفقاً لما ذكره البنك المركزي. ومن المتوقع أن يحافظ على نفس الموقف

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 40 دقائق
- الشرق الأوسط
هل من فرصة لشرق أوسط متوازن؟
في زيارته الأولى إلى الخارج، التي كانت المملكة العربية السعودية محطتها الأبرز، ألقى الرئيس ترمب خطاباً تجاوز 5 آلاف كلمة، كرّر فيه مراراً كلمات من نوع الاستثمار، والازدهار الاقتصادي، والحداثة، ومستوى أفضل من المعيشة، مع زمن يسوده الأمن والرخاء. في ذروة الحرب الإسرائيلية على إيران وبروز عجز تل أبيب عن تدمير المفاعلات النووية الإيرانية، ولا سيما «فوردو»، بدت الحاجة ماسّة لتدخلٍ عسكري أميركي لأن «البنتاغون» وحده من يمتلك الأصول العسكرية القادرة على إنجاز هذه المهمة. وحدثت الضربة الأميركية فجر 23 يونيو (حزيران)، بعدما ماطلت طهران 60 يوماً ولم تلتقط العرض الأميركي الذي حمله ستيف ويتكوف بالسماح لطهران بتخصيب اليورانيوم، وفق اتفاقية فيينا، على مستوى 3.67. وللوهلة الأولى، بدا وكأن الضغط الإسرائيلي ودور اللوبي اليهودي في أميركا من جهة، وبالمقابل المكابرة الإيرانية، قد أخذتا الرئيس ترمب إلى موقع مغاير لما طرحه في خطاب الرياض أمام أكبر مؤتمر استثماري أميركي سعودي عالمي. الأمر الأكيد أن خطوط التواصل الأميركي الإيراني كانت مفتوحة. الموفد الرئاسي ويتكوف أبلغ عراقجي أنها «ضربة لمرة واحدة فقط ضد المشروع النووي». وطُرحت الأسئلة عن أبعاد إعلان ترمب: «المهمة أنجزت» إلى «السلام الآن»، فيما كانت سحب الدخان تتصاعد من «نطنز» و«أصفهان» و«فوردو». لكن أبرز معاوني ترمب، نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية روبيو، تناوبا على التأكيد: «لم نهاجم أهدافاً مدنية ولم نهاجم أهدافاً عسكرية»، ما قمنا به «اقتصر على منشآت الأسلحة النووية». والأكيد أيضاً أن خطوط التواصل المفتوحة راعت مطلب طهران «حفظ ماء الوجه» في إحياء للعمل «المدوزن» مع واشنطن إثر قتل قاسم سليماني، يومها نسق مع طهران لتقصف قاعدة عين الأسد، وأعطيت طهران مجدداً فرصة لقصف قاعدة العديد في قطر، بعدما أحيطت كل الجهات المعنية علماً، فجاء الردّ الإيراني منسقاً نظيفاً وهشّاً خالياً من الأخطاء العسكرية ليُظهر المشهد أن كل طرفٍ حقق شيئاً ما، فيعلن الرئيس الأميركي وقفاً لإطلاق النار في زمن قياسي، ويبارك إيران وإسرائيل ويقول إن الرابح هو العالم وكل الشرق الأوسط! بالتأكيد، لن يكون هناك مشروع نووي عسكري في إيران خلال الحقبة المقبلة، وهذا الأمر مريح لإسرائيل صاحبة اليد الطويلة عسكرياً التي ستدّعي أنها ضربت التهديد المزدوج النووي والباليستي، لكنها ستقلق إن تم وضع النووي الإيراني بعهدة الروس أو حتى أوروبا. أما إيران فحققت آنياً ما يتجاوز «الحفاظ على ماء الوجه». لقد ظهرت واشنطن غير معنية بتغيير النظام الإيراني، كما سجّلت طهران أنها قادرة على توسيع المواجهة العسكرية، وربما توريط كل المنطقة وتهديد الاقتصاد العالمي، ما حثّ على وضع الرئيس ترمب كل الثقل الأميركي لفرض وقف للنار يراعي بعض الشروط الإسرائيلية والأميركية. ودعونا نتذكر أنه في حروب المنطقة كان التوصل إلى وقف النار يستغرق الكثير! ستكون لهذه الحرب تداعيات كبرى، والأمر الثابت أن إسرائيل نتنياهو نجحت في تهديم معالم بنيان سياسي معين، أما معالم الشرق الأوسط الجديد فهو مهمة أكبر بكثير من قدرات نتنياهو وطموحه. وقد تكون المنطقة على أبواب مرحلة توازن مغاير لكل ما عرفته، ويمكن توقع الذهاب بعيداً عن عنجهية القوة، والأحلام الإمبراطورية القائمة على الأذرع العسكرية. لن يتأخر ظهور التداعيات في إسرائيل التي عزّزت وجودها. مواقف لابيد وليبرمان اتهامية، وتؤشر إلى تجديد محاصرة نتنياهو بعد وقف النار لأكثر من سبب. فيما تداعيات أكبر ستشهدها إيران مع مجتمع لم يعرف أي انسجام، فضلاً عن صراعات مكبوتة. لكن إن تمكن «الحرس الثوري» من الحفاظ على بعض قدراته، يمكن عندها الحديث عن استقرار مشروط! إنها فرصة كبيرة أمام المنطقة لبدء مسارٍ مغاير بعدما كانت على شفير حرب إقليمية واسعة، وفرصة للبنان يخشى أن يضيعها تسلط المنظومة إيّاها، حيث المراوحة في جمع السلاح اللاشرعي وتغييب المحاسبة.


الشرق الأوسط
منذ 40 دقائق
- الشرق الأوسط
البيان بتوقيت واشنطن
منذ الجمعة 13 يونيو (حزيران)، وحتى صدور بيان دونالد ترمب عن وقف الحرب بين إيران وإسرائيل، صباح الثلاثاء، والناس تتساءل: في أي نوع من الحروب نحن؟ هل هي سويس أخرى، بكل تفاصيلها، بما فيها الدور الروسي، المندفع والمتردد؟ هل نحن في حرب 1967 بما فيها سلاح الخديعة؟ هل هي حرب 1973 التي ستؤدي حكماً إلى وقف النار، قبل اشتعال الحريق الذي لا يمكن إطفاؤه؟ كل حرب كان لها خرابها هنا. الجديد المريع كان العنصر الإيراني الذي ظهر للمرة الأولى منذ 1948. القوى نفسها بأدوار أخرى: تركيا، ولكن ليست «الغربية». بغداد ولكن ليس تحت راية «الحلف» حامل اسمها. أميركا ولكن كفريق. أوروبا ولكن كخائف بين الخائفين. وشرق أوسط تستفيق فيه مرة واحدة سرديات الأساطير والخرافات، وتضع الجميع عند عتبة النار الأخيرة. لكن كما يحدث في جميع الأساطير، يضع المقاتل سيفه جانباً، وتعقد المصالحة، والدعوة مفتوحة إلى الاحتفال. الحمد لله، ثم الحمد لله. أكثر ما ألقى من شبه بين مأزق الأيام الأخيرة وحافات اليوم الأخير، تلك المواجهة في أزمة الصواريخ الكونية عام 1962. يومها ذهب وزير الدفاع الأميركي روبرت ماكنمارا إلى النوم، وفي اعتقاده أن الشجرة أمام منزله في جورجتاون، لن تكون هناك في اليوم التالي، ولا منزله، ولا وزارته. كل شيء سوف يكون قد تحول إلى رماد بارد. لكن الزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف قرر أن يذهب إلى النوم وأن يفيق، وكذلك العالم. مساء الاثنين الماضي، ذهبت إلى النوم وأنا لا أعرف على أي عالم سوف نفيق. كل شيء من حولنا كان على آخر الأوتار. أول مرة نشهد قنابل في حجم طائر الرخّ. أول مرة تقع المبارزة إلى جانب الحديقة النووية. أول مرة تنقلت معايير ومقاييس الجنون. متصارعان كل منهما يضع السكين على عنق الآخر. وما من حَكَم. الكبار خائفون مثل الصغار. والصين تتحدث بلهجة الوعاظ، كما كان يقول علي الوردي. القوة الوحيدة البائنة هي أميركا وهذه ذهب رئيسها إلى النوم من دون أن يترك لنا «missed call» عن تفاهمات طائرات «يوم القيامة». لكن حصل، والحمد لله. ضربة كبيرة في «فوردو»، وضربة رائقة في «العديد». وخير هذا بشر ذاك، وإذا الله قد عفا. والدور الآن للجان الإحصاء: القتلى، الجرحى، البطانيات، العربات التي تجرها الحمير، الأكفان التي تنتظر دورها... إلخ... إلخ.


الوطن
منذ 41 دقائق
- الوطن
النفط يتراجع بعد يوم من التصعيد وإنهاء الحرب
بينما يشتد اللهيب السياسي والعسكري في المنطقة، مع تصاعد وتيرة الاشتباك بين إيران وإسرائيل، والضربة الإيرانية لقاعدة العديد بقطر، قبل أن يتم إعلان إيقاف الحرب، سجّلت أسعار النفط العالمية تراجعًا ملحوظًا خلال الساعات الماضية، في وقت كان يتوقع فيه السوق موجة ارتفاع قوية. لكن، التراجعات الأخيرة جاءت في ظل ما وصفه المحللون بـ«تراجع القلق من التصعيد المباشر»، عقب الضربات الإيرانية المحدودة على قاعدة العديد في قطر، وردود الفعل المضبوطة من تل أبيب وواشنطن، ومن ثم توقف الحرب رغم استمرار تبادل القصف من الطرفين. وسجل خام برنت انخفاضا إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل، في حين تراجع خام غرب تكساس الوسيط إلى 68 دولارًا، متأثرًا بإشارات تهدئة نسبية عقب الإعلان عن وقف غير رسمي لإطلاق النار، قبل أن يتعرض هذا الاتفاق لهزات متكررة، لكن وفق متابعين، فإن غياب استهداف مباشر لمضيق هرمز أو منشآت إنتاج النفط حتى الآن، إضافة إلى توازن العرض من دول «أوبك+»، أسهم في تهدئة رد فعل الأسواق. ومع ذلك، يبقى سعر النفط «رهينة تطورات المعركة السياسية والعسكرية» التي تخوضها إيران وإسرائيل على أكثر من جبهة. يرتبط ارتفاع أسعار النفط بآثار عكسية على بعض القطاعات الحيوية، خصوصًا في حال خروج النزاع عن السيطرة. ومن أبرز القطاعات المتأثرة النقل والخدمات اللوجستية: ارتفاع تكاليف الوقود سينعكس فورًا على كلفة الشحن الجوي والبحري والبري. الصناعة التحويلية: تعتمد على الوقود والمشتقات، وأي زيادة مفاجئة سترفع كلفة الإنتاج وتضغط على هوامش الأرباح. الطاقة الكهربائية والتحلية: خصوصًا في دول المنطقة التي تعتمد على النفط في التشغيل، حيث يتضاعف العبء المالي. في المقابل، تستفيد بعض القطاعات، مثل الطاقة البديلة، والمنتجين المحليين للنفط والغاز، وأسهم شركات خدمات الحفر والصيانة التي عادة ما تصعد قيمتها في أوقات الأزمات النفطية. توقعات الأسعار يرجح محللون أن تستمر أسعار النفط في نطاقها الحالي بين 66 و72 دولارًا للبرميل في حال التزمت الأطراف بـ«احتواء التصعيد» دون المساس بمنشآت الطاقة أو إغلاق ممرات الملاحة. لكن في حال نقض اتفاق وقف إطلاق النار واستهداف مضيق هرمز أو منشآت نفطية مباشرة، قد تشهد السوق صدمة سريعة تقفز بأسعار النفط إلى مستويات تتجاوز 100 دولار للبرميل. وتبقى جملة من العوامل الضاغطة على الأسعار حاضرة، منها المخزون النفطي العالمي، والسياسات النقدية في أمريكا وأوروبا، ووتيرة نمو الطلب في الصين. وتعكس أسعار النفط الحالية تراجع المخاوف أكثر من تراجع التوتر نفسه، حيث تبقي الأسواق أعينها على «الخط الأحمر» المتمثل في مضيق هرمز والمنشآت الحيوية، أي تصعيد مباشر هناك كفيل بتغيير قواعد اللعبة.