logo
الخوف من مسؤولية المولود معاناة كل أم جديدة: فكيف تتعاملين ؟

الخوف من مسؤولية المولود معاناة كل أم جديدة: فكيف تتعاملين ؟

مجلة سيدتيمنذ 6 أيام

أن تضمي مولودك لصدرك لأول مرة، وأن تصبحي أمّاً على أرض الواقع، وحين تُمسكين بمولودك، تحدقين في وجهه البريء المتورد، فتشعرين بمدى انبهار الأمومة، والأجمل أن تقفزي من مكانك أو تستيقظي من نومك لمجرد سماع صوت أو همهمة طفلك لهو أمر ممتع، لحظة لا تشبه غيرها، تنطق بأن قلبك يحب.
لكن في المقابل؛ هناك همسات خائفة تتردد، ضربات قلب متسرعة لا تهدأ، يرافقها خوف من المسؤولية؛ وأسئلة تتكرر:
هل سأكون أمّاً جيدة؟ هل سأحسن رعاية طفلي، أم سأفشل في مهمتي؟ ولكن المطمئن أن مشاعرك ليست نادرة، وإنكِ لستِ وحدك، بل هي تجربة نفسية مشتركة، تخوضها كثير من النساء في صمت، ومن دون توقف.
في هذا التقرير نتعرف من الدكتورة هبة الطوخي استشارية الطب النفسي إلى أسباب خوف الأم من مسؤولية المولود الجديد ، أشكال هذا الخوف، وأهم الطرق للتعامل معه، بجانب الاستماع إلى تجارب بعض الأمهات.
أسباب خوف الأم من مسؤولية المولود الجديد
"الخوف من المسؤولية شعور طبيعي تماماً عند الأمهات الجدد، وهو مزيج من القلق، وتضخم الإحساس بالواجب، ورغبة قوية في ألا تُخطئ.
مصدره غالباً أسلوب التربية المنزلية الاجتماعية، التي تزرع في الفتاة منذ صغرها أن الأمومة مهمة مثالية لا يُقبل فيها الفشل.
لكن المشكلة في هذا الأمر؛ أن المبالغة في هذا الإحساس، من دون تنفيس أو دعم، قد يتحول إلى قلق مرضي، أو حالة تعرف باكتئاب ما بعد الولادة.
كيف أعاقب طفلي بطريقة صحيحة؟.. تابعي التفاصيل
أشكال الخوف
لا تأخذ مخاوف المسؤولية تجاه المولود شكلاً واحداً، بل تتنوع بحسب الشخصية، وطبيعة الدعم المتوافر للأم أبرزها :
الخوف من إيذاء الطفل من دون قصد؛ كأن تنام الأم بدون أن تلاحظ بكاء وليدها، أو أن تُطعمه شيئاً يضره من دون قصد.
الخوف من عدم تلبية احتياجاته، خاصة حالة الرضيع الذي لا يفهم الكلام، فيصعب على الأم تفسير بكائه او معرفة حاجته.
الخوف من فقدان الهوية؛ حيث تشعر بعض النساء بأنهن فقدن ذواتهن القديمة، واستبدلنها بعبء مستمر.
الخوف من الأحكام الخارجية؛ كثيرات يضعن في أذهانهن كلام الناس، أن يُنظر إليهن كأمهات فاشلات.
الخوف من المستقبل؛ فالأم تتساءل: هل سأتمكن من تربيته؟ هل سأحسن دعمه؟ ماذا لو مرض؟ ماذا لو احتاجني ولم أكن حاضرة؟
الأمومة مهمة كبيرة
استعدى بشراء منتجات للعناية ببشرتك مثل: كريم للعين والهالات السوداء والانتفاخات. نعم الأمومة مهمة صعبة، حيث تشعرين بالإجهاد والتعب باستمرار بعد ولادة طفلك الجديد، وهو أمر يجب أن تعرفه وتقبل به الأمهات.
اتركي طفلك يبكي دقيقة وإذا لم يكف عن البكاء هدئيه وهدهديه حتى ينام؛ بكاء الطفل لا يعني دائماً أن طفلك يعاني من مشكلة ما مثل؛ أنه يريد تغيير الحفاضة أو يشعر بالجوع أو المغص، فأحياناً يكون البكاء دلعاً أو يريدك بجواره.
تأكدي أنكِ قمتِ بشراء كل ما سيحتاجه طفلك من أصغر شيء إلى أكبر شيء، فلا تنسي الأشياء الصغيرة مثل: الجوارب، القفازات، القبعات، وكذلك كريمات العناية ببشرة الرضيع وغيرها.
اشتري منتجات العناية ببشرة طفلك، وتكون مخصصة للأطفال الرضع لأنهم يكونون ذوي بشرة حساسة، فلا يجب أن تستعملي الشامبو أو الصابون العادي.
انتبهي إذا كنتِ عصبية وحزينة أومنفعلة باستمرار، سينعكس هذا الأمر على نفسية طفلك وتجدينه دائم البكاء، لذا تجنّبى العصبية أمام الطفل، حتى لا يتأثر بكِ.
حاولي أن تستعيدي وزن جسمك قبل الولادة، والبدء فى ريجيم يناسب فترة الرضاعة وممارسة رياضة خفيفة تناسبك، وذلك حتى ترضي عن نفسك.
قومي بعمل روتين يومي يساعد طفلك على الخلود إلى النوم سريعاً؛ بأن يأخذ "حمام دافئ" ويأخذ رضعته الليلية ثم ينام.
أشياء تتغير وتخالف توقعاتك بعد الولادة
الرضاعة الطبيعية لا تأتي دائماً بشكل سلس طبيعي؛ العديد من النساء لا تتحقق توقعاتهن الخاصة، وقد يفقدن القدرة على ذلك، أو يتعرضن لنقص الحليب أو التهاب الضرع بعد الولادة.
يقل اهتمامك بمظهرك من دون إرادتك؛ قبل إنجاب الأطفال، يكاد يكون من المستحيل تخيل وجود تقيؤ لشخصٍ ما على ملابسك، ولكن بعد الولادة تتعرضين لذلك كثيراً، ولا تستطيعين حتى الاستمتاع بقهوة الصباح .
ستكافحين باستمرار لتقولي "لا"، عندما يقول الآخرون "نعم"، ستكونين الشخص الأكثر صرامة في حياة طفلك، الجميع يقومون بتلبية رغباته، ويحاولون إقناعك بأن ما تفعلينه يعد صرامة منك، وهناك أمهات تسمح.
سيعطيك الآخرون رأياً حول كل شيء يخص طفلك، وستعرفين أنه لا شيء يغضبك أسرع من هذا، الجميع: الأمهات وأبناء العم والأصهار والأصدقاء، وبالطبع الغرباء لن يفوتوا أبداً فرصة تقديم بعض النصائح لك.
ستمارسين الكثير من الضغوط على نفسك وتأنيبها؛ تريدين أن تكوني مثالية في كل شيء، وإذا كان هناك شيء لا يسير بالسلاسة التي كنت تخططين لها، فقد يجعلك ذلك تشعرين بالاكتئاب، ورغم ذلك فعليك أن تستمتعي بكل لحظة.
زوجك سوف يتغير
في بعض الأحيان ستكرهين زوجك لأنه ينام من دون مسئوليات تجاه الطفل، بينما عليك أن تستيقظي في الرابعة صباحاً لإطعام طفلك، ولكن عندما ترين أن شريكك "الأب" يقدم الاهتمام والرعاية لطفلك، فهذا يجعلك تشعرين بالحب والراحة.
إنه مستوى جديد تماماً من العلاقة عندما يتعين عليكما تربية طفل صغير معاً، وذلك قد يجعل زواجك أقوى بكثير.
مخاوف أمهات..بدأن تجربتهن بالألم حتى وصلن للطمأنينة
هناء (31 عاماً):
"كنت أخاف أن أحممه! أتخيله وكأنه ينزلق من يدي، دائماً ما كنت أراقبه وهو نائم لأتأكد أنه يتنفس، كنت أشعر بالذنب لو بكى حتى خمس دقائق، بعد فترة بدأت أقرأ وأتعلم وأتواصل مع أمهات أخريات وهدأت".
سالي (28 عاماً):
"كنت أبكي كل يوم بعد الولادة، شعرت لأيام أني عاجزة، متعبة، لا أستطيع النوم ، ولا أجرؤ على ترك مولودي وحده، لكن حين أخبرت صديقتي، قالت لي ببساطة: الأمر طبيعي، كلنا مررنا بهذه المشاعر، وقتها شعرت أني لست وحدي."
طرق عملية للتعامل مع الخوف من المسؤولية
تقبّلي أن الخوف طبيعي:
أنتِ لا تخذلين طفلك حين تظهرين خوفك وقلقك عليه، بل تُظهرين حبك، فتقبلي مشاعرك من دون لوم وتأنيب، وكرري لنفسك: أنا أم صالحة، وأنا أشعر فقط بالقلق، وهذا القلق يعني أني أُحب ولدي، ولهذا لا أريد أن أقصّر معه.
اعرفي أكثر فيقل خوفك:
افهمي أكثر عن المولود، طبيعته، نموه، احتياجاته، فيتراجع الغموض الذي يغذي القلق، وتابعي كتباً موثوقة أو بودكاست عن الأمومة.
اسألي طبيب الأطفال من دون خجل، وشاركي في مجموعات دعم للأمهات عبر الإنترنت، كل معلومة صحيحة، تضيء لكِ طريقاً مظلماً في رحلة الأمومة.
لا تطلبي المثالية والكمال:
أكبر فخ تقع فيه الأم هو وهْم أن تكوني الأم "المثالية"، توقعي أن تُخطئي، أن تتعبي، أن تبكي، أن تتعصبي أحياناً، كلها تصرفات عادية وتحدث، وهذا لا يجعلك أمّاً سيئة، بل يجعلك إنسانة حقيقية.
استعيني بمن حولك:
اطلبي الدعم من الزوج، الأم، الأخت، الصديقة، لا تخجلي من طلب المساعدة، "أنا مرهقة. ساعدوني"، لا يوجد ما يسمى بالأم الخارقة؛ التي تفعل كل شيء بمفردها وتبتسم دائماً، إنها ليست سوى خرافة.
تفاعلي بممارسة التنفس والتأمل:
عندما يهاجمك الخوف، جرّبي تمارين التنفس العميق، اجلسي في مكان هادئ، خذي شهيقاً ببطء حتى العد 4.
احبسي النفس 4 ثوانٍ، اطلقي الزفير على مدى 4 ثوانٍ، وكرّري ذلك 3 مرات، وستشعرين بفرق.
سجِّلي مشاعرك.. اكتبيها:
خصّصي دفتراً تكتبين فيه ما تخافين منه؛ عندما تضعين الخوف على الورق، يقل من إحساسك به، فتسير بك الحياة بشكل عادي.
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«طبية الملك عبدالله» تدشّن «منصة المتدرب» الذكية
«طبية الملك عبدالله» تدشّن «منصة المتدرب» الذكية

الرياض

timeمنذ 7 ساعات

  • الرياض

«طبية الملك عبدالله» تدشّن «منصة المتدرب» الذكية

دشّنت مدينة الملك عبدالله الطبية عضو تجمع مكة المكرمة الصحي "منصة المتدرب" أول منصة تدريبية ذكية من نوعها على مستوى مستشفيات وزارة الصحة، إيذانًا بانطلاق مرحلة جديدة من التميز في تقديم الخدمات التدريبية المؤسسية في إنجاز نوعي يعزز مسيرة التحول الرقمي في القطاع الصحي. وجاءت المنصة نتاجاً لرؤية إستراتيجية تهدف إلى بناء بيئة تدريبية رقمية متكاملة ومحوكمة ترتقي بجاهزية الكوادر البشرية وتواكب معايير الاعتماد الأكاديمي المحلي والدولي، وتسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمرضى والمراجعين. وأوضح تجمع مكة المكرمة الصحي أن فكرة المبادرة انطلقت واستجابت لحاجة ملحة لتطوير منظومة التدريب المؤسسي عبر أدوات ذكية تسرّع الإجراءات وترفع مستوى الكفاءة والأداء بالبيئة التعليمية والتدريبية بقيادة الإدارة التنفيذية للشؤون الأكاديمية والتدريب بالتعاون مع الإدارة التنفيذية للاتصالات وتقنية المعلومات. وأشار إلى أنه من المتوقع أن تحقق المنصة مؤشرات أداء مميزة، وأنها ستتمكن في المرحلة الحالية من التعاطي مع أكثر من (45) برنامجًا تدريبيًا يغطي مجالات طبية وإدارية وفنية، وتدير المنصة بفاعلية أكثر من (300) مقعد تدريبي يتم تدويرها بكفاءة عالية طوال العام، وتقدم أكثر من (30) خدمة وإجراء تدريبيًا وإدارياً تشمل إدارة عمليات البرامج وتقييم الأداء وإصدار الخطابات وجدولة الدورات التدريبية بذكاء، وأسهمت في تقليص الزمن التشغيلي للإجراءات التدريبية بأكثر من (70 %)، إضافة إلى رفع جاهزية الكوادر التدريبية بنسبة تفوق (40 %) خلال أقل من عام. وأبان التجمع الصحي أن "منصة المتدرب" تشمل عددًا من الميزات التنافسية البارزة، وقامت بتقليص زمن إصدار الخطابات التدريبية من يومين إلى أقل من 30 ثانية بفضل أتمتة العمليات، وتوفر نظام متابعة ذكياً يتيح مراقبة الطلبات لحظيًا مع إشعارات فورية للمستجدات، فضلًا عن تحقيق تكامل شامل مع مختلف الإدارات لدعم انسيابية العمليات التدريبية دون عوائق، وانتشار جغرافي يغطي مراكز ومقرات التدريب داخل وخارج المنشأة، مما يعزز من الاستفادة القصوى من الموارد البشرية الوطنية. وتُعد "منصة المتدرب" رؤية إستراتيجية شاملة تهدف إلى تسريع جاهزية الكوادر الوظيفية الجديدة وتقليص فترة التأهيل، ورفع مهنية وكفاءة الكادر الصحي والإداري عبر فرص تدريبية نوعية ذات جودة عالية، وتسهم المنصة في تعزيز تنافسية المنشأة على المستويين الوطني والدولي في مجالات التدريب والاعتماد وجودة الأداء المؤسسي، وترسيخ سمعتها مؤسسة ذكية رائدة في تبني أفضل ممارسات التحول الرقمي وبناء مستقبل مستدام للموارد البشرية.

مناقشة الابتكار التقني في إدارة أزمات الحج
مناقشة الابتكار التقني في إدارة أزمات الحج

الرياض

timeمنذ 7 ساعات

  • الرياض

مناقشة الابتكار التقني في إدارة أزمات الحج

انطلقت أعمال منتدى "الصحة والأمن في الحج" أمس في نسخته الثانية، الذي تنظمه الإدارة العامة للخدمات الطبية بوزارة الداخلية ممثلة بمستشفى قوى الأمن بمكة المكرمة. ويتضمن المنتدى ورش عمل تُقام خلال المدة من (20) إلى (22) من ذي القعدة (1446) هـ، لمناقشة الابتكار التقني في إدارة الأزمات خلال الحج، وبناء النموذج الابتكاري من الفكرة إلى التنفيذ، والابتكار الصحي ونموذج العمل "أمثلة على إدارة الحشود". وتقام يومي (28) و(29) من ذي القعدة (1446)هـ، مسابقة "الهاكاثون الصحي الأمني"، ويومي (1) و(2) من ذي الحجة (1446)هـ معرض وجلسات حوارية ومحاضرات علمية في نادي منسوبي وزارة الداخلية بمكة المكرمة، بمشاركة نخبة من المتخصصين في المجالات ذات العلاقة. ويهدف المنتدى إلى تعزيز التكامل بين الجهات الصحية والأمنية في موسم الحج من خلال تبادل الخبرات، وطرح حلول ذكية لإدارة الأزمات، وتطوير كفاءات العاملين في هذا المجال، ويمكن للمهتمين التسجيل من خلال موقع المنتدى

العلاج بالنسيان.. علم يعيد تعريف الشفاء
العلاج بالنسيان.. علم يعيد تعريف الشفاء

الرياض

timeمنذ 7 ساعات

  • الرياض

العلاج بالنسيان.. علم يعيد تعريف الشفاء

العلاج بالنسيان لا ينادي بإنكار الماضي، بل بتحرير العقل من قيوده، فالنسيان كآلية علاجية ليس هدفًا في حد ذاته، بل هو جزء من عملية أوسع تهدف إلى إعادة معالجة الذكريات السلبية وتقليل تأثيرها العاطفي.. كما أن النسيان الكامل للتجارب المؤلمة قد لا يكون ممكنًا أو مرغوبًا فيه دائمًا، إذ يمكن أن تُصبح بعض الذكريات دروسًا تعزز المرونة النفسية.. في عالم يقدس الذاكرة، يبرز سؤال جريء: هل يمكن تحويل النسيان من مجرد خلل عصبي إلى أداة علاجية؟ يثير مفهوم "العلاج بالنسيان" جدلا واسعا بين العلماء والأطباء، لكن الأبحاث الحديثة تقدم أدلة على أنه ليس خيالا علميا، بل نهجا واعدا لمساعدة من يعانون من ذكريات مؤلمة. الذاكرة ليست أرشيفا ثابتا، بل عملية حية تعاد صياغتها باستمرار. فعندما نسترجع حدثا تصبح الذكرى هشة لفترة قصيرة قبل أن تخزن مجددا، وهي ظاهرة تسمى إعادة التوطيد (Reconsolidation). اكتشفت هذه الآلية في عام 2000، وأصبحت أساسا لعلاجات تهدف إلى تخفيف الشحنات العاطفية للذكريات السلبية. كما يوضح إريك كانديل، عالم الأعصاب الحائز على جائزة نوبل: "الذاكرة كالنقش على الرمل؛ يمكن تعديلها قبل أن تجف". يعمل العلاج بالنسيان عن طريق عدة استراتيجيات؛ منها العلاج بالتعريض (Exposure Therapy) الذي يعتمد على مواجهة المواقف المسببة للقلق تدريجيا، ما يقلل من استجابة الخوف عبر تعويد الدماغ على الربط بين الحدث والأمان بدلا من الرعب، وقد حقق مرضى اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) تحسنا ملحوظا بعد جلسات مدمجة مع إعادة التوطيد. وهناك استراتيجية منع استرجاع الذاكرة (Memory Suppression)؛ فالدماغ قادر على "قمع" الذكريات عن عمد عبر آلية القمع النشط، ما يضعف الروابط العصبية المرتبطة بها، هذه التقنية تشبه "حذف ملفات" من نظام تخزين البيانات الدماغي. وهناك استراتيجية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS)؛ حيث يستخدم هذا الأسلوب نبضات مغناطيسية لتحفيز مناطق محددة في الدماغ (مثل القشرة الأمامية) لتقليل نشاط المناطق المرتبطة بالذكريات السلبية. للنسيان فوائد متعددة؛ فهو مفيد في تخفيف الأعباء النفسية؛ فالذكريات المؤلمة تغذي اضطرابات مثل الاكتئاب والقلق. فتقليل شحنة الذكريات العاطفية يقلل من نوبات الذعر. ومن فوائده تعزيز المرونة العاطفية؛ فالنسيان الانتقائي يساعد الأفراد على التركيز على الحاضر بدلا من التشبث بالماضي. وهذا يعزز اتخاذ قرارات مدروسة بدلا من ردود الأفعال الاندفاعية. ومن فوائد النسيان تحسين العلاقات الاجتماعية؛ حيث إن تذكر الإهانات أو الخلافات القديمة قد يغذي الكراهية. فالأشخاص القادرون على "نسيان" الخلافات يتمتعون بعلاقات أكثر استقرارا. ومن فوائده كذلك زيادة التركيز على الأهداف؛ فالأفراد الذين يتخلصون من الذكريات السلبية يكونون أكثر إنتاجية في العمل والدراسة، لأن عقولهم غير مشغولة بـ "أشرطة" الماضي المتكررة. لا يزال محو الذكريات تماما غير ممكن، بل الهدف هو فصل المحتوى العاطفي عن الحدث، وتحذر المنظمة العالمية للصحة النفسية من استخدام هذه التقنيات لإخفاء ذكريات جماعية (كجرائم الحرب)، مع التشديد على أنها يجب أن تستخدم فقط لتخفيف المعاناة الفردية. أحدثت التكنولوجيا الحيوية ثورة في هذا المجال، ففي عام 2024 نجح باحثون في جامعة ستانفورد باستخدام تقنية التعديل الجيني (CRISPR) لاستهداف الجينات المرتبطة بترسيخ الذكريات السلبية في تجارب على الحيوانات. النتائج الأولية تظهر إمكانية "إطفاء" استجابة الخوف دون التأثير على الذاكرة نفسها، ما يفتح آفاقا لعلاجات أكثر دقة. بالإضافة إلى ذلك، طورت خوارزميات الذكاء الاصطناعي نماذج تتنبأ بالذكريات عالية الخطورة التي قد تسبب انتكاسات نفسية، ما يساعد الأطباء على تصميم خطط علاجية استباقية. على سبيل المثال، تحلل هذه الأنظمة أنماط النوم ونشاط الدماغ لتحديد الذكريات التي تحتاج إلى "إعادة صياغة". النظام العصبي لا يخزن كل شيء؛ فهو ينسى عمداً لتحسين الكفاءة الإدراكية. هذا النسيان النشط قد يكون مفتاحًا لفهم الاضطرابات النفسية. والذاكرة ليست فيديو تسجيليًا، بل كتاب يُعيد كتابته كل مرة نتذكر فيه. هذا يفتح أبوابًا للتدخل العلاجي عبر تعديل هذه الذكريات. ولا يمكننا أن ننسى ذكرياتنا السيئة، لكن يمكننا أن نختار ألا نسمح لها بحكم حياتنا. الصدمة لا تُنسى، لكن يمكننا أن نعلِّم العقل والجسم أن يتوقفان عن إعادة تمثيلها. والنسيان الموجه للذكريات السلبية باستخدام تقنيات التحفيز المغناطيسي العابر أظهر فعالية في تخفيف أعراض الاكتئاب والقلق. العلاج بالنسيان لا ينادي بإنكار الماضي، بل بتحرير العقل من قيوده. يقول الفيلسوف فريدريك نيتشه: "من ينظر إلى الماضي بعين الرحمة، يستطيع بناء مستقبل بلا أسر". اليوم، يقدم العلم أدوات لتحقيق هذا الهدف، لكن المفتاح الحقيقي يبقى في كيفية استخدامنا لها بمسؤولية. وهذه الابتكارات تذكرنا أن العلاج بالنسيان ليس مجرد حذف للماضي، بل تحرير للطاقة العقلية لإعادة استثمارها في البناء. يقول كارل يونغ: "الذي لا يستطيع تذكر الماضي، محكوم بتكراره". اليوم، يصبح الشفاء ممكنا ليس بالنسيان المطلق، بل بالاختيار الواعي لما نحمله معنا. النسيان كآلية علاجية ليس هدفًا في حد ذاته، بل هو جزء من عملية أوسع تهدف إلى إعادة معالجة الذكريات السلبية وتقليل تأثيرها العاطفي.. كما أن النسيان الكامل للتجارب المؤلمة قد لا يكون ممكنًا أو مرغوبًا فيه دائمًا، إذ يمكن أن تُصبح بعض الذكريات دروسًا تعزز المرونة النفسية. يقول سيغموند فرويد: "التذكر هو بداية الشفاء، لكن أحيانًا يُصبح النسيان ضروريًا لحماية العقل من آلام لا يمكن تحملها".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store