
حصار مزدوج: أوروبا بين فكي التنين الصيني والمطرقة الأميركية
بحسب الأرقام، شكّلت هاتان القوتان الاقتصاديتان وحدهما 35% من إجمالي التبادل التجاري الأوروبي مع العالم. فقد وصل حجم التبادل مع الولايات المتحدة إلى 976 مليار دولار، ومع الصين إلى نحو 896 مليار دولار خلال العام الماضي فقط. أي أن أي توتر تجاري مع أي من الطرفين يهدد ثلث الاقتصاد التجاري الخارجي للقارة العجوز.
أوروبا محاصرة لكن ليست عاجزة
يقول غابرييل شتاين، مؤسس Stein Brothers، إن "الدول الأوروبية بالفعل محاصرة بين قوتين اقتصاديتين عملاقتين"، لكنه يرى أن انفتاح أوروبا الاقتصادي وحجم سوقها يمنحها هامشًا للحركة وقدرة على مقاومة الضغط. ويؤكد أن "الاتحاد الأوروبي، بصفته أكثر انفتاحًا من الولايات المتحدة وأكبر من الصين اقتصاديًا إلى حد ما، يمتلك أدوات للمناورة والردع، سواء عبر سياسات الحماية التجارية أو عبر تعظيم اقتصاده الداخلي".
غير أن شتاين يلفت في حديثه إلى برنامج "بزنس مع لبنى" على سكاي نيوز عربية، إلى أن الثقة في الشريك الأميركي أصبحت موضع شك في ظل الإدارة الحالية التي تقودها دونالد ترامب، حيث يمكن التراجع عن الاتفاقيات التجارية في أي لحظة. بل يذهب إلى حد القول إن "ترامب جعل من الصين شريكًا أكثر موثوقية – نظريًا – مقارنة بالولايات المتحدة، رغم أن بكين نفسها ليست شريكًا يمكن الاعتماد عليه دون تحفظ".
الرهانات الأوروبية الصعبة: اتفاقيات طويلة وتأثير محدود
أوروبا، وفق شتاين، غير قادرة على التوصل لاتفاق اقتصادي واضح مع واشنطن في المدى المنظور، لأسباب عدة، أبرزها أن المفاوضات التجارية تتطلب سنوات، وثانيًا، لا يمكن الوثوق بالتزام الولايات المتحدة بنتائج هذه المفاوضات. بل يرى أن الاتحاد الأوروبي ربما لا يجب أن يسعى لاتفاق من الأساس في الظروف الحالية، لأن "أي رسوم أميركية ستضر بالجانبين وليس بأوروبا فقط".
ومع تعثر الاتفاقيات مع واشنطن، تتزايد الضغوط من جهة الصين التي، إن عجزت عن تصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة، ستغرق الأسواق الأوروبية بالبضائع الرخيصة. هذا، بحسب شتاين، "قد يكون له أثر مدمر على المنتجين الأوروبيين"، داعيًا إلى التفكير جديًا في آليات "تعويض أو انتقام تجاري" لحماية الصناعة الأوروبية.
الخيارات المتاحة أمام بروكسل محدودة ومعقدة. فالتصعيد التجاري مع الولايات المتحدة قد يُنظر إليه كتهديد للعلاقة الأهم لأوروبا سياسيًا واقتصاديًا، في حين أن ترك المجال للصين دون ضوابط سيجعل القارة سوقًا مفتوحة لبضائع مدعومة من حكومة بكين ، ما يُهدد استدامة صناعات حيوية.
من هنا، يرى شتاين أن التريث والمناورة الذكية قد يكونان أفضل ما تملكه أوروبا حاليًا. وربما يكون من الحكمة، برأيه، "تأجيل التوصل إلى أي اتفاق مع واشنطن حتى تتضح معالم الإدارة الأميركية المقبلة"، خاصة أن مواقف ترامب في السياسة التجارية ليست ثابتة، بل تتبدل تبعًا للحسابات السياسية الداخلية.
يقف الاتحاد الأوروبي في مفترق طرق محفوف بالتحديات. الحصار التجاري المزدوج من واشنطن وبكين يفرض على بروكسل تسريع خطواتها نحو تحقيق مزيد من الاكتفاء الذاتي، وتعزيز سلاسل التوريد الداخلية، دون خسارة شركاءها العالميين. وبينما تحاول أوروبا حماية مصالحها في عالم تسوده النزعات الحمائية والمفاجآت السياسية، يبقى السؤال الكبير: هل تملك القارة العجوز ما يكفي من الأدوات لتجنب التحول إلى ساحة معركة اقتصادية بين العمالقة؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 13 دقائق
- البيان
وول ستريت تفتح على ارتفاع وسط تركيز على أرباح شركات التكنولوجيا
فتحت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على ارتفاع اليوم "الاثنين" مع ترحيب المستثمرين باحتمالات إبرام اتفاقات تجارية جديدة في مستهل أسبوع حافل بالأرباح من شركات التكنولوجيا العملاقة. وارتفع المؤشر داو جونز الصناعي 26.2 نقطة أو 0.06 بالمئة عند الفتح إلى 44368.4 نقطة. وصعد المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بمقدار 7.9 نقطة أو 0.13 بالمئة إلى 6304.74 نقطة، كما زاد المؤشر ناسداك المجمع 64.7 نقطة أو 0.31 بالمئة إلى 20960.33 نقطة.


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
وول ستريت جورنال: بروكسل تستعد لمعركة تجارية مع واشنطن
وتفاجأ المسؤولون الأوروبيون بالمطالب الأميركية الجديدة التي أُبلغت بها مفوضة التجارة الأوروبية خلال محادثات رفيعة المستوى جرت الأسبوع الماضي، إذ كانت بروكسل تضع اللمسات الأخيرة على اتفاق تجاري مع واشنطن يضمن إبقاء الرسوم الأساسية عند 10 بالمئة، وهي نسبة اعتُبرت بالفعل "تنازلاً مؤلمًا" بالنسبة لبعض العواصم الأوروبية. لكن تلك التنازلات لم تكن كافية لواشنطن، التي تسعى إلى فرض خط أساس جمركي أعلى، ما دفع ألمانيا - القوة الاقتصادية الأكبر في أوروبا إلى تغيير موقفها المتريّث والاقتراب من موقف فرنسا الأكثر تشدداً، بحسب ما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مصادر. وقال مسؤول ألماني رفيع الجمعة: "كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، مضيفاً: "لا يزال هناك وقت للتفاوض... ولكن إذا أرادوا حربًا، فستكون لهم حرب". ووفقًا لتقارير دبلوماسية، فإن الاتحاد الأوروبي يعكف الآن على إعداد حزمة واسعة من التدابير المضادة، تتجاوز مجرد الرسوم الجمركية الانتقامية، وقد تستهدف بشكل مباشر شركات أميركية كبرى، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قبل الموعد النهائي المحدد في الأول من أغسطس. ويمثل هذا التحوّل تصعيداً كبيراً في المفاوضات التجارية ، التي كانت تهدف إلى إنقاذ أكبر علاقة تجارية في العالم، حيث يتبادل الطرفان سلعاً وخدمات تزيد قيمتها على 5 مليارات دولار يومياً. وكانت المفوضية الأوروبية ، المسؤولة عن السياسة التجارية للاتحاد، قد أعلنت الأحد أنها ترغب في اتفاق تفاوضي ذي منفعة متبادلة، وأنها لا تزال منخرطة بقوة في المفاوضات. وفي حال عدم التوصل إلى نتيجة مرضية، تبقى جميع الخيارات مطروحة، وفقًا لمتحدث باسم المفوضية. من ناحيته، أعرب وزير التجارة هوارد لوتنيك يوم الأحد عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي. وقال لوتنيك لشبكة سي بي إس الأميركية: "أنا واثق من أننا سنتوصل إلى اتفاق. وسيكون ذلك رائعًا لأميركا، لأن الرئيس يدعمها". في الأشهر التي تلت تولي ترامب منصبه، زار المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي ، ماروش شيفتشوفيتش، واشنطن ست مرات. وأجرى اتصالات ورسائل نصية عديدة مع مسؤولين تجاريين أمريكيين. وأعرب عن استعداد أوروبا لخفض الرسوم الجمركية وشراء منتجات طاقة أمريكية وأشباه موصلات متقدمة بقيمة عشرات المليارات من الدولارات. في وقت سابق من هذا الشهر، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30 بالمئة على واردات معظم السلع من الاتحاد الأوروبي، ارتفاعًا من نسبة 20 بالمئة التي طرحها الرئيس لأول مرة في أبريل. ويأتي هذا التوتر في وقت حساس يشهد فيه الاقتصاد العالمي تباطؤاً، وأسواق الطاقة تقلبات حادة، مما يزيد من مخاطر المواجهة الاقتصادية بين واشنطن وبروكسل. الموعد الحاسم يقترب - والخيارات محدودة - فإما صفقة تنقذ الشراكة، أو مواجهة مفتوحة تضع العلاقات الاقتصادية عبر الأطلسي على المحك.


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
إعدام ميداني.. ما قصة "مواطن أميركي قتل في أحداث السويداء"؟
وفيما بدا واضحا أن المواطن الذي يقصده غرينيل قتل في أحداث السويداء الدامية، قال: "وصلتني للتو أخبارٌ ومقاطع فيديو مروعة عن مواطن أميركي من أوكلاهوما يُقال إنه قُتل بوحشية في سوريا. إنه درزي". وأضاف: "أبلغتُ مسؤولا كبيرا في وزارة الخارجية وعضوا في الكونغرس للتحقق من الحقائق. ادعوا لعائلته". وقال نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، إن المواطن المقصود يدعى حسام سرايا ، وهو مؤسس المدرسة السورية الافتراضية. وأضافوا أن سريا تمت تصفيته ميدانيا رفقة خمسة من أفراد أسرته في دوار تشرين وسط مدينة السويداء. وعلى صفحة حسام سرايا في موقع فيسبوك يمكن رؤية مكان إقامته في أوكلاهوما وهو ما يتطابق مع ما قاله غرينيل. وقال المبعوث الأميركي توم باراك، الإثنين، إنه يجب محاسبة الحكومة السورية، وذلك على خلفية الاشتباكات التي وقعت في محافظة السويداء.