logo
كيف تُثقل الضرائب الجديدة كاهل العائلات في أفغانستان؟

كيف تُثقل الضرائب الجديدة كاهل العائلات في أفغانستان؟

الجزيرةمنذ 16 ساعات

كابل- منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في أغسطس/آب 2021، تواجه العائلات الأفغانية تحديات معيشية غير مسبوقة، وتفاقمت التحديات بسبب توقف المساعدات الدولية وتجميد الأصول الأفغانية في البنوك الخارجية.
وفي محاولة لتعويض العجز المالي الذي يواجهه الاقتصاد المحلي، لجأت الحكومة الأفغانية إلى فرض ضرائب جديدة على التجارة الداخلية والخدمات، وزيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة.
بيد أن هذه السياسات التي تهدف إلى تعزيز الإيرادات المحلية ألقت بظلالها على حياة العائلات الأفغانية، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية وتراجعت القدرة الشرائية للمواطنين الأفغان.
وما مقدار الدخل الذي تحتاجه الأسر لتلبية احتياجاتها الأساسية في ظل هذه الظروف؟
صراع يومي مع ارتفاع الأسعار
تعتمد غالبية الأسر الأفغانية في المناطق الحضرية والريفية على دخل محدود يأتي من أعمال يومية مثل التجارة الصغيرة، والعمل الحر، أو وظائف في القطاع الخاص.
وقبل فرض الضرائب الجديدة في عام 2023، كان متوسط دخل الأسرة في مدن مثل كابل وهرات يتراوح بين 10 آلاف و15 ألف أفغاني -وهو اسم العملة المحلية- شهريًا (ما يعادل 100 إلى 150 دولارًا أميركيا بسعر الصرف الحالي). وهذا الدخل كان يكفي بالكاد لتغطية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء، الإيجار، وفواتير الكهرباء في ظل اقتصاد متعثر أصلًا.
ومع تطبيق الضرائب الجديدة التي شملت رسومًا على التجارة الداخلية والخدمات ورفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة، شهدت الأسواق ارتفاعًا في أسعار السلع الأساسية بنسبة تتراوح بين 20 و30%.
ارتفع سعر كيس الطحين (50 كلغم) من 2500 أفغاني في أوائل 2023 إلى3200 أفغاني بنهاية 2024.
زاد سعر لتر زيت الطهي من 120 إلى 160 أفغانيا.
سجّل الأرز ارتفاعًا من 80 إلى 105 أفغانيات للكيلوغرام الواحد.
هذه الزيادات جعلت النفقات الشهرية لعائلة مكونة من 6 أفراد، وهو الحجم المتوسط للأسر الأفغانية، تتراوح بين 18 ألفا و20 ألف أفغاني لتغطية احتياجاتها الأساسية.
وهذا المستوى من النفقات يفوق دخل معظم الأسر، مما دفعها إلى اتخاذ خيارات صعبة مثل تقليص الوجبات الغذائية، بيع الممتلكات، أو الاستدانة.
وفي سوق "مندوي"، أكبر الأسواق التجارية في العاصمة الأفغانية كابل، يروي التاجر نور أحمد معاناته للجزيرة نت: "كنت أحقق مبيعات شهرية بقيمة 50 ألف أفغاني من بيع المواد الغذائية مثل الطحين والأرز، لكن الضرائب الجديدة على الاستيراد زادت تكاليفي بنسبة 25%، فاضطررت لرفع الأسعار. النتيجة؟ انخفض عدد الزبائن إلى النصف، وأصبحت أنا نفسي أواجه صعوبات في تغطية نفقات عائلتي المكونة من 7 أفراد. أحيانًا أضطر للاقتراض لدفع فواتير الكهرباء".
قصة نور أحمد تعكس واقع مئات التجار الذين يعانون من تراجع الطلب في الأسواق. وعلى صعيد المواطنين العاديين، تروي أم زهرة شريف زاده، أرملة تعيل 4 أطفال في حي فقير بكابل، قصتها المؤلمة: "أعمل في خياطة الملابس من المنزل، ودخلي لا يتجاوز 8 آلاف أفغاني شهريًا. مع ارتفاع أسعار الطحين والزيت، لم أعد أستطيع شراء ما يكفي من الطعام. اضطررت إلى إيقاف أطفالي عن المدرسة لأنني لم أعد قادرة على دفع رسوم النقل، وأحيانًا ننام دون عشاء".
موقف الحكومة
في حديثه للجزيرة نت، يوضح أحمد ولي حقمل، المتحدث باسم وزارة المالية الأفغانية، موقف الحكومة الأفغانية: "في ظل توقف المساعدات الدولية وتجميد أصول أفغانستان في الخارج، أصبحت الضرائب الجديدة ضرورة وطنية لتمويل الخدمات العامة، مثل المستشفيات، المدارس، ورواتب الموظفين. نحن ملتزمون بتطبيق هذه الضرائب بطريقة عادلة، حيث أعفينا الشرائح الفقيرة والشركات الصغيرة التي لا تتجاوز إيراداتها 500 ألف أفغاني سنويًا من بعض الرسوم.
ويضيف "نعمل على تطوير نظام ضريبي رقمي لتحسين الشفافية ومنع الفساد، بحيث تذهب الإيرادات مباشرة لخدمة الشعب. هدفنا هو بناء اقتصاد مستدام يقلل من الاعتماد على الخارج، مع ضمان عدم إثقال كاهل المواطنين الأكثر احتياجًا".
ويؤكد حقمل أن الحكومة الأفغانية بدأت مشاريع لتحسين البنية التحتية، مثل إصلاح الطرق في ولايات مثل قندهار وهرات، بهدف تحفيز التجارة وتخفيف الضغط على المواطنين.
ومع ذلك، يرى مواطنون أن هذه المشاريع لا تزال محدودة ولا تعكس تحسنًا ملموسًا في حياتهم اليومية.
خبراء: ضرائب في توقيت غير مناسب
يحذر الباحث الاقتصادي الأفغاني عبدالرؤوف حيدري م ن تبعات الضرائب الجديدة في ظل الوضع الاقتصادي الهش، ويقول في حديثه للجزيرة نت "الضرائب ليست مشكلة في حد ذاتها، لكن توقيتها وطريقة تطبيقها يثيران قلقًا كبيرًا. الاقتصاد الأفغاني يعاني من ركود حاد، حيث انخفض الطلب في الأسواق بنسبة 40% في مدن مثل هرات ومزار شريف، وتراجعت الحوالات الخارجية بنسبة 60% منذ عام 2021 بسبب العقوبات الدولية وتجميد الأصول".
ويضيف "العائلة الأفغانية، التي يبلغ متوسط أفرادها 6 أشخاص، تحتاج إلى دخل شهري يتراوح بين 20 ألفا و25 ألف أفغاني لتغطية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء، الإيجار، والرعاية الصحية، لكن التقديرات تشير إلى أن 70% من الأسر لا تصل إلى هذا المستوى"
ويؤكد أن "فرض ضرائب جديدة في مثل هذه الظروف، دون تقديم خدمات ملموسة مثل تحسين إمدادات الكهرباء أو إعادة تأهيل الطرق، يزيد من الضغط على المواطنين ويُضعف ثقتهم في الحكومة".
ويتابع حيدري "الحل لا يكمن في زيادة الضرائب فقط، بل في ربطها بمشاريع تنموية واضحة. على سبيل المثال، إعادة إعمار القطاع الزراعي، الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد الأفغاني، يمكن أن يوفر فرص عمل ويخفف من ارتفاع أسعار الغذاء. كذلك، تحسين البنية التحتية، مثل الطرق والكهرباء، سيسهل التجارة ويقلل من تكاليف النقل التي تنعكس على الأسعار. بدون هذه الإصلاحات، ستظل الضرائب عبئًا على المواطنين بدلًا من أن تكون أداة لبناء الاقتصاد".
بين الفقر وانعدام الأمل
تعكس قصص المواطنين الأفغان حجم المعاناة التي خلفتها الضرائب الجديدة. ويقول فؤاد عزيزي، موظف في شركة خاصة بكابل "راتبي الشهري 12 ألف أفغاني، لكن نفقات عائلتي المكونة من 5 أفراد ارتفعت إلى 16 ألف أفغاني بسبب زيادة أسعار الطعام والوقود. اضطررت إلى الاقتراض من أقاربي لشراء الأدوية لابني المريض، وأحيانًا نضطر إلى تقليص وجباتنا إلى وجبة واحدة يوميًا".
وتقول أم زهرة شريف زاده هي الأخرى: "كنت أحلم بأن يصبح أطفالي أطباء أو مهندسين، لكن الآن أفكر فقط في كيفية تأمين الطعام. الحياة أصبحت أصعب مما كانت عليه قبل الضرائب".
وتُظهر تقارير الأمم المتحدة أن 42% من الأفغان يعيشون تحت خط الفقر، وأن تراجع المساعدات الإنسانية منذ 2021 زاد من الضغوط على الأسر.
واضطرت العديد من العائلات إلى بيع ممتلكاتها، مثل الأثاث أو الماشية، لتغطية النفقات اليومية، كما أن انخفاض الحوالات الخارجية، التي كانت تشكل مصدر دخل رئيسيًا للأسر، جعل الوضع أكثر تعقيدًا، وفق مراقبين.
ضرورة استعادة الثقة
في ظل شح الموارد وغياب الاعتراف الدولي بحكومة طالبان، تسعى الحكومة الأفغانية إلى تعزيز الإيرادات المحلية من خلال توسيع القاعدة الضريبية. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه السياسات مرهونًا بقدرتها على تحقيق توازن بين جمع الضرائب وتقديم خدمات ملموسة للمواطنين.
وبدون تحسينات في البنية التحتية، مثل توفير الكهرباء المستقرة، إصلاح الطرق، أو دعم القطاعات المنتجة كالزراعة، قد تؤدي الضرائب إلى نتائج عكسية، مثل تعميق الركود الاقتصادي ، زيادة معدلات الفقر، وفقدان ثقة المواطنين بالدولة، بحسب مراقبين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف تُثقل الضرائب الجديدة كاهل العائلات في أفغانستان؟
كيف تُثقل الضرائب الجديدة كاهل العائلات في أفغانستان؟

الجزيرة

timeمنذ 16 ساعات

  • الجزيرة

كيف تُثقل الضرائب الجديدة كاهل العائلات في أفغانستان؟

كابل- منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في أغسطس/آب 2021، تواجه العائلات الأفغانية تحديات معيشية غير مسبوقة، وتفاقمت التحديات بسبب توقف المساعدات الدولية وتجميد الأصول الأفغانية في البنوك الخارجية. وفي محاولة لتعويض العجز المالي الذي يواجهه الاقتصاد المحلي، لجأت الحكومة الأفغانية إلى فرض ضرائب جديدة على التجارة الداخلية والخدمات، وزيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة. بيد أن هذه السياسات التي تهدف إلى تعزيز الإيرادات المحلية ألقت بظلالها على حياة العائلات الأفغانية، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية وتراجعت القدرة الشرائية للمواطنين الأفغان. وما مقدار الدخل الذي تحتاجه الأسر لتلبية احتياجاتها الأساسية في ظل هذه الظروف؟ صراع يومي مع ارتفاع الأسعار تعتمد غالبية الأسر الأفغانية في المناطق الحضرية والريفية على دخل محدود يأتي من أعمال يومية مثل التجارة الصغيرة، والعمل الحر، أو وظائف في القطاع الخاص. وقبل فرض الضرائب الجديدة في عام 2023، كان متوسط دخل الأسرة في مدن مثل كابل وهرات يتراوح بين 10 آلاف و15 ألف أفغاني -وهو اسم العملة المحلية- شهريًا (ما يعادل 100 إلى 150 دولارًا أميركيا بسعر الصرف الحالي). وهذا الدخل كان يكفي بالكاد لتغطية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء، الإيجار، وفواتير الكهرباء في ظل اقتصاد متعثر أصلًا. ومع تطبيق الضرائب الجديدة التي شملت رسومًا على التجارة الداخلية والخدمات ورفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة، شهدت الأسواق ارتفاعًا في أسعار السلع الأساسية بنسبة تتراوح بين 20 و30%. ارتفع سعر كيس الطحين (50 كلغم) من 2500 أفغاني في أوائل 2023 إلى3200 أفغاني بنهاية 2024. زاد سعر لتر زيت الطهي من 120 إلى 160 أفغانيا. سجّل الأرز ارتفاعًا من 80 إلى 105 أفغانيات للكيلوغرام الواحد. هذه الزيادات جعلت النفقات الشهرية لعائلة مكونة من 6 أفراد، وهو الحجم المتوسط للأسر الأفغانية، تتراوح بين 18 ألفا و20 ألف أفغاني لتغطية احتياجاتها الأساسية. وهذا المستوى من النفقات يفوق دخل معظم الأسر، مما دفعها إلى اتخاذ خيارات صعبة مثل تقليص الوجبات الغذائية، بيع الممتلكات، أو الاستدانة. وفي سوق "مندوي"، أكبر الأسواق التجارية في العاصمة الأفغانية كابل، يروي التاجر نور أحمد معاناته للجزيرة نت: "كنت أحقق مبيعات شهرية بقيمة 50 ألف أفغاني من بيع المواد الغذائية مثل الطحين والأرز، لكن الضرائب الجديدة على الاستيراد زادت تكاليفي بنسبة 25%، فاضطررت لرفع الأسعار. النتيجة؟ انخفض عدد الزبائن إلى النصف، وأصبحت أنا نفسي أواجه صعوبات في تغطية نفقات عائلتي المكونة من 7 أفراد. أحيانًا أضطر للاقتراض لدفع فواتير الكهرباء". قصة نور أحمد تعكس واقع مئات التجار الذين يعانون من تراجع الطلب في الأسواق. وعلى صعيد المواطنين العاديين، تروي أم زهرة شريف زاده، أرملة تعيل 4 أطفال في حي فقير بكابل، قصتها المؤلمة: "أعمل في خياطة الملابس من المنزل، ودخلي لا يتجاوز 8 آلاف أفغاني شهريًا. مع ارتفاع أسعار الطحين والزيت، لم أعد أستطيع شراء ما يكفي من الطعام. اضطررت إلى إيقاف أطفالي عن المدرسة لأنني لم أعد قادرة على دفع رسوم النقل، وأحيانًا ننام دون عشاء". موقف الحكومة في حديثه للجزيرة نت، يوضح أحمد ولي حقمل، المتحدث باسم وزارة المالية الأفغانية، موقف الحكومة الأفغانية: "في ظل توقف المساعدات الدولية وتجميد أصول أفغانستان في الخارج، أصبحت الضرائب الجديدة ضرورة وطنية لتمويل الخدمات العامة، مثل المستشفيات، المدارس، ورواتب الموظفين. نحن ملتزمون بتطبيق هذه الضرائب بطريقة عادلة، حيث أعفينا الشرائح الفقيرة والشركات الصغيرة التي لا تتجاوز إيراداتها 500 ألف أفغاني سنويًا من بعض الرسوم. ويضيف "نعمل على تطوير نظام ضريبي رقمي لتحسين الشفافية ومنع الفساد، بحيث تذهب الإيرادات مباشرة لخدمة الشعب. هدفنا هو بناء اقتصاد مستدام يقلل من الاعتماد على الخارج، مع ضمان عدم إثقال كاهل المواطنين الأكثر احتياجًا". ويؤكد حقمل أن الحكومة الأفغانية بدأت مشاريع لتحسين البنية التحتية، مثل إصلاح الطرق في ولايات مثل قندهار وهرات، بهدف تحفيز التجارة وتخفيف الضغط على المواطنين. ومع ذلك، يرى مواطنون أن هذه المشاريع لا تزال محدودة ولا تعكس تحسنًا ملموسًا في حياتهم اليومية. خبراء: ضرائب في توقيت غير مناسب يحذر الباحث الاقتصادي الأفغاني عبدالرؤوف حيدري م ن تبعات الضرائب الجديدة في ظل الوضع الاقتصادي الهش، ويقول في حديثه للجزيرة نت "الضرائب ليست مشكلة في حد ذاتها، لكن توقيتها وطريقة تطبيقها يثيران قلقًا كبيرًا. الاقتصاد الأفغاني يعاني من ركود حاد، حيث انخفض الطلب في الأسواق بنسبة 40% في مدن مثل هرات ومزار شريف، وتراجعت الحوالات الخارجية بنسبة 60% منذ عام 2021 بسبب العقوبات الدولية وتجميد الأصول". ويضيف "العائلة الأفغانية، التي يبلغ متوسط أفرادها 6 أشخاص، تحتاج إلى دخل شهري يتراوح بين 20 ألفا و25 ألف أفغاني لتغطية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء، الإيجار، والرعاية الصحية، لكن التقديرات تشير إلى أن 70% من الأسر لا تصل إلى هذا المستوى" ويؤكد أن "فرض ضرائب جديدة في مثل هذه الظروف، دون تقديم خدمات ملموسة مثل تحسين إمدادات الكهرباء أو إعادة تأهيل الطرق، يزيد من الضغط على المواطنين ويُضعف ثقتهم في الحكومة". ويتابع حيدري "الحل لا يكمن في زيادة الضرائب فقط، بل في ربطها بمشاريع تنموية واضحة. على سبيل المثال، إعادة إعمار القطاع الزراعي، الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد الأفغاني، يمكن أن يوفر فرص عمل ويخفف من ارتفاع أسعار الغذاء. كذلك، تحسين البنية التحتية، مثل الطرق والكهرباء، سيسهل التجارة ويقلل من تكاليف النقل التي تنعكس على الأسعار. بدون هذه الإصلاحات، ستظل الضرائب عبئًا على المواطنين بدلًا من أن تكون أداة لبناء الاقتصاد". بين الفقر وانعدام الأمل تعكس قصص المواطنين الأفغان حجم المعاناة التي خلفتها الضرائب الجديدة. ويقول فؤاد عزيزي، موظف في شركة خاصة بكابل "راتبي الشهري 12 ألف أفغاني، لكن نفقات عائلتي المكونة من 5 أفراد ارتفعت إلى 16 ألف أفغاني بسبب زيادة أسعار الطعام والوقود. اضطررت إلى الاقتراض من أقاربي لشراء الأدوية لابني المريض، وأحيانًا نضطر إلى تقليص وجباتنا إلى وجبة واحدة يوميًا". وتقول أم زهرة شريف زاده هي الأخرى: "كنت أحلم بأن يصبح أطفالي أطباء أو مهندسين، لكن الآن أفكر فقط في كيفية تأمين الطعام. الحياة أصبحت أصعب مما كانت عليه قبل الضرائب". وتُظهر تقارير الأمم المتحدة أن 42% من الأفغان يعيشون تحت خط الفقر، وأن تراجع المساعدات الإنسانية منذ 2021 زاد من الضغوط على الأسر. واضطرت العديد من العائلات إلى بيع ممتلكاتها، مثل الأثاث أو الماشية، لتغطية النفقات اليومية، كما أن انخفاض الحوالات الخارجية، التي كانت تشكل مصدر دخل رئيسيًا للأسر، جعل الوضع أكثر تعقيدًا، وفق مراقبين. ضرورة استعادة الثقة في ظل شح الموارد وغياب الاعتراف الدولي بحكومة طالبان، تسعى الحكومة الأفغانية إلى تعزيز الإيرادات المحلية من خلال توسيع القاعدة الضريبية. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه السياسات مرهونًا بقدرتها على تحقيق توازن بين جمع الضرائب وتقديم خدمات ملموسة للمواطنين. وبدون تحسينات في البنية التحتية، مثل توفير الكهرباء المستقرة، إصلاح الطرق، أو دعم القطاعات المنتجة كالزراعة، قد تؤدي الضرائب إلى نتائج عكسية، مثل تعميق الركود الاقتصادي ، زيادة معدلات الفقر، وفقدان ثقة المواطنين بالدولة، بحسب مراقبين.

خبراء: رفع العقوبات عن سوريا يعجّل إعادة بناء اقتصاد البلاد
خبراء: رفع العقوبات عن سوريا يعجّل إعادة بناء اقتصاد البلاد

الجزيرة

timeمنذ 18 ساعات

  • الجزيرة

خبراء: رفع العقوبات عن سوريا يعجّل إعادة بناء اقتصاد البلاد

أعلن الاتحاد الأوروبي ، يوم الثلاثاء الماضي، رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تحمل أبعاداً سياسية واقتصادية بالغة الأهمية. وأكدت كايا كالاس، ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد، أن التكتل الأوروبي يهدف إلى "مساعدة الشعب السوري على إعادة بناء سوريا جديدة، مسالمة، تضم جميع الأطياف"، مشددة على التزام أوروبا بدعم السوريين على مدى السنوات الماضية. وأوضح دبلوماسيون أوروبيون، أن القرار يشمل رفع العقوبات التي كانت تستهدف قطاعات اقتصادية ومصرفية محددة، وذلك بهدف دعم تعافي البلاد، دون أن يشمل ذلك رفع العقوبات العسكرية أو تلك المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان. ورحّبت سوريا برفع الولايات المتحدة رسميا العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على البلاد، معتبرة أنها "خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح"، في وقت تحاول السلطات دفع عجلة التعافي الاقتصادي وتحسين علاقتها مع الدول الغربية، بعد نزاع مدمر استمر 14 عاما. أبعاد القرار الأوروبي وفي تصريح لـ "الجزيرة نت"، رأى مازن علوش، مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، أن القرار الأوروبي فرصة لإعادة تفعيل النشاط التجاري واللوجستي، خاصة في مجالات الاستيراد والتصدير للمواد الإنسانية والطبية والتجهيزات الصناعية. وأكد أن تعزيز التبادل التجاري عبر القنوات الرسمية من شأنه أن يُسهم في تقليص نشاط السوق السوداء والمعابر غير القانونية، الأمر الذي سينعكس إيجابيا على الاقتصاد الوطني. مع ذلك، حذر علوش من الإفراط في التفاؤل، مشيرًا إلى أن التطبيق الفعلي للقرار يرتبط بمدى شموليته وآليات تنفيذه، إضافة إلى مواقف الدول المجاورة التي تُعد محاور رئيسية لعبور البضائع. وأضاف أن تنفيذ القرار يتطلب تنسيقاً فنياً واسعاً مع شركاء إقليميين ودوليين، لضمان استفادة المعابر البرية والمرافئ البحرية من هذا الانفتاح المنتظر. كما كشف علوش عن وجود خطط لتحديث قوائم المواد المسموح باستيرادها وتصديرها، بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات الصلة، مشيراً إلى أن هناك تقييماً فنياً جارياً للبنية التحتية في المرافئ والمعابر تحسباً لازدياد متوقع في النشاط التجاري. موقف المعارضة السورية من جانبه، قال محمد علاء غانم، رئيس الشؤون السياسية في المجلس السوري الأميركي، إن العقوبات الأوروبية كانت رداً مباشراً على القمع الذي مارسه النظام السوري منذ عام 2011، وشملت قطاعات النفط والمصارف وتصدير التكنولوجيا، إلى جانب حظر تصدير الأسلحة. وأشار إلى أن رفع العقوبات الأوروبية أخيراً يعكس تفاعلاً مع سياسة الولايات المتحدة، التي كانت قد أعلنت قبل أيام نيتها تخفيف بعض عقوباتها، معتبراً أن السياسة الأوروبية تأتي في إطار التناغم مع التوجه الأميركي. وأضاف أن العقوبات الأميركية لا تزال الأشد تأثيراً على النظام. ووفقاً لغانم، فإن التطورات الأخيرة جاءت نتيجة "جهد سوري منظم"، مؤكداً أن "السوريين نجحوا في تحقيق ما كان قد يستغرق سنوات في بضعة أشهر فقط". وأوضح أهمية الدور الأوروبي في المرحلة المقبلة، لكنه شدد على أن الولايات المتحدة تبقى الفاعل الأساسي في ملف العقوبات المفروضة على النظام. فرص اقتصادية واعدة من جهته، اعتبر الدكتور خالد تركاوي، الباحث الاقتصادي في مركز جسور للدراسات، أن القرار الأوروبي "فرصة تاريخية" لتعافي الاقتصاد السوري، خاصة بإعادة الاندماج في النظام المالي العالمي، مما يتيح للبنوك السورية استئناف أنشطتها ويُسهّل عمليات التحويل المالي والائتماني. وأشار تركاوي إلى أن هذا الانفتاح يمكن أن يجذب الاستثمارات الأجنبية، لا سيما في مشاريع إعادة الإعمار، ويساهم في تحسين إيرادات الدولة من التجارة والضرائب، ما يقلل من الاعتماد على المساعدات الخارجية. ولفت إلى أن سوريا تُعد "أرضاً خصبة للاستثمار" في قطاعات الطاقة والنقل والزراعة، موضحاً أن إزالة القيود القانونية والمصرفية سيعزز من جاذبية السوق السورية. وعلى المستوى المعيشي، يرى تركاوي، أن القرار قد يؤدي إلى انخفاض في أسعار السلع، وتوفير فرص عمل عبر مشاريع إعادة الإعمار، إلى جانب تحسين الخدمات الأساسية كالكهرباء والرعاية الصحية والتعليم، مما قد يشجع على عودة بعض السوريين المغتربين إلى بلادهم. واختتم تركاوي بالتأكيد على أن استقرار سعر صرف الليرة السورية وتراجع معدلات التضخم سيكونان من أبرز النتائج المتوقعة للقرار الأوروبي، مما يُسهم في خلق بيئة اقتصادية أكثر استقراراً وجاذبية للنمو والتنمية. خلفية العقوبات الأوروبية بدأ الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على النظام السوري في مايو/أيار 2011، مستهدفاً شخصيات وكيانات مرتبطة بعمليات القمع، إلى جانب حظر تصدير الأسلحة والتعامل مع البنك المركزي السوري. وفي وقت لاحق، توسعت العقوبات لتشمل الرئيس المخلوع بشار الأسد وأفراد أسرته ودائرته المقربة، حيث تم تجميد أصولهم ومنعهم من السفر. كما شملت العقوبات حظرًا على تصدير النفط والمعادن الثمينة، فضلاً عن قيود متنوعة على التعاملات المالية. وبحلول منتصف عام 2012، كانت قائمة العقوبات قد اتسعت لتضم أكثر من 120 شخصية و40 كياناً، معظمها على صلة مباشرة بالنظام السوري. وكان الهدف المُعلن من هذه العقوبات يتمثل في حرمان النظام من الموارد المالية التي قد تُستخدم في قمع المدنيين، مع الحرص على عدم المساس بالاحتياجات الإنسانية الأساسية للسكان.

إحباط أميركي من موقف أوروبا التجاري مع الصين
إحباط أميركي من موقف أوروبا التجاري مع الصين

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

إحباط أميركي من موقف أوروبا التجاري مع الصين

صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب توتراته التجارية مع الاتحاد الأوروبي، مهددًا بفرض تعرفة جمركية بنسبة 50% على الواردات الأوروبية ابتداء من 1 يونيو/حزيران المقبل، وفق ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال. جاء هذا التصعيد وسط إحباط متزايد داخل الفريق الاقتصادي للرئيس الأميركي من نهج التكتل الأوروبي، المكون من 27 دولة، بشأن الضرائب والتنظيمات والسياسات تجاه الصين، تقول الصحيفة. وأعرب مستشارو ترامب ، في محادثات خاصة إلى مسؤولين أوروبيين، عن استيائهم مما وصفوه بـ"بطء التقدم" في المحادثات التجارية، وفق مصادر مطلعة على تفاصيل النقاشات. انتقادات حادة من واشنطن لبروكسل وتشير الصحيفة إلى أن مستشاري ترامب اتهموا الاتحاد الأوروبي بالتردد في تقديم عروض ملموسة تلبي المطالب الأميركية، ومنها الرسوم على خدمات البث، ضرائب القيمة المضافة، قوانين تنظيم صناعة السيارات، والغرامات المفروضة على الشركات الأميركية في قضايا مكافحة الاحتكار. وبينما لم ينجح البيت الأبيض، حتى الآن، في دفع الاتحاد الأوروبي نحو فرض تعريفات على الصناعات الصينية، فإن بريطانيا وافقت أخيرًا على التحرك في هذا الاتجاه في صناعة الصلب، وهي خطوة ساعدت في إنجاز اتفاق التجارة بين واشنطن ولندن، كما أفاد التقرير. وفي الوقت الذي أبدت فيه المفوضية الأوروبية استعدادًا لمعالجة مسألة "اقتصادات السوق" مثل الصين، لم تُترجم هذه النوايا إلى التزامات ملموسة، بحسب المطلعين على سير المفاوضات. تصريحات غاضبة وفي تصريح علني من المكتب البيضاوي، قال ترامب يوم الجمعة: "أنا لا أبحث عن صفقة" مع أوروبا، مؤكدًا عزمه السير في خطة فرض الرسوم الجمركية. وكان قد نشر تهديده صباح الجمعة عبر منصة "تروث سوشيال"، في وقت أبدى فيه مسؤولون أوروبيون تفاؤلًا نسبيًا بتحسن وتيرة المفاوضات أخيرًا. وقال المفوض التجاري الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، عقب مكالمة هاتفية مع الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير ووزير التجارة هوارد لوتنيك، إن الاتحاد الأوروبي منخرط بجدية في المحادثات، لكنه مستعد للدفاع عن مصالحه، مضيفًا أن العلاقة التجارية بين الطرفين "يجب أن تُبنى على الاحترام المتبادل، لا على التهديدات". أوروبا توازن بين الصين وأميركا أوضحت الصحيفة أن المسؤولين الأوروبيين يحاولون اعتماد نهج وسط بين الحزم الأميركي حيال الصين وبين الرغبة في الحفاظ على علاقات اقتصادية مستقرة مع بكين، لا سيما أن الصين تُعد من أكبر أسواق التصدير الأوروبية. وكانت بروكسل قد أرسلت مقترحات لتخفيض الرسوم الصناعية المتبادلة وزيادة واردات الطاقة وفول الصويا الأميركي، لكنها غادرت واشنطن في أبريل/نيسان دون نتيجة ملموسة. وقال ناطق باسم المفوضية آنذاك: "الاتحاد الأوروبي قام بدوره، وحان الآن الوقت لأن تحدد الولايات المتحدة موقفها". وفي حين تطالب واشنطن شركاءها التجاريين بفرض تعريفات على المنتجات الصينية للحد من سياسات الدعم الصناعي من بكين، فإن الرد الأوروبي كان بطيئًا، رغم أن الاتحاد وافق سابقًا على تعريفات بقيمة 21 مليار يورو (24 مليار دولار) على واردات أميركية، لكنه جمّد تنفيذها بعد إعلان واشنطن عن هدنة تفاوضية مدتها 90 يومًا. كما كشفت الصحيفة، أن الاتحاد الأوروبي وضع قائمة ثانية محتملة لفرض رسوم تصل قيمتها إلى 95 مليار يورو (نحو 102 مليار دولار)، في حال فشلت المحادثات مع الولايات المتحدة. تباين في أسلوب التفاوض أحد أبرز أسباب الخلاف، بحسب الصحيفة، هو التباين الكبير بين النهج الأميركي المباشر والنهج الأوروبي المتدرج. فبينما يسعى ترامب لإعلان اتفاقات سريعة، تتبع المفوضية الأوروبية عملية تفاوضية بطيئة تشمل مشاورات موسعة مع جميع الدول الأعضاء، ما يطيل أمد التوافق. وفي تعليقه على التهديد الجمركي الأميركي، قال دبلوماسي أوروبي: "من الصعب بناء سياسة على منشور على تروث سوشيال"، بينما صرح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت لشبكة فوكس نيوز، أن الهدف من التهديد هو "دفع الأوروبيين إلى التحرك".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store