
ترمب يتراجع عن مضاعفة الرسوم الجمركية على كندا
قال كبير مستشاري البيت الأبيض بيتر نافارو الثلاثاء إن الرئيس دونالد ترمب صرف النظر عن مضاعفة الرسوم الجمركية على الواردات الكندية من الصلب والألمنيوم، بعد محادثات أميركية-كندية.
يعني ذلك أن واردات الصلب والألمنيوم من كندا وغيرها من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة ستخضع لتعرفة جمركية نسبتها 25 في المئة اعتباراً من فجر الأربعاء، وفقاً لما كان مخططاً لها في الأصل.
وأثارت الرسوم الجمركية الثلاثاء جولة جديدة من التوترات بين واشنطن وأوتاوا، إذ توعد ترمب بمضاعفتها على الواردات الكندية من الصلب والألمنيوم قبل أن يبدي استعداده للعودة عن قراره.
ففي رد أولي على إعلان مقاطعة أونتاريو فرض رسوم إضافية بنسبة 25 في المئة على الكهرباء على ثلاث ولايات أميركية، أعلن ترمب عبر شبكته الاجتماعية تروث سوشل أنه سيضاعف الرسوم الجمركية على الفولاذ والألمنيوم الكنديين إلى 50 في المئة اعتباراً من الأربعاء.
لكن عصراً، وبعد محادثة هاتفية بين رئيس وزراء مقاطعة أونتاريو الكندية دوغ فورد ووزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، قال ترمب إنه سيعود "على الأرجح" عن قرار مضاعفة الرسوم الجمركية على الواردات الكندية من الصلب والألمنيوم.
محادثات "مثمرة"
فبعد محادثات مع لوتنيك وصفها بأنها "مثمرة"، قال فورد إن الرجلين سيجتمعان الخميس في واشنطن مع الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير "لمناقشة تجديد اتفاقية التجارة الحرة في بلدان أميركا الشمالية قبل الموعد النهائي لفرض الرسوم الجمركية المتبادلة في الثاني من أبريل (نيسان)".
وقالت شركة "إي واي بارثينون" إن 50 في المئة من الألمنيوم و20 في المئة من الفولاذ المستورد إلى الولايات المتحدة يأتي من كندا.
على صعيد متصل، أفاد ترمب بأنه سيفرض اعتباراً من الثاني من أبريل رسوماً على السيارات سوف "تؤدي إلى إغلاق قطاع صناعة السيارات في كندا بشكل نهائي".
وكرر الرئيس الجمهوري القول إن "الأمر الوحيد المعقول" بالنسبة إلى كندا هو أن تصبح "الولاية الأميركية الحادية والخمسين"، ما سيضع حداً للحرب التجارية بين الجارتين.
"كندا ليست للبيع"
في المقابل، توعد رئيس الوزراء الكندي المقبل مارك كارني برد سيكون له "كبير الأثر على الولايات المتحدة وتأثير محدود على كندا".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال كارني عبر منصة إكس "سنبقي على رسومنا الجمركية حتى يظهر الأميركيون لنا الاحترام ويقدموا التزامات موثوقة بشأن التجارة الحرة والعادلة".
كما رد دوغ فورد رئيس وزراء أكبر مقاطعة في كندا من ناحية عدد السكان، على قناة "سي إن بي سي" الثلاثاء قائلاً: "كندا ليست للبيع".
وأكد فورد أن الحل الوحيد هو التخلي عن هذه الحرب التجارية "لأنه سيعزز قوة بلدينا. نحن أهم زبون لكم، ونشتري المنتجات الأميركية أكثر من أي دولة أخرى".
المخاوف بشأن الاقتصاد
في منشوره على منصة تروث سوشل، اعتبر ترمب أنه في حال أصبح الكنديون أميركيين "لن تعد ثمة رسوم جمركية ولا شي من هذا القبيل. سيدفع الكنديون ضرائب أقل بكثير، وسيكونون بأمان أكبر... من ذي قبل. لن تعود ثمة مشكلات عند الحدود الشمالية، وستكون أكبر أمة في العالم أقوى من أي وقت مضى".
وانخفض الدولار بشكل حاد الثلاثاء، وخاصة مقابل العملة الأوروبية، بسبب المخاوف بشأن صحة الاقتصاد الأميركي. ونحو الساعة 18:16 بتوقيت غرينتش، انخفض الدولار واحداً في المئة مقابل اليورو إلى 1.0944 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول).
كما واصل المؤشران الرئيسيان في بورصة نيويورك، داو جونز وناسداك، الثلاثاء الانخفاض بعد تكبدهما خسائر فادحة الإثنين.
لكن الرئيس الأميركي قلل من شأن المخاوف المتصلة بإدارته لاقتصاد البلاد والخسائر التي تكبدتها بورصة وول ستريت، قائلاً إنه لا "يرى" أن البلاد مقبلة على ركود.
وفي تصريح للصحافيين في البيت الأبيض قال ترمب إن عمليات البيع على خلفية تراجع البورصة "لا تثير قلقي".
منذ تنصيبه في 20 من يناير (كانون الثاني)، أصدر ترمب سلسلة من المواقف في ما يتصل بالرسوم الجمركية هزت النظام المالي والاقتصاد العالمي، لكنه عاد وتراجع عن الكثير منها.
"العصر الذهبي"
برزت كندا تدريجاً باعتبارها الهدف المفضل للخطاب التجاري العدواني والأهداف التوسعية للرئيس الأميركي الطامع أيضاً في ضم غرينلاند وقناة بنما.
ولم يتوقف ترمب عن إعلان "حبه" للرسوم الجمركية التي من شأنها، حسب قوله، أن تسمح بإحياء الصناعة الأميركية وخفض العجز، حتى لو كان ذلك يعني التسبب في "اضطرابات" مالية عابرة.
لكن "العصر الذهبي" الحمائي الذي يعد به الملياردير أصبح غير مقنع بشكل متزايد بالنسبة للمستثمرين الذين صاروا يتكهنون بحدوث ركود في الولايات المتحدة، وهو أمر لم يكن مطروحاً قبل بضعة أسابيع فقط.
وتستورد أكبر قوة اقتصادية في العالم نحو نصف الفولاذ والألمنيوم الذي تستخدمه في صناعة السيارات والطيران والبتروكيماويات والمنتجات الاستهلاكية الأساسية مثل السلع المعلبة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 42 دقائق
- Independent عربية
سلام إسرائيلي يلوح من دمشق وصمت مفروض في بيروت
تشهد المنطقة تحركات دبلوماسية متسارعة توحي بأن "ورشة سلام" جديدة بدأت تنسج خيوطها خلف الأبواب المغلقة، ليس كنتاج قناعة بالسلام نفسه، بل كحاجة فرضتها الوقائع الجيوسياسية والعسكرية ما بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، أو ما عرف بـ"طوفان الأقصى". ونقلت وكالة "رويترز" أمس الثلاثاء عن خمسة مصادر مطلعة أن إسرائيل وسوريا على اتصال مباشر، وأجرتا خلال الأسابيع الأخيرة لقاءات وجهاً لوجه، بهدف احتواء التوتر والحيلولة دون اندلاع صراع في المنطقة الحدودية بين البلدين. وأضافت الوكالة أن اللقاءات ركزت على الملفات الأمنية، وقادها من الجانب السوري أحمد الدالاتي، لكن قناة "الإخبارية" السورية نقلت نفي قائد الأمن الداخلي في محافظة السويداء العميد الدالاتي حول ما أشيع عن مشاركته في محادثات مباشرة مع إسرائيل، وأكد أنه "ينفي بصورة قاطعة مشاركته في أية جلسات تفاوضية مباشرة مع الجانب الإسرائيلي"، مشدداً على أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى الدقة والمصداقية. من محادثات السلام السورية- الإسرائيلية في البيت الأبيض 1999 (أ ف ب) لكن الرئيس السوري أحمد الشرع وخلال لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه بداية مايو (أيار) الجاري، أعلن أن هناك مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء لـ"تهدئة الأوضاع وعدم خروجها عن السيطرة". وخلال ديسمبر (كانون الأول) عام 2024 إبان تسلمه للسلطة، قال الشرع "لسنا بصدد الخوض في صراع مع إسرائيل ولا حِمل معركة ضدها"، وفي تصريحات إعلامية سابقة كان أشار إلى أننا "نريد السلام مع جميع الأطراف". في هذا السياق يطرح سؤال جوهري، هل نقترب فعلاً من رؤية مشهد كان يبدو حتى الأمس القريب ضرباً من الخيال؟ علم إسرائيلي يرفرف في دمشق، والواقع أن مجرد تداول هذه الفرضية في الإعلام يظهر حجم التحول في المزاج الإقليمي، فدمشق التي كانت لعقود رأس حربة ما يعرف بـ"جبهة الرفض" أو "جبهة الصمود والتصدي"، ولاحقاً عموداً رئيساً في "حلف الممانعة"، تجد نفسها اليوم أمام خيارين، سلام مشروط يعيد لها ربما بعض شرعيتها الدولية، أو استمرار العزلة والانهيار الاقتصادي الكامل، علماً أن مفاوضات سلام جدية جرت بين دمشق وتل أبيب خلال عهد النظام السابق برئاسة حافظ الأسد، بخاصة بعد "مؤتمر مدريد" 1991، واستمرت بصورة متقطعة حتى عام 2000، لكنها لم تصِل إلى اتفاق نهائي. دمشق البقاء في المدار الإيراني لم يعُد مجدياً إذاً ما كان يُعد خطاً أحمر في السياسة السورية منذ عقود، بات اليوم مطروحاً للنقاش في أروقة القرار، مفاوضات مباشرة مع إسرائيل برعاية إماراتية وربما بغطاء روسي – أميركي مزدوج، ذلك أن النظام الجديد في دمشق بقيادة الشرع يدرك تماماً أن البقاء في المدار الإيراني لم يعُد مجدياً، لا سياسياً ولا اقتصادياً، فطهران المثقلة بالعقوبات والانهيارات الداخلية لم تعُد الحليف القادر على انتشال سوريا من عزلتها، بل أصبحت عبئاً مهدداً. هنا من المحتمل أن تكون دمشق اليوم تحاول المناورة بين المحاور، ذلك أن التلويح بالتقارب مع إسرائيل ربما يكون وسيلة لاجتذاب الاستثمارات الخليجية، وفتح الأبواب المغلقة مع الغرب، وحتى كسب ورقة تفاوض قوية بوجه طهران نفسها، وإذا ما رُفع العلم الإسرائيلي فعلاً على الأراضي السورية، فسيكون ذلك إعلاناً بانتهاء مرحلة كاملة من الصراع العربي – الإسرائيلي، وبداية شرق أوسط جديد تُعاد فيه كتابة خرائط النفوذ والتحالفات، ولكن لا تزال تفصلنا عن ذلك عقبات ومواجهات ومواقف متباينة عدة من الدول التي تعد نفسها، ولا تزال في صراع مع إسرائيل، ومن بينها لبنان. كما أن سوريا تعلم أن هذا "السلام" المحتمل لن يكون بلا ثمن، فالثمن الأكبر قد يكون التخلي التدريجي عن حلفاء الأمس، وربما مواجهة اضطرابات داخلية من قوى ترفض السلام مع "العدو التاريخي"، ولا سيما في أوساط الجيش والأمن الذين نشأوا على عقيدة المواجهة، في المقابل إسرائيل لا تزال تقرع طبول الحرب وما زالت حربها في غزة وغاراتها وتوغلاتها في الداخلين اللبناني والسوري، لم تتوقف. لبنان "الرهينة" في مشاريع الآخرين ولكن أين لبنان مما يجري في المنطقة؟ وهل يمكن الحديث عن سلام بين لبنان وإسرائيل؟ للبنان قصة مختلفة، وهو من أكثر الدول العربية التي "دفعت" ثمن احتضان القضية الفلسطينية والفلسطينيين، فهو الذي اختل أمنه وشهد حرباً أهلية لمدة 15 عاماً، شكلت "القضية" أحد أبرز عواملها، ولا يزال يعيش تداعيات الحرب الضروس التي شنتها إسرائيل على كامل الأراضي اللبنانية، رداً على "حرب إسناد غزة" التي بدأ بها "حزب الله" من على الحدود الجنوبية في أكتوبر عام 2023. تشعر إسرائيل أنها تملك اليد العليا عسكرياً في الشمال (الجيش الإسرائيلي) وعلى ما يبدو أن مسؤوليه يعيشون في كوكب آخر، وكعادتهم يسيرون عكس التيار، ذلك أن كل المنطقة تسير باتجاه التهدئة ومشروع شرق أوسط جديد، لكن بعضاً من الداخل اللبناني وعلى رأسهم "حزب الله" لا يزال مصراً على حمل البندقية ورفض مجرد الحديث عن السلام. وكل من تسول له نفسه الحديث عن سلام أو تهدئة مع إسرائيل يُخوّن وربما تفتح بحقه ملفات أمنية، فالدولة التي لا تزال "مأسورة" بيد الحزب، مرتبطة عضوياً بمحور طهران، ولا تملك قرار الحرب ولا السلام، وأي انضمام لبناني إلى ورشة السلام سيبقى شكلياً ما لم تُحسم مسألة السلاح غير الشرعي، بالتالي، فإن بيروت تتحول إلى ساحة تقاطع مصالح، لا شريكة فعلية في رسم مستقبل المنطقة. في السياق كان الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم أكد أن "لن نسمح لأحد أن ينزع سلاح 'المقاومة'، وهذا السلاح هو الذي أعطى الحرية لشعبنا وحرر وطننا"، وقال "سنواجه من يعتدي على الحزب ومن يعمل على نزع سلاحه، كما واجهنا إسرائيل". وعلى رغم كل التغيرات التي حصلت على الساحة اللبنانية، من افتتاح لعهد جديد، وشروع الدولة في تيسير عمل المؤسسات، فإن هناك جواً سائداً بأن قراره الخارجي لا يزال مصادراً، ولا يملك حرية توقيع السلام حتى لو أراد لأن قراره النهائي يصاغ في طهران. من هنا يجد لبنان نفسه ضمن "ورشة السلام"، العنصر الغائب-الحاضر، إذ تخاض حروب الآخرين على أرضه وتصنع قرارات السلم والحرب خارجه، بالتالي فإن أية تسوية إقليمية لن تمر عبر بيروت، بل فوقها. الذاكرة الوطنية وجرح الاحتلال لكن هناك عوامل أخرى تجعل من الحديث عن السلام مع إسرائيل محظوراً ليس فقط بسبب المعطيات التي ذكرناها، بل نتيجة تشابك عميق بين الذاكرة الجماعية والسردية الوطنية وتوازنات القوى الداخلية والإقليمية، فلبنان عانى احتلالاً إسرائيلياً دام 22 عاماً للجنوب، رافقته اعتداءات وجرائم وثقتها صور المعتقلين في الخيام ومجازر مثل قانا، وهذه الذاكرة لا تزال حية في وجدان بعض اللبنانيين، خصوصاً الجنوبيين، مما يجعل أي حديث عن سلام مع إسرائيل يبدو وكأنه سلام مع الجلاد، أو إنكار لمعاناة لم تُشفَ بعد. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) الدور المركزي لـ"حزب الله" بُني "حزب الله" على شعار "المقاومة ضد إسرائيل"، وهو لا يزال يمتلك ترسانة عسكرية ضخمة ونفوذاً سياسياً هائلاً، بالتالي، أي نقاش عن السلام مع إسرائيل يعد تهديداً مباشراً لشرعية سلاحه، ويُقابل بردّ عنيف سياسياً وإعلامياً وربما أمنياً، فالحزب لا يملك فقط القوة لفرض هذا "الحظر"، بل لديه جمهور يتبنى هذه الرؤية كجزء من الهوية. ويشار إلى أن الكل في لبنان يتخوف من تخلخل التوازنات الطائفية، فالطوائف اللبنانية لا ترى في السلام مع إسرائيل مسألة تقنية، بل خياراً مصيرياً من الممكن أن يهدد وجودها، فيتخوف المسيحيون من أية تسوية توطن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ويرتبط السُنة تاريخياً بسردية قومية ترفض إسرائيل، والشيعة بقيادة "حزب الله" يعدونها عدواً وجودياً، لذا، فإن أي خطاب سلمي يعتبر تفجيراً محتملاً لهذه التوازنات الهشة. قرار السلام "مصادر" ولبنان، بخلاف دول عربية أخرى، لا يملك سلطة مستقلة لاتخاذ قرار كهذا، فإيران، وسوريا سابقاً، و"حزب الله" حالياً، ترى في لبنان ساحة مواجهة استراتيجية مع إسرائيل، بالتالي حتى إن وجدت إرادة داخلية للسلام، فإن القرار في جزء كبير منه "مصادر"، ثم إن إسرائيل نفسها لا تبدي رغبة في سلام مع دولة ضعيفة، حدودها مستباحة، ولا سلطة مركزية موحدة فيها. ومع ذلك، فإن الحدود اللبنانية – الإسرائيلية هي الجبهة الأكثر اشتعالاً، وأية تسوية من دون تهدئة دائمة في الجنوب ستكون منقوصة، وهنا تبرز معضلة نزع سلاح "حزب الله"، وهي عقدة لا يمكن تفكيكها إلا في إطار صفقة شاملة تشمل إيران، وربما سوريا، وفي حال جرى التوصل إلى تسوية كبرى، من الممكن أن يطلب من الدولة اللبنانية استيعاب الحزب داخل الجيش، أو إدماجه في معادلة أو استراتيجية دفاعية رسمية، على غرار النموذج العراقي مع "الحشد الشعبي"، لكنها صيغة محفوفة بالأخطار، ولذلك بحث آخر، وفي المحصلة الحديث عن السلام مع إسرائيل في لبنان ليس مجرد وثيقة سياسية أو أمنية، في بلد لا يزال يعيش نصف حرب، ونصف سلم، تبدو كلمة "سلام" أخطر من أي إعلان حرب. هل تريد إسرائيل السلام فعلاً؟ ولكن ماذا عن الجانب الآخر من الحدود؟ هل تريد إسرائيل فعلاً الذهاب إلى سلام في المنطقة؟ وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قال خلال حديث إعلامي إن إسرائيل تريد السلام مع لبنان، لكن "حزب الله" هو العائق أمام تحقيق ذلك، لافتاً إلى أن إسرائيل "ليس لديها صراع حقيقي مع دولة لبنان وإنما المشكلة تكمن في 'حزب الله' الذي يمثل إيران واستولى على لبنان". في العقيدة الاستراتيجية الإسرائيلية السلام ليس هدفاً بحد ذاته (أ ف ب) وأشار ساعر إلى أنه "قد يكون من المبكر للبنان اليوم الحديث عن السلام، لكننا نريد السلام حقاً وأعتقد بأنه سيكون ممكناً في المستقبل"، مضيفاً أن "الشرط الأساس هو أن تتوقف إيران عن احتلال لبنان من خلال 'حزب الله'، هذا هو العائق أمام السلام هناك"، وأردف أن "لبنان استمر تحت الاحتلال الإيراني لعقود، وعندما نصل إلى اللحظة التي يكون فيها الجيش اللبناني والحكومة اللبنانية أقوى من 'حزب الله' أعتقد بأنه ستكون لدينا آفاق جديدة". لكن إسرائيل لا تبدو متحمسة للذهاب نحو سلام لأن كلفته في ظل الظروف الحالية، تفوق فوائده من وجهة نظرها الاستراتيجية، فلبنان ليس دولة موحدة القرار، والسلطة فيه ضعيفة ومقسمة بين أطراف متناحرة، أبرزها "حزب الله" الذي يعد في نظر إسرائيل عدواً وجودياً، بالتالي، أي سلام مع الحكومة اللبنانية سيكون شكلياً لأن الطرف الأقوى على الأرض لا يعترف به، بل يحاربه، فمن منظور إسرائيلي، ما فائدة توقيع سلام مع سلطة لا تملك قرار الحرب والسلم؟ أضف إلى ذلك أن وجود الحزب على حدودها يمنح إسرائيل مبرراً دائماً للبقاء في "وضع تأهب"، بالتالي هذا يبرر استمرار حال التعبئة العسكرية والتحصينات الأمنية والضغط السياسي الدولي على لبنان وإيران، إذاً السلام سيفقدها هذا "العدو الواضح" الذي تبرر من خلاله كثيراً من سياساتها العسكرية والإقليمية. وإسرائيل لا تريد السلام بمعناه الكلاسيكي، أي سلام متكافئ قائم على الحقوق والاعتراف المتبادل، بقدر ما تسعى إلى سلام بشروطها، يحقق لها الأمن أولاً والهيمنة الإقليمية ثانياً. السلام ليس هدفاً وفي العقيدة الاستراتيجية الإسرائيلية، السلام ليس هدفاً بحد ذاته، بل أداة لضبط الحدود وتفكيك الخصوم وخلق بيئة إقليمية تسمح لإسرائيل بأن تعيش بلا تهديد وجودي، والدليل هو ما فعلته بعد "اتفاقات أبراهام"، إذ إنها وقعت سلاماً مع دول ليس لديها نزاع مباشر معها، في مقابل تجاهل كامل للقضية الفلسطينية التي تركت بلا أفق. وعلى عكس السلام مع دول الخليج (التطبيع الاقتصادي والتكنولوجي)، أو السلام مع مصر (تأمين حدود سيناء)، لا ترى إسرائيل في لبنان مكسباً استراتيجياً كبيراً، فهو بلد فقير منهار اقتصادياً ومحكوم من قوى معادية وليست لديه سوق استهلاكية ولا يملك عمقاً جغرافياً يمكن الاستثمار فيه. إسرائيل تفضل "الردع" على "المعاهدات" في الجبهة الشمالية وتشعر إسرائيل بأنها تملك اليد العليا عسكرياً في الشمال، وتحقق ما تريده من خلال القوة والاغتيالات والضربات الجوية وردع "حزب الله" من دون أن تدفع ثمن سلام، فلماذا تذهب إلى تنازلات والتزامات دبلوماسية مقابل دولة مفككة؟ ولماذا توقع سلاماً الآن، بينما "حزب الله" في أضعف حالاته والسلطة اللبنانية عاجزة والاقتصاد منهار؟ هي تفضل مواصلة الضغط والاستثمار في الضعف اللبناني، بدلاً من تقديم "هدية سياسية" عبر اتفاق سلام يشرعن الدولة اللبنانية ويعطيها مكاسب، من هنا فإنها قد تكون ساعية وراء سلام شكلي، وهي تفضل بقاء الوضع الحالي، من دون اتفاق وبلا حرب شاملة، مع "ردع من بعيد" يتيح لها قصف أهداف في العمق متى شاءت، ما دام أن "حزب الله" لا يرد على نحو يغير المعادلة، أضف إلى أنها تعتبر لبنان ساحة نفوذ إيرانية، لا دولة قابلة للشراكة، ولذلك فهي تتحدث مع طهران عبر بيروت، لا مع بيروت نفسها. أما في الحالة السورية، فإذا رأت تل أبيب أن النظام الجديد مستعد للانفصال عن طهران، والتوصل إلى اتفاق سلام مقابل ضمانات أمنية على الجبهة الشمالية، فقد تدفع نحو سلام "تكتيكي" وليس "تاريخياً"، أشبه بهدنة دائمة أكثر منه تسوية شاملة. إسرائيل إذاً، لا تريد "سلاماً عادلاً" يفتح صفحة جديدة مع الشعوب، بل "سلاماً مفصلاً" على قياس مصالحها الاستراتيجية، فإسرائيل تريد "سلاماً بارداً" مع دول الطوق، مشروطاً بالتخلي عن أي طموح سيادي في ملفات رئيسة، مثل عودة اللاجئين والانسحاب من أراضٍ محتلة خارج التفاوض والسلاح في يد أية قوة قد تشكل تهديداً مستقبلياً، وهنا يكمن التحدي الحقيقي لأية ورشة سلام مقبلة في المنطقة، هل هي لإنهاء الصراع، أم لتجميده على شروط المنتصر؟


Independent عربية
منذ 42 دقائق
- Independent عربية
"العمل الدولية": واشنطن لم تسدد مستحقات 2024 و2025
أعلن المدير العام لمنظمة العمل الدولية أمس الأربعاء أن الولايات المتحدة، أكبر مانحيها، لم تسدد مستحقاتها لعامي 2024 و2025، على رغم اقتراب موعد موافقة أعضاء المنظمة على ميزانيتها. وقال جيلبر هونغبو أمام الصحافيين "في الماضي، كانت الولايات المتحدة تدفع دائما، ربما بعد بضعة أشهر أو أكثر"، مشيراً إلى أنه "متفائل" بأن واشنطن ستدفع مستحقاتها لعامي 2024 و2025. وأكد أن "منظمة العمل الدولية لم ينظر إليها بالضرورة على أنها سلبية". وتشكل مساهمة الولايات المتحدة 22 في المئة من ميزانية المنظمة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضاف هونغبو أن منظمة العمل الدولية "توقعت الكثير من الخيارات التي من شأنها أن تساعدنا في تجنب مشكلات التدفق النقدي، ولكن بالطبع هناك حدود لما يمكننا القيام به". لكنه أقر بأن الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترمب، والتي تعمل على تقليص مساهماتها المتعلقة بالتضامن الدولي، قد تقرر في أي وقت التوقف عن تقديم الأموال لمنظمة العمل الدولية. في الوقت الحالي، لا تنوي المنظمة تعديل مشروع ميزانيتها للفترة 2026-2027، والذي يبلغ نحو 880 مليون دولار، وهو مبلغ ثابت نسبياً.


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
"العمل الدولية": واشنطن لم تسدد مستحقاتها 2024 و2025
أعلن المدير العام لمنظمة العمل الدولية أمس الأربعاء أن الولايات المتحدة، أكبر مانحيها، لم تسدد مستحقاتها لعامي 2024 و2025، على رغم اقتراب موعد موافقة أعضاء المنظمة على ميزانيتها. وقال جيلبر هونغبو أمام الصحافيين "في الماضي، كانت الولايات المتحدة تدفع دائما، ربما بعد بضعة أشهر أو أكثر"، مشيراً إلى أنه "متفائل" بأن واشنطن ستدفع مستحقاتها لعامي 2024 و2025. وأكد أن "منظمة العمل الدولية لم ينظر إليها بالضرورة على أنها سلبية". وتشكل مساهمة الولايات المتحدة 22 في المئة من ميزانية المنظمة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضاف هونغبو أن منظمة العمل الدولية "توقعت الكثير من الخيارات التي من شأنها أن تساعدنا في تجنب مشكلات التدفق النقدي، ولكن بالطبع هناك حدود لما يمكننا القيام به". لكنه أقر بأن الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترمب، والتي تعمل على تقليص مساهماتها المتعلقة بالتضامن الدولي، قد تقرر في أي وقت التوقف عن تقديم الأموال لمنظمة العمل الدولية. في الوقت الحالي، لا تنوي المنظمة تعديل مشروع ميزانيتها للفترة 2026-2027، والذي يبلغ نحو 880 مليون دولار، وهو مبلغ ثابت نسبياً.