أوروبا وإلغاء القيود التنظيمية لمواجهة التحديات
ومع تحول البلد إلى قوة إقليمية، فإن دور بولندا في الاتحاد الأوروبي يتطور أيضا مع تحولها من متلقٍ خالص لأموال الاتحاد إلى بلد يتولى دورا ماليا متعاظما بالتدريج ضمن ميزانية الاتحاد الأوروبي مع الإسهام في الوقت نفسه بصورة نشطة في عمل السوق الموحدة من خلال التجارة. وقد تجاوزنا الصين كسوق تصدير للمنتجات الألمانية؛ كما تزود الصناعة البولندية جميع أنحاء أوروبا بالسلع.
وهناك تشابه متزايد بين التحديات التي تواجه بولندا وتلك التي تواجه الاتحاد الأوروبي. وهناك 3 منها تستحق اهتماما خاصا: ضمان ألا تشكل أوجه الجمود في أوروبا قيدا على النمو الاقتصادي؛ وإدارة تحول الطاقة بحكمة؛ ومواصلة التعاون للتصدي للتحديات الأمنية، التي يمثل إنفاق بولندا على الدفاع لمواجهتها- وهو الأكبر بين دول الناتو نسبة إلى إجمالي الناتج المحلي- أمرا بالغ الأهمية.
وتحتاج أوروبا في المقام الأول إلى إلغاء القيود التنظيمية وتحقيق وفورات الحجم. فقد كانت السوق الموحدة عملا ناجحا -كما يتضح من أداء التصدير الرائع الذي حققته بولندا- لكنها لا تزال غير مكتملة. ومن أكبر الحواجز التي تواجه الاتحاد الأوروبي ما يفرضه الاتحاد على نفسه من قيود. فوفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، تعادل الحواجز غير الجمركية داخل السوق الموحدة تعريفة جمركية بنسبة 44% على السلع الصناعية و110% على الخدمات.
ودون سوق موحدة بحق، لا يمكن للشركات الأوروبية التوسع، وتظل الابتكارات المحلية محصورة داخل الحدود الوطنية. وهذه إمكانات يجب أن تستغل.
وعلاوة على ذلك، من الضروري تنفيذ تحول الطاقة بصورة صحيحة. وفي هذا السياق، تمثل إزالة الكربون أولوية وستظل كذلك.
غير أنه من الضروري معالجة تفاوت أسعار الطاقة مقارنة بالولايات المتحدة والصين. إذ تواجه الصناعة الأوروبية أسعار كهرباء وغاز تصل إلى ثلاثة أضعاف الأسعار لدى شركائنا التجاريين الرئيسيين. ويمثل تحول الطاقة ضرورة بيئية وفرصة اقتصادية في آن واحد، نظرا للمنافع غير المباشرة التي تتحقق من تقليل التلوث والميزة التنافسية الناتجة عن سلسلة قيمة الصناعة النظيفة.
وفوق كل ذلك، بدأت أوروبا تستعيد ثقتها في المشروع الأوروبي. فالتكامل الأوروبي في عهد أديناور وشومان ودي جاسبيري كان مسعى غيّر وجه العالم. لقد كان نقلة نوعية تاريخية تحققت بفضل قادة يتمتعون برؤية تجاوزت قيود زمنهم ومصالحهم قصيرة الأجل. غير أن التردد والتشرذم في الآونة الأخيرة أديا إلى إبطاء جهود التكامل. ولا تزال المصالح الضيقة تعرقل بعض المبادرات الرامية إلى تعميق التكامل.
كذلك فإن المخاوف بشأن التمويل المشترك تمثل عائقا أمام العمل البحثي المتعلق بأحدث التكنولوجيات على نطاق مماثل لمشاريع وكالة ناسا ووكالة المشروعات البحثية الدفاعية المتقدمة في الولايات المتحدة. ولا تزال أوجه عدم الاتساق التنظيمي بين البلدان تفرض تحديات أمام القطاع الخاص.
غير أن التيار بدأ يتحول. فأوروبا، بعد صحوتها الجغرافية-السياسية، بدأت تدرك الحاجة إلى موجة جديدة من التكامل الاقتصادي، ومعها تنظيم ذكي وقوانين مبسطة لإحياء روح الازدهار التي طالما ميزت نمط الحياة الأوروبي. وأنا متفائل.
فالتوصل إلى اتحاد أوروبي تنافسي وآمن ليس أمرا ممكنا وحسب، بل هو قريب المنال أيضا. والطريقة التي تكيف بها مواطنو بولندا مع التغيرات الجغرافية-السياسية منذ 35 عاما ينبغي أن تلهمنا جميعا. فالتغيير الإيجابي الكبير ممكن حتى في أوقات الاضطرابات العالمية. وحكومات الاتحاد الأوروبي تتخذ الاستعدادات اللازمة لنهوض الاقتصاد الأوروبي.
أندريه دومانسكي
وزير مالية جمهورية بولندا
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 6 دقائق
- صحيفة سبق
ملك بلجيكا: عمليات القتل في غزة عار على الإنسانية
وصف الملك لويس فيليب ليوبولد ماري،ملك بلجيكا، ما يجري من عمليات قتل في قطاع غزة بأنه "عار على الإنسانية"، داعيًا أوروبا إلى إبداء مزيد من الحزم في التعامل مع الأزمة المستمرة في القطاع. جاء ذلك خلال خطاب ألقاه بمناسبة العيد الوطني لبلاده، حيث أكد على ضرورة التحرك العاجل لإنهاء المعاناة التي يعيشها المدنيون في غزة. وبحسب ما نقله موقع "يورونيوز"، أكد ملك بلجيكا دعم بلاده لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى "وضع حد فوري للأزمة التي لا تطاق". ويأتي هذا الموقف في ظل استمرار الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي بشأن التعامل مع الحرب على غزة، حيث رفض وزراء خارجية دول الاتحاد، خلال اجتماعهم في بروكسل، فرض عقوبات على إسرائيل رغم الانتقادات المتصاعدة. وفي السياق ذاته، وصفت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الوضع الإنساني في غزة بـ"الكارثي"، مشيرة إلى أن غياب وقف إطلاق النار يعيق تقديم المساعدات الإنسانية. وقالت عقب الاجتماع: "نحن بحاجة ماسة للعمل من أجل مساعدة الناس، لأننا لا نعرف إلى متى يمكن أن نصل إلى هدنة".


الشرق الأوسط
منذ 6 دقائق
- الشرق الأوسط
وزير الخزانة الأميركي: قرار بقاء باول بيد ترمب... وليس هناك موقف نهائي
أعلن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، أن قرار بقاء رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول، بيد الرئيس دونالد ترمب، موضحاً أنه لا موقفاً نهائياً حتى اللحظة. ويوجه ترمب انتقادات إلى باول منذ أشهر بسبب عدم خفض أسعار الفائدة، وقد حثه مراراً على الاستقالة. وقال ترمب إن التجاوز في تكلفة تجديد المقر التاريخي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن البالغة 2.5 مليار دولار قد تصل إلى حد مخالفة تجيز الإقالة. وتتهم إدارة ترمب «الفيدرالي» بالإسراف، حيث وصف مدير مكتب الإدارة والموازنة، راسل فوت، المشروع، في رسالة إلى باول بتاريخ 10 يوليو (تموز) الحالي، بأنه «تجديد شامل» يتضمن «حدائق على الأسطح»، و«مصاعد وغرف طعام لكبار الشخصيات»، وغيرها من مظاهر البذخ. في حين عبّر بيل بولت، مدير وكالة تمويل الإسكان الفيدرالية، عن ثقته بأن الكونغرس سيفتح تحقيقاً. وقال بيسنت، في مقابلة مع قناة «سي إن بي سي»: «لا نتعامل مع فرضيات بشأن إقالة باول»، كاشفاً عن أنه سيكون في مقر «الاحتياطي الفيدرالي»، مساء الاثنين، وأن مراجعة شاملة مطلوبة لمؤسسة «الاحتياطي الفيدرالي». ورأى أن خفض الفائدة قد ينعش سوق الرهن العقارية. في شأن آخر، قال بيسنت إن الولايات المتحدة تحث أوروبا على أن تحذو حذوها في حال فرض عقوبات ثانوية على روسيا، وأن 80 أو 90 من أعضاء مجلس الشيوخ يرغبون في إقرار مشروع قانون العقوبات على روسيا. وقال إن المحادثات التجارية مع الصين تجري بشكل جيد.


صحيفة سبق
منذ 6 دقائق
- صحيفة سبق
إيران تعقد محادثات نووية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا.. هل تحقق اختراقًا أم تزيد التوترات؟
تستعد إيران لعقد محادثات نووية حاسمة مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا، يوم الجمعة المقبل في إسطنبول، في خطوة تهدف إلى نزع فتيل التوترات المتزايدة حول برنامجها النووي، بعد تهديدات أوروبية بإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران بحلول نهاية أغسطس، إذا لم تُظهر تقدمًا ملموسًا نحو اتفاق جديد، وفي ظل تصاعد التحديات الإقليمية والدولية، تسعى هذه الدول إلى الحد من قدرات إيران النووية، بينما تحاول طهران استعادة الثقة الدولية، فما الذي سيحدد مصير هذه المحادثات؟ مفاوضات إسطنبول وستستضيف إسطنبول الجولة الجديدة من المحادثات النووية، حيث أكد إسماعيل بغائي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، موافقة طهران على استئناف الحوار، وتسعى الدول الأوروبية الثلاث، الموقّعة على الاتفاق النووي لعام 2015، لإحياء الجهود الدبلوماسية التي تراجعت منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق خلال الفترة الرئاسية الأولى لدونالد ترامبـ ومع اقتراب الموعد النهائي للعقوبات، يبدو أن المحادثات تمثل فرصة حاسمة لتجنب التصعيد، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية. ويتركز الهدف الأساسي للمفاوضات على الحد من قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، وهو الجانب الأكثر حساسية في برنامجها النووي، وتشير التقديرات إلى أن إيران تمتلك مخزونات من اليورانيوم عالي التخصيب، مما يثير قلق المجتمع الدولي بشأن إمكانية استخدامه في أغراض غير سلمية. وتسعى فرنسا وألمانيا وبريطانيا إلى إعادة إيران إلى طاولة الالتزام بالاتفاق النووي، مع التركيز على استعادة التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وكانت الوكالة تراقب في السابق مخزونات إيران النووية بدقة، لكن هذا التعاون توقف في يونيو الماضي بعد الهجمات الإسرائيلية والأمريكية التي استهدفت مواقع نووية إيرانية، وهذه الضربات أدت إلى تعثر المفاوضات بين طهران وواشنطن، مما زاد من تعقيد المشهد. وترى الدول الأوروبية في تهديد العقوبات وسيلة للضغط على إيران، لكنها تأمل أيضًا في أن تؤدي المحادثات إلى حل دبلوماسي يمنع التصعيد، ويبدو أن إيران، من جانبها، تسعى إلى تحقيق توازن بين الدفاع عن سيادتها النووية وتجنب العزلة الدولية. ومع اقتراب موعد المحادثات، تتجه الأنظار نحو إسطنبول لمتابعة ما إذا كانت هذه الجولة ستحقق اختراقًا أم ستزيد من التوترات، إيران تواجه تحديات داخلية وخارجية، بما في ذلك الضغوط الاقتصادية الناتجة عن العقوبات السابقة، مما قد يدفعها للبحث عن تسوية، ومع ذلك، فإن التوترات المستمرة مع إسرائيل والولايات المتحدة قد تعيق التقدم.