logo
الترقب بدل الهلع: حين تجاهلت الأسواق الصواريخ*رامي خريسات

الترقب بدل الهلع: حين تجاهلت الأسواق الصواريخ*رامي خريسات

Amman Xchangeمنذ 10 ساعات

الغد
رغم ما تحمله الحرب الإسرائيلية الإيرانية من تاريخ طويل من العداء والتصعيد والتهديدات، ورغم التوقعات التقليدية التي تفترض قفزات حادة في أسعار الذهب والنفط، وانهيارات في أسواق المال، جاءت المفاجأة على غير المعتاد: الأسواق لم ترتعد، بل سجلت ارتفاعات في مشهد لا يخلو من الغرابة.
من اللافت مقارنة أداء ثلاث مرجعيات خلال الفترة الممتدة بين قصف إسرائيل لإيران وإعلان الرئيس ترامب وقف إطلاق النار؛ فقد تحرك الدولار وعوائد السندات الأميركية لأجل عشر سنوات ضمن نطاق ضيق، بينما شهدت أسعار النفط تقلبات حادة، إذ قفزت إلى نحو 79 دولارًا للبرميل قبل أن تتراجع بسرعة لقرابة 69 دولارًا وقبل انجلاء المخاوف. أما الأسواق الأميركية، وتحديدًا مؤشر MSCI، فقد بدأت بالصعود من مستويات متدنية بمخاوف معتدلة، واستمرت في تحقيق المكاسب حتى بعد استهداف قاعدة «العديد» وما زالت كذلك؛ ما يعكس تجاهلًا لافتًا للمخاطر الجيوسياسية المحيطة!
وكأن الأسواق تمتلك «مجسات داخلية» أو معلومات داخلية لا يدركها عموم المتابعين؛ تعلم مسبقًا أن التصعيد سيظل محكومًا بسقوف سياسية وعسكرية واضحة، وأن الردود ستكون مدروسة بعناية، وأن آليات الاحتواء ستعمل مبكرًا، وهو ما تحقق فعلاً. ولهذا، لم تشهد الأسواق هلعًا، بل رأت في الأفق فرصًا استثمارية يجدر اغتنامها.
المثير في الأزمة الأخيرة إظهار الطرفين نوعًا من الرغبة في تجنب الانزلاق نحو حرب إقليمية شاملة بدليل عدم استهداف مضيق هرمز أو منشآت حيوية نفطية، ما كان من شأنه أن يشعل فتيل تصعيد واسع النطاق. كما ساهمت التسريبات الإعلامية – بقصد أو بدونه – في احتواء عنصر المفاجأة، ما منح الأسواق نوعًا من الطمأنينة بأن التصعيد محكوم بسقف سياسي لا يتجاوزه.
الأسواق وبمرور السنين، دخلت في حالة من «التشبع في التسعير الجيوسياسي»، نتيجة تراكم سنوات من التوترات الممتدة في أوكرانيا، الصين، تايوان، اليمن، ليبيا، سورية ولبنان... ولم يعد المستثمر يتفاعل مع كل صاروخ أو غارة كما في السابق، بل أرهقته أيضًا التصريحات المتكررة للرئيس الأميركي ترامب، بما حملته من غموض وتناقض وتراجع، ما عزز حالة التبلد تجاه الأخبار السياسية. لذلك لم يعد التركيز ينصب إلا على ما يُحدث أثرًا ملموسًا في الاقتصاد العالمي، خصوصًا في مجالات الطاقة، التجارة، وسلاسل الإمداد.
ويضاف إلى ذلك التحول المتسارع نحو الطاقة النظيفة، وتراجع اعتماد الاقتصادات الكبرى على نفط الشرق الأوسط، إلى جانب بروز الولايات المتحدة كمصدر رئيسي للنفط والغاز. هذه العوامل مجتمعة أسهمت في تقليص حساسية الأسواق تجاه الاضطرابات الإقليمية، فلم نشهد قفزات نفطية حادة بحكم وفرة المعروض واستعداد العديد من اللاعبين الدوليين لتعويض النقص إن حصل.
كما لا يمكن إغفال أثر العقوبات الغربية المفروضة على إيران، والتي أخرجت فعليًا معظم نفطها من السوق العالمي، باستثناء ما تصدره إلى الصين، مما قلل من أهمية التهديدات المرتبطة بإمداداتها. كما ان قلة قليلة كانت تعتقد أن إيران أو حلفاءها يمتلكون القدرة على إلحاق ضرر كبير بإنتاج النفط، أو حتى إغلاق المضيق.
ومع ترجيح التهدئة واستمرار بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، تراجعت جاذبية الذهب كملاذ آمن، كونه أصلًا لا يدر عائداً، مقابل بدائل أكثر جاذبية كالسندات الأميركية ذات العوائد المجزية، وتطور أدوات التحوط — من المشتقات المالية إلى العقود الآجلة — في تقليص إقبال المستثمرين على الذهب، وسط قدرة أكبر على إدارة المخاطر والتقلبات المفاجئة.
كذلك برز تنامي الاستثمار في العملات الرقمية والسلع البديلة، وهو ما ساهم في تشتيت بوصلة الأسواق بعيدًا عن الأصول التقليدية كالذهب والنفط. فقد أصبح اهتمام المستثمرين موزعًا بين العديد من الأدوات الاستثمارية وبين العوامل الجوهرية الأكثر تأثيرًا، مثل السياسات النقدية، وتوازنات الطاقة، والتعريفات الجمركية، التي طغى أثرها في كثير من الأحيان على وقع الحرب نفسها.
في نهاية المطاف، لم يكن الحدث العسكري بحد ذاته هو ما حرك الأسواق، بل غياب الضرر الاقتصادي المباشر. لم تهتز سلاسل الإمداد، ولم يرتفع التضخم، ولم تتعرض أرباح الشركات الكبرى لأي تهديد جوهري. أصبح المستثمرون أكثر انتقائية، فلم يعودوا ينجرفون وراء كل صدمة سياسية، بل صاروا يوزنون الأمور بميزان التأثير الحقيقي على الاقتصاد العالمي. لذلك، اختارت الأسواق «الترقب البارد» بدلًا من «الهلع الحاد»، مدفوعة بحسابات واقعية، ولسان حالها يقول إن الصدمات الجيوسياسية لم تعد كافية لتحريك الأسعار صعودًا كما في السابق.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الذهب يحلق مرة أخرى عالمياً والدولار ينخفض إلى أدنى...
الذهب يحلق مرة أخرى عالمياً والدولار ينخفض إلى أدنى...

الوكيل

timeمنذ 33 دقائق

  • الوكيل

الذهب يحلق مرة أخرى عالمياً والدولار ينخفض إلى أدنى...

الوكيل الإخباري- ارتفعت أسعار الذهب خلال التعاملات المبكرة من صباح الخميس، مدفوعةً بتراجع الدولار الأميركي وتزايد القلق في الأسواق بعد تقارير تشير إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتزم استبدال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (جيروم باول) في أقرب وقت، ربما بحلول سبتمبر أو أكتوبر المقبلين. ووفقاً لتقارير إعلامية، فإن هذا التوجه أثار مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي الأميركي، ما دفع المستثمرين إلى التوجه نحو الذهب باعتباره ملاذاً آمناً في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والسياسي. اضافة اعلان

الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار
الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار

الدستور - ارتفعت أسعار الذهب اليوم الخميس مدعومة بتراجع الدولار وتزايد حالة عدم اليقين بعد تقارير أشارت إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يفكر في اختيار بديل لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) جيروم باول مبكرا، بحلول سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول. وأثارت التقارير مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي الأميركي في المستقبل، مما عزز الطلب على المعدن الأصفر الذي يعتبر ملاذا آمنا. وبحلول الساعة 02:42 بتوقيت غرينتش، ارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 339.20 دولار للأونصة. وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.3% إلى 3353.10 دولار، وفقًا لـ 'رويترز'. وتراجع الدولار إلى أدنى مستوى منذ مارس/آذار 2022، مما يجعل الذهب المسعر بالعملة الأميركية أقل تكلفة للمشترين من حائزي العملات الأخرى. وقال باول للجنة في مجلس الشيوخ الأميركي أمس الأربعاء إن خطط ترامب الخاصة بالرسوم الجمركية ربما تتسبب في ارتفاع الأسعار لمرة واحدة فقط، لكن خطر التضخم المستمر كبير بما يكفي ليتوخى البنك المركزي الحذر بشأن المزيد من خفض أسعار الفائدة. وقال تيم ووترر كبير محللي السوق في كيه.سي.إم تريد 'من الواضح أن ترامب يريد رئيسا لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في المرة القادمة يميل للتيسير النقدي، لذا فإن الاحتمال المتزايد لدورة خفض قوي لأسعار الفائدة يضغط على الدولار'. ويميل الذهب إلى الارتفاع خلال فترات عدم اليقين وفي بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. وأمس الأربعاء، وصف ترامب باول بأنه 'بغيض' وقال إنه يدرس ثلاثة أو أربعة مرشحين لتولي منصب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي. في الوقت نفسه، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن ترامب يفكر في الإعلان عن خليفة باول المحتمل بحلول سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول. وتترقب الأسواق صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي الأميركي في وقت لاحق اليوم، بينما تترقب أيضا بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي غدا الجمعة. وقال ووترر 'الذهب يميل في الوقت الحالي نحو الاستقرار إلى أن نحصل على قراءة المجموعة التالية من بيانات الاقتصاد الكلي الأميركي بما في ذلك الناتج المحلي الإجمالي ونفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي'. ويبدو أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران صمد أمس الأربعاء إذ أشاد ترامب على هامش قمة حلف شمال الأطلسي بالنهاية السريعة للصراع الذي استمر 12 يوما. وقال إنه سيسعى للحصول على التزام من إيران بإنهاء طموحاتها النووية في محادثات الأسبوع المقبل. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.2% إلى 36.36 دولار للأونصة، وزاد البلاتين 2.3% إلى 1385.38 دولار، في حين قفز البلاديوم 5.5% إلى 1115.58 دولار.

ترامب يترقب محادثات مع إيران ولا يستبعد تخفيف العقوبات
ترامب يترقب محادثات مع إيران ولا يستبعد تخفيف العقوبات

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

ترامب يترقب محادثات مع إيران ولا يستبعد تخفيف العقوبات

الدستور - قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن واشنطن ستسعى للحصول على التزام من طهران بإنهاء طموحاتها النووية في محادثات مع مسؤولين إيرانيين الأسبوع المقبل، ولم يستبعد تخفيف بعض العقوبات المفروضة على إيران في المرحلة المقبلة. واعتبر ترامب أن قراره استهداف مواقع نووية إيرانية بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات يوم الأحد الماضي أنهى الحرب، واصفا الأمر بأنه 'انتصار للجميع'، ومؤكدا أن المواقع المستهدفة تعرضت لأضرار 'جسيمة جدا' و'تدمير تام'. وكان ترامب يتحدث من لاهاي أمس الأربعاء، حيث حضر قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وقال إنه لا يتوقع أن تنخرط إيران مجددا في تطوير أسلحة نووية. وأضاف 'سنتحدث معهم الأسبوع المقبل. قد نوقع اتفاقا. لا أعلم. بالنسبة لي، لا أعتقد أن ذلك ضروريا. آخر ما يريدون فعله هو تخصيب أي شيء في الوقت الحالي. إنهم يريدون التعافي'، في إشارة إلى الاتهامات الغربية لإيران بتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء تقترب من الدرجة اللازمة لصنع الأسلحة النووية. وعبّر ترامب عن ثقته في أن طهران ستنتهج مسارا دبلوماسيا نحو تسوية الأمر. وأضاف أنه إذا حاولت إيران إعادة بناء برنامجها النووي 'فلن نسمح بحدوث ذلك'، مضيفا أنه يعتقد 'أننا سنتمكن في النهاية من إقامة علاقة ما مع إيران' لحل هذه القضية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store