logo
ما أهداف ترامب من قمته مع 5 رؤساء أفارقة؟

ما أهداف ترامب من قمته مع 5 رؤساء أفارقة؟

الصحراءمنذ 2 أيام
بين 9 و11 يوليو/تموز الجاري استضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب 5 من الزعماء الأفارقة في قمة مصغرة ضمت رؤساء كل من الغابون وموريتانيا وليبيريا وغينيا بيساو والسنغال، في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات بشأن مغزاها والمتوقع منها.
ورغم توافق أكثر الباحثين على تذيل أفريقيا قائمة اهتمامات ترامب فإن من الملاحظ أن هذه القمة تأتي في سياق زمني شهد عددا من التحركات الدبلوماسية اللافتة لواشنطن في القارة السمراء، والتي تمتزج فيها الملفات السياسية بنظيرتها الاقتصادية.
وقد سُبقت القمة بإعلان نجاح وساطة واشنطن بين كل الكونغو الديمقراطية ورواندا في 27 يونيو/حزيران الماضي، حيث استضاف ترامب وزيري خارجية البلدين لتوقيع اتفاق سلام أشار بيان الخارجية الأميركية إلى أنه سيتعدى منع تجدد الأعمال العدائية بينهما إلى إطلاق "إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي" لتوسيع التجارة والاستثمار الأجنبيين المستمدين من سلاسل توريد المعادن الحيوية الإقليمية.
وقبل يومين من هذا الإعلان عُقدت في العاصمة الأنغولية لواندا قمة الأعمال الأميركية الأفريقية التي قالت الخارجية الأميركية إن مخرجاتها حققت رقما قياسيا في الصفقات والالتزامات بما قيمته 2.5 مليار دولار.
لماذا تم اختيار هذه الدول؟
كعادة الغموض وعدم اليقين اللذين يرافقان تحركات الرئيس الأميركي يبدو اختيار هذه المجموعة من القادة محط جدال بين العديد من الخبراء.
ويرى مدير برنامج أفريقيا في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية البريطانية أليكس فانز أن من الخطأ المبالغة في تفسير قائمة الضيوف، وأنه رغم وجود بعض الدوافع الواضحة فإن هذه الاختيارات تكشف عن نهج قد يكون عشوائيا، فالزعماء المدعوون ينتمون إلى اقتصادات صغيرة نسبيا، ومعظمها ليس من أولويات واشنطن، في حين اتسمت دعوة الرئيس الليبيري بـ"الانتهازية" لأنه موجود بالفعل في الولايات المتحدة.
هذا المسلك في التفسير يخالفه لاندري سينييه الزميل الأول في برنامج الاقتصاد العالمي والتنمية في مؤسسة "بروكينغز"، والذي يصف في مقال له قائمة المدعوين بأنها "خيار إستراتيجي".
وباستعراضه مزايا الدول الخمس يوضح المقال التحليلي المنشور على بروكينغز ثراءها بالموارد المعدنية:
فالغابون (ثاني أكبر منتج للمنغنيز في العالم) أعلن رئيسها حظرا على تصدير المنغنيز الخام اعتبارا من عام 2029 بهدف تعزيز وتنمية سلسلة قيمة محلية تتضمن استثمارا عاما وخاصا، كما أنها تحتوي على كميات كبيرة من خام الحديد والنحاس والذهب والماس.
في حين تتميز ليبيريا بـ"اكتشافات رائدة لرواسب معدنية هائلة" تشمل الذهب والماس وخام الحديد، وربما الليثيوم والكوبالت والمنغنيز والنيوديميوم، ومن المتوقع أن تجذب 3 مليارات دولار من الاستثمارات.
كما تشير المصادر المتخصصة إلى امتلاك غينيا بيساو وموريتانيا والسنغال موارد طبيعية قيّمة، بما في ذلك النفط والغاز والذهب ومعادن الأرض النادرة واليورانيوم.
وتتجلى أهمية هذا الجانب في وصف ترامب الدول المشاركة في القمة بأنها "أماكن نابضة بالحياة للغاية ذات أراض قيّمة للغاية، ومعادن عظيمة، ورواسب نفطية عظيمة، وشعب رائع".
جانب آخر يشير إليه مقال كتبه موسى ديوب على "لي 360 أفريك" يتمثل في الجوانب الأمنية، كمكافحة الإرهاب والقرصنة في خليج غينيا والهجرة غير النظامية، حيث يندرج مواطنو الدول المدعوة ضمن قوائم ترحيل المهاجرين من الأراضي الأميركية.
بالمقابل، يرى العديد من المراقبين أن غياب الدول الأفريقية الكبرى كنيجيريا يشير إلى عملية "انتقائية" تهدف واشنطن من خلالها إلى خلق نموذج لشراكات مع دول أصغر وأكثر "مرونة" سياسيا واقتصاديا.
ترامب خلال اجتماع مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديمقراطية ووزير خارجية رواندا في البيت الأبيض (رويترز)
الاستثمار أولا
تأتي الملفات المتعلقة بتنشيط التجارة والاستثمار على رأس أجندة القمة المصغرة، ويصف موقع سيمافور الأميركي هذه القمة بأنها أحدث خطوة في إطار توجه واسع النطاق لتركيز العلاقات الأميركية الأفريقية على الفرص التجارية والاستثمارات.
نهج "التجارة بدلا من المعونة" عبر عنه بشكل جلي وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأن بلاده ستدعم "الدول التي تظهر القدرة والرغبة في مساعدة نفسها"، وأن هذه الإستراتيجية الجديدة ستتحقق "من خلال إعطاء الأولوية للتجارة على المساعدات، والفرص على التبعية، والاستثمار على المساعدات".
بالمقابل، أوضح مسؤول مكتب الشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية تروي فيتريل أن "الدبلوماسية التجارية" ستكون محور التفاعل الأساسي مع أفريقيا، وأن تقييم جميع سفراء الولايات المتحدة في القارة السمراء يتم الآن بناء على مدى فعاليتهم في مناصرة الأعمال الأميركية وعدد الصفقات التي يُسهّلونها.
تأمين سلاسل الإمداد
يمثل التوجه الأميركي نحو تجاوز نقاط الضعف في سلاسل الإمداد الخاصة بالمعادن الحيوية للصناعات المستقبلية أحد المحاور الرئيسية للإستراتيجية الأميركية في أفريقيا، حيث تهدف واشنطن إلى تأمين وصول هذه المعادن إليها دون الاضطرار إلى الاعتماد على منافسيها كالصين الناشطة في هذا المجال أفريقيا.
ويشير موسى ديوب إلى بعض نقاط الضعف الأميركية في هذا المجال حيث يُكرَّر أكثر من 70% من المعادن النادرة في العالم حاليا في الصين، مما يجعل قطاعات كاملة من الصناعة العالمية عموما، والصناعة الأميركية خصوصا عرضة للخطر.
وقد أظهر حظر بكين الأخير على تصدير 3 معادن نادرة (الجاليوم والجرمانيوم والأنتيمون) بالغة الأهمية لتصنيع أشباه الموصلات وتكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء والأسلحة سيطرة الصين الإستراتيجية على سلاسل التوريد العالمية.
وإلى جانب ما سبق، لا تمتلك الصين الموارد المعدنية فحسب، بل تسيطر أيضا على العديد من مناجم الكوبالت والنيكل والكولتان والنحاس والليثيوم والمنغنيز، وغيرها في أفريقيا، خاصة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا وزيمبابوي، وغيرها.
من جانب آخر، يمثل قرار الغابون حظر تصدير خام هذا المعدن اعتبارا من 2029 جرس إنذار إلى نوع مختلف من الأخطار التي قد تهدد قدرة واشنطن على الحصول على هذه المعادن الحساسة، وداعيا لانخراطها في تطوير سلاسل القيمة بدلا من مجرد استخراج المواد الخام.
وفي هذا السياق، يمكن عد هذه القمة خطوة ضمن مجموعة من الإجراءات الأميركية الاستباقية الهادفة إلى تنويع وتأمين سلاسل إمداد المعادن الحيوية الأميركية، حيث يؤدي عدم احتكار بكين قطاع التعدين في الدول الخمس فرصة مهمة للاستثمارات الأميركية الراغبة للعمل في هذا المجال.
المنافسة الجيوسياسية
يمثل العمل على كبح نفوذ المنافسين الدوليين لأميركا جزءا من المزيج الجامع بين الاقتصاد والصراعات الجيوسياسية على القارة الأفريقية، حيث تعمل إدارة ترامب من خلال الاستثمارات الموجهة والشراكات الإستراتيجية لا على تحقيق الأرباح فحسب، بل على مواجهة بكين من خلال بناء شبكات من التحالفات وتطوير القدرة على الوصول الحصري إلى الموارد.
وتتجاوز هذه الرؤية الملفات الاقتصادية إلى الجوانب الأمنية والعسكرية، حيث يشير تحليل صادر عن مركز "التهديدات الحرجة" إلى أن الشراكة الأميركية مع الغابون وغينيا بيساو تسهم في خلق توازن مع النفوذ الصيني والروسي المتزايد على الساحل الأطلسي لأفريقيا، مستفيدة من سياسة الرئيس الغابوني برايس أوليغي أنغيما الذي حافظ على علاقات متوازنة وغير ملزمة مع الولايات المتحدة والصين.
وقد شهدت السنوات الأخيرة نموا لافتا في التعاون الأمني بين غينيا بيساو وروسيا التي دربت أكثر من 5 آلاف ضابط غيني، في حين اتفق البلدان مؤخرا على رفع عدد الضباط الغينيين الدارسين سنويا في الكليات العسكرية الروسية.
ويوضح التحليل المذكور أن للولايات المتحدة علاقات دفاعية سابقة مع كلا البلدين تساعد في موازنة النفوذ الصيني والروسي وتوفر أسسا لمزيد من النمو، حيث شاركت الغابون في مناورات "أوبانغيم إكسبرس" البحرية بقيادة أميركية في عامي 2017 و2024.
ووقّعت غينيا بيساو اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة في عام 2023، ودعمت واشنطن بناء منشأتين جديدتين للمراقبة بالرادار في الغابون، وقدّمت المساعدة الفنية لمرافق المراقبة، وتبرعت بسفن دورية بحرية في عام 2024.
مكافحة الإرهاب والهجرة
لا تبدو الملفات الأمنية بعيدة عن أجندة هذه القمة، حيث تشير نوزموت غباداموزي كاتبة موجز أفريقيا في مجلة فورين بوليسي إلى أهمية منطقة الساحل المتزايدة للمصالح الأميركية المرتبطة بمكافحة الإرهاب، وقد حذر قائد القيادة الأميركية في أفريقيا الجنرال مايكل لانغلي من تحول الساحل إلى "نقطة اشتعال للصراع المطول" و"مركز الإرهاب في العالم".
وفي هذا السياق، يسهم تعاون الولايات المتحدة مع موريتانيا والسنغال في تحقيق أهداف واشنطن باحتواء التهديدات الإرهابية المتنامية في منطقة الساحل، وعقب التغييرات الجيوسياسية التي عصفت بالمنطقة وإخراج القوات الأميركية تعمل واشنطن على تعزيز تعاونها مع الدول المحيطة بالساحل لمراقبة وكبح الجماعات الإرهابية التي قد تمتلك -وفقا للانغلي- "القدرة على مهاجمة الوطن".
وبالنظر إلى أهمية الملفات المتعلقة بالهجرة غير النظامية في إستراتيجية الرئيس الأميركي فقد ينظر ترامب إلى بعض هذه الدول كشركاء جدد محتملين في جهوده لترحيل المهاجرين من الولايات المتحدة، حيث زادت الهجرة الأفريقية عبر الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك -خاصة من موريتانيا والسنغال- في السنوات الأخيرة مع تشديد أوروبا قبضتها على الهجرة.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن وزارة الخارجية الأميركية أرسلت سرا مقترحات إلى الدول الخمس لقبول مهاجرين من دول ثالثة مرحّلين من الولايات المتحدة، وأصدرت تعليمات للدبلوماسيين الأميركيين لتوضيح أن استضافة مواطني دول ثالثة هي القضية "الأهم" بالنسبة لترامب.
بالمقابل، تشير الأرقام إلى أن دولة كموريتانيا تحتل المرتبة الثانية أفريقيا من بين الدول التي تضم أكبر عدد من المواطنين الذين يعيشون في الولايات المتحدة بدون وثائق رسمية، وبالتالي فإنهم معرضون لخطر الترحيل، بواقع 3822 موريتانيا.
آفاق
رغم التركيز الذي انصب على الطريقة التي وصفها العديد من المراقبين بـ"غير اللائقة" في تعامل ترامب مع "نظرائه" الأفارقة وما نالته من تغطية واهتمام إعلاميين فإن هذه القمة وما سيترتب عليها تمثل أول خطوة وأول اختبار جدي أيضا للدبلوماسية الأميركية الجديدة تجاه أفريقيا القائمة على الانتقال من المعونات إلى التعاون التجاري.
هذه النقلة تتوافق مع توجه متنام في القارة الأفريقية يلبي الرغبة في إعادة صياغة العلاقة مع واشنطن على أساس المنفعة المتبادلة والشراكة والاعتماد على الذات، وقد صرح الرئيس الأنغولي جواو لورينسو في القمة الأخيرة للأعمال بين الولايات المتحدة وأفريقيا بأن "الوقت قد حان للاستعاضة عن منطق المساعدات بمنطق الطموح والاستثمار الخاص".
من جانبه، يرى الزميل الأول في مركز الدارسات الإستراتيجية والدولية كاميرون هدسون أن هذا النهج تواجهه العديد من العقبات، يأتي في مقدمتها إحجام المستثمرين الأميركيين عن الانخراط في مشاريع بأفريقيا نتيجة الصور غير المنقوصة عنها.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن صعوبة التوفيق بين أولويات ترامب الداخلية والخارجية تمثل عائقا آخر لا يقل خطورة، فاستهداف العديد من الدول الأفريقية بمنع تأشيرات السفر كانت وراء تحذير وزير خارجية نيجيريا يوسف توغار من أن واشنطن قد تخسر فرصة استغلال معادن بلاده الأرضية النادرة، قائلا "نود إبرام صفقات مع الولايات المتحدة، لكن قيود التأشيرات تشكل عوائق غير جمركية أمام الصفقات".
وفي السياق نفسه، يشير العديد من المراقبين إلى أن سياسات التعرفة الجمركية التي ميزت إستراتيجية ترامب التجارية الخارجية ستؤدي إلى تضرر الاقتصادات الأفريقية التي تعتمد على التصدير إلى الولايات المتحدة وبالتي قد يدفعها إلى البحث عن بدائل كالصين أو غيرها، مما سيؤثر سلبا على جهود واشنطن لكبح نفوذ بكين في القارة.
المصدر: الجزيرة
نقلا عن الجزيرة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقديرات وسائل الإعلام في دولة الإحتلال للصفقة المحتملة والمدينة الإنسانية

timeمنذ 3 ساعات

تقديرات وسائل الإعلام في دولة الإحتلال للصفقة المحتملة والمدينة الإنسانية

خلال الأسبوعين الماضيين حول قرب التوصل لاتفاق هدنة في غزة ، لم تكن الأجواء التي تدور فيها المفاوضات مشجعة حتي الآن في ظل إصرار حكومة نتنياهو على تقدير خرائط جديدة حول نطاق انسحاب جيش الاحتلال خلال وقف إطلاق النار المقترح لمدة 60 يوماً . والخرائط الجديدة تشير إلى سيطرة جيش الاحتلال على محور " موراج " ومحيطه. ومن غير المتوقع أن تقبل حركة حماس بتلم الخرائط وفقاً لما تناولته وسائل الإعلام نقلاً عن الوسطاء . كما ذكرت وسائل الإعلام في دولة الاحتلال أن نتنياهو قد إلتقي بكل من بن غفير وسموتريتش فى مسعي جديد منه لاحتواء معارضة الوزيرين المتشددين للصفقة المنتظرة ورجحت هيئة البث الإسرائيلية أن يقدم ' بن غفير ' استقالته من الحكومة ، إذا تم الإعلان عن اتفاق مع حماس ، وأوضحت الهيئة أن المفاوضات الجارية في الدوحة تسببت في أزمة داخل الإئتلاف الحاكم . هذا ، وقد نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية استطلاعاً للرأي أجرته يومي 9 و10 من الشهر الجاري لعدد 501 شخصاً فوق سن الـ18 ، وأظهرت النتائج حصول حزب نتنياهو ( الليكود ) على 24 مقعداً في حالة أجريت انتخابات الكنيست فوراً ، مع حصول حزب رئيس الوزراء السابق ' بينيت ' على 25 مقعداً ، وخلص استطلاع الرأي إلى حصول الائتلاف الحاكم على 51 مقعداً ، في حين تحصد المعارضة 59 مقعدا. وتفاعلاً مع العرض الذى قدمه زعيم المعارضة " يائيير لابيد " لنتنياهو بتوفير ما أسماه " شبكة أمان " برلمانية لتمرير الصفقة عوضاً عن الأعضاء المنتمين لحزبي بن غفير وسموتريتش ، أكد نتنياهو على التزامه بإعادة المحتجزين ، منوهاً –وفق تعبيره– "أنّ حماس تفعلُ كل ما بوسعها لتحقيق العكس. وكشف لصحيفة "يسرائيل هايوم" عن تبنّي حماس لأساليب أكثر جرأة في المواجهة، ترتكز على القتال القريب والاشتباك المباشر مع الوحدات الإسرائيلية، في محاولة لإضعاف فاعلية الهجمات الجوية والمدفعية . كما أفادت وسائل إعلام عبرية بتكليف "الفرقة 162" في جيش الاحتلال الإسرائيلي بمهمة شنّ هجوم على بلدة "بيت حانون"، مع توفير كافة الوسائل اللوجستية والتسليحية لإنجاز المهمة سريعًا هذا ، وقد ألقت وسائل الإعلام في دولة الاحتلال الضوء على انتقادات داخلية لمشروع المدينة الإنسانية التي تعتزم حكومة الاحتلال الصهيونية إطلاقها في " مدينة رفح" لإيواء سكان غزة وكذلك تم انتقاده من داخل وزارة المالية، حيث أعرب مسؤولون عن قلقهم من التكلفة المتوقعة، التي قد تصل إلى نحو 15 مليار شيكل (أكثر من 4 مليار دولار أمريكي)، في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة على الميزانية العامة. كما نشرت صحيفة هآرتس تقريراً يحمل عنوان مدينة إنسانية في غزة / مخطط للتهجير ، وانتقدت فيه خطط نتنياهو ووزير الحرب ' كاتس ' لوضع سكان غزة في مخيمات تمهيداً لترحيلهم من القطاع ، وأن نتنياهو روح لهذه الخطة ' المُلتوية ' في واشنطن. واستشهد كاتب التقرير بتقديرات دبلوماسية تشير الى ان الهدف من هذه الخطوة هو تجميع معظم سكان غزة في مدينة مغلقة وتقديم مساعدات إنسانية لهم وتشجيعهم علي الهجرة ' طواعية ' ، ويتم تنسيق كل هذا مع مسؤولين أمريكيين ، حتى أن نتنياهو تفاخر بأن إسرائيل والولايات المتحدة تقتربان من إيجاد عدة دول لإستقبال " الغزيين ".

'دبلوماسية الصورة': العالم يحكمه الانطباع

timeمنذ 3 ساعات

'دبلوماسية الصورة': العالم يحكمه الانطباع

القصور وقاعات المؤتمرات المغلقة. في عالم اليوم، حيث تنتشر الصورة بسرعة البرق وتتشكل الآراء في لحظات، أصبحت السياسة الدولية مسرحاً مفتوحاً يؤدي فيه القادة أدوارهم أمام جمهور عالمي لا يغفل عن متابعة كل حركة وكل إيماءة. هذا التحول الجذري في طبيعة العمل الدبلوماسي لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة طبيعية لثورة المعلومات والاتصالات التي غيّرت قواعد اللعبة السياسية. فالرسالة الدبلوماسية لم تعد تُوجه فقط إلى الطرف الآخر في المفاوضات، بل أصبحت تُبث مباشرة إلى ملايين المشاهدين حول العالم، مما حوّل كل لقاء دبلوماسي إلى عرض تلفزيوني وكل بيان إلى خطاب انتخابي. في هذا السياق الجديد، برزت أهمية ما يُمكن تسميته بـ"دبلوماسية الصورة"، حيث يصبح المظهر الخارجي والأداء المسرحي جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية السياسية. القادة الذين يتقنون هذا الفن الجديد يحصلون على ميزة حاسمة في التأثير على الرأي العام العالمي وتشكيل الانطباعات التي قد تكون أهم من الحقائق نفسها. ترامب: حين تتحول الدبلوماسية إلى عرض تلفزيوني عندما وصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، جلب معه أسلوباً جديداً في ممارسة الدبلوماسية لم تشهده الساحة الدولية من قبل. رجل الأعمال الذي تحول إلى رئيس دولة لم يكتف بكسر البروتوكولات التقليدية، بل أعاد تعريف مفهوم القيادة العالمية بطريقة تُثير الإعجاب والانتقاد في آن واحد. ترامب فهم مبكراً أن عصر الإعلام الرقمي يتطلب نوعاً جديداً من القيادة، قيادة تعتمد على الحضور الطاغي والشخصية الجذابة أكثر من الاعتماد على الخطاب السياسي التقليدي. لذلك، نراه يملأ كل مساحة يدخلها بحضوره الجسدي القوي، ويتحدث بلغة مباشرة وبسيطة تصل إلى عامة الناس دون حاجة لترجمة أو تفسير. أسلوب ترامب في التعامل مع القادة الآخرين كان يعكس فلسفته في الحياة: كل شيء قابل للتفاوض، وكل لقاء فرصة للفوز. مصافحاته الطويلة والقوية، نظراته المباشرة، وطريقته في الوقوف كانت جميعها تُرسل رسائل واضحة حول من يُسيطر على الموقف. هذا الأسلوب، رغم انتقاده من قبل الدبلوماسيين التقليديين، حقق حضوراً لافتاً في عدة ملفات. لكن هذا النجاح في دبلوماسية الصورة جاء بثمن. فالإفراط في الاعتماد على الشخصية والأداء المسرحي أدى أحياناً إلى تجاهل التفاصيل المهمة وإهمال الجوانب التقنية المعقدة في العلاقات الدولية. النتيجة كانت سياسة خارجية أكثر درامية وأقل استقراراً. بوتين: وجهٌ لا يكشف أسراره في الطرف المقابل من المسرح الدولي، يقف فلاديمير بوتين كنموذج مختلف تماماً في فن القيادة السياسية. الرئيس الروسي، الذي يحكم بلاده منذ أكثر من عقدين، طور أسلوباً خاصاً في التعامل مع العالم يقوم على المزج بين القوة والغموض، بين الوضوح والإبهام. بوتين يُدرك جيداً أن القوة الحقيقية لا تكمن فقط في الأسلحة والجيوش، بل في القدرة على إبقاء الآخرين في حالة من عدم اليقين حول النوايا والخطط. لذلك، نراه يظهر في مناسبات مختلفة بصور متناقضة: تارة كرجل دولة جاد يناقش القضايا المعقدة، وتارة أخرى كرياضي يمارس الجودو أو يصطاد في البرية السيبيرية. هذا التنوع في الصورة ليس عشوائياً، بل جزء من استراتيجية مدروسة تهدف إلى إظهار روسيا كدولة قوية ومتعددة الأوجه. الرسالة واضحة: روسيا ليست مجرد قوة عسكرية، بل حضارة عريقة لها قادة أقوياء قادرون على التعامل مع أي تحدٍ. الغموض الذي يُحيط ببوتين يُشكل سلاحاً ذا حدين. من جهة، يُعطيه مرونة في التعامل مع الأزمات ويُبقي خصومه في حالة ترقب دائم. من جهة أخرى، هذا الغموض يُثير أحياناً مخاوف تعقد عملية التواصل مع الشركاء الدوليين. شي جين بينغ: بين الانضباط الإمبراطوري والطموح المعولم الصين، التي صعدت تدريجياً إلى موقع الفاعل المحوري في النظام الدولي، لا تزال تبحث عن معادلة دقيقة تُوازن فيها بين طموحاتها التوسعية وحاجتها إلى عدم إثارة مخاوف القوى الكبرى. شي جين بينغ، الذي يُعتبر أقوى زعيم صيني منذ ماو تسي تونغ، اختار أسلوباً يُمزج بين الثقة والحكمة، بين القوة والصبر. شي يُقدم نفسه كوريث للحضارة الصينية العريقة، حاملاً لقيم الحكمة والاعتدال التي تُميز الثقافة الكونفوشيوسية. خطاباته هادئة ومدروسة، حركاته محسوبة بدقة، وظهوره العام يُشع بالثقة دون غطرسة. هذا الأسلوب يُرسل رسالة واضحة: الصين قوة صاعدة، لكنها مسؤولة وحكيمة. في المحافل الدولية، نرى شي يتحدث عن "مجتمع المصير المشترك للبشرية" و"طريق الحرير الجديد" بطريقة تُظهر الصين كدولة تسعى للتعاون وليس للهيمنة. هذا الخطاب، المدعوم بالاستثمارات الضخمة في البنية التحتية العالمية، يُحاول إقناع العالم بأن الصعود الصيني يُمكن أن يكون مفيداً للجميع. لكن هذا الأسلوب الهادئ لا يعني الضعف. الصين تحت قيادة شي أظهرت قدرة على اتخاذ مواقف صلبة عندما تتطلب الأمور ذلك، من بحر الصين الجنوبي إلى هونغ كونغ وتايوان. الرسالة واضحة: الصين صبورة وحكيمة، لكنها لن تتردد في الدفاع عن مصالحها الأساسية. كيم جونغ أون: مراهق السلطة والتهديد المستمر في منطقة شمال شرق آسيا، يُقدم كيم جونغ أون نموذجاً فريداً في الدبلوماسية، نموذجٌ يجمع بين التهديد والعفوية، كأنه مشهد من أفلام الأكشن والتشويق. الزعيم الشاب لكوريا الشمالية، الذي ورث السلطة في سن مبكرة، اضطر إلى ابتكار أسلوب خاص يُثبت من خلاله قدرته على القيادة رغم صغر سنه. كيم اختار استراتيجية "اللعب على الحافة"، حيث يُظهر استعداداً لاتخاذ مواقف متطرفة تُجبر العالم على التعامل معه بجدية. تجاربه النووية والصاروخية، المصحوبة بخطاب تصعيدي، تُرسل رسالة واضحة: كوريا الشمالية دولة صغيرة، لكنها قادرة على إحداث ضرر كبير. في الوقت نفسه، كيم يُظهر مرونة مفاجئة في التعامل مع القادة الآخرين. لقاءاته مع ترامب، زياراته لبكين وموسكو، وحتى لقاؤه مع رئيس كوريا الجنوبية، كلها تُظهر قائداً شاباً يُجيد فن المفاجأة والتكيف مع الظروف المتغيرة. هذا الأسلوب غير التقليدي حقق نجاحات ملموسة. فكوريا الشمالية، رغم عزلتها، تمكنت من فرض نفسها كطرف لا يُمكن تجاهله في المعادلات الإقليمية والدولية. الدرس واضح: في عالم يُسيطر عليه الإعلام، حتى الدول الصغيرة يُمكنها أن تلعب دوراً كبيراً إذا أجادت فن الدبلوماسية المسرحية. أوروبا: البحث عن صورة موحدة في مواجهة هذه الشخصيات القوية والمتنوعة، تبدو أوروبا وكأنها تعيش تحدياً خاصاً في بناء نموذج دبلوماسي موحد وقوي. الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 27 دولة ذات ثقافات وتقاليد متباينة، يبحث عن صيغة تمكنه من التحدث بصوت واحد في المحافل الدولية، لكن المسألة أبعد من كونها مجرد مهمة سياسية؛ إنها معركة بين البيروقراطية والفعالية. القادة الأوروبيون، من إيمانويل ماكرون إلى أورسولا فون دير لايين، كثيراً ما يُوصفون بأنهم مجرد إداريين تقليديين، يرتدون بدلات رسمية وفق مقاييس المدارس الوطنية للإدارة، يحملون معهم لغة جافة مفعمة بالأرقام والإحصائيات، لكنها تفتقر إلى روح الحضور والكريزما التي يحتاجها الخطاب السياسي على المسرح الدولي. أسلوبهم الدبلوماسي يُركز على الحذر والموازنات الدقيقة، في محاولة لإرضاء شركاء متعددين، مما ينتج عنه خطاب معقد وأحياناً ضبابي، يفتقد إلى الحسم والوضوح الذي يميز أساليب الولايات المتحدة أو روسيا أو الصين. هذا المزيج من الرتابة البيروقراطية والاعتماد على الأرقام يُضعف قدرة أوروبا على التأثير المباشر في مجريات الأحداث العالمية، خاصة في زمن يُهيمن عليه الإعلام وتؤثر فيه قوة الصورة والحضور الشخصي. فالمسألة ليست فقط في وجود الرسالة، بل في كيفية توصيلها بشكل مقنع وجذاب، وهو ما تبدو أوروبا أقل قدرة عليه في ظل المنافسة مع قوى دولية أخرى. وبالتالي، لا يقتصر التحدي الأوروبي على التنسيق السياسي فحسب، بل يمتد إلى إعادة تشكيل صورة القادة الأوروبيين أنفسهم، من إداريين تقليديين إلى زعماء يتمتعون بقدرة على الإقناع، يملكون حضوراً قوياً يستطيعون من خلاله المنافسة في مسرح العلاقات الدولية المتشابك. تحديات وحدود دبلوماسية الصورة رغم الوهج الذي تُضفيه الصورة على العمل الدبلوماسي في عصر الإعلام اللحظي، تبقى "دبلوماسية الصورة" محاطة بجملة من التحديات والقيود التي قد تُقوض فعاليتها على المدى البعيد، بل وتُفرغها أحياناً من مضمونها السياسي الحقيقي. أول هذه التحديات يتمثل في التوازن الهش بين الشكل والمضمون. فحين تَغلبُ الصورة على الجوهر، تتحول السياسة الخارجية إلى عرض بصري يخاطب الانفعالات أكثر مما يُنتج تفاهمات حقيقية. الإفراط في الانشغال بالمظهر، بلغة الجسد والرموز البصرية، قد يؤدي إلى تغييب السياسات الفعلية وتهميش الحلول العملية في مواجهة الأزمات المعقدة. التحدي الثاني يكمن في إدارة التوقعات الشعبية. الدبلوماسية المسرحية، بما تُثيره من مشاهد درامية وخطابات جذابة، ترفع سقف الانتظارات لدى الجمهور المحلي والدولي. غير أن هذه التوقعات كثيراً ما تصطدم بجدار الواقع الجيوسياسي، مما يُنتج خيبة أمل ويُقوّض الثقة بالقيادات، لا سيما عندما لا تُترجم الصورة إلى نتائج ملموسة على الأرض. أما التحدي الثالث، فهو متعلق بمخاطر التأويل الثقافي المتباين. فالإيماءات الرمزية التي تُعتبر ودية في سياق معين، قد تُفهم كإهانة أو ضعف في سياق ثقافي مختلف. وهكذا، تُصبح الرسائل البصرية عُرضة لسوء الفهم، مما قد يؤدي إلى أزمات غير مقصودة أو احتكاكات دبلوماسية كان يمكن تفاديها. إلى جانب هذه التحديات، ثمة حدود بنيوية تتعلق بطبيعة "دبلوماسية الصورة" ذاتها. فمهما بلغت قوة التأثير البصري، تبقى الصورة سطحاً عاكساً لا يُظهر بالضرورة عمق التفاعلات الدولية وتشابك المصالح. عندما تُختزل العلاقات بين الدول في لقطات مصورة ولغة جسد محسوبة، فإننا نُخاطر بتحويل الدبلوماسية إلى استعراض فارغ، تُقاس فيه الفعالية بعدد المشاهدات والتفاعلات لا بنتائج التفاوض. وقد تؤدي هذه المشهدية إلى نوع من الهشاشة الاستراتيجية؛ إذ تصبح الدولة رهينة لصورتها التي بنتها إعلامياً، ويُصبح أي انفصال بين الخطاب البصري والممارسة الفعلية مدعاة لفقدان المصداقية. كما أن بناء التوقعات على الأداء المسرحي لا على القدرة الواقعية، يُعرض السياسات الخارجية لانتكاسات سريعة عند أول اصطدام مع الواقع المعقد، كما هو الحال في ملفات التغير المناخي أو الأزمات الأمنية. وباختصار، لا يمكن لدبلوماسية الصورة أن تكون بديلاً عن الرؤية الاستراتيجية، ولا أن تُعوض الحاجة إلى تحالفات مدروسة وتفاوض عقلاني وتراكم ثقة بين الفاعلين. إنها أداة فعالة حين تُستخدم بتوازن، لكنها تصبح قيداً حين تُختزل السياسة كلها في إشارات بصرية وخطابات محسوبة بعناية لا تُنتج أثراً ملموساً.

ترامب يهدد روسيا بعقوبات في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق حول أوكرانيا خلال 50 يوما
ترامب يهدد روسيا بعقوبات في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق حول أوكرانيا خلال 50 يوما

Babnet

timeمنذ 3 ساعات

  • Babnet

ترامب يهدد روسيا بعقوبات في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق حول أوكرانيا خلال 50 يوما

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن واشنطن تنوي فرض رسوم جمركية على روسيا وشركائها التجاريين في حال فشلت موسكو في التوصل لاتفاق بشأن التسوية في أوكرانيا خلال 50 يوما. قال ترامب خلال اجتماع مع الأمين العام لحلف "الناتو" مارك روته في البيت الأبيض: "نحن مستاؤون للغاية منهم [الجانب الروسي]، وسنفرض رسوما جمركية صارمة للغاية في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال 50 يوما. سنفرض رسوما جمركية بنسبة 100% تقريبا. يمكن وصفها بأنها ثانوية". وأضاف، في إشارة إلى اتفاقيات تسوية النزاع في أوكرانيا: "كنت أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق قبل شهرين". في يوم 10 جويلية، وعد ترامب بالإدلاء بتصريح في غاية الجدية حول روسيا في يوم 14 جويلية الجاري خلال مقابلة مع قناة "إن بي سي نيوز" التلفزيونية. وكان ترامب قد أعلن في 8 جويلية أنه يدرس "بجدية كبيرة" إمكانية تمرير مشروع القانون، الذي قدمته مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في أفريل الماضي، بقيادة غراهام وزميله الديمقراطي ريتشارد بلومنثال. ويتضمن المشروع فرض عقوبات ثانوية تطال الشركاء التجاريين لروسيا، بالإضافة إلى رسوم جمركية مرتفعة بنسبة 500% على الواردات القادمة من دول تواصل شراء النفط والغاز واليورانيوم وسلع أخرى من روسيا. وسبق أن أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن سياسة احتواء روسيا وإضعافها هي استراتيجية طويلة الأمد للغرب، لكنها غير ناجعة، لافتا إلى أن العقوبات وجهت ضربة خطيرة للاقتصاد العالمي بأسره، وأن الغرب يتطلع إلى تدمير حياة الملايين من الناس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store