
صراع الثالوث النووي ما بين أيدي قراصنة الإنترنت
ولكننا في هذا المقال سنحلل تفاصيل الحرب الخفية على سوق السلاح بين أمريكا وفرنسا، والتي كانت بدايتها منذ شهور قليلة، ووصلت الآن لمرحلة حرجة بناءً على التقارير الإعلامية.
البداية كانت بكتاب ومسلسل، فمن كان يتخيل أن الأدوات الفنية والثقافية أصبحت تُستخدم في صراعات الظل؟
في بداية العام الحالي 2025، صدر كتاب اسمه سر الطائرة لوكربي يطرح وجهة نظر تاريخية عن سر سقوط الطائرة لوكربي وتورط نظام معمر القذافي في تفجير الطائرة، واعتمد الكتاب على وثائق ومستندات سرية تخص جهاز مخابرات القذافي.
لكن المثير في الأمر أن الباحثين الذين أصدروا الكتاب وجّهوا اتهامات للرئيس السابق ساركوزي بعقد صفقة سرية مع نظام القذافي لتخليصه من مأزق الاتهام بالإرهاب الدولي بتفجير الطائرة مقابل أمرين: الأول هو دعم مادي لساركوزي في انتخابات الرئاسة عام 2007، والثاني هو عقد صفقة شراء أسلحة فرنسية ومقاتلات حربية رافال من شركة داسو المصنّعة لها.
وزعموا أن تلك الصفقة تم دفع ما يقرب من 11 مليار دولار فيها، ليستخدم ساركوزي نفوذه في إقناع الدول الأوروبية بعدم توجيه اتهام بالإرهاب أو فرض عقوبات على نظام القذافي.
بعد صدور الكتاب، اتجهت فرنسا لإصدار مسلسل عن الطائرة تطرح فيه وجهة نظر أخرى، وهي أن أمريكا هي المتورطة في تفجير الطائرة لإجبار القذافي، الذي كان يعيش في عزلة دولية بعد قصف أمريكا للعاصمة طرابلس، على العودة للتعامل معها، خاصة بعدما لجأ للروس ليشتري منهم أسلحة عسكرية.
فكانت نتيجة صفقة أبرمها القذافي مع الروس لشراء السلاح الروسي أن أمريكا فجّرت الطائرة لتوريطه ومن ثم الضغط عليه.
وأكدوا وجهة نظرهم بأن أمريكا عقدت اتفاقية مع القذافي لغلق ملف لوكربي سياسيًا وتاريخيًا مقابل 11 مليار دولار، جزء منها تعويضات للضحايا، والجزء الآخر استثمارات ليبية في أمريكا.
لم تكن عودة تلك القضية للواجهة هذا العام تحديدًا مجرد محاولة لفهم التاريخ بصورة أخرى أو البحث عن حقائق تاريخية مجردة عن طريق إصدار كتاب أو إنتاج مسلسل، بل كان الأمر كله يكمن في هدف آخر، وهو أن الاتهامات التي وُجهت للرئيس ساركوزي قادته للمحاكمة بتهمة تلقي رشوة من القذافي، ومن ثم توجيه الاتهام لمندوب شركة داسو الذي توسط في الصفقة السرية لشراء الرافال.
هذا المندوب هو لب إبراز القصة مرة أخرى، لأنه - على حد وصف بعض وسائل الإعلام - يشغل منصبًا سياسيًا هامًا مع الرئيس ماكرون.
ومن ثم، فإن الهدف الأعمق هو توريط شركة داسو في قضية إرهابية وفرض عقوبات على منتجاتها ومبيعاتها وتقييد تطوير أنظمتها.
ومن هنا بدأت شرارة الحرب الخفية تشتعل لتبرز لنا على الساحة الإعلامية الدولية بمواقف صادمة.
أثناء الحرب الإيرانية الإسرائيلية في يونيو الماضي، كانت أبواب معرض لو بورجيه في باريس تفتح أبوابها لاستقبال كل الشركات المصنّعة لأنظمة الدفاع الجوي، لكن بقرار مفاجئ أصدرت الجهات الأمنية الفرنسية قرارًا بغلق أجنحة الشركات الإسرائيلية الأربعة.
وقد مثّل ذلك صدمة غير مسبوقة للإسرائيليين؛ فأولًا كانت هناك خسائر تجارية كبيرة، إذ إن ربع منتجات الشركات الإسرائيلية المباعة في أوروبا تُبرم صفقاتها في معرض باريس، وثانيًا جاء توقيت الرد الفرنسي في خضم الحرب الإسرائيلية الإيرانية، مما جعل المسؤولين الإسرائيليين يصرحون بتصريحات هجومية وعنيفة على فرنسا.
لكن تلك الخطوة من فرنسا لم تكن موجهة بالأساس لإسرائيل نفسها، وإنما كانت بمثابة رد فرنسي على أمريكا في صراع سوق السلاح الخفي.
تحاول فرنسا منذ شهور أن تنسلخ من الاستراتيجية الأمريكية إلى استراتيجية منفردة تقود فيها أوروبا، ويمكن اعتبار تلك السياسة الجديدة بداية لترتيب النظام الدولي الحالي تمهيدًا للقرن الثاني والعشرين، قرن النظام العالمي الجديد.
لكن ترامب لا يعرف إلا لغة المال، وعلى رأسها السلاح والنفط، فقد أبرم اتفاقية تجارية مع أوروبا منذ أيام أجبر فيها الأوروبيين على شراء الغاز الأمريكي بقيمة 750 مليار دولار، واستثمارات بقيمة 600 مليار دولار، والأهم صفقة ضخمة للسلاح الأمريكي يشترونها الأوروبيون، مقابل أن يخلصهم من روسيا وينهي الحرب على أوكرانيا.
لم يكتفِ ترامب بذلك، فاتجه لشن هجوم على الهند وروسيا، ويهمنا هنا الهند، فهو يسعى للضغط عليها لشراء النفط والغاز الأمريكي والسلاح الأمريكي بديلًا عن النفط والسلاح الروسي، إذ تعتبر الهند أكبر مستورد لهم.
ويكثّف مزيدًا من الضغط عليها أيضًا لإبعاد خطوات التقرب الهندي الفرنسي ومساعي الهند للانضمام إلى الدول السبع الكبار لتصبح الدولة الثامنة، ويكمل باتفاقية تجارية للنفط مع عدوتها باكستان، بعد عقد لقاء مع وزير دفاعها وترشيح باكستان له لجائزة نوبل في السلام.
فتلك الخطوات وهذا الهجوم ما هو إلا مزيد من الضغط لضم الهند إلى المعسكر الأمريكي تجاريًا.
التشابك في المصالح السياسية والاقتصادية يشكل خيوطًا عدة ينتهي طرفها عند ترامب، التاجر الذكي الذي يرغب في مزيد من الاستحواذ الاقتصادي.
لكن فرنسا التي بادرت بإعلان عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحل الدولتين، وتنسلخ من الاستراتيجية الأمريكية، وتسعى لتطوير ثالوثها النووي، وكَسرت أنف إسرائيل في معرض باريس الجوي، هاجمتها يد خفية، وهي ليست خفية على المراقبين لصراع السلاح، فكل الاتهامات وُجهت للأمريكان والموساد الإسرائيلي.
تلك اليد الخفية قامت باختراق سيبراني غاية في الخطورة على أنظمة الغواصات البحرية الفرنسية منذ عدة أيام، فزعم المخترقون أنه تم تسريب ما يقرب من واحد تيرابايت من بيانات شركة نافال غروب الفرنسية، وتم نشر 13 ميجا منها في رسالة تهديد للشركة.
تلك الشركة تصنع السفن والغواصات النووية وحاملات الطائرات للبحرية الفرنسية، وزعم المهاجمون أنهم سرّبوا الشفرات المصدرية لأنظمة التشغيل وبيانات العملاء من الدول المستوردة للسفن وحاملات الطائرات وبيانات التشغيل، مما يعني أن جزءًا كبيرًا من الأسرار الحساسة في قبضة هؤلاء، وهو ما يمثل خطرًا على الأمن القومي الدولي، وليس على فرنسا وحدها، وخاصة الهند أكبر مستورد للسفن البحرية الفرنسية.
هذا الهجوم الذي يبرز على الساحة هو امتداد لصراع خفي منذ شهور، وصل الآن إلى ذروته، فتهدف أمريكا لأن تصبح هي القوة العالمية الوحيدة المستحوذة على تطوير الثالوث النووي برًا وبحرًا وجوًا، وليس فقط المقاتلات الحربية أو الفرقاطات أو الصواريخ الباليستية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المشهد العربي
منذ 13 دقائق
- المشهد العربي
ترامب يجمد تمويلًا اتحاديًا لجامعة كاليفورنيا بسبب فلسطين
قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأربعاء، تجميد تمويل اتحادي يبلغ 584 مليون دولار لجامعة كاليفورنيا. ووبخت إدارة ترامب، الجامعة بسبب الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين، حيث هددت بقطع التمويل الاتحادي عن الجامعات؛ بسبب تلك الاحتجاجات المناهضة لحرب إسرائيل على غزة.

يمرس
منذ ساعة واحدة
- يمرس
نشر في يمنات يوم 07 - 08
مجلس بلا صلاحيات ودولة بلا قرار — شهادة صادمة من قلب السلطة في مشهد يزداد فيه الظلام السياسي عمقاً، يطل الفريق سلطان السامعي من قلب صنعاء ليُطلق شهادة نارية تعري الواقع المرير للسلطة اليمنية . في حديثه الصريح والجريء، يكشف السامعي كيف تحول المجلس السياسي إلى مؤسسة بلا صلاحيات، والدولة إلى كيان بلا قرار، وسط موجة من الانقسامات والفساد والشللية التي تهدد بقاء الوطن نفسه . شهادة تعكس أوجاع الداخل، وتضع القارئ أمام حقيقة لا يمكن تجاهلها . وفي مساءٍ يمنيٍّ ملبَّدٍ بالشكوك والخيبات، انبعث صوت الفريق سلطان السامعي من شاشة قناة "الساحات" لا كصدىٍ لسلطة واقع مألوفة، بل كخرق نادر للصمت الرسمي، وكسردية متمرّدة تنبش المسكوت عنه في أعماق الحكم . لم يكن ظهوره مجرد إطلالة إعلامية عابرة، بل مرافعة وطنية جريئة من داخل دهاليز السلطة نفسها، أقرب ما تكون إلى اعتراف رجل عاقل وصل إلى حافة اليقين بأن سفينة الحكم تمخر عباب الغرق، لا القيادة . لم يتحدث السامعي بلغة المصالح ولا هتافات الاصطفاف، بل بشجاعة رجل تحرّر من الحسابات الضيقة، وهو يُحاكم المشهد من موقع العارف لا الغاضب، ويشهّر بما تبقّى من سلطة تتآكلها الكواليس، وتديرها الظلال . كانت كلماته كاشفة، صادمة، ومشحونة بثقل الانهيار الآتي إن لم يُتدارك الأمر بعقلٍ وطنيّ جامع . من قلب السلطة : السامعي شاهد على خراب الداخل أن ينطق أحد أعضاء هرم سلطة الأمر الواقع، بما يوازي شهادة ضد النظام الذي ينتمي إليه، فتلك لحظة لا تتكرّر إلا حين تبلغ السلطة، أقصى درجات الإنكار . هكذا بدا الفريق سلطان السامعي، لا كمنشقّ بالمعنى الكلاسيكي، بل كشاهد نادر من داخل بنية الحكم، يُعلن – بوضوح لا يحتمل التأويل – أن ما يُدار في الظاهر ليس سوى واجهة خاوية، بينما القرار الحقيقي ينساب في الظلال، خارج الأطر الدستورية والقانونية، وخارج أي مؤسسة معترف بها . حين وصف المجلس السياسي الأعلى – الذي هو عضو فيه – بأنه "مجلس بلا صلاحيات"، لم يكن يستجدي الشفقة ولا يعزف لحن المعارضة، بل كان يُدين بنية الحكم العميقة التي باتت عاجزة عن إنتاج الدولة، مكتفيةً بإدارة النفوذ وتدوير الولاءات . لقد أجهز بكلماته على آخر ما تبقّى من شرعية شكلية، كاشفًا عن منظومة تسير وفق إيقاع غامض، تُغلفه الشعارات وتُديره المصالح . ولأن الصدع لا يقف عند الشكل، فجّر السامعي الحقيقة الأعظم : أن صنعاء اليوم تعيش اختراقًا أمنيًا واستخباراتيًا يفوق ما عرفته طهران أو حزب الله في أقسى ظروفهما . إنها ليست مبالغة، بل جرس إنذار من داخل القيادة نفسها، يعلن أن الجسم الحاكم – بما فيه أدواته الأمنية – أصبح نهبًا للاختراقات والتجاذبات، مما يضع البلاد على حافة هاوية استراتيجية وأمنية لا قرار لها . 150 مليار دولار ... وأين الشعب ؟ حين أفصح الفريق سلطان السامعي عن هروب ما يفوق 150 مليار دولار من رؤوس الأموال الوطنية، غادرت البلد بسبب مضايقات سلطة الأمر الواقع، لم يكن يطلق اتهامًا عابرًا في لحظة انفعال، بل كان يكشف عن قلب المعادلة الاقتصادية التي نُهبت من داخلها الدولة وبِيع فيها الشعب بالمزاد السياسي المغلق . ليست مجرد أرقام مهولة تثير الدهشة، بل هي علامة دامغة على جريمة اقتصادية مركّبة : وتطفيش منظم لرأس المال الوطني، ونهب لمقدّرات وطن يعاني الحصار والجوع وانهيار الخدمات، فيما تُبنى خلف الستار شبكات احتكار، وممالك مالية تديرها مراكز نفوذ تتغذى على صمت المؤسسات وانهيار الرقابة . في بلد يتضور فيه الملايين، كانت شهادة السامعي صدمة مزدوجة : فضحٌ لحجم النهب، وفضحٌ لأدواته . إذ أشار بوضوح إلى قرارات تصدرها وزارة المالية ووزارة الصناعة لا لحماية الاقتصاد، بل لطرد رأس المال الوطني، وإزاحة التجار الوطنيين لصالح شبكة مصالح ضيقة، تُراكم الثروة لا على قاعدة الإنتاج أو القانون، بل عبر المحاباة والإقصاء وخلق اقتصاد موازٍ يخدم السلطة لا الشعب . إنها ليست مجرد كارثة اقتصادية، بل تفكيك منهجي للطبقة الوسطى، وتجريفٌ لبنية المجتمع من أسفل، وشرعنةٌ لاحتلال الدولة من الداخل عبر الأدوات المالية ذاتها التي كان يُفترض أن تحميها . هل وصل مشروع من يسمون أنفسهم " أنصار الله " إلى سقفه ؟ منذ 2015، تماهت شعارات "الصمود" و"السيادة" و"العدالة" في صنعاء مع مشروع من يسمون أنفسهم "أنصار الله"، حتى باتت تلك المفردات جزءًا من لغة الحكم اليومية . لكن في مقابلة استثنائية، طرح الفريق سلطان السامعي سؤالًا وجوديًا لا يجرؤ كثيرون على مقاربته من داخل السلطة : هل ما زال هذا المشروع يملك مقوّمات الحياة ؟ أم أنه بلغ سقفه التاريخي، وبدأ في التآكل من داخله ؟ لم يكن السؤال تنظيريًا، بل شهادة حيّة من داخل بنيته، من رجلٍ يُدرك أن المركب السياسي الذي تقوده الجماعة يتعرّض لشقوق خطيرة في عارضته الهيكلية، وأن العدو الحقيقي لم يعد في متاريس الخارج، بل يتسلّل من الداخل بثياب الولاء، تحت رايات المحسوبية، وهيمنة الجناح الاقتصادي المتنفذ، وتلاشي المؤسسية التي كانت في يومٍ ما تُمنّى بأنها النواة الأولى للدولة . قالها السامعي دون مواربة : لم تعد هناك دولة، بل سلطة عاجزة عن محاسبة الفاسدين، غارقة في تنازع المراكز، ومرتهنة لمعادلات القوة لا للقانون . وإذا كان الحصار الخارجي والعدوان قد فُرضا بقوة السلاح، كما يقول، فإن الشلل الداخلي مفروض بإرادة النخبة الحاكمة نفسها، التي آثرت البقاء في قوقعة الشعارات على الانفتاح نحو مشروع وطني جامع . في لحظة كهذه، لا يبدو السؤال عن " العدو" منطقيًا، فالسؤال الأعمق هو : من يخاف من الدولة ؟ ومن يستفيد من بقائها وهمًا بلا جوهر ؟ السامعي يعيد طرح ... المصالحة الوطنية كطوق نجاة لم تكن خرائط الكلمات التي رسمها الفريق سلطان السامعي في مقابلته مجرّد هجاء لحكم أو نحيب على أطلال دولة تآكلت، بل كانت محاولة نادرة لاستدعاء بوصلة الخلاص الوطني، وسط عاصفة الانهيارات . ففي خضم التشظي السياسي والانغلاق العقائدي، أعاد الرجل إلى السطح مصطلحًا كاد يُمحى من القاموس الرسمي : المصالحة الوطنية الشاملة. لم يطرحها كشعار، بل كضرورة تاريخية، كخيار وحيد متبقٍ قبل أن تبتلع الأزمة كل ما تبقّى من نسيج الدولة . فالوطن – كما يفهمه السامعي – لم يعد يحتمل التمترس خلف جدران الهُويات الجزئية، ولا الاستئثار السلطوي، ولا الانقسام المناطقي والطائفي الذي تُغذّيه صراعات النفوذ . لقد دعا إلى مشروع سياسي جامع، لا يُقصي أحدًا، بل يؤسس لدولة يُعاد فيها توزيع السلطة والثروة بعدالة، لا عبر المحاصصة، بل من خلال عقد وطني جديد يرتكز على قيم الشراكة والمواطنة والمساءلة . في هذه الدعوة، بدا السامعي وكأنه ينتزع الوعي من تحت أنقاض الخنادق، مراهناً على ما تبقّى من العقل السياسي في الضفة الأخرى، ومُدركًا في آنٍ واحد أن الهروب من الاستحقاق الوطني لن يولّد إلا دورة جديدة من العنف والارتهان . إنها دعوة لا تشبه المناشدات المعتادة، ولا تُطلق من منابر التذمّر الهامشية، بل تصدر من قلب سلطة الأمر الواقع نفسها، من رجلٍ تمرّس دهاليز القرار، ويدرك تضاريس الانسداد من الداخل لا من الخارج . في لحظة بلغ فيها العقل السياسي حدّ التكلّس، وانغلق الأفق على جدران الطموحات الصغيرة، ارتفعت نبرة السامعي كمحاولة نادرة لكسر الحلقة المفرغة، والعودة إلى أصل السؤال اليمني : كيف نُنقذ الدولة قبل أن تبتلعها مراكز النفوذ ؟ ربما لا تجد هذه الدعوة أصداءها اليوم وسط ضجيج السلاح وصراخ الشعارات، لكنها ستبقى — دون ريب — وصيّة وطنية استباقية، سُطّرت بوعي رجل من داخل الجدار، أدرك أن التاريخ لا يغفر للذين تجاهلوا نداء العقل حين أتيحت لهم الفرصة الأخيرة . إنها محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، قبل أن تكتمل دورة الانفجار، وينهار السقف على رؤوس الجميع . الحكم على أحمد علي : تصفية سياسية أم قرار طائش ؟ في منعطف بدا فيه الوطن بأمسّ الحاجة إلى ترميم الجسور لا نسفها، أطلق الفريق سلطان السامعي موقفًا لافتًا في وجه واحدة من أكثر القضايا حساسيةً في المشهد اليمني : الحكم الصادر عن سلطات صنعاء بإعدام العميد أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس والزعيم اليمني الراحل . لم يتحدث الرجل من موقع المجاملة، ولا من موقع الاصطفاف، بل من منطلقٍ استراتيجي يدرك خطورة اللحظة، وعقم الحسابات الصغيرة حين تُدار السلطة بمنطق الغلبة لا الحكمة . وصف الحكم بأنه " غير حكيم " و" توقيتُه كارثي"، محذّرًا من أن هذا النوع من القرارات لا يخدم سوى توسيع هوة الانقسام، وتكريس عقلية التصفية السياسية التي تُقوّض أي أمل في تسوية وطنية مستقبلية. فبدل أن يكون القضاء وسيلة لتحقيق العدالة، بدا – في نظر السامعي – وكأنه أداة في يد الرغبة الانتقامية، تُدار بوعي ضيّق يبدّد الفرص ولا يصنعها . لقد كان في موقفه هذا، يدق ناقوس الخطر : أن المشروع الذي لا يحتمل التعدد، ولا يغفر للخلاف، ولا يستوعب الخصوم السياسيين – حتى أولئك الذين غابوا عن المشهد – هو مشروع محكوم بالانكماش لا الاتساع، وبالفشل لا بالاستقرار . إنها ليست مرافعة عن شخص، بل تحذير من مآل، وموقف ينتمي إلى منطق الدولة، لا إلى شهوة الثأر . فحين يُجرَّم الخصم بحكم سياسي لا توازن فيه، تُغتال إمكانيات المصالحة من جذورها، ويُبعث برسالة كارثية مفادها أن الوطن قد صار حكراً على صوتٍ واحد . الخلاصة : شهادة السامعي... هل تُسمع قبل الانهيار الكامل ؟ في زمنٍ يُدار فيه الوطن بمنطق القوة لا الدولة، ويُقيَّم الرجال بولائهم لا بكفاءتهم، جاءت شهادة الفريق أو الشيخ سلطان السامعي لا لتُضيف صوتاً آخر إلى ضجيج الاعتراض، بل لتؤسس – بوعي رجل من داخل النظام – نقطة انعطاف نادرة في سردية الحكم، تُجبر الجميع على التحديق في مرآة الحقيقة، ولو لوهلة . ما قاله لم يكن تحليلاً سياسياً بارداً، ولا شكوى شخصية متأخرة، بل كان صرخة رجل دولة يراقب من الداخل أفول المشروع، وانفلات أدواته، وتحوّل مؤسسات الحكم إلى جزر مغلقة تتنازع الغنيمة على حساب الفكرة الوطنية الكبرى . لقد قدّم السامعي، عن وعي كامل، مسحًا استراتيجيًا للحظة اليمنية الراهنة : سلطة بلا قرار، اقتصاد يُدار بشبكات خفية، أمن مخترق، جهاز قضائي مسيّس، وطبقة سياسية مأزومة ترفض المصالحة لأنها تخاف من الاعتراف، وترفض الإصلاح لأنه يُهدد امتيازاتها . وفي خضم كل ذلك، يُختزل الوطن في خندق، والمستقبل في ولاء، والمخالف في خيانة . إن الصمت عن شهادة بهذا العمق هو تواطؤٌ مع الانهيار، وليس حيادًا . وإن تجاهلها من داخل السلطة ليس سوى إعلان غير مكتوب بأن البقاء أهم من البنيان، وأن الاستمرار في الوهم أولى من المجازفة بالتصحيح . في النهاية، قد تمر كلمات السامعي في أذن النخبة مرور العابر، لكن التاريخ – بما هو ذاكرة الشعوب – سيسجّل له أنه نطق بما يجب أن يُقال، لا حين كان من السهل أن يُقال، بل حين كان الصمت هو العملة الرائجة، والكذب هو ثمن البقاء . السؤال الآن لم يعد : ماذا قال السامعي ؟ بل: من المتبقّي ليُجيب ؟

مصرس
منذ ساعة واحدة
- مصرس
وظائف جديدة ب10 محافظات وأول تحرك من "الأطباء" بشأن أزمة قسم النساء بطب طنطا
شهدت ليلة أمس، العديد من الأحداث المهمة، على الصعيدين المحلي والدولي، وكان أبرزها ما يأتي: 25 صورة لوظائف جديدة ب10 محافظات| التخصصات والتقديمأصدرت وزارة العمل، اليوم الأربعاء، نشرة التوظيف نصف الشهرية التي تتضمن عددًا كبيرًا من فرص العمل المتاحة في مختلف المحافظات، بالتنسيق مع شركات القطاع الخاص.لمزيد من التفاصيل.. اضغط هنابيان عاجل من نقابة الأطباء بشأن أزمة نواب قسم النساء بكلية طب طنطاقالت النقابة العامة للأطباء، إنها تابعت ما تم تداوله من شكاوى واستقالات لعدد من نواب قسم النساء والتوليد بكلية الطب جامعة طنطا.لمزيد من التفاصيل.. اضغط هناالسيسي يوجه رسالة للمصريين بشأن "سوشيال ميديا"أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الاقتصاد وتحسين أحوال الناس محصلة جهد شعب، وليس حكومة أو قطاع من الدول، قائلًا:"ده محصلة قطاعات الدولة بالكامل، وعندما هذه القطاعات تعمل بكفاءة وبعلم وبمعرفة بشكل كبير، الإنجاز ممكن يتحقق، والأهداف اللي اتحطت ممكن تتحقق ويزيد كمان".لمزيد من التفاصيل.. اضغط هناارتفاع الرطوبة واضطراب حركة البحر.. توقعات حالة الطقس غدًاكشفت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، عن حالة الطقس ودرجات الحرارة غدًا الخميس الموافق 7 يوليو 2025، والأحوال الجوية المتوقعة.لمزيد من التفاصيل.. اضغط هناالسيسي: فقدنا 8 مليارات دولار من عائدات قناة السويس بسبب حرب غزةوجه الرئيس عبدالفتاح السيسي رسالة طمأنينة للشعب المصري بشأن الصعيد الداخلي واستقرار الأوضاع.لمزيد من التفاصيل.. اضغط هناالبابا تواضروس الثاني يهنئ بصوم العذراء: نتبارى في طرق تأديتههنأ قداسة البابا تواضروس الثاني آباء وأبناء الكنيسة بمناسبة صوم السيدة العذراء مريم والدة الإله، الذي يبدأ غدًا الخميس، وفقًا لترتيب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.لمزيد من التفاصيل.. اضغط هناوزيرة التنمية المحلية تستقبل وفدًا من شركة إزري العالميةاستقبلت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، وفداً من شركة "Esri" العالمية المتخصصة في نظم المعلومات الجغرافية، برئاسة المهندس حاسم حميدة الرئيس التنفيذي للشركة لشمال إفريقيا.لمزيد من التفاصيل.. اضغط هناهل تتساوى إيجارات الإيجار القديم مع "الإسكان الاجتماعي"؟.. الحكومة توضحقال المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والتواصل السياسي، إن آليات تطبيق قانون الإيجار القديم تبدأ بصدور قرار من رئيس مجلس الوزراء، يتضمن نظم عمل الحصر وقواعد تشكيل وعمل اللجان، بما يراعي كافة القواعد الدستورية.لمزيد من التفاصيل.. اضغط هنامدبولي: المباني ذات الطابع الأثري تخضع لمعالجة خاصة وليس للملاك حرية التصرف بهاأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن أي مبنى مسجل ذو طابع أو قيمة أثرية وعمرانية؛ فلن يسمح لملاكه بالتصرف فيه بالهدم.لمزيد من التفاصيل.. اضغط هناالسيسي: الأكاديمية العسكرية مصنعا لبناء الرجال والنساء لمؤسسات الدولةزار الرئيس عبدالفتاح السيسي، فجر الأربعاء، الأكاديمية العسكرية، والتقى قياداتها والطلاب الدارسين بها.لمزيد من التفاصيل.. اضغط هنا