
اتفاق أمريكي أوروبي على الرسوم الجمركية وتجنب نزاع تجاري – DW – 2025/7/27
أبرمت الولايات المتحدة اتفاق إطار تجاريا مع الاتحاد الأوروبي اليوم الأحد (27 يوليو/تموز 2025) تفرض بموجبه رسوما جمركية 15 بالمئة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، ليتجنب الطرفان حربا تجارية بين حليفين يمثلان ما يقرب من ثلث التجارة العالمية.
وجاء هذا الإعلان بعد أن أجرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين محادثات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتجع الغولف الخاص به في غرب اسكتلندا، سعيا لإتمام صفقة تسنى التوصل إليها بشق الأنفس.
وقال ترامب للصحفيين بعد اجتماع استمر ساعة مع فون دير لاين "أعتقد أن هذه أكبر صفقة تبرم على الإطلاق". وردت فون دير لاين بالقول إن الرسوم الجمركية البالغة 15 بالمئة تطبق "على جميع القطاعات". وأضافت: "لدينا اتفاق تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، وهو اتفاق بالغ الأهمية. إنه اتفاق ضخم. سيحقق الاستقرار".
ويشمل الاتفاق أيضا استثمار الاتحاد الأوروبي 600 مليار دولار في الولايات المتحدة وشراءه طاقة وعتادا عسكريا أمريكا بمبالغ كبيرة. ومع ذلك سينظر الكثيرون في أوروبا إلى الرسوم الجمركية الأساسية البالغة 15 بالمئة على أنها نتيجة ضعيفة مقارنة بالطموح الأوروبي الأولي بالتوصل لاتفاق لإلغاء الرسوم، رغم أنها أفضل من 30 بالمئة التي هدد بها ترامب. وقال ترامب: "اتفقنا على أن الرسوم الجمركية... على السيارات وكل شيء آخر ستكون رسوما مباشرة 15 بالمئة". ومع ذلك لن تطبق نسبة 15 بالمئة الأساسية على الصلب والألمنيوم، إذ ستبقى الرسوم البالغة 50بالمئة سارية عليهما.
وفي 12 يوليو/ تموز 2025 هدد ترامب بفرض رسوم جمركية 30 بالمئة على الواردات من الاتحاد الأوروبي اعتبارا من أول أغسطس/ آب 2025، بعد مفاوضات لأسابيع مع شركاء الولايات المتحدة التجاريين الرئيسيين والتي فشلت في التوصل إلى اتفاق تجاري شامل.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعد رسوما جمركية مضادة على 93 مليار يورو (109 مليارات دولار) من السلع الأمريكية في حال عدم التوصل إلى اتفاق، وفي حال مضى ترامب قدما في فرض رسوم 30 بالمئة.
من جانبه رحب المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالتوصل إلى تفاهم في النزاع الجمركي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقال السياسي زعيم الاتحاد المسيحي الألماني مساء اليوم الأحد: "بفضل هذا الاتفاق، أمكن تجنب نزاع تجاري كان من شأنه أن يوجه ضربة قاسية للاقتصاد الألماني المعتمد على التصدير"، مشيرا إلى أن تداعيات هذا النزاع كانت ستطال قطاع صناعة السيارات بشكل خاص، حيث تم تخفيض الرسوم الجمركية الحالية من 27,5 بالمئة بمقدار يعادل النصف تقريبا إلى 15بالمئة.
وأكد ميرتس أن من الجيد أنه تم تجنب تصعيد غير ضروري في العلاقات التجارية عبر ضفتي الأطلسي، وأضاف: "لقد أثمرت وحدة الاتحاد الأوروبي والعمل الجاد للمفاوضين".
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video
وقدم المستشار شكره لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والمفوض الأوروبي للتجارة ماروش شيفتشوفيتش، وقال: "في المفاوضات المقبلة المتعلقة بتفاصيل الاتفاق، تحظى المفوضية الأوروبية بدعمي الكامل"، وشدد ميرتس على أن العمل يجب أن يستمر من أجل تعزيز العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة.
وأعرب ميرتس عن اعتقاده بأن أوروبا استطاعت الحفاظ على مصالحها الأساسية، رغم أنه كان يأمل في مزيد من التسهيلات في التجارة عبر الأطلسي، وقال: "العلاقات التجارية المستقرة والقابلة للتخطيط، والتي تضمن الوصول المتبادل إلى الأسواق، تعود بالنفع على الجميع من شركات ومستهلكين على جانبي الأطلسي سواء كان على هذا الجانب أو ذلك".
تحرير: عارف جابو
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 2 ساعات
- DW
ما سبب ازدهار العمالة غير القانونية في ألمانيا؟ – DW – 2025/8/3
فيما ينكمش الاقتصاد الألماني؛ تزدهر العمالة غير القانونية في البلاد. فهل لذلك علاقة بالوضع الاقتصادي؟ وما الدور الذي يلعبه في إثارة الجدل حول الإعانات التي تقدمها الدولة للعاطلين عن العمل والتي تعرف بـ "أموال المواطن"؟ الاقتصاد الألماني يشهد انكماشا منذ سنوات وحتى في عام 2025 لا يُتوقّع سوى نمو طفيف. لكن العمالة غير القانونية تشهد ازدهارا وكذلك جميع الأنشطة الاقتصادية التي تتم في الظل. فما السبب وراء ذلك خاصة عندما ترتفع نسبة هذه الاقتصاديات غير الرسمية في الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 11 بالمئة خلال عام واحد فقط؟ في عام 2024 بلغ حجم الاقتصاد الموازي 482 مليار يورو متجاوزا بذلك ميزانية الدولة الاتحادية، وهو أعلى مستوى منذ ما يقرب من عشر سنوات. أما بالنسبة لعام 2025 فيتوقع الخبير الاقتصادي فريدريش شنايدر من جامعة لينس، أن يصل الرقم إلى 511 مليار يورو أي بزيادة جديدة قدرها 6.1 بالمئة. ويراقب شنايدر هذه الظاهرة منذ أكثر من 40 عاما. وبدلا من استخدام مصطلح "العمل غير القانوني" يفضّل مصطلح "الاقتصاد الموازي". ويقول في مقابلة مع DW: "هذه أنشطة اقتصادية قانونية في الأصل مثل إصلاح السيارات أو التنظيف، لكنها تُنجز خارج نطاق رقابة الدولة دون دفع أي ضرائب أو مساهمات اجتماعية" وتعرف "بالعمل الأسود". ويضيف أن الأنظمة القانونية مثل الحد الأدنى للأجور أو الحد الأقصى لساعات العمل لا تُطبّق في هذه الحالات. وبالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي تحتل ألمانيا مرتبة متوسطة بين الدول الصناعية فيما يخص الاقتصاد الموازي بنسبة تتراوح بين 11 و12 بالمئة. أما في رومانيا فتصل النسبة إلى 30 بالمئة، وفي اليونان حوالي 22 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. وللوصول إلى هذه الأرقام يقارن الباحث في المقام الأول كمية النقود المتداولة بحجم النشاط الاقتصادي الرسمي. لكن ما هي العوامل الحاسمة وراء ارتفاع العمالة غير القانونية والاقتصاد الموازي؟ هنا يلعب شعور المواطنين بدفع ضرائبومساهمات مرتفعة دورا مهما، كما يؤكد شنايدر. ويقول: "في ألمانيا يشعر الناس بشكل واضح بأن خدمات القطارات سيئة وأن العديد من الجسور والطرق السريعة متهالكة وتحتاج إلى إصلاح مما يؤدي إلى اختناقات مرورية وتأخيرات طويلة. وعندما يشعر المواطن أنه لا يحصل من الدولة على خدمات جيدة مقابل ما يدفعه فإن التزامه بدفع الضرائب يتراجع". ولا يستغرب الخبير الاقتصادي الألماني النمساوي، شنايدر، من أن الكثير من الناس يعملون بشكل غير قانوني. وبالنسبة إليه تُعتبر العمالة غير القانونية "تمردا ضريبيا من المواطن البسيط". وليس المقصود هنا التهرب الضريبي على نطاق واسع، بل "بالنسبة للمعلم تكون هنا الدروس الخصوصية وبالنسبة لعامل تركيب البلاط يكون الحمام المُبلّط". ويضيف شنايدر: "عندما تكون الأعباء الضريبية مرتفعة، وفي المقابل تكون خدمات الدولة ممتازة يمكن تقبّل ذلك. لكن في ألمانيا لدينا وضع يتمثل في أن العبء الضريبي مرتفع جدا أي أن نسبة الاقتطاعات من الأجور عالية، في حين أن ما تقدمه لي الدولة مقابل ذلك غير مرضٍ في نواحٍ كثيرة". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video عندما ترتفع معدلات البطالة وتقل الطلبات ولا يتم القيام بساعات عمل إضافية ويتم تقليص ورديات العمال، حينها يحل وقت ازدهار العمالة غير القانونية. ويقول شنايدر إن الأشخاص المتأثرين يفكرون بهذه الطريقة: "الآن أصبح لديّ دخل أقل من عملي الرسمي، لكنني لا أزال أرغب في قضاء إجازة أو الاستمتاع بأمور أخرى. والطريقة الأسهل لتحقيق ذلك هي العمل بشكل غير قانوني لتعويض النقص". ويضيف: "وهذا ما ألاحظه منذ أكثر من 40 عاما: عندما يضعف الاقتصاد تزدهر العمالة غير القانونية" في ظل الانكماش الاقتصادي. يُثار جدل كبير في الأوساط الألمانية حول دعم المواطنين. ويعتقد المنتقدون أن المساعداتوالإعانات الاجتماعية المرتفعة في ألمانيا تُشجّع على العمالة غير القانونية أي "العمل الأسود". ويقول شنايدر إنه بعد رفع قيمة الإعانات الاجتماعية التي تعرف بأموال المواطنين (Bürgergeld) بنسبة تفوق 12 بالمئة اعتبارا منذ بداية يناير 2024 "تخلّى حوالي 88 ألف إلى 100 ألف شخص عن وظائفهم البسيطة وهي وظائف في قطاعات تعاني من نقص في الأيدي العاملة". وتجدر الإشارة إلى أن أكثر من ثلث ميزانية الدولة الاتحادية يُخصص حاليا بالفعل لقطاع العمل والشؤون الاجتماعية. وبحسب موقع البرلمان الألماني تتوقع وزيرة العمل، بيربل باس، أن تصل نفقات إعانات المواطنين (Bürgergeld) في عام 2025 إلى ما يقارب 52 مليار يورو أي أكثر بحوالي خمسة مليارات يورو مقارنة بالعام السابق. من هذا المبلغ يُخصّص حوالي 29.6 مليار يورو للمدفوعات الشهرية لحوالي 5.64 مليون شخص من مستحقي هذه الإعانات. كما تم تخصيص حوالي 13 مليار يورو لتغطية تكاليف الإيجار والتدفئة، أما الباقي فيُوجّه لبرامج إدماج العاطلين عن العمل وتأهيلهم لسوق العمل وتكاليف الإدارة. النقاش حول الإعانات وعبئها الثقيل على الدولة والميزانية الاتحادية حاد وفي أوجه. وقد اقترح المستشار فريدريش ميرتس وضع حدود للدعم المخصص للسكن لمتلقي هذه الإعانة، وهو ما قوبل بانتقادات شديدة من بعض أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحكومي والمعارضة. واعترفت الوزيرة بيربل باس مؤخرا بأن الدعم الحكومي يجذب أيضا مجرمين. ففي مقابلة مع مجلة "شتيرن" تحدثت عن وجود "هياكل مافيوية" في حالات الاحتيال على نظام الدعم الاجتماعي. وأشارت إلى هياكل استغلالية يُستدرج فيها أشخاص من الخارج إلى ألمانيا ويتم تشغيلهم بشكل غير قانوني من قبل مجرمين، بينما يتقدّمون في الوقت نفسه بطلب للحصول على الدعم الحكومي! هذا المزيج من العمالة غير القانونية والاحتيال على الدعم الاجتماعي، لاحظه ماركوس كاربوم بشكل متكرر. وهو مدرّب قدم العديد من الدورات التدريبية للتأهيل الوظيفي لمتلقي الإعانة الاجتماعية "أموال المواطنين" في منطقة برلين الكبرى. ويُطلق على هذا المزيج من العمل القانوني والعمل الأسود والإعانة اسم "نموذج الأجر التكاملي الخاص". ويقول ماركوس كاربوم في حديثه مع DW "هناك أصحاب عمل لا يقدّمون لموظفيهم عددا كافيا من ساعات العمل بحيث لا يستطيع الموظف الاعتماد على هذا الدخل وحده لتغطية نفقاته." ويوضح بأن "نموذج الأجر التكاملي الخاص" يتكوّن من ثلاث مكونات: دخل قانوني من وظيفة بدوام جزئي أو ما يُطلق عليه بالالمانية "ميني-جوب" ودخل غير قانوني من عمل أسود خاصة في قطاعات مثل قطاع المطاعم والتي "تكون عرضة للتعامل بالنقود غير المصرح بها". والجزء الثالث يتمثل في ما يقوله صاحب العمل للموظف الذي لا يكفيه هذا الدخل للعيش: "بإمكانك الحصول على الباقي من مركز العمل (Jobcenter).". ويضيف كاربوم "هذه هي المكونات الثلاث التي لاحظتها كثيرا في عملي المهني". ويضيف أن هناك أيضا نوعا من عقلية المطالبة بالحقوق، حيث يقول أحدهم "أنا أمتلك حق الحصول على إعانة أموال المواطن-Bürgergeld، وأمتلك حق الاستفادة من المساعدات الاجتماعية. لا تأخذوا مني هذا الحق أو تمنعوا هذه الأموال عني"، ويعلق كاربوم هكذا "يمكننا وصف هذه الذهنية (الاحتيالية)". ويقول كاربوم إنه التقى بأشخاص يأتون إلى دورات التدريب على كيفية تقديم طلب لوظيفة أو عمل بسيارات حديثة فارهة ويحملون أحدث الهواتف الذكية ويخبرونه أنهم "يسافرون مرة واحدة في السنة، حسب ما يسمح به مركز العمل هنا لمدة ثلاثة أسابيع مع العائلة بأكملها إلى الخارج لقضاء العطلة". ويضيف: "هذا الأمر لا يمكن تغطيته من إعانة أموال المواطنين (Bürgergeld)، لكنه يحدث في الواقع العملي. هذه حالات فردية طبعا ولا نتحدث عن الأغلبية". ويؤكد: "لكنها تحدث وهذا بالتأكيد مؤشر على وجود احتيال هيكلي". ولمكافحة هذا النوع من الاحتيال يرى كاربوم أنه يجب أن يكون هناك مزيد من تبادل البيانات والمطابقة بين الجهات الرسمية المختصة. وهذا ما تخطط له أيضا الحكومة الائتلافية مثل التنسيق بين مراكز العمل والجمارك التي تتولى مكافحة ومراقبة حالات العمالة غير القانونية "العمل الأسود". ويتفق معه في ذلك أيضا الخبير الاقتصادي فريدريش شنايدر. لكن بعد حوالي 40 عاما من التحليل العلمي يعرف هذا الاقتصادي أن العامل الأهم هو ازدهار الاقتصاد: "عندما نكون في مرحلة ازدهار مطلقة تنخفض العمالة غير القانونية أيضا". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video أعده للعربية: م.أ.م تحرير: عارف جابو


DW
منذ 9 ساعات
- DW
المغرب - أسر مهاجرين مفقودين تبحث عن أبنائها وتطالب بالإنصاف – DW – 2025/8/3
تحولت قضية المهاجرين المغاربة المفقودين من أرقام صامتة إلى نداء إنساني يتجاوز الحدود. ووسط قصص مأساوية لشبان سعوا وراء الحلم الأوروبي واختفوا في عرض البحر، تدعم جمعية تمتد جهودها من وجدة لجنيف الأهالي للعثور على ذويهم. في ظل تصاعد حالات اختفاء المهاجرين المغاربة، تعيش مئات العائلات في دوامة الفقد وسط تجاهل رسمي متواصل. لكن هناك مبادرات مثل "الجمعية المغربية لمساندة المهاجرين في وضعية هشاشة" (AMSV) قررت كسر هذا الصمت، ومصمّمة على تحويل الألم إلى فعل ومطالب بالعدالة. من مقرها في وجدة بأقصى شمال شرق المغرب، تعمل الجمعية، التي يشرف عليها متطوعون وأقارب المفقودين على توثيق الحالات والضغط على السلطات والتوجه بشكاوى إلى الهيئات الأممية بجنيف، بهدف ضمان عدم محو أسماء أولئك الذين ابتلعهم البحر أو فقدو في غياهبه. في حديثه مع DW عربية يحكي حسن عماري رئيس الجمعية عن نشأتها في عام 2017 ويقول: "كان تركيزنا منصبًا على قضايا الهجرة بشكل عام، لأننا لاحظنا غيابا تاما لأي جمعيات تشتغل على هذا الملف في المنطقة الشرقية". لكن في عام 2020 وقع تحول جذري في الجمعية فتحولت إلى منصة للدفاع عن المهاجرين المفقودين، بعد تزايد الحالات وتزامنًا مع احتضان وجدة أول فعالية دولية لإحياء ذكراهم في السادس من فبراير/ شباط. ويؤكد عماري: "في 2021 بدأنا نتلقى اتصالات من عائلات تبحث عن أبنائها، ومنذ ذلك الحين عالجنا ما يفوق 600 حالة اختفاء، خاصة في مناطق عبور خطيرة: المتوسط، الأطلسي، الجزائر، تونس، ليبيا، وحتى البلقان". ورغم تشديد الرقابة من قبل رجال الأمن، لم تتوقف محاولات الهجرة. ففي 2024، سجل المغرب نحو 79 ألف محاولة هجرة غير نظامية، كثير منها انطلق على متن قوارب هشة، نحو مصير مجهول من نقاط خطرة مثل أكادير، سيدي إفني، الرباط والدار البيضاء. ,مع غياب المسارات الآمنة، بات البحر مقبرة جماعية. بدعم من جمعية مساندة المهاجرين في وضعية هشاشة (AMSV)، بدأت العائلات تنظيم وقفات احتجاجية أمام البرلمان، والمطالبة بتحليل الحمض النووي لتحديد هوية الجثث، والضغط من أجل تحرك حكومي. كما كانت هناك وقفات أيضا أمام وزارتي الداخلية والخارجية. ويقود هذه الجهود رغم ضعف الإمكانيات المالية، حسن عماري، رئيس الجمعية، الذي أكد لـDW: "عندما اتضح لنا أن الأبواب الوطنية موصده، قررنا التوجه إلى الساحة الدولية". في جنيف بسويسرا، قدّمت الجمعية ملفات تضم قوائم كاملة بالمهاجرين المفقودين والمعتقلين إلى المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للمهاجرين بالأمم المتحدة، وكذلك إلى مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان (OHCHR)، مطالبة بالاعتراف الدولي بالقضية. كما كشفت الجمعية عن وجود مهاجرين مفقودين رهن الاعتقال في الجزائر بتهمة الدخول غير القانوني، ويواجهون أحكامًا قاسية تصل إلى عشر سنوات من السجن. ورغم نجاحات محدودة في ترحيل بعض الجثامين، تعرقل الأزمة الدبلوماسية بين البلدين الجارين استرجاع البقية، وسط تكاليف باهظة تصل إلى 7000 يورو للجثة الواحدة. ويقول عماري: "لدينا أكثر من سبع جثث محددة الهوية محجوزة في الجزائر". ووسط صمت رسمي، تواصل عائلات المهاجرين المفقودين في المغرب رحلة البحث عن أبنائها، في مسار لا ينتهي من الحزن والإصرار والأمل المكسور، والانتظار الذي لا يرحم. من مدينة سلا، تروي حفيظة لبيض قصة شقيقها عبد السلام، الشاب الذي حلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترف، لكنه اختفى في عرض البحر عام 2021، بعدما غادر مع 16 شابًا نحو قادس الإسبانية، حاملاً حذاءه الرياضي وقميص فريقه فقط. وقد سلكوا عبر البحر، أحد أخطر مسارات الهجرة في العالم. "كان عبدالسلام شغوفًا بالكرة إلى حدّ الجنون"، تقول حفيظة، التي حاولت منعه من الرحيل دون جدوى. فعبد السلام، ككثير من شباب المغرب، اصطدم بجدران التأشيرات المرفوضة والفرص المسدودة، فاختار البحر كملاذ أخير للهروب من اليأس. ركب البحر من سلا، ولم يُعرف له أثر منذ ذلك اليوم. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video قصة أخرى بطلتها فاطمة، أم أسامة، التي لم يغمض لها جفن منذ أكثر من ثلاث سنوات، لا لشيء سوى لبحثها المستمر عن ابنها أسامة، الذي اختفى في عرض البحر يوم 16 ديسمبر/ كانون الأول 2021 قبالة السواحل التونسية. اختفى ابنها مع 33 شابًا من أبناء الحي قبالة السواحل التونسية. "نعيش في صمت لا يُطاق"، تقول فاطمة، التي تحولت إلى وجه بارز في احتجاجات عائلات المفقودين. توجهت فاطمة إلى تونس بنفسها لمحاولة التعرّف على الجثث، لكنها عادت محمّلة بأسئلة أكثر من الأجوبة. رغم العثور على جثتين من رفاق أسامة، لم تتلقَ العائلات أي إشعار رسمي. فاطمة، باعت كل ما تملك لمواصلة البحث، وتتساءل بحسرة تخنق صوتها "لكن كم من أم أخرى لم يعد لديها ما تبيعه أصلًا؟". لم تجد فاطمة في نتائج الحمض النووي ما يطمئنها، بل زادت الأسئلة. وبينما تعرب عن تقديرها لتعاون السلطات التونسية، لا تُخفي استياءها من صمت الدولة المغربية. "أناشد بلدي أن يتحرك. هؤلاء الأولاد مغاربة"، تقول الأم المكلومة. وسط هذا العجز، تبرز الجمعية المغربية لمساندة المهاجرين في وضعية هشاشة كداعم أساسي، تمنح العائلات صوتًا في وجه الغياب، وترافقهم في نضالهم من أجل الاعتراف والعدالة. وتواصل الجمعية جهودها في المغرب كأول هيئة مكرّسة بالكامل لدعم عائلات المهاجرين المفقودين والمحتجزين. في السادس من فبراير / شباط من كل عام، تحيي الجمعية في وجدة ذكرى مأساة معبر طراخال، بتنظيم فعالية مؤثرة تجمع العائلات من مختلف المدن. ويتضمن الحدث محاضرات وشهادات حية، ومسيرة رمزية نحو البحر في السعيدية، حيث تُلقى الزهور في الماء كطقس للذكرى والأمل. خلال عامي 2023 و2024، وثّقت الجمعية أكثر من 800 حالة تشمل مفقودين ومحتجزين وموتى على طرق الهجرة الخطرة. فمن ليبيا وتونس إلى الجزائر والمحيط الأطلسي، تتوزع القصص بين الغياب القسري والاحتجاز الطويل. كما كشفت الجمعية عن وجود 438 مغربيًا في السجون الجزائرية، إلى جانب حالات لمهاجرين من جنوب الصحراء والجزائر مفقودين داخل الأراضي المغربية. في لقاء نظّمته منظمة "يوروميد" بالرباط، شدد الباحث الإيطالي فيليبو فوري على أهمية دور العائلات والمجتمع المدني في كشف مصير المفقودين، مؤكدًا أن تدخل السلطات غالبًا ما يأتي متأخرًا أو في هامش الأولويات. هذا الواقع تعيشه يوميًا شخصيات مثل حفيظة وفاطمة، اللتين تحوّلتا من أخت وأم مكلومتين إلى ناشطتين بارزتين في ساحات الاحتجاج. وهما ومن معهما لا يطالبن فقط بالمعلومات، بل يرفعن صوتًا جماعيًا ضد النسيان، ويُسلطن الضوء على الألم الصامت الذي يعيشه مئات الأسر. بالنسبة لحفيظة، غياب شقيقها عبد السلام، لاعب كرة القدم الطموح، لا يزال حاضرًا في كل زاوية من البيت. "لا يمكننا الحداد، ولا نعرف إن كان حيًا أو ميتًا"، تقول حفيظة لـDW. أما فاطمة، التي فقدت ابنها أسامة في عرض البحر، فتؤكد: "ما نريده هو الحقيقة. إذا كانوا قد رحلوا، نريد أن نحزن كما يليق. وإذا كانوا أحياء، نريد أن نعرف" أين هم؟. ورغم محدودية الموارد، تواصل جمعية مساندة المهاجرين في وضعية هشاشة (AMSV) رفع صوت العائلات، من وجدة إلى جنيف، مؤكدة أن التضامن ليس فقط بلسمًا، بل قوة مقاومة. "لقد قطعنا وعدًا وسنفعل كل ما بوسعنا لمساعدة العائلات في البحث عن الحقيقة والعدالة"، يقول رئيس الجمعية حسن عماري. الكاتبة: إيمان بلامين - الرباط


DW
منذ 13 ساعات
- DW
سياسة الهجرة الأوروبية.. المساعدات وسيلة للضغط على أفريقيا – DW – 2025/8/3
يبدو أن الاتحاد الأوروبي يفكر في تغيير استراتيجيته فيما يتعلق بمكافحة الهجرة غير الشرعية، فالدول التي لا تتعاون في إعادة المهاجرين قد تحصل على أموال ومساعدات تنموية أقل. وتنتقد المنظمات الإغاثية والخبراء ذلك بشدة. اقتراح جديد من المفوضية الأوروبية يحمل في طياته تغييرات جذرية، فحسب هذا الاقتراح يمكن الآن ربط المساعدات المالية والتنموية بمدى تعاون البلدان في مجال إعادة المهاجرين واستقبالهم المرحلين منهم ومراقبة الحدود. وإذا لم تلتزم البلدان باتفاقيات الترحيل فقد يتم خفض المساعدات المالية والتنموية المخصصة لها. هذا ما ورد في تقرير لصحيفة "'فاينانشال تايمز" ووكالة رويترز للأنباء التي استندت إلى وثائق داخلية للاتحاد الأوروبي. وقد انتقدت المنظمات الإنسانية هذه الخطط بشدة. ووصفت منظمة أوكسفام الاقتراح بأنه "تشويه لأهداف التنمية في الاتحاد الأوروبي" و"حل سياسي قصير الأجل" لمشاكل هيكلية أعمق. وترتبط هذه الاعتبارات والخطط بالضغوط المتزايدة داخل أوروبا للحد من الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط والصحراء. وتزداد هذه الضغوط بشكل خاص في دول مثل ألمانيا وإيطاليا واليونان حيث تواجه الحكومات معارضة متزايدة للهجرة واستقبال طالبي اللجوء. ينتقد خبراء سياسيون وخبراء في شؤون الهجرة بجميع أنحاء افريقيا التغيير المقترح في السياسة الأوروبية ويعتبرونها خططا استعماريا جديدة. ويقولون إن نهج الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يقوض السيادة والثقة. وقالت ماريا أيوك لـDW :" امنعوا شعبكم من الهجرة وإلا ستفقدون المساعدة، هذا يبدو لي رسالة إكراه أكثر منها رسالة تعاون". وهي باحثة في مجال السلام والأمن في جامعة أوتو فون غيريكه في ماغديبورغ الألمانية. وبذلك يتم تحويل الدول الأفريقية إلى حراس حدود بدلا من معاملتها كشركاء متساوين في التنمية. ويقوم الاتحاد الأوروبي بـ"تأمين" وتسييس الهجرة على مر السنين. "الاتحاد الأوروبي يجبر الأفارقة على إبقاء أبنائهم في أفريقيا لأنهم يخشون من "أفرقَة أوروبا"، كما تعتقد أيوك. بينما يركز السياسيون الأوروبيون في كثير من الأحيان على "عوامل الجذب" مثل فرص العمل والأمن، يرى المحللون الأفارقة أنه يجب إيلاء مزيد من الاهتمام للظروف التي تدفع الناس إلى الهجرة في المقام الأول. "سيشعر الناس بالتأكيد برغبة في الهجرة"، كما يقول فيديل أماكي أوفوسو، المستشار في شؤون الجغرافيا السياسية والأمن والمقيم في غانا. ومن بين الأسباب الرئيسية التي تدفع للهجرة "المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والتفاوت في التنمية بين الريف والمدينة والفقر المدقع والصراعات والبطالة"، كما جاء في حواره مع DW. ويوافق بول إيجيمي، المحلل الإعلامي والسياسي النيجيري على ذلك قائلا: "إنهم يرحلون لأن البيئة غير مواتية". كما يشير إيجيمي إلى أن "الفقر والمحنة وعدم الاستقرار" تجبر الأفارقة على المخاطرة بحياتهم بحثا عن سبل العيش. وإغلاق الأبواب أو بناء الجدران ليس حلا". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وحسب أيوك فإن فشل الحكومات جزء من المشكلة. وقالت لـ DW :"لدينا العديد من القادة المستبدين الذين يريدون البقاء في السلطة إلى الأبد. هذه هي المشاكل الأساسية التي يجب أن نعالجها". ويتفق الخبراء على أن ممارسات أوروبا التجارية والتدخلات الأجنبية ساهمت بشكل مباشر في عدم الاستقرار والتخلف الاقتصادي في أفريقيا. ويقولون إن هذه الظروف تزيد من دوافع الهجرة. ويضرب إيجيمي مثالا ملموسا بقوله إن "غالبية العاملين في القطاع الصحي في هذه البلدان موجودون في أوروبا وأمريكا. القطاع الصحي يعاني من نقص التمويل ونقص الموظفين والموظفون الموجودون يغادرون البلاد". وتتفاقم المشكلة بسبب ازدواجية معايير أوروبا. "يمكنهم فتح أبوابهم أمام الناس القادمين من أوكرانيا. لكن عندما يتعلق الأمر بالأفارقة فإنهم يشددون القواعد"، يقول إيجيمي. وتشتد الانتقادات بشكل خاص لتوجه الاتحاد الأوروبي إلى ربط المساعدات الإنمائية بالتعاون في تحقيق أهدافه المتعلقة بالهجرة. وقالت ماريا أيوك في حوارها مع DW "نعم أعتقد أن الاتحاد الأوروبي يربط المساعدات الإنمائية بمراقبة الهجرة... إنه يجعلها سلاحا ويحول المساعدة من التضامن إلى المصلحة الذاتية". وهذا يقوض الثقة والاحترام المتبادل بين أوروبا وأفريقيا. في الوقت نفسه يتفق الخبراء الذين استطلعت DW آراءهم إلى حد كبير على أن الحكومات الأفريقية تتحمل مسؤولية كبيرة عن الأزمة وسياسة الهجرة الصارمة تجاه مواطنيها. وتقول أيوك الباحثة في جامعة ماغديبورغ: "أفريقيا هي المشكلة، لأنها تفتقر إلى القدرة على التصرف على الصعيد الدولي" وتضيف "أولئك الذين من المفترض أن يمثلوا أفريقيا لا يمثلون المصالح الجماعية لأفريقيا، بل المصالح الفردية للنخب". وعلى الرغم من انتقاداتهم، فإن المحللين مقتنعون بأن أفريقيا ليست عاجزة. ويعتقدون أن القارة لا يمكن أن تصبح قوية إلا إذا حشدت الإرادة السياسية اللازمة. وتقول أيوك مشيرة إلى موارد القارة وقوتها الإقليمية: "أفريقيا لديها الإمكانات والقدرة اللازمة للتأثير. لكنها تحتاج إلى قيادة موحدة والتحول من التبعية إلى التنمية الذاتية". ويرى أوفوسو، وهو مواطن غاني ضرورة استخدام التكنولوجيا، إذ "تفتقر العديد من الدول الأفريقية إلى التكنولوجيا اللازمة لمراقبة جميع الحدود. من الصعب للغاية إدارة مثل هذه الحدود ومراقبة تدفق الأشخاص". لكنه يحذر من أن نهج الاتحاد الأوروبي تجاه البلدان التي تبذل جهودا جادة قد تكون له نتائج عكسية. نظرا لأن أوروبا تزداد عزلة في سياستها الخاصة بالهجرة. فقد تستغل بعض البلدان الأفريقية ذلك لتعميق شراكات عالمية بديلة، على سبيل المثال مع دول البريكس أو مبادرات أخرى في الجنوب العالمي، كما يؤكد أوفوسو. ويمكن لأفريقيا أن تعمق علاقاتها مع القوى الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل وروسيا إذا استمرت أوروبا في استخدام المساعدات الإنمائية كوسيلة ضغط. ويقول أوفوسو: "كلما زاد تركيز الغرب على شؤونه الداخلية، زادت سياسته التصادمية وزادت أفريقيا توجهها نحو الشرق". لكن إيجيمي يقترح نهجا مختلفا: "يجب على أفريقيا أن تتصرف بشكل استراتيجي وأن تحافظ على مصالحها وأن تتفاوض من موقع قوة". ويضيف: "عندما تهاجر الكفاءات إلى الخارج ربما ينبغي أن يكون هناك نوع من الاتفاق أو العقد الذي يعيد الأموال إلى تطوير أنظمة الصحة والتعليم". يتفق الخبراء على أن النموذج الذي يستهدفه الاتحاد الأوروبي والذي يربط المساعدات التنموية بمراقبة الهجرة قد يعرض العلاقات طويلة الأمد مع أفريقيا للخطر ولا يعالج الأسباب الجذرية للمشكلة. وترى ماريا أيوك أن "الهجرة يجب أن تكون منظمة، لكن لا يجب أن تُستخدم كأداة سياسية. نحن بحاجة إلى علاقات متبادلة قائمة على الاحترام والمساواة والعدالة". ويؤكد فيديل أماكي أوفوسو: "يجب على أوروبا أن تتوقف عن النظر إلى أفريقيا على أنها مشكلة وأن تبدأ في معاملتها كشريك". ويلفت بول إيجيمي الانتباه إلى التحديات السياسية الداخلية في العديد من الدول الأفريقية، بقوله "لا يوجد فقر في أفريقيا. ما يوجد هو سوء إدارة. وقد أدى سوء الإدارة إلى إفقارها". أعده للعربية: م.أ.م