
كيف أتعامل مع القلق؟... إليك الطرق الناجحة
ما هو القلق وأبرز أسبابه؟
القلق هو حالة من التوتر النفسي تصاحبها مشاعر الخوف أو الترقب تجاه حدث مستقبلي، سواء كان حقيقياً أم متخيّلاً، قد يكون القلق لحظياً كردة فعل طبيعية، أو قد يتحوّل إلى حالة مستمرة تؤثر سلباً على أداء الفرد في عمله، دراسته، أو علاقاته.
تتنوّع أسباب القلق ، ومنها الضغوط اليومية مثل الامتحانات، مشاكل العمل، أو صعوبات العلاقات الشخصية، الخبرات الصادمة مثل فقدان شخص عزيز، أو التعرّض لحادث، الاستعداد الوراثي، حيث تشير بعض الدراسات إلى وجود عوامل وراثية تُسهم في الإصابة بالقلق، النمط الفكري السلبي مثل التوقع الدائم للأسوأ أو الإفراط في التفكير والعادات غير الصحية كقلة النوم، سوء التغذية والإفراط في استخدام الهاتف.
تأثير القلق على الفرد: القلق المستمر يمكن أن يؤدي إلى مشاكل نفسية وجسدية مثل الأرق واضطرابات النوم، ضعف التركيز، الإرهاق الدائم، مشاكل في الجهاز الهضمي ، انخفاض الأداء الدراسي أو المهني والتوتر في العلاقات الاجتماعية.
كيف نتعامل مع القلق؟
القلق جزء من الحياة، لكنه لا يجب أن يسيطر عليها، بالتوازن والوعي، يمكننا أن نواجه قلقنا ونحوّله إلى دافع للنجاح بدلاً من أن يكون عائقاً في طريقنا، التعامل مع القلق لا يتم في يوم وليلة، بل هو مسار يتطلّب الصبر والتدرج، ولكن النتائج تستحق كل الجهد، هناك طرق متعدّدة يمكن أن تساعد في التحكّم بالقلق، ولعل أبرزها كما ورد في موقع Johns Hopkins Medicine:
الفهم والوعي: أول خطوة للتعامل مع القلق هي أن نعترف بوجوده ونفهم أسبابه، الوعي بالمشكلة يساعد على تفكيكها.
التنفس العميق وتمارين الاسترخاء: ممارسة تمارين التنفس العميق أو التأمل (Meditation) يساعد على تهدئة الجهاز العصبي وتقليل التوتر.
تنظيم الوقت: تحديد جدول زمني وتحديد أولويات يساعد على تقليل الضغط الناتج عن تراكم المهام.
ممارسة الرياضة: النشاط البدني يحفز إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين ويقلل من هرمونات التوتر.
التحدّث مع شخص موثوق: مشاركة المخاوف مع صديق أو مستشار نفسي يمكن أن يخفف من العبء النفسي.
الابتعاد عن المحفزات السلبية: مثل الأشخاص المحبطين، أو متابعة الأخبار السلبية، أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط.
طلب المساعدة المتخصّصة: إذا استمر القلق وأثر بشكل كبير على جودة الحياة، فمن الأفضل التوجه إلى طبيب أو معالج نفسي.
ينصح بالتعرّف إلى .
نصائح يومية للتقليل من القلق
ابدئي يومكِ بممارسة خفيفة مثل المشي أو التمدّد.
قلّلي من استهلاك الكافيين والسكريات.
خصّصي وقتاً للراحة والاسترخاء يومياً.
درّبي نفسكِ على التفكير الإيجابي وتقدير الذات.
احرصي على نوم منتظم وكافٍ.
القلق والحالة النفسية
القلق من التجارب الإنسانية الأساسية، وهو استجابة طبيعية للمواقف التي تُعتبر تهديداً أو تحدياً، يُعدّ القلق العرضي جزءاً طبيعياً من الحياة، يُهيئنا لمواجهة التهديدات المحتملة، ولكنه قد يُسبب مشاكل عندما يكون مفرطاً، أو مستمراً، أو يصعب السيطرة عليه، كما يُعد فهم الطرق المختلفة لظهور القلق أمراً بالغ الأهمية للأشخاص الذين يعانون منه، ولشبكات الدعم، وللمجتمع، إذا أردنا تعزيز الرفاهية، من الناحية النفسية، القلق هو شعور بالخوف والرعب وعدم الارتياح حسب ما ورد في موقع Cleveland Clinic.
ما الفرق بين التوتر والقلق؟
ينشأ التوتر من التحديات الحالية، مثل مواعيد إنجاز العمل النهائية أو المشاكل العائلية، وعادة ما يتلاشى بمجرد حلّها، أما القلق، فغالباً ما ينشأ دون سبب واضح، مدفوعاً بأفكار داخلية، مما يجعله يدوم لفترة أطول من التوتر، ويتضمن القلق مشاعر الخوف والقلق المفرط والتوجّس، وقد يكون القلق شديداً لدرجة أن بعض الأشخاص الذين يعانون منه يقولون إنه يشبه الألم الجسدي، مما يؤكد تأثيره الكبير على الصحة النفسية والرغبة الشديدة في طلب الراحة.
القلق في أشكاله الخفيفة قد يكون مفيداً، حيث يعمل كنظام تنبيه يزيد من الوعي بالمخاطر المحتملة، ويساعد على الاستعداد والانتباه، ومع ذلك، عندما يصبح الخوف من الأحداث المستقبلية مفرطاً أو غير واقعي، لدرجة تعيق قدرتنا على العمل بشكل طبيعي، فقد يشير ذلك إلى اضطراب نفسي.
تشير الأبحاث أيضاً إلى أن أحداث الحياة المرهقة ترتبط بزيادة الحساسية للقلق، مما يشير إلى أن التوتر الطويل الأمد يمكن أن يجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بأعراض القلق، لذلك من الضروري إدارة التوتر بفعالية للحدّ من احتمال الإصابة باضطرابات القلق، وغيرها من الآثار السلبية على الصحة النفسية.
كما يمكن أن يُضعف القلق المزمن جهاز المناعة ، مما يجعلنا أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والأمراض، كما يمكن أن يُسبّب مشاكل في النوم، مما يفاقم القلق، وغالباً ما يصاب الشخص الذي يعاني من القلق بالصداع والألم المزمن، وقد يكون هناك رابط بين القلق المزمن وتطور أمراض المناعة الذاتية، مما يقلل من قدرته على مكافحة العدوى.
ويزيد القلق من خطر الإصابة باضطرابات الصحة النفسية الأخرى، مثل الاكتئاب، وفي نهاية المطاف، يمكن أن يُؤثر القلق بشكل كبير على جودة الحياة، ويزيد من صعوبات الأداء اليومي والعمل والعلاقات الشخصية.
أساليب التعامل بشكل عام مع القلق
يمكننا اللجوء إلى مجموعة متنوّعة من الأساليب في حياتنا اليومية للتعامل مع القلق كما ورد في موقع Healthline، وهي كالآتي:
اليقظة الذهنية: تعتبر ممارسات اليقظة الذهنية التي تركّز على اللحظة الراهنة مهمة لتقليل القلق وإعادتنا إلى حاضرنا، كما يمكن لأساليب الاسترخاء، مثل التنفس العميق البطيء، استرخاء العضلات التدريجي وتخيّل المشاهد والصور أن تساعد في تهدئة استجابة الجسم للتوتر وتخفيفه.
التنفس: يمكن أن تساعد تمارين التنفس الصحيحة، باستخدام الحجاب الحاجز، في الوقاية من فرط التنفس، وهو عارض جسدي شائع للقلق، كما يمكن أن تساعد مواجهة المخاوف تدريجياً من خلال خطوات صغيرة وقابلة للتحقيق، تُعرف باسم "التعرّض"، الأفراد على اختبار قلقهم وبناء ثقتهم بأنفسهم.
وقت القلق: يجد بعض الناس أن توقيت "وقت للقلق" محدّد خلال اليوم، لمنع سيطرة القلق علينا في أوقات أخرى، ويمكن أن يوفر الاحتفاظ بمذكرات لتتبع أوقات حدوث القلق وتحديد المحفّزات المحتملة، رؤى قيّمة.
التحدث عن القلق: التحدث عن المشاعر مع الأصدقاء أو أفراد العائلة أو خطوط المساعدة النفسية الموثوقة يمكن أن يوفر الدعم والشعور بأن صوتك مسموع، ويمكن لمجموعات الدعم أن توفر مساحة آمنة لمشاركة التجارب والتعلم من الآخرين الذين يواجهون تحديات مماثلة، كما أن الهوايات الممتعة والمريحة يمكن أن تخفّف من القلق.
أساليب العلاج السلوكي المعرفي: يوفر العلاج السلوكي المعرفي أساليب للتعامل مع القلق ، مع التركيز على تحديد أنماط التفكير غير المفيدة ومواجهتها، ويشمل ذلك دراسة الأدلة المؤيدة والمعارضة للأفكار السلبية للوصول إلى منظور متوازن، وغالباً ما تُدمج اليقظة الذهنية للمساعدة في مراقبة الأفكار دون إصدار أحكام عليها، مما يُحسّن تنظيم المشاعر.
التنشيط السلوكي: هذا أسلوب علاج سلوكي معرفي يركز على أنشطة مُجزية وذات معنى لتحسين مزاجك وتقليل قلقك، ويُعدّ العلاج بالتعرض عنصراً أساسياً في العلاج السلوكي المعرفي لاضطرابات القلق، ويتضمّن مواجهة المواقف والأفكار والأحاسيس والمشاعر المخيفة تدريجياً بطريقة مُتحكّم بها لتقليل سلوك التجنّب وبناء التسامح.
أساليب الاسترخاء: يتضمّن العلاج السلوكي المعرفي أساليب مُتنوّعة للاسترخاء، وتخفيف التوتر للمساعدة في تهدئة الجهاز العصبي والتعامل مع القلق العام، ويمكن أن يُساعدنا تدوين يوميات أو سجلات للأفكار في تتبع المشاعر السلبية وتحديد الأنماط.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 6 ساعات
- الرياض
«الغيث» يطمئن جمهور حياة الفهد
طمأن الأستاذ يوسف الغيث مدير أعمال السيدة القديرة حياة الفهد، جمهورها في الوطن العربي، إثر تعرضها مؤخرا لجلطة دماغية نُقلت على إثرها للمستشفى، ما أثار الخبر حالة من القلق في الأوساط الفنية والمتابعيين في وسائل التواصل الاجتماعي. وكانت النجمة القديرة حياة الفهد، تعرضت لوعكة صحية مفاجئة، ادخلت على إثرها أحد المستشفيات لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة لها، بينما تم منع زيارتها بتقرير طبي. وقال مدير أعمالها يوسف الغيث: الفنانة القديرة حياة الفهد، ما زالت ترقد في المستشفى بناءً على أوامر الأطباء، وذلك لتلقي العلاج اللازم، مع منع الزيارة عنها وذلك لاستكمال فحوصاتها الطبية، طالبا من جمهورها في الخليج والوطن العربي الدعاء لها. ووفق المعلومات، فإن النجمة القديرة، تعاني من جلطة مفاجئة، وهي حالياً تحت الرعاية المكثفة في قسم العناية المركزة، حيث تم منع الزيارات حرصاً على سلامتها واستقرار حالتها الصحية. وشهد الخبر تفاعلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، والذين عبّروا عن قلقهم وتمنياتهم بالشفاء العاجل، فيما نشرت الصفحة الرسمية للفنانة على إنستغرام بياناً جاء فيه: "تعلن أسرة ومحبو الفنانة القديرة حياة الفهد ومؤسسة الفهد أن أمّ الجميع تمر حالياً بوعكة صحية، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ عليها بالشفاء العاجل، وأن يعيدها لمحبيها وهي بأتم الصحة والعافية.. دعواتكم الصادقة لها". وتعد هذه الأزمة الصحية الثانية التي تثير القلق بين محبي حياة الفهد خلال الأشهر الأخيرة، ففي شهر مايو الماضي، ظهرت الفنانة أثناء جولة في أحد شوارع بغداد وهي على كرسي متحرك، والذي أثار المخاوف من تدهور حالتها الصحية، قبل أن تأتي هذه الأزمة الطارئة التي استلزمت نقلها للعناية المركزة، تحت مراقبة حالتها بدقة، مع التركيز على استقرار حالتها العصبية والدوران الدموي بعد تعرضها للجلطة. وبسبب خطورة وضعها الصحي، لم يُسمح لأي أحد بزيارتها، فيما يحرص فريقها الطبي على توفير كل العلاجات والإجراءات الوقائية لضمان سرعة تعافيها. هذا وتناول عدد من المثقفين والفنانين والصحافة في الوطن العربي، منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، جلها دعوات للقديرة "أم سوزان"، مسترجعين جزءا من تاريخها الطويل البديع، ودعمها المستمر للممثلين الشباب، وتقديمهم في صورة مختلفة، وعلاقتها مع الجمهور في الوطن العربي.


الرياض
منذ 6 ساعات
- الرياض
فلسفة العيش بخفة
في كثير من الأحيان، لا تُرهقنا المواقف التي تحدث لنا، بل عدد الطبقات الثقيلة من الأهمية التي نُراكمها فوق انتباهنا حين نُفرط في تقدير المواقف. نمنح كلمات الآخرين وزنًا أكبر من اللازم، نُضخّم الأخطاء الصغيرة حتى نختنق؛ ونخنق من حولنا، ونؤسس لكراهية الآخر من أبسط خلاف بكل استغراق، وكأن كل حدث هو تهديد وجودي لنا. وليس هذا مجرد خلل عابر في التفكير، بل سلوك تطوّري مرتبط بآليات بقاء الإنسان، فالدماغ مبرمج على التركيز التلقائي على التهديدات والمواقف السلبية أكثر من الإيجابية، وهو ما يعرف بالتحيز السلبي، وهو نمط ساعد أجدادنا على البقاء في بيئات خطرة -لأن تجاهل خطر محتمل قد يكون قاتلًا-، ومع أن بيئاتنا اليوم قد تغيّرت جذريًا، فإننا ما زلنا متمسكين بنفس آليات البقاء القديمة. من هنا، لا بد من استصحاب منظور علم الأعصاب لفهم ما يحدث داخلنا، فالجهاز الحوفي في الدماغ يتفاعل سريعًا مع الانفعالات، ويُطلق إشارات استجابة قبل أن تتدخل مراكز التفكير الواعي، وتحديدًا، تعمل اللوزة الدماغية فيه على تضخيم الإشارة الانفعالية تلقائيًا كآلية حماية، مما قد يؤدي إلى استجابات مبالغ فيها تُعرف باستجابة الكرّ أو الفرّ (Fight or Flight). في المقابل، تحتاج القشرة الجبهية –المسؤولة عن التفكير العقلاني– إلى وقت أطول لتقييم الأحداث بموضوعية، وإن لم ننتبه لهذه الآليات الداخلية، ونتوقف عمدًا لنتأمل قبل أن نستجيب، فإننا سنقع في فخ التضخيم النفسي والانفعالي، والحقيقة أن أغلب مواقفنا ليست بحجم انفعالاتنا، وهنا تتجلى أهمية الوعي بمفهوم تخفيض الأهمية، لا بمعنى إنكار المواقف أو تجاهلها -أحداثًا أم أشخاصًا- بل في منح مراكز التفكير الواعي المساحة الكافية لتعمل، بحيث لا تبتلعنا ردود الفعل الفورية، ومن المهم أيضًا أن نستحضر منظور المدخل التفاعلي الرمزي في علم الاجتماع، والذي يرى أن الإنسان لا يعيش في عالم من الأحداث فقط، بل في عالم من المعاني والرموز التي يصنعها عبر تفاعلاته اليومية، فكلمة جارحة من زميل عمل، أو موقف ما؛ من شريك حياة، قد تتحول إلى رمز متضخم يبتلع انتباهنا إذا أوليناه أكثر مما يستحق من المعنى، والحقيقة أن كثيرًا من هذه المواقف ليست إلا إشارات عابرة واحتكاكات متوقعة يمكن تقبّلها دون أن نسمح لها باستلاب انتباهنا، متى اخترنا أن نرى الحدث كما هو، لا كما تضخّمه تفسيراتنا. وهذا يقودنا إلى حقيقة أن الوعي بالمعاني والرموز، مهما كان عميقًا، لا يكفي وحده؛ فقد نبّه فلاسفة فن العيش -من الرواقيين القدماء إلى المفكرين المعاصرين- إلى ضرورة التخفف من الطبقات النفسية الزائفة التي نصنعها بتأويلاتنا، ومن الانفعالات التي تُعطّل حضورنا، فمسار الوعي متدرج: ينطلق من ملاحظة الانفعال الغريزي الذي يشتعل في لحظة، ثم يمرّ عبر الفهم العصبي لآلية استجابتنا، ويتوسع إلى التفسير الاجتماعي الرمزي الذي يمنح الحدث شكله في أذهاننا، قبل أن ينتهي إلى قرار واعٍ يخفف الحمل النفسي ويعيدنا إلى الحضور، ولئلا نغرق في التنظير، فلننتقل إلى الرباعية العملية لاكتساب مهارة تخفيض الأهمية والعيش بخفة: أولًا: سطوة التهويل: أن ندرك أن ما يُثقل أرواحنا ليس دائمًا ما يحدث في الخارج، بل كثيرًا ما تُثقلنا تصوّرات داخلية مضخَّمة صنعناها بأنفسنا، في واحدةٍ من رسائله الأخلاقية إلى صديقه لوسيليوس، كتب الفيلسوف الرواقي سينيكا جملةً تلخّص مأزق الإنسان المعاصر، حين قال: نحن نعاني أكثر في خيالنا مما نعانيه في الواقع، فالأحداث كثيرًا ما تمرّ وتمضي، أما صورها في عقولنا فتظل تعيد تشكيل الألم وتكراره. وهنا تحديدًا تبرز الحاجة إلى اكتساب مهارة تخفيض الأهمية؛ لا باعتبارها جمودًا أو لا مبالاة، بل تمرينًا على التحرّر من سطوة التهويل الذي يصنعه الخيال حين لا يضبطه الانتباه. ثانياً: دع جسدك يُفرغ ما لا يجب أن يحتفظ به عقلك: حين يقع ما يزعجك، يتسلّل الانفعال إلى داخلك كوميضٍ سريع، لكنه لا يغادر بسهولة، بل يترسّب كتوتّرٍ صامت يتضخّم دون انتباه، العقل لا يبدأ بالتحليل كما نأمل، بل يدخل في دوامة التأويل والتهويل، فيُعيد تشغيل الموقف كمشهدٍ داخليّ لا ينتهي. وهنا، تبرز أهمية الحركة الجسدية، مارس الرياضة لا بوصفها حلًّا للمشكلة، بل كاستجابةٍ واعية لتفريغ التوتر بدل احتجازه في قلب التجربة الشعورية. امشِ، اركض، تمدّد، أو مارس أي نشاطٍ بدني يعيد توزيع الطاقة المختزنة، فالكثير مما نسمّيه تفكيرًا زائدًا هو توتّرٌ يبحث عن مخرج عبر الأسئلة والافتراضات، والقلق، والخوف، والحزن، وهنا ثمة تنبيه بسيط وعميق، فقبل أن تبدأ ممارسة الرياضة ابدأ بنيةٍ واضحة: (أنا أنوي تخفيض أهمية ما يزعجني). ثالثاً: أعد تشكيل الرموز: غالبًا، لا يكون الحدث ذاته هو ما يؤلمنا، بل المعنى الذي نخلعه عليه حين نُذيب فيه انتباهنا بالكامل، كما قال الرواقي إبكتيتوس: (ليست الأشياء هي ما يُزعجنا، بل أفكارنا عنها). لهذا، اسأل نفسك: ما المعنى الذي منحته لهذا الموقف؟ وهل يمكن أن أراه بمنظور مختلف؟ في الغالب، لا تحتاج إلى تغيير ما جرى، بل إلى تحرير نفسك من المعاني التي تُقيدك. القوة ليست في مقاومة الحدث، بل في إعادة تشكيل رموزه. تأمل مثلًا شابًا أو فتاة انفصل بعد الزواج، وفسّر التجربة كفشل شخصي. فكرة واحدة ولّدت طيفًا من المشاعر المنخفضة: قلق، شعور بالنقص، خوف من المستقبل، لكن حين يعيد تشكيل المعنى، يبدأ برؤية الحقيقة كما هي: لم يكن فاشلًا، بل ناجيًا من علاقة لم تكن تحمل ملامح نموّه، وعليه فالقاعدة ببساطة: حين تعيد تشكيل المعاني والرموز، تتغير المشاعر، فتتنفّس الروح، وتتسع الحياة، وتمتلئ بالخفة. رابعاً: درّب نفسك على التجاهل الذكي: ليس كل تعليق يستحق أن يقتطع انتباهك، خاصةً إن كان جارحًا أو غير منصف، فالاحتفاظ بانتباهك هو أول أشكال الحماية الذاتية. أحيانًا، لا يكون الاستفزاز انعكاسًا لك، بل لاضطرابٍ في الطرف الآخر، ومع ذلك، فالتجاهل لا يعني إنكار الألم، بل اختيارًا واعيًا: متى تردّ، ومتى تمضي. حين يسخر الشريك من شريكه، أو يستخفّ زميلٌ بجهد زميله، توقّف لحظة واسأل نفسك: هل ما قيل يُعبّر عني حقًا؟ هل يستحق أن أستهلك طاقتي عليه، أم أضع له حدًا وأمضي؟ في بعض المواقف، يكون الردّ احترامًا للذات، وفي أخرى، يكون الصمت حكمة. الكلمات لا تؤذي إلا إذا منحتها هذا الحق، لذا التجاهل ليس ضعفًا، بل وعيٌ بمن تختار أن تمنحه سلطة التأثير عليك، القوة ليست في المواجهة الدائمة، بل في التمييز: متى يكون السكوت قوة، ومتى يكون الكلام ضرورة. وأخيراً؛ في عالم لا يتوقّف عن دفعنا إلى الرد والانفعال والتضخيم، تصبح القدرة على تخفيض الأهمية تمرينًا يوميًا على العيش بخفة وعمق معًا؛ فالخفة لا تُنال إلا بتخفيض الأهمية. *أخصائي الاجتماعي


الشرق السعودية
منذ 6 ساعات
- الشرق السعودية
تحت حصار إسرائيل.. حرارة الصيف والعطش يدفعان سكان غزة لشرب مياه ملوثة
في ظل موجة حر خانقة وندرة حادّة في المياه، يجد سكان قطاع غزة أنفسهم مضطرين إلى شرب مياه ملوّثة، رغم معرفتهم المسبقة بخطورتها الصحية، في محاولة يائسة لتلبية احتياجاتهم الأساسية وسط انهيار شبه كامل للبنية التحتية جراء الحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع المحاصر. ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية في تقرير السبت، شهادات من داخل القطاع الفلسطيني الذي تعرضت معظم بنيته التحتية للتدمير جراء الضربات الإسرائيلية التي بدأت منذ السابع من أكتوبر 2023 ولا تزال مستمرة. وقالت رنا عودة، وهي نازحة من خان يونس تقيم في خيمة بمخيم المواصي وسط غزة، إنها تستيقظ باكراً لتقف في طابور تحت شمس أغسطس الحارقة لمدة ساعة تقريباً، فقط للحصول على جالون (3.78 لتر) من الماء العكر. وبمجرد عودتها إلى خيمتها، تبدأ بتوزيع المياه على طفليها الصغيرين بحذر، مدركة من لونه وحده أنه على الأرجح ملوّث، لكنها تضطر إلى استخدامه بسبب شدة العطش. وأضافت عودة: "نُجبر على إعطائه لأطفالنا لأنه لا يوجد بديل. إنه يُسبّب لنا ولأطفالنا الأمراض". وبحسب الوكالة، أصبحت مثل هذه المشاهد جزءاً من الروتين القاسي في مخيم المواصي، أحد أكبر تجمعات النازحين في غزة، حيث يعيش مئات الآلاف في ظروف صيفية قاسية، إذ يركض الأهالي والأطفال خلف شاحنات المياه التي تصل كل يومين أو 3، حاملين زجاجات وأسطوانات، وغالباً ما يستخدمون عربات تجرّها الحمير لنقلها إلى خيامهم. كما يجري تقنين كل قطرة مياه للشرب، أو الطهي، أو التنظيف، أو الغسيل، فيما تعيد بعض العائلات استخدام المياه قدر المستطاع، وتحتفظ بما تبقى منها في عبوات لجفاف اليوم التالي. وفي حال تأخرت شاحنات المياه، تقول عودة إنها تضطر مع ابنها إلى تعبئة الزجاجات من مياه البحر. ومنذ قرابة 22 شهراً، ومع بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، بات الوصول إلى المياه أكثر صعوبة. فقد أعاقت القيود المفروضة على دخول الوقود، وانقطاع الكهرباء، تشغيل محطات تحلية المياه، فيما دمّرت الضربات الإسرائيلية أجزاء من البنية التحتية وخطوط الأنابيب، ما أدى إلى تراجع كبير في كميات المياه الموزعة. وأشارت منظمات الإغاثة وشركة المرافق المحلية، إلى أن المياه الجوفية تلوّثت بمياه الصرف الصحي وركام المباني التي تعرّضت للقصف، فيما أصبحت معظم الآبار إما مدمّرة أو غير قابلة للوصول. آلاف المرضى أسبوعياً وفي خضم ذلك، ساهمت أزمة المياه في تفشي الأمراض، بالتوازي مع تصاعد المجاعة في القطاع، وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، الخميس، إن مراكزها الصحية تستقبل حالياً نحو 10 آلاف و300 مريض أسبوعياً، معظمهم مصابون بأمراض معدية ناتجة عن تلوّث المياه، وفي مقدمتها الإسهال. وقالت بشرى الخالدي، مسؤولة في منظمة Oxfam غير الحكومية، التي تعمل في غزة، إن قلّة من السكان لا تزال تمتلك خزانات مياه على الأسطح، لكنهم عاجزون عن تنظيفها، ما يجعل المياه الخارجة من الصنابير صفراء اللون وغير آمنة. وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن سكان غزة، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، كانوا يعتمدون قبل الحرب على مصادر متنوعة للمياه، منها محطات التحلية، وآبار مالحة نسبياً، إلى جانب المياه المعبأة، إلا أن جميع هذه المصادر باتت اليوم مهددة. وبات السكان يعتمدون بشكل أساسي على المياه الجوفية، التي أصبحت تشكّل أكثر من نصف إمدادات غزة، رغم أنها كانت تستخدم سابقاً فقط للتنظيف والاستحمام والزراعة، وفقاً لمسؤولي المياه الفلسطينيين ومنظمات الإغاثة. أما اليوم، فقد أصبح السكان مضطرين إلى شربها. وقال مارك زيتون، المدير العام لمركز جنيف للمياه (Geneva Water Hub)، إن تأثير شرب المياه غير النظيفة لا يظهر دائماً فوراً، لكنه قد يخلّف أمراضاً خطيرة. وأضاف زيتون: "عندما تختلط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي غير المُعالجة وتُستخدَم في الشرب أو غسل الطعام، فأنت تتناول الميكروبات وقد تُصاب بالدوسنتاريا (التهاب معوي يصيب القولون بشكل أساسي نتيجة عدوى بكتيرية أو طفيلية). وإذا اضطررت إلى شرب مياه مالحة أو مائلة للملوحة، فإنها تدمّر الكلى وقد تقودك إلى غسيل الكلى لعقود". وبحسب منظمات الإغاثة، فإن حصة الفرد اليومية من المياه لا تتجاوز حالياً 3 لترات، أي أقل بكثير من الحد الأدنى الإنساني الموصى به وهو 15 لتراً للشرب والطهي والنظافة الأساسية. وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أن حالات الإسهال الحاد شكّلت أقل من 20% من الأمراض المسجّلة في القطاع خلال فبراير الماضي، لكنها ارتفعت إلى 44% بحلول يوليو، ما يرفع خطر الإصابة بالجفاف الحاد. وأكدت المنظمة أن جودة المياه تدهورت بسبب اختلاطها بالصرف الصحي، وركام المباني، وبقايا الذخائر، كما أدى نقص الوقود إلى إبطاء عمل المضخات وشاحنات نقل المياه، أما محطتا التحلية المتبقيتان، فتعملان بطاقة متدنية جداً، أو تتوقفان عن العمل في بعض الأحيان، حسب ما أكدته منظمات الإغاثة ومسؤولون. وفي مخيم المواصي، لا تزال طوابير المياه مشهداً متكرراً مع كل زيارة لشاحنات الإغاثة. وقال حسني شاهين، وهو نازح من خان يونس: "الماء الذي نشربه أصبح خيارنا الأخير، لكنه يسبّب آلاماً في المعدة للكبار والأطفال بلا استثناء… لا نشعر بالأمان حين يشربه أطفالنا".