logo
اسماعيل الشريف : الأكاذيب النووية

اسماعيل الشريف : الأكاذيب النووية

أخبارنامنذ 5 ساعات

أخبارنا :
الكذب في السياسة ليس استثناءً، بل هو القاعدة- حنة آرندت، فيلسوفة يهودية مناهضة للصهيونية.
يدّعي مجرم الحرب نتن ياهو أنه دمّر مفاعل أصفهان، زاعمًا أن ذلك حال دون تمكّن إيران من امتلاك السلاح النووي. وفي تقديري، فإن هذا الادعاء لا يستند إلى الحقيقة؛ إذ إن الكيان الصهيوني عاجز، بمفرده، عن تدمير المنشآت النووية الإيرانية، وذلك لعدة أسباب. أولها، أن أهم مجمع نووي إيراني، وفق صور الأقمار الصناعية، يقع داخل أحد جبال سلسلة زاغروس الوسطى، شرق طهران، وعلى بُعد نحو ثلاثين كيلومترًا من مدينة قُم. هذه المنشأة مدفونة على عمق يناهز مئة متر تحت سطح الأرض، ومحاطة بدرع صخري طبيعي وطبقة سميكة من الخرسانة المسلحة، ما يجعلها محصنة تمامًا أمام الضربات الجوية التقليدية.
وثانيًا، لتدمير مثل هذا الموقع، يحتاج الكيان إلى قنبلة خارقة من طراز GBU-57، تزن 14 ألف كيلوغرام، صُممت خصيصًا لاختراق التحصينات العميقة. غير أن هذه القنبلة لا تملكها سوى الولايات المتحدة وروسيا. وعلى الرغم من الطلبات المتكررة التي قدّمها الكيان للحصول عليها، فإن واشنطن لم توافق على تزويده بها، مكتفية بمنحه قنابل ضخمة لا تصلح إلا لتمزيق أجساد أطفال ونساء غزة.
أما السبب الثالث، فهو أن الطائرات المقاتلة التقليدية لا تستطيع حمل هذه القنبلة، بل تتطلب طائرات استراتيجية متخصصة مثل B1 Lancer أو B2 Spirit، وهي طائرات لا يمتلكها الكيان الصهيوني. فضلًا عن ذلك، فإن أي هجوم يعتمد على المقاتلات العادية سيتطلب فترات طويلة من القصف المكثف، وهي رفاهية لا يملكها الكيان في ظل عوامل ضاغطة كضيق الوقت، والمسافات الطويلة، والحاجة إلى أعداد كبيرة من الطائرات، إلى جانب التعقيدات اللوجستية في تأمين خطوط الإمداد الجوي.
من هنا، يسعى نتن ياهو إلى جرّ الولايات المتحدة نحو مواجهة مباشرة مع إيران. وبعيدًا عن أمانيه، فإن احتمال انخراط واشنطن في هذه الحرب لا يُستبعد، وتؤكده تصريحات الرئيس ترامب، التي كشفت أن الهجوم الصهيوني على إيران جرى بدعم وموافقة أمريكية واضحة. فقد قال ترامب صراحة: «نحن ندعم «إسرائيل»، بالطبع، ودعمناها كما لم يدعمها أحد من قبل. كان على إيران أن تستمع إليّ حين قلت – كما تعلمون – منحتهم 60 يومًا، واليوم هو اليوم 61، وعليهم الآن العودة إلى طاولة المفاوضات قبل فوات الأوان».
في المقابل، حاول وزير خارجيته نفي التورط، مدعيًا أن الكيان اتخذ خطوات أحادية الجانب، وأن الولايات المتحدة ليست طرفًا في الضربات، مؤكدًا أن الأولوية القصوى لواشنطن هي حماية قواتها في المنطقة. في الوقت ذاته، كان مبعوث ترامب يجري اتصالات مع سلطنة عُمان، في محاولة لإقناع إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات. ويمكن وصف هذا النهج بتبادل الأدوار؛ إذ تسعى واشنطن إلى دفع طهران للعودة إلى المفاوضات وهي في حالة إنهاك وضعف، لتقبل بالإملاءات الأمريكية دون شروط.
وقد ربط ترامب بشكل مباشر بين انخراط بلاده عسكريًا وبين تعرض قواتها لهجمات، ما يمهّد لذريعة جاهزة يمكن استخدامها لاحقًا لتبرير التدخل المباشر في الحرب وإنهاء البرنامج النووي الإيراني. والتاريخ الصهيوني يؤكد أن الكيان لا يتردد في اللجوء إلى الخداع والتضليل، وافتعال أحداث تُنسب إلى جهات أخرى لتوجيه الرأي العام وخلق المبررات. من أبرز الأمثلة على ذلك «قضية لافون» عام 1954، حين جنّدت الاستخبارات الصهيونية يهودًا مصريين لتنفيذ تفجيرات داخل مصر، نُسبت زورًا إلى النظام ومجموعات مسلحة، بهدف بث الذعر بين اليهود ودفعهم للهجرة إلى الكيان. كما تلاعب الموساد لاحقًا بع ناصر من تنظيم «جند الله» المتشدد، موهمًا إياهم بأنه يمثل وكالة الاستخبارات الأمريكية، ودفعهم إلى تنفيذ عمليات داخل إيران. ولا تُنسى كذلك فضيحة الهجوم على السفينة الأمريكية «ليبرتي» عام 1967، حين سعى الكيان لإلصاق التهمة بمصر لتوريط الولايات المتحدة في الحرب. وباختصار، فإن الذرائع جاهزة، والتاريخ حافل بالشواهد.
لكن اللافت أن الولايات المتحدة قد لا تكون الطرف الوحيد في هذه الحرب. فقد أعلنت باكستان، على لسان رئيس وزرائها شهباز شريف ووزيري الدفاع والخارجية، موقفًا واضحًا من التطورات، وتشير تقارير إلى أن إسلام آباد بدأت بالفعل بتزويد بعض الأطراف بأنظمة دفاع جوي وطائرات عسكرية، في مؤشر مبكر على انخراطها الفعلي في المشهد العسكري المتصاعد.
وإذا قررت الولايات المتحدة التدخل المباشر، فقد يدفع ذلك قوى كبرى إلى دعم إيران في حرب استنزاف طويلة تُغرق واشنطن وتُشغلها عن ساحات أخرى أكثر حيوية. وعندها، لا يعلم أحد إلى أين يمكن أن تنزلق هذه الحرب، ولا كيف يمكن أن تتطور... إلا الله وحده. ــ الدستور

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد عقود من التحديات... خامنئي أمام اختباره الأصعب
بعد عقود من التحديات... خامنئي أمام اختباره الأصعب

الغد

timeمنذ ساعة واحدة

  • الغد

بعد عقود من التحديات... خامنئي أمام اختباره الأصعب

تجاوز المرشد الإيراني علي خامنئي خلال العقود الثلاثة الأخيرة سلسلةً من التحديات، إلا أن الضربات الإسرائيلية غير المسبوقة قد تكون أكثر هذه الأزمات خطورة على استمرار النظام الإيراني وعلى سلامته الشخصية. اضافة اعلان منذ أن خلف المرشد الأول(الخميني) بعد وفاته عام 1989، قاد خامنئي، إيران، عبر عقوبات شديدة وتوتر شبه متواصل مع العالم، كما واجه احتجاجات قُوبلت بقمع شديد، وكان آخرها الحراك «امرأة، حياة، حرية» في 2022 - 2023. وكانت مسألة خلافة خامنئي البالغ (86 عاماً) مطروحة بالأساس في إيران، غير أن القرارات التي سيتخذها الآن في ظل الظروف الصعبة الراهنة سيكون لها تأثير حاسم على مستقبل السلطة التي كان من ركائزها منذ الثورة التي أطاحت بالشاه في 1979. وقد تكون سلامته الشخصية على المحك الآن، وقد كشف مسؤول أميركي كبير، الأحد، أن الرئيس دونالد ترمب عارض خطة إسرائيلية لاغتياله، فيما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الاثنين، أن اغتيال المرشد الإيراني من شأنه أن «يضع حداً للنزاع». كما توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الاثنين، «سنضرب الديكتاتور الإيراني أينما كان». «معضلة افتعلها بنفسه» أظهر نجاح إسرائيل في قتل شخصيات إيرانية أساسية، لا سيما رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة وقائد الحرس الثوري، قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على تتبع القادة الإيرانيين، وطرح تساؤلات حول ما إذا كان من الممكن أن يوجه نتنياهو فعلاً الأمر بقتل خامنئي. وتحيط تدابير أمنية مشددة وسرية كاملة بتحركات المرشد الإيراني الذي لم يغادر إيران منذ تولى مهامه، وتعود آخر رحلة قام بها إلى الخارج إلى عام 1989 حين زار كوريا الشمالية في وقت كان رئيساً لإيران. ورأى كريم سجادبور، الباحث في معهد «كارنيغي» للسلام الدولي، أن خامنئي يواجه «معضلة افتعلها بنفسه»، وهو بات يفتقر إلى «البصيرة الجسدية والمعرفية لقيادة إيران في حرب تكنولوجية متطورة». ولفت النظر إلى أن «الرد على إسرائيل إذا كان ضعيفاً فسيمعن في تقويض سلطته، وإذا كان قوياً فقد يعرض استمراريته واستمرارية نظامه لمزيد من الخطر». «خطأ في الحسابات» وفيما حافظ خامنئي على خطاب المواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، واصل دعم أذرع إيران ووكلائها في المنطقة مثل «حزب الله» في لبنان، مبقياً إيران بمنأى عن أي مواجهة مباشرة مع أعدائها. غير أن المنحى الذي تتخذه التطورات الأخيرة يشير إلى أن هذه الاستراتيجية وصلت إلى نهايتها. وقال جايسون برودسكي مدير السياسات في منظمة «متحدون ضد إيران نووية»، ومقرها في الولايات المتحدة، إن خامنئي «اعتد بإبقاء النزاعات بعيداً عن حدود إيران منذ توليه القيادة العليا عام 1989»، مضيفاً: «إذا فإن خامنئي أخطأ بشكل فادح في حساباته». ورأى برودسكي أن أقرب تشبيه ممكن للوضع الحالي هو الاضطرابات التي شهدتها إيران في أوائل الثمانينات، ونسبتها إلى فصائل معارضة، حين وقعت هجمات على عدد من القادة أسفرت عن قتل الرئيس وإصابة خامنئي نفسه في محاولة اغتيال في 1981. وقال برودسكي، لوكالة الصحافة الفرنسية: «ستكون هذه تجربة يسترشد بها خامنئي حتماً في الأوضاع الحالية». لكنه لفت النظر إلى أن «ما نشهده اليوم هو بحجم مختلف تماماً، ويحصل بوتيرة تهدد بتخطي قدرة طهران تماماً». باغت حجم الهجمات الإسرائيلية، ليل الخميس الجمعة، القيادة الإيرانية، لا سيما وأنها وقعت قبل يوم من جولة جديدة مقررة من المحادثات الإيرانية الأميركية حول برنامج طهران النووي، وذلك في وقت كانت تترصد أي احتجاجات جديدة وسط الأوضاع الاقتصادية المتردية. «نفعل ما علينا» وألمح نتنياهو، في مقابلة أجرتها معه شبكة «فوكس نيوز» إلى أن الضربات الإسرائيلية قد تؤدي إلى «تغيير النظام»، مشدداً في الوقت نفسه على أن الشعب الإيراني هو الذي ينبغي أن يفعل ذلك. وأضاف: «قد تكون هذه النتيجة بالتأكيد، لأن النظام الإيراني ضعيف جداً»، معتبراً أن «80 بالمائة من الشعب سيطردون (الأوغاد)». وسئل عما إذا كان هناك فعلاً خطة إسرائيلية لقتل خامنئي عارضتها واشنطن، فأجاب: «نفعل ما علينا أن نفعل، وسنفعل ما علينا أن نفعل وأعتقد أن الولايات المتحدة تعلم أن هذا جيد للولايات المتحدة». غير أنه لم ترد حتى الآن أي أنباء عن احتجاجات حاشدة، ولو أن بعض قنوات التلفزيون الناطقة بالفارسية خارج إيران بثت مشاهد لمجموعات تهتف شعارات معادية لخامنئي. وقالت هولي داغريس الباحثة في معهد واشنطن: «الواقع أن الضربات أججت توترات قائمة، وكان العديد من الإيرانيين يريدون زوال النظام. لكن معظمهم لا يريدون أن يكون ثمن تحقيق ذلك إراقة الدماء والحرب، وهذه نقطة أساسية».-(وكالات)

أسعار النفط تواصل الارتفاع مع تنامي المخاوف بشأن الإمدادات
أسعار النفط تواصل الارتفاع مع تنامي المخاوف بشأن الإمدادات

سواليف احمد الزعبي

timeمنذ ساعة واحدة

  • سواليف احمد الزعبي

أسعار النفط تواصل الارتفاع مع تنامي المخاوف بشأن الإمدادات

#سواليف ارتفعت #أسعار_النفط بأكثر من 2% يوم الثلاثاء مع تصاعد #التوتر بين #إيران و #إسرائيل وحث الرئيس الأميركي دونالد #ترامب 'الجميع' على إخلاء طهران، مما زاد من احتمالية تفاقم #الاضطرابات في المنطقة وتعطل #إمدادات_النفط. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.17 دولار بما يعادل 1.6% إلى 74.4 دولار للبرميل بحلول الساعة 00:05 بتوقيت غرينتش، وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.34 دولار أو 1.87% إلى 73.11 دولار. وكان كلاهما قد ارتفع بأكثر من 2% في وقت سابق من الجلسة، وفقًا لـ 'رويترز'. وأغلق كلا العقدين على انخفاض بأكثر من 1% يوم الاثنين وسط آمال في تخفيف التوتر الجيوسياسي بعد تقارير إعلامية عن سعي إيران إلى إنهاء القتال. غير أن الصراع تفاقم في يومه الخامس، إذ أفادت وسائل إعلام إيرانية بوقوع انفجارات وإطلاق نار كثيف من الدفاعات الجوية في العاصمة طهران. وفي إسرائيل، دوت صفارات الإنذار في تل أبيب ردا على صواريخ إيرانية. وإيران هي ثالث أكبر منتج للنفط بين أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وقد تؤدي أعمال القتال إلى تعطيل إمداداتها من النفط، وبالتالي ارتفاع الأسعار. ويوم الاثنين، استهدفت غارة إسرائيلية هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الرسمية، كما أشار رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى أضرار جسيمة لحقت بأكبر محطة لتخصيب اليورانيوم في إيران. وقال ترامب إنه كان ينبغي على إيران توقيع اتفاق نووي مع الولايات المتحدة قبل بدء الغارات الإسرائيلية، وأنه يعتقد أن إيران تريد الآن التوصل إلى اتفاق. ومن شأن تخفيف العقوبات الأميركية في إطار أي اتفاق مع إيران بتصدير المزيد من النفط، مما سيؤثر سلبا على أسعار النفط العالمية.

المواجهة الإسرائيلية الإيرانية تضعنا أمام السؤال الصعب
المواجهة الإسرائيلية الإيرانية تضعنا أمام السؤال الصعب

عمون

timeمنذ ساعة واحدة

  • عمون

المواجهة الإسرائيلية الإيرانية تضعنا أمام السؤال الصعب

تخيم أجواء القلق والترقب على المنطقة بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع إيرانية حساسة، ضمن عملية حملت اسم «الأسد الصاعد»، وهو اسم توراتي ينسب إلى «يهوذا المنتصر» في آخر الزمان، ما يضفي بعدا دينيا ورمزيا مدروسا، العملية التي أدت إلى اغتيال عدد من كبار القادة الإيرانيين والعلماء النوويين، وتدمير منشآت عسكرية ونووية من بينها مجمع نطنز، مثلت ضربة إستراتيجية نوعية، لم تقتصر على الخسائر البشرية والمادية فحسب، بل كشفت أيضا عن ثغرات كبيرة في المنظومة الدفاعية الإيرانية التي بنت نظريتها الأمنية على فكرة الدفاع المتقدم، إذ تمكنت الطائرات والصواريخ الإسرائيلية من تنفيذ الهجوم بدقة متناهية وحرية حركة غير مسبوقة. الرد الإيراني لم يتأخر طويلا، فخلال أقل من عشر ساعات انطلقت صواريخ بالستية وفرط صوتية ومسيرات باتجاه أهداف إسرائيلية، في محاولة لإظهار الجاهزية وعدم السماح بتغيير قواعد الاشتباك، ورغم أن منظومة الدفاع الإسرائيلية نجحت في اعتراض نسبة كبيرة من هذه الصواريخ، إلا أن بعضها وصل إلى أهدافه، وأدى إلى أضرار تكتمت تل أبيب على تفاصيلها، وهو ما يفتح الباب للتكهنات حول حجم الخسائر الحقيقية، لكن المقارنة بين حجم الضربتين تكشف عن غياب واضح للتناظر في النتائج، ما يرجح كفة إسرائيل بشكل واضح ويعزز روايتها بأنها قادرة على المبادرة والحسم داخل العمق الإيراني، ومع ذلك ما يزال الطرفان يمارسان العمل العسكري في سياق التصعيد المنضبط، رغم محاولات إسرائيل جر الولايات المتحدة لهذه المواجهة. هذا التصعيد النوعي جاء في لحظة سياسية حرجة، حيث كانت إيران قد أبدت استعداداتها للعودة إلى طاولة المفاوضات حول برنامجها النووي، لكنها رفضت التخلي عن حقها في التخصيب، وهو الشرط الذي تصر عليه واشنطن وتل أبيب، ومع اقتراب نهاية المهلة التي منحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لطهران والمقدرة بستين يوما، بات الخيار العسكري مطروحا بقوة، وزاد تقرير مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الطين بلة، إذ اتهم إيران بانتهاك بنود الاتفاق النووي المتعلقة بالشفافية والإفصاح، مما دفع الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) إلى التلويح بالعودة إلى مجلس الأمن وتفعيل آلية «السناب باك» التي تسمح بإعادة فرض العقوبات تلقائياً، وهو ما من شأنه أن يُفاقم من الأزمة الاقتصادية التي تعانيها إيران ويزيد من عزلتها الإقليمية والدولية. الخطأ الأكبر، بحسب مراقبين، تمثل في اعتماد إيران المفرط على ما اعتبرته رسائل تهدئة أميركية، وثقتها المبالغ بها في أن إدارة ترامب قادرة على كبح جماح إسرائيل، فقد علقت آمالا على لقاء مرتقب في مسقط لمناقشة الملف النووي وقضية الرهائن، وفسرت تصريحات ترامب الداعية إلى الانفتاح الإيراني بأنها مؤشر على رغبة حقيقية في التسوية، فيما كانت القيادة الإسرائيلية، وعلى وجه التحديد «الكابنيت»، تصادق بسرية تامة على تنفيذ الضربة، بعد فرض العزل الإعلامي الكامل على أعضائه لتجنب أي تسريبات، هذه القراءة الإيرانية الخاطئة للمشهد، واطمئنانها إلى معادلة الردع التقليدية، أدت إلى مفاجأتها بشكل قاسٍ، إذ جاءت الضربة لتؤكد أن تل أبيب تكتفي فقط بإخطار أميركا عندما يتعلّق الأمر بما تعتبره تهديداً وجودياً. النتائج حتى الآن تشير إلى أن إيران، التي طالما أتقنت اللعب على حافة الهاوية، وجدت نفسها هذه المرة تترنح مع ميل للسقوط، دون قدرة على استعادة التوازن سريعاً، الأذرع الإقليمية التي بنتها طهران في المنطقة تعرضت لضربات متتالية خلال الشهور الماضية، وها هو الرأس نفسه يوضع على مقصلة خصومه، في لحظة مفصلية ربما تمثل بداية نهاية مرحلة إستراتيجية بالكامل في الإقليم، إسرائيل، من جهتها، تبدو اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق مشروع الهيمنة الإقليمية، بعد أن صالت وجالت في أجواء المنطقة دون رادع حقيقي خلال العشرين شهراً الماضية، ويبدو أنها باتت على بعد خطوات من تحقيق هدفها السياسي النهائي: احتكار القرار العسكري والأمني في الإقليم، وفرض توازن ردع أحادي القطب. صحيح أن العالم كله بحالة خوف من توسع المواجهة وانتقالها من صراع منضبط بين طرفين الى صراع إقليمي أو ربما دولي وهذا ما تريده إسرائيل، على عكس إيران التي تريد ضبط الصراع عند حدود الاستنزاف في رهان واضح على تململ الداخل الإسرائيلي. كل ذلك يضعنا في مواجهة السؤال الكبير: هل نحن أمام لحظة تصفية كبرى في المنطقة ؟ هل نشهد انزياحاً جيواستراتيجيا كاملا تخرج منه إسرائيل كلاعب مركزي أوحد؟ مهما تكن الإجابة، فإن من المؤكد أن الشرق الأوسط اليوم أمام منعطف تاريخي ستكون له تداعيات عميقة على المشهد الإقليمي والدولي لعقود قادمة، والسؤال هل نحن والمنطقة برمتها مستعدون للمضي بصمت أمام واقع تفرضه وتقرره إسرائيل؟ الغد

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store