
«الفلول» نفذوا عمليات عدائية وقتلوا 238 شاباً من الأمن والجيش في اللاذقية وطرطوس وحماةلجنة التحقيق في أحداث الساحل السوري: معرفة 298 شخصاً مشتبه بتورطهم بانتهاكات
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن المتحدث الرسمي باسم اللجنة المحامي ياسر الفرحان قوله، خلال مؤتمر صحفي أمس، إن اللجنة اطلعت من مصادر مفتوحة على أعداد إضافية من القتلى لم تتحقق من صحتها بسبب عدم ورود أسمائهم في كشوفات المقابر أو إفادات الشهود الذين استمعت إليهم، كما تبلغت اللجنة بمعلومات حول 20 شخصاً من المفقودين بعضهم مدنيون وبعضهم من عناصر القوات الحكومية.
وأضاف أن اللجنة ركزت على تقصي هوية الفاعلين بوسائل متعددة ومنها فحص الأدلة الرقمية ومن خلال اللقاءات والمراسلات مع الجهات الرسمية والأهلية.
وأشار إلى أن اللجنة توصلت إلى معرفة 298 شخصاً بأسمائهم الصريحة من المشتبه بتورطهم بانتهاكات، لافتا إلى أن اللجنة لاحظت سلسلة التدابير والتعليمات الصادرة عن رئيس الجمهورية والتي ركزت على حماية المدنيين والالتزام بالقوانين
وأضاف: "اعتمدت اللجنة في أداء مهامها على الرصد العام والتقصي والتحقيق في الاعتداءات والانتهاكات المرتكبة ضمن إطار ولايتها مكانيا في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، وزمانيا للنظر في أحداث مطلع آذار وما يليها، وموضوعياً للبحث في الظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع الأحداث، وللتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون، والاعتداءات على المؤسسات الحكومية ورجال الأمن والجيش، وتحديد المسؤولين عن كل منها، وإحالة من يثبت تورطهم إلى القضاء".
وأوضح أن اللجنة تواصلت بشفافية مع السوريين والسوريات بشكل مباشر وعبر الإعلام، وعقدت اجتماعات متعددة ومفيدة مع مختلف أطراف المجتمع الأهلي والمدني وممثلي النقابات المهنية، ومعظم الشخصيات من النخب والأعيان والوجهاء.
وبين المحامي الفرحان أن اللجنة انتهت من تقريرها في نهاية المهلة المحددة وتم تسليمه لرئيس الجمهورية والأحداث التي تشهدها المنطقة الجنوبية كانت سبباً في تأخير الإعلان عن تسليمه.
وكشف عن أن اللجنة زارت 33 موقعاً، وعاينت أماكن الوقائع، وكشفت على المقابر وأماكن الدفن المتعددة، ووصفت مشاهداتها بحضور المخاتير ورجال الدين وعدد من ممثلي العائلات، وعلى أرض الواقع عقدت اللجنة لقاءات عدة مع عشرات الشخصيات في كل من البلدات.
ولفت إلى أن اللجنة استمعت في جلسات منفصلة إلى الشهود من أفراد العائلات، ودونت عنهم 938 إفادة، منها 452 متعلقة بحوادث قتل و486 متعلقة بالسلب المسلح أو السرقة أو حرق البيوت والمحال التجارية أو التعذيب.
وأوضح أن اللجنة في عملها بتدوين الإفادات أشركت سبع مساعدات قانونيات مختصات ينتمون إلى الشريحة المتضررة من الطائفة العلوية، إضافة لثلاث سيدات من عائلات الضحايا شاركن اللجنة جلسات الاستماع في الرصافة.
وأشار إلى استماع اللجنة كذلك إلى 23 إحاطة وإفادة من مسؤولين في الجهات الرسمية واستجوبت المشتبه بهم الموقوفين، واتخذت الإجراءات اللازمة لإحالتهم إلى القضاء.
وكشف عن أن اللجنة أجرت مشاورات مركزة مع الجهات الدولية المعنية في الأمم المتحدة من خلال اجتماعات رفيعة المستوى مع كل من مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية، ورئيس وأعضاء وفريق اللجنة الدولية للتحقيق في سورية، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ومكتب المبعوث الدولي إلى سورية، ومع هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، وناقشت اللجنة في اجتماعاتها ومراسلاتها آليات اعتماد أفضل السبل والمعايير والإجراءات الممكنة في التحقيق.
وقال المتحدث إنه في السادس مارس/ آذار/ الماضي نفذ الفلول سلسلة عمليات عدائية واسعة، استهدفوا فيها بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة مقرات الجيش والأمن العام، والحواجز والدوريات التابعة لها، وقطعوا الطرقات الرئيسية، وقتلوا حسبما توصلت له اللجنة 238 شاباً من عناصر الأمن والجيش في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة.
وأضاف أن بعضهم قتلوا بعد أن ألقوا سلاحهم نتيجة لمفاوضات جرت بوساطة الوجهاء، وبعضهم قتلوا وهم جرحى يتلقون العلاج، وبعضهم قتلوا وهم أسرى، ودفن الفلول بعضهم في مقبرة جماعية، واستهدفوا الطرق العامة والمستشفيات، وأخرجوا ستة منها عن الخدمة، وقتلوا عدداً من المدنيين السنّة وفقاً لمعلومات تبلغتها اللجنة ولم تتمكن من تدوين بياناتهم وفقاً لمعاييرها.
وأكد أنه من خلال إفادات الشهود من عائلات الضحايا وأهالي المنطقة والموظفين الحكوميين ومحاضر استجواب الموقوفين وبفحص الأدلة الرقمية وقرائن وأدلة أخرى، توصلت اللجنة إلى أسماء 265 من المتهمين المحتملين المنضمين إلى مجموعات المسلحين المتمردين الخارجين عن القانون المرتبطين بنظام الأسد والشائع تسميتهم بـ"الفلول" وممن توفرت لدى اللجنة أسباب معقولة للاشتباه بتورطهم في جرائم وانتهاكات جسيمة.
وأوضح المتحدث أنه خلال ذلك، وبعده، سيطر الفلول بشكل كامل أو جزئي على المدن والبلدات والقرى والطرقات وأطبقوا الحصار على باقي المقرات الحكومية، بهدف فصل الساحل عن سورية، وإقامة دولة علوية بتخطيط وتمويل وإعداد وتنفيذ من قبل مجموعات مدربة مترابطة ضمن هيكلية شاقولية وأفقية وفقاً لتحقيقات اللجنة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 28 دقائق
- الشرق السعودية
تركيا: دمشق طلبت دعماً رسمياً من أنقرة لتعزيز قدراتها الدفاعية
أعلنت وزارة الدفاع التركية، الأربعاء، أن سوريا طلبت دعماً رسمياً من تركيا لتعزيز قدراتها الدفاعية، ومكافحة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم "داعش"، فيما يزور وفد من وزارة الدفاع السورية معرض "IDEF 2025" للصناعات الدفاعية المقام في تركيا. وذكرت مصادر في وزارة الدفاع في تصريحات لوكالة الأنباء التركية "الأناضول"، عقب إحاطة صحافية لمتحدث باسم الوزارة، أن تركيا تواصل جهودها من أجل تقديم التدريب والاستشارات والدعم الفني لتعزيز القدرات الدفاعية لسوريا استجابة لطلب من حكومة دمشق. وأكدت المصادر، أن تركيا متمسكة بموقفها "الثابت" في حماية وحدة الأراضي السورية، وضمان الاستقرار، ومكافحة التنظيمات الإرهابية. وأضافت: "تعمل وزارة الدفاع (التركية) بتعاون وثيق مع الحكومة السورية الجديدة، التي طلبت دعماً رسمياً من تركيا لتعزيز قدراتها الدفاعية ومكافحة جميع التنظيمات الإرهابية، وخاصةً داعش". وتأتي هذه التصريحات بالتزامن مع مشاركة وفد من وزارة الدفاع السورية بمعرض "IDEF 2025" للصناعات الدفاعية المقام في تركيا بمشاركة 120 دولة، وأكثر من 400 شركة صناعات دفاعية من 44 دولة مختلفة، بحسب بيان الوزارة. وذكرت وكالة الأبناء السورية "سانا"، أن قائد القوى الجوية في وزارة الدفاع العميد عاصم هواري التقى قائد القوات الجوية التركية الفريق ضياء جمال قاضي أوجلو على هامش المعرض.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
سوريا... إعادة الوطن إلى مساره
في ربيع عام 1977، كانَ لبنانُ علَى شفَا حربٍ أهليَّة، إثرَ اغتيالِ الزَّعيمِ الدُّرزيِّ كمال جنبلاط في كمينٍ نُصِبَ له في أثناءَ تَوجُّهِه إلى بلدةِ بعقلين في منطقة الشوف قادماً من بيروت. اندلع حينَها الاضطرابُ والتوترُ بين الدُّروز والمَوارنة، وكادَ الجبلُ يشتعل بحربٍ لا يستطيعُ أحدٌ أن يتخيَّلَ نهايتَها، قبلَ أن تنكشفَ خيوطُ الجريمةِ لاحقاً، وأنَّ المتهمَ في تلك الجريمةِ لم يكن أسَاساً من لبنانَ، بل كانَ حافظَ الأسد، الرَّئيسَ السُّوري الأسبقَ الذي قرَّر اغتيال جنبلاط، لأنَّه وقفَ في وجهِ مشروع الوصايةِ السورية. تلكَ الصُّورة، بكلّ ما فيها من رَمزيةٍ للانفجار الطَّائفي، عادتْ اليوم لتُخيّمَ على الجنوب السوري، مع تصاعدِ الأحداثِ في محافظة السويداء، معقل الدروز فيها، فمَا يجري هناك منذ أسابيعَ لا يشبه خلافاً محليّاً، ولا يُقرأ على أنه حراكٌ احتجاجيٌّ تقليدي، بل يَشي بفتنةٍ تتشكَّلُ على مهل، خرجتْ من تحتِ الرَّماد، وتتمدَّد الآنَ تحتَ عناوينَ مختلفة، لأنَّ هناك مَن يودُّ تسعيرَهَا، ليضعَ سوريا على تخومِ الانقسامِ الأهلي. السويداءُ ليست هامشاً جغرافيّاً، بل ركيزةٌ وطنيةٌ لطالمَا مثّلت ضمانةً بأنَّ صوتَ العقلِ لا يزال ممكناً في قلبِ العواصف، وكانتِ المدينةُ بطبيعتها الاجتماعيةِ والتاريخية، ترفعُ الكلمةَ فوقَ البندقية، وتتمسَّكُ بالحوار فوقَ التهديد، لكنَّ الواقعَ اليوم يبدو مختلفاً، إذ تُستدرج من بعضِ أصحابِ المصالحِ الضّيقة والمدعومةِ خارجيّاً إلى نزاعٍ دمويّ فوضويّ، تُحرَّكُ فيه العصبياتُ، وتُستفزُّ فيه الهُويات، ويُراد له أن يتجاوزَ الخلافاتِ المحلية ليصلَ إلى إعادةِ تعريف التَّعايشِ السُّوري نفِسه، في محاولةٍ لبناءِ معاقلَ مسلحةٍ خارج سلطةِ الدولة، ومفاقَمةِ الأحداثِ لتحظَى بتغطيةٍ إعلاميةٍ دولية وتحالفات إقليمية، لتقويضِ سيادةِ الدولة وتهديدِ الإطارِ الوطنيّ الشاملِ لجميع الطوائفِ من دون استثناء. ما يجري اليومَ في سوريا يتجاوز البعدَ الأمنيَّ إلى أبعادٍ أكثرَ تعقيداً، ترتبطُ بمستقبلِ التركيبةِ السكانية، والخريطة الاجتماعية، وهُوية الدولة، فالنزاع الديموغرافيُّ في السويداء ليس مجرد تحوّل محليّ، بل ورقة خطرة، وإذا ما جرى استخدامُها، فإنَّ نتائجَها لن تخدم أبناء سوريا، بل ستخدم فقط القوى الإقليمية التي تسعى لتفكيك البلد، وإعادةِ تشكيله على قاعدةِ الطوائف والمناطقِ والولاءات العابرةِ للوطن. لذا، فإنَّ تأكيد 11 دولةً عربيةً وإسلامية، دعمَ أمنِ سوريا ووحدتَها واستقرارَها وسيادتها، ورفضَ كلّ التَّدخلات الخارجية في شؤونها، كانَ بمثابةِ رسالةٍ بأنَّه لا مكانَ للفتنة في سوريا، وأنَّ تلك الدولَ تدعم دمشقَ في فرضِ سيادتِهَا على كاملِ ترابِهَا. ويقودُ كلُّ هذا إلى محاسبةِ كلّ المسؤولين عن التَّجاوزاتِ ضدَّ المواطنين السوريين في السويداء، ودعمِ كلّ جهودِ بسط الأمنِ وسيادة الدولة والقانونِ على كلّ شِبر من الأرض السورية، ونبذِ العنفِ والطائفية ومحاولاتِ بث الفتنة والتحريضِ والكراهية. في ظلّ هذا المناخ المتوتر، باتتِ الحكومةُ السورية مطالَبةً أكثرَ من أيّ وقتٍ مضَى بإعادة النَّظر في طريقة تعاطِيها مع الملفاتِ الداخلية ذاتِ الحساسيَّة التاريخية، خصوصاً تلك التي تمسُّ المكوناتِ الاجتماعيةَ. مراجعة الأداء لا تعني ضعفاً أو تنازُلاً، بل تعكس شجاعةً سياسيةً، والمبادرة إلى استيعابِ الأصواتِ القلقة، والانفتاح على مختلف المكوّنات، لم تعد رفاهيةً سياسية، بل ضرورة وطنية ملحَّة. الدَّولةُ التي تَسعَى إلى المستقبلِ لا تخشَى التَّهدئة، ولا ترَى في الحِوار ضعفاً، بل تعده أداةً لإعادةِ بناءِ الثّقة، ومتَى ما شَعرتِ الأقلياتُ بأنَّها مصونةٌ، والأكثرياتُ بأنَّها مسؤولة، عادَ الوطن إلى مساره، وهدأتِ الأصواتُ العالية لصالحِ المشروع الجامع. سوريا اليوم لا تحتملُ فتناً جديدةً، بل تحتاجُ إلى مشروعٍ وطنيّ يتجاوزُ الهوياتِ الضيقة، ويراهنُ على جمعِ السُّوريين لا فرزهم، فالتَّاريخُ لا يرحمُ الدولَ التي لم تتعلَّمْ من دروسِها، والوطنُ الذي لا يتَّسعُ لأبنائِه... سيكون وطناً فارغاً هشّاً وهامشيّاً.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
الدروز
كلما تعرضت المنطقة إلى زلزال كالذي تعيشه اليوم، برزت في واجهة الصراع قضايا الأقليات، وأهمها وأعمقها الدروز. الاسم الرسمي «الموحدون الدروز». لا يعرف الآخرون الكثير عن المذهب الدرزي، لكن سلوك أهله وتقاليدهم وتعاملهم مع سائر الناس، يبيّن أنهم يحرصون لأنفسهم على صورتين. الأولى، تقدير وتقبّل الأفكار والمعتقدات، وخصوصاً الفلسفات اليونانية الأولى، والجوانب التسامحية في العقائد. والأخرى، صورة الكرامة وأهل العزم، وسيلةً لحماية الجماعة وإبعادها عن أخطار الضعف والتجارب. لم يكن سهلاً الحفاظ على الصورتين، ولم يكن من بديل. وسعى كمال جنبلاط إلى الخروج من تصنيف الأقلية بأن تبنى الفلسفات الإنسانية الشاملة، وسرعان ما أصبح زعيم «الحركة الوطنية»، رغم الحجم العددي، وزعيم «الاشتراكية الإنسانية»، وهو المحسوب على الإقطاع. هكذا، أصبح كمال جنبلاط، ومن بعده وليد جنبلاط، حجر الزاوية في البناء اللبناني السريع العطب، وحاول الأب، ومن بعده الابن، أن يذهبا بالدروز إلى أبعد من الجبل. وتجلّى هذا المسعى في أهم لحظاته في أيام القلق الأخيرة، عندما رأينا وليد جنبلاط، أول زعيم عربي، يعبر الحدود إلى سوريا للقاء الرئيس السوري الجديد، ولم يكن يعرفه أحد من العرب بعد. في هذه الفوضى العارمة، تصرف وليد جنبلاط كرجل دولة بكل المعاني والمفاهيم. ونأى بنفسه وبالدروز إلى أقصى حد عن بلبلة الساعة، واضطراب المشاعر. وفي حين هاجت الغرائز، وغشيت الأبصار، خاطب هو الامتداد الروحي الدرزي. على أنهم وطن واحد لا مذهب واحد. هكذا نظر الدروز إليه أيضاً. إنها أيام صعبة على الجميع، خصوصاً، على أهل الحكمة والرويّة. العلاقة بين الدروز والأرض، علاقة وجود واحد منذ قرون. الباقي محن عابرة، مرت بها المنطقة الحبلى أبداً بسوء المحن، وعشوائية التجارب.