logo
رائدات الأعمال يعدن تشكيل مشهد النشاط الاقتصادي في الشرق الأوسط

رائدات الأعمال يعدن تشكيل مشهد النشاط الاقتصادي في الشرق الأوسط

الاقتصادية٢٩-٠٥-٢٠٢٥

تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحولا اقتصاديا ملحوظا، مدعوما بمورد ضخم غير مستغل: رائدات الأعمال.
في الرياض ودبي والقاهرة وغيرها من العواصم، تُطلق رائدات الأعمال مشاريع مبتكرة لا تُحقق نجاحا تجاريا فحسب، بل تُعيد تشكيل مشهد الأعمال في المنطقة جذريا.
يُمثل صعودهن أحد أبرز التطورات الواعدة في جهود التنويع الاقتصادي في المنطقة، حيث يقدن ثورة هادئة تتجاوز الأرقام والإحصائيات.
من منصات التجارة الإلكترونية التي تُغيّر طريقة تسوق العائلات إلى حلول التكنولوجيا المالية التي تُتيح زيادة الوصول إلى الخدمات المالية، تُلبّي الشركات الناشئة التي تقودها النساء احتياجات السوق المهمة، بينما تكسر الحواجز الثقافية الراسخة. تُنشئ رائدات الأعمال الرائدات أطرا اقتصادية جديدة، وفرص عمل، وتحولات مجتمعية يُمكن أن تُسهم في نهاية المطاف بتريليونات الدولارات في الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة.
تتلقى الشركات الناشئة التي تقودها النساء 1.2% فقط من رأس المال الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما لا يقل كثيرا عن النسبة العالمية البالغة 2%، بحسب موقع المنتدى الاقتصادي العالمي. ولا تزال هذه الفجوة التمويلية قائمة رغم الأدلة القوية على أن فرق التأسيس التي تضم الجنسين تُحقق عوائد استثمارية أكبر.
ما يثير الاهتمام في حالة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو التناقض الصارخ بين التعليم وريادة الأعمال. ففي بعض البلدان مثل السعودية، تُشكّل النساء أكثر من 50% من خريجي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
ويتجاوز هذا الرقم بشكل كبير الولايات المتحدة، مثلا، حيث تُشير التقارير إلى أن 20% فقط من طلاب الهندسة من الإناث. ويُمثّل هذا الكمّ الاستثنائي من المواهب إمكانات هائلة غير مُستغلة للنمو الاقتصادي والابتكار. أدركت الحكومات والمؤسسات الإقليمية الرائدة هذه الفرصة، وبدأت تطبيق هياكل دعم ملموسة.
تعمل مبادرات مثل رؤية السعودية 2030 والإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة الإماراتية في الإمارات على وضع أطر سياسات مصممة خصيصا لزيادة مشاركة المرأة في القطاع الخاص وريادة الأعمال.
هذه ليست مجرد مبادرات رمزية، بل ضرورات اقتصادية إستراتيجية في ظل سعي دول الخليج إلى تسريع جهودها في تنويع اقتصاداتها وتقليل اعتمادها على النفط. ويحقق هذا النظام البيئي الداعم نتائج مبهرة، حيث تُنشئ رائدات الأعمال مشاريع ناجحة في قطاعات متنوعة.
تُعد منى عطايا ومشروعها "ممزورلد" مثالا بارزا على نجاح رائدات الأعمال في المنطقة. أحدث موقعها ثورة في طريقة وصول العائلات إلى منتجات ومعلومات رعاية الأطفال، حيث يخدم الموقع 2.5 مليون أم في جميع أنحاء الخليج.
وفي قطاع الرعاية الصحية أسست إيمان أبو زيد، التي نشأت في السعودية قبل التحاقها بكلية وارتون، منصة "إنكريديبل هيلث" المتخصصة في توظيف الكوادر الطبية في أمريكا، ونجحت في الوصول إلى تقييم 1.65 مليار دولار. وخلال أزمة الجائحة، لعبت الشركة دورا حيويا في معالجة نقص الكوادر الطبية، ما يبرز قدرة المشاريع التي تقودها نساء على تقديم حلول فعالة للتحديات العالمية الملحة
.
أما في الاستدامة والزراعة، وهما مجالان لهما أهمية إستراتيجية خاصة للمنطقة، تُحرز شركة "ريد سي تكنولوجيز" للدكتورة ديريا باران تقدما ملحوظا. تأسست الشركة في 2018، بعد أبحاثها في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وطوّرت تقنية زراعية تُقلل، وفقا للتقارير، من استهلاك المياه والطاقة بنسبة 90% مقارنة بالطرق التقليدية.
مع تأمين تمويل يقارب 37 مليون دولار، بما في ذلك من صندوق الاستثمارات العامة، تُجسّد "ريد سي" كيف يُمكن للابتكار الذي تقوده النساء معالجة التحديات البيئية الأكثر إلحاحا في المنطقة.
ويشهد قطاع التكنولوجيا المالية تحولا ملحوظا بفضل رائدات أعمال مثل نهى هاشم، مؤسسة بنك "زيوا" الرقمي، الذي يستهدف جيل الشباب في المنطقة. ومن خلال التركيز على الثقافة المالية والشمول المالي، تعمل رائدات الأعمال هؤلاء على سدّ فجوات جوهرية في الخدمات المصرفية التقليدية، مع فتح أسواق جديدة.
تتعزز قصص النجاح هذه بشكل متزايد بفضل منظومة دعم متنامية مصممة خصيصا لرائدات الأعمال. ففي جميع أنحاء المنطقة، توفر مسرعات الأعمال المتخصصة وصناديق الاستثمار وبرامج الإرشاد الموارد المستهدفة التي تحتاجها رائدات الأعمال لتحقيق النجاح.
رغم التقدم الكبير، لا يزال جمع البيانات الموثوقة يشكل تحديا. بحسب شركة ماجنيت، تُمثل الشركات الناشئة التي تضم مؤسسة (امرأة) واحدة على الأقل ما يقارب 24% من المشاريع الممولة في المنطقة منذ 2018. ومع ذلك، في أوائل 2023، أبرمت هذه الشركات 23 صفقة فقط، مقارنة بـ 90 صفقة للفرق المكونة من الرجال فقط، التي شكلت نحو 20% من إجمالي تدفق الصفقات. ستساعد أطر القياس الأفضل على توجيه الموارد بشكل أكثر فاعلية نحو سد هذه الفجوات المستمرة.
دعم رائدات الأعمال في المنطقة ليس فقط مسألة مساواة فقط، بل ضرورة اقتصادية مهمة. في تقرير صادر في 2022، ذكرت شركة ستيت ستريت جلوبال أدفايزرز أن سد فجوة عدم المساواة بين الجنسين لرائدات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يمكن أن يُولد 2.7 تريليون دولار بحلول 2025. وهذه أرقام لا يمكن لأي اقتصاد يركز على النمو أن يتجاهلها.
ما يميز عديدا من المشاريع التي تقودها النساء في المنطقة هو فهمها الدقيق لديناميكيات السوق المحلية. غالبا ما تُقدم رائدات الأعملا رؤى ثقافية تخلق مزايا تنافسية، ولا سيما في قطاعات مثل الرعاية الصحية والتعليم والخدمات المالية، حيث تؤثر الاعتبارات العائلية بشكل كبير في قرارات الشراء. هؤلاء النساء لا يبنين شركات فحسب، بل يُعِدن تشكيل اقتصادات جديدة. نجاحهن يُشير إلى حقبة جديدة يُحدد فيها الابتكار والموهبة، لا الجنس، مستقبل الشرق الأوسط.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عدد المليونيرات في العالم يسجل رقماً قياسياً بدفع من الطفرة الأمريكية
عدد المليونيرات في العالم يسجل رقماً قياسياً بدفع من الطفرة الأمريكية

الاقتصادية

timeمنذ 41 دقائق

  • الاقتصادية

عدد المليونيرات في العالم يسجل رقماً قياسياً بدفع من الطفرة الأمريكية

ارتفع إجمالي الثروات حول العالم بشكل كبير خلال العام الماضي، حيث وصل عدد المليونيرات حول العالم إلى رقم قياسي بلغ 23.4 مليون شخص. يُظهر التقرير السنوي للثروة العالمية الذي تصدره شركة "كابجيميني"، المتخصصة في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاستشارات، أن عدد الأشخاص الذين يمتلكون أصولاً قابلة للاستثمار لا تقل عن مليون دولار قد نما بنسبة 2.6% في عام 2024، مدفوعاً بشكل كبير بمكاسب في المحافظ الاستثمارية الأمريكية. أضافت الولايات المتحدة وحدها 562 ألف مليونير، بزيادة قدرها 7.6% مقارنة بالعام السابق، حيث أدى الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي وخفض أسعار الفائدة إلى تحقيق مكاسب هائلة في سوق الأسهم الأمريكية. كانت المكاسب الأكبر بين الأفراد ذوي الثروة الفائقة، ممن يمتلكون أصولاً قابلة للاستثمار لا تقل عن 30 مليون دولار- حيث ارتفعت ثرواتهم في الولايات المتحدة بنحو 12%. عدد المليونيرات يتراجع في الشرق الأوسط في مناطق أخرى، شهدت منطقة آسيا والمحيط الهادئ زيادة بنسبة 2.7% في عدد المليونيرات، بفضل قوة أسواق الأسهم وتخفيف السياسات النقدية، في حين تراجع عددهم في الشرق الأوسط بنسبة 2.1% بسبب انخفاض أسعار النفط. في أوروبا، أسهمت تقلبات الأسواق وضعف النمو الاقتصادي في تركّز الثروة عند شريحة الأثرياء للغاية، إذ ارتفع عدد من يمتلكون 30 مليون دولار أو أكثر بنسبة 3.5%، بينما تراجع إجمالي عدد المليونيرات بنسبة 2.1%. ثبات السيولة وتخصيص 15% للأصول البديلة ذكر تقرير "كابجيميني" أن حيازات السيولة النقدية في محافظ أصحاب الثروات المرتفعة بقيت مستقرة، وكذلك نسبة التخصيص البالغة 15% للأصول البديلة، مثل الاستثمارات في الشركات غير المدرجة والعملات المشفّرة. قالت كريس بيترلي، رئيسة إدارة الثروات العالمية في "سيتي غروب" إن "زيادة حجم الاستثمارات في الأصول البديلة قد يشكّل عاملاً رئيسياً في اقتناص آفاق النمو مستقبلاً، لا سيما بالنسبة لأصحاب الثروات المرتفعة الذين يسعون لتفادي التباطؤ في أسواقهم المحلية". وأضافت: "العديد من المستثمرين، في الوقت الحالي، عند النظر إلى توزيع أصولهم، نسب أصولهم في الاستثمارات البديلة أقل بكثير من المستوى المستهدف أو المطلوب". وأضافت أن الأصول البديلة تقدم "فرصاً فريدة غير متاحة في الأسواق العامة، وترغب في تضمينها ضمن محفظتك الاستثمارية". شملت دراسة "كابجيميني"، التي أُجريت في يناير 2025، آراء عشرات من مديري الثروات وأكثر من 6000 شخص من أصحاب الثروات العالية في 71 دولة.

مكة تتحول إلى أهم مدرسة لتدريب الطاقات السعودية وتخريج رواد الأعمال
مكة تتحول إلى أهم مدرسة لتدريب الطاقات السعودية وتخريج رواد الأعمال

الاقتصادية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الاقتصادية

مكة تتحول إلى أهم مدرسة لتدريب الطاقات السعودية وتخريج رواد الأعمال

تحولت مدينة مكة المكرمة إلى أهم مدرسة لتدريب الطاقات البشرية السعودية وتخريج أجيال من رواد الأعمال .. كيف ؟ شعيرة دينية .. مدتها أقل من 10 أيام! تحرّك اقتصاديات مدينة كاملة على مدى العام! هذا موسم الحج .. فكل سنة، يتجاوز عدد الحجاج القادمين من داخل وخارج السعودية، أكثر من 1.5 مليون حاج، ومعهم تأتي آلاف الفرص الموسمية لسكان مكة. مع هذا التدفق، تأتي حاجة ضخمة لسلسلة من الخدمات، ومن ثم إلى مزيد من القوى العاملة. وفي مجالات وتخصصات متعددة مثل: العمال والسائقين، والطهاة والمترجمين، والكوادر الطبية، والفنيين والإداريين. ووفقا للبيانات الرسمية، فقد عمل في موسم الحج أكثر من 236 ألف شخص! منهم 113 ألفا في الإشراف والتنظيم، و73 ألفا في خدمات الإعاشة والنظافة، و26 ألفا في القطاع الصحي، و19 ألفا في النقل، وأكثر من 3 آلاف في التقنية والاتصالات. ما قد لا يعرفه كثيرون، إن كثيرا من أصحاب المشاريع الصغيرة في مكة بدؤوا من وظيفة موسمية في الحج، فهناك من بدأ مترجما، وأصبح اليوم يملك مكتب خدمات للحج والعمرة، ومن كان طاهيا بسيطا في مخيم، وأصبح لاحقا يدير شركة إعاشة. لم يكن العمل الموسمي في الحج مجرد مصدر دخل سريع، بل كان بمثابة مختبر للأعمال، يعلم الشباب فنون التجارة والعمل الميداني، فمهارات مثل إدارة الوقت، وتحمل ضغط العمل، والتعامل مع الحشود، والتفاوض مع عملاء من ثقافات مختلفة، كلها دروس لا تدرس، بل تكتسب من مدرسة عظيمة مثل شعيرة الحج. وفي النهاية نجاح إدارة موسم الحج يعتمد أيضاً على حراك اقتصادي يوفّر تجربة ميدانية وتطويرا للمهارات تصنع من خلاله الأحلام.

سوريا والنقد الدولي يحددان أولويات الإصلاحات الاقتصادية
سوريا والنقد الدولي يحددان أولويات الإصلاحات الاقتصادية

مباشر

timeمنذ 2 ساعات

  • مباشر

سوريا والنقد الدولي يحددان أولويات الإصلاحات الاقتصادية

مباشر: أعلنت وزارة المالية السورية انتهاء مناقشات البعثة الاستطلاعية لصندوق النقد الدولي في دمشق، حيث تم الاتفاق على عدد من التوصيات والخطوات المستقبلية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي. ووفقاً لبيان الوزارة، تركزت الأولويات المتفق عليها للمتابعة على المدى القصير في مجالات الإصلاح الضريبي والجمركي، إضافة إلى تطوير إحصاءات الحسابات القومية وميزان المدفوعات. كما شمل التفاهم بين الجانبين تعزيز إطار السياسة النقدية، ومراجعة خطة تطوير آليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فضلاً عن دعم تحسين الإدارة المالية الحكومية. وأكدت الوزارة استمرار التعاون مع صندوق النقد الدولي لوضع برنامج اقتصادي ومالي قصير الأمد يهدف إلى تحقيق الاستقرار، مشيرةً إلى أن البعثة خرجت بانطباعات إيجابية تعكس حرص سوريا على مواصلة الإصلاحات رغم التحديات التي تواجه إعادة بناء اقتصادها. وكان وزير المالية السوري، محمد يُسر برنية، استقبل أمس سفيرة السويد لدى سوريا ولبنان، جيسيكا سفار دستروم، حيث ناقشا سبل دعم الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها سوريا حالياً. وتضمن اللقاء بحث تفاصيل المنحة المقدمة من الحكومة السويدية إلى سوريا، والتي تبلغ قيمتها 80 مليون دولار، مع التركيز على مجالات الأولوية، مثل تقديم المساعدة الفنية وبناء القدرات في المالية العامة والقطاع المالي. وأكد الوزير برنية أهمية توجيه هذه المنحة نحو إعادة تأهيل عدد من المستشفيات والمدارس المتضررة؛ وذلك بالتنسيق مع وزارتي الصحة والتربية لضمان تحقيق أقصى استفادة منها. وأعرب الوزير عن تقديره للدعم السويدي، مشدداً على ضرورة توسيع نطاق التعاون الاقتصادي والمالي بين البلدين؛ بما يساهم في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store