
ما وراء رسائل أنقرة لقسد من استغلال أحداث السويداء
وقال فيدان، في تصريحات للصحفيين بنيويورك على هامش اجتماع حول قبرص، إن أنقرة تلقت معلومات عن تحركات محتملة لعناصر "الوحدات الكردية"، قائلا "عليهم الامتناع عن استغلال الفوضى في سوريا أو الدخول في مغامرات غير محسوبة تزيد الوضع تعقيدا، فالانتهازية في هذه المرحلة قد تجلب مخاطر جسيمة".
كما شدد الوزير التركي على أن أي خطوة خاطئة من تلك القوات في الوقت الراهن "ستهدد الاستقرار الإقليمي برمته".
تحركات تركية
وجاء تحذير أنقرة في أعقاب أيام من تجدد الاشتباكات العنيفة في محافظة السويداء بين فصائل درزية وعشائر عربية (من أبناء البدو المحليين)، والتي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.
وفي ظل المناخ الإقليمي المتوتر، كشفت وسائل إعلام تركية عن أن أنقرة أجرت اتصالات استخباراتية مع إسرائيل لبحث تطورات الوضع في السويداء والغارات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية.
وأكد فيدان أن بلاده "ترفض أي مساعٍ من شأنها زعزعة الاستقرار في سوريا"، وأن الحكومة السورية الجديدة "لن تتمكن من معالجة الأزمة دون اتخاذ تدابير حقيقية لضمان الأمن الإقليمي". مشددا على أن أنقرة طالبت إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية التي وصفها بأنها "استفزازية"، ومحذرا من أن استمرار الهجمات على دمشق والسويداء لن يمر من دون رد دولي.
وفي السياق ذاته، أفادت مصادر تركية بأن رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، أجرى سلسلة اتصالات مكثفة مع نظرائه الأميركيين والسوريين والإسرائيليين لمتابعة التطورات الميدانية.
وشملت الاتصالات الرئيس السوري أحمد الشرع ، والوسيط الأميركي توم باراك ، إلى جانب زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني وليد جنبلاط ، في محاولة لاحتواء التصعيد ووقف نزيف الدم في السويداء.
رسائل أنقرة
في السياق، يعتقد المحلل السياسي محمود علوش أن التحركات التركية الأخيرة تعكس مخاوف أنقرة من إمكانية سعي قوات قسد إلى استغلال الوضع الأمني الراهن في سوريا، في ظل انشغال الحكومة بأحداث الجنوب والتصعيد الإسرائيلي ضد الأراضي السورية، بهدف إرباك المشهد في الشمال وفرض واقع جديد من شأنه تعقيد جهود التوصل إلى تسوية لملف قسد، إضافة إلى عرقلة تنفيذ اتفاق الاندماج المبرم بين قسد ودمشق في مارس/آذار الماضي.
وأشار علوش إلى أن تركيا تراقب الأوضاع شمال سوريا عن كثب، في ظل قلق متزايد من أن تؤدي الاضطرابات في الجنوب إلى زعزعة المرحلة الحالية من الاستقرار، الأمر الذي قد يترتب عليه تداعيات خطيرة ليس فقط على المستوى السياسي، بل أيضا على الصعيد الأمني.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن أنقرة ستكون مطالبة بمراقبة تحركات قسد في الشمال بحذر شديد، وتوجيه رسائل تحذير واضحة إلى قياداتها بأن أي محاولة انتهازية لاستغلال الوضع القائم قد تحمل مخاطر كبيرة.
ورجح المحلل السياسي أن تضطر تركيا إلى تكثيف اتصالاتها مع الولايات المتحدة لحثها على ممارسة ضغوط على قسد لمنع أي خطوات قد تزيد المشهد السوري تعقيدا في هذه المرحلة الحساسة.
مخاوف تركية
وتعتبر تركيا أي تحرك تقوم به قسد في شمال شرقي سوريا تهديدا مباشرا لأمنها القومي، إذ ترى أن هذه القوات، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، ليست سوى امتداد ل حزب العمال الكردستاني المصنف لديها كمنظمة إرهابية.
ومنذ سنوات، تطالب أنقرة بشكل متكرر بحل هذه المليشيات ودمج عناصرها ضمن الجيش السوري الموحد، كجزء من أي تسوية سياسية شاملة للصراع السوري.
وفي الوقت ذاته، تكثف أنقرة ضغوطها لإخراج القوات الأميركية من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد شرق الفرات، مؤكدة في خطابها الرسمي أن أي تحرك كردي أحادي الجانب من شأنه تهديد حدودها الجنوبية سيواجه برد حازم.
في المقابل، تنفي قسد بشكل قاطع وجود أي نوايا انفصالية لديها، مؤكدة أن أولويتها تتمثل في التعاون السياسي.
وأوضحت إلهام أحمد، عضو هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، أن هناك قناة اتصال مباشرة ومفتوحة مع تركيا تُعنى بالتنسيق الأمني فقط، مشددة على أن التركيز الأساسي في هذه المرحلة ينصب على استكمال مسار الاندماج مع دمشق، وليس على نزع السلاح.
وعلى الصعيد العسكري، تتبنى تركيا موقفا أكثر وضوحا وحزما، إذ أعلن مصدر مسؤول في وزارة الدفاع التركية أن القوات المسلحة ماضية في عملياتها ضد العناصر الإرهابية في شمال سوريا، بهدف تأمين الحدود التركية ومنع قيام ما تسميه أنقرة بـ"الممر الإرهابي" على حدودها الجنوبية.
مخططات إسرائيلية
ويرى الأكاديمي والمحلل السياسي مصطفى يتيم أن هناك مؤشرات على تواصل وتنسيق بين وحدات حماية الشعب الكردية، المصنفة كمنظمة إرهابية في تركيا، وبعض المجموعات الدرزية المدعومة من إسرائيل في السويداء، وعلى رأسها التشكيلات التي يقودها حكمت الهجري ومجلس السويداء العسكري.
إعلان
وأوضح يتيم في حديث للجزيرة نت، أن هذه المجموعات الدرزية، التي تحظى بدعم إسرائيلي، تسعى إلى إنشاء كيان "ذاتي الحكم" شبيه بالنموذج الذي تسعى إليه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي سوريا.
وأشار إلى أنه رغم أن جميع الفصائل الدرزية في السويداء لا تشترك بالضرورة في هذه الرؤية، فإن إسرائيل معروفة بسعيها لتفكيك سوريا وإنشاء كيانات صغيرة خاضعة لسيطرتها، بما يضمن لها مناطق نفوذ مباشرة على حدودها.
وأضاف يتيم أن أخذ الدور التركي في شمال سوريا بعين الاعتبار، ضمن إستراتيجية "تركيا خالية من الإرهاب"، إلى جانب الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة على إسرائيل وحلفائها، يجعل من المستبعد أن تقدم وحدات حماية الشعب على مثل هذه المغامرة.
وحذر في الوقت نفسه من أنه في حال أقدمت وحدات حماية الشعب على استغلال الوضع القائم، فإن تركيا لن تسمح بتمرير ذلك، كما أن الحكومة المركزية في دمشق لن تقبل بأي سيناريو يؤدي إلى تقسيم البلاد، مؤكدا أن أي محاولة إسرائيلية لتوسيع نفوذها أو الاقتراب من الحدود التركية ستواجه مقاومة قوية باستخدام كل الوسائل المتاحة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 18 دقائق
- الجزيرة
بيان دمشق وواشنطن وباريس.. هل ترجم آمال ومطالب الشعب السوري؟
توافقت دمشق وباريس وواشنطن -خلال اجتماع عقد في العاصمة الفرنسية اليوم الجمعة- على الحاجة لإنجاح مسار الانتقال في سوريا، وهي خطوة قوبلت باحتفاء من السلطات السورية التي تسعى للمضي قدما في المسار الانتقالي ومعالجة الملفات الشائكة. ويرى محللون أن البيان على أهميته يترك تساؤلات تتعلق خصوصا بمدى استعداد الأطراف الداخلية في سوريا للتعاطي مع ما يدعو إليه الإعلان. والتقى وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك في باريس، وأصدروا في أعقاب اجتماعهم بيانا ثلاثيا، دعا للتعاون في مكافحة الإرهاب ودعم قدرات الدولة السورية ومؤسساتها. كما حثّ مكونات الساحة السورية وحكومة دمشق على عقد مشاورات لمعالجة الأوضاع في الشمال السوري وفي محافظة السويداء جنوبي سوريا. وجاء الاجتماع الثلاثي في ظل مشهد سوري معقد، وتحديات أمنية تواجهها السلطات، أبرزها الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة للأراضي السورية وتمرد حكمت الهجري ، أحد مشايخ الدروز في السويداء جنوبي سوريا، والمدعوم إسرائيليا، بالإضافة إلى التحدي الذي تطرحه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي لا تزال تناور في مسألة تسليم سلاحها والاندماج في مؤسسات الدولة السورية. ويرى محللون أن البيان الثلاثي لم يتطرق لتفاصيل وتعقيدات المشهد السوري، وجاء في شكل بنود وخطوط عريضة، وهو ما أشار إليه الكاتب والباحث السياسي، مؤيد غزلان قبلاوي في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"، إذ يقول إن البيان يتحدث عن العملية الانتقالية، لكنه لا يذكر تفاصيلها، كما أنه يركز على الطابع الأمني ويتحدث عن خفض التصعيد، في الوقت الذي يريد فيه الشارع السوري إنهاء التصعيد. وفي السياق نفسه، يلفت قبلاوي إلى أن الاشتباكات لم تنته بشكل كلي في السويداء، وهناك عراقيل تطرحها "قوات سوريا الديمقراطية"، مشيرا إلى أن اللقاءات القادمة يفترض أن تتطرق لاتفاقية عدم الاعتداء من طرف إسرائيل على سوريا، ويقول إن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا يتحدث بدبلوماسية منمقة عن سوريا وينتقد إسرائيل، لكنه لا يتخذ إجراءات عملية لكبح جماحها. تساهل أميركي ويقر محللون أميركيون بأن بلادهم لا تمارس الضغط الحقيقي على إسرائيل كي تغير سياستها في سوريا. ويوضح ستيفن هايدمان الباحث في مركز سياسة الشرق الأوسط بمعهد "بروكينغز" -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"- أن الإدارة الأميركية كانت متساهلة مع التوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية، ولم تجبر تل أبيب للتخلي عن الأرضي التي سيطرت عليها. ورغم التساهل الأميركي مع إسرائيل، فإن واشنطن تجدد التزامها بسيادة سوريا على كامل أراضيها -وفق هايدمان- ولا تدعم العناصر داخل قسد التي قال إنها تتحدث عن حكم ذاتي. ويذكر أنه تم تأجيل اجتماع كان مقررا أمس الخميس في باريس بين وفد حكومي سوري وممثلين عن الأكراد، وذلك وفقا لوكالة أنباء هاوار الكردية. ووفق أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف، الدكتور حسني عبيدي، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يفتقد لرؤية واضحة ومستقرة خاصة بسوريا، وبالتالي فإن سفيره لن تكون لديه رؤية، لكنه يرى أن البيان الثلاثي بين دمشق وواشنطن وباريس هو خطوة إيجابية وبداية مشجعة إذا تركت واشنطن الفرصة لباريس كي يكون لها دور في عملية المسار الديمقراطي في سوريا. وتريد فرنسا أن تكون عضوا مساهما في عملية الانتقال السياسي في سوريا -يضيف عبيدي- وتقضي رؤيتها بأن تعطى الأولوية لحل مشكلة الأقليات عبر حوار وطني ودستور جامع بإشراك كل المكونات السورية وصلا إلى نزع سلاحها. ونقلت وسائل إعلام تصريحات لمسؤول في الخارجية السورية أشار إلى أن مشكلة المفاوضات مع "قوات سوريا الديمقراطية" حاليا هي غياب رؤية موحدة لدى قيادتها. وأوضح أن موقف باريس يؤكد الاستعداد للضغط على هذا التنظيم للوصول للحل.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
محكمة النقض الفرنسية تبطل مذكرة اعتقال بحق الأسد
أبطلت محكمة النقض في فرنسا اليوم الجمعة مذكرة لاعتقال الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد صدرت قبل نحو عامين، وذلك بحجة أنه كان حينها يتمتع بالحصانة كرئيس دولة. وقالت محكمة النقض -في بيان- إن "الأعراف الدولية لا تسمح بأي استثناء فيما يتعلق بالحصانة الشخصية لرئيس دولة أجنبية خلال كامل فترة ولايته في منصبه، حتى عند ورود اتهامات بارتكاب أفعال تنطوي على إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية". وأضاف البيان: "مذكرة الاعتقال الصادرة في ذلك الوقت عندما كان هذا الشخص المعني رئيسا لدولة سوريا باطلة على هذا الأساس". لكن بيان محكمة النقض أوضح أنه يمكن الآن إصدار مذكرة اعتقال ضد الرئيس السوري المخلوع بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لأن هذا الشخص لم يعد في منصب رئيس الدولة. وكان الأسد فر من سوريا إلى روسيا مطلع ديسمبر/كانون الأول 2024 بعد أن أسقطت الثورة نظامه. وأصدر قضاة فرنسيون مذكرة الاعتقال بحق الأسد في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إثر تحقيق في هجمات بأسلحة كيميائية على مدينة دوما وبلدات أخرى في الغوطة الشرقية بريف دمشق في أغسطس/آب 2013 وأسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص. والعام الماضي، قضت محكمة استئناف باريس بصحة مذكرة الاعتقال، في حين عارض مدعون عامون ذلك. ويواجه بشار الأسد اتهامات بقتل مئات آلاف السوريين بالقصف وتحت التعذيب، وعُثر منذ فراره على العديد من المقابر الجماعية.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
ماذا وراء طلب دمشق من أنقرة تعزيز قواتها الدفاعية؟
دمشق- في خضم التوترات الأمنية التي شهدتها مناطق جنوب سوريا، أعلنت وزارة الدفاع التركية، الأربعاء، أن الحكومة السورية تقدمت بطلب رسمي إلى أنقرة لتعزيز قدراتها الدفاعية ودعم جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية. وأكدت مصادر رسمية في وزارة الدفاع التركية لوكالة الأناضول استمرار أنقرة في تقديم التدريب والاستشارات والدعم الفني لسوريا، استجابة لهذا الطلب الذي تقدمت به الحكومة السورية الجديدة. ويأتي هذا التطور في ظل التصعيد العسكري والأمني في الجنوب السوري، وخاصة بعد الأحداث الأمنية الدامية التي شهدتها محافظة السويداء مؤخرا، والتي تخللتها ضربات جوية إسرائيلية غير مسبوقة استهدفت العاصمة دمشق. كما يعكس طلب الحكومة السورية تعاونا متجددا بين البلدين، بعد سنوات من التوتر، حيث تسعى دمشق من خلاله إلى الاستفادة من الدعم التركي في مجال التدريب والتسليح لتعزيز جاهزية قواتها الأمنية والعسكرية. أمن قومي يرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تفتح آفاقًا جديدة لتعاون أمني بين سوريا وتركيا، قد تسهم في تهدئة الأوضاع في الجنوب السوري، كما تعكس التحديات التي تواجهها دمشق، لا سيما التصعيد الإسرائيلي المتكرر. ويؤكد الباحث التركي المشارك بـ"المجلس الأطلسي" في أنقرة عمر أوزكيزيلجيك، أن أنقرة تعمل على دعم استقرار سوريا وازدهارها، انطلاقا من اعتبارات تتعلق بأمنها القومي، مشيرا إلى أن "المساعدات العسكرية التركية المرتقبة لدمشق ستسهم في مواجهة تنظيمات متطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية، وتعزيز قدرة الحكومة السورية على بسط سيطرتها شمال شرقي البلاد". وحول التصعيد الإسرائيلي المتكرر في سوريا، قال أوزكيزيلجيك، للجزيرة نت، إن "إسرائيل تتبع سياسة إقليمية تهدف إلى أن تكون محاطة بدول ضعيفة ومقسمة، وفي مقدمتها سوريا"، مؤكدا أن تل أبيب لا تزال ترى في هشاشة الدولة السورية ضمانا لأمنها. وعن الموقف الإسرائيلي، رأى أوزكيزيلجيك أن التنافس بين تركيا وإسرائيل في سوريا سيبقى في إطار "غير مباشر"، مرجحا أن تتعامل تل أبيب مع الحضور التركي في سوريا باعتباره تهديدا متصاعدا لسياستها العسكرية التقليدية في المنطقة. "سلوك إسرائيل العدواني" وينظر بعض المراقبين إلى أن الإعلان يحمل رسائل غير مباشرة توجهها أنقرة إلى تل أبيب بشأن التصعيد العسكري في الأجواء السورية، وسط تكهنات باقتراب مواجهة تركية- إسرائيلية في سوريا، فيما يرده آخرون إلى إعلان رغبة سورية حقيقية بإعادة بناء الجيش الجديد. في الوقت ذاته، يبقى المشهد في الجنوب السوري هشًّا، حيث تتقاطع مصالح عدة قوى إقليمية ودولية، مما يجعل أي تعاون أمني محفوفًا بالتحديات والاختبارات. ويؤكد المحلل العسكري السوري العقيد فايز الأسمر، أن إعلان وزارة الدفاع التركية عن طلب دمشق يأتي في توقيت بالغ الحساسية، وسط تحديات أمنية متفاقمة داخلية وخارجية، أبرزها "ملاحقة فلول الإرهاب، وأحداث السويداء وجرمانا وأشرفية صحنايا، وغيرها من المناطق". وقال الأسمر في حديث للجزيرة نت إن هذا الطلب يأتي بعد أن دمرت إسرائيل القدرات العسكرية السورية، لا سيما الإستراتيجية منها، مثل الطائرات الحربية، ومنظومات الدفاع الجوي، والرادارات، ومستودعات الصواريخ، بنسبة تصل إلى 80%، بفعل مئات الغارات التي نفذتها على المواقع السورية عقب سقوط نظام الأسد. وأشار الأسمر إلى أن إسرائيل سيطرت أيضا على مئات الكيلومترات من المنطقة العازلة مع الجولان المحتل، لفرض واقع أمني جديد وفق مصالحها. ووفق المحلل العسكري السوري، لا يحمل الإعلان أي رسالة مهمة قد تؤثر في سلوك إسرائيل العدواني تجاه سوريا، مؤكدا أن دمشق بحاجة إلى سنوات طويلة لإعادة بناء جيش جديد، يتطلب تسليحا وتدريبا وتأهيلا عقائديا وعسكريا، كي يكون قادرا على مواجهة التحديات الأمنية المتعددة، وتأمين حماية الحدود والشعب السوري". وشدد الأسمر على أن "بناء القدرات العسكرية السورية، سواء البرية أو البحرية أو الجوية، لن يتم بين ليلة وضحاها، بل سيتطلب جهودا كبيرة ووقتا طويلا من القيادة السورية، إلى جانب الانفتاح على قوى الشرق والغرب لتحقيق هذا الهدف". وعن نوعية الدعم التركي المحتمل، توقع العقيد الأسمر أن يقتصر على الأسلحة التقليدية الخفيفة والمتوسطة، وبعض العربات والآليات المصفحة، إلى جانب التجهيزات الميدانية للجندي، مثل الألبسة والذخائر، بالإضافة إلى الدعم الفني والاستخباراتي وتدريب وحدات من الجيش السوري.