
مسؤول سابق في «بنك اليابان»: هيمنة الدولار مستمرة رغم «التصدعات»
وبخصوص السياسة النقدية لليابان، قال ناكاسو إن «بنك اليابان» من المرجح أن يستأنف رفع أسعار الفائدة بمجرد انحسار حالة عدم اليقين بشأن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على الاقتصاد.
ويواجه الاقتصاد العالمي خطراً متزايداً من التفكك بسبب سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي يبدو أنها مدفوعة بإدراك أن العولمة أضرت بالولايات المتحدة أكثر مما نفعتها، وفقاً لما قاله ناكاسو، الذي يحافظ على اتصال وثيق مع صانعي السياسات المحليين والدوليين.
وفي مقابلة مع «رويترز»، قال ناكاسو: «نحن في هذا الصدد عند نقطة تحول، حيث تحاول الولايات المتحدة استبدال النظام الاقتصادي العالمي، القائم على التجارة الحرة والتعددية، بنظام جديد يخدم مصالحها الوطنية بشكل أفضل».
وأضاف ناكاسو أن هيمنة الدولار الأميركي لن تُهزم في أي وقت قريب، حيث «لا توجد عملة أخرى في هذه المرحلة يمكنها أن تحل محل الدولار الأميركي»، مضيفاً أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سيكون على أهبة الاستعداد لتوفير التمويل بالدولار في أوقات ضغوطات السوق.
ومع ذلك، قال: «ما شهدناه في أبريل (نيسان)، بعد (يوم التحرير) بفترة وجيزة، هو ظهور تصدعات في الدولار القوي، وهي إشارة إلى أن بعض المستثمرين حوّلوا جزءاً من محافظهم الاستثمارية إلى عملات أخرى... وقد يستمر هذا التوجه نحو التنويع على المدى الطويل».
وبصفته رئيساً للجنة عمليات السوق في بنك التسويات الدولية، شارك ناكاسو في إنشاء خط مبادلة بالدولار لمعالجة أزمة السيولة التي أعقبت انهيار «ليمان براذرز» عام 2008. وأكد أن المنتديات العالمية، مثل بنك التسويات الدولية، ومجموعة الدول السبع للاقتصادات المتقدمة، ستواصل لعب دور رئيسي في أوقات الأزمات المالية.
وأدى إعلان ترمب فرض رسوم جمركية شاملة في 2 أبريل، الذي وصفه بـ«يوم التحرير»، إلى تدفق هائل للأموال من الأصول الأميركية، في خطوة عدّها بعض المحللين بمثابة تآكل لثقة السوق بالدولار. وقد استعادت الأسواق بعض الهدوء مع تهدئة ترمب حربه التجارية، بما في ذلك توقيع اتفاقية تجارية مع اليابان هذا الشهر، مما أدى إلى خفض الرسوم الجمركية على السيارات.
وفي ظل استمرار حالة عدم اليقين، من المرجح أن يُؤجل «بنك اليابان» رفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي لدراسة الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الياباني جراء الرسوم الجمركية الأميركية وتباطؤ النمو العالمي، وفقاً لناكاسو، الذي أضاف: «لكن بمجرد أن تتضح حالة عدم اليقين بما يكفي ليتمكن (بنك اليابان) من استعادة الثقة في أن مسار الاقتصاد والتضخم سيتوافق مع توقعاته، أعتقد أنه سيعود إلى مساره نحو رفع أسعار الفائدة التالي».
وأوضح ناكاسو أن هناك مخاطر ارتفاع التضخم، إذ أصبحت الشركات أكثر حرصاً على رفع الأجور وتمرير ارتفاع التكاليف من خلال زيادات الأسعار. متابعاً: «ترتفع أسعار المنتجات الغذائية التي يشتريها الناس بشكل متكرر بوتيرة أسرع بكثير من معدلات التضخم الرئيسية. وهذا ينطوي على خطر تجاوز توقعات التضخم».
وأضاف ناكاسو أنه حتى مع رفع آخر لأسعار الفائدة، ستظل الأوضاع النقدية في اليابان متساهلة؛ حيث لا تزال تكاليف الاقتراض المعدلة حسب التضخم سلبية. وقال: «يجب أن تكون السياسة النقدية في اليابان يقظة تجاه مخاطر ارتفاع الأسعار أيضاً، حتى لا تتخلف عن الركب».
وناكاسو هو مصرفي يتمتع بخبرة في الأسواق المالية، حيث شغل منصب نائب محافظ بنك اليابان المركزي من عام 2013 إلى عام 2018، وهو يشغل حالياً منصب رئيس معهد «دايوا» الياباني للأبحاث.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 42 دقائق
- حضرموت نت
'الحوثي يشعر بالاختناق.. أول صرخة اقتصادية من صنعاء بعد تحسن العملة في عدن'
المشهد اليمني – خاص في تطور اقتصادي ملموس يعكس تحولات جذرية في المشهد المالي اليمني، كشف الخبير الاقتصادي البارز الدكتور ماجد الداعري عن تراجع حاد في نفوذ جماعة الحوثي المالي، مقابل صعود لافت لدور البنك المركزي اليمني في عدن، الذي نجح في تجميع ما يقارب مليار دولار من احتياطي العملات الأجنبية خلال الأشهر القليلة الماضية، في مؤشر يعكس تعافي العملة المحلية وتعزيز الثقة في الاقتصاد الموازي للحكومة الشرعية. وأوضح الداعري في تصريحات صحفية أن هذا الإنجاز يأتي نتيجة لسلسلة من الإجراءات الحاسمة التي اتخذها البنك المركزي في عدن، من بينها فتح المجال أمام البنوك الحكومية والتجارية لشراء العملات الصعبة مباشرة من الصرافين، ضمن إطار رقابي دقيق، مما ساهم في تدفق الدولار واليورو إلى خزائن البنك المركزي، ووقف التسرب غير المنضبط للعملات الأجنبية. إجراءات رقابية مشددة تُربك الحوثيين وفي خطوة وصفها الخبراء بأنها 'استباقية وحاسمة'، أصدر البنك المركزي اليمني في عدن تعميمًا رسميًا يقضي بوقف جميع عمليات بيع أو صرف العملات الأجنبية للبنوك التجارية، باستثناء حالات محددة جدًا تشمل السفر للعلاج أو الدراسة في الخارج، وبسقف لا يتجاوز 5000 دولار أمريكي لكل حالة، وذلك بعد إثبات الأوراق الرسمية المطلوبة. وأكد الداعري أن هذه الإجراءات تأتي في سياق مكافحة تهريب العملات الصعبة إلى مناطق سيطرة جماعة الحوثي، والتي كانت تستفيد لسنوات من التحويلات المالية الواردة من المغتربين عبر شبكات صرافة غير خاضعة للرقابة، ما مكنها من تمويل أنشطتها العسكرية والاقتصادية، ودعم سوق سوداء للعملة. الحوثيون يلجأون للضغط الدولي في المقابل، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن تضييق الخناق المالي على مناطق النفوذ الحوثي دفع الجماعة إلى مكثفة جهودها للضغط على المملكة العربية السعودية والأمم المتحدة، للمطالبة بتفعيل الملف الاقتصادي ضمن مفاوضات السلام، ودفع نحو توحيد سعر الصرف في جميع مناطق اليمن، بما في ذلك مناطق سيطرتها. وأوضح الداعري أن الحوثيين يدركون جيدًا أن استمرار تدهور العملة المحلية في صنعاء، مقابل تحسن ملحوظ في قيمة الريال اليمني في عدن، يهدد بانهيار اقتصادي داخلي في مناطقهم، خاصة مع فقدانهم السيطرة على التحويلات المالية التي كانت تُرسل عبر القنوات التقليدية، والتي بدأت تتحول تدريجيًا نحو البنوك العاملة في عدن، خوفًا من العقوبات الأمريكية على شبكات الصرافة المرتبطة بالحوثيين. تحول استراتيجي: منع تحويلات المغتربين إلى مناطق الحوثي وأضاف الداعري أن 'تحول البنوك التجارية والصرافين إلى التعامل مع البنك المركزي في عدن، تحت مظلة الامتثال للعقوبات الأمريكية، أدى إلى قطع شريان حيوي كان يمد جماعة الحوثي بالعملات الصعبة'، مشيرًا إلى أن 'ما كان يُعرف بتحويلات المغتربين إلى صنعاء أو الحديدة، بات اليوم يُوجَّه نحو عدن، ما يشكل ضغطًا اقتصاديًا غير مسبوق على الجماعة'. مفاوضات اقتصادية قادمة تحت رعاية الأمم المتحدة؟ وفي مؤشر على تصاعد الأهمية الاقتصادية للملف اليمني، توقع الداعري أن تشهد الساحة السياسية والاقتصادية تحركات دولية مكثفة خلال الأسابيع المقبلة، قد تشمل عودة المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، ووصول فريق اقتصادي تابع للأمم المتحدة إلى عدن، للقاء كبار المسؤولين في البنك المركزي والحكومة اليمنية. وأشار إلى أن الهدف من هذه الزيارة المرتقبة هو بحث آليات توحيد سعر الصرف في جميع أنحاء اليمن، وفرض إطار اقتصادي موحد، قد يشمل لأول مرة الاعتراف بالعملة الجديدة التي يصدرها البنك المركزي في عدن، حتى في مناطق سيطرة الحوثيين، كخطوة نحو استعادة الدولة لسيادتها النقدية. قراءة في المشهد: انتصار اقتصادي للشرعية؟ يُنظر إلى هذه التطورات على أنها انتصار اقتصادي استراتيجي للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، يوازي التحديات العسكرية، ويعزز موقفها التفاوضي في أي مفاوضات قادمة. فبينما تسعى الجماعة الانقلابية إلى كسب دعم سعودي لتفعيل الملف الاقتصادي، تبدو المملكة في موقف حرج، إذ تدرك أن دعم أي إجراءات تُعزز من قدرات الحوثي المالية قد يُفسر على أنه تمويل غير مباشر للإرهاب. في المقابل، تواصل عدن تعزيز مكانتها كمركز مالي ونقد يمني معترف به دوليًا، مع تزايد ثقة المؤسسات المالية الدولية والبنوك التجارية في قدرتها على إدارة الاقتصاد الوطني، رغم التحديات الهائلة التي تفرضها الحرب المستمرة منذ تسع سنوات. خلاصة: مستقبل اقتصادي جديد يتشكل ترسم هذه التطورات صورة جديدة لمستقبل الاقتصاد اليمني، حيث يبدأ تراجع نفوذ الكيانات الموازية، وتعود الدولة تدريجيًا إلى ممارسة أدوارها السيادية، لا سيما في المجال المالي والنقد. ومع تصاعد الضغوط الدولية، وزيادة الاعتماد على البنك المركزي في عدن، تبدو الفرصة مواتية لبناء اقتصاد موحد، قائم على الشفافية والرقابة، يُمكن أن يكون حجر الأساس في إعادة إعمار اليمن.


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
تقسيم دوائر تكساس.. ترمب يؤجج "حرب الخرائط" للسيطرة على مجلس النواب
كشف مشرعون جمهوريون عن خرائط أولية لإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في ولاية تكساس الأميركية، تمنحهم 5 مقاعد إضافية، وهو ما ينذر بـ"حرب خرائط" بين الحزبين، في ظل إعلان حكّام ولايات ديمقراطية إمكانية الرد بالمثل. جاءت الخطوة، استجابة لدعوة الرئيس دونالد ترمب الذي طالب المشرعين الجمهوريين بإعادة تقسيم الدوائر في الولاية بهدف الحصول على مقاعد إضافية تسمح للحزب الجمهوري بالاحتفاظ بالأغلبية في مجلس النواب خلال انتخابات التجديد النصفي 2026. الخرائط المُقترحة أثارت جدلًا سياسياً، خلال جلسة تشريعية خاصة دعا إليها الحزب الجمهوري في الولاية، وسط تحذيرات برد مماثل للديمقراطيين في ولايات أخرى، وهو ما قد يعيد تشكيل توازن القوى في الكونجرس. ومع اقتراب انتخابات التجديد النصفي لعام 2026، تزداد التوقعات بخسارة الحزب الجمهوري بقيادة ترمب، بعض المقاعد في الكونجرس، وهو أمر معتاد في السياسة الأميركية خلال انتخابات التجديد النصفي. ترمب يخطط لتأمين الكونجرس ويتمتع ترمب حالياً بأغلبية ضئيلة في مجلس النواب متفوقاً بـ7 مقاعد مع وجود 4 مقاعد شاغرة، ما يعني أن أي خسارة بسيطة ربما تفقده السيطرة على مجلس النواب، وبالتالي يواجه أزمة في تمرير سياساته خلال النصف الثاني من ولايته. وفي محاولة لتفادي هذا السيناريو، بدأ ترمب الضغط على الجمهوريين في ولاية تكساس لاستغلال سيطرتهم على المجلس التشريعي لإعادة رسم الدوائر الانتخابية، من خلال تقليص عدد المقاعد التنافسية وتقسيم المناطق التي يصوّت فيها الديمقراطيون ودمجها في مناطق يغلب عليها الجمهوريون، بحيث يضيفون 5 مقاعد جديدة يمكن للجمهوريين الفوز بها بسهولة والحفاظ على أغلبيتهم في مجلس النواب. وقال ترمب في 16 يوليو الماضي: "ستصبح تكساس الولاية الأكبر، مجرد إعادة رسم بسيطة للدوائر، وسنحصل على 5 مقاعد إضافية في كونجرس الولاية". ويتطلع الجمهوريون، أيضاً، إلى الحصول على مقاعد إضافية في ولايات أخرى، منها أوهايو وميسوري. وبعد تصريح ترمب بأسبوعين، أصدر المجلس التشريعي للولاية، في 30 يوليو، الخرائط الأولية الجديدة، مما يمنح الجمهوريين السيطرة على 30 مقعداً من أصل 38، بزيادة 5 مقاعد عن الخرائط الحالية التي يسيطر فيها الجمهوريون على 25 مقعداً في الولاية. إجراء معتاد كل 10 سنوات ويتم إعادة رسم الدوائر في تكساس في توقيت غير معتاد، بحسب الباحث في المركز السياسي التابع لجامعة فيرجينيا، جون مايلز كولمان، الذي أوضح أن هذا الإجراء يُجرى عادة كل 10 سنوات بعد التعداد السكاني الرسمي، لضمان تمثيل نيابي يعكس عدد السكان المُتغير في الولايات. وقال كولمان لـ"الشرق"، إنه في بعض الأحيان يجري إعادة تقسيم الدوائر في منتصف المدة لأسباب حزبية أو لطعون قانونية. مشيراً إلى أن ولاية تكساس نفذت خطوة مشابهة لما يحدث الآن قبل نحو 20 عاماً، استعداداً لانتخابات عام 2004. وتهدف الجهود الحالية لإعادة رسم الخرائط في تكساس إلى جعل بعض المقاعد أكثر أماناً للجمهوريين خوفاً من الخسارة في التجديد النصفي. ورجح الباحث السياسي زاك مكيري، أن الديمقراطيين هم المرشحون الأوفر حظاً للفوز بأغلبية مجلس النواب في انتخابات 2026. وتشير السوابق التاريخية إلى أن حزب الرئيس، عادة، ما يتراجع في انتخابات التجديد النصفي، لكن مكيري يرى أن خريطة انتخابية أكثر ملائمة للجمهوريين في تكساس، "وربما في ولايات أخرى، ستجعل من الصعب على الديمقراطيين انتزاع السيطرة على مجلس النواب، رغم أن الأمر سيبقى ممكناً". تلاعب بالدوائر الانتخابية وترتبط الصعوبة المحتملة لانتزاع الديمقراطيين السيطرة على النواب، إلى الطريقة التي يجري بها التلاعب بالخرائط الانتخابية كما في تكساس. وقال مكيري لـ"الشرق"، إن الجمهوريين يتمتعون بالسلطة الكاملة في ولاية تكساس، ويمكن أن يؤدي هذا التلاعب إلى تقليص عدد المقاعد التنافسية بما لا يقل عن 5، من خلال تفكيك المناطق التي يصوّت فيها الديمقراطيون بكثافة ودمجها في مناطق يغلب عليها الجمهوريون، ما ينتج دوائر جديدة مرسومة بطريقة تجعل من الصعب على الديمقراطيين الفوز بها. وأضاف: "بهذه الطريقة، يأمل الجمهوريون في الحفاظ على أغلبيتهم الهشة في مجلس النواب". الخطاب الرسمي الصادر عن ترمب، وحاكم ولاية تكساس جريج أبوت، والحزب الجمهوري في الولاية أوضح أن إعادة رسم الدوائر في توقيت غير معتاد يأتي "لأغراض حزبية". وقال الحزب في تكساس إن هذا الجهد "خطوة أساسية للحفاظ على سيطرة الحزب في الكونجرس، وتعزيز أجندة الرئيس". في المقابل، قال محللون إن ما يحدث في تكساس "تلاعب بالدوائر الانتخابية". خطوة نادرة بعد 5 سنوات فقط كانت تكساس أعادت رسم خرائطها الانتخابية آخر مرة عام 2021، ولذلك وصف أستاذ الشؤون الحكومية في جامعة كورنيل، ريتشارد بنسل، إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بعد 5 سنوات فقط بأنه أمر نادر. وقال بنسل الذي تتركز أبحاثه على التطور السياسي والكونجرس، إن التلاعب بالدوائر الانتخابية له تأثير كبير على توازن القوى في الكونجرس وفي العديد من الهيئات التشريعية للولايات أيضاً، ويظهر ذلك من خلال سيطرة الديمقراطيين على 39 مجلساً تشريعياً فقط من أصل 99 مجلساً في الولايات المتحدة. وأضاف بنسل لـ"الشرق" أن هناك فرقاً بين إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية وبين التلاعب بها. وتُعرّف إعادة تقسيم الدوائر بأنها العملية التي تمر بها جميع الولايات لترسيم حدود دوائرها الانتخابية للكونجرس، وتهدف إلى ضمان أن يكون عدد السكان في كل دائرة متساوياً تقريباً. وتُجرى إعادة تقسيم الدوائر كل 10 سنوات بعد التعداد السكاني الرسمي الذي ربما يغير عدد المقاعد المخصصة لكل ولاية، حسب نمو أو تراجع عدد السكان فيها، وبعد ذلك، تعيد الهيئات التشريعية في الولايات رسم الحدود لتعكس هذه التغييرات السكانية التي غالباً ما تشمل انتقال السكان من الريف إلى المدن أو من ولاية إلى أخرى. ممارسة قديمة على طريقة "السلمندر" أما التلاعب بالدوائر الانتخابية، وفقاً لبنسل، فهو ترسيم الدوائر التشريعية بطريقة تمنح حزباً معيناً أفضلية في الانتخابات، وتعتمد هذه العملية على توزيع الناخبين بطريقة مدروسة، من خلال عمليتين أساسيتين هما "التجميع والتفكيك". في التجميع يجري وضع أكبر عدد ممكن من مؤيدي الحزب المنافس في دائرة انتخابية واحدة بدلاً من توزيعهم بالتساوي، فيكون لهم تأثير كبير في هذه الدائرة، "لكنه يخسر تأثير هؤلاء الناخبين في باقي الدوائر"، أما في التفكيك، فيجري تشتيت مؤيدي الحزب المنافس على عدة دوائر بشكل يضعف من قوتهم التصويتية في كل دائرة، حتى لا يتمكنوا من تحقيق الأغلبية في أي منها. و"التلاعب بالدوائر الانتخابية" ليس منهجاً جديداً في السياسة الأميركية، لكنه ممارسة قديمة تعود إلى القرن التاسع عشر، وتحديداً إلى عام 1812، عندما وافق حاكم ولاية ماساتشوستس إلبريدج جيري على خريطة جديدة لمجلس شيوخ الولاية ورُسمت الخريطة بطريقة تخدم حزبه وتمنحه أفضلية في الانتخابات على الحزب المنافس حينها. وكانت إحدى الدوائر مرسومة بشكل غريب لدرجة أنها بدت وكأنها تشبه "حيوان السلمندر"، ونشر أحد الرسامين كاريكاتيراً ساخراً في جريدة "بوسطن جازيت" أطلق فيه على الدائرة اسم "جيري ماندر"، وهو دمج اسم الحاكم "جيري" مع كلمة "سلماندر"، ومنذ ذلك الوقت، أصبح المصطلح يشير إلى ترسيم الدوائر بطريقة متحيزة تخدم مصالح حزب سياسي معين. حاكم كاليفورنيا يهدد بالرد قبل نشر الخرائط الانتخابية المُقترحة لولاية تكساس، هدد حاكم كاليفورنيا، جافين نيوسوم (ديمقراطي)، بإعادة رسم خرائط الكونجرس في كاليفورنيا التي قد تمنح الديمقراطيين مقاعداً أكثر مما لديهم بالفعل، رداً على ما يحدث في تكساس. ووصف كولمان، خرائط تكساس وتهديدات نيوسوم بأنها "حروب إعادة تقسيم الدوائر" وتفتح الباب لانضمام ولايات أخرى للتلاعب بالخرائط الانتخابية، وهو ما أكده إعلان حاكم إلينوي الديمقراطي، جيه بي بريتزكر الذي أبدى فيه استعداده لدعم إعادة رسم خرائط الدوائر في ولايته رداً على "التلاعب" في تكساس. وبعد انتخابات عام 2010 التي حقق فيها الجمهوريون فوزاً كبيراً، أطلقوا حملة باسم "مشروع إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية للأغلبية"، هدفها السيطرة على المجالس التشريعية في الولايات قبل أن يحين موعد إعادة رسم حدود الدوائر الانتخابية. وبالفعل، استطاع الجمهوريون أن يصبحوا الجهة التي ترسم الخرائط في عدد من الولايات الرئيسية وحصلوا على سلطة رسم 213 دائرة انتخابية، وأكد كولمان أن هذا مكّنهم من إعادة رسم الخرائط بطريقة متحيزة منحتهم أفضلية كبرى، حتى في ولايات كان الناخبون يميلون فيها إلى الديمقراطيين. وهو نفس ما كشفه مركز "برينان" للعدالة، مشيراً إلى أن 11 خريطة رسمها الحزب الجمهوري أظهرت تحيزًا حزبياً شديداً، مقارنة بـ4 خرائط رسمها نظيره الديمقراطي، قبل انتخابات 2024. وبفضل أسلوب رسم الخرائط التي اعتمدها الجمهوريون، ساهمت ولايات ميشيجان ونورث كارولاينا وبنسلفانيا، بمنحهم ما بين 7 إلى 10 مقاعد في الكونجرس. الجمهوريون والديمقراطيون يغيرون اللعبة لكن الأمر لم يقتصر على الكونجرس فقط، بل طال أيضاً برلمانات الولايات، ففي ولاية ويسكونسن، ورغم فوز الديمقراطيين بمعظم المناصب والأصوات، حصلوا فقط على 36 مقعداً من أصل 99 في مجلس الولاية بسبب تقسيم الدوائر. وأوضح الباحث مكيري أن الجمهوريين استفادوا كثيراً من التلاعب بالدوائر الانتخابية، مؤكداً أن الديمقراطيين استخدموها أيضاً في بعض الولايات، مثل ماريلاند، حيث أعادوا رسم الحدود بطريقة أزالت واحدة من الدوائر الجمهورية. وأضاف: "الحزبان يتلاعبان، لكن فرص الجمهوريين وقدراتهم أكبر". وطرح حاكم كاليفورنيا الديمقراطي، مؤخراً، إجراء استفتاء على مستوى الولاية للموافقة على خرائط جديدة أو لتغيير طريقة إعادة تقسيم الدوائر في الولاية بشكل دائم، رداً على تحركات الجمهوريين في تكساس. وتهدف تحركات نيوسوم إلى إضافة ما بين 5 إلى 7 مقاعد ديمقراطية في كاليفورنيا، وهو أمر يبدو صعباً، على حد قول مكيري. خسائر محتملة للجمهوريين في 2026 واعتبر مكيري أن قدرة الديمقراطيين على التلاعب بالدوائر محدودة، موضحاً أن الجمهوريين استفادوا من إعادة رسم الدوائر الانتخابية لأنهم يسيطرون على ولايات تسمح قوانينها للهيئة التشريعية برسم الخرائط. بينما في المقابل، يواجه الديمقراطيون قيوداً وعقبات قانونية ودستورية في الولايات التي يسيطرون عليها مثل كاليفورنيا، إذ تُسند المهمة غالباً إلى لجان مستقلة تتكون من المواطنين وتتولى إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في الولاية، وليس إلى المجلس التشريعي، ما يمنعهم من استخدام هذه الأداة بنفس الحرية التي يستخدمها الجمهوريون. وفي تكساس، شجع ترمب الجمهوريين على استغلال سيطرتهم على المجلس التشريعي لإعادة رسم الدوائر الانتخابية في منتصف عقد التعداد السكاني. وأرجع كولمان جهود ترمب "الحثيثة" للتمسك بمجلس النواب إلى أن المجلس يتمتع بصلاحيات حقيقية، لذا ربما يشعر ترمب بأن الديمقراطيين، "إذا فازوا، سيفتحون تحقيقات ضده أو ينشرون عنه معلومات مضللة، إن صح التعبير". وتوقع كولمان فوز الجمهوريين في تكساس بـ3 مقاعد على الأقل وربما يصل العدد إلى 5، مشيراً إلى أن الجمهوريين يملكون حالياً 25 مقعداً من أصل 38 في مجلس النواب عن تكساس، مقابل 13 مقعداً للديمقراطيين. وأوضح أن إعادة رسم الخريطة الجديدة تهدف إلى تقليل عدد الديمقراطيين إلى 8 فقط، ما يعني زيادة الجمهوريين بـ5 مقاعد إضافية. وأضاف: "من المتوقع أن يفوز الجمهوريون بـ3 مقاعد جديدة على الأقل، والخريطة تستهدف 2 من النواب الديمقراطيين من أصل لاتيني في جنوب تكساس، هما هنري كويلار، وفيسينتي جونزاليس". لكن لا يزال بإمكانهما الفوز بإعادة انتخابهما إن قررا الترشح مجدداً، لأنهما معتدلان ويتوافقان مع ميول سكان مناطقهم ذات الغالبية اللاتينية، وفقاً لكولمان. وعلى الرغم من توقع كولمان زيادة مقاعد الجمهوريين في تكساس وهو ما يسهم في خطة ترمب التي تهدف إلى الاحتفاظ بالنواب في 2026، إلّا أن بنسل يرى أن الجمهوريين يخاطرون كثيراً بإعادة تقسيم الدوائر، لأن تقليص الفارق بين عدد ناخبيهم ومنافسيهم في بعض المناطق ربما يضعهم في موقف ضعيف في سنة انتخابية غير مواتية. وقال بنسل إنه في السنوات الانتخابية العادية، عادةً، ما تؤدي إعادة رسم الدوائر من قبل الجمهوريين إلى تحقيق بعض المكاسب لصالحهم، "لكن الأمر ليس مضموناً دائماً". وأضاف: "إذا قرروا تقليل عدد ناخبيهم في بعض الدوائر في محاولة للفوز بمقاعد جديدة، فإنهم يضعفون فرصهم في الدوائر التي كانوا يسيطرون عليها بالفعل، خاصة مع موجة تصويت قوية ضدهم في عام جيد للديمقراطيين". وتابع: "يبدو أن عام 2026 سيكون جيداً للديمقراطيين.. في هذه الحالة، قد تنقلب إعادة التقسيم ضد الجمهوريين وتأتي بنتائج عكسية تتسبب في خسائر بدلاً من المكاسب". في انتخابات 2018، حدث بالفعل أمر مشابه، فرغم أن الجمهوريين رسموا الخريطة لصالحهم في عدد من الدوائر منها نورث كارولاينا وميتشجان، إلّا أن الديمقراطيين فازوا بالأغلبية بعد "موجة زرقاء قوية". وأوضح بنسل أنه إذا تكررت موجة كهذه في 2026، فربما يخسر الجمهوريون دوائر اعتبروها آمنة. خطة الديمقراطيين لعرقلة الخرائط الجديدة الخريطة الجديدة التي اقترحها الجمهوريون في تكساس لم تصدر بعد، فهي لا تزال في مرحلة الاقتراح. وهو ما يعني إمكانية أن تعديلها قبل اعتمادها رسمياً، وهناك احتمال، وإن كان ضعيفاً، بأن ينجح الديمقراطيون في تعطيل تمريرها. وأشار كولمان إلى أحد الخيارات التي قد يلجأ إليها الديمقراطيون لعرقلة اعتماد الخريطة الجديدة، هي حرمان الهيئة التشريعية من النصاب القانوني اللازم لعقد الجلسة. وقال إنها خطوة تكتيكية سبق استخدامها في أوقات سابقة، موضحاً أن الديمقراطيين يدرسون خياراتهم بشكل خاص، بما في ذلك أن يتغيب المشرّعون الديمقراطيون عن جلسات التصويت على الدوائر الجديدة، ما يؤدي إلى عدم اكتمال النصاب القانوني في الهيئات التشريعية، وبالتالي تعذّر إجراء التصويت. لكن كولمان أوضح أن سلطات إنفاذ القانون في بعض الولايات سبق أن استُخدِمت لإجبار المشرّعين على حضور الجلسات، "لذا، ربما يحاول الديمقراطيون مغادرة الولاية بأكملها حتى يكونوا خارج نطاق سلطة هذه الجهات". وفي حال فشلت المناورات التشريعية، هناك على الأرجح طريق آخر وهو الطعن القضائي، خاصة بعدما أعلنت لجنة الحملة الانتخابية الديمقراطية للكونجرس بالفعل أنها ربما تقيم دعوى ضد الخريطة الجديدة لتكساس، معتبرة أنها غير عادلة وربما تنتهك الحقوق الانتخابية. لكن مكيري لا يعول كثيراً على الطعون، قائلاً إن بعضها نجحت، في الماضي، في إيقاف التلاعب بالدوائر الانتخابية، لكن في السنوات الأخيرة، منحت المحكمة العليا الأميركية، الولايات حرية أكبر في إعادة رسم هذه الدوائر والتلاعب بها،"لذلك، من غير المحتمل أن توقف المحاكم هذه الخرائط". وأوضح مكيري أن المحكمة العليا اتبعت في السنوات الأخيرة نهج عدم التدخل في أي أمور خارج اختصاص المحكمة ومنها الانتخابات، لأنها تعتبر أن الأمر سياسي بحت ويجب أن يُحل سياسياً وليس عبر القضاء.


الشرق السعودية
منذ 2 ساعات
- الشرق السعودية
ترمب: الأميركيون قد يحصلون على أرباح من إيرادات الرسوم الجمركية
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، إن بعض الأميركيين قد يحصلون على نوع من الأرباح أو التوزيعات المالية نتيجة فرض الرسوم الجمركية على شركاء التجارة للولايات المتحدة. وأضاف ترمب للصحافيين قبل صعوده إلى طائرة "إير فورس وان" بعد مغادرته نادي الجولف في نيوجيرسي: "قد يكون هناك توزيع أو عوائد تُمنح للمواطنين في بلادنا"، متابعاً: "أعتقد أن هذا يشمل الأشخاص من ذوي الدخل المتوسط والمنخفض، يمكننا تقديم أرباح لهم".