قرار ملتبس للحكومة: ضريبة شاملة سيدفعها المواطن
إعادة أسعار المحروقات
فوجىء اللبنانيون برفع أسعار المحروقات بمعدّلات كبيرة قياساً للمعدّلات المعمول بها أسبوعياً، والتي تدور عادةً حول بضع آلاف من الليرات. لكن وفقاً لما تلاه وزير الإعلام بعد جلسة أمس، فقد قرَّرَ مجلس الوزراء "إعادة اسعار المحروقات إلى ما كانت عليه عند تشكيل الحكومة". وعليه، أصدرت وزارة الطاقة جدول تركيب أسعار المحروقات حاملاً تلك الزيادة الكبيرة.
في القراءة الظاهرة للقرار، يبدو أنّ الحكومة لم تقرّ أي زيادة على الأسعار. إذ كل ما فعلته هو إعادة الأسعار على ما كانت عليه قبل 8 شباط الماضي. لكن في المضمون "الناس ستدفع زيادة عمّا دفعته بالأمس. وذلك بحسب ما جاء في جدول تركيب الأسعار"، وفق ما أكّده عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس، الذي أشار في حديث لـ"المدن"، إلى أنّ الجدول الذي كان سيصدر اليوم الجمعة "كان يفترض به أن يحافظ على الأسعار السابقة، أي تلك الصادرة في جدول يوم الثلاثاء 27 أيار، مع إمكانية اختلاف الأسعار بشكل طفيف".
واستغرب البراكس هذا التبرير لأنّ "أسعار المحروقات تتحدّد وفق عدّة أمور، أهمّها الأسعار العالمية للنفط، ولم تشهد تلك الأسعار تغييرات كبيرة تستدعي اتخاذ مجلس الوزراء قراراً كهذا. وبالتأكيد لا يمكن إعطاء تبرير يرتكز على إعادة الأسعار إلى ما كانت عليه في فترة معيّنة".
ضريبة أرباح وتمويل الزيادات للعسكريين
لم يكن التبرير الرسمي للقرار مقنعاً، وكذلك التبريرات التي انتشرت إعلامياً، ومنها أنّ مجلس الوزراء أراد فرض ضريبة على أرباح أصحاب المحطات. وكذلك التبرير المتعلّق بإيجاد تمويل للزيادات التي أقرَّت للعسكريين في الخدمة الفعلية والمتقاعدين. إذ إنّ المجلس وافق أمس على إعطاء "المنح المالية للعسكريين والتي تبلغ 14 مليون ليرة لمن هم في الخدمة، و12 مليون ليرة للمتقاعدين". وقال البراكس إنّه "بغضّ النظر عن التبريرات، فالمواطن سيدفع مباشرة قيمة الزيادة المقرّة في جدول تركيب الأسعار، وأصحاب المحطات ملزمون بالتسعير وفق الجدول". وأوضح البراكس أنّه "في حال كان هناك نية لفرض ضريبة على الأرباح، فمن المفترض أن تكون بصيغة أخرى، ولا دخل لجدول تركيب الأسعار بها".
من جهتهم، رفضَ العسكريون المتقاعدون الزيادة التي أقرَّت لهم ولزملائهم في الخدمة الفعلية، وبالتوازي، رفضوا زيادة أسعار المحروقات. لأنّ ما أقرَّ لهم، لا زال مجحفاً، أمّا الزيادة على أسعار المحروقات، فستطالهم وستمتص القدرة الشرائية لرواتبهم الحالية مع الزيادات المقرَّة. وأشار أمين سرّ الهيئة الوطنية للمتقاعدين العسكريين، عماد عواضة، إلى أنّ "الدولة تضعنا اليوم في مواجهة الناس من خلال تبرير رفع أسعار المحروقات بتأمين التمويل لزيادة الرواتب، وهو أمر مرفوض من قِبَلنا، أولاً لأنّ نسبة الزيادة المقرّة غير كافية، وكنّا قد طالبنا بزيادة لا تقلّ عن 20 مليون ليرة، على أن يليها زيادة راتبين أو ثلاث رواتب كل 3 أشهر، إلى حين وصول الرواتب إلى 50 بالمئة من قيمة رواتبنا التي كنا نقبضها حتّى العام 2019".
وأوضح عواضة في حديث لـ"المدن"، أنّ ما حصل من ربط بين زيادة أسعار المحروقات ورواتب العسكريين، هو "لعبة أرادوا بها إعطاءنا الزيادات ووضعنا بمواجهة مع الناس. لكن نحن نرفض هذا الأمر، وسنقوم بتصعيد تحرّكاتنا، وأبلغنا رئيس الجمهورية ووزير الدفاع بأن التحركات المقبلة ستكون غير متوقّعة". ولفت عواضة النظر إلى أنّ "هناكَ أبواباً كثيرة لتحصيل المال منها، وفي مقدّمها الأملاك البحرية التي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها، كما هناك الضرائب على المستشفيات الخاصة، وهناك التحصيل من الجمارك وأمور أخرى غير الضرائب المباشرة التي يدفعها الناس".
ضريبة على كل شيء
أرادت الحكومة تأمين التمويل لتغطية طلب محق، لكنها تجاهلت حقيقة أنّ المحروقات تدخل في تحديد أسعار كل السلع والخدمات. وعلى سبيل المثال، أوّل ما يمكن التماسه هو ارتفاع فاتورة المولّدات الخاصة. وفي السياق، أكّدت مصادر من بين أصحاب المولّدات، في حديث لـ"المدن"، أنّ هذا القرار "سيؤدّي حكماً لارتفاع التعرفة التي تحدّدها وزارة الطاقة". وتجدر الإشارة إلى أنّ قرار الوزارة في هذا الشأن، ينصّ على أنّ "هذه التّعرفة مبنيّة على أساس سعر وسطي لصفيحة المازوت وكلفة توزيع الصفيحة من محطّة الوقود ولغاية المولّد". وعليه، فإن زيادة سعر الصفيحة بمعدّل 174 ألف ليرة، سيرفع تعرفة المولّدات".
ومن أبرز القطاعات التي ستتأثّر مباشرة بزيادة أسعار المحروقات، هو قطاع النقل. فأكّد رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس في حديث لـ"المدن"، أنّه بزيادة أسعار المحروقات "من المنطقي أن ترتفع تعرفة النقل". وأشار إلى أنّ الاتحادات ستعقد اجتماعاً يوم الأربعاء المقبل للتشاور واتخاذ القرار في هذا الشأن.
وأوضح طليس في بيان أنّه "فيما كانت حكومة الاصلاح والإنقاذ تبحث عن إيرادات لتصلح بها أمور الدولة ولتنقذ برسومها خزينتها، لم تجد أمامها إلا أبواب المواطنين وطبقة السائقين لتفرض عليهم رفع أسعار المحروقات ولتضيف على كاهلهم أعباء فوق أعبائهم الناتجة عن عدم تطبيق القانون وحماية القطاع من اللوحات العمومية المزورة والسيارات الخصوصية التي تسرح وتمرح بلا حسيب أو رقيب".
ولا يقتصر تأثّر قطاع النقل على نقل الركّاب، بل إنّ نقل السلع والبضائع يعتمد على أسعار المحروقات، وتالياً من المنتظر أن تشهد أسعار السلع ارتفاعاً في الأسواق، لا سيّما وأنّ التجّار ينتظرون أصغر الفرص لاستغلالها كحجج لرفع الأسعار. وقطاع الأفران أيضاً من القطاعات التي ستتأثّر مباشرة بزيادة أسعار المحروقات، ومن غير المستبعد أن نشهد مطالب برفع أسعار الخبز ومنتجاته.
تسرّعت الحكومة بقرارها، ولم تستفِض في شرحه وتحديد تفاصيله التي تمنع المستغِلّين من مراكمة الأرباح على حساب المواطنين الذين لا ينقصهم قرارات تستنزف ما تبقّى من قدرة شرائية لرواتبهم المتآكلة. فزيادة أسعار المحروقات هي بمثابة ضريبة على كل شيء، يدفع ثمنها المواطن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 3 ساعات
- الديار
كتاب من وزير المال إلى مجلس الكتاب العدل..
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب وجه وزير المال ياسين جابر كتاباً إلى مجلس الكتاب العدل في لبنان يتعلق بتسديد رسم الطابع المالي لدى الكاتب العدل، ويطلب منهم التوقف عن استخدام اشعار ص ١٤ لتسديد الطابع المالي واعتماد الطرق المتاحة الأخرى لا سيما التسديد النقدي، مستنداً في مرجعه الى المادة 18 من المرسوم رقم 56 (اعتبار مشروع موازنة العام 2025 موضوع مشروع القانون المحال على مجلس النواب بموجب المرسوم رقم 14076 تاريخ 14/10/2024 مرعياً ومعمولاً به.) وجاء في الكتاب: "حيث ان المادة 20 من المرسوم الاشتراعي رقم 67 تاريخ 5/8/1967 وتعديلاته (قانون رسم الطابع المالي) المعدلة بموجب المادة 18 من المرسوم رقم 56 (اعتبار مشروع موازنة العام 2025 موضوع مشروع القانون المحال على مجلس النواب بموجب المرسوم رقم 14076 تاريخ 14/10/2024 مرعياً ومعمولاً به) ، تنص على أنه يمكن تأدية رسم الطابع بإحدى الطرق التالية: 1- عن طريق إلصاق الطوابع المعدة خصيصاً لهذه الغاية على أن لا تتجاوز قيمة الرسم المتوجب على الصك أو الكتابة 2.000.000 ل.ل وباستثناء الحالات التي ينص فيها القانون صراحة على اعتماد طريقة أخرى لتسديد الرسم. 2- بواسطة آلات الوسم لدى الأشخاص المرخص لهم باستخدامها وفقاً لأحكام هذا القانون على أن لا تتجاوز قيمة الرسم 3.000.000.000 ل.ل 3- نقداً او بموجب شك مصرفي لدى كتاب العدل عن الصكوك والاسناد التي ينظمونها أو يصادقون عليها مهما بلغت قيمة الرسم على أن تدرج قيمة رسم الطابع المالي ضمن الإيصال الذي يصدره الكاتب العدل. 4- نقداً او بموجب شك مصرفي في صناديق المالية إذا تجاوزت قيمة الرسم 2.000.000 ليرة لبنانية. 5- وحيث أن المذكرة رقم 1706/ص1 تاريخ 13/7/2024 حددت آلية إستيفاء رسم الطابع المالي لدى كتّاب العدل نقداً او بموجب شك مصرفي. نبلغكم بوجوب التوقف عن إستخدام إشعار ص14 لتسديد رسم الطابع المالي المتوجب على المستندات التي تقومون بتنظيمها أو المصادقة عليها، وإعتماد طرق التأدية المتاحة الأخرى لا سيما التسديد النقدي وفقاً للآلية المحدد في المذكرة المشار إليها أعلاه".


الديار
منذ 3 ساعات
- الديار
يملك نصف الودائع المحجوزة من العملات الاجنبية والذهب موجودات مصرف لبنان من العملات الاجنبية ترتفع الى 11ْ،47 مليار دولار وقيمة الذهب تصل الى 31ْ,01 دولار اميركي اي بارتفاع 2ْ,90 مليار دولار
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اظهرت ميزانية مصرف لبنان ارتفاعًا في موجوداته الخارجية من العملات الأجنبية بمقدار 149 مليون دولار، أي بنسبة 1.32%، خلال النصف الاول من شهر تموز 2025 إلى 11.47 مليار دولار، مقارنة مع 11.33 مليار دولار قبل فترة اسبوعين.وذلك حسب تقرير بنك الاعتماد اللبناني ويُذكر أن موجودات مصرف لبنان الخارجية من العملات الأجنبية شهدت زيادة مضطردة خلال الفترة الممتدة من بداية شهر آب 2023 ومنتصف شهر تموز 2025، حيث بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 2.90 مليار دولار، وذلك عقب سياسة مصرف لبنان النقدية الجديدة التي تقوم على الامتناع عن تسليف الحكومة، ورفع الدعم عن بعض القطاعات، والحد من طباعة العملة المحلية. من جهة أخرى، تبين ميزانية مصرف لبنان ارتفاعًا بنسبة 2.42%، أي بمقدار 0.73 مليار دولار، في قيمة احتياطاته من الذهب خلال النصف الأول من شهر تموز 2025، لتصل إلى 31.01 مليار دولار، مع تحسن أسعار الذهب عالميًا في ظل زيادة الطلب على الأصول الآمنة، وتهديد الولايات المتحدة لبعض الدول برفع التعريفات الجمركية. قد لجأ مصرف لبنان بدءًا من شهر تشرين الأول 2024 إلى إعادة تصنيف الموجودات بالعملات الأجنبية لتتطابق مع المعايير الدولية حيث تم إدراج تحت الموجودات الخارجية بالعملات الأجنبية تلك الخارجة (Non-Residnet) وتلك السائلة، في حين تم إعادة تصنيف الموجودات بالعملات الأجنبية المحلية (Resident) وتلك الموجودات بالعملات الأجنبية غير السائلة إما تحت محفظة الأوراق المالية أو ضمن التسليفات إلى القطاع المالي المحلي، الأمر الذي يفسّر التراجع الملحوظ في قيمة الموجودات بالعملات الأجنبية بين منتصف شهر تموز 2024 بحسب بيانات غير معدّلة، ومنتصف شهر تموز 2025. في إطار متصل، زادت قيمة احتياطات الذهب لدى مصرف لبنان بـ8.80 مليار دولار أمريكي (39.60%) على صعيد سنوي عند مقارنتها بالمستوى المسجّل في منتصف شهر تموز من العام 2024، والبالغ حينها 22.21 مليار دولار أمريكي نتيجة مواصلة أسعار الذهب وتيرتها التصاعدية في ظل معدلات الفائدة المرتفعة عالميًا ونِسَب التضخم العالية والحرب التجارية العالمية التي فرضتها الولايات المتحدة والتوترات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط. في سياق متصل، تُبيّن ميزانية مصرف لبنان ارتفاعًا بنسبة 0.17% في مجموع الموجودات خلال النصف الأول من شهر تموز 2025، إلى 8,428.57 تريليون ليرة لبنانية، بحيث إن الزيادة في قيمة احتياط الذهب بنسبة 2.42%، والارتفاع في الموجودات الخارجية بالعملات الأجنبية بنسبة 1.32%، والتحسّن في رصيد عمليات السوق المفتوحة المؤجّلة بنسبة 1.33% إلى 171.91 تريليون ليرة لبنانية، قد طغوا على التراجع بنسبة 2.79% في فروقات تقييم الذهب والعملات الأجنبية إلى 2,345.52 تريليون ليرة لبنانية. في هذا الإطار، شكّل احتياطي الذهب حصة 32.93% من مجموع أصول مصرف لبنان كما في منتصف شهر تموز 2025، فيما بلغت حصة الموجودات الخارجية بالعملات الأجنبية 12.18%، مقارنةً بنسبة استقرت عند 32.21% و12.05% قبل فترة أسبوعين.


التحري
منذ يوم واحد
- التحري
ماذا طلب وزير الماليّة من كتاب العدل؟
وجه وزير المالية ياسين جابر كتاباً الى مجلس الكتاب العدل في لبنان يتعلق بتسديد رسم الطابع المالي لدى الكاتب العدل، ويطلب منهم التوقف عن استخدام اشعار ص ١٤ لتسديد الطابع المالي واعتماد الطرق المتاحة الأخرى لا سيما التسديد النقدي، مستنداً في مرجعه الى المادة 18 من المرسوم رقم 56 (اعتبار مشروع موازنة العام 2025 موضوع مشروع القانون المحال على مجلس النواب بموجب المرسوم رقم 14076 تاريخ 14/10/2024 مرعياً ومعمولاً به.) وجاء في الكتاب: 'حيث ان المادة 20 من المرسوم الاشتراعي رقم 67 تاريخ 5/8/1967 وتعديلاته (قانون رسم الطابع المالي) المعدلة بموجب المادة 18 من المرسوم رقم 56 (اعتبار مشروع موازنة العام 2025 موضوع مشروع القانون المحال على مجلس النواب بموجب المرسوم رقم 14076 تاريخ 14/10/2024 مرعياً ومعمولاً به) ، تنص على أنه يمكن تأدية رسم الطابع بإحدى الطرق التالية: 1- عن طريق إلصاق الطوابع المعدة خصيصاً لهذه الغاية على أن لا تتجاوز قيمة الرسم المتوجب على الصك أو الكتابة 2.000.000 ل.ل وباستثناء الحالات التي ينص فيها القانون صراحة على اعتماد طريقة أخرى لتسديد الرسم. 2- بواسطة آلات الوسم لدى الأشخاص المرخص لهم باستخدامها وفقاً لأحكام هذا القانون على أن لا تتجاوز قيمة الرسم 3.000.000.000 ل.ل 3- نقداً او بموجب شك مصرفي لدى كتاب العدل عن الصكوك والاسناد التي ينظمونها أو يصادقون عليها مهما بلغت قيمة الرسم على أن تدرج قيمة رسم الطابع المالي ضمن الإيصال الذي يصدره الكاتب العدل. 4- نقداً او بموجب شك مصرفي في صناديق المالية إذا تجاوزت قيمة الرسم 2.000.000 ليرة لبنانية. 5- وحيث أن المذكرة رقم 1706/ص1 تاريخ 13/7/2024 حددت آلية إستيفاء رسم الطابع المالي لدى كتّاب العدل نقداً او بموجب شك مصرفي, لذلك، نبلغكم بوجوب التوقف عن إستخدام إشعار ص14 لتسديد رسم الطابع المالي المتوجب على المستندات التي تقومون بتنظيمها أو المصادقة عليها, وإعتماد طرق التأدية المتاحة الأخرى لا سيما التسديد النقدي وفقاً للآلية المحدد في المذكرة المشار إليها أعلاه.'