ترمب: أوكرانيا مسؤولة عن الغزو الروسي
وبدأ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير 2022، عندما دخلت القوات الروسية إلى البلاد من بيلاروس وروسيا وشبه جزيرة القرم. وردا على الانتقادات الأوكرانية بشأن عدم دعوتها إلى الاجتماع، قال ترمب: «حسنا، أنتم هناك منذ ثلاث سنوات. لم يكن عليكم أن تبدأوا هذا الأمر. كان بإمكانكم التوصل إلى اتفاق». وأضاف ترمب، الذي عاد إلى البيت الأبيض منذ أقل من شهر، أنه لو كان في السلطة عند اندلاع الحرب، لكان بإمكانه التوصل إلى صفقة تمنح أوكرانيا «تقريبا كل الأراضي، دون سقوط قتلى أو تدمير أي مدينة». وتابع: «أريد تحقيق السلام. لا أريد المزيد من القتلى».
كما أشار ترمب إلى ضرورة إجراء انتخابات في أوكرانيا ، وهو مطلب طالبت به روسيا أيضا. وقال: «هذا ليس أمرا روسيا فقط. هذا شيء أطالب به أنا والعديد من الدول الأخرى أيضا». وتصر روسيا على أن ولاية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي انتهت في مايو ، وبالتالي يجب على أوكرانيا إجراء انتخابات.
كما قال الرئيس الأميركي إنه «يؤيّد بالكامل» نشر قوات حفظ سلام أوروبية في أوكرانيا إذا أبرم صفقة مع روسيا تنهي حربها هناك. وردا على سؤال طرحه صحافيون في مارالاغو حول ما إذا كان يؤيّد نشر قوات أوروبية في إطار اتفاق ما، قال ترمب «إذا أرادوا فعل ذلك، فذلك رائع، أنا أؤيد بالكامل»، مشيرا إلى أنه لن يتعين على الولايات المتحدة المساهمة بأي قوات «لأننا، كما تعلمون، نحن بعيدون للغاية». هذا ووصل موفد الرئيس ترمب لأوكرانيا كيث كيلوغ الأربعاء إلى كييف في أول زيارة له إلى هذا البلد، على ما أفاد التلفزيون العام الأوكراني. ووصل كيلوغ في قطار من بولندا قبل الظهر وكانت في استقباله في المحطة السفيرة الأميركية بريدجت برينك، على ما أوردت شبكة سوسبيلنه التلفزيونية التي نشرت مقاطع فيديو. وأعلنت الولايات المتّحدة أنّها وروسيا ستسمّيان فريقين تفاوضيين رفيعي المستوى من أجل رسم مسار لإنهاء النزاع في أوكرانيا ، وذلك عقب اجتماع بين وفدين من القوتين العظميين في الرياض الثلاثاء. وعقد هذا الاجتماع على مستوى وزيري الخارجية، وكان الأبرز بين الطرفين منذ بدء بدء الغزو الروسي لأوكرانيا مطلع عام 2022. كما قال سيّد البيت الأبيض إنه «من المحتمل» أن يلتقي نظيره الروسي قبل نهاية الشهر الحالي.
إلى ذلك وافق سفراء دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين الأربعاء على مجموعة جديدة من العقوبات ضد روسيا هي السادسة عشرة، وتتضمن حظر واردات الألمنيوم الروسي، وفق ما ذكر دبلوماسيون في بروكسل. وقالت المصادر إن الحزمة تشمل أيضا تدابير جديدة تهدف الى الحد من صادرات النفط الروسية، ومن المقرر أن يعتمدها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي رسميا الإثنين الذي يصادف الذكرى الثالثة لبدء الغزو الروسي لأوكرانيا. بدورها، رحبت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس بالحزمة الجديدة من العقوبات. وتطال العقوبات الأوروبية الجديدة قطاع الألمنيوم الروسي، إضافة الى تقييد إضافي على ما يعرف ب»أسطول الظل»، عبر فرض عقوبات على 73 ناقلة إضافية تستخدم لنقل النفط الروسي الخاضع بدوره للعقوبات الغربية. وسيقوم الاتحاد الأوروبي بفصل 13 مصرفا روسيا إضافيا عن نظام «سويفت» الدولي للتحويلات المالية، وإضافة ثماني وسائل إعلام روسية الى قائمة الوسائل التي يحظر عليها البث في أوروبا.
من جهتها ناشدت وزيرة خارجية الاتّحاد الأوروبي كايا كالاس، الولايات المتّحدة «عدم الوقوع في الفخاخ الروسية»، محذّرة من أنّ موسكو قد تحاول زرع الشقاق بين الغربيين، وكتبت كالاس على منصة إكس «لقد تحدثتُ مع وزراء الخارجية الأوروبيين، ومع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بعد محادثاته في الرياض. روسيا ستحاول تقسيمنا. دعونا لا نقع في فخاخهم»، مؤكدة أنّه «بالتعاون مع الولايات المتحدة ، يمكننا تحقيق سلام عادل ودائم - بشروط أوكرانيا».
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو امس الأربعاء إن نظيره الأميركي أبلغ وزراء الخارجية الأوروبيين بأن الولايات المتحدة تريد التوصل إلى اتفاق سلام مستدام في أوكرانيا. وذكر بارو لإذاعة آر.تي.إل «تحدثت مع نظيري الأميركي. وأخبرني مرة أخرى بأن هدفهم ليس وقفا هشا لإطلاق النار أو فترة توقف مؤقتة تسمح لروسيا بإعادة بناء قواتها، بل تحقيق سلام دائم».
ولم يستبعد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس مشاركة ألمانيا في قوة حفظ سلام أوروبية محتملة في أوكرانيا ، لكنه اعتبر أن المناقشة العامة حول هذا الأمر سابقة لأوانها. وقال بيستوريوس ردا على سؤال حول هذا الأمر في تصريحات لمحطة «دويتشلاند فونك»: «لم يستبعد المستشار ولا أنا هذا الأمر على الإطلاق. على العكس من ذلك، قلنا كلانا إن الوقت لم يحن بعد لمناقشة هذا الأمر علنا». وذكر الوزير أن بلاده - باعتبارها الشريك الأكبر لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا - «ستشارك في كل إجراء مُجدٍ لحفظ السلام»، موضحا في المقابل أن التركيز هنا ينصب على ما هو مُجدٍ وآمن، مضيفا أنه ما دام ليس من الواضح ما إذا كانت ألمانيا ستشارك في عملية السلام، فإنه «لن يضع الآن على الطاولة أمام الرئيس الأميركي أو الرئيس الروسي ما أنا مستعد للقيام به وما لست مستعدا للقيام به»، مؤكدا أنه لا يمكن ضمان السلام في أوكرانيا بدون قدرات الردع الأميركية ضد روسيا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
فانس: ترمب سيتجنب الحروب المفتوحة وسيستخدم القوة العسكرية بحسم
قال نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، لخريجي أكاديمية عسكرية، اليوم الجمعة، إن الرئيس دونالد ترمب يعمل على ضمان إرسال القوات المسلحة الأميركية إلى مناطق الخطر فقط في حال وجود أهداف واضحة، وليس في «المهام غير المحددة» و«الصراعات المفتوحة»، كما حدث في الماضي. وأوضح فانس، في خطابٍ ألقاه خلال حفل التخرج بالأكاديمية البحرية الأميركية، أن نهج ترمب «لا يعني تجاهل التهديدات، بل يعني التعامل معها بانضباط، وإذا أرسلناكم إلى الحرب، فإننا سنفعل ذلك مع وضع مجموعة محددة للغاية من الأهداف في الحسبان»، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية للأنباء. وتابع فانس أن البديل في عهد إدارة ترمب سيكون تنفيذ ضربات عسكرية بشكل أسرع، مشيراً إلى القصف الذي أمر به ترمب مؤخراً - ثم أوقفه دون نتائج واضحة - ضد المسلّحين الحوثيين في اليمن. واستطرد قائلاً: «هكذا يجب استخدام القوة العسكرية، بشكل حاسم وبهدف واضح».


Independent عربية
منذ 4 ساعات
- Independent عربية
ترمب يوقع أوامر تنفيذية لتعزيز الطاقة النووية الأميركية
وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الجمعة، أربعة أوامر تنفيذية تهدف، بحسب مستشاره، إلى إطلاق "نهضة" الطاقة النووية المدنية في الولايات المتحدة، مع طموح بزيادة إنتاج الطاقة النووية أربع مرات خلال السنوات الـ25 المقبلة. ويريد الرئيس الأميركي الذي وعد بإجراءات "سريعة للغاية وآمنة للغاية"، ألا تتجاوز مدة دراسة طلب بناء مفاعل نووي جديد 18 شهرا، ويعتزم إصلاح هيئة التنظيم النووي، مع تعزيز استخراج اليورانيوم وتخصيبه. وصرح ترمب للصحافيين في المكتب البيضوي: "الآن هو وقت الطاقة النووية"، فيما قال وزير الداخلية دوغ بورغوم إن التحدي هو "إنتاج ما يكفي من الكهرباء للفوز في مبارزة الذكاء الاصطناعي مع الصين". وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض طلب عدم الكشف عن هويته للصحافيين: "نريد أن نكون قادرين على اختبار ونشر المفاعلات النووية" بحلول يناير (كانون الثاني) 2029. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتظل الولايات المتحدة أول قوة نووية مدنية في العالم، إذ تمتلك 94 مفاعلاً نووياً عاملاً، لكن متوسط أعمار هذه المفاعلات ازداد حتى بلغ 42 سنة. ومع تزايد الاحتياجات على صعيد الكهرباء، والتي يحركها خصوصاً تنامي الذكاء الاصطناعي، ورغبة بعض البلدان في الاستغناء عن الكربون في اقتصاداتها، يزداد الاهتمام بالطاقة النووية في جميع أنحاء العالم. والعام 2022، أعلنت فرنسا التي تبقى صاحبة أعلى معدل طاقة نووية للفرد بواقع 57 مفاعلا، برنامجا جديدا يضم ستة إلى 14 مفاعلا. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل أول هذه المفاعلات العام 2038. وتظل روسيا المصدر الرئيسي لمحطات الطاقة، إذ لديها 26 مفاعلا قيد الإنشاء، بينها ستة مفاعلات على أراضيها.


الشرق السعودية
منذ 4 ساعات
- الشرق السعودية
بعد التقارب الأميركي السوري.. مستقبل "قسد" بين ضمانات واشنطن وضغوط أنقرة
لم يكن لقاء الرئيسين السوري أحمد الشرع والأميركي دونالد ترمب في 18 مايو الجاري، وما رافقه من إعلان رفع العقوبات الأميركية عن دمشق، مجرد تحول في سياسة واشنطن تجاه الحكومة السورية الجديدة، بل شكّل منعطفاً مهماً يفتح باب التساؤل حول مستقبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أحد أبرز التشكيلات العسكرية المحلية التي نشأت خلال الأزمة السورية. وعلى مدار 10 سنوات، لم تكن "قسد" مجرد قوة عسكرية مدعومة من واشنطن، بل كياناً عسكرياً إدارياً مدعماً بشرعية الحرب على تنظيم "داعش" ومحاطاً بشبكة من التوازنات المعقدة. لكن اليوم، وفي ظل تغير التموضع الأميركي في العلاقة مع السلطة السورية الجديدة، تجد "قسد" نفسها أمام سؤال خطير: هل تتحول إلى مكوّن أساسي داخل الدولة.. أم كيان مهمش؟ ولأكثر من عقد، تجنبت واشنطن فتح قنوات مباشرة مع القيادة السورية، حتى جاء اللقاء الذي رعته الرياض وشاركت فيه أنقرة، حيث أعلن الرئيس الأميركي رفع جميع العقوبات المفروضة على دمشق، مؤكداً "اتخاذ الخطوات الأولى باتجاه استعادة العلاقات الطبيعية بين الولايات المتحدة وسوريا". موقف دمشق: لا شرعية وفي 10 مارس الماضي، وقّعت الحكومة السورية و"قسد" اتفاقاً يقضي بإعادة دمج الأخيرة ضمن مؤسسات الدولة ورغم أن التفاصيل لا تزال غامضة، فإن المعطيات تشير إلى نهاية زمن "الإدارة الذاتية" ككيان مستقل وبداية مرحلة من الدمج التدريجي. وأكد مصدر حكومي سوري لـ"الشرق"، أن "الاتفاق يضمن عودة وحدات "قسد" إلى صفوف الدولة، تحت إطار أمني غير سياسي"، مشدداً على أن "ما جرى هو تسوية مرحلية لبسط السيادة، لا اعتراف بشرعية موازية". وأضاف المصدر أن "التواصل الثلاثي الأخير بين أنقرة وواشنطن ودمشق يعكس إدراكاً متزايداً لدى مختلف الأطراف بأن استمرار الوضع القائم لم يعد قابلاً للاستدامة"، مشيراً إلى أن هذا التقارب إذا تطور إلى تنسيق فعال "فقد يوفر البيئة السياسية والأمنية اللازمة لترجمة الاتفاق بين الحكومة السورية وقسد إلى خطوات تنفيذية على الأرض". ولفت إلى أن هذه المرحلة "ليست مجرد تفاهم عابر، بل لحظة اختبار حقيقية لمفهوم الدولة الواحدة ولإمكانية بناء مشروع وطني يعيد سوريا إلى دورها الإقليمي من بوابة الاستقرار الداخلي أولاً". "قسد".. من قبول الدمج إلى رفض الإقصاء وفي 15 مايو الجاري، صرّح قائد "قسد" مظلوم عبدي لموقع "نورث برس" المحلي، بأن لقاء الشرع وترمب "يمهّد لمرحلة جديدة من الحوار البنّاء، بما يخدم إعادة الاستقرار والسلام إلى سوريا". وأضاف عبدي: "نؤمن بأن الشراكات الإقليمية والدولية تمثل ركيزة أساسية لضمان مستقبل مستقر وآمن لجميع السوريين، ونعرب عن استعدادنا للتعاون مع جميع الأطراف على هذا الأساس". وفي مقابلة مع "الشرق"، شدد رياض ضرار، الرئيس المشترك للمكتب الاستشاري لمجلس "سوريا الديمقراطية"، على أن الاتفاق بين الرئيس السوري وقائد "قسد" جرى بتنسيق مباشر مع الولايات المتحدة، التي يرى أنها تلعب دوراً في دعم "الدولة السورية الجديدة" لتصبح كياناً سياسياً قادراً على تجاوز الأزمات الداخلية. وشدد على أن واشنطن لا تستطيع الدفع بمفردها في هذا الاتجاه، وأن النجاح السياسي يتطلب من الحكومة السورية نفسها أن تتصرف "بمنطق وطني لا طائفي"، موضحاً أن "قسد" لا تخشى عملية الدمج بحد ذاتها، وإنما ما وصفه بـ"العقلية الإقصائية التي تحاول إدارة المرحلة بعقل أمني منفصل عن أي توافق سياسي حقيقي". وأضاف ضرار: "الاتفاق السياسي هو المدخل لأي عملية دمج. حتى الآن لا يوجد شكل سياسي واضح للدولة، ولا روح دستورية جامعة. الإعلان الدستوري الحالي يعكس رؤية أحادية لا تصلح مرجعية لغالبية السوريين". وأشار الرئيس المشترك للمكتب الاستشاري لمجلس "سوريا الديمقراطية"، إلى أن الحوار الوطني الشامل هو الضامن الوحيد لأي تسوية مستدامة، منتقداً في المقابل ما وصفه بـ"الرؤية الفوقية" لدى الإعلام الرسمي الذي يستمر في تصوير الشمال الشرقي كمنطقة انفصالية، رغم أن الاتفاق الموقع يركز على المصالحة لا التقسيم. وعن الترتيبات العسكرية، انتقد ضرار هيكلية وزارة الدفاع الحالية، داعياً إلى الابتعاد عن الإدارة "بعقلية الميليشيات لا المؤسسات"، قائلاً إن الترقيات والتعيينات "تُمنح على أساس الولاء لا الكفاءة"، واستشهد بتعيين أحمد إحسان فياض الهايس المعروف باسم "أبو حاتم شقرة" قائداً لفرقة عسكرية في الشمال الشرقي، والذي كان قائداً لفصيل (أحرار الشرقية) السابق الموالي لتركيا، متسائلاً عن مصداقية هذا التعيين وغيره في ظل الحديث عن دمج "قسد" ضمن المنظومة الرسمية. وشدد ضرار على أن "قسد" ليست قوة كردية فقط، بل هي تشكيل مشترك يضم العرب والكرد ومكونات أخرى، وتمتلك تنظيماً وخبرة ميدانية تؤهلها لتكون شريكاً حقيقياً في أي هيكل عسكري جديد ورفض فكرة تسليم السلاح كشرط أولي معتبراً أن المسألة "يجب أن تُدار عبر تفاوض شفاف ومتكافئ". أما فيما يخص ملف الثروات، فأكد ضرار أن إدارة الموارد الطبيعية مسألة مركزية لا يمكن تجاوزها في أي تسوية، داعياً إلى إنشاء مؤسسات رقابية لضمان الشفافية في توزيع العوائد، لا سيما أن مناطق "الإدارة الذاتية كانت الأكثر تهميشاً واستنزافاً طوال السنوات الماضية". ووجّه ضرار تساؤلاً بشأن غياب التمثيل الفعلي لأبناء شمال شرق سوريا داخل الحكومة المركزية، معتبراً أن "التعيينات الحالية ذات طابع رمزي، ولا تعكس توازن القوى الفاعلة على الأرض". أنقرة: أمن الحدود أولاً ويرى الباحث في العلاقات الدولية والمستشار الإعلامي التركي طه عودة أوغلو، أن التحولات المتسارعة في الملف السوري، خصوصاً بعد اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي بنظيره السوري، فتحت الباب أمام تفاهمات جديدة، تتضمن على ما يبدو إعادة ترتيب العلاقة بين دمشق و"قسد"، وربما إشراكها في هياكل الدولة السورية الجديدة، وهو ما تتابعه أنقرة بحذر بالغ. وأكد عودة أوغلو لـ"الشرق"، أن مسار تسوية العلاقة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني يشهد تقدماً تدريجياً، لكن موقف أنقرة من "قسد" لا يزال يشكل عقدة أساسية أمام تقدم المفاوضات بشكل أكثر وضوحاً. وأشار إلى أن زيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي، إبراهيم كالن، إلى دمشق مؤخراً، حملت في طياتها رسائل واضحة تتعلق بمدى ارتباط "قسد" بالملف الكردي الأوسع، استعداد الحكومة السورية لمعالجة الهواجس التركية. وقال عودة أوغلو: "المسار يسير، لكن بحذر. أنقرة تضع في اعتبارها أولاً أمن حدودها، وإذا تم دمج قسد كأفراد أو كوحدات داخل مؤسسات الدولة السورية برعاية وضمان دوليين، فإن تركيا قد تنظر بإيجابية إلى هذا السيناريو شريطة ألا يبقى لقسد كيان مستقل أو مسلح". وشدد الباحث التركي على أن أنقرة بدأت خطوات داخلية لحل المعضلة الكردية، وقد لا تمانع في التعاون مع واشنطن أو دمشق إذا كان ذلك يضمن استقراراً طويل الأمد على حدودها الجنوبية، لكنه حذر من أن استمرار الغموض الحالي سواء في طبيعة الاتفاق أو في مصير السلاح بيد "قسد" قد يقود إلى سيناريوهات غير محسوبة التأثير. وأوضح أن ملف "قسد" لا يمكن عزله عن معادلة العلاقات التركية–الأميركية ولا عن ترتيبات ما بعد التقارب الأميركي–السوري، معتبراً أن الأمر بات يرتبط بإعادة هيكلة أولويات واشنطن في سوريا، خصوصاً أن البيت الأبيض أبدى التزاماً علنياً بدعم أي مسار يضمن انتقالاً سياسياً غير طائفي ويحول دون تجدد النزاعات. وأشار إلى أن دمشق قد تجد نفسها أمام ضرورة تهدئة المخاوف التركية وتقديم ضمانات أمنية كافية، إذا أرادت المضي قدماً في بناء الدولة السورية المستقبلية، مضيفاً أن قسد مطالبة بـ"إعادة تعريف دورها في إطار الدولة الواحدة لا كجسم مواز". من جهته، أكد المحلل السياسي التركي مصطفى أوزجان، أنه بالرغم من التطورات السياسية الأخيرة في الملف السوري لا تزال أنقرة ترى في "قسد" وتحديداً وحدات حماية الشعب امتداداً مباشراً لحزب العمال المصنّف "منظمة إرهابية"، وهو ما يجعلها ترفض انضمامه إلى الحكومة السورية الجديدة أو أي دور مستقل لها في مستقبل البلاد. ورغم أن أنقرة لطالما طالبت بوقف الدعم الأميركي لـ"قسد"، فإنها اليوم تبدي ترحيباً متحفظاً بالتقارب الأميركي السوري، فقد أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع ثلاثي جمعه بوزيري خارجية سوريا والولايات المتحدة في أنطاليا أهمية استمرار الولايات المتحدة في الانخراط مع الإدارة السورية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على قدرات الدولة السورية لمواصلة محاربة "داعش"، كما أشار إلى أن الشعب السوري "يطمح للعيش في بيئة يسودها الأمن والاستقرار والرفاهية"، داعياً إلى توجيه التطورات في سوريا نحو المسار الصحيح. لكن تركيا تراقب عن كثب تفاصيل الاتفاق بين واشنطن ودمشق وتخشى من ترتيبات تُبقي على نفوذ محدود لـ"قسد"، خاصة في المناطق الحدودية. وأوضح مصطفى أوزجان لـ"الشرق"، أن الموقف التركي "يستند إلى مقاربة أمنية صلبة"، تنظر إلى ما يجري في شرق الفرات من زاوية التهديدات المباشرة للأمن القومي التركي. وزاد: "أنقرة لا تقبل بأي صيغة تعيد إنتاج نفوذ حزب العمال الكردستاني تحت غطاء سوري داخلي.. ولهذا فإنها تتعامل بحذر شديد مع أي محاولة لإعادة دمج قسد من دون مراجعة عميقة لبنيتها". فرصة مشروطة للتفاهم رغم التحفظ التركي المعلن، أقر أوزجان بأن ثمة تعقيداً متزايداً في المشهد، خصوصاً في ظل تقارب واشنطن مع دمشق ومحاولات الأخيرة إيجاد آلية للتعامل مع "قسد" بصفتها قوة موجودة على الأرض. وأكد أن النظام السوري الجديد وإن كان يتفهم الهواجس التركية، إلا أنه يجد نفسه مضطراً للتعامل مع "قسد" سواء عبر احتوائها أو التفاوض معها. وقال أوزجان: "هذا التعامل محكوم باعتبارات عدة، أولها رغبة دمشق في استعادة السيادة الكاملة وثانيها ضرورة تجنب صدام مع قوى تمتلك بنية عسكرية منظمة، وثالثها ضغوط الحلفاء الدوليين وفي مقدمتهم واشنطن". واعتبر أوزجان أن الفرصة لا تزال قائمة للتوصل إلى صيغة تفاهم ثلاثية، بين دمشق وقسد وأنقرة، لكن ذلك مشروط بتراجع أي نوايا لتأسيس كيان كردي مستقل شرق الفرات أو استمرار نموذج الإدارة الذاتية الحالي الذي تعتبره تركيا "تهديداً غير مقبول". وشدد على أن الملف الكردي في سوريا "لم يعد ملفاً محلياً صرفاً، بل بات جزءاً من شبكة توازنات إقليمية ودولية معقدة حيث تلعب واشنطن دور الوسيط والموازن في آن واحد، بما يعزز أو يضعف فرص التفاهم حسب سلوك الأطراف". واعتبر أوزجان أن "الرهان على تصورات أيديولوجية أو انفصالية لم يعد واقعياً"، مضيفاً أن "العقلية التي تأسس عليها حزب العمال الكردستاني، لم تعد مناسبة لبناء مستقبل سياسي سوري جامع" في إشارة إلى ضرورة مراجعة هذه الأطروحات من قبل القوى الكردية، قائلاً: "ما تحتاجه هذه القوى هو مراجعة جدية تعترف بأن الحل الوحيد يمر عبر الدولة السورية، لا بتجاوزها".