
كيف ترد على النقد من مديرك دون أن تخسر احترامك؟ 4 ردود ذكية تُظهر وعيك
اشكر على الملاحظة أولًا
الخطوة الأولى في التعامل مع أي نقد هي أن تتقبله بشكل ظاهر دون دفاع مباشر. حين تبدأ ردك بالشكر على الملاحظة أو التنبيه، فأنت تعطي انطباعًا فوريًا بأنك لا تتهرب من المسؤولية. هذه البداية تُطفئ نار التوتر في الحوار، وتُظهر أنك قادر على تقبّل التقييم بهدوء. كثير من المديرين لا يتوقعون تبريرًا مباشرًا بقدر ما يريدون رؤية نضج في استقبال الملاحظة، وهذه الجملة البسيطة تكسبك احترامًا قبل أن تبدأ بأي توضيح.
تعرف: هام للموظفين.. ما هي المهارات الشخصيّة الأهمّ في بيئة العمل؟
اعترف بالخلل بوضوح
إذا كان هناك خطأ واضح، لا تحاول التهرب منه أو تغليفه. الاعتراف المباشر والمسؤول يعطي شعورًا بأنك شخص قادر على تقييم ذاته، وهذه من الصفات النادرة في بيئة العمل. حين تقول إنك تلاحظ الخطأ وتدرك تأثيره، فأنت تنزع الحرج عن مديرك وتُظهر شجاعة في المواجهة. وهذا لا يضعف صورتك، بل يعكس صدقك واحترافيتك، خاصة إن تبعت هذا الاعتراف بخطوة عملية لمعالجة الوضع.
اشرح خلفية الموقف بهدوء
بعد تقبلك للنقد واعترافك إن وُجد خلل، يمكنك أن تشرح الأسباب أو السياق الذي أدى للموقف. لكن الأهم أن تفعل ذلك دون لهجة دفاعية أو تبريرية. الهدف ليس أن تبرر، بل أن تُظهر صورة كاملة تشرح بها المنطق الذي تصرّفت به. هذا التوازن يمنحك فرصة لتوضيح وجهة نظرك، دون أن تظهر وكأنك تتهرّب أو تتذرّع. الموظف الواعي يعرف كيف يروي القصة دون أن يلوم أحدًا، ودون أن يحاول قلب الطاولة.
اقترح حلًا مباشرًا
ما يثبت احترافيتك في الرد على النقد ليس فقط هدوءك، بل أيضًا الخطوة التي تطرحها بعد انتهاء الحوار. حين تُنهي الموقف باقتراح حل، أو تعد بخطوة تصحيحية واضحة، فأنت تُظهر أنك لا تنتظر التوجيه فقط، بل تتحرك من تلقاء نفسك. المدير في هذه اللحظة لا يرى فقط موظفًا تلقى نقدًا، بل قائدًا صغيرًا قادرًا على التصرف تحت الضغط. هذه النقطة هي ما تحوّل النقد من لحظة مربكة إلى فرصة لإثبات القوة والثقة.
لماذا يخسر بعض الموظفين احترامهم عند أول نقد؟
لأن الرد يعكس الوعي الذاتي: الموظف الذي يعرف نفسه جيدًا لا يتعامل مع النقد كتهديد، بل كفرصة للوضوح. وعيه بذاته يجعله قادرًا على فصل شخصيته عن ملاحظات الأداء، فيرد بذكاء دون أن يُهتز داخليًا أو يفرط في التبرير.
لأن الإدارة تراقب أسلوب التصرف: المدير لا يتأثر فقط بما تقوله، بل بكيف تقوله. نبرة الصوت، لغة الجسد، واختيار الكلمات كلها ترسل إشارات غير مباشرة عن مستوى نضجك. الرد الذكي يترك أثرًا حتى بعد انتهاء الحديث.
لأن الثقة لا تعني العناد: الموظف القوي لا يتمسك برأيه عند كل نقد، بل يعرف متى يعترف، ومتى يشرح، ومتى يصمت. هذه المرونة الناضجة لا تقلل من هيبته، بل تمنح من حوله ثقة أكبر بقدرته على التعلّم والتحسن دون حساسية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة سيدتي
منذ 5 ساعات
- مجلة سيدتي
كيف ترد على النقد من مديرك دون أن تخسر احترامك؟ 4 ردود ذكية تُظهر وعيك
اللحظة التي يُوجّه إليك فيها نقد من مديرك ليست لحظة عادية. تتوقف فيها لغة الجسد، يتباطأ الزمن في رأسك، ويصبح لكل كلمة تقولها وزن مضاعف. البعض يرد بانفعال، فيخسر صورته و ثقة الإدارة. البعض الآخر يصمت بتوتر ، فيبدو مرتبكًا وضعيفًا. لكن القلة فقط يعرفون كيف يردون بحكمة ، فيُظهرون وعيًا واحترامًا دون أن يتنازلوا عن حضورهم. في هذا المقال، نقدم لك أربع ردود ذكية تحميك من التوتر وتمنحك صورة الموظف المتزن مهما كان الموقف صعبًا. بحسب ما يشير إليه الصحفي والخبير في التنمية البشرية، ابراهيم السواحرة. اشكر على الملاحظة أولًا الخطوة الأولى في التعامل مع أي نقد هي أن تتقبله بشكل ظاهر دون دفاع مباشر. حين تبدأ ردك بالشكر على الملاحظة أو التنبيه، فأنت تعطي انطباعًا فوريًا بأنك لا تتهرب من المسؤولية. هذه البداية تُطفئ نار التوتر في الحوار، وتُظهر أنك قادر على تقبّل التقييم بهدوء. كثير من المديرين لا يتوقعون تبريرًا مباشرًا بقدر ما يريدون رؤية نضج في استقبال الملاحظة، وهذه الجملة البسيطة تكسبك احترامًا قبل أن تبدأ بأي توضيح. تعرف: هام للموظفين.. ما هي المهارات الشخصيّة الأهمّ في بيئة العمل؟ اعترف بالخلل بوضوح إذا كان هناك خطأ واضح، لا تحاول التهرب منه أو تغليفه. الاعتراف المباشر والمسؤول يعطي شعورًا بأنك شخص قادر على تقييم ذاته، وهذه من الصفات النادرة في بيئة العمل. حين تقول إنك تلاحظ الخطأ وتدرك تأثيره، فأنت تنزع الحرج عن مديرك وتُظهر شجاعة في المواجهة. وهذا لا يضعف صورتك، بل يعكس صدقك واحترافيتك، خاصة إن تبعت هذا الاعتراف بخطوة عملية لمعالجة الوضع. اشرح خلفية الموقف بهدوء بعد تقبلك للنقد واعترافك إن وُجد خلل، يمكنك أن تشرح الأسباب أو السياق الذي أدى للموقف. لكن الأهم أن تفعل ذلك دون لهجة دفاعية أو تبريرية. الهدف ليس أن تبرر، بل أن تُظهر صورة كاملة تشرح بها المنطق الذي تصرّفت به. هذا التوازن يمنحك فرصة لتوضيح وجهة نظرك، دون أن تظهر وكأنك تتهرّب أو تتذرّع. الموظف الواعي يعرف كيف يروي القصة دون أن يلوم أحدًا، ودون أن يحاول قلب الطاولة. اقترح حلًا مباشرًا ما يثبت احترافيتك في الرد على النقد ليس فقط هدوءك، بل أيضًا الخطوة التي تطرحها بعد انتهاء الحوار. حين تُنهي الموقف باقتراح حل، أو تعد بخطوة تصحيحية واضحة، فأنت تُظهر أنك لا تنتظر التوجيه فقط، بل تتحرك من تلقاء نفسك. المدير في هذه اللحظة لا يرى فقط موظفًا تلقى نقدًا، بل قائدًا صغيرًا قادرًا على التصرف تحت الضغط. هذه النقطة هي ما تحوّل النقد من لحظة مربكة إلى فرصة لإثبات القوة والثقة. لماذا يخسر بعض الموظفين احترامهم عند أول نقد؟ لأن الرد يعكس الوعي الذاتي: الموظف الذي يعرف نفسه جيدًا لا يتعامل مع النقد كتهديد، بل كفرصة للوضوح. وعيه بذاته يجعله قادرًا على فصل شخصيته عن ملاحظات الأداء، فيرد بذكاء دون أن يُهتز داخليًا أو يفرط في التبرير. لأن الإدارة تراقب أسلوب التصرف: المدير لا يتأثر فقط بما تقوله، بل بكيف تقوله. نبرة الصوت، لغة الجسد، واختيار الكلمات كلها ترسل إشارات غير مباشرة عن مستوى نضجك. الرد الذكي يترك أثرًا حتى بعد انتهاء الحديث. لأن الثقة لا تعني العناد: الموظف القوي لا يتمسك برأيه عند كل نقد، بل يعرف متى يعترف، ومتى يشرح، ومتى يصمت. هذه المرونة الناضجة لا تقلل من هيبته، بل تمنح من حوله ثقة أكبر بقدرته على التعلّم والتحسن دون حساسية.


عكاظ
منذ 2 أيام
- عكاظ
الكهلة فاصلة
تجاوزت الكهلة (فاصلة) المائة عام من العمر، ولا تزال متماسكة البِنيَة، والذهن لكم عليه؛ يغيب أكثر مما يحضر، برغم احتفاظها، بطلاقة اللسان؛ وبلاغة القول، خصوصاً عندما تروي تاريخاً؛ تلتقط الحكمة، وتستحضر الشواهد الشعرية والأمثال الشعبية، إلا أنها تتلبسها فصلة مفاجئة، ربما تكون مفتعلة، لأنها وقتما تتلبسها الحالة تتبسّم لأحفادها وتغمز بعينها السليمة، وكأنها تتعمدها تصفّي حساباتها مع كل من حولها، واسمها الفعلي (نشمية) ومن يناديها فاصلة تردّ عليه (فَصَل عقلك). أقسمت لحفيدها (نشمي) بأنها لو ما لحقت على نفسها مغرب أمس لكانت ما رقدت إلا بين الصِّلي مع الفانين؛ وأضافت؛ لو مديت قدمي الثانية، من فوق العابر، كان خنطلني ملك الموت، عشان ياهب سبباً لنزع الروح؛ عوايده، مع أهلي قدامي، ثم تسرد كيف ومتى مات أبو جدها، ولا تتبرم من الشماتة فيه؛ تقول؛ لقنوه لا إله إلا الله وآبى يقولها ما غير يصيح (حمّوا الزير، وانحروا البعير، ودوشقوا السرير، يا دلالين الحمير)، وتكركر حتى تدمع عيونها، مرددةً؛ يا الله فال خير وش أغدانا عليهم؟. حافظت على رشاقتها؛ فلقماتها معدودة؛ وترفض الشبع، وما تفك؛ من شبع انفقع؛ ومن انفقع انصرع، وطيلة حياتها لم تنزع الأحجبة، التي كانت تتمنطق بها، وتعقد على الله الأمل في نجاتها، بحكم احترامها، للسادة والفقهاء، والاستشفاع ببركتهم وجاههم عند ربي، وإذا ورد اسم أحدهم قالت؛ الله يذكره بالخير، وأكثر ما ينكد عليها؛ عندما يكنسون البيت ليلاً، فتغضب، وتطالبهم يفصلون المِحْوِقة كما تطلق عليها، وتقول؛ لا تحوقون بركة بيتنا حاقتكم بقعا. واليوم لم تعد (فاصلة) تحتمل أثر المتغيرات التي طرأت على قريتها، وهي عين راصدة لحركات وسكنات أولادها وزوجاتهم وذرياتهم، وفي هذا العمر المتقدم غدت تنزعج من تحوّل مجتمع كانت ترى قوّته في تمسكه بعوائده وأعرافه وتقاليده، وكانت تحمّل بعض الوُعّاظ المسؤولية، لأنهم «غيّروا المِلّة والدِّلة» ويا ويل وسواد ليل من يتفصحن أمامها، فهي (الصندوق الأسود) للقرية، ويمكنها في لحظات تسرد ما جا وما جرى على الكبير والصغير ومن الناقة إلى البعير، وما تفك من لسانها؛ ما حمى الديره مصلّي، ما حماها إلا العُصاه. تقول (فاصلة) لبناتها وحفيداتها، الكفار حطب النار، غيّروا مذاهبنا، ودسوا لنا التعب في الراحة، وتروي كيف كانت تشيل بمفردها أعباء البيت والوادي والمرعى والاحتطاب، وترضيع البهم، وحلب البقرة، وهي في النفاس، وتسخر من زيادة أوزان الحريم، وتردد، هذي النفوخ فيكن ما هي عافية يا جيل ادفع وارفع وابلع، تغيّر أكلكم وشُربكم فتغيّرت أشكالكن وأوزانكن ومذاهبكن، وتضيف، يا كاف البلا، ثم تغنّي (حليل بنت البوره، ما كنها إلا كوره؛ في ملعب البزوره). و(فاصلة) ماهرة في افتعال الأزمات في أوقات، ثم الهدوء لساعات؛ فإذا ضجّ البيت، علّقت؛ البيت مثل السوق اللي ماله عقود ولا عقّادة؛ وإذا هدأ انزعجت من الصمت، فتشن هجومها؛ بيوتكم هابية، ووجوهكم كابيه، الرجال منبطح على بطنه فوق جواله، والمرة منكعرة على ظهرها قبالة تلفزيونها، والورعان في أحضان الشغالات والسواقين، وتتساءل؛ منين ربي يرحم صُفّة؛ أرمش وانفش، وافزع بالقش، وتصدح (اللاش ما اسمع شوره، يندس تحت التوره، لو كُثرت قروشه، ما شبعت كروشه) وتقطع النشيد قائلة؛ معي واهل في باطن قدمي اليسرى، فتحكها وتردد؛ الله يا من يتلحقني لا يلحقه خير. تلوم الأسرة إذا سهرت، وتعاتبها على استغراقها في النوم، وتؤكد لهم ولهنّ؛ أنها وجيلها يرقدون مغرب، ويصحون قبل ما تسفّر، يهللون ويكبّرون وكل نفس تلمح لها ضيعة، وتدير وجهها نحو الابن الكبير وتقول؛ واللي ما معه ضرس وناب، تتعشاه الذياب، وتفقد بعينها، أن الرجال لو ما يلقى ولا يلتقي، هيبته محفوظة، وحرمته عضد وسند، وتعرّج على حفلات الزواج، قائلة؛ العروس إذا راحت ما يتناصف الليل إلا وهي كما أمها، وذلحين ما تركب سيارة الزفة إلا مع الفجر، وإذا طلع النهار تناكحوا، حزّة مناكحة الكلاب. وتنتقد علاقات ومشاعر الأمهات الباردة تجاه الأطفال؛ فترى أن الدجاجة تحرز بيضها، وتضم فرانيجها تحت جنحانها، وما تنكر منهم واحد، ولا تغفل عنه، لين تطّمن أن كل واحد شال نفسه، وتغرّب على نسوان هذا الوقت، متعجبة كيف تفلح عن زوجها ومولودها باقي في الطمرة، وما درت عن اللي بردان من اللي دافي من العيال، وما عليها إلا من نفسها تتمارى وتتمايل، وتتبدّى للسافل والهامل. وتعزو قوة صلة الرحم سابقاً، إلى كون العيال يأكلون من المزارع، والمقابر محيطة بها، فالحنطة والشعير والذرة والعدس، تشرب عصارة أجساد الموتان؛ فتغذيهم بروح الأخوة والعزوة والشيمة، فيما هذا الزمان صاروا يأكلون من الطحين المستورد؛ اللي يسمدونه بزبل الدجاج؛ وتضحك بثغر خالٍ من معظم أسنانه؛ وهي تقول؛ إنتم ما تشوفون الدجاج يخرج من عشة واحدة، ويحثي التراب والدمن في وجيه بعضه، وصياصانه تناقر وهي دوبها فقست من البيض. وكم توقفت طويلاً أمام ملامح المواليد الجدد وكثرة حركتهم وصراخهم في البيوت، وتصفهم بلقوفة الشياطين، وتضيف؛ كانت الآدميّة تتوحم على جدها وخالها وتلد في بيتها، واللي عندها يسمين عليها، ويلتقفن المولود ولسانهن ما يفتر من ذكر الله؛ ويوجرونه بسمن البقر، ويحنكونه بتمرة من تمر ديارنا، وحريم بقعا في ذا الزمن، توحّم على هندي وسندي واللي ماهب عندي؛ من اللي تشوفهم في التلفزيون والأسواق، لين تغيرت وتبدلت وجيه وأعمار عيالنا؛ وإذا ولدت استقبلته واحدة لا نعرف مذهبها ولا دينها سماعتها في إذنها ومسجلّها يدندن، ويسمع المولود برطقتها ويلتقطها قلبه قبل لسانه، ثم تنشد؛ منين ياجي في قوم ياجوج وماجوج خير ولا نفعة؟!. إذا أحد قال لها؛ استحي يا عمّة (فاصلة) من بعض الهروج، ردّت؛ ما خليتم للحياء منسم الإبرة، وعندما عرضها ابنها على أطباء، كلهم أكد أنها بألف عافية، وهي ترفض الذهاب للمستشفيات؛ وترى أنه ما يشافي ولا يعافي إلا ربي؛ وإذا زوّدها ابنها البكر معها؛ قالت خلك يا الديك الأصمع، مع المنتّفَه حقّتك اللي نتّفت ريشك، وما بقي لك إلا ريشتين في ذيلك لا فيها بركة ولا تحميك من الديكة؛ فتعلّق زوجة ابنها؛ أقدى من سماك فاصلة يا كهلة نوح ما عاد معك من عقلك سُلته، وإذا شعرت أنها زعلت عليها؛ ولكونها تحتاجها؛ تطري خالها اللي كان يقص أظلاف غنم القرية في ضحوة، ويخصّي الطليان بسنونه؛ وإذا نامت القرية لبس له جاعد وتنسبل على المخاريق، مخلاته في جنبه؛ ومرزقه في دربه، فيضحك ابنها ويقول لزوجته؛ مدري أمي تمدح جدك والا تتشمت به؟ فتردّ؛ الله يركبك الجبال إنت وأمك، ما تخافون الله تشوفون عيوب الناس ما شفتم عيوبكم؛ أمك فاصلة وأنت أفصل منها. أخبار ذات صلة


الرياض
١٩-٠٦-٢٠٢٥
- الرياض
صبابة القولفِي المَنَاهِجِ النَّقدِيَّةِ.. المَنهَجُ السِّيميَائِيُّ
تعود أصول هذا المنهج النقدي إلى كلمة (سيمياء) المشتقة من الجذر اللغوي (وسم)، وقد وردت هذه الكلمة في بعض آيات من القرآن الكريم بمعنى (العلامة)، قال تعالى: "تَعْرِفُهُم بِسِيماهُمْ"، وقال تعالى: "وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ"، وقال تعالى: "وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ"، وقوله تعالى: "وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ"، وقوله تعالى: "سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ"، وقال تعالى: "يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ"، ويكاد أن يتفق المفسرون على أن معاني (السيما): العلامة على الشيء. كما جاء هذا المعنى (العلاماتي) في الحديث النبوي الشريف، ففي صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: "يَخْرُجُ ناسٌ مِن قِبَلِ المَشْرِقِ، ويَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لا يُجاوِزُ تَراقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لا يَعُودُونَ فيه حتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إلى فُوقِهِ، قيلَ ما سِيماهُمْ؟ قالَ: سِيماهُمُ التَّحْلِيقُ - أوْ قالَ: التَّسْبِيدُ"، وجاء في شرح الحديث: سيماهم: أي علامتهم، وأوصافهم. وفي كتاب (الكامل في اللغة والأدب) للمبرد (285هـ)، وهو أحد أركان الأدب وأعمدته، نجد هذا النص: "ومعنى قوله: سيما الخسف، تأويله علامة، وقال أبو عبيدة في قوله عز وجل: "مسومين"، قال: معلمين، واشتقاقه من السيما التي ذكرنا، ويقال في هذا المعنى: سيمياء، ممدود، قال الشاعر: غلام رماه الله بالحسن يافعاً / له سيمياء لا تشق على البصر". ويشتق من المنهج النقدي السيميائي مصطلحات: (السيمياء - السيميولوجيا - السيميوطيقا)، وكلها تعني: علم العلامات المرتبط بالمعنى، وقد أصبح هذا العلم اتجاهاً نقديًّا، ومنهجاً علمياً في كثير من الأبحاث والدراسات عند أهل اللغة، والأدب، والنقد، وغيرهم، وقد عُرفت ملامح هذا المنهج قديماً، غير أن أول من فكّر فيه منهجياً الغربيون، كــ: (فرديناند دي سوسير، وشارل ساندرز پيرس، وفلاديمير پروپ، ولويس خورخي پرييتو، وأمبيرتو إيكو، وألخيرداس جوليان غريماس، وتشارلز موريس، ورولان بارت، وتوماس سيبوك)، ثم تأثر العرب المعاصرون فيما بعد بجهود هؤلاء، فأفادوا في دراساتهم منها، وذلك عن طريق ترجمات بعض النقاد المغاربة ودراساتهم، إذ كان لهم فضل في جر تلك الجهود إلى الحقل العربي، كما عند: محمد مفتاح، وسعيد بنكراد، ومبارك حنون، وغيرهم. من هنا اتفق أكثر النقاد السيميائيين على أن السيميائية دراسة العلامات، أو الإشارات التي تقود إلى فهم المعنى، وهي عند العالم اللغوي السويسري (فرديناند دي سوسير 1913م): "علم يدرس دور الإشارات بوصفه جزءاً من الحياة الاجتماعية" وهو ما يمكن أن نصفه بالممارسة اللغوية الاجتماعية، أو الممارسة اللغوية للحياة بشكل عام، أو كما قال العالم اللغوي، والناقد الأدبي الروسي (رومان ياكبسون 1982م) بأن السيميائية: "علم الإشارات العام"، وهو تعريف موجز وجامع؛ لأنه يدخل في إطاره كل ما تؤديه الإشارة. وقد يكون الناقد الإيطالي (إمبرتو إيكو 2016م) أكثر توسّعاً في تعريفه الموجز للسيميائية عندما عرّفها بأنها: "كل ما يمكن اعتباره إشارة"؛ لذلك فالسيميائية ليست محصورة في الإشارات، والعلامات، والرموز في حد ذاتها، بل إنها تتسع لتشمل كل ما ينوب عن العلامات أيضاً؛ ولهذا يقول (دانيال تشاندلر) في كتابه (أسس السيميائية): "من منظور سيميائي، تأخذ الإشارات شكل كلمات، وصور، وأصوات، وإيماءات، وأشياء"، ونحوها من الوسائل التي توصل إلى كيفية صناعة المعنى؛ لذلك هي عند الفيلسوف الأمريكي (تشارلز بيرس 1914م) : "دستور شكلاني للإشارات". د. فهد إبراهيم البكر