
الأبعاد الاقتصادية لصفقة استيراد مصر للغاز من إسرائيل
وفي بلد مثل مصر، يصل عدد سكانه إلى نحو 110 ملايين نسمة تقريبًا، ويحتاج إلى معدل نمو لا يقل عن 5% سنويًا ولفترات ممتدة، حتى يمكن مواجهة مشكلة البطالة ، واستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل، يتطلب توفير الطاقة بشكل مستدام.
ولكن واقع الطاقة في مصر حاليًا، ومنذ سنوات، ينبئ بعجز في توفير الاحتياجات، وكانت الأزمات الدولية والإقليمية التي مر بها الاقتصاد العالمي، ذات تأثير سلبي على مصر من حيث تكلفة توفير الطاقة، حدث ذلك إبان أزمة الطاقة في عامي 2006 و2007، وكذلك في الفترة من 2003 إلى منتصف 2014، وبعد اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
كان ثمة ملمحان بارزان على عجز الطاقة في مصر، من بعد عام 2013:
الأول ما نفذته مصر من تحرر أسعار الطاقة، وارتفاع أسعار الوقود والكهرباء للمنازل والمصانع والمنشآت التجارية، بمعدلات غير مسبوقة؛ فعلى سبيل المثال ارتفع سعر لتر بنزين 92 من 1.8 جنيه في عام 2013 إلى 12.5 جنيه في عام 2024.
الملمح الثاني، عندما توقف تصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر، بسبب حربها على غزة، وتأثرت الصناعة في مصر تأثرا واضحا وأُعلن عن توقف بعض الصناعات، أبرزها صناعة الأسمدة.
لكن ما أُعلن أخيرًا عن تمديد اتفاقية استيراد مصر للغاز الطبيعي من إسرائيل ، إلى عام 2040، وبتكلفة مالية قدرها 35 مليار دولار، ترك العديد من الأسئلة عن التداعيات الاقتصادية لهذا الاتفاقية وأثرها على الاقتصاد المصري.
ما حقيقة فجوة الطاقة في مصر؟
لا تزال الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر محدودة من حيث الأداء والتأثير، وتعتمد مصر بشكل كبير على الطاقة التقليدية من الوقود الأحفوري (النفط، والغاز الطبيعي، والفحم) شأنها شأن غالبية دول العالم، ووفق بيانات النشرة المعلوماتية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن مصر تعاني من عجز وتراجع في إنتاج النفط والغاز مقارنة بحجم الطلب المحلي.
في أبريل/نيسان 2024 بلغ إنتاج مصر من النفط والغاز 5.5 ملايين طن، وتراجع هذا الإنتاج في أبريل/نيسان 2025 إلى 4.7 ملايين طن، في حين زاد الاستهلاك في نفس الفترة من 6.2 ملايين طن إلى 6.3 ملايين طن.
ونلاحظ أنه في أبريل/نيسان 2024، حينما كان الإنتاج أفضل مما هو عليه في أبريل/نيسان 2025، كانت ثمة فجوة سلبية بين الإنتاج والاستهلاك، فالإنتاج كان 5.5 ملايين طن، بينما الاستهلاك 6.2 ملايين طن، بعجز يقدر بنحو 700 ألف طن.
والشاهد أن تراجع الإنتاج لم يكن مصحوبًا بتراجع في الاستهلاك، بل تزايدت فجوة عجز الطاقة خلال العام، وهي مرشحة للزيادة خلال الفترة القادمة في ضوء استمرار الصناعات كثيفة الطاقة في مصر، والتي تعتمد على الغاز الطبيعي بشكل رئيس، مثل الأسمدة والإسمنت والحديد، وكذلك حالة التوسع المنتظرة في مشروعات سياحية وعقارية لدول الخليج في مصر.
في بعض الأوقات كانت عوائد تصدير النفط أحد أهم مصادر النقد الأجنبي لمصر، ولكن مع مرور الوقت ومحدودية الموارد النفطية لمصر، تحولت الدولة إلى مستورد صاف للطاقة.
وحسب بيانات ميزان المدفوعات في مصر، يتضح أنه خلال الفترة من العامين الماليين 2019 /2020 – 2023 /2024، سجّل الميزان البترولي عجزا باستثناء عامين، هما 2021 /2022 بفائض قدره نحو 4.4 مليارات دولار، و2022 /2023 بفائض نحو 400 مليون دولار.
أما باقي الفترة فكان عجز الميزان البترولي هو الأصل، ففي عام 2023 /2024 بلغ العجز 7.6 مليارات دولار، وفي الفترة من يوليو/تموز 2024 – مارس/آذار 2025 بلغ العجز في الميزان البترولي 10.3 مليارات دولار، وفق بيانات وزارة المالية والبنك المركزي المصري.
ومن المهم في هذا الشأن، أن أرقام الصادرات البترولية، على الرغم من تواضعها أخيرًا، إلا أنها تتضمن حصة الشريك الأجنبي، وهو ما يعني أن العجز في الميزان البترولي أكبر مما هو معلن في ميزان المدفوعات.
ماذا جنت مصر من اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص؟
بعد عام 2013، تم التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص، وبموجبها سُمح لكل من مصر وإسرائيل وقبرص عمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط، وكان نصيب مصر في حقل ظهر، الذي دخل مجال الإنتاج في مطلع عام 2018، وساهم بجزء واضح في توفير احتياجات مصر من الطاقة.
ولكن الإنتاج تأثر سلبًا بهذا الحقل بشكل كبير، فبعد أن كانت إنتاجية الحقل 2.7 مليار قدم مكعب يوميًا في يناير/كانون الثاني 2024، انخفضت إلى 1.4 مليار قدم مكعب في يناير/كانون الثاني 2025، ويُرجع بعضُهم تراجع الإنتاج إلى عدم انتظام مصر في سداد التزاماتها تجاه شركة إيني الإيطالية، وثمة من يذكر سببًا آخر لتراجع الإنتاجية، لاعتبارات فنية متعلقة بالاحتياطيات المتاحة للحقل.
كانت التوقعات تذهب في بداية عمل حقل ظهر أنه يحقق لمصر الاكتفاء الذاتي من الطاقة، لكن واقع البيانات، أن مصر منذ عام 2023 /2024 تعاني من عجز في الطاقة، ترك أثره على ميزان المدفوعات.
ما مخاطر المدى الزمني للاتفاق؟
الفترة الزمنية للاتفاقيات الخاصة بالنفط والغاز، لها اعتبارها، بشرط معرفة طبيعة التسعير خلال الفترات الطويلة، ولا بد أن يرتبط التسعير في هذه الاتفاقية بأداء الأسعار في السوق الدولية، ففي حالة تثبيت الأسعار في هذه الاتفاقيات، يكون لصالح طرف على حساب طرف، ففي حالة كون السعر أعلى من السوق الدولية، يكون في صالح البائعين على حساب المشترين، وإذا كان العكس والسعر أقل من السوق الدولية، يكون الأمر لصالح المشترين على حساب البائعين.
وللأسف لا تُعلم طبيعة الاتفاق الذي أبرم أخيرًا بين مصر وإسرائيل، وأن المعلن عن الاتفاق فقط قيمته المادية التي تصل إلى 35 مليار دولار، وأنه يمتد إلى عام 2040، ومن المهم أن تكون ثمة شفافية، في سعر المليون وحدة حرارية الذي أبرم على أساسه الاتفاق.
وثمة بند مهم تتضمنه الاتفاقيات المشابهة، وتمتد إلى فترات طويلة، وهو وجود هامش للتفاوض بين الطرفين في حالة تحرك السعر في السوق الدولية هبوطًا وصعودًا بشكل كبير.
ومصر لها تجربة سابقة سلبية إبان عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك في تصدير الغاز المصري، إذ التزمت بعقد طويل المدى بتصدير الغاز لإسرائيل بسعر 1.2 دولار للمليون وحدة حرارية، في حين كانت أسعار السوق الدولية أعلى من ذلك طوال فترة التعاقد.
وبعد ثورة 25 يناير /كانون الثاني واتخاذ قرار بوقف تصدير الغاز الطبيعي من مصر لإسرائيل، لاعتبارات أمنية وكذلك احتياجات مصر من الغاز الطبيعي، هددت إسرائيل باللجوء للتحكيم الدولي والمطالبة بتعويضات باهظة، ولم يُرجع إسرائيل عن اللجوء للتحكيم إلا توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص في عام 2013.
هل توفير خط الأنابيب يبرر استيراد الغاز من إسرائيل؟
من المبررات التي يسوقها بعضهم لتمرير اتفاقية استيراد مصر للغاز من إسرائيل، وجود خط الأنابيب، الذي يسهل عملية النقل بشكل كبير، ولكن اللافت للنظر أيضًا أن مصر في الفترة الماضية تعاقدت على وحدتي تغويز (تحويل الغاز من الصورة السائلة إلى صورته الأصلية)، ترسيان الآن على الشواطئ المصرية، ولجوء مصر إلى تأجير الوحدتين، ينم عن حالة من عدم الثقة في استمرارية تدفق الغاز من إسرائيل.
وقد ترجع حالة عدم الثقة هذه لدى الجانب المصري، إلى ما تعيشه المنطقة من عدم الاستقرار، بسبب ممارسات إسرائيل العدائية على العديد من الدول العربية، وكذلك ممارساتها في غزة منذ عامين من حرب إبادة الشعب هناك.
ومن وجهة نظر اقتصادية، وجود وحدتي التغويز لدى مصر، تمكنانها من الإفادة من تعدد مصادر الاستيراد وعدم تركيزها في مصدر واحد وهو إسرائيل، فضلًا عن وجود علاقات جيدة لمصر حاليًا بدول عربية مصدرة للغاز، يمكن أن تكون بديلًا آمنًا من استيراد الغاز من إسرائيل.
جدير بالذكر أن خط أنابيب نقل الغاز بين مصر وإسرائيل تعرض غير مرة للتفجير، بعد ثورة 25 يناير 2011، وكذلك إبان عمليات العنف التي شهدتها المنطقة التي يمر بها خط الأنابيب في سيناء.
هل استيراد الغاز الإسرائيلي مكّن مصر من تصديره لأوروبا؟
ثمة خطاب مصري ركز عقب العمل في حقل ظهر عام 2018، وكذلك توقيع اتفاقية مع إسرائيل لاستيراد الغاز، بأن مصر سوف تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة، وبخاصة بعد إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط، والذي شارك فيه 7 دول، منها إسرائيل، واعتبرت القاهرة مقرًا لهذا المنتدى.
ولكن الميزان التجاري للبترول في مصر من عام 2018 وحتى الآن، لا يظهر دلالات إيجابية، أو ثقل مصر في سوق النفط الإقليمية أو العالمية، وهو ما يعني أن حلم تصدير الغاز لأوروبا، أو أن تكون مصر مركزًا إقليميًا للطاقة لم يتحقق.
دور القطاع الخاص في الاتفاق
منذ عهد مبارك، الذي أبرمت فيه أولى الاتفاقيات الخاصة بتصدير الغاز المصري لإسرائيل، وتم إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز المصري لإسرائيل، تم تمرير الاتفاقية من بوابة القطاع الخاص، مثّل الجانبَ المصري فيها شركةُ غاز شرق المتوسط المملوكة لرجل الأعمال المصري حسين سالم، وفي عام 2018، انعكس الأمر، فأصبحت مصر من تستورد الغاز الطبيعي من إسرائيل، من خلال شركة قابضة باسم (دولفينوس القابضة) والمملوكة لرجل الأعمال المصري علاء عرفة.
وجاء توسيط القطاع الخاص لإنهاء هذه الاتفاقيات، لكي يتم البعد بها عن رقابة البرلمان المصري، لأن الدستور المصري -حتى أيام مبارك- ينص على عرض الاتفاقيات الدولية على البرلمان.
جدير بالذكر أنه في عام 2005 حين تم تمرير اتفاقية تصدير الغاز المصري لإسرائيل، وجدت اعتراضًا كبيرًا، عليها من المجتمع المدني، برفع القضايا إلى القضاء المصري لمنع تنفيذ الصفقة، لكن لم يكتب للأمر النجاح.
والشاهد هنا، هو الإفصاح عن المعلومات الخاصة بالصفقة، فكون الاتفاقية بين طرفين من القطاع الخاص، يجعل الحصول على المعلومات الخاصة بها أمرا صعبا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 37 دقائق
- الجزيرة
ردود دولية رافضة لمشروع "إي1" الاستيطاني
توالت ردود الفعل الدولية الرافضة لخطة استيطانية صدق عليها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في الضفة الغربية المحتلة تعزل مدينة القدس وتفصل شمال الضفة عن جنوبها. جاء ذلك في إطار إعادة تفعيل مخطط استيطاني مجمّد منذ سنوات معروف باسم " إي1" يتضمن بناء أكثر من 3400 وحدة سكنية في مستوطنة معاليه أدوميم التي قال رئيسها إن المشروع سيقضي تماما على حلم الدولة الفلسطينية، فيما قال رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات الضفة الغربية إن الإعلان يقرّب إسرائيل من إحلال السيادة الكاملة على الضفة الغربية. في السياق ذاته، أفادت هيئة البث الإسرائيلية أن 19 من رؤساء مجالس المستوطنات بالضفة الغربية وغلاف غزة يطالبون رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بفرض السيادة على الضفة. وجاء في عريضة رؤساء المجلس أنه يجب ألا تقوم دولة فلسطينية لأنها ستكون أساسا للإرهاب على بعد أمتار من مركز إسرائيل وتشكل خطرا على وجودها، كما طالبوا رئيس الوزراء باتخاذ قرار بفرض السيادة كاملة وفعلية وليس فقط بالتصريحات. في المقابل حذرت محافظة القدس من قرار حكومة الاحتلال إعادة تفعيل المخطط "إي1" الاستيطاني المجمّد منذ 4 سنوات، وأوضحت المحافظة في بيانها أن هذه المشاريع هي إعلان حرب وتهدف إلى فصل شمال الضفة عن جنوبها وعزل القدس عن محيطها العربي وتهجير الخان الأحمر والتجمعات البدوية. ودعت المحافظة المجتمع الدولي والأمم المتحدة وال محكمة الجنائية الدولية إلى التحرك العاجل لوقف هذا الإجراء وفرض عقوبات على الاحتلال. وفي إطار الردود الدولية، أدانت وزارة الخارجية التركية المشروع الاستيطاني، وقالت في بيان "ندين موافقة إسرائيل على مخطط بناء المستوطنات في المنطقة (إي1)". واعتبرت أن هذه الخطوة تتجاهل القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وتستهدف وحدة أراضي دولة فلسطين وأرضية حل الدولتين وآمال السلام الدائم. إعلان وأكدت الخارجية التركية، أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، وعاصمتها القدس الشرقية ، وتتمتع بوحدة جغرافية، على حدود عام 1967، هي السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة. ألمانيا بدورها شددت وزارة الخارجية الألمانية الخميس على أن برلين تعارض "بشدة" مضي إسرائيل في المشروع الاستيطاني، وتطلب من الحكومة الإسرائيلية "التوقف عن بناء المستوطنات" في الأراضي الفلسطينية. في السياق ذاته اعتبرت إسبانيا قرار إسرائيل بشأن الاستيطان "انتهاكا جديدا للقانون الدولي"، وقال وزير خارجيتها خوسيه مانويل ألباريس إن عمليات البناء الجديدة تقوض طريق حل الدولتين. وأضاف في منشور على منصة إكس"ندين بشدة التوسع الاستيطاني وعنف المستوطنين". مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس دعت من جانبها إسرائيل إلى التراجع عن مواصلة المشروع، وقالت في بيان إن "قرار السلطات الإسرائيلية المضي قدما في مشروع "إي1" الاستيطاني يشكل تقويضا إضافيا لحل الدولتين وانتهاكا للقانون الدولي"، مشيرة إلى أن "الاتحاد الأوروبي يحض إسرائيل على التراجع عن هذا القرار ويشير الى تداعياته الواسعة النطاق". وأضافت في بيان أنه في حال تنفيذ المشروع فإن ذلك سيلغي التقارب الجغرافي والإقليمي بين القدس الشرقية المحتلة والضفة الغربية، ويقطع الصلة بين شمال الضفة الغربية وجنوبها.


الجزيرة
منذ 37 دقائق
- الجزيرة
مالي تعلن إحباط مخطط لزعزعة البلاد بدعم دولة أجنبية
أعلنت الحكومة الانتقالية في مالي أن أجهزة الأمن والاستخبارات أحبطت ما قالت إنها محاولة لزعزعة استقرار البلاد كان يخطط لها عسكريون ومدنيون بدعم من دولة أجنبية. وجاء في بيان للحكومة تلاه وزير الأمن في الحكومة المالية أن من بين المتورطين في المحاولة ضابطين في الجيش هما عباس دمبلي ونما سنغاري ومواطنا فرنسيا يعمل لحساب أجهزة الاستخبارات في بلاده. وقالت السلطات المالية إن الأوضاع في البلاد تحت السيطرة وإن التحقيقات مستمرة لكشف المتورطين في المخطط. وأفاد بيان للجيش بثه التلفزيون الرسمي، أن "عناصر هامشية من القوات الأمنية المالية المسلحة" اعتُقلت بتهمة السعي "لزعزعة استقرار مؤسسات الجمهورية". واتهم البيان "هؤلاء الجنود والمدنيين" بحصولهم على "مساعدة من دول أجنبية"، كاشفا أن المواطن الفرنسي اعتقل للاشتباه بعمله "لصالح جهاز الاستخبارات الفرنسية". وقالت مصادر أمنية لوكالة الصحافة الفرنسية إن 55 جنديا على الأقل اعتُقلوا، مشيرة إلى أن الحكومة تعمل على تحديد هوية "المتواطئين المحتملين". وأضافت المصادر أن الاعتقالات نُفذت بشكل رئيسي في الحرس الوطني، وهو فرع من الجيش برز من بين صفوفه وزير الدفاع ساديو كامارا، الشخصية الرئيسية في المجلس العسكري. والثلاثاء، اعتُقل رئيس الوزراء المالي المدني السابق شوغيل مايغا في إطار تحقيق بقضية "اختلاس أموال عامة". وعُين مايغا، وهو شخصية بارزة سابقة في المجلس العسكري، رئيسا للوزراء عام 2021 قبل إقالته نهاية العام الماضي بعد انتقاده عدم وفاء الجنرالات بتعهدهم تسليم السلطة للمدنيين في مارس/آذار 2024.


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
واشنطن بوست: الناس يموتون من الجوع والإهمال في السودان أيضا
قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن السودان يعاني من إهمال ولامبالاة دوليين، مع أن القوى الغربية لا ترعى بشكل مباشر أيا من الطرفين المتحاربين ولا تحميه كما تفعل الولايات المتحدة لإسرائيل، مما يعكس الشكل الجديد للسياسة العالمية. وذكرت الصحيفة -في تقرير بقلم إيشان ثارور- أن الأوضاع في السودان لا تزال قاتمة، حيث تشهد البلاد أسوأ أزمة جوع في العالم، في كارثة من صنع الإنسان أدت إلى وفاة أكثر من 150 ألف شخص ونزوح أكثر من 12 مليون شخص من منازلهم، إلى جانب أكبر أزمة تعليمية وضعت نحو 17 مليون طفل خارج المدرسة. ورغم أن المجاعة أُعلنت قبل عام في أجزاء من البلاد فإن الجوع لم يتوقف ولم تركز الجهود الدولية على إنهاء الصراع، حيث مات ما لا يقل عن 63 شخصا -معظمهم من النساء والأطفال- جوعا في الأسبوع الماضي فقط في مدينة الفاشر المحاصرة التي لم تدخل المساعدات إليها منذ عام، توضح الصحيفة. تشابك مصالح وذكرت الصحيفة أن قوات الدعم السريع وبعد أن فقدت موطئ قدمها في العاصمة الخرطوم أمام الجيش السوداني النظامي جددت هجومها على مدينة الفاشر الوحيدة التي لا تزال خارج سيطرتها في إقليم دارفور ، حيث يقول المدعون العامون في المحكمة الجنائية الدولية إن هناك أدلة كثيرة على ارتكاب جرائم حرب. وبحسب التقرير، لا يزال الأمل ضئيلا في انتهاء الحرب مع تورط أطراف خارجية في الصراع، كما أن الحرب في السودان لم تحظَ بأي ذكر في البيت الأبيض، حيث يصور الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه بأنه صانع سلام عالمي. وأضاف أن إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن كانت قد أعلنت في لحظاتها الأخيرة أن قوات الدعم السريع ترتكب إبادة جماعية في هجماتها في دارفور، وفرضت عقوبات على قادة سودانيين. وبحسب الصحيفة الأميركية، لم تُحدث هذه الإجراءات الرمزية في معظمها تغييرا يذكر في الوضع الميداني حسب الصحيفة، لكن قرار ترامب تقليص دور الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أدى إلى إغلاق عيادات حيوية في السودان وتوقف المساعدات المنقذة للحياة، مما يعني أن خفض البيت الأبيض التكاليف قد يقاس بعدد القتلى في السودان. نظام جديد وتبدو طبيعة الحرب المستعصية وانتشار المعاناة دليلا على تهاوي النظام الدولي الحالي، بحسب آن أبلباوم التي أوضحت في مقال لها بمجلة أتلانتيك الأميركية أن "نهاية النظام العالمي الليبرالي عبارة تُتداول كثيرا في قاعات المؤتمرات وقاعات المحاضرات الجامعية بشكل نظري في أماكن مثل واشنطن وبروكسل، ولكنها في السودان أصبحت واقعا، لقد انتهى النظام العالمي الليبرالي بالفعل في السودان، وليس هناك ما يحل محله". وأرجعت أبلباوم الأزمة إلى تراجع دور الولايات المتحدة، وصرح لها رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك"نحن نعيش في نظام عالمي جديد مثير للاهتمام كما يسميه الكثيرون، العالم الذي عرفناه، الإجماع والسلام الأميركي وإجماع ما بعد الحرب العالمية الثانية لم يعد موجودا". وأشار برونو ماسيس الوزير البرتغالي السابق والمعلق الصريح على الشؤون العالمية إلى أن الحرب في السودان تعكس نظاما عالميا قد يتبناه ترامب بسعادة، بما فيه من "التواطؤ الكامل بين السياسة الخارجية والمجمع الصناعي العسكري"، وتجاهل توسلات المنظمات الإنسانية وجماعات حقوق الإنسان والتسامح مع الأنظمة المنتهكة لحقوق الإنسان التي تدعي محاربة الإسلاميين.