logo
ألمانيا ـ مبادرة ضخمة لإعادة تحريك "قاطرة" الاقتصاد الأوروبي – DW – 2025/7/24

ألمانيا ـ مبادرة ضخمة لإعادة تحريك "قاطرة" الاقتصاد الأوروبي – DW – 2025/7/24

DW٢٤-٠٧-٢٠٢٥
"صنع من أجل ألمانيا" ـ مبادرة من قبل 60 شركة لضخ استثمارات بـ 631 مليار يورو في دورة الاقتصاد لجعل ألمانيا من جديد "محرك نمو لأوروبا قوية". والحكومة خصصت 500 مليار يورو للبنية التحتية المتهالكة، وهي مطالبة بما هو أكثر.
الاقتصاد يعتمد دائمًا على الحالة النفسية أيضًا. وعندما تثق الشركات في توفر المناخ للقيام بأعمال جيدة في المستقبل، فإنَّها تستثمر بقوة. أما إذا بدت التوقعات سيئة، فعندئذٍ تتوقف عن استثمار أموالها. إذ أنَّ جائحة كورونا وما تبعها من انهيار لسلاسل التوريد الدولية والحرب في أوكرانيا وما نتج عنها من أزمة طاقة وتضخم وكذلك ضعف الاقتصاد في الصين - كل هذا أثّر بشدة على الاقتصاد الألماني المعتمد على التصدير.
لقد انهار الوضع الاقتصادي، وانزلقت ألمانيا إلى ركود مستمر. ومنذ ذلك الحين لم يعد هناك مجال للتفاؤل. فقد أظهرت إحصاءات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في الدول الصناعية أنَّ ألمانيا ظلت حتى عام 2024 صاحبة أدنى معدل استثمار من بين جميع دول المنظمة الـ38.
والآن تقرر تغيير ذلك، كما وعد رؤساء الشركات الرائدة في ألمانيا. ومن هذه الشركات 61 شركة - تشمل شركات مساهمة معروفة مثل إيرباص، وباسف (BASF)، وبي إم دبليو، والبورصة الألمانية، ومرسيدس بنز، وراينميتال، وساب (SAP)، وفولكس فاغن، وكذلك شركات أمريكية مثل إنفيديا (NVIDIA)، وبلاك روك، وبلاك ستون - انضمت إلى مبادرة "صنع من أجل ألمانيا". وهذا الاسم يذكرنا بختم الجودة الألماني "صنع في ألمانيا".
وهذه الشركات تريد المشاركة في استثمار 631 مليار يورو في ألمانيا خلال الثلاثة أعوام القادمة - في مرافق إنتاج وآلات ومعدات، وكذلك في البحث والتطوير. ومن المبادرين بهذه المبادرة رولاند بوش، الرئيس التنفيذي لشركة سيمنز، الذي قال بعد اجتماع مع سياسيين من الحكومة في مكتب المستشار: "نحن نريد نموًا اقتصاديًا، ونريد تعزيز قدرة ألمانيا على التنافس، ونريد الدفاع عن ريادتنا التكنولوجية وتطويرها".
وهذه الشركات الـ61 تمثّل بالقياس إلى وزنها الاقتصادي ثلث الاقتصاد الألماني تقريبًا. ولكن يتوقع كريستيان سفينغ، الرئيس التنفيذي لدويتشه بنك، وكذلك المبادر رولاند بوش، انضمام المزيد من الشركات. ويقول إنَّهم يريدون معًا جعل ألمانيا من جديد "محرك نمو لأوروبا قوية". وإنَّ "الفرص نادرًا ما كانت أكبر. المستثمرون والشركات الدولية مستعدون للاستثمار في اقتصادنا. وههم يُقدّرون ألمانيا كشريك مستقر وموثوق به، خاصة في هذه الأوقات المتقلبة".
والسياسيون متحمسون. "لقد عادت ألمانيا، ومن الجدير الاستثمار في ألمانيا من جديد"، كما قال بعد الاجتماع بسعادة المستشار فريدريش ميرتس (من الحزب المسيحي الديمقراطي): "نحن هنا إزاء واحدة من أكبر مبادرات الاستثمار، التي شهدناها في ألمانيا خلال العقود الأخيرة. ولسنا موقعًا من الماضي، بل موقع الحاضر، والأهم أنَّنا موقع المستقبل".
ويبدو أنَّ المزاج كان ممتازًا في مكتب المستشار. وقال سفينغ باختصار: "كان لدينا تبادل ممتاز". ولكن من أين يأتي هذا التغيير في الرأي؟. فالاقتصاد الألماني ما يزال متعثرًا مثل ذي قبل، وألمانيا مهددة بعام ثالث على التوالي من دون نمو. والتوقعات غير جيدة على الإطلاق، نظرًا إلى سياسة التعريفات الجمركية من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ومع ذلك من الواضح أنَّ النهج السياسي مختلف. وإعادة إنعاش الاقتصاد الألماني من أهم أولويات الحكومة الاتحادية الجديدة. ومنذ بداية أيار/مايو، يتولى الحكومة ائتلاف من حزبي الاتحاد المسيحي المحافظ والحزب الاشتراكي الديمقراطي. وقد تم اتخاذ التدابير الأولية. فقد قرر البرلمان (بوندستاغ) ومجلس الولايات (بوندسرات) إنشاء صندوق ثروة خاص ممول بالديون بقيمة 500 مليار يورو من أجل استثمارات حكومية إضافية في البنية التحتية وحماية المناخ. وهذا يتعلق بتحسين طرق النقل المتهالكة جزئيًا، وكذلك باستثمارات في شبكات الطاقة وفي الرقمنة والبحوث.
وفي ألمانيا ينخفض سعر الكهرباء للصناعة ويحصل الاقتصاد على إعفاءات ضريبية كبيرة. وذلك أولًا من خلال مراعاة الاستثمارات واسعة النطاق في مواقع الإنتاج والآلات والمعدات والبحث والتطوير عند تحديد الاستقطاعات الضريبية. وعلى المدى المتوسط من المقرر خفض ضرائب الشركات بشكل عام. وهذا أمر كان يطالب به الاقتصاد باستمرار من الحكومة الألمانية السابقة، المكونة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الليبرالي.
والمستشار فريدريش ميرتس يقود حكومة ألمانيا الآن بعد أن عمل في عالم الاقتصاد والأعمال لسنين كثيرة. فقد شغل رجل القانون ميرتس عدة مناصب من بينها رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمار المالي الأمريكية بلاك روك.
وقال رولاند بوش، رئيس شركة سيمنز: "نحن بدأنا اليوم شكلًا جديدًا من التعاون. وهذا الحدث أظهر أنَّ السياسة والاقتصاد يسيران في نفس الاتجاه". وأضاف كريستيان سفينغ، رئيس دويتشه بنك: "في رأيي، نحن نشهد هنا حكومة تعمل بسرعة. والأهم أنَّ النمو والقدرة على التنافس يتصدّران جدول أعمالها". ولكن من أجل إطلاق المليارات المعلن عنها، يجب على السياسيين الآن أيضًا تخفيف القيود التنظيمية ومنح الشركات مزيد من الحرية.
وكذلك يطالب الاقتصاد بإصلاحات خاصة في مسائل البيروقراطية واستقطاعات الضمان الاجتماعي، التي تزيد تكاليف العمال. وفي ألمانيا يدفع أصحاب العمل نصف أقساط التأمين الصحي وتأمين البطالة والتقاعد، ويدفع الموظفون نصفها الآخر. وبسبب ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية فقد ارتفعت أقساط التأمين الصحي في بداية العام. ومن المتوقع أيضًا إجراء زيادات جديدة حادة في تأمين الرعاية التمريضية في عام 2026.
To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video
وألمانيا تنفق الآن 42 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي في ميزانيتها الاجتماعية. والمستفيد الأكبر هو صناديق التقاعد. وألمانيا بلد تزداد فيه نسبة المسنين. وفي الأعوام القادمة سيتقاعد من العمل جيل معدلات المواليد المرتفعة. ويضاف إلى ذلك أنَّ الناس في ألمانيا باتوا يتعمرون أكثر. ولكي تتمكن الدولة من الاستمرار في تمويل معاشات التقاعد، يجب عليها أن تضخ كل عام المزيد من الأموال في صناديق التقاعد.
ولذلك ترى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنَّ إصلاح الضمان الاجتماعي هو التحدي الأكبر بالنسبة لموقع الأعمال ألمانيا، وأنَّ الدولة يجب عليها ـ إذا لم يتغير شيء ـ أن تتحمل دائمًا المزيد من الديون من أجل المحافظة على أنظمة الضمان الاجتماعي.
وفي هذا الصدد أعلن المستشار فريدريش ميرتس أنَّ إصلاح أنظمة الضمان الاجتماعي هو الخطوة التالية المدرجة على أجندة الائتلاف السياسية. وأنَّ النتائج الأولى ستكون متاحة في الخريف.
أعده للعربية: رائد الباش
تحرير: عبده جميل المخلافي
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اتفاق أمريكي أوروبي على الرسوم الجمركية وتجنب نزاع تجاري – DW – 2025/7/27
اتفاق أمريكي أوروبي على الرسوم الجمركية وتجنب نزاع تجاري – DW – 2025/7/27

DW

timeمنذ 4 أيام

  • DW

اتفاق أمريكي أوروبي على الرسوم الجمركية وتجنب نزاع تجاري – DW – 2025/7/27

اتفقت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مع الرئيس الأمريكي دنالد ترامب على تسوية النزاع حول الرسوم الجمركية التي كان هدد بفرضها على صادرات الاتحاد الأوروبي. ورحب المستشار الألماني بالاتفاق وتجنب نزاع تجاري. أبرمت الولايات المتحدة اتفاق إطار تجاريا مع الاتحاد الأوروبي اليوم الأحد (27 يوليو/تموز 2025) تفرض بموجبه رسوما جمركية 15 بالمئة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، ليتجنب الطرفان حربا تجارية بين حليفين يمثلان ما يقرب من ثلث التجارة العالمية. وجاء هذا الإعلان بعد أن أجرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين محادثات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتجع الغولف الخاص به في غرب اسكتلندا، سعيا لإتمام صفقة تسنى التوصل إليها بشق الأنفس. وقال ترامب للصحفيين بعد اجتماع استمر ساعة مع فون دير لاين "أعتقد أن هذه أكبر صفقة تبرم على الإطلاق". وردت فون دير لاين بالقول إن الرسوم الجمركية البالغة 15 بالمئة تطبق "على جميع القطاعات". وأضافت: "لدينا اتفاق تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، وهو اتفاق بالغ الأهمية. إنه اتفاق ضخم. سيحقق الاستقرار". ويشمل الاتفاق أيضا استثمار الاتحاد الأوروبي 600 مليار دولار في الولايات المتحدة وشراءه طاقة وعتادا عسكريا أمريكا بمبالغ كبيرة. ومع ذلك سينظر الكثيرون في أوروبا إلى الرسوم الجمركية الأساسية البالغة 15 بالمئة على أنها نتيجة ضعيفة مقارنة بالطموح الأوروبي الأولي بالتوصل لاتفاق لإلغاء الرسوم، رغم أنها أفضل من 30 بالمئة التي هدد بها ترامب. وقال ترامب: "اتفقنا على أن الرسوم الجمركية... على السيارات وكل شيء آخر ستكون رسوما مباشرة 15 بالمئة". ومع ذلك لن تطبق نسبة 15 بالمئة الأساسية على الصلب والألمنيوم، إذ ستبقى الرسوم البالغة 50بالمئة سارية عليهما. وفي 12 يوليو/ تموز 2025 هدد ترامب بفرض رسوم جمركية 30 بالمئة على الواردات من الاتحاد الأوروبي اعتبارا من أول أغسطس/ آب 2025، بعد مفاوضات لأسابيع مع شركاء الولايات المتحدة التجاريين الرئيسيين والتي فشلت في التوصل إلى اتفاق تجاري شامل. وكان الاتحاد الأوروبي قد أعد رسوما جمركية مضادة على 93 مليار يورو (109 مليارات دولار) من السلع الأمريكية في حال عدم التوصل إلى اتفاق، وفي حال مضى ترامب قدما في فرض رسوم 30 بالمئة. من جانبه رحب المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالتوصل إلى تفاهم في النزاع الجمركي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقال السياسي زعيم الاتحاد المسيحي الألماني مساء اليوم الأحد: "بفضل هذا الاتفاق، أمكن تجنب نزاع تجاري كان من شأنه أن يوجه ضربة قاسية للاقتصاد الألماني المعتمد على التصدير"، مشيرا إلى أن تداعيات هذا النزاع كانت ستطال قطاع صناعة السيارات بشكل خاص، حيث تم تخفيض الرسوم الجمركية الحالية من 27,5 بالمئة بمقدار يعادل النصف تقريبا إلى 15بالمئة. وأكد ميرتس أن من الجيد أنه تم تجنب تصعيد غير ضروري في العلاقات التجارية عبر ضفتي الأطلسي، وأضاف: "لقد أثمرت وحدة الاتحاد الأوروبي والعمل الجاد للمفاوضين". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وقدم المستشار شكره لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والمفوض الأوروبي للتجارة ماروش شيفتشوفيتش، وقال: "في المفاوضات المقبلة المتعلقة بتفاصيل الاتفاق، تحظى المفوضية الأوروبية بدعمي الكامل"، وشدد ميرتس على أن العمل يجب أن يستمر من أجل تعزيز العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة. وأعرب ميرتس عن اعتقاده بأن أوروبا استطاعت الحفاظ على مصالحها الأساسية، رغم أنه كان يأمل في مزيد من التسهيلات في التجارة عبر الأطلسي، وقال: "العلاقات التجارية المستقرة والقابلة للتخطيط، والتي تضمن الوصول المتبادل إلى الأسواق، تعود بالنفع على الجميع من شركات ومستهلكين على جانبي الأطلسي سواء كان على هذا الجانب أو ذلك". تحرير: عارف جابو

لماذا يفضل ترامب "سلاح" الرسوم الجمركية على فرض العقوبات؟ – DW – 2025/7/27
لماذا يفضل ترامب "سلاح" الرسوم الجمركية على فرض العقوبات؟ – DW – 2025/7/27

DW

timeمنذ 4 أيام

  • DW

لماذا يفضل ترامب "سلاح" الرسوم الجمركية على فرض العقوبات؟ – DW – 2025/7/27

يعوِّل دونالد ترامب على تحقيق أهدافه في السياسة الخارجية من خلال التهديد بفرض رسوم جمركية بدلا من العقوبات. لكن الرسوم الجمركية تنطوي على خطر ارتفاع معدلات التضخم. فهل بدأ ترامب يُفكر الآن في العقوبات؟ إن تفضيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقيق أهدافه السياسية والاقتصادية من خلال الرسوم الجمركية هو أمر مثير للجدل. فبينما يراها البعض "أسوأ رهان في العالم" يعتبرها آخرون "أداة ضغط مجرّبة وقوية" لحماية المصالح الوطنية للولايات المتحدة. ومما لا شك فيه أن تهديدات ترامب المتكررة بفرض رسوم جمركية على عشرات الدول منذ عودته إلى البيت الأبيض في عام 2025 قد أثارت حالة كبيرة من عدم اليقين لدى الشركات الأمريكية وشركاء التجارة العالميين. رقصة ترامب الجمركية: إعلانات جريئة عن فرض رسوم جمركية مرتفعة على البضائع الأجنبية تليها تراجعات مفاجئة تتماشى مع أهدافه السياسية والاقتصادية المتقلبة. وتبقى الأسواق المالية في حالة من التوتر، لأنها لا تعرف كيف أو متى أو ضد من سيقوم الرئيس بفرض الرسوم الجمركية في المرة القادمة. بلغت الرسوم الجمركية على الواردات من الصين التي تُعد أكبر منافس اقتصادي وعسكري للولايات المتحدة مستوى تاريخيا مرتفعا في شهر أبريل/ نيسان، إذ وصلت إلى 145 بالمائة قبل أن تنخفض بشكل ملحوظ في الشهر التالي بعد المحادثات التجارية التي جرت في لندن. إن الزيادة المفاجئة في الرسوم الجمركية من قبل ترامب ثم تراجعها لاحقا تُظهر كيف يستخدمها كأداة لتصحيح ما يعتبره تجارة غير عادلة نتيجة للنزاعات التجارية السابقة.وقالت جينيفر بيرنز، أستاذة التاريخ المساعدة في جامعة ستانفورد في تصريح لـDW إنّ "ما يُشكّل نظرة الرئيس هو الصعود السريع لليابان في الثمانينيات والشعور بأن اليابانيين أزاحوا صناعة السيارات الأمريكية الأسطورية من المنافسة لأن الولايات المتحدة كانت سخية جدا في شروطها التجارية". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video تُعدّ الرسوم الجمركية السلاح المفضل لدى ترامب لمكافحة العجز التجاري الهائل الذي تعاني منه الولايات المتحدة، لا سيما مع الصين والذي بلغ بحسب مكتب الإحصاء الأمريكي نحو 295 مليار دولار أمريكي (253 مليار يورو) في عام 2024. وتتماشى الرسوم الجمركية أيضا مع أجندة ترامب "أمريكا أولا"، التي تهدف إلى حماية الصناعة المحلية وتعزيز خلق فرص العمل داخل الولايات المتحدة. ويدافع البيت الأبيض عن نهج الرئيس مؤكدا أن الرسوم الجمركية يمكن فرضها بسرعة، كما أنها، على عكس العقوبات، لا تُغلق الأسواق الأجنبية بالكامل أمام الشركات الأمريكية. وقالت صوفيا بوش، نائبة مدير قسم الجغرافيا الاقتصادية بمركز الأبحاث "المركز الأطلنطي" (Atlantic Council" في تصريح لـ DW: "يستطيع ترامب أن يزيد هذا الضغط متى شاء ثم يتراجع عنه إذا أصيبت الأسواق بالذعر أو إذا لم يعد يحقق هدفه. استخدام الرسوم الجمركيةهذا أسهل بكثير مقارنة بالعقوبات". على الرغم من أن الرسوم الجمركية تُنتقد كثيرا بسبب تأثيرها المحتمل على التضخم، فإنها بخلاف العقوبات تولّد إيرادات لوزارة الخزانة الأمريكية. فقد ارتفعت عائدات الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 110 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي لتصل إلى 97.3 مليار دولار أمريكي. وحسب مركز "أوربان بروكينغز" (Urban-Brookings) لسياسات الضرائب من المتوقع أن تدرّ الرسوم الجمركية حوالي 360 مليار دولار أمريكي في العام المقبل. يعتبر ترامب الرسوم الجمركية أكثر مرونة وأسهل في التنفيذ، إذ تمنحه سيطرة مباشرة وأحادية من خلال أوامر رئاسية دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس الأمريكي. أما العقوبات فتتطلب في الغالب أطرا قانونية معقدة وتعاونا مع شركاء دوليين مثل الاتحاد الأوروبي. يُفسّر هذا لماذا يُفضّل ترامب استخدام الرسوم الجمركية لتحقيق أهداف غالبا ما تُربط بالعقوبات. فمن خلالها يستطيع ممارسة الضغط على دول مثل كندا والمكسيك والصين في قضايا غير تجارية مثل الهجرة وتجارة المخدرات. وقد تم التهديد بفرض رسوم عقابية على كولومبيا أيضا بعد أن رفضت استقبال رحلات الترحيل الأمريكية. أما الرسوم الجمركية، التي هدد بها ترامب الاتحاد الأوروبي، فقد أُعلن عنها جزئيا كرد فعل على لوائح الاتحاد الأوروبي الخاصة بحماية البيانات والمناخ. وفي بداية هذا الشهر فرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 50 بالمائة على الواردات القادمة من البرازيل في خطوة فُسرت على أنها انتقام من ملاحقة الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، الحليف المقرب من ترامب. ويواجه السياسي اليميني المتطرف محاكمة بسبب اتهامات بتخطيطه لانقلاب لإلغاء نتائج الانتخابات، التي خسرها في عام 2022 ويُقال أيضا إنه شارك في التخطيط لاغتيال خصوم سياسيين. كانت الحكومات الأمريكية السابقة تفضّل استخدام العقوبات على استخدام الرسوم الجمركية كوسيلة للردع من أجل إجبار ما يُسمى بـ"الدول المارقة" على الالتزام بالقواعد. فمنذ أن بدأت موسكو غزوها لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022 فرضت الولايات المتحدة أكثر من 2500 عقوبة على روسيا استهدفت أفرادا وشركات وسفنا وطائرات. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على فنزويلا وإيران وكوريا الشمالية. وقالت صوفيا بوش من مركز "Atlantic Council" إن "هذه الاقتصادات ليست شركاء تجاريين حاسمين بالنسبة للولايات المتحدة"، مضيفة أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على "أهم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة تمثل تهديدا اقتصاديا داخليا أكثر من كونها أداة ضغط خارجية". في إشارة إلى مشروع قانون اقترحه السيناتور ليندسي غراهام والذي ينص على فرض عقوبات إضافية على موسكو في حال فشلها في التوصل إلى اتفاق سلام مع كييف قال ترامب إنه "يأخذ بعين الاعتبار" فرض عقوبات جديدة "بجدية كبيرة". وفي حال تم تمرير "قانون معاقبة روسيا لعام 2025" فسيتم استهداف مسؤولين روس كبار وأوليغارشات ومؤسسات مالية وقطاع الطاقة. والهدف من ذلك هو الحد من قدرة روسيا على تصدير النفط والغاز. ويحظى مشروع القانون بدعم من كلا الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، ويتضمن أيضا عقوبات ثانوية على الدول الثالثة والشركات الأجنبية التي تستورد الطاقة الروسية. وقد وصف ترامب هذه العقوبات بـ"الرسوم الثانوية" التي قد تصل إلى 500 في المائة. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video الرسوم الثانوية المماثلة التي فرضها ترامب بنسبة 25 في المائة على مشتري النفط الفنزويلي والتي دخلت حيز التنفيذ في مارس/ آذار كانت تهدف أيضا إلى ممارسة ضغط على مستوردي الطاقة لتكييف سياساتهم مع السياسة الخارجية الأمريكية. وتشمل العقوبات الثانوية عادة إدراج أشخاص وشركات على قوائم سوداء وتجميد الأصول وقيودا على حركة الأموال. وغالبا ما يتم التهديد باتهامات جنائية أمريكية وحظر السفر. وقالت بيرنز في حديثها لـ DW :"العقوبات تهدف في الغالب إلى معاقبة الدول على انتهاكات المعايير الدولية. وهي رد فعل على إجراءات محددة وعندما تتوقف هذه الإجراءات يمكن رفع العقوبات". وأشارت بيرنز إلى أن حالة عدم اليقين حول سياسة الرسوم الجمركية لترامب قد وضعت الشركات الأمريكية وشركاء التجارة العالميين في موقف حرج، وحذرت من أن "سنوات من عدم اليقين الجمركي قد تؤدي إلى ركود اقتصادي خطير؛ لأن الشركات والمستثمرين ينتظرون وضعا يمكن التنبؤ به". أعده للعربية: م.أ.م/ تحرير: صلاح شرارة

ألمانيا ـ تكلفة باهضة لهيكلة مطار لاستيعاب الشبحية الأمريكية – DW – 2025/7/27
ألمانيا ـ تكلفة باهضة لهيكلة مطار لاستيعاب الشبحية الأمريكية – DW – 2025/7/27

DW

timeمنذ 5 أيام

  • DW

ألمانيا ـ تكلفة باهضة لهيكلة مطار لاستيعاب الشبحية الأمريكية – DW – 2025/7/27

قدرت وزارة الدفاع الألمانية تكاليف إضافية لإعادة هيكلة مطار "بوشل" العسكري في منطقة آيفل لاستيعاب طائرات الشبح الأمريكية التي طلبها الجيش الألماني للردع النووي بحوالي 800 مليون يورو. قالت وزارة الدفاع الألمانية ردا على استفسار من وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إنه المتوقع أن ترتفع التكاليف الإجمالية لإعادة هيكلة مطار بوشل العسكري في منطقة "آيفل" غرب البلاد والتي قدرت في البداية بـ1.2مليار يورو، إلى حوالي ملياري يورو، أي بتكلفة إضافية قدرها 800 مليون يورو وذلك حتى يتمكن المطار من استقبال طائرات إف ـ 35 الشبحبة الأمريكية الصنع. وقالت متحدثة باسم الوزارة: "يشمل الحساب الأساسي جميع بنود الإنفاق المتوقعة حاليا وعوامل التكلفة، بما في ذلك أقساط المخاطر، ولكن نظرا للتحديات الخاصة التي يواجهها المشروع، لا يمكن أن يمثل هذا سعرا نهائيا ثابتا". وأوضحت المتحدثة أنه لا يمكن استبعاد زيادات إضافية في الأسعار، على سبيل المثال بسبب زيادة عدد الموظفين لتلبية "الجداول الزمنية الطموحة للغاية"، وقالت "سيجرى تحديد التكاليف الإجمالية بعد اكتمال المشروع في عام 2027". وطلبت الحكومة الألمانية 35 طائرة مقاتلة من طراز "إف35-" من الولايات المتحدة الأمريكية بغرض مشاركة ألمانيا في الردع النووي لحلف شمال الأطلسي (ناتو). ويمكن تزويد تلك المقاتلات بالقنابل النووية الأمريكية المخزنة في بوشل. وفي أواخر يونيو/ حزيران الماضي، أقرت وزارة الدفاع الألمانية بأن التكاليف سترتفع بمئات الملايين من اليورو. ومن المقرر توقيع عقد مع المقاول العام على الإطار الجديد للمشروع في أغسطس/ آب المقبل. ويعزى ارتفاع التكلفة إلى المتطلبات الأمنية الصارمة وضغط الوقت الشديد. وقالت المتحدثة باسم الوزارة إنه لم يكن من الممكن في بداية المشروع تقدير التكاليف الإضافية التي ستسببها "المتطلبات الأمنية الهائلة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية أيضا خلال العملية"، وأضافت "كان تأجيل المشروع لتجنب ارتفاع التكاليف خيارا غير وارد، إذ لا يمكن تأجيل الجدول الزمني الخاص بنشر طائرات إف35- اعتبارا من عام 2027"، موضحة أن تمديد فترة التنفيذ إلى ضعف المدة "في الظروف العادية" كان سيزيد أيضا التكاليف. تحرير: عماد غانم

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store