logo
خضوعاً لإملاءات صندوق النقد الدولي: الحكومة «تعالج» المصارف وتؤجّل الخسائر

خضوعاً لإملاءات صندوق النقد الدولي: الحكومة «تعالج» المصارف وتؤجّل الخسائر

تيار اورغ٠٤-٠٤-٢٠٢٥

محمد وهبة -
يدرس مجلس الوزراء في جلسته اليوم، مشروع قانون أعدّته وزارة المال بعنوان «إصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها».
كما يُقرأ أي مكتوب من عنوانه، فإن هذا المشروع يفصل تماماً عملية توزيع الخسائر عن تصنيف المصارف وتحديد شروط استمراريتها أو دمجها أو تصفيتها.
توزيع الخسائر في عُرف هذه الحكومة هو عملية مؤجّلة، وهو أمر يخضع بشكل مباشر لإملاءات صندوق النقد الدولي الذي فرض أن تقوم الحكومة بإقرار هذا القانون بهذه الصيغة قبل انعقاد «اجتماعات الربيع» لكل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في أواخر نيسان الجاري.
فهل يمكن التعامل مع ميزانية المصارف المفلسة كأنها لم تفلس بعد؟ أليست لديها توظيفات في مصرف لبنان غير قادرة على سحبها؟ ألا تُعدّ هذه التوظيفات خسائر؟ هل يجب أن يعلّمنا صندوق النقد كيف يجب أن نتعامل مع الخسائر، أم أن القواعد والأنظمة المحلية غطّت هذا الأمر؟
العلاقة بين الأرباح والخسائرقبل أكثر من خمس سنوات كانت المصارف تحقّق أرباحاً سنوية تجاوزت 2 مليار دولار. كان المصدر الأهم لهذه الأرباح هو توظيفاتها لدى مصرف لبنان.
في ذلك الحين لم يكن مهماً بأي عملة يتم التوظيف طالما أن سعر الصرف ثابت. في نهاية 2019، انهار النظام المصرفي بشكل كامل. وفي نيسان 2020 كشفت شركة «لازار» أن خسائر مصرف لبنان بلغت 177 تريليون ليرة (يومها كان سعر الصرف المعتمد رسمياً 1507.5 ليرات لكل دولار) وأن خسائر المصارف التجارية بلغت 186 تريليون ليرة.
فالخسائر تنتقل من المصارف إلى مصرف لبنان سريعاً، وبالتالي، لا يمكن تقديم أي علاج تقنين من دون المرور بالأمرين، أي إنه لا يمكن فصل خسائر كل طرف عن الآخر.
حتى إن صندوق النقد الدولي في مرحلة ما، بعد انهيار التفاوض معه إثر لجنة تقصّي الحقائق البرلمانية التي ادّعت بأن الخسائر التي توصّلت إليها «لازار» وحكومة حسان دياب غير دقيقة، قال رأيه صراحة في كل الخطط التي تلت، مقترحاً أن يتم توحيد التعامل مع الأزمة بقانون واحد يجمع بين إصلاح المصارف وإعادة التوازن المالي ويشمل ضمناً الكابيتال كونترول.
السلطة في لبنان انتبهت إلى هذا الأمر بعد مضي سنوات، فأعدّت نسخاً عدّة من هذا القانون حذفت بعض بنوده التي تحمّل أصحاب المصارف المسؤولية عن الخسائر، وضُمّنت بنوداً أخرى تراعي المصارف الكبيرة على حساب الصغيرة والمتوسطة، لكنها في المجمل اتّفقت على أن يكون هناك قانون واحد تُدرج فيه الكثير من الإجراءات لشطب الودائع بشكل غير معلن، تماهياً مع الشعارات السائدة عن «ردّ الودائع» والحفاظ على حقوق المودعين وسائر الشعارات التي أطلقها السياسيون.
مشروع فصلاليوم يعود المشروع بشكل مجتزأ، وبتوصية خاصة من صندوق النقد الدولي. وفق المصادر، فإن ممثلي الصندوق اشترطوا على الحكومة اللبنانية، أن تقوم بثلاث خطوات أساسية قبل انعقاد اجتماعات الربيع في نهاية نيسان الجاري.
ومن بين هذه الخطوات، إقرار قانون إطار لمعالجة أوضاع المصارف، إلى جانب تعديلات على قانون السرية المصرفية وقانون يتعلق بصندوق تمويل إعادة الإعمار.
والواقع، أن الحكومة اللبنانية تسير «على السمع والطاعة» مع ما يطلبه الصندوق، فتمّ فصل ما يتعلق بتوزيع الخسائر عن قانون معالجة أوضاع المصارف باعتباره إطاراً مناسباً لشروط الصندوق، علماً أن الحكومة أقرّت في جلستها السابقة الشرطين الآخرين. والحكومة لا تستحي بتنفيذ إملاءات صندوق النقد، إذ ورد في الأسباب الموجبة لهذه القوانين أنها تأتي كونها مطلباً للصندوق.
لماذا جرى فصل توزيع الخسائر عن القانون؟ هل هذا ممكن بالفعل؟ هذه الأسئلة مشروعة، لكن يبدو أن الصندوق توصّل إلى قناعة بأن لبنان لن يقرّ قانوناً لمعالجة أوضاع المصارف وإعادة التوازن إلى القطاع المالي، إلا بالقوّة، وأن الفرصة سانحة اليوم تحت الضغط الذي نتج من اختلالات موازين القوى بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، من أجل تضييق الخناق على اقتصاد الكاش الذي يحلّق بعيداً عن القطاع المصرفي.
لذا، يبدو أن الأولوية والأهمية تُعطيان الآن لإعادة تنظيم القطاع المصرفي وإطلاقه بمعزل عن تلك الآراء التي تتحدّث عن «المحاسبة» أو عن ضرورة إقصاء عدد كبير من المصارف أو استبدالها بمصارف أجنبية جديدة.
لذا، يمكن إصدر قانون ينظّم أوضاع المصارف ويصنّفها تمهيداً لاستئناف عملها ثم القيام بالخطوة التالية التي تتعلق بالإقصاء أو الاستبدال بعد الدمج والتصفية. والتصنيف سيكون على أساس التقييم. وبالتالي فإن حسابات السيولة والملاءة ستكون مبنية على أساس أن الودائع أو الأموال التي توظّفها المصارف لدى مصرف لبنان ليست خسائر. وبالتالي فإن ما يقابلها من ودائع للناس ليس خسائر أيضاً! إذاً، هل تستطيع المصارف ردّها للمودعين عند الطلب: بالطبع لا. أليس الأمر غريباً؟
أيّ تقييم؟يبدو أن الجميع قرّر أن يتصرّف كأنّ شيئاً لم يحصل، أو كأنّ الأموال موجودة ومتوافرة عند الطلب. فالواقع، أن نزع أي نقاش يتعلق بميزانية مصرف لبنان بالتوازن المالي، يشي بأن الهدف مختلف عما يروّج له. ما يرد في مشروع القانون عن أنه يجب «إصدار قانون موحّد يتناول إصلاح المصارف»، وإصدار قانون «متجرّد من تبعات الأزمة الحالية في معظم بنوده وفقراته لأن الموجبات الحقيقية لإقراره وإصداره هي إكمال التشريع المصري المطلوب وليس معالجة الأزمة المالية الحالية...»، كلها وقائع تشي بأن ثمّة هدفاً يختلف عما يقال من ضرورة التشريع. فالتشريع ممكن في أي لحظة وبيد السيادة اللبنانية.
إذاً، تأجيل الخسائر والتعامل مع عملية إطلاق القطاع المصرفي كأنّها عملية تأسيسية لم ينتج من وجودها السابق أي تبعات، هو أمر في غاية الخطورة. أساساً، كيف يمكن تقييم المصارف إذا لم تكن هناك أي نيّة للتعامل مع توظيفاتها لدى مصرف لبنان؟
النقاش في توزيع الخسائر لا يجب أن يقوده صندوق النقد الدولي. ولا يكون هذا الأمر مع الرؤساء الثلاثة أو مع وكلائهم، سواء أكانوا مستشاري رئيس الجمهورية جوزف عون وحاكم مصرف لبنان، أم مع وزير الاقتصاد عامر البساط الذي يشكّل رأس حربة فريق رئيس الحكومة، ولا مع وزير المال ياسين جابر الذي يمثّل رئيس مجلس النواب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مجلس الوزراء: إقرار البند المتعلق بالمنح المالية للعسكريين
مجلس الوزراء: إقرار البند المتعلق بالمنح المالية للعسكريين

المدن

timeمنذ 18 دقائق

  • المدن

مجلس الوزراء: إقرار البند المتعلق بالمنح المالية للعسكريين

أقر مجلس الوزراء البند رقم 6 المتعلق بالمنح المالية للعسكريين، حيث تقرّر منح 14 مليون ليرة للعسكريين في الخدمة الفعلية وزيادة 12 مليون ليرة على رواتب المتقاعدين، على أن يعمل به بدءاً من أول تموز. وكان مجلس الوزراء قد انعقد في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وبدعوة وحضور رئيس مجلس الوزراء نواف سلام والوزراء لبحث جدول أعمال من 20 بنداً، ولإقرار مزيد من التعيينات الإدارية. وسبق الجلسة اجتماع بين الرئيسين عون وسلام بحث في المستجدات والأوضاع العامة.

ضربة لإحدى سياسات ترامب التجارية… والأسهم العالمية ترتفع
ضربة لإحدى سياسات ترامب التجارية… والأسهم العالمية ترتفع

بيروت نيوز

timeمنذ 19 دقائق

  • بيروت نيوز

ضربة لإحدى سياسات ترامب التجارية… والأسهم العالمية ترتفع

سجلت مؤشرات الأسهم العالمية والعقود الآجلة الأميركية ارتفاعًا ملحوظًا، اليوم الخميس، عقب صدور قرار من محكمة فيدرالية يمنع الرئيس الأميركي دونالد ترامب من فرض رسوم جمركية شاملة على الواردات استنادًا إلى قانون صلاحيات الطوارئ. وجاء الحكم ليشكل ضربة قانونية لإحدى الركائز الأساسية في سياسات ترامب التجارية، ما انعكس إيجابيًا على معنويات المستثمرين في الأسواق العالمية. وخلصت المحكمة إلى أن 'قانون صلاحيات الطوارئ الاقتصادية الدولية' لعام 1977، الذي استند إليه ترامب كأساس لفرض زيادات هائلة في رسوم الاستيراد، لا يجيز استخدام الرسوم الجمركية، وهو الحكم الذي رحبت به الأسواق المالية. وارتفعت العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.5 بالمئة، كما ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 1.2 بالمئة. وارتفع مؤشر داكس الألماني، في التداولات الأوروبية المبكرة، بنسبة 0.5 بالمئة ليصل إلى حوالي 24161 نقطة، كما ارتفع مؤشر كاك 40 الفرنسي بنسبة 0.9 بالمئة ليصل إلى 7861 نقطة. وارتفع مؤشر نيكي 225 القياسي الياباني بنسبة 1.9 بالمئة ليصل إلى 38433 نقطة. ودعت اليابان، أكبر حليف للولايات المتحدة في آسيا، ترامب إلى إلغاء الرسوم الجمركية التي فرضها على الواردات من اليابان، ووقف الرسوم الجمركية بنسبة 25 بالمئة على الصلب والألومنيوم والسيارات. وارتفع مؤشر هانج سنج في هونغ كونغ بنسبة 1.3 بالمئة ليصل إلى 23562 نقطة، كما ارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.7 بالمئة ليصل إلى 3363 نقطة. وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز/إيه إس إكس 200 الأسترالي بنسبة 0.2 بالمئة ليصل إلى 8409.8 نقطة. وفي كوريا الجنوبية، التي تعتمد، مثل اليابان، بشكل كبير على الصادرات إلى الولايات المتحدة، ارتفع مؤشر كوسبي بنسبة 1.9 بالمئة. وصعد مؤشر تايكس التايواني بنسبة 0.5 بالمئة. وأغلقت الأسهم الأميركية، أمس الأربعاء، على تراجع، حيث هبط مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.6 بالمئة ليصل إلى 5888 نقطة. وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 0.6 بالمئة ليصل إلى 42099 نقطة، كما تراجع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.5 بالمئة ليصل إلى 19101 نقطة. وفي أسواق الطاقة، صباح الخميس، ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بواقع 1.06 دولار ليصل إلى 62.90 دولار للبرميل، كما ارتفع سعر خام برنت، القياسي العالمي لأسعار النفط، بواقع 1 دولار ليصل إلى 32ر65 دولار للبرميل. وفي أسواق العملة، ارتفع سعر الدولار الأميركي مقابل الين الياباني، ليصل إلى 146.06 ين ياباني من 144.87 ين، فيما تراجع سعر اليورو ليصل إلى 1.128 دولار من 1.1292 دولار.

الدولار مستقر والاقتصاد يتراجع.. لبنان يواجه تحديات خطيرة في 2025
الدولار مستقر والاقتصاد يتراجع.. لبنان يواجه تحديات خطيرة في 2025

سيدر نيوز

timeمنذ 22 دقائق

  • سيدر نيوز

الدولار مستقر والاقتصاد يتراجع.. لبنان يواجه تحديات خطيرة في 2025

قدّر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان سينكمش بنسبة 5.7% خلال عام 2024 (يناير/كانون الثاني – ديسمبر/ كانون الأول)، نتيجة تداعيات الحرب الجارية بين إسرائيل وحزب الله، والتي أدت إلى نزوح واسع النطاق للسكان، وألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية ورأس المال المادي للبلاد، فيما قُدرت احتياجات تمويل إعادة الإعمار بنحو 11 مليار دولار أمريكي، وفقا لما جاء في تقرير 'لبنان هذا الأسبوع' الصادر عن بنك بيبلوس. وقد خفّض التقرير توقعاته بشأن معدلات النمو الاقتصادي للبنان إلى 1.9% في عام 2025 (يناير/كانون الثاني – ديسمبر/ كانون الأول)، و2.9% في عام 2026 (يناير/كانون الثاني – ديسمبر/ كانون الأول)، مقارنة بتوقعات سابقة صدرت في فبراير/ شباط بلغت 2% و3% على التوالي لنفس العامين. واعتبر التقرير أن تشكيل الحكومة الجديدة أسهم في تقليص العقبات السياسية أمام تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الجوهرية، كما أشار إلى أن تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان وعودة الاهتمام بالتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يشكلان تطورين إيجابيين في مسار التعافي الاقتصادي. وأكد التقرير أن إحراز تقدم في ملفات إصلاحية مثل إعادة هيكلة القطاع المصرفي يبقى حاسمًا للوصول إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد، واستعادة ثقة الأسواق الدولية، وإتاحة فرص التمويل والاستثمار الأجنبي. وفي نظرة أوسع، توقّع التقرير أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في دول جنوب وشرق المتوسط 3.6% في عام 2024، و3.9% في عام 2025، في حين يُتوقع أن تصل معدلات النمو في الدول الأعضاء بالبنك إلى 3% عام 2025، و3.4% عام 2026. وفيما يتعلق بالمؤشرات المحلية، أشار التقرير إلى استمرار تراجع معدل التضخم مع استقرار سعر الصرف، حيث بلغ 15.6% على أساس سنوي في فبراير/ شباط 2025. كما قُدر مستوى الدين العام في لبنان بنحو 158% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2024. وحذر التقرير من مخاطر تهدد المشهد الاقتصادي، أبرزها احتمالية استئناف الأعمال العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، وتأخر انطلاق عملية إعادة الإعمار، إضافة إلى عودة محتملة للجمود السياسي. سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء ثبت سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار في السوق السوداء عند مستويات بين 89600 و89700 ليرة للدولار، مدعوماً بنمو مستمر في احتياطيات مصرف لبنان من النقد الأجنبي، التي بلغت نحو 40.4 مليار دولار في منتصف مايو/أيار الجاري مقارنة بـ34.2 مليار دولار نهاية عام 2024. ويرجع هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى زيادة في احتياطي الذهب بقيمة 5.2 مليار دولار منذ بداية العام نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية للمعدن الأصفر. سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية على منصة صيرفة استقر سعر الدولار عند 89500 ليرة لبنانية على منصة صيرفة، وفقا لموقع مصرف لبنان المركزي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store