logo
'نقطة اللاعودة' في البرنامج النووي الإيراني.. قصة مفاعل فوردو الأكثر تحصينًا وورقة الضغط والتفاوض الأبرز مع الغرب

'نقطة اللاعودة' في البرنامج النووي الإيراني.. قصة مفاعل فوردو الأكثر تحصينًا وورقة الضغط والتفاوض الأبرز مع الغرب

بوست عربيمنذ 5 أيام

تشن إسرائيل هجومًا كبيرًا على الأراضي الإيرانية منذ يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025، وهو الهجوم الذي كان أحد أهدافه المعلنة – بحسب التصريحات الرسمية – تعطيل البرنامج النووي الإيراني.
لذلك، قصفت إسرائيل بعض المحطات والمفاعلات النووية، والتي كان من بينها مفاعل "فوردو" الهام لتخصيب اليورانيوم في إيران، وقد أكدت السلطات الإيرانية أن هناك أضرارًا طالت المفاعل بالفعل.
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية يوم السبت 14 يونيو/حزيران 2025 إن طهران أكدت تعرض موقع فوردو النووي لأضرار محدودة عقب هجمات إسرائيل.
وأضاف كمالوندي: "هناك أضرار محدودة في بعض المناطق في موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم. نقلنا بالفعل جزءًا كبيرًا من المعدات والمواد، ولم تقع أضرار جسيمة ولا توجد مخاوف إزاء التلوث". وتابع المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية: "لا يوجد قلق من تلوث نووي في محطة فوردو النووية".
فما هو مفاعل فوردو؟
تقع منشأة فوردو النووية في منطقة جبلية محصنة جنوب العاصمة الإيرانية طهران، وقد شُيّدت تحت الأرض لتعزيز حمايتها من أي هجمات عسكرية محتملة. اعترفت إيران رسميًا بوجود المنشأة في سبتمبر/أيلول 2009، بعد أن كشفت عنها أجهزة الاستخبارات الغربية، مما دفع طهران إلى إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بذلك.
تم تصميم فوردو لاستيعاب نحو 3,000 جهاز طرد مركزي، ما يجعلها إحدى أكثر المنشآت النووية تحصينًا في إيران.
تقع منشأة فوردو على بُعد نحو 95 كيلومترًا جنوب غرب طهران، داخل قاعدة عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني. وقد شُيّدت في نفق صخري على عمق نحو نصف ميل، مما يجعلها أكثر المنشآت النووية الإيرانية تحصينًا.
ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، تضم المنشأة قاعتين رئيسيتين مزودتين بحوالي 3,000 جهاز طرد مركزي من طراز IR-1 موزعين على 16 سلسلة تشغيلية. لاحقًا، جُرّبت وأُدخلت أجهزة طرد مركزي متقدمة مثل IR-2m وIR-4 وIR-6، التي تمتاز بكفاءة تخصيب أعلى وسرعة أكبر.
ويُعتقد أن منشأة فوردو كانت مرتبطة بما يُعرف باسم "مشروع أماد"، وهو برنامج سري يُشتبه بأنه يهدف لتطوير سلاح نووي. كما يشير تصميم المنشأة وموقعها إلى نية واضحة لتحمّل الضربات، وهو ما تدعمه أنظمة دفاع جوي متقدمة.
بموجب الاتفاق النووي الموقّع عام 2015، والمعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA)، وافقت إيران على تحويل منشأة فوردو إلى مركز لأبحاث الفيزياء النووية، وتجميد عمليات تخصيب اليورانيوم فيها لمدة 15 عامًا.
وظيفة المنشأة الأساسية هي تخصيب اليورانيوم، حيث يمكنها إنتاج يورانيوم مخصب بمستويات مختلفة، بما في ذلك نسبة تخصيب تصل إلى 60%، وهي نسبة تعتبر متقدمة جدًا وتقرب إيران من القدرة على تخصيب اليورانيوم بدرجة عسكرية (90%).
تحتوي فوردو على أنظمة متقدمة للتحكم والتهوية وتبريد أجهزة الطرد المركزي، كما أنها مجهزة بأنظمة أمنية متطورة مع وجود غرف مؤمنة لمراقبة العمليات والبيانات. تُدار العمليات في بيئة مغلقة ومحمية، ويُسمح بمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن إيران تتحكم في الوصول وتقييد عمليات التفتيش عند الضرورة.
غير أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في مايو 2018 دفع إيران إلى استئناف أنشطة التخصيب تدريجيًا، حيث وصلت نسبة التخصيب إلى 20% بحلول عام 2021.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، رفعت إيران مستوى التخصيب في فوردو إلى 60%، وهي نسبة تقترب بشكل خطير من العتبة اللازمة لإنتاج سلاح نووي.
تقول إيران إن هذا اليورانيوم يُستخدم كوقود لمفاعل طهران البحثي، الذي يُنتج نظائر مشعة تُستخدم في علاج مرضى السرطان. وعلى الرغم من تعليق الأنشطة في المنشأة مؤقتًا في يناير/كانون الثاني 2014 ضمن اتفاق نووي مرحلي، أعادت إيران تشغيل المفاعل لاحقًا مع تصاعد التوترات الدولية.
أهم المواقع الإيرانية
تُعد منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم واحدة من أبرز وأهم المواقع النووية في إيران، ولا يسبقها في الأهمية سوى موقع نطنز. تنتج هذه المنشأة يورانيومًا عالي التخصيب بمستويات تقترب من العتبة المطلوبة للتطبيقات العسكرية، ما يضعها في صميم النزاع الدولي حول البرنامج النووي الإيراني.
وتكمن أهمية فوردو في موقعها الحصين داخل أعماق الجبال بالقرب من مدينة قم، مما يمنحها قدرة استثنائية على الصمود أمام الضربات الجوية التقليدية ويجعل استهدافها عسكريًا أمرًا بالغ التعقيد.
في يونيو 2025، تعرّضت فوردو لغارة جوية ضمن حملة أوسع شنّتها إسرائيل استهدفت مواقع نووية وعسكرية داخل إيران، بهدف تقليص قدرات طهران النووية ومنعها من الوصول إلى مستوى إنتاج سلاح نووي.
شبكة أنفاق
كانت فوردو في الأصل عبارة عن شبكة أنفاق تستخدمها قوات الحرس الثوري، ثم جرى تحويلها لاحقًا إلى منشأة متخصصة في تخصيب اليورانيوم تحت إشراف منظمة الطاقة الذرية الإيرانية.
وأبقت إيران المنشأة سرّية حتى عام 2009، حين كشف قادة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا عن وجودها في بيان مشترك، مؤكدين أن حجمها وموقعها لا يتناسبان مع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وسمحت طهران لاحقًا لأول تفتيش دولي للموقع في أكتوبر 2009.
شهدت المنشأة على مدار السنوات اللاحقة العديد من التحديثات في التصميم والأهداف التشغيلية. ففي البداية، أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها لن تخصب اليورانيوم لأكثر من 5%، لكن هذا السقف ارتفع إلى 20% في عام 2011، وبدأ التشغيل الرسمي في ديسمبر من ذلك العام، مع السماح بالتفتيش الدولي.
وقد أكدت تقارير الوكالة بين عامي 2011 و2012 أن منشأة فوردو كانت تعمل وفقًا للمواصفات المعلنة، دون وجود أدلة على تحويل المواد لأغراض عسكرية.
الانسحاب من الاتفاق النووي
أدى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو 2018 وإعادة فرض العقوبات إلى شروع إيران تدريجيًا في تقليص التزاماتها. ففي نوفمبر 2019، استأنفت طهران التخصيب في القسم الثاني من منشأة فوردو، وبحلول أوائل عام 2020، كانت قد بدأت باستخدام جميع أجهزة الطرد المتاحة.
وذكرت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران استخدمت ست سلاسل من أجهزة الطرد IR-1 للتخصيب، وتجاوز عدد الأجهزة لاحقًا 1,050 جهازًا. وبحلول أواخر عام 2020، أصدرت إيران أوامر بإنتاج 120 كغم سنويًا من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%.
وفي فبراير 2021، توقفت إيران عن تنفيذ بنود الاتفاق تمامًا، وامتنعت عن تزويد الوكالة بالبيانات، ما دفع الأخيرة للتحذير من تضاؤل قدرتها على التحقق من الطبيعة السلمية للبرنامج.
تصعيد جديد
وسط تصاعد التوترات السياسية في عام 2022، بدأت إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% في منشأة فوردو، وهي نسبة تقترب بشكل خطير من 90% المطلوبة لتصنيع سلاح نووي.
وفي مارس 2023، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعثور على جزيئات من اليورانيوم المخصب بنسبة 83.7% في فوردو، مما أثار جدلًا واسعًا ودفع الوكالة إلى المطالبة بإيضاحات عاجلة من إيران.
وفي سبتمبر 2023، منعت طهران عددًا من المفتشين الدوليين من دخول المنشأة، متهمة بعضهم بالتحيز، ما زاد من حدة التوتر. وردت الوكالة في يونيو 2024 بإصدار قرار يدعو إيران لاستئناف التعاون.
وردًا على ذلك، أعلنت إيران عن خطط لتوسيع التخصيب عبر تركيب ثماني سلاسل جديدة من أجهزة الطرد المتقدمة IR-6، مما يتيح التخصيب بشكل أسرع وأكثر كفاءة. وبنهاية الشهر نفسه، أكدت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تركيب هذه الأجهزة وبدء تشغيلها.
وفي تقرير أصدرته الوكالة في ديسمبر 2024، كُشف عن تغييرات كبيرة في تصميم منشأة فوردو، تضمنت اعتماد نظام تخصيب ثلاثي المراحل، ما رفع الإنتاج الشهري إلى أكثر من 34 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهو ما يعادل ستة أضعاف المعدل السابق.
تحدٍ كبير أمام إسرائيل
المنشأة تُعد تحديًا كبيرًا أمام أي خطة عسكرية غربية أو إسرائيلية لتوجيه ضربة للبرنامج النووي الإيراني، نظرًا لتحصينها تحت الجبل، وهو ما يجعل القنابل التقليدية عديمة الفاعلية ضدها. ويتطلب تدميرها استخدام قنابل خارقة للتحصينات مثل GBU-57، وهو خيار عالي الكلفة سياسيًا وعسكريًا، وقد يؤدي إلى إشعال حرب شاملة في المنطقة. لذلك، غالبًا ما يُشار إلى فوردو في الأدبيات العسكرية الغربية على أنها "نقطة اللاعودة" في البرنامج النووي الإيراني، والتي إن تجاوزتها إيران نحو التخصيب العسكري، فإن الخيارات السلمية ستنحسر.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما زالت تُراقب المنشأة من خلال عمليات تفتيش دورية وكاميرات مراقبة، ولكن طهران قامت في مراحل عدة بتقليص التعاون معها، بما في ذلك تعطيل بعض الكاميرات أو منع الوصول إلى بياناتها. وفي بعض التقارير، كشفت الوكالة أن إيران قامت بتعديل أجهزة الطرد المركزي داخل فوردو دون إشعار مسبق، وهو ما اعتُبر انتهاكًا مباشرًا للاتفاقيات.
من الناحية الاستراتيجية، تعتبر إيران منشأة فوردو ورقة ضغط تفاوضية هامة. ففي كل مرة تتعرض فيها لضغط اقتصادي أو سياسي، تلجأ إلى رفع مستوى التخصيب في فوردو كرسالة سياسية للغرب، مفادها أن الوقت ليس في صالح المفاوضين. كما أن وجود هذه المنشأة في هذا الموقع المحصن يمنح إيران هامشًا من الأمان في حال تم استهداف منشآت أخرى مثل نطنز.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل ستنجح قنبلة GBU-57 الأمريكية في تدمير منشأة فوردو النووية الإيرانية؟.. 'ترامب غير مقتنع'
هل ستنجح قنبلة GBU-57 الأمريكية في تدمير منشأة فوردو النووية الإيرانية؟.. 'ترامب غير مقتنع'

بوست عربي

timeمنذ يوم واحد

  • بوست عربي

هل ستنجح قنبلة GBU-57 الأمريكية في تدمير منشأة فوردو النووية الإيرانية؟.. 'ترامب غير مقتنع'

باتت قدرة القنبلة GBU-57 الخارقة للتحصينات، والتي يدور الحديث عنها الآن بقوة باعتبارها السلاح الأمثل لتدمير منشأة فوردو النووية الإيرانية، تشكل صداعاً في رأس الرئيس دونالد ترامب، وسط تكهنات بتوجيه ضربة أمريكية محتملة ضد طهران خلال الأيام المقبلة. وذكرت تقارير إعلامية أمريكية، الأربعاء 18 يونيو/حزيران 2025، أن ترامب "أعطى الضوء الأخضر لخطط الولايات المتحدة لمهاجمة إيران". غير أن تقارير أخرى نقلت عن مسؤولين أمريكيين لم يُكشَف عن هوياتهم، أن ترامب سأل مستشاريه العسكريين عما إذا كانت خطة هجوم بالقنابل الخارقة للتحصينات "بانكر باستر" قادرة على تدمير منشأة فوردو النووية الإيرانية. #إيران اليوم كان مركباً من عدة صواريخ صغيرة. — عربي بوست (@arabic_post) June 19, 2025 ونقل موقع أكسيوس عن المسؤولين أن مستشاري ترامب العسكريين يقيّمون احتمال مشاركة واشنطن إسرائيل في عدوانها على إيران. ولفتوا إلى أن السؤال الذي يشغل بال ترامب هو: "إذا شاركت الولايات المتحدة في الهجمات الإسرائيلية وألقت قنابل خارقة للتحصينات، فهل سيكون ذلك كافياً لتدمير منشأة فوردو النووية؟" وذكروا أنه "من غير الواضح ما إن كان ترامب اقتنع بجواب مسؤولي البنتاغون بأن هذه القنابل ستنجح في المهمة". وأوضحوا أن القنابل الأمريكية الخارقة للتحصينات لم تُستخدم من قبل، ولكنها خضعت للاختبار عدة مرات خلال عملية التطوير. وأشار المسؤولون إلى أن ترامب "أراد التأكد من أن أي هجوم محتمل لن يجر الولايات المتحدة إلى حرب طويلة في الشرق الأوسط"، وأن "واشنطن مستعدة، لكن الهجوم ليس ضرورياً بعد". ما هي قنابل GBU-57 الخارقة للتحصينات؟ أم القنابل GBU-57: أكبر القنابل الأمريكية الخارقة للتصحينات والمنشآت الكبيرة تحت الأرض، وتعد أكبر قنبلة غير نووية في الترسانة الأمريكية، حيث تزن 30000 رطل (14000 كجم) ويمكنها إحداث اختراق تحت الأرض بعمق 61 متراً. في مايو/أيار الماضي، نشرت القوات الجوية الأمريكية صوراً نادرة لـGBU-57 قبل أن تحذفها في وقت لاحق "لأنها على ما يبدو كشفت تفاصيل حساسة تتعلق بتكوين السلاح وقوته"، بحسب ما أفادت وكالة أسوشيتد برس. وتعد القاذفات الشبحية B2، هي الطائرات الوحيدة القادرة على حمل القنبلة GBU-57. كانت القناة العبرية 12 في ديسمبر/كانون الأول الماضي قد قالت إن إسرائيل تسعى للحصول هذه القنبلة "للقضاء على أنفاق حركة حماس" لكن لم يرد تقارير أو معلومات تفيد بامتلاك الاحتلال لهذه القنبلة أو استخدامها في الحرب. تقول صحيفة إسرائيل هيوم في تقرير نشرته في يونيو/ حزيران الماضي، إن إسرائيل قد لا تستطيع تدمير المنشآت النووية الإيرانية بالكامل إلا بامتلاكها قنابل من نوع GBU-57. لكن الصحيفة أشارت إلى امتلاك إسرائيل أنواعاً أخرى من القنابل الخارقة للتحصينات، لكنها أخف وزناً كثيراً ولديها قدرات اختراق أقل. وتقول الصحيفة إن هناك مشكلة أخرى تتلخص في أنه حتى لو امتلكت إسرائيل أثقل القنابل القادرة على اختراق المخابئ، فسوف يكون من الصعب عليها أن تنقلها إلى الهدف لإنه كما ذكرنا سابقاً، فإن الطائرات الوحيدة التي يمكنها حمل قنابل GBU-57 هي القاذفة الشبحية B2. لكن وفقاً للتقديرات الإسرائيلية، ربما تتمكن إسرائيل من تحديث طائرات إف-15 لحمل قنابل GBU-57، إلى جانب حل مشكلة الوقود والذخائر الإضافية، وهذه مهمة معقدة من الناحية الفنية. هل ستنجح GBU-57 في تدمير منشأة فوردو النووية الإيرانية؟ نقلت تقارير عن أشخاص مطلعين أن ترامب تلقى إحاطة عسكرية تفيد بأن إسقاط قنبلة GBU-57 من شأنه أن يدمر فعلياً منشأة فوردو، لكن يبدو أنه غير مقتنع تماماً بذلك، وامتنع عن الموافقة على الضربات لمعرفة ما إذا كان التهديد بالتدخل العسكري الأمريكي سيعيد إيران إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق نووي جديد. وقال تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية إن فعالية قنابل GBU-57 كانت موضوع خلاف عميق في البنتاغون منذ بداية ولاية ترامب، وفقاً لمسؤولين دفاعيين تم إطلاعهما على أن السلاح النووي التكتيكي فقط ربما يكون قادراً على تدمير منشأة فوردو. وقال شخصان مطلعان إن ترامب لا يفكر في استخدام سلاح نووي تكتيكي في فوردو، ولم يُطلع وزير الدفاع، بيت هيجسيث، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال دان كين، ترامب على هذه الإمكانية خلال الاجتماعات التي شهدتها غرفة عمليات البيت الأبيض في اليومين الماضيين. وقيل لمسؤولي الدفاع الذين تلقوا الإحاطة إن استخدام القنابل التقليدية، حتى كجزء من حزمة هجومية أوسع نطاقاً تتضمن عدة قنابل من طراز GBU-57، لن يتمكن من اختراق الأرض بعمق كافٍ، ولن يتسبب إلا في أضرار كافية لانهيار الأنفاق ودفنها تحت الأنقاض. وشملت الإحاطة أن تدمير منشأة فوردو بالكامل سوف يتطلب من الولايات المتحدة تليين الأرض بالقنابل التقليدية ثم إسقاط قنبلة نووية تكتيكية في نهاية المطاف من قاذفة B-2 لتدمير المنشأة بأكملها، وهو السيناريو الذي لا يفكر فيه ترامب. وأضافت الغارديان أن التقييم الحالي يؤكد الطبيعة المعقدة لمثل هذه الضربة وما قد يستلزمه النجاح: فإسقاط القنابل من طراز GBU-57 من المرجح أن يؤدي إلى تأخير قدرة إيران على الحصول على اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة لمدة تصل إلى بضع سنوات، لكنه لن ينهي البرنامج تماماً. وتكمن الصعوبة في استخدام قنبلة GBU-57 لاستهداف فوردو، وفقاً للمسؤولين المطلعين على إحاطة وكالة الاستخبارات الدفاعية التابعة للبنتاغون، في جزء منها في خصائص المنشأة التي تقع في أعماق مجمع جبلي بالقرب من مدينة قم، وحقيقة أن القنبلة لم تُستخدم قط في موقف مماثل من قبل. وقال اللواء المتقاعد راندي مانر، نائب مدير سابق في وكالة مكافحة الأسلحة الدفاعية، عن محدودية قنبلة GBU-57: "لن يكون الأمر نهائياً"، مضيفاً أنه يمكن إعادة بناء منشأة فوردو بسرعة. وأضاف مانر: "قد يُؤخر ذلك البرنامج من ستة أشهر إلى عام. يبدو الأمر جيداً للعرض على التلفزيون، لكنه ليس واقعياً".

'نقطة اللاعودة' في البرنامج النووي الإيراني.. قصة مفاعل فوردو الأكثر تحصينًا وورقة الضغط والتفاوض الأبرز مع الغرب
'نقطة اللاعودة' في البرنامج النووي الإيراني.. قصة مفاعل فوردو الأكثر تحصينًا وورقة الضغط والتفاوض الأبرز مع الغرب

بوست عربي

timeمنذ 5 أيام

  • بوست عربي

'نقطة اللاعودة' في البرنامج النووي الإيراني.. قصة مفاعل فوردو الأكثر تحصينًا وورقة الضغط والتفاوض الأبرز مع الغرب

تشن إسرائيل هجومًا كبيرًا على الأراضي الإيرانية منذ يوم الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025، وهو الهجوم الذي كان أحد أهدافه المعلنة – بحسب التصريحات الرسمية – تعطيل البرنامج النووي الإيراني. لذلك، قصفت إسرائيل بعض المحطات والمفاعلات النووية، والتي كان من بينها مفاعل "فوردو" الهام لتخصيب اليورانيوم في إيران، وقد أكدت السلطات الإيرانية أن هناك أضرارًا طالت المفاعل بالفعل. وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية يوم السبت 14 يونيو/حزيران 2025 إن طهران أكدت تعرض موقع فوردو النووي لأضرار محدودة عقب هجمات إسرائيل. وأضاف كمالوندي: "هناك أضرار محدودة في بعض المناطق في موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم. نقلنا بالفعل جزءًا كبيرًا من المعدات والمواد، ولم تقع أضرار جسيمة ولا توجد مخاوف إزاء التلوث". وتابع المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية: "لا يوجد قلق من تلوث نووي في محطة فوردو النووية". فما هو مفاعل فوردو؟ تقع منشأة فوردو النووية في منطقة جبلية محصنة جنوب العاصمة الإيرانية طهران، وقد شُيّدت تحت الأرض لتعزيز حمايتها من أي هجمات عسكرية محتملة. اعترفت إيران رسميًا بوجود المنشأة في سبتمبر/أيلول 2009، بعد أن كشفت عنها أجهزة الاستخبارات الغربية، مما دفع طهران إلى إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بذلك. تم تصميم فوردو لاستيعاب نحو 3,000 جهاز طرد مركزي، ما يجعلها إحدى أكثر المنشآت النووية تحصينًا في إيران. تقع منشأة فوردو على بُعد نحو 95 كيلومترًا جنوب غرب طهران، داخل قاعدة عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني. وقد شُيّدت في نفق صخري على عمق نحو نصف ميل، مما يجعلها أكثر المنشآت النووية الإيرانية تحصينًا. ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، تضم المنشأة قاعتين رئيسيتين مزودتين بحوالي 3,000 جهاز طرد مركزي من طراز IR-1 موزعين على 16 سلسلة تشغيلية. لاحقًا، جُرّبت وأُدخلت أجهزة طرد مركزي متقدمة مثل IR-2m وIR-4 وIR-6، التي تمتاز بكفاءة تخصيب أعلى وسرعة أكبر. ويُعتقد أن منشأة فوردو كانت مرتبطة بما يُعرف باسم "مشروع أماد"، وهو برنامج سري يُشتبه بأنه يهدف لتطوير سلاح نووي. كما يشير تصميم المنشأة وموقعها إلى نية واضحة لتحمّل الضربات، وهو ما تدعمه أنظمة دفاع جوي متقدمة. بموجب الاتفاق النووي الموقّع عام 2015، والمعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA)، وافقت إيران على تحويل منشأة فوردو إلى مركز لأبحاث الفيزياء النووية، وتجميد عمليات تخصيب اليورانيوم فيها لمدة 15 عامًا. وظيفة المنشأة الأساسية هي تخصيب اليورانيوم، حيث يمكنها إنتاج يورانيوم مخصب بمستويات مختلفة، بما في ذلك نسبة تخصيب تصل إلى 60%، وهي نسبة تعتبر متقدمة جدًا وتقرب إيران من القدرة على تخصيب اليورانيوم بدرجة عسكرية (90%). تحتوي فوردو على أنظمة متقدمة للتحكم والتهوية وتبريد أجهزة الطرد المركزي، كما أنها مجهزة بأنظمة أمنية متطورة مع وجود غرف مؤمنة لمراقبة العمليات والبيانات. تُدار العمليات في بيئة مغلقة ومحمية، ويُسمح بمراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن إيران تتحكم في الوصول وتقييد عمليات التفتيش عند الضرورة. غير أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في مايو 2018 دفع إيران إلى استئناف أنشطة التخصيب تدريجيًا، حيث وصلت نسبة التخصيب إلى 20% بحلول عام 2021. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، رفعت إيران مستوى التخصيب في فوردو إلى 60%، وهي نسبة تقترب بشكل خطير من العتبة اللازمة لإنتاج سلاح نووي. تقول إيران إن هذا اليورانيوم يُستخدم كوقود لمفاعل طهران البحثي، الذي يُنتج نظائر مشعة تُستخدم في علاج مرضى السرطان. وعلى الرغم من تعليق الأنشطة في المنشأة مؤقتًا في يناير/كانون الثاني 2014 ضمن اتفاق نووي مرحلي، أعادت إيران تشغيل المفاعل لاحقًا مع تصاعد التوترات الدولية. أهم المواقع الإيرانية تُعد منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم واحدة من أبرز وأهم المواقع النووية في إيران، ولا يسبقها في الأهمية سوى موقع نطنز. تنتج هذه المنشأة يورانيومًا عالي التخصيب بمستويات تقترب من العتبة المطلوبة للتطبيقات العسكرية، ما يضعها في صميم النزاع الدولي حول البرنامج النووي الإيراني. وتكمن أهمية فوردو في موقعها الحصين داخل أعماق الجبال بالقرب من مدينة قم، مما يمنحها قدرة استثنائية على الصمود أمام الضربات الجوية التقليدية ويجعل استهدافها عسكريًا أمرًا بالغ التعقيد. في يونيو 2025، تعرّضت فوردو لغارة جوية ضمن حملة أوسع شنّتها إسرائيل استهدفت مواقع نووية وعسكرية داخل إيران، بهدف تقليص قدرات طهران النووية ومنعها من الوصول إلى مستوى إنتاج سلاح نووي. شبكة أنفاق كانت فوردو في الأصل عبارة عن شبكة أنفاق تستخدمها قوات الحرس الثوري، ثم جرى تحويلها لاحقًا إلى منشأة متخصصة في تخصيب اليورانيوم تحت إشراف منظمة الطاقة الذرية الإيرانية. وأبقت إيران المنشأة سرّية حتى عام 2009، حين كشف قادة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا عن وجودها في بيان مشترك، مؤكدين أن حجمها وموقعها لا يتناسبان مع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وسمحت طهران لاحقًا لأول تفتيش دولي للموقع في أكتوبر 2009. شهدت المنشأة على مدار السنوات اللاحقة العديد من التحديثات في التصميم والأهداف التشغيلية. ففي البداية، أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها لن تخصب اليورانيوم لأكثر من 5%، لكن هذا السقف ارتفع إلى 20% في عام 2011، وبدأ التشغيل الرسمي في ديسمبر من ذلك العام، مع السماح بالتفتيش الدولي. وقد أكدت تقارير الوكالة بين عامي 2011 و2012 أن منشأة فوردو كانت تعمل وفقًا للمواصفات المعلنة، دون وجود أدلة على تحويل المواد لأغراض عسكرية. الانسحاب من الاتفاق النووي أدى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو 2018 وإعادة فرض العقوبات إلى شروع إيران تدريجيًا في تقليص التزاماتها. ففي نوفمبر 2019، استأنفت طهران التخصيب في القسم الثاني من منشأة فوردو، وبحلول أوائل عام 2020، كانت قد بدأت باستخدام جميع أجهزة الطرد المتاحة. وذكرت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران استخدمت ست سلاسل من أجهزة الطرد IR-1 للتخصيب، وتجاوز عدد الأجهزة لاحقًا 1,050 جهازًا. وبحلول أواخر عام 2020، أصدرت إيران أوامر بإنتاج 120 كغم سنويًا من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%. وفي فبراير 2021، توقفت إيران عن تنفيذ بنود الاتفاق تمامًا، وامتنعت عن تزويد الوكالة بالبيانات، ما دفع الأخيرة للتحذير من تضاؤل قدرتها على التحقق من الطبيعة السلمية للبرنامج. تصعيد جديد وسط تصاعد التوترات السياسية في عام 2022، بدأت إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60% في منشأة فوردو، وهي نسبة تقترب بشكل خطير من 90% المطلوبة لتصنيع سلاح نووي. وفي مارس 2023، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالعثور على جزيئات من اليورانيوم المخصب بنسبة 83.7% في فوردو، مما أثار جدلًا واسعًا ودفع الوكالة إلى المطالبة بإيضاحات عاجلة من إيران. وفي سبتمبر 2023، منعت طهران عددًا من المفتشين الدوليين من دخول المنشأة، متهمة بعضهم بالتحيز، ما زاد من حدة التوتر. وردت الوكالة في يونيو 2024 بإصدار قرار يدعو إيران لاستئناف التعاون. وردًا على ذلك، أعلنت إيران عن خطط لتوسيع التخصيب عبر تركيب ثماني سلاسل جديدة من أجهزة الطرد المتقدمة IR-6، مما يتيح التخصيب بشكل أسرع وأكثر كفاءة. وبنهاية الشهر نفسه، أكدت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تركيب هذه الأجهزة وبدء تشغيلها. وفي تقرير أصدرته الوكالة في ديسمبر 2024، كُشف عن تغييرات كبيرة في تصميم منشأة فوردو، تضمنت اعتماد نظام تخصيب ثلاثي المراحل، ما رفع الإنتاج الشهري إلى أكثر من 34 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهو ما يعادل ستة أضعاف المعدل السابق. تحدٍ كبير أمام إسرائيل المنشأة تُعد تحديًا كبيرًا أمام أي خطة عسكرية غربية أو إسرائيلية لتوجيه ضربة للبرنامج النووي الإيراني، نظرًا لتحصينها تحت الجبل، وهو ما يجعل القنابل التقليدية عديمة الفاعلية ضدها. ويتطلب تدميرها استخدام قنابل خارقة للتحصينات مثل GBU-57، وهو خيار عالي الكلفة سياسيًا وعسكريًا، وقد يؤدي إلى إشعال حرب شاملة في المنطقة. لذلك، غالبًا ما يُشار إلى فوردو في الأدبيات العسكرية الغربية على أنها "نقطة اللاعودة" في البرنامج النووي الإيراني، والتي إن تجاوزتها إيران نحو التخصيب العسكري، فإن الخيارات السلمية ستنحسر. الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما زالت تُراقب المنشأة من خلال عمليات تفتيش دورية وكاميرات مراقبة، ولكن طهران قامت في مراحل عدة بتقليص التعاون معها، بما في ذلك تعطيل بعض الكاميرات أو منع الوصول إلى بياناتها. وفي بعض التقارير، كشفت الوكالة أن إيران قامت بتعديل أجهزة الطرد المركزي داخل فوردو دون إشعار مسبق، وهو ما اعتُبر انتهاكًا مباشرًا للاتفاقيات. من الناحية الاستراتيجية، تعتبر إيران منشأة فوردو ورقة ضغط تفاوضية هامة. ففي كل مرة تتعرض فيها لضغط اقتصادي أو سياسي، تلجأ إلى رفع مستوى التخصيب في فوردو كرسالة سياسية للغرب، مفادها أن الوقت ليس في صالح المفاوضين. كما أن وجود هذه المنشأة في هذا الموقع المحصن يمنح إيران هامشًا من الأمان في حال تم استهداف منشآت أخرى مثل نطنز.

هل نجحت ضربات نتنياهو في تدمير البرنامج النووي الإيراني؟
هل نجحت ضربات نتنياهو في تدمير البرنامج النووي الإيراني؟

بوست عربي

timeمنذ 6 أيام

  • بوست عربي

هل نجحت ضربات نتنياهو في تدمير البرنامج النووي الإيراني؟

بعد عقود من الاستعدادات والتحذيرات، شنّ الاحتلال الإسرائيلي هجوماً موسعاً على إيران ، ولكن بعد ساعات، بدأت تتضح أن أجزاء كبيرة من البرنامج النووي الإيراني لا تزال قائمة حتى كتابة هذا التقرير، ما يشير إلى إخفاق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في التخلص من النووي الإيراني. صحيفة " نيويورك تايمز" أشارت في تقرير لها إلى أن إسرائيل ألحقت أضراراً بالغة بأحد أهم المواقع النووية الإيرانية، وأودت بحياة عدد كبير من المسؤولين العسكريين والنوويين في الهجمات التي شنتها صباح الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025، ولكن الهجوم الإسرائيلي لم يطل منشآت نووية حيوية في البلاد. ولم تشنّ المقاتلات الإسرائيلية في موجتها الأولى هجمات على المفاعل النووي في أصفهان، رغم أنه يُعدّ أكبر المواقع النووية في البلاد، وكذلك أحد مراكز برامج أبحاث الأسلحة السرية الإيرانية، وفقاً لأجهزة الاستخبارات الغربية. الجيش الإسرائيلي أصدر بياناً صحفياً، أفاد بأنه في موجة ثانية من الهجمات، استهدفت أصفهان، لكنها لم تستهدف مخزون الوقود، بل ركزت على المختبرات التي تعمل على تحويل غاز اليورانيوم إلى معدن، وهي إحدى المراحل الأخيرة في صنع سلاح نووي، لكنه لم يذكر شيئاً عن قصف المنطقة التي يُخزَّن فيها الوقود نفسه، بحسب الصحيفة الأمريكية. ضربات محدودة فيما نقلت وكالة رويترز عن خبراء راجعوا صور الأقمار الصناعية المتاحة تجارياً، أن الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية نتيجة الموجة الأولى من الضربات الجوية الإسرائيلية، محدودة على ما يبدو. وقال الخبير النووي ديفيد ألبرايت من معهد العلوم والأمن الدولي لوكالة رويترز: "كان اليوم الأول يستهدف أموراً يمكن تحقيقها من خلال المفاجأة؛ اغتيال القيادات، وملاحقة العلماء النوويين، وأنظمة الدفاع الجوي، والقدرة على الرد". وأضاف: "لا يمكننا رؤية أي أضرار ظاهرة في فوردو أو أصفهان. وهناك أضرار في نطنز"، لكنه استدرك قائلاً: "لا يوجد دليل على تدمير الموقع الموجود تحت الأرض". هل نجح نتنياهو في تدمير البرنامج النووي الإيراني؟ وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تراقب النشاط النووي الإيراني، لم تستهدف إسرائيل موقعي بوشهر وأصفهان النوويين، كما لم يُؤكد استهداف منشأتي آراك وفوردو. يُعدّ موقع فوردو، الواقع في مدينة قم المقدسة، أحد أكثر المواقع الإيرانية سريةً وتحصيناً، ويُزعم أنه اختير لحمايته من الغارات الجوية، وهو منشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسية في إيران، ويشكّل مصدر قلق كبير لإسرائيل والغرب. والمنشأة الوحيدة التي أعلنت إسرائيل استهدافها هي "نطنز"، وتقول إيران إن أضراراً بسيطة فقط لحقت بها. ونقلت "نيويورك تايمز" عن خبراء قولهم إن تجنب أصفهان من الجيش الإسرائيلي كان خياراً متعمداً. وقال جون وولفستال من اتحاد العلماء الأمريكيين، الذي يتابع التقدم النووي الإيراني عن كثب، إن التجنب الإسرائيلي قد يكون سببه أن نتنياهو كان قلقاً من أن القصف قد يتسبب في وقوع حادث إشعاعي، مما يحول محطة أصفهان إلى "قنبلة قذرة". أما التفسير الآخر، فهو اعتقاد المسؤولين الإسرائيليين بقدرتهم على منع الإيرانيين من زيادة تخصيب المخزون إلى مستويات صالحة لصنع القنابل (90%). أما التفسير الثالث، فهو أن عمق المفاعل النووي في فوردو يبلغ نصف ميل، مما يجعله على الأرجح محصناً من أسلحة إسرائيل الخارقة للتحصينات، ويتطلب ذلك مشاركة أمريكية باستخدام القنبلة العملاقة الخارقة للتحصينات. وفي تحليل سابق لصحيفة " فايننشال تايمز"، فإن هناك سلاحاً تقليدياً واحداً فقط قادراً على القيام بهذه المهمة، وهو القنبلة العملاقة الموجهة بدقة "جي بي يو 57″، ويبلغ طول هذه القنبلة العملاقة نحو 6 أمتار، وتزن 30 ألف رطل، ويمكن أن تخترق 60 متراً من الأرض قبل أن تنفجر. ومن غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل تمتلك مثل هذه القدرات، ويقول الباحث السابق في وزارة الجيش الإسرائيلية إيهود إيلام، إنه حتى لو تمكنت إسرائيل من الحصول على القنبلة الخارقة للدروع، فإن "طائراتها المقاتلة من طراز إف-15 وإف-16 وإف-35 لن تتمكن من حملها". ولكن حتى القنبلة GBU-57 قد لا تكون كافية لتدمير المنشآت النووية. فقد أشارت دراسة أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مؤسسة بحثية أمريكية، في عام 2010 إلى أن بعض الخبراء يعتقدون أن الأسلحة النووية هي "الأسلحة الوحيدة القادرة على تدمير الأهداف في أعماق الأرض أو في الأنفاق". ومن الناحية النظرية، يمكن لإسرائيل بدلاً من ذلك استخدام واحدة من طائرات النقل C-130J هيركوليز لإسقاط قنبلة خارقة للدروع من أبواب الشحن، وهي عملية معقدة تُعرف باسم "إسقاط المنحدر"، ولكن القنبلة الخارقة للدروع ليست مصممة لهذا النوع من الإسقاط. وترى مجلة " إيكونوميست" البريطانية أن إسرائيل ستحتاج إلى قوات برية أو مساعدة أمريكية لتعطيل البرنامج النووي الإيراني. ويقول العميد احتياط يوسي كوبرفاسر ، وهو رئيس معهد القدس للاستراتيجية والأمن، والرئيس السابق لقسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إن العملية العسكرية الحالية قد تُعيد البرنامج النووي الإيراني عقوداً إلى الوراء، إلى ما كان عليه قبل تطلعاته العسكرية في التسعينيات، ومع ذلك، حذّر من أنها لن تتمكن على الأرجح من القضاء على البرنامج أو بنيته التحتية بالكامل. وقال كوبرفاسر لصحيفة "ميديا لاين": "من الصعب جداً محو المعلومات المُكتسبة، الإيرانيون بارعون في بناء أجهزة الطرد المركزي وغيرها من المكونات النووية، الشيء الوحيد الذي يمكنه إيقاف البرنامج النووي هو استمرار الجهود العسكرية أو تغيير النظام في إيران". كما أكد الباحث في برنامج إيران والمحور الشيعي في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، داني سيترينوفيتش، أن "الافتراض السائد هو أن إسرائيل لا تستطيع تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل، بل صده لعدة سنوات". وهذا ما أكدته سيما شاين، كبيرة المحللين السابقة في جهاز المخابرات (الموساد) والباحثة الآن في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، للصحفيين أمس الجمعة، بقولها: "ربما لا تستطيع إسرائيل القضاء على المشروع النووي بالكامل بمفردها دون مشاركة الولايات المتحدة". لماذا قد يكون هجوم نتنياهو على إيران "مقامرة"؟ تقول مجلة "إيكونوميست" إن الهجوم الإسرائيلي على إيران قد يكون "مقامرة" نظراً لتداعياته الإقليمية والعالمية المحتملة. ويشير الرد الإيراني باستهداف دولة الاحتلال، وخاصة تل أبيب، بمئات الصواريخ الباليستية، إلى أن إيران لا تزال قادرة على إلحاق ضرر كبير بالمصالح الأمريكية والإسرائيلية حول العالم. ورأت المجلة البريطانية، أنه إذا تطور هذا الوضع إلى حرب إقليمية، فقد تكون هناك عواقب وخيمة على الاستقرار، وعلى بقية العالم من خلال أسعار النفط. ورأت المجلة أن انهيار النظام الإيراني، على الرغم من كرهه الشديد داخل البلاد وفي المنطقة، قد يكون مزعزعاً للاستقرار إلى حد كبير، ولا أحد يستطيع التنبؤ بما قد ينشأ عن هذه الفوضى. وحتى لو تم تدمير البنية التحتية المادية للبرنامج النووي الإيراني، فإن إيران لديها رواسبها الخاصة من اليورانيوم، وفي العقود القليلة الماضية، أتقنت عملية التخصيب. أما الجيولوجيا والمعرفة، فهما بعيدان عن متناول حتى القنابل الأمريكية، وإذا استؤنف البرنامج الإيراني، فقد يعود أكثر ضراوة وتهديداً من أي وقت مضى، بحسب المجلة. لذا، يُتوقع أن تضطر إسرائيل، وربما أمريكا، خلال بضع سنوات، إلى تكرار العملية من جديد. وستكون كل مرة أصعب من سابقتها. وحتى في عالمٍ تنهار فيه القواعد القديمة، فإن تكرار الغارات الجوية المنتظمة على دولة ذات سيادة سيُكلفها ثمناً دبلوماسياً وسياسياً باهظاً. وفي نهاية المطاف، قد تُرهق الضربات المتكررة صبر أمريكا وتُلهب الرأي العام هناك، مما يُلحق ضرراً طويل الأمد بالتحالف مع أمريكا الذي تعتمد عليه إسرائيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store